البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

إيمانويل ليفيناس ، فيلسوف الغيرية البناءة

الباحث :  علي قصير
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  10
السنة :  السنة الرابعة - شتاء 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 23 / 2018
عدد زيارات البحث :  3722
تحميل  ( 606.858 KB )
يعدّ الفيلسوف الفرنسي من أصل لتواني إيمانويل ليفيناس (1906 - 1995) واحداً من أبرز فلاسفة الغرب المعاصرين الذين كرَّسوا أعمالهم حول مفاهيم إشكالية معاصرة لعل أبرزها المجادلات المديدة في مفهوم الأنا والآخر أو الذاتية والغيرية.
ونستطيع القول إن هذا الفيلسوف نال من الاهتمام لدى الإنتلجنسيا وعموماً والوسط الأكاديمي خصوصاً في أوروبا وأميركا فضلاً عن العالم الإسلامي ما لم يكن متوقعاً. لا سيما بالنسبة إلى حساسية الفكرة التي قدمها لتكون محوراً لنقد الذات الحضارية الغربية.
في هذه المقالة للباحث والأكاديمي اللبناني علي قصير إطلالة على السيرة الذاتية والفلسفية لهذا الفيلسوف، وعلى أهم أطروحاته في فضاء الأنا والآخر.

المحرر

إذا كان ثمّة قضية محورية تدور حولها أفكار الفيلسوف الفرنسي إيمانويل ليفيناس فهي تلك المتمثلة حول مقولة الآخر بوصفه فكرة مركزية تعطي للوجود معناه. فالآخر عنده يتجلى بصورة جوهرية من خلال مقولة الوجه الذي يمثل مرآة عاكسة لحقيقة الأنا وكينونتها، إذ ينبغي على الآخر أن يحترمها ويعترف بمنزلتها من خلال تبادل المسؤولية سعياً للمحافظة على الحياة الإنسانيّة وتكاملها. وفي هذا الحقل بالذات تلعب اللغة دوراً أساسياً في العلاقة بين الأنا والآخر. إذ إنها تجعل العلاقة بين المتحاورين ممكنة وتسمح بتبادل المعارف والمعلومات بينهم وتحقق التواصل بين جميع الفرقاء، لأنه حتى في حالة اندلاع النزاع والصراع بين مجموعة من الأطراف فإن اللغة تظل في قلب الأحداث، وتبقى الوسيلة الوحيدة لإجراء مفاوضات من أجل الوصول إلى تسويات ظرفية واتفاقات ترضي الجميع وتبلور قواعد السلام الاجتماعية. يقول ليفناس في هذا الشأن:"يمكن أن نسمي حواراً هذه المقابلة التي يدخل عبرها المتحاورون إلى فكر الآخرين حيث يعطون للحوار قيمة. إن هذا الحوار كفيل بإيقاف النزاع وتحييد العنف وإرجاع الناس إلى طبيعتهم العاقلة وتمكينهم من السيطرة على أهوائهم وتثقيف طبيعتهم العدوانية، وتكوين الحقيقة المشتركة عن طريق الإجماع Unanimité. ويربط ليفيناس هذا الحوار بالمحايثة، إذ تظل الذات ملتصقة بذاتها ومنهمكة في الاعتناء بوجودها. ويربط بين إثبات الذات والانفتاح على الآخر واحترامه إذ يحدد المطابق (le même) الآخر (L’autre) ويحدد الآخر بدوره المطابق. لكن ليفيناس ينبهنا إلى أن وراء كل اقتناع convaincre توجد غلبةvaincre وهيمنة وقهر، وبالتالي يبرز خطر العنف مجدداً في علاقات ذات البين، وبالتالي ثمة تخوف من اعتبار الآخر مجرد شيء وموضوع للرغبة وأداة للاستعمال، وكذلك من أن ينظر إليه الأنا بوصفه ضداً وعدواً ومزاحماً يجب إزاحته والقضاء عليه. "يتجاوز فلاسفة الحوار هذه المعضلة بتأكيدهم أن لحن الأصوات وشذى المعاني المتبادلة وليست دلالة الكلمات هي التي تصنع هذه العلاقة المتكافئة وأن شكل العلاقة التي تنجزها اللغة هي علاقة أنا – أنت وليس شكل العلاقة أنا-هو إذ حين يتكلم كائنان بشريان ويستعمل كلاهما لغة التخاطب فإن الأنا يتوجه إلى الآخر ويقول له أنت قبل أن يبدأ في الحديث عن نفسه. وفي هذا التوجه نحوالآخر بالحديث خروج عن النرجسية الفارغة واعتراف بالآخر واحترام له كطرف حقيقي في الحديث. يقول ليفيناس حول هذا الموضوع: «أن نتحدث مع الآخر هوفي الوقت نفسه أن نعرف الآخر ونجعله يعرفنا، فالآخر هنا ليس فقط معروفاً بل وأيضاً يُرحّب به، ليس فقط مسمى بل وأيضاً هو مدعو من طرفنا. أنا لا أفكر في كل ما هوبالنسبة إلي فقط بل وأيضاً وفي الآن نفسه أفكر في كل ما هوبالنسبة إليه».
بهذا النحو يحدد ليفيناس العلاقة الشرعية بين الأنا والآخر بوصفها مقابلة Rencontre. وهذه المقابلة تستلزم المحافظة على المسافة بين طرفي العلاقة والبقاء في حالة الانفصال بينهما. والسبب كما يقول - أنه بمجرد أن أتعلق بما يقوله عني أويتعلق هو بما أقوله عنه فإن الاتصال يتحول إلى ذوبان وانمحاء، والمقابلة تتحول إلى علاقة تطابق بين الأنا والآخر، وبالتالي لم يعد هناك لا أنا ولا آخر بل مجرد شيء واحد هوالمثيل Même أوالمطابق. Identique إن المقابلة تجري حين يتم احترام المسافة التي تفصل بين الطرفين وتسمح لهما بالحضور معا والعيش سوياً والمسافة الضرورية ليست مسافة مكانية بل مسافة زمنية وثقافية وتاريخية وهي غير قابلة للتذليل والاجتياز لأنها هي التي تسمح للغيرية للوجود عند الطرفين. نعثر على خاصيات الحوار المتعالي في علاقة الترابط بين الأنا والأنت لكونها علاقة إتيقية متعادلة وهذه هي صورة الحوار المتعالي أوالتعالي بالحوار من أجل إتاحة الفرصة للأنا لكي يقابل الآخر، وللآخر من أجل مقابلة الأنا من دون أحكام مسقَطة ومن دون برمجة مسبقة. بيد أنه ثمة تخوف من أن علاقة الترابط يمكن أن تمحو الغيريّة وتفسخ الخاصية التقابلية للطرفين لأن «المقابلة الحقيقية تحدث بين كائنات لا يعرف بعضها بعضاً». ومن أجل إزالة هذا التخوف يقترح ليفناس أن تكون العلاقة بين ذات البين علاقة تناظر وتقابل، فيكون كل واحد في خدمة الآخر وليس علاقة تنازع، أوتطابق؛ لأن التنازع بل وحتى التطابق يؤدي إلى انتفاء أحد الطرفين والقضاء بالتالي على العلاقة وتنعدم شروط المقبلة ووضعية الحوار».

وجه المخلوق والتجلي الإلهي
هنالك بعدٌ ميتافيزيقي في فلسفة ليفيناس يتجاوز من خلاله الكثيرين من الفلاسفة الذين سبقوه. يتمثل هذا البعد في اعتباره وجه الآخر كحالة تجلٍّ للخالق. وقد شكل هذا الجانب المهم المنطلق الأساسي في فلسفته لفهم الآخر ككائن له مزاياه المختلفة عن سائر الكائنات. فالإنسان موجوداً متعيِّن يمكنه أن يتجاوز الوجود الكلي المجرد من خلال علاقة فريدة تجعله يخرج من ذاتيته الضيقة من دون أن يفقدها ويدرك ذاتية الآخر بوصفها ذاتية، وموجوداً متعيناً لا يمكن أن يردّ إلى الوجود المجرد. فهي ذاتية موجودة فيما وراء الكل، ولذا ليس بإمكان الفكر الإحاطة بها. على هذا الأساس فإن آخرية الآخر تتبدى بشكل خاص في وجهه، فالوجه هوالتعبير عن التفرد وعن جوهر الآخر الإنساني الفردي، الكامن المتبدِّي. من ثم يضع لفيناس الوجه [الأصيل] ضد الواجهة [الزائفة]، كما يضع الوجه الخاص مقابل نور الاستنارة العام. تقوم رؤيته على أن الإنسان حينما يدخل في علاقة ميتافيزيقية حقيقية مع الآخر فإنه سيكتشف أن هذا الوجه هواللامتناهي وأنه سر، بل تجلٍ إلهي لا يستطيع الكل ابتلاعه. والآخر بهذا المعنى، يتمثل الخالق في كثير من صفاته. ويمكن القول إن لفيناس، بمعنى من المعاني، ينتمي إلى ما يسمى «لاهوت موت الإله الكنسي» الذي يتلخص في البحث عن منظومات معرفية وأخلاقية في عالم لا إله فيه، وإن كان لفيناس يؤكد أن غياب الإله لا يعني بالضرورة أنه غير موجود. ولأن الآخر هواللاَّمتناهي وهوالزمان اللامتعاقب الذي يقع خارج نطاق الوجود، فإن العلاقة مع الآخر تصبح هي الإسكاتولوجي (آخر الأيام) الذي يشكل انقطاعاً كاملاً وتحطيماً لأية كليات مجردة متجاوزة. ولكنه إسكاتولوجي لا علاقة له بالأديان السماوية، فلاهوت هذه الديانات خاضع للأنطولوجيا، وهوإن لم يؤد إلى الشمولية الكلية التاريخية (على الطريقة الهيجلية) فإنه يؤدي إلى الكلية الإلهية.
والعلاقة مع الآخر، والوصول إلى آخريته الحقة كما يقول المؤرخ والمفكر المصري عبد الوهاب المسيري، ليست التحاماً عاطفياً، وإنما علاقة عادلة تؤدي إلى الإحساس بالالتزام والمسؤولية. أي إن لفيناس قد ولَّد من مفهوم الآخر باعتباره اللامتناهي منظومة أخلاقية كاملة. والرغبة الميتافيزيقية الحقة نحو الآخر هي رغبة لا تتشوق للعودة، هذا يعني من منظور لفيناس أن هذه الرغبة الحقة تفترض أن على الإنسان أن يستبعد أن يكون معاصراً لإنجازاته، فعليه أن يعمل من دون أن يدخل بالضرورة «أرض الميعاد»، أي إن لفيناس، بضربة واحدة، يحل مشكلة الأخلاقيات في مجتمع علماني، فبدلاً من الأنانية والدفاع عن المصلحة الشخصية والرؤية الهوبزية الداروينية حيث يصبح الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان، يثير لفيناس المواجهة مع الآخر وإدراكه بشكل ميتافيزيقي (غير أنطولوجي) على أنه الحل الحقيقي للمشكلة الأخلاقية. فمن خلال مثل هذه المواجهة يمارس الإنسان إحساسا عميقا بالمسؤولية تجاه الآخر، أي من خلال إدراكه له ككيان متعين متفرد له وجه فريد (ولا ندري كيف يمكن القفز بهذه البساطة من المنظومة المعرفية إلى المنظومة الأخلاقية ومن الإدراك إلى القيم). ولتوضيح وجهة نظره، يقارن لفيناس بين إبراهيم ويوليسيس، فإبراهيم يغادر وطنه ويتجه نحو أرض مجهولة ولا ينوي العودة، أما يوليسيس فهو يتحرك دائما نحونقطة محددة. فإبراهيم مسافر دائم لا يهمه إن كان معاصراً لإنجازاته أو لا، أما يوليسيس فهوعائد دائم يصر على إنجاز السعادة في حياته! (ولكن هل يمكن تصور إبراهيم ـ المسافر الدائم هذا ــ من دون إله؟ إن لم يكن هناك إله وأمر إلهي فالسفر الدائم حماقة دائمة وحركة بلا معنى في المكان). ويبدو أن الميتافيزيقا الحقة (حسب تعريف لفيناس) لا تولد أخلاقا وحسب، وإنما هي الأخلاق. فلفيناس يعرف الأخلاق بأنها سابقة على الأنطولوجيا (شأنها في هذا شأن الميتافيزيقا) وبأنها ليست مجرد قواعد وإنما هي العلاقة بالأصل، بل هي نفسها الأصل الذي يسبق الأصول وهي القبلى والأولي a priori، هي «الميتا» في الميتافيزيقا، فهي ماوراء الحقيقي.

قيمة الوجه عند ليفيناس
علاوة على ذلك يؤكد ليفناس الدور الأتيقي للوجه في العلاقة التناظرية بين الذات والغير؛ لأنه عندما تتوجه الذات نحو ذات أخرى فإنها تحاول على التو معرفة من تكون وتفهم ماذا تريد وتقول لها ما تنتظره منها، ولن يتسنى لها تحقيق هذه المقابلة إلا بمنحها وجهها وبالتعرف إلى وجه الذات الأخرى. في هذه العلاقة أي في أثناء المقابلة بين شخصين نحن لسنا فقط أمام فهم ومعرفة بل أمام وجه لوجه face à face الوجه يحدثني ومن هنا يستدعيني إلى علاقة من دون قياس مشترك مع قدرة تمتحن». لكن تبادل الكلام هوأكثر من تبادل المعارف لأن هذا الشخص الذي يكلمني لا أفكر فيه كما هو بل أتحدث إليه فهو مشارك لي في علاقة تجعلني حاضراً دائماً وأبداً بالنسبة إليه وتجعله حاضراً دائماً بالنسبة إلي ومن هنا ينشأ الاحترام والاعتراف المتبادل. لقد تحدثت إليه وتحدث هو إلي وبالتالي أهمل الوجود الجزئي الذي يخصه وانخرط في الكلي. عندئذ يكون الإنسان هوالكائن الوحيد الذي لا يستطيع عندما يلتقي غيره ألا يعبر له عن سعادته بهذا اللقاء أو سخطه وامتعاضه الشديد. يتميز اللقاء من المعرفة بكونه يوجه إلى الآخر تحية وسلاماً ويترجم موقفاً إنسانياً وليس مجرد لقاء تعارف لأنه حين أتحدث مع غيري فإن الأمر لا يتعلق بتبادل الكلام معه بل باستدعائه واستضافته. هنا ليس الآخر هوالذي يفرض عليه الأنا هيمنته بل ذاك الذي يحافظ على نفسه ويتماسك في خارجيته. إنه الشخص الذي يتحدث إليه الأنا ويوجد خارجه والذي يستمد مرجعيته من ذاته وليس هوفقط موضوع الحديث أو ذاك المشار إليه بالهو.
ينصرف ليفيناس إلى هذا الوجهة التحليلية انطلاقاً من تصوَّره بأن الوجه يتدخل بطريقة حاسمة في انفتاح الإنية على الغيرية، وكذلك في تحول الغيريّة إلى شرط إمكان إثبات الإنية، لأن الآخر عبر وجهه يظهر للأنا في خارجيته وغرابته وتميزه، «وعليه فإنه من خلال الوجه يتجلى الآخر للأنا» بل إن الإنسان هوالكائن الوحيد الذي يمتلك وجهاً ويتميز من الآخرين بوجهه، بينما الأشياء والكائنات الأخرى ليس لها وجه ولا تتميز بعضها من بعض بهذه الخاصية لأن لها الملامح والصفات نفسها، وبالتالي فالوجه يكون إنسانياً أو لا يكون. وهكذا فإن تجلي وجه الآخر للأنا يتم عبر النظرة، والنظرة ليست مجرد الرؤية الحسية بل التمعن والتحديق والإبصار. وقد عبّر الفيلسوف الوجودي الألماني مارتن هايدغر عن ذلك بالقول: «ليس المهم أن نرى بل الأهم أن نبصر فيما نراه». والوجه ليس مجرد الجبهة والأنف والفم والعينين والوجنتين بل هوبصمة الشخصية ورمزها العلني وأكثر الملامح مجلبة للانتباه. وكما يقول ليفناس: «دلالة الوجه تكمن في البعد الجديد الذي يفتحه في إدراك الوجود»، والمقصود أننا نحن موضوع الإدراك بحكم الاختلافات في الوجه والتي تعطينا كيفيات تميزنا. يتميز الوجه بمجموعة من الخصائص مثل النقاء الأصلي والمقاومة اللامتناهية والخارجية الجذرية، فالتجلي كوجه ليس انكشافا لعالم باطني بل خارجية الوجه هي هنا ما لا يمكن إخفاؤه والاضطلاع به وتحملها، إنها من الآن فصاعداً تقدم نحو اللاَّنهائي والبرانية الجذرية، فالآخر ليس له أن يعبر ويظهر إلا عن طريق وجهه، والوجه هو بالتحديد هذا الظهور الاستثنائي للذات بذاتها. تجلي وجه الأنا للآخر هوزيارة الآخر عن طريق وجهه المختلف وبالتالي يفتح الوجه نوافذ الذات للزائرين ويسمح لها بزيارة الآخرين عبر وجوههم وهكذا يدخل الوجه إلى عالمنا عبر حقل غريب والإنسان الغريب يأتي إلينا من الخارج منفصلاً عبر وجهه المتجلي. ويعترف ليفناس أن: "دلالة الوجه في تجرده هو في معناه اللغوي خارق للعادة وخارج كل نظام وخارج كل عادة».

الحوار المتسامح بين الأديان
يدعو ليفيناس من خلال البعد الأخلاقي والديني في فلسفته إلى ضرورة ألا ينظر إلى أي دين آخر بوصفه عدواً أو تهديداً للوجود، وهذا من شأنه أن يُهدئ أي مخاوف أوقلق تجاه الآخرين. من هنا ينادي ليفيناس بضرورة «اعتبار كل دين وجهاً  آخر. لأن أتباعه هم أشخاص» ويقصد بأننا لابد من التعامل مع أهل الديانات الأخرى على أنهم أشخاص مثلنا لا فرق بين ديننا ودينهم لأن التعامل ليس على أساس الدين ولكن التعامل يتم على أساس الوجه، يقول ليفيناس «الوجه... يفتح وجهات نظر أخرى» فالنظر للدين بهذا الشكل من شأنه أن ينهي الميل للأصولية والبعد عن التعصب والعنف ومن خلال هذه الطريقة لفهم الدين يعزز موقفنا نحوالانفتاح والتعاطف نحوالآخرين، مما يساعد الشخص على رؤية الاحتمالات والبدائل ليس فقط في دين الآخرين ولكن أيضا في رؤيته كافة الأمور، ولذلك يؤكد ليفيناس الحوارَ والانفتاح على الديانات الأخرى، بحيث يفهم المرء عمق العالم الثقافي الذي يوجد فيه الآخر، وهوما يجعله يرى من منظور أوسع لماذا يتصرف الشخص الآخر بشكل مختلف عن نفسه. ومن خلال ذلك، سيتعلم احترام الآخر، بل ويساعد على تعزيز حرية الآخر وكرامته ولذلك تتخذ الفلسفة على يد ليفيناس بعداً آخر من خلال فلسفة الحوار حيث لم يعد الاهتمام منحصراً في السؤال ولكنها اكتسبت أهميتها في المدة الأخيرة من خلال الحوار لذلك يقول ليفيناس عن الفلسفة إن «جزءاً عاجلاً من مهمتها في عصرنا هو توضيح الطبيعة الحقيقية للحوار، وليس في السؤال».
وهنا يعترف ليفيناس بالحاجة الهائلة إلى التفكير في معنى ممارسة الحوار بوصفه «نتيجة للمحاكمات التي جرت في القرن العشرين منذ الحرب العالمية الأولى» ولا شك في أن هذا يرتبط بشكل أوبآخر بما حدث في المحرقة التي جرت لليهود نتيجة البعد عن الحوار الأخلاقي وهو ما أعطى لفلسفة ليفيناس بعداً دينياً لمجموع تفكيره ولذلك يرفض ليفيناس إقامة الحوار بين الأديان على بعد معرفي لأنه سيؤدي إلى فشل الحوار بين الأديان وبالأخص إذا فسر بصورة رئيسة على أنه لقاء معرفي، فلا يبذل الجهد إلا لمعرفة دين الآخر. وهذا مرفوض لأن ذلك سيؤدي، كما يقول ليفيناس، « إلى الاختزال والهيمنة على الآخر») وبالتالي «تكون علاقة الإنسان بالواقع الخارجي، وعلاقتة بالآخر،..في النهاية مجردة وبعيدة عن الغيرية، والتي تصبح من خلال معرفتي، لا من خلال الآخر» لذلك يرفض ليفيناس المقاربة بين الأديان لأنها تختزل ديانة الآخر داخل الذات ولذلك يؤكد ضرورة النظر للأديان المختلفة بنظرة خلقية لأن أتباعها كما قال شخص آخر.

المسؤولية العظمى تجاه الآخر
يؤكد ليفيناس «أننا قبل أن نلتقي الشخص الآخر على صعيد المعرفة، فإننا مثقلون بفعل المسؤولية والاحترام لدعم الآخر، فالمسؤولية عن الآخر تسبق فهم الآخر، لذلك يأتي اللقاء الأخلاقي أولاً قبل الحديث المعرفي. وفي المواجهة البدائية يمكن أن يحدث الحوار الحقيقي ويمضي قدماً» لذا يؤكد ليفيناس أن حوار الأديان لا يتم من طرف واحد ولكنه يحدث حين ننفتح ونتقبل الآخرين ولذلك يؤكد أنه يجب الحفاظ على اليقظة والحذر إذا أريد ألا يسقط الحوار في العداء والعدوان، ومن المهم احترام الاختلافات والاعتراف بالمشكلات المستعصية لتجنب العداء. ومن دون الاعتراف والاحترام، يمكن أن يصبح الحوار تخاصماً وعدائياً وبالتالي يولد العنف ومن أجل ذلك لا بد من وجود بعد أخلاقي في الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين لكي يتسنى إجراء حوار بين الأديان، وكما يقول ليفيناس، «المسؤولية هي الوحيدة التي يمكننا من خلالها الدخول في حوار مع الآخر والمسؤولية، بالمعني المنطقي للمصطلح، هي المقصودة بالحوار وليس مجرد تبادل الكلمات، ولا يوجد اجتماع إلا في الحالة الأولى» لذلك فلسفة الحوار كما يصيغها ليفيناس موجهه نحو مفهوم أخلاقي وليس عن طريق المعرفة والعقل مما يعيق طبيعة الحوار بين الذات والآخر، ولذلك جاء الحوار عند ليفيناس عبارة عن «علاقة شخصية غير متناظرة، بمعنى أن العلاقة هي غير متساوية بين الذات والآخر لأن الذات هي خادمة للآخر الذي يعدّ سيداً،و كون الذات خادمة يعني أنها مدينة للسيد (الآخر) من حيث المسؤولية، وعلاوة على ذلك، فإن هذه المسؤولية لا حصر لها، وبالتالي لا يمكن سداد الدّيٓن بالكامل»، وبسبب المسؤولية تجاه الآخر يدعو ليفيناس دائماً إلى وضع الذات مكان الآخر من أجل «كسر التباين في العلاقة الأخلاقية، لأن هذه المسؤولية تشكل ذاتية الذاتية» إذن فالحوار الأصيل يأتي من خلال هوية العلاقة التي بيننا، بين الأنا والأخر. ويرجع ليفيناس الفضل في تأسيس هذا الفهم للحوار لأحد المفكرين اليهود وهو مارتن بوبر، لعرضه فكره الحوار في العلاقات الذاتية ولاسيما ماذهب إليه بوبر من علاقة الأنا بالأنت ويستشهد بقول بوبر في ذلك «بما أن أنا الذي أقول أنت.. فبالتالي فإن النداء الذي وجهته إليك بأن تكون بالنسبة لي، مؤسس على المعاملة بالمثل، أي المساواة أوالانصاف منذ البداية».
ولذلك يرى ليفيناس بأن الإسهام الرئيس لبوبر في الفكر الغربي سيظل من خلال «تأكيده عدم الانتقاص من علاقة الاجتماع بالآخرين، وعدم قابلية أن تكون العلاقة في الاجتماع مع الآخرين قائمة على تحديد مسبق للأهداف التي قد تنشأ نتيجة هذه العلاقة» ولذلك يعتقد ليفيناس أن بوبر يعطينا معنى جديداً، وبالتالي يجب أن تصبح كل مشكلات المعرفة محصورة « فيما يتعلق بحالة الاجتماع والحوار» وبعبارة أخرى كما يقول ليفيناس « فإن الكون والحقيقة يفسران الآن على أنهما موضوعا للتحاور» وإذا كان بوبر يجعل من علاقة الأنا بالأنت علاقة تبادلية تحددها هوية ومعنى كلٍّ من أنا وأنت، فإن ليفيناس لا يفهم الحوار على أنه علاقة متبادلة. فلا يمكنني أن أطلب من الآخر علاقة بالمسؤولية التي تصدر مني نفسها؛ فالمسؤولية تقع أكبر على عاتقي. وهذه المسؤولية حصرية وغير قابلة للتحويل تجاه الآخر كما لو أن جارتي اتصلت بي على وجه السرعة ودعتني أنا ولا أحد سواي، كما لوكنت أنا الوحيد المعني، ويصف ليفيناس هذه المسؤولية بأنها « مسؤولية لا مسوّغ لها... من دون الحاجة إلى المعاملة بالمثل...على العكس من
أنا -أنت، ليس هناك مساواة أولية» فالمساواة والمعاملة بالمثل بوصفهما شرطاً وقاعدة للحوار يقللان من الحوار، وينقلانه إلى مجرد خطاب موضوعي. وعندما يتم تحديد قواعد وشروط صارمة للحوار، يفشل الحوار عادة، حيث تعكس هذه القواعد والشروط تحيز أحد الشركاء في الحوار، وحتى إذا كانت القواعد قد وضعها طرف غير الأطراف المشاركة في الحوار، فإن هذا الأمر قد حُدد بالفعل، بطريقه أو بأخرى النتيجة أوالغرض المتوقع تحقيقهما. إن ما يريده ليفيناس أن يصبح الحوار عفوياً من دون تخطيط أومقدمات مسبقة، ولا بد أن يكون بعيداً عن موضوعات التفكير أو أي أهداف ومعرفة مسبقة من شأنها أن تحدد طبيعة هذه العلاقة، إنها علاقة أخلاقية محضة سابقة على أي حديث وقوامها مسؤليتي، فعلاقتي بالآخرين ليست في الأصل في حديثي إلى الآخر، ولكن في مسؤوليتي عنه أولاً وهذه هي العلاقة الأخلاقية الأصلية» ومن خلال ذلك نلاحظ تأثر ليفيناس بالفلسفة الوجودية من خلال خلق أخلاق وجودية تتحدث عن أخلاق الموجود من خلال علاقة غير تماثلية في لقاء الذات بالآخر، وهذا هو السبب الرئيس لماذا الأخلاق في فلسفة ليفيناس ليست نظرية ؟ لأنها تتجاوز النظرية ولا تنطوي في المقام الأول على تطبيق لأي نظرية بل هي بث مباشرمن خلال تجربة حية معاشة بين طرفي المجتمع الأنا والآخر من خلال منظور ديني يعلي من هوية الآخر على الأنا في بُعد من الاختلاف والغيرية التي تمثل هوية الآخر التي تدور حولها فلسفة ليفيناس.
 ولا شك فإن المحاور يقدّم نفسه في مواجهة الآخر من دون أن تعني المواجهة صداقة وحسن ضيافة ومن دون أن تكون النظرة المصوبة نحوالوجه هي نظرة معرفة وإدراك فحسب بل قد تكون نظرة حقد وازدراء أونظرة حب واحترام، وبالتالي ينبغي أن نتوقف عن معاملة الآخر على أنه موضوع حتى نستطيع أن نراه على حقيقته ونقابله مقابلة حقيقية كما يقول ليفناس: «إن أحسن طريقة لمقابلة غيرنا لا تتطلب ملاحظة لون عينيه» لأن التفرج على وجه الآخر يشترط التحلي بالأتيقا والتسلح ببعض من الاحتشام والحياء ولأننا حين نرى لون عيني الآخر فإننا لا نكون في علاقة اجتماعية بآخرنا بل في علاقة عاطفية شعورية. في الواقع يوجد أسلوبان من أجل اعتبار وجه الآخر:

– العلاقة بالوجه يحددها الإدراك المعرفي أين يقع الهيمنة على الوجه عن طريق الرؤية مثل الهيمنة على أي موضوع آخر.

– العلاقة بالوجه هي علاقة أتيقية تسمح بإنقاذ خارجيته الجذرية أين يوجد الآخر برمته قبالة الذات من دون موانع أوتحفظات.

أفق الهوية والاختلاف
الهُوية مصطلح مستحدث في الثقافة العربية وقد نشأ من خلال العودة إلى أحد الضمائر العربية وهوضمير هو. فالهو أعطانا الهُوية بضم الهاء وليس فتحها، والمقصود بهوية الشيء هووجوده الذي له أوما يجعله دائماً على الرغم من  التغيرات، هو نفسه أوهو هو، لذلك كان تعريف الهُوية لغوياً «أن يكون الشئ هو هو وليس غيره وهوقائم على التطابق أوالاتساق في المنطق» ويتداخل مفهوم الهُوية مع مفهوم الماهية لأن الماهية « أن يكون الشئ (ما هو) بزيادة حرف الصلة ما على الضمير المنفصل هو والمعنى واحد« ولذلك حُدد المصطلح الأجنبي لمصطلحي الهوية والماهية ليظهر الاختلاف بينهما فكل لفظ منفصل عن الآخر، ذلك أن مصطلح «ماهية Essence من اللاتينية Esse وهوفعل الكينونة ولفظ  هوية Identite من الضمير Id أي هو« وقد اعتاد الفلاسفة على إطلاق مصطلح الهوية على المستوى الأنطولوجي أي المستوى الذي ينظر إلى الوجود ذاته بصرف النظر عن الموجود الذي ينظر إليه ويؤوله، ونشير لهذه المسألة من خلال الطرح الذي عرضه مارتن هيدجر (1889 - 1976) حول سؤال الماهية، فقد استبدل سؤال ما هوالإنسان؟ بسؤال أكثر جذرية من هوالإنسان؟ فأراد هيدجر أن يستغني «نهائياً عن كلمة إنسان لتختفي نهائياً من نصوصه اللاحقة وتظهر بدلاً منها مصطلح الدازايّن Dasein الفاقد للماهية، وهويعني أن علاقتنا «بأنفسنا في كل مرة تأخذ شكل الانتماء إلى أنفسنا أوشكل الضياع عن أنفسنا وهوما سيقود الى الأصالة أوعدم الأصالة في وجودنا» وبهذا المعنى يؤكد هيدجر أن ماهية الكائن البشري لا تكون إلا من خلال نزوعه لما يريد أن يكون فهومن يصنع ذاته بذاته بتجاوزه لواقعه وانفتاحه على العالم أي أن هويته من خلال ذاته ومن ثم فإن ما يقال عن الوجود ليس الوجود عينه وإنما هوما قرأته الذات الإنسانية ورأته أومنحته للوجود من معان وتأويلات وتصورات، فالذات الإنسانية إذن هي هوية الإنسان أيضا وهي أساس كل هوية أخرى؛ لأنه إذا تصورنا غياب هوية الإنسان غاب الوجود عنا وغاب عنا كل معنى؛ لأن الذات هي التي تعطي المعنى وتوضحه وهوما يؤكد جوهرية الهوية الإنسانية ومركزيتها في الوجود، لذا فمصطلح الذات كما قدمه هيدجر يعني أيضاً الهوية أوالهوية الإنسانية أي وجود الإنسان وحقيقته بوصفه أنا ناظرة وقارئة للوجود تمنح للوجود معناه، وهذا ما قدمه من قبل ديكارت من خلال الأنا الديكارتية أوالكوجيتو الديكارتي، وقد رفض ليفيناس ذلك التقديم لمفهوم الهوية؛ لأنه يقتصرعلى علاقة الذات الإنسانية بالوجود فقط بصرف النظر عن أي علاقات أخرى؛ ولذلك رفض ما ذهبت إليه الميتافيزيقا التقليدية في تصورها للهوية من حيث « إنها لا تُسنِد للهوية الإنسانية في نظرتها للوجود وتعتبر تصورها للوجود هوالوجود نفسه وليس الوجود كما تصورته الذات الإنسانية وأولته» ولذلك يدخل ليفيناس في بعُد آخر لمسألة الهوية وهوعلاقة الأنا بالآخر أوالغير، الأنا بوصفها معبرة عن الهوية والآخر بوصفه مقابلاً للهوية ومغايراً لها، وقد ارتبط مفهوم الآخر أو الغير في الفلسفة بشكل سلبي قائم على إقصاء للآخر فنجد أرسطو(384 -322 ق.م) الذي تأثر بالمفاهيم العنصرية للتفرقة بين اليونانين وغيرهم والتي تدعي «أن الآلهة قد خلقت اليونـانيين من مادة نورانية خاصة، بينما خلقت غيرهم من مواد خسيسة، لذلك فقد عدّ غير اليونـاني يعاني القصور العقلي أوالعضلي، على خلاف اليوناني الذي يتمتع بالكمال في الجانبين» وقد استخدم « أهم عناصر الهوية اليونانية ألا وهي اللغة، فأطلق لقب « بربري على كل من لا يتكلم اللغة اليونانية ويمكن استعباده إذا وقع أسيراً» وفي الفلسفة الحديثة كان النموذج الهيجلي الذي لم يبعد كثيراً عن نموذج أرسطوومفهومه للآخر بشكل عُنصري كبير فجاءت جدلية هيجل (1770-1831) المشهورة « العبد والسيد» إذ يقول: «الوعيان بالـذات وبالآخر متضادان، الوعي بالذات يتضاد قبل كل شيء مع نفسه، إنها دراما اللا مساواة بين العبـد والسيد، والملاحظ بالنسبة إليه أن هذا الصراع من أجل الحياة والموت» إن جدلية العبد والسيد الهيجيلية تؤكد ضرورة الصراع حتميةً تاريخية للعلاقة بين الأنا والآخر والتي من شأنها تجعل الصراع هو نمط للعلاقة التي تحكم الأنا بالآخر،و التي قد تؤدي في النهاية إلى موت أحدهما.
 لقد تأسست الهوية عند ليفيناس منذ البداية على مفهوم الاختلاف Differences والاختلاف ضد الاتفاق والفرق بينه وبين الخِلاف، «أن الاختلاف يُستعمل في القول المبني على دليل، على حين أن الخِلاف لا يستعمل إلا فيما لا دليل عليه، والاختلاف عند بعض المتكلمين هو كون الموجودين غير المتماثلين وغير متضادين».
وفي معجم المفاهيم الفلسفیة نجد أن الاختلاف هوالذي يوجد ويتحدد داخل كل كائن بوصفه الخاصية التي تحدده والتي تجعل منه كياناً فريداً متميزاً عن ماعداه، إذ اإن الاختلاف بين طرفين، يندرج داخل كل واحد منها كهوية سلبية بالقياس إلى ذاتها، وذلك لأنه اختلاف الذات بالنسبة لذاتها.» ومن هنا يتحدد مفهوم الاختلاف في الفلسفة الحديثة بوصفه «الخاصية التي تُمّيز مفهوماً عن معنى آخر، وشيئاً عن شيء آخر، الخاص ب.. أوالمُمّيز لـ..» وفي الفلسفة المعاصرة صاغ هذا المصطلح، الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 - 2004 م) عام 1968 ليدل في نظريته التفكيكية على سلسلة من المصطلحات اللغوية، منتهياً إلى أن الاختلاف «ليس هوية كما أنه ليس اختلافاً بين هويتين» وعلى الرغم من تأثير دريدا في ليفيناس في صياغة بعضامن مصطلحاته لتأويلها، نجد أن معنى الاختلاف أخذ بعداً آخر في فلسفة ليفيناس، فقد أكد الاختلاف من خلال غيريّة الآخر، المتمتع  بتفرده ووجوده المستقل وليس كانصهار داخل الأنا، فكما تتمتع الأنا بوجودها المتفرد كذلك فالآخر له المنزلة نفسها من الوجود والكيان المتفرد ولذلك يصف ليفيناس العلاقة بالآخر بأنها لحظات ولادة للأنا من جديد من خلال الآخر، فتموت الأنا الأولى وتولد أنا جديدة، ولذلك فالغيرية عند ليفيناس مؤسسة على الاختلاف بقوله: «الآخر هو آخر وليس من خلالي؛ تماما كما الأنا المتفرد وليس من خلال الآخر، فلابد من التسليم بالآخر بأي حال من الأحوال كآخر، وبمشاركتي في وجود مشترك».
لذا كانت العلاقة بالآخر « - كما يقرر ليفيناس- هي التي تشكل طابع حياتنا الاجتماعية، فإن الآخرية تظهر كعلاقة غيرمتقابلة، أي إنها تتباين عن التزامن، فالآخر الإنساني بما هو آخر إنساني ليس أنا أخرى فحسب، هوما لا يمكن أن أكونه أنا».