البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الإلهيات في الفلسفة الغربية - معاينة للبرهان الوجودي

الباحث :  مازن المطوري
اسم المجلة :  الإستغراب
العدد :  3
السنة :  السنة الثانية - ربيع 2016 م / 1437 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 2 / 2016
عدد زيارات البحث :  5638
تحميل  ( 322.117 KB )
الإلهيات في الفلسفة الغربية
معاينة للبرهان الوجودي
مازن المطوري[1] [*]
احتل البحث في براهين وجود الله مساحة واسعة في درس الإلهيات منذ عصر اليونان. وهذه البراهين التي اتخذت صورتها المنطقية المحكمة مع أرسطو طاليس (384 ـ 322 ق.م)، لا تزال تسري في تطورات العلوم العقلية إلى يومنا هذا. ولقد اختلفت المواقف في تحديد طبيعة البرهان الفلسفي على وجوده تعالى، وهل أن الاعتقاد بوجود الله معرفة ببرهان عقلي أم بإيمان قلبي أو في كلا الطريقين معاً؟..
هذه الدراسة للباحث في الفلسفة والإلهيات الأستاذ الشيخ مازن المطوري محاولة معرفية جادّة للإضاءة على سؤال الوجود كما عالجته الفلسفة الغربية.
المحرر
جَنَحَ غالب الفلاسفة في تاريخ الإلهيات والحكمة الغربية إلى تبنّي القول بأنّ معرفة الله ووجوده أمر برهاني، ويمكن التدليل عليه، فيما مالَ آخرون في القرون الأربعة الأخيرة إلى إنكار محاولة البرهنة على وجود الله، واختلفت طبيعة البراهين التي ذكرها الصنف الأول من الفلاسفة، لكن البراهين التي حظيت بأهمية فلسفية في الإلهيات الغربية ثلاثة: البرهان الوجودي، والبرهان الكوني، والبرهان الغائي.
مفهوم البرهان الوجودي
البرهان الوجودي دليل عقلي خالص يرتكز على تحليل مفهوم الله، ويراد به إثبات وجود الله من خلال الاعتماد على مجرّد هذا المفهوم أو ما يعادله من مفاهيم. بمعنى أن البرهان الوجودي يُنتَقَلُ فيه من الوجود الذهني الذاتي لإثبات الوجود الخارجي الموضوعي. فوفق هذا البرهان في صياغاته المختلفة يكون للمفهوم بما هو موجود ذاتي ذهني دورٌ في إثبات المصداق الخارجي والوجود الموضوعي.
ويجب أن نعلم قبل كل شيء أن مفهوم الله يمكن الاستعاضة عنه بمفاهيم مختلفة تتعدد حسب اللحاظ والحيثيّة المنظورة، كمفهوم الواجب بالذات ومفهوم اللامتناهي والكامل المطلق. ولكن عادة ما يتمسك القائلون بهذا النوع من البراهين بمفهوم الكامل المطلق.
من المهم الإشارة هنا إلى أن القائلين بهذا البرهان يعتبرون الله هو الموجود الوحيد الذي يكفي مجرّد تصوره للاعتراف بوجوده، ولا يوجد أي مفهوم آخر يستلزِمُ تصورُه وجودَه الخارجي. ويرجع تمسّك هؤلاء النفر من الفلاسفة واللاهوتيين بمفهوم الكامل المطلق لهذه الخصوصية، بمعنى أن سائر المفاهيم والماهيات سواء كانت من الصفات الإلهية أم من غيرها، تفتقد الخصوصية المشار إليها، ولأجل ذلك صار البرهان الوجودي (الأنطولوجي)، وكما يرى روبرت س. سولمون (1942 ـ 2007م)، من أكثر الأدلة صعوبة بسبب أنه دليل منطقي خالص يحاول أن يستخلص من فكرة الله وجوده الضروري[2].
البرهان الوجودي لأنسلم
شهد عصر سنت أنسلم أوف كانتبري (1109 - 1033) (Saint-anselm of Canterbury)جدلاً فكرياً واسعاً اقتسمه طرفان: العقليون من جانب والإيمانيون من جانب آخر. كان الاتجاه الأول يذهب صوب تحكيم العقل في العقيدة إلى أقصى حدّ، ومن ثم صاروا إلى إنكار الكثير من المعتقدات التي تعتمد الوحي دون العقل كاليوم الآخر (المعاد)، وكل ما يتصل بالعقيدة مما لا يقبل البرهنة العقلية. فيما اتخذ الطرف الآخر اتجاهاً معاكساً، وشنّ حملة على الفلسفة بشكل عام وفلسفة أرسطو بوجه خاص.
في ظلّ هذه الأجواء المشحونة بالجدل المستدام بين الاتجاهين أطلَّ أنسلم واختار لنفسه نمرقة وسطى بين العقليين والإيمانيين، ورأى أن العقليين يخطؤون باعتقادهم بأسبقية العقل على الإيمان، إذ لا بد من البدء أولاً من الإيمان وليس العقل، لأن العقل وفق أنسلم لا يمكنه أن يؤدي وحده إلى الإيمان. ومن ناحية أخرى قرّر أن رجال اللاهوت يرتكبون إهمالاً شنيعاً حين لا يعكفون على تعقّل مضمون الإيمان، ومن ثم فلا بد من الإيمان لكي نتعقل مضمون الإيمان![3].
أياً ما كان موقفنا من هذا الاتجاه وتقييمه الذي يُترك للدراسات التي تتكفّل معالجة إشكالية العقل والدين، فإن الذي يعنينا أن نتعرف السياق الذي طرح فيه أنسلم البرهان الوجودي.
جاءت تأليفات أنسلم وفق الإطار الذي شرحناه، أعني عرض العقيدة استناداً للعقل، وقد كتب "التمهيد ومناجاة عن النفس" تلبيةً لطلب بعض الرهبان في تقديم تأمل في وجود الله وطبيعته استناداً إلى العقل دون الكتاب المقدس.
قدَّم أنسلم في كتاب "التمهيد" البرهان الوجودي المشهور والمرتبط باسمه ارتباطاً وثيقاً. وقد نصّ كل من برتراند راسل (1872 ـ 1970م) وروبرت س. سولمون على أن أنسلم كان أول من قال بالدليل الوجودي[4]. ولكن بحسب كلمات المتتبّع إتين جلسون (1884 ـ 1978م) فإن أنسلم هو أول من صاغه بشكل محدد[5]، ومن خلال الرجوع لاستعراض تاريخي لمسألة الوجود وضرورته يمكن العثور على جذور البرهان في كلمات سابقة لعصر أنسلم([6]). ثم تطور البرهان الوجودي وطرح بصيغ مختلفة على يدي كل من ديكارت (1596 ـ 1650م) وسبينوزا (1632 ـ 1677م) وليبنتز (1646 ـ 1716م) وهيجل (1770 ـ 1831م)، كما سنأتي على عرض ذلك.
نقل لنا روبرت سولمون نصَّ عبارات أنسلم التي قرّر فيها البرهان الوجودي، وسوف نعمد أولاً إلى إثبات نصّ العبارات كما نقلها سولمون، ثم نحرّرها في صياغة مختلفة.
كتب أنسلم كما نقله لنا سولمون:
كنتُ قد أصدرت في وقت سابق، وبطلب ملح من بعض أخوة لي، كتاباً موجزاً كمثال على التأمل في أسس الإيمان. وقد كتبته لإرشاد من يفكر بصمت بينه وبين نفسه، كي يكون على علم بما يجهله. ولكن عندما تأملت في هذا الكتاب الموجز رأيت أنه يتضمن سلسلة طويلة من الأدلة، بدأت أسأل نفسي فيما إذا كان من الممكن العثور على دليل واحد لا يقوم على دليل آخر غيره لإثبات صحته، بل يكون كافياً بذاته لإثبات: أنّ الله موجود وأنه الخير الأسمى، ولا يحتاج إلى شيء خارج ذاته، بل إنّ وجود الأشياء كلها بحاجة إليه. والحق كنت دائماً شديد الانتباه إلى هذه المسألة. وكنت أعتقد أحياناً أنني قد وضعت يدي على ما كنتُ أبحث عنه، ولكنني ما ألبث أن أجده فيما بعد، وقد فرّ من بصيرتي إلى حدِّ أنني قررت أخيراً وأنا في حالة من اليأس، أن أترك البحث عن شيء بدا لي من المستحيل العثور عليه. ولكن عندما حاولت أن أزيح هذه المسألة عن كاهل عقلي وأتجنّب مشقّة هذا الانشغال اللامجدي وأكسب ربما في أمور أخرى بعض التقدم، بدأت تضغط عليّ برغم إرادتي ومقاومتي لها، بقوة أكبر من ذي قبل. ثم في يوم وقد أتعبتني مقاومتي العنيدة، وإذا بحل كنت آمله يحضر لي، وأنا في حال من الاضطراب الشديد في أفكاري. وهكذا أمسكت بكل حماس، بالفكرة التي قاومتها وأنا في عزّ اضطرابي.
إلهي، لأنك وهبت العقلَ الإيمانَ دعني أتعقّلْ مثلما أؤمن أنك موجود، وإنك لتعلم أنّ هذا خير لي: إننا نعتقد أنك الكائن الذي لا يمكن تصور من هو أعظم منه، أو يمكن أن لا يوجد مثل هذا الكائن، لأن (الجاهل قال في قلبه: لا يوجد إله)، إن هذا الجاهل نفسه عندما يسمع ما أقوله الآن: ثمة كائن لا يمكن تصور أعظم منه، فإنه يفهم ما يسمعه، وما يفهمه يتعقله موجوداً في ذهنه، حتى وإن لم يتصور أنَّه موجود.
حقاً إن ما يتصور في الذهن وحسب شيء، وما يتصور أنه موجود شيء آخر. فعندما يتأمل الرسام مسبقاً ما سيرسمه فإن ما سيرسمه موجود في ذهنه ولا يفترض أن ما لم يرسمه بعد موجود، ولكن عندما ينتهي من رسمه يكون ما رسمه موجوداً في ذهنه وفي الخارج.
والحال فإن على ذلك الجاهل أن يكون مقتنعاً على الأقل، بأن الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه موجود في ذهنه، ذلك لأنه عندما يسمع هذا الكلام يتعقله وكل ما يتعقل موجود في الذهن ولا بد. وبالتالي إذا كان ذلك الذي لا يمكن تصور أعظم منه موجوداً في الذهن فمن المحال القول إنّ الذي لا يمكن تصور أعظم منه هو ذلك الذي يمكن تصور أعظم منه في آن واحد، فلا شك إذن، أن كائناً لا يمكن تصور أعظم منه موجود في الذهن وفي الواقع.
المؤكد أن هذا الكائن موجود حقّاً ولا يمكن تصوره غير موجود، لأن كائناً ما يمكن تصوره موجوداً لا يمكن عدم وجوده. وهذا الكائن أعظم من ذلك الذي يمكن عدم وجوده. والحال إذا أمكن تصور ذلك الذي لا يمكن تصور أعظم منه على أنه غير موجود فإن هذا الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه لن يكون ذلك الذي لا يمكن تصور أعظم منه وهذا خلف. ومن ثم يوجد حقاً كائن لا يمكن تصور أعظم منه ولا يمكن، تبعاً لذلك، تصوره غير موجود.
إنك أنت هذا الكائن يا إلهي وإلهنا، إنك أنت يا إلهي ذلك الذي لا يمكن تصور عدم وجوده إطلاقاً. وهذا هو الحق، إذ لو استطاع عقل ما أن يتصور شيئاً أعظم منك فإن المخلوق سيعلو على الخالق Creator، ويحكم على خالقه، وهذا محال absurd. حقاً إنه باستثنائك أنت، يمكن تصور أي كائن غير موجود، فأنت الوحيد إذن من بين جميع الكائنات، الحائز وجوده على أعلى معاني السمو والحق. فكل كائن آخر له مرتبة أدنى من الوجود، ولا يوجد وجوداً حقيقياً. فلماذا إذن قال الجاهل في قلبه لا يوجد إله، في حين أنه من الواضح الجلي لأي ذهن عاقل إنك أنت من بين كل الكائنات، الذي يوجد على نحو سامٍ؟ كيف قال الجاهل في قلبه ما لا يمكن تصوره؟
ولكن كيف كان للجاهل أن يقول في قلبه ما لا يمكنه هو أن يتصوره؟ أو كيف كان غير قادر على أن يتصور ما قاله في قلبه؟ مهما يكن من أمر، فإنَّه لا فرق بين ما يقوله المرء في قلبه وبين ما يتصوره. ومن الصحيح القول إن المرء يتصور الله إذا قاله في قلبه ولا يقوله في قلبه إذا لم يستطع تصوره. والواضح أن المرء يمكن أن يقول في قلبه شيئاً ما أو يتصوره بأكثر من طريقة ذلك لأننا نفكر بشيء ما بمعنيين: الأول عندما نفكر بالكلمة الدالة عليه. والثاني عندما نفهم أو نتعقل الشيء ذاته. وهكذا، فبالمعنى الأول يمكن أن يتصور الله God غير موجود، وأما بالمعنى الثاني فيستحيل هذا تماماً، لأن لا أحد يتعقل ماهية الله ويمكنه أن يتصور عدم وجوده حتى وإن قال هذه الكلمات في قلبه عن غير قصد أو عن قصد ولكن عرضي تماماً. إن الله هو الذي لا يمكن أن نتصور أعظم منه، وكل من يفهم هذا على نحو صحيح لابد له من أن يفهم أنه موجود على نحو لا يمكن معه أن لا يكون موجوداً حتى في الذهن. وإذن فإن الذي يتفهم أو يتعقل وجود الله لا يمكن أن يعتقد بعدم وجوده[7].
إن هذا النص الطويل نسبياً والذي اضطررنا لنقله بتمامه حتى تتضح جوانب برهان أنسلم الوجودي، قد قرر لنا طبيعة البرهان الوجودي وخصائصه. فهو من جهة لا يعتمد على دليل آخر لإثبات صحته، وهو بهذه السِمة يذكرنا ببرهان الصديقين الذي طرحته مدرسة الفيلسوف العلامة الطباطبائي (1892 ـ 1981م) الذي اعتقد أن جريان هذا البرهان لا يتوقف على شيء سوى الإيمان بأصل الواقعية[8]. ومن جهة ثانية فإن برهان أنسلم يتكفل إثبات وجود الله وأنه الخير الأسمى وحاجة الأشياء جميعاً إليه.
ومما هو جدير بالملاحظة أن أنسلم وفي سياق صياغة البرهان الوجودي كان يؤسس في هذا الإطار، بعض المكونات النهائية للتصور المسيحي عن الله تعالى ليس كموجود كامل فحسب، وإنما كأعظم موجود يمكن تصوره.
لقد واعدنا القارئ المحترم أننا سنعمد إلى إعادة صياغة برهان أنسلم، ولكن قبل ذلك نحتاج إلى التذكير بمسألة منطقية تعرف ببرهان الخلف.
إن برهان الخلف هو استدلال على المطلوب بطريقة غير مباشرة، أي عن طريق إبطال نقيض المطلوب. وبما أن ارتفاع النقيضين محال ببديهة العقل، فالمطلوب صحيح.
لقد صاغ أنسلم البرهان الوجودي وفق طريقة الخلف التي أوضحناها آنفاً، ويمكن جعل هذا البرهان في نقاط:
1- إذا كان أكمل الأشياء القابل للفرض موجوداً في الذهن ولم يكن موجوداً في الخارج، فهذا يعني أن أكمل الأشياء المفروض غير قابل للفرض.
2- لكن من البديهي أن أكمل الأشياء المفترض قابل للفرض بداهة فرضنا له في الذهن.
3- إذن من المحال أن يكون أكمل الأشياء القابل للفرض موجوداً في الذهن وغير موجودٍ في الخارج.
4- لكننا نعلم أن أكمل الأشياء القابل للفرض موجود في الذهن.
فالنتيجة: إذن أكمل الأشياء القابل للفرض موجود في الخارج، أي إن الله موجود، فيثبت المطلوب.
نلاحظ هنا أن ثمة قضية مشتركة بين المؤمن بوجود الله وبين المنكر وهي تصور الله في الذهن، وإلا لو لم يكن لديهما مثل هذا التصور فلا معنى للتصديق به بالنسبة للمؤمن ولا إنكاره بالنسبة لغير المؤمن، إذ الإثبات والنفي فرع التصور، ومن دون التصور يكون التصديق بالوجود والإنكار بلا معنى. وهذه القضية مستغنية عن الإثبات وواضحة.
أما القضية المهمة في برهان أنسلم فهي التي تقول: إنّه من المحال أن يكون أكمل الأشياء القابل للفرض موجوداً في الذهن وغير موجودٍ في الخارج. فهي ليست واضحة وتحتاج إلى إثبات.
في النص المتقدم الذي نقله لنا سولمون فإنّ أنسلم يعتقد أن الشطر الأول منها أمر مسلّم، ثم يعمد إلى تحليل الشطر الثاني ليصل عن طريق قوانين المنطق للنتيجة المطلوبة، وذلك لأن قوانين المنطق تنص على أن صدق المقدم في الاستدلال كاف لإثبات القضية الشرطية واستنتاج التالي على أساس المقدمات البينة، أي اثبات القضية الشرطية القائلة: إذا كان X موجوداً في الذهن وغير موجود في الخارج، فإن ذلك يعني أن X ليست هي X، وهذا واضح البطلان وفقاً لقانون الهوية وكونه من التناقض المحال، لأن كلّ شيء هو نفسه ولا يمكن ألا يكون غير نفسه.
ولأجل إيضاح هذا المطلب لا بدّ من الرجوع لنص أنسلم الذي يقول فيه: والواضح أنّ المرء يمكن أن يقول في قلبه شيئاً ما أو يتصوره بأكثر من طريقة ذلك لأننا نفكر بشيء ما بمعنيين: الأول عندما نفكر بالكلمة الدالة عليه. والثاني عندما نفهم أو نتعقل الشيء ذاته. وهكذا، فبالمعنى الأول يمكن أن يتصور الله God غير موجود، وأما بالمعنى الثاني فيستحيل هذا تماماً، لأن لا أحد يتعقل ماهية الله ويمكنه أن يتصور عدم وجوده حتى وإن قال هذه الكلمات في قلبه عن غير قصد أو عن قصد ولكن عرضي تماماً. إن الله هو الذي لا يمكن أن نتصور أعظم منه، وكل من يفهم هذا على نحو صحيح لابد له من أن يفهم أنه موجود على نحو لا يمكن معه أن لا يكون موجوداً حتى في الذهن. وإذن فإن الذي يتفهم أو يتعقل وجود الله لا يمكن أن يعتقد بعدم وجوده.
إن ما يريد أنسلم أن يصل إليه من خلال هذا النص، وهو إثبات وجود الله الموضوعي انطلاقاً من الوجود المتعقّل والتصوري، يمكن أن يتضح من خلال نقاط:
1ـ إنّ أكمل الأشياء القابل للفرض موجود ذهني وغير موجود في الخارج.
2 ـ يمكننا أن نفترض أنّ أكمل الأشياء الموجود في الذهن افتراضاً موجود في الخارج.
3 ـ وذلك أن الشيء الموجود ذهناً بوصفه أكمل الأشياء إذا كان موجوداً في الخارج، عند ذلك سيكون وجوده في الخارج أكمل بمراتب من وجوده في الذهن فقط.
4 ـ بناءً على ذلك، فإن كان أكمل الأشياء موجود في الذهن دون الخارج، فإن ما هو أكمل منه يكون قابلاً للفرض.
5 ـ هذا يعني أن ما افترضناه أكمل الأشياء أمكن فرض ما هو أكمل منه، لأنه غير موجود في الخارج، الذي يفترض أنه وجود أكمل بمراتب مما في الذهن.
6 ـ إنّ أكمل الأشياء القابل للفرض ليس قابلاً للفرض.
والتالي باطل (إن أكمل الأشياء القابل للفرض ليس قابلاً للفرض)، فالمقدم مثله (أكمل الأشياء القابل للفرض موجود في الذهن وغير موجود في الخارج). فإذا كان التالي باطلاً ثبت المطلوب. أي إن أكمل الأشياء القابل للفرض موجود في الخارج، لأنّه إن لم يكن موجوداً في الخارج فهذا يعني أنه غير قابل للفرض. وهذا خلف كونه قابلاً للفرض.
صيغ أخرى للبرهان
ذُكرت صياغات أخرى للبرهان الوجودي الذي أصّله أنسلم سنعمد إلى إثباتها وإيضاح بعض جوانبها، ثم نذكر تقييمنا لها في إطار تقييم البرهان الوجودي في خاتمة المطاف.
1 ـ صياغة ديكارت
يعتبر الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (1596 ـ 1650م) من جملة الذين دافعوا عن الدليل الوجودي وعمل على تطويره. أورد ديكارت صياغته للبرهان الوجودي في كتاب "تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى".
بداية قرر ديكارت أن الله جوهر لا متناه، وسرمدي وثابت ومستقل، كلّه علمٌ وكلّه قدرةٌ وخالق كل شيء، ولما كان كذلك، وكانت هذه الصفات من العظمة بنحو لا يمكن استفادتها من النفس، فلا بد أن نستنتج من ذلك بالضرورة أن الله موجود "لأنَّه وإن كانت فكرة الجوهر هي فيَّ، وكنتُ أنا جوهراً، فمن اللاضروري أن يكون لدي فكرة الجوهر اللامتناهي، أنا الوجود المتناهي، لو لم يضعها فيّ جوهر لامتناه. لأحذرن من القول إني أتذهن اللامتناهي فقط بالسلب لما هو متناه، على نحو ما أفهم السكون والظلمة بسبب الحركة والضوء. بل أتذهن اللامتناهي بفكرة حقيقية ما دامت، بالعكس، أرى بجلاء أن فيّ الجوهر اللامتناهي وجوداً، أكثر مما في الجوهر المتناهي: وبالتالي أرى أن فكرة اللامتناهي سابقة عندي لفكرة المتناهي، أي إن الله سابق لذاتي. وإلا كيف أعرف أني أشك، وأرغب، أعني أن شيئاً ينقصني، وأني لست كاملاً كل الكمال، لو لم يكن لدي فكرة عن كائن هو أكمل من كياني، أعلمُ بالقياس إليه ما في طبيعتي من عيوب؟[9].
بعد ذلك يخلص ديكارت إلى تقرير صيغة البرهان الوجودي وفق الصورة التالية:
من المؤكد أن فكرتي عنه ـ أي عن وجود مطلق الكمال ـ ليست، في نفسي، أقل من فكرتي عن مطلق شكلٍ أو عددٍ. ومن المؤكد أيضاً أن معرفتي بكون الوجود الفعلي الأبدي الذي هو من خواص طبيعته، لا تقل وضوحاً وتمييزاً عن معرفتي بأن كل ما أستطيع إثباته، عن مطلق شكل أو عددٍ يخص حقاً طبيعة ذلك الشكل أو العدد. وعلى الرغم من أن الذي انتهيت إليه في التأملات السابقة، لم يبن صحيحاً بالتمام، فإن وجود الله يقع في ذهني، على الأقل، بمثل اليقين الذي شعرت به، حتى الآن، إزاء الحقائق الرياضية العائدة إلى الأعداد، والأشكال، وإن كان ذلك يبدو غامضاً بعض الشيء أول الأمر، وقائماً في ظاهره على مغالطة. لقد اعتدت في سائر الأشياء أن أميّز بين الوجود والجوهر، مما يدفعني إلى الاعتقاد أن وجود الله يُفصلُ عن جوهره، وهكذا أتذهّن الله غير موجود في الواقع. لكن حين أمعن النظر، أرى بوضوح أن وجود الله لا ينفصل عن جوهره، كما لا ينفصل جوهر المثلث المستقيم الأضلاع عن أن زواياه الثلاث مساوية لزاويتين قائمتين، وكما لا تنفصل فكرة الوادي عن فكرة الجبل. لذا لا يكون تذهيننا لإله (أي لموجود مطلق الكمال) ينقصه الوجود (أي ينقصه بعض الكمال) أقل تناقضاً من تذهننا لجبل غير ذي وادٍ[10].
والذي يلاحظ في صياغة ديكارت للبرهان الوجودي، أنها ركّزت على النقطة المفصلية التي تمحورت حولها غالب النقاشات التي طرحت للبرهان الأنطولوجي لا سيما مناقشات الفيلسوف عمانوئيل كانط (1724ـ 1804م)، أعني بذلك مسألة اعتبار الوجود عبارة عن محمول وخاصية. فلقد تعامل ديكارت وفق نصه المتقدم مع الوجود كخاصية، فماهية أي نوع من الأشياء تشتمل على بعض المحمولات. ويرى أن الوجود يجب أن يكون بين المحمولات التي تعرّف الله، فكما تكون مساواة مجموع زوايا المثلث لقائمتين، خاصية ضرورية للمثلث، كذلك يكون الوجود خاصية ضرورية للكائن الفائق الكمال، فالمثلث من دون المقومات الذاتية لماهيته لا يكون مثلثاً، فكذلك الإله من دون الوجود لا يكون إلهاً.
أما الفارق الأساس بين المثالين فمرجعه إلى أنَّنا في مثال المثلث لا نستطيع أن نستنتج من ماهية المثلث أن المثلث موجود، لأن الوجود ليس مقوماً لمثلثيته، بينما نستطيع في حالة الكائن الفائق الكمال أن نستنتج أنه موجود، لأن الوجود صفة أساسية لا يمكن من دونها لأي كائن أن يكون فائق الكمال[11].
ومع ذلك لا تجد إضافة جديدة في صياغة ديكارت سوى أنه حاول تدعيمه بأمثلة رياضية.
2 ـ صياغة سبينوزا
من جملة فلاسفة الغرب الذين قبلوا البرهان الوجودي الفيلسوف اليهودي باروخ سبينوزا (1634 ـ 1677م). وقد جاء في كتابه علم الأخلاق عرض للبرهان الوجودي وفق الصيغة التالية:
"الله ـ أعني جوهراً يتألف من عدد لا محدود من الصفات المعبّرة كل واحدة عن ماهية أزلية لا متناهية ـ واجب الوجود. إذا نفيتم ذلك فتصوروا، لو أمكنكم، أن الله غير موجود. إن ماهيته لا تنطوي أبداً على وجوده، بيد أن ذلك محال، إذاً فالله واجب الوجود)[12]". وفي نص آخر سجّل: "فإن لم توجد علة أو سبب لمنع وجود الله أو لنزع الوجود عنه، فلا مناص من استخلاص وجوده الضروري)[13]".
إن سبينوزا في صياغته للبرهان الوجودي ركّز كديكارت على أن الوجود خاصية، ولذا قرّر أنّ من طبيعة الجوهر أن يكون موجوداً، بمعنى أن ماهيته تنطوي بالضرورة على وجوده، بنحو لو لم نفترض ذلك للزم الخلف في كونه جوهراً.
3 ـ صياغة ليبنتز
طرح غوتفريد ليبنتز (1646 ـ 1716م) صياغة جديدة للبرهان الوجودي، وإن كانت في روحها ترجع للفكرة الأساسية التي ذكرها أنسلم وطورها ديكارت. جاء في "الموسوعة الفلسفية الإنجليزية المختصرة":
"أما صياغة ليبنتز للدليل الوجودي (الأنطولوجي) ففيها تتجلّى أصالته بطريقتين: أنه يردفها بدليل جديد يستمده من وجود الحقائق الضرورية، ويكمله ببرهان على أن تصور فكرة الله تصور ممكن.. وقد فرّق ليبنتز في البداية بين الصفات التي هي كمالات وبين الصفات بالمعنى المألوف؛ والصفة تكون كمالاً إذا امتلكها صاحبها في صيغة أفعل التفضيل، وإذا لم ينطو امتلاكها على استبعاد الصفات الأخرى؛ والصفات المكانية والزمانية ليست كمالات ما دام وضعها في صيغة أفعل التفضيل يكون بمثابة متناقضات ذاتية مثل: أكبر حجم، وآخر حادث.. الخ. وليست الصفات التي تدرك إدراكاً حسياً كمالات هي الأخرى ما دامت نسبتها إلى موضوع ما يحمل في طياته إنكار الصفات الأخرى، فإذا قلنا عن شيء أنه أحمر، كان معنى ذلك أنه ليس أخضر أو أزرق.. الخ. أما "خير" و"حكيم" و"قابل لأن يعرف"، فإنها جميعَها صفاتٌ إذا وضعت في صيغة "أفعَل" التفضيل لم تنطو على تناقض ذاتي، ومن ثم يمكن نسبتها إلى كائن كامل لابد أنه يملك جميع الكمالات في درجة الكمال؛ وعلى هذا فإن مفهوم الكائن الكامل، مفهوم ممكن. ولما كان الوجود الفعلي نفسه كمالاً (على حدّ افتراض ليبنتز) فإن الكائن الكامل ليس مفهوماً ممكناً فحسب، ولكنه موجود بالفعل أيضاً [14]".
إن ليبنتز في صياغته للدليل الوجودي قد ارتكز على قضيتين اثنتين: الأولى كون الوجود محمولاً، والأخرى إن تحليل التصورات العقلية يمكن أن تنتج عنه معرفة بالعالم الفعلي، على خلاف الاتجاه الذي ساد في الغرب بعد ذلك والذي تنكّر لقدرة العقل على بلوغ قضايا الميتافيزيقيا.
يفترض ليبنتز أن الشيء لا يكون ممكناً ما لم يكن ثمة أساس فعلي خارجه يجعله ممكناً، إذ حتى يكون شيء ما ممكناً يعني أنه يمتلك قدرة الوجود الفعلي في ظِل ظروف معينة، وإن لم نفترض ذلك فلن يكون ممكناً، ووجود الله بوصفه موجوداً غير متناه ممكن، إذ ليس ثمة تناقض منطقي في فكرة الله تمنعها من إمكان الوجود، وعند ذلك فإذا ما قمنا بتحليل فكرة الله فسنجد أنها تتضمن عدم المحدودية، وحينئذ فلا يوجد ما يمنعها من الوجود الفعلي، ولأجل ذلك كان افتراض وجود الله ضرورياً لكونه أساساً يفسر لنا جميع الحقائق الممكنة والعرضية، وعند ذلك نستنتج أن الله موجود بالفعل.
4 ـ صياغة هيجل
تبنى الفيلسوف الألماني جورج هيجل (1770 ـ1831م) الدليل الوجودي، ولم يره بذلك السوء الذي قرّره كانط.
كتب هيجل: وإليك كيف عبّر أنسلم عن ذلك وبأي نوع من التعبير. فالتصور الذي لدينا عن الإله هو أنه تام بالمطلق. ولو اعتبرنا الإله مجرد تصور، لكان الإله ناقصاً، وليس الكائن الأتم، فيكون ذلك مجرد أمر ذاتي ومتصور. ذلك أن التام ليس ما هو مجرد متصور، بل هو ما هو موجود كذلك، وموجود بالفعل. وإذن فالإله بما أنه الأتم، فهو ليس مجرد تصور، بل يعود إليه كذلك الوجود الفعلي والحقيقة الواقعة. وقد قيل بعد تكوين الفكرة الأنسالمية الأكثر تأخراً وانتشاراً وعقلانية، إن مفهوم الإله يتمثل في كونه جملة الحقائق الموجودة، وإنه الذات مُطلقة الحقيقة الفعلية. والمعلوم أن الوجود حقيقة فعلية كذلك، وإذن فالإله ينسب إليه الوجود)([15]).
وكتب في نص آخر: "إن الدليل الوجودي ينطلق من المفهوم. والمفهوم يعتبر شيئاً ذاتياً. وهو يتحدد وكأنه يعتبر الموضوع والحقيقة الفعلية متقابلين. إنه هنا البادئ. والمهم هو أن نُبيّن أن هذا المفهوم ينسب إليه الوجود أيضاً. والمسار الأدق الآن هو التالي: ففيه يتم وضع مفهوم الإله ويُبين أنه لا يمكن أن يُكنه إلا باعتباره محتوياً على الوجود في ذاته. وفي حدود كون الوجود يميز عن المفهوم، فإنه ذاتي في فكرنا، وإذا هو ذاتي فهو غير تام، وهو الواقع في الروح المتناهي لا غير. وكونه ليس مجرد مفهومنا بل كونه أيضاً غير تابع لفكرنا فذلك ما ينبغي بيانه)[16]". وأخذ في بيان ذلك استناداً لما قرره من قبل أنسلم بشأن الكامل المطلق.
الملاحظ في كل هذه الصياغات أنها ترتكز على نقطة واحدة وهي كفاية تصور الكامل المطلق لتحققه ووجوده، وبعبارة أخرى إن جميع صياغات الدليل الوجودي ترتكز على قضية أن ماهية الله أو الكامل المطلق تختلف عن سائر الماهية في أنها تنطوي الوجود.
أياً ما كان الأمر، فهناك آخرون من لاهوتيين وفلاسفة غربيين تبنوا البرهان الوجودي وقرروا له صياغات أخرى، ولكنا نقتصر على هذه الصياغات لأهميتها وأهمية رجالها في تاريخ الفلسفة الغربية، فضلاً عن أننا لم نكن بوارد استقراء واستعراض كل صياغات البرهان الوجودي.
نقد البرهان الوجودي عند مفكري الغرب
تعرض البرهان الوجودي في صيغه المختلفة لسلسلة من الاعتراضات منذ ظهوره على يد أنسلم وحتى الفترة المعاصرة. كان أول من تعرض بالنقد لهذا البرهان راهب بندكتي من دير مرموتييه يدعى جونيلون في كتابه المسمى (دفاع عن الجاهل). وقد جاء في نقد جونيلون مجموعة أمور:
-1 لم يثبت أني أفهم مضمون العبارة: الكائن الذي لا يمكن تصور أعظم منه!
-2 إننا لو فهمنا العبارة فإنا لا نستطيع أن نستنتج شيئاً منها يتعلق بحقيقة مدلولها في الواقع، فثمة قضايا عديدة خاطئة أفهمها جيداً.
-3 وإذا كان كل ما هو كامل واقعياً، فيجب أن أقرّ بوجود جُزُرٍ سعيدة توصف لي وأفهم مدلولها، لكني لا أستطيع مطلقاً أن أستنتج من ذلك أنها موجودة بالضرورة[17].
ردّ أنسلم من جانبه مؤكداً أن فكرةَ الله فكرةٌ فريدةٌ، والبرهان الوجودي لا ينطبق إلا على هذه الفكرة حصراً. فوجوب الوجود المتضمَن في المفهوم عنصر تتوفر عليه فكرة الله وتفتقده فكرة الجزيرة، وكل موجود مادي (ممكن الوجود). ففكرة الجزيرة وكل فكرة ممكنة أخرى ليست سوى حقيقة لا تتمتع باستقلال ذاتي. ومن ثمّ يمكن تصور عدمها دون أن نقع في تناقض. وهذا يعني أن البرهان الوجودي لا ينطبق عليها. وبكلمات أخرى: إن موضوع البرهان الوجودي هو الموجود الذي لا يمكن تصور أعظم منه، أي هو ذو وجود أزلي ومستقل، وحينئذ لا يرد ما ذكره جونيلون[18].
ولكن يبدو أن ثمة مصادرة في جواب أنسلم، فقد استند للنتيجة المراد الوصول إليها وجعلها مقدمة في ردّه على جونيلون، إذ البحث من الأساس ينبغي أن ينصب حول سرّ تميّز مفهوم الكامل المطلق عن بقية المفاهيم ليكون متضمناً لفكرة وجوده في الخارج. وبعبارة أخرى: إن الوجود زائد على الماهية في مرتبة الوجود الذهني، ومن ثمّ فالسؤال ينصب على سرّ اختلاف مفهوم الكامل المطلق ليكون الوجود فيه متضمناً في الماهية على خلاف سائر المفاهيم.
أما في الواقع الخارجي فتوجد عينية ووحدة بين الوجود والماهية، ولا يمكن التفكيك بين الأشياء والوجود، لأن الوجود ليس من قبيل العارض والمعروض بالنسبة للذوات حتى يمكن التفكيك بينهما، وإنما الأشياء من دون الوجود ليس لها ذات. والتفكيك بين الذات ووجودها إنما في ظرف الذهن فحسب، وهذا هو معنى أن الوجود زائد على الماهية.
ثم لابد من البحث في رتبة ثالثة عن معنى الماهية؟ وعن صحة نسبتها للكامل المطلق الله؟
وفي مرحلة لاحقة افتتح القديس توما الأكويني (1225 ـ 1274م) باب النقد لبرهان أنسلم الوجودي. فقد رأى الأكويني كما سجل جونيلون من قبل أنه ليس من الصحيح أن مجرد الوجود في الذهن معناه الوجود في الخارج، وإلا لاستطعنا باستمرار أن نتصور كائناً يعلو كلما وجدنا كمالاً جديداً نستطيع أن نضيفه إليه.
ولكن يلاحظ أن هذا الإشكال ليس دقيقاً، لأن برهان أنسلم يفترض مسبقاً أن الكامل المطلق حائز على كل أنواع الكمال بأعلى مراتبها بشكل لا يمكن افتراض وجود كمال ليس حائزاً عليه، وعندئذ لا معنى للقول إننا يمكن أن نتصور كائناً يعلو كلما وجدنا كمالاً جديداً.
ولاحظ الأكويني من جهة أخرى أنه لا يصح القول إن كل إنسان يمتلك فكرة عن الله أنه الكائن الذي لا يمكن أن يتصور أكمل منه. وذلك لأننا نجد أُناساً يقولون إن الله هو العالم. ويخلص الأكويني من كل ذلك قائلاً إنه لا يوجد ما يبرر القول إن الماهية والوجود شيء واحد بالنسبة لله[19].
أما أعمق نقد واجهه البرهان الوجودي فقد كان على يد الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط. وهذا ما سنتوقف عنده في الفقرة القادمة.
كانط ونقد البرهان الوجودي
تعرّض الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط لنقد البرهان الوجودي في رسالته الموسومة "الدعامة الوحيدة الممكنة للبرهنة على وجود الله"، التي ظهرت سنة 1763م. وقد ذهب كانط في هذه الرسالة إلى إمكان الانتقال من (الممكن) إلى (الضروري) أو واجب الوجود. ثم أسهب في نقد البرهان الوجودي في كتابه ذائع الصيت "نقد العقل المحض" في فصله الرابع.
يرتكز نقد كانط للبرهان الوجودي إلى القول إن تحليل مفهوم أية ماهية من الماهيات لا يسمح لنا مطلقاً بأن نكشف فيها الوجود انطلاقاً من نفس المفهوم. كما ركّز على القول إن الوجود ليس محمولاً لأي شيء من الأشياء، فإننا وإن نسبنا الوجود إلى أي مفهوم أو موضوع إلا أن الوجود ليس محمولاً.
ويؤكد كانط وخلافاً لتوما الأكويني أن فكرة الله وإن كانت أصيلة في الذهن البشري، إلا أن ذلك لا يكفي لوحده للانتقال إلى تحقق وجودها في الخارج، فتصورنا لمفهوم الله أو الكامل المطلق لا يكفي لضمان قيام حقيقة موضوعية خارجية تقابل ذلك التصور أو فكرتنا عن هذا الموجود.
لقد افتتح كانط نقداً منطقياً للبرهان الوجودي، ورأى بحق أن (الوجود) ليس محمولاً منطقياً نستطيع بالتحليل أن نستخرجه من أي مفهوم. فمن التناقض أن نفترض وجود مثلث في الخارج ثم نرفض وجود زوايا ثلاث فيه، أما رفض وجود المثلث من الأساس وبالتبع زواياه فلا ينطوي على تناقض. وهكذا الحال في الكائن المطلق، فإذا كان هناك كائن مطلق متحققاً بالفعل وجب أن يكون موجوداً، لأنه من التناقض أن يكون متحققاً بالفعل ولا يكون موجوداً، وأما لو رفضنا وجود الكائن المطلق فلا ينطوي ذلك على مفارقة، أو إذا تصورنا مفهوم الكامل المطلق فلا يلزم من ذلك تحققه ووجوده، والسبب في ذلك أن (الموجود) ليس محمولاً تكفي إضافته إلى (الموضوع) لكي يعطيه التحقق الفعلي الخارجي، وإنما هو بمثابة التحقق الفعلي للماهية الموجودة خارجاً فعلاً. سجّل قائلاً:
وإني لأسألكم: هذه القضية: هذا الشيء أو ذاك (الذي أسلّم لكم بإمكانه أيا كان) يوجد: قضية تحليلية أم قضية تأليفية؟ في الحالة الأولى لا تضيفون بفكركم عن هذا الشيء أيَّ شيء إلى وجوده. لكن في هذه الحالة إما أن يكون التفكير الذي فيكم هو الشيء نفسه، وإما أن تكونوا افترضتم الوجود منتمياً إلى الإمكان، وسيكون ذلك ما يسمى استلالاً للوجود من الإمكان الجواني، ولن يكون ذلك سوى تحصيل حاصل بائس. فلفظ الواقع الذي في أُفهوم الشيء يرنُ بشكل مختلف كلياً عن الوجود في أُفهوم المحمول، لا يحل المسألة. لأنكم لو أسميتم واقعاً كل طرح (من دون أن تعينوا ما تطرحون) لكنتم طرحتم الشيء بنفسه في أُفهوم الحامل وسلّمتم به بوصفه متحققاً مع كل محمولاته، في حين أنكم لم تفعلوا سوى أن كررتموه في المحمول. فإن اعترفتم على العكس، كما يليق حقاً بكل كائن عاقل أن يفعل، بأن كل قضية وجودية هي تأليفية فكيف تريدون إذن أن تثبتوا أن محمول الوجود لا يمكن أن يُنسخ من دون تناقض، حيث إن هذه الميزة لا تنتمي بشكل خاص إلا إلى القضايا التي يستند طبعها إلى ذلك بالضبط؟
وكنتُ آمل بالطبع أن يبدد تعينٌ دقيق لأُفهوم الوجود، هذا التمحّك المتحذلق من دون لفّ أو دوران، لو لم أكن قد وجدت أن الوهم الذي يتولد من خلط محمول منطقي بمحمول واقعي (أي تعيّن الشيء) يُلغي تقريباً كل تعليم. ويمكن لكل شيء أن يصلح حسب ما نريد كمحمول منطقي، وحتى الحامل نفسه يمكن أن يحمل، لأن المنطق يتجرد من كل مضمون، لكن التعيين محمول يضاف إلى أُفهوم الحامل ويزيد عليه، يجب إذن أن لا يكون متضمناً فيه)[20].
إن ما يحاجج به كانط القائلين بالبرهان الأنطولوجي أن الوجود أو فعل الكينونة، ليس محمولاً واقعياً وإن كان محمولاً منطقياً وبحسب اللغة، وذلك لأنه لا يخبرنا بأي شيء جديد عن أي شيء نقول إن له وجوداً أو كينونة. ففي قولنا: التفاحة مستديرة أو موجودة، ثمّة شيء زائد يتمثل في كلمة (موجود)، بسبب أنها لا تطلعنا على خاصية التفاحة، وإنما يجب القول بدلاً من ذلك: هناك تفاحة بكذا من الخصائص. وهكذا الحال في قولنا: إذا كان الله موجوداً كان له من الخصائص العلم والقدرة وغيرها، فإن هذه الجملة شيء مفهوم وكامنٌ في التصورات، أما قولنا: الله موجود فحسب فشيء مختلف عن ذلك كلياً.
وخلاصة ما يريد كانط قوله: إننا لا نستطيع أن نستنبط من أي تصور إلا ما هو متضمن في التصور، وفكرة الموجود الحقيقي الكامل تتضمن فكرة الوجود كمفهوم في أفق الذهن (وجود ذهني)، وليس الوجود في الخارج المتحقق فعلاً. بمعنى أن الماهية مجرد فكرة ومن ثم فهي لا تقدم لنا سوى الإمكان المنطقي، وهو أي الإمكان المنطقي لا يعني الواقعية والتحقق فعلاً.
وفق كانط فإن الدليل الوجودي لا سيما بصياغته الديكارتية التي ركّز عليها في نقده، تتضمن خلطاً واضحاً بين مرتبة الفكر ومرتبة الوجود، والحال أن طابع الوجود ليس تحليلياً حتى يكون صفةً أو محمولاً، (بهذا الدليل الأنطولوجي الديكارتي الشهير جداً، والذي يزعم التدليل بأفاهيم على وجود كائن أسمى، لا نفعل سوى أن نضيّع كل جهدنا وعملنا، وليس بوسع أي إنسان أن يصبح أكثر غنى في المعارف بمجرد أفكار، مثلما ليس بوسع تاجرٍ أن يصبح أكثر غنى لو أضاف، بقصد زيادة ثروته، بعض الأصفار إلى دفتر حسابه)[21].
ولكن هل ختم ملف البرهان الوجودي بنقد كانط؟ كان الأمر على العكس من ذلك، فقد استمر الجدل والنقاش بشأن البرهان الوجودي بين المؤيدين والرافضين وحتى العصر الحديث وفي بلدان أوربية متعددة. وعلى سبيل الإشارة فإن الإيطالي برناردينو فاريسكو كتب مقالة في مجلّة لوغوس عام 1929م، حاول فيها الانتصار للبرهان الوجودي[22].
وفي سنوات لاحقة عمل المناطقة على تطوير صياغات الدليل الوجودي، بنحو يمكن التخلي عن الفكرة المثيرة للجدل فيه، أعني الانتقال من مجرد التصور للوجود أو كون الوجود صفة. وهكذا فعل تشارلس هارتشورن عندما افترض أن تصورنا عن الله إذا كان تصوراً عن موجود أبدي قائم بذاته فإن مسألة وجود الله لا يمكن أن تكون مسألة واقع، بل يجب النظر إليها على أنها ضرورة منطقية[23]. في سعي لتوظيف قواعد المنطق الحديث التي ترتكز على سلامة الدليل صورياً دون النظر لمضمون الاستدلال وقضاياه ومادته.
وواضح أن محاولة الاستناد لقاعدة الإلزام (إذا.. فإن..) لو تمت فمع ذلك لا تثبت لنا وجود الله الواقعي الفعلي، وإنما غاية ما تثبته صحة البرهان صورياً، وذلك باعتبار أن القضايا الشرطية تصح حتى مع كذب طرفيها، فضلاً عن تلك الفجوة في الانتقال من التصور لاستنتاج الوجود الفعلي. وما تزال النقاشات بشأن البرهان الوجودي مستمرة.
تقويم عام للبرهان الوجودي
شكل البرهان الوجودي منذ ولادته على يد أنسلم محل جدل واسع ما زال مستمراً حتى يوم الناس هذا. وهذا المعنى يؤشر لنا على رواج التفكير الفلسفي والديني في الغرب بغض النظر عن طبيعة الموقف من البرهان. فالمتفقون مع حجج كانط في رفض البرهان الوجودي ليسوا قليلين، كما أن المؤمنين به لا يقل عديدهم عن أولئك. وفضلاً عن ذلك فقد افتتحت نقاشات جديدة في السنوات الأخيرة دارت حول البرهان الوجودي أدت إلى إذكاء روح التفكير الفلسفي كما يقول جون هيك[24].
ارتكز البرهان الوجودي في صياغاته المختلفة على نقطة مثّلت بنفسها مورد الإشكال، أعني اتخاذ تصور فكرة المطلق الكامل أو الموجود الكامل جسراً لإثبات وجوده الخارجي.
إن ما يلاحظ على مجمل صياغات البرهان أن ثمة خلطاً بين عالم الأفكار وعالم الواقع، أو قل بين الحمل الأولي والحمل الشايع بحسب لغة المنطق. ذلك أن القضية القائلة: الكامل المطلق أكمل موجود قابل للفرض، كاملٌ مطلقٌ، إنما هي بحسب الحمل الأولي دون الحمل الشايع، فهو كامل مطلق بسبب من ثبوت الشيء لنفسه، أي ثبوت المفهوم لنفسه في أفق الذهن، والحال أن أصحاب البرهان تصوروا أنه كامل مطلق بحسب الحمل الشايع.
وبجملة أخرى: إن الكامل المطلق الموجود في الذهن تصوراً ومفهوماً هو مفهوم الكامل المطلق وهو ضروري الثبوت لنفسه، وليس مصداق الكامل المطلق. فتصور الشيء يختلف عن حقيقة الشيء، ومفهوم الذات غير المتناهية التي افترضها ديكارت في صياغته ليست أكبر من المدرِك لها، حتى يتم استدلاله، وإنما نفس الذات المطلقة غير المتناهية في الواقع هي الأكبر. بمعنى إن تصور الذات غير المتناهية الموجود في ذهن الإنسان ليس أكمل من الإنسان، لأن تصور الحقيقة ليس هو الحقيقة بنفسها وبما لها من آثار واقعية في تحققها الموضوعي. وهذا المعنى يوقفنا على أن ديكارت قد خلط بين خصائص الذات غير المتناهية بوجودها الواقعي وبين التصور الذهني عن الذات غير المتناهية. فالإنسان لما يتصور النار لا يعني ذلك تحقق النار في أفق الذهن بما لها من خصائص الإحراق والإضاءة، وإنما يعني تحقق مفهوم وماهية النار في الذهن فحسب. وهكذا هو الحال فيما يرتبط بالكامل المطلق أو الذات غير المتناهية. وقد عولجت هذه المسألة في الفلسفة الإسلامية في البحث المعنون بـ(الوجود الذهني).
وهذا يعني أن نقطة الضعف في البرهان الوجودي الذي طرح في الفلسفة الغربية هي بنفسها المرتكز الأساسي فيه. أعني استنتاج وجود الشيء من تصوره، فلا يسعنا إلا أن ننحاز صوب كانط في نقده للبرهان برغم ما قد يثيره هذا النقد من مسائل أخرى جانبية. إن عدم وجود الذات الأكمل والمطلقة لا يلزم منه عدم تصورنا للذات المطلقة الكاملة، كما أن تصورنا لهذه الذات في أفق الذهن ليس تصوراً للذات الأكمل والأعلى في الخارج، ومن ثم فلا يوجد خلف أو تناقض كما افترضه أنسلم ومتابعوه. فالكامل المطلق سواء كان له وجود أم لم يكن فإن تصورنا للكامل المطلق أمر ممكن وهو نفس تصورنا للكامل المطلق أي بالحمل الأولي، فلا يمكن استنتاج الوجود الخارجي للكامل المطلق من تصورنا لمفهوم الكامل المطلق. فالمتحصل أن وجود الشيء (بالحمل الشايع) لا يستنتج من التصور.
على أن نشير هنا إلى أن نقد كانط للبرهان الوجودي له جذور في كلمات فلاسفة المسلمين. فقد ذكر الفيلسوف صدر الدين الشيرازي (1572ـ 1640م) في كتاب الحكمة المتعالية كلاماً نجد فيه جذر الإشكال الذي سجّله كانط على البرهان الوجودي. ونصّ كلام الشيرازي: (إن ما ذكره من أن مفهوم الموجود موجود لأنه محمول عليه، مغالطة نشأت من سوء اعتبار نحويّ الحمل، والخلط بين الحمل الذاتي الأولي والحمل الشايع المتعارف. فإن كل مفهوم يحمل على نفسه بالمعنى الأول [أي بالحمل الذاتي الأولي]، وكثير من المفهومات غير محمولة على نفسها بالمعنى الثاني [أي بالحمل الشايع المتعارف]، فلم يلزم من كون مفهوم الموجود نفس معناه أن يكون فرداً لنفسه حتى يكون موجوداً في الخارج)[25].
فكأنَّ أنسلم ومن حذا حذوه قد اعتبروا أن الكامل المطلق المتصور كامل مطلق في الخارج، أي جعلوه فرداً لنفسه، والحال أن الكامل المطلق كامل مطلق بالحمل الأولي أي يحمل على نفسه، ومن ثم لا يلزم من ذلك خلف أو مفارقة تناقض.
إن هذا النقد المتوجه للدليل الأنسالمي الديكارتي قد جعل أمثال كارل بارث (1886 ـ 1968م) ينظر إليه بوصفه محاولة لإظهار الإيمان وليس بوصفه برهاناً، (إنه لأمر حقيقي يتبين لك بوضوح وأنت تقرأ دليله مرةً ثانية أو ثالثة، إن أنسلم يعبّر عن إيمانه بقدر ما يعرض برهاناً منطقياً)[26].
وفي تقديري إن ما ذكره كارل بارث سليم ويتناغم مع سياق طرح أنسلم للبرهان، أعني منهجه القائم على فكرة: أؤمنُ لأتعقّل. بمعنى أن مثل هذا البرهان لن يفلح في اقناع ملحد أو شكّاك، إذ لا يتضمّن تصور فكرة الكامل المطلق مع عدم الإيمان بالوجود الواقعي له أيَّ تناقض أو خللاً منطقياً، وإنما يحصل التناقض في نظر أنسلم ومن يحذو حذوه من المؤمنين بفكرة وجود الكامل المطلق، أو تصور الكامل المطلق المتضمن لوجوده، وهي فكرة في إطار طرحها تبدو متضمنة لعنصر إيماني أكثر من مسألة التجرد المنطقي والعقلي.
البرهان الوجودي البديل
نريد في خاتمة المقال الإشارة إلى أن ثمة برهاناً وجودياً بديلاً جاء في الفلسفة الإسلامية حريّ أن يجعل بين يدي الدراسات الفلسفية المقارنة.
طرح الفيلسوف المسلم صدر الدين الشيرازي برهاناً وجودياً أسماه ببرهان الصديقين لإثبات وجود الله. ونعبّر عنه بالوجودي لأنه يستند لحقيقة الوجود الموضوعية. وهو بهذه النقطة ينماز عن البرهان الوجودي في الفلسفة الغربية بصيغه المتعددة الذي تقدم الحديث عنه. فالشيرازي في هذا البرهان لم ينطلق من التصور الذهني المسبق لفكرة الكامل المطلق أو اللامتناهي لإثبات الوجود الموضوعي وما يتضمنه ذلك من خلل في العبور من التصور للخارج، وإنما انطلق من الوجود الموضوعي الخارجي.
لا يتعلق غرضنا بنقل البرهان، وإنما أحببنا الإشارة إليه في خاتمة الحديث لكي يكون نصب أعين الدراسات الفلسفية المقارنة التي تؤشر إلى طبيعة الفرق بين الفلسفتين الغربية والإسلامية. وللوقوف التفصيلي على هذا البرهان يمكن الرجوع لمصادر دراسته[27].

[1]*ـ باحث في الإلهيات وأستاذ في الحوزة العلمية ـ العراق.
[2]ـ الدين من منظور فلسفي، روبرت س. سولمون: 52، ترجمة: حسون السراي، العارف للمطبوعات، الطبعة الأولى 2009م.
[3]ـ فلسفة العصور الوسطي، د. عبد الرحمن بدوي: 66 - 67، وكالة المطبوعات، الكويت، الطبعة الثالثة 1979م.
[4]ـ الدين من منظور فلسفي، روبرت سولمون: 53؛ تاريخ الفلسفة الغربية، برتراند راسل، 2: 177، ترجمة: د. زكي نجيب محمود، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2012م؛ حكمة الغرب، عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي، برتراند رسل 1: 257، ترجمة: د. فؤاد زكريا، سلسلة عالم المعرفة 2009م.
[5]ـ روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، إتين جلسون: 88، ترجمة وتعليق: أ. د. إمام عبد الفتاح إمام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى 2011م.
[6]ـ روح الفلسفة المسيحية: 70.
[7]ـ الدين من منظور فلسفي: 54 - 57.
[8]ـ أصول الفلسفة والمنهج الواقعي، محمد حسين الطباطبائي 2: 648، تقديم وتعليق: مرتضى مطهري، ترجمة: عمار أبو رغيف، المؤسسة العراقية للنشر والتوزيع، من دون معلومات نشر.
[9]ـ تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولى، رينيه ديكارت، التأمل الثالث، الفقرة: 22 ـ 23، ترجمة: د. كمال الحاج، منشورات عويدات، بيروت، الطبعة الرابعة 1988م.
[10]ـ تأملات ميتافيزيقية، التأمل الخامس، الفقرة 7.
[11]ـ فلسفة الدين، جون هيك: 28 - 29، ترجمة: طارق عسيلي، دار المعارف الحكمية، الطبعة الأولى 2010م.
[12]ـ علم الأخلاق، باروخ سبينوزا: 40، ترجمة: جلال الدين سعيد، المنظمة العربية للترجمة، مراجعة: د. جورج كتورة، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى 2009م.
[13]ـ علم الأخلاق: 41.
[14]ـ الموسوعة الفلسفية المختصرة: 382، نقلها عن الإنجليزية: فؤاد كامل وجلال العشري وعبد الرشيد الصادق، راجعها وأشرف عليها وأضاف شخصيات إسلامية: د. زكي نجيب محمود، دار القلم، بيروت.
[15]ـ جدلية الدين والتنوير، هيجل: 363، ترجمة: أبي يعرب المرزوقي، هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة مشروع (كلمة)، الطبعة الأولى 2014م.
[16]ـ جدلية الدين والتنوير: 368 - 369.
[17]ـ مدخل جديد إلى الفلسفة، د. عبد الرحمن بدوي: 219.
[18]ـ فلسفة الدين، جون هيك: 28.
[19]ـ فلسفة العصور الوسطى، د. عبد الرحمن بدوي: 138.
[20]ـ نقد العقل المحض، عمانوئيل كنط: 298 - 299، ترجمة: موسى وهبة، مركز الإنماء القومي. ولاحظ كذلك ترجمة غانم هنا، نقد العقل المحض: 623 - 624، المنظمة العربية للترجمة، الطبعة الأولى 2013.
[21]ـ نقد العقل المحض، ترجمة وهبة: 300، وترجمة غانم هنا: 627. وهذا النقد الكانطي للبرهان الوجودي تكرر بعد ذلك مع برتراند راسل بناءً على فلسفة التحليل المنطقي ورؤيته للأوصاف. أنظر: تاريخ الفلسفة الغربية 3: 423.
[22]ـ فلسفة العصور الوسطى: 73 - 74.
[23]ـ الدين من منظور فلسفي: 71.
[24]ـ فلسفة الدين: 31.
[25]ـ الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، صدر الدين محمد الشيرازي 6: 77، دار إحياء التراث العربي، لبنان، الطبعة الأولى 2002م.
[26]ـ الدين من منظور فلسفي: 72.
[27]ـ الحكمة المتعالية، صدر الدين الشيرازي 6: 14 فما بعدها؛ أصول الفلسفة، محمد حسين الطباطبائي 2: 648 فما بعدها.