البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

تمثّلات الإسلام والمسلمين (في التغطية الصحفية)

الباحث :  سيد م. رضا
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 14 / 2018
عدد زيارات البحث :  976
تحميل  ( 321.084 KB )
تغطي هذه المقالة جانباً إشكالياً في نشاط الميديا المعاصرة، عنينا به الصورة التي تصنعها وسائل الإعلام ووسائل الدعاية الأخرى كالسينما والمؤسسات التعليمية للإسلام والمسلمين.

يعتمد الكاتب هنا صيغة البحث العلمي والنقد لتلك الصورة النمطية التي تعمل عليها السلطات الثقافية الغربية حيال الإسلام في المجتمعين الأميركي والبريطاني، فضلاً عن المجتمع الغربي بوجه عام.

المحرر

-------------------------------------

يركز هذا البحث على العلاقة التعايشية بين وسائل الإعلام في أحد جوانبها وصناعة السينما والمؤسسات التعليمية وصناع السياسة في استمرار التصورات الخاطئة عن الإسلام، كما يرتبط نطاق هذا البحث في مقامه الأول بتمثلات الإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فمعظم التغطية الإخبارية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام موروثة عن التمثلات التاريخية، وعن الكتّاب الأوربيين ومن الأنشودة الفرنسية لرولاند ودانتي ومارتن لوثر عن الحقد التاريخي على المسلمين والإسلام، وقد أحياها كثير منهم في التغطية الصحفية الأكثر تداولا اليوم، وقد حوت صناعة السينما وعلى الأخص هوليوود منها طرفا في تأطير الأباطيل، فقد جُسّد المسلمون والعرب منذ 1896م فيما يزيد عن تسعمئة دور عدائي في السينما العامة، كما عُززت هذه الصور بوسائل الإعلام في حالات عدة، وشارك النظام  التعليمي  الوكالات الإخبارية في نشر معلومات مشوهة عن الإسلام والمسلمين، وأسهم وجود أكاديميين مثل صامويل هنتنجتون وبرنارد لويس ودانيال بايبس في مراكز التعليم العليا في تحريك العداء نحو الإسلام والمسلمين، وقد رسخ زمرة مثل خريجي وأمناء المجلس  الأميركي  ومعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مصالح خاصة في تقديم قوالب نمطية استقرت في الوسط الأكاديمي، كما تقيدت وسائل الإعلام في جل حالاتها بتطورات سياسة الحكومات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وشكّل مُلاك الصحافة والرقابيون الأغنياء أو لجنة كريل في عهد الرئيس ويلسون تغطية للثورة الإيرانية وما بعدها وللسياسات التي أحاطت بالقضية الفلسطينية. هذه أمثلة للعلاقة بين الحكومة والإعلام في نشر المعلومات المضللة، وفي النهاية قد انسجم إنتاج الأباطيل بالصحافة وصناعة السينما والنظام  التعليمي  والمؤسسات الحكومية، وهم يشدّون بعضهم بعضاً في شيطنة الإسلام والمسلمين.

الكلمات المفتاحية :- تمثلات – وسائل إعلام – صناعة السينما ـ تعليم ـ سياسة

مقدمة

تعتمد الجماهير على وسائل الإعلام عموما باعتبارها المعين الوحيد لمصدر المعلومات عن الأحداث الجارية. وكما لاحظ وولتر ليبمانن Walter Lippmann أن التمثلات و"الصور في رؤوسنا" منعكسة أولياً من "الواقع الزائف" ومن التغطية الصحفية (1) وقد تنشر هذه الصور للجمهور على أنها حقائق ’واضحة وموجودة‘، وتحلَّ هذه العملية على نحو متكرر في المؤسسات الإعلامية.

كذلك يرى بول وريتشاردسون Poole and Richardson أن موضوعات الإسلام والمسلمين أصبحت جديرة بالاهتمام بعد عالم 29 سبتمبر(2)، وفي معظم الحالات ارتبطت دول الإسلام والمسلمين عموما بأنها متخلّفة وجاهلة ومتشردة وفاشلة. ويُنظر إليها على أنها تهدد المجتمعات العلمانية والليبرالية، وترى الديمقراطية على أنها حقيقة لا يمكن تحققها. وقد تنشر في حالات نادرة قصص نجاح عن مسلمين باعتبارهم تابعين للإسلام، كما يبطن القارئ من دون تعميم أن وسائل الإعلام تعمل في إطار خطاب سخيف وأبتر. وقد يُمسخ الاختلاف والتركيب المبتذل للدين وتابعيه إلى كيان منسجم أحياناً، ويرى ريتشاردسون أن كثيرا من هذه المعلومات لا يُدرك اختلافها وهي في واقع فعلي مختلف(3).

سنحدّد في سياق البحث اصطلاح وسائل الإعلام باعتباره مكونًا زائع الانتشار يشمل الأخبار المتلفزة والإذاعية، وكذلك الأخبار المطبوعة والإنترنت إلا إذا ورد شيء غير ذلك. كما يركز البحث على التمثلات المرتبطة بالإسلام والمسلمين في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة في المقام الأول. وسوف نشير بإيجاز إلى بلدان أخرى في الغرب، وتغطية تمثلات وسائل الإعلام  في كل بلد غربي لا يسعها منظور بحثنا هذا.

وسوف يُغطي هذا البحث المؤثرات الخارجية على وكالات الإعلام بنهج تكاملي، ويسلّط الضوء على تأثيرات القالب النمطي من الموروث التاريخي المُحرّف الذي يتكامل رباطه مع فرقعات هوليوود في أفلامها، وبالتالي سحرت صور الإعلام المؤسسات التعليمية والسياسات الحكومية، وهي أيضا عوامل تشكل روايات التغطية الإعلامية لعديد من القصص الإخبارية. وسوف نُفصّل التغطية الإعلامية بعد أحداث (11) سبتمبر في الولايات المتحدة الأميريكية والمملكة المتحدة. ونهايةً سنتطرّق إلى الإنترنت والإعلام البديل ومحاولات إزالة هذه التصورات بإيجاز، أمّا الموضوع الرئيس لهذا البحث فهو أن هناك محاولات بالإعلام والتأثيرات الخارجية التي ذكرناها آنفا للحفاظ على البناء المعياري في صياغة الأباطيل.

التاريخ والتغطية الإعلامية:

معظم قصص الأخبار عن الإسلام والمسلمين في الإعلام اليوم موروثة من التصورات التاريخية. وقد شُغل الكتاب الأوربيون بمعرفة الإسلام لأسباب عدائية في وقت مبكر من القرن الثاني عشر. ويرى كارل أرنست أن السبب الرئيس لعداء الإسلام في العصر الوسيط هو الحروب الصليبية وغزو الأراضي المقدسة التي كان يحكمها العرب والأتراك، وكان الحال كذلك بالنسبة للفتح الأسباني في 1492. وكانت الأعمال الإنجليزية في مطلع القرن السابع عشر ’تنظر إلى العثمانيين بخوف وذعر، ويرونهم قوة عظمى تهدد بسحق كل أوروبا" (3).

ودعمت الولايات المتحدة حق تقرير المصير ضد الاستعمار في الجزء الأول من القرن العشرين، ونظرت إلى الحركات الشعبية في العالم الثالث بريبة خاصة النفوذ السوفيتي في الجزء الثاني من القرن، وشكَّلت إدارات ترومان وإيزنهاور وكيندي تحالفاً لاحتواء التوسع السوفيتي (5).

وقد حددت الولايات المتحدة سياستها في العالم العربي (1955-1970) بمعارضة القومية العربية العلمانية وعلى رأسها جمال عبد الناصر. وشكلت في أواخر الخمسينيات والستينيات تحالفات مع غالبية الدول المسلمة لمواجهة اللا دينية الشيوعية (5). ولكن سياستها قد تغيرت تجاه هذه الأنظمة مع ظهور انفجارات الإسلام السياسي في السبعينيات. وتحولت كل التصورات فجأة جراء الحرب العربية الإسرائيلية، والحظر النفطي الذي رافقها والثورة الإيرانية (5) فطُبّق اصطلاح المتطرف على المسلمين بعد الثورة، وانكشفت صورة الحريم من الحظر النفطي(6)، وصورة الحريم هي الصورة المتدوالة حتى الآن.

وسوف تمتد ظهور الأباطيل عن الإسلام والمسلمين في المستقبل وستنتشر صور تاريخية لا حصر لها في صناعة السينما، التي لا يمكن الجزم بأنها الوسيلة الأعظم نفوذاً في خضم المشاعر العامة.

هوليوود وتمثلاث الإسلام والمسلمين:

لاحظ أحد المراقبين ’أن العنصرية أدت إلى اعتقال اليبانيين الأميركيين في أثناء الحرب العالمية الثانية، وقد جُعِلَ هذا جزءًا في صناعة السينما وجزءًا في الصحافة، كما صار العرب أحدث ضحية للقوالب الإعلامية النمطية (1). وأصبح تأثير أفلام هوليوود على صور وسائل الإعلام واضحة وحاضرة.

يرى جاك شاهين - في ’حقيقة العرب الرديئة - كيف تشوه هوليوود الناس‘، وأن غالبية الأفلام التي تنتجها تحتوي على شخصيات مسلمة وعربية تُصوّر على نحو غير مناسب عموماً (7). ويرى إدوارد سعيد أن الغاية من الأفلام أولًا هو شيطنة المسلمين وإهانتهم. وثانيا إظهار الإنسان الغربي على أنّه الجسور والبطل  الأمريكي  الذي يقتلهم على الغالب (8). وقد وجد شاهين بعد مراجعة تسعمئة فيلم به شخصيات إسلامية وعربية أن الصورة الدينية والثقافية مشوهة غالباً. فيها أدى المسلمون أدوارًا كاريكاتورية وعدائية منذ عام 1896، ونُظر إليهم على أنهم مصدر كل شر، واستخفاف وسخرية من قبل هوليوود هذه هي سمة هوليوود الشائعة في مخطط القتل السياسي.

مئات الأفلام حملت الأباطيل مثل المرشح منشوري، والعملاء الفيدراليين، وعالم الرذيلة، وقوة الجو الوحيدة، والأحد الأسود، وقوة دلتا، والقرار الإجرائي، وعشتار، وقتل الشوارع وأختام البحرية، والبرعم، وقواعد الاشتباك، كلها كذب بواح. (9).

       ولم يكن منذ عام 1906م إلى الآن سوى قليل من الأفلام التي تصور الإسلام والمسلمين والعرب بشكل إيجابي، بل نادراً ما يوجد بطل الرواية في السينما مسلمًا، ومن الأمثلة البارزة على ذلك ’الأمير فيصل (أليك جينيس) في لورانس العرب، وعمر المختار (أنتوني كوين) المعروف بأسد الصحراء، والمهدي (لورانس أوليفيه) في الخرطوم (لويس 1995م)، ومالكوم X (دينزل واشنطن) في مالكوم X (كارسون 1995م) والبربري النبيل عزام (موجان فريمان )، في روبن وود حيث أمير اللصوص والمحارب العربي الجسور أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد (أنطونيو بانديراس)، وفي المحارب 13........(9).

وكما لاحظ شاهين أن الحياة المتنوعة للمسلمين تتحدى هذه القوالب النمطية (9)، ومع ذلك فقد وجد في دراسته أنه منذ 1980م والتلفاز يعيد تدوير الأفلام مثل فيلم الشيخ والمومياء وقواعد الاشتباك وأفلام أخرى تصور المسلمين والإسلام والعرب بصورة غير مناسبة. وهذا لا يؤثر في التغطية الإعلامية فحسب بل في الشعور العام.

إن تصوير العرب والمسلمين على أنهم ’نمط بدائي أخر‘ يبعث القلق، يرى دايا سوسو Daya Thussu أن الشخصيات في أفلام هوليوود تتشكل بواحدة من ثلاثة إما ملياردير أو قاذف قنابل أو راقصات عاريات البطن، وهذا ما يُطلق عليه ’هلودة الإسلام Hollywoodization of Islam‘(10)، والأفلام التي أنتجت في ألمانيا النازية صورت اليهود باعتبارهم جامعي مالٍ وباحثين عن الشقراوات الآريات ومؤمنين بإله آخر (9)، والتحزبية المعادية من هذا النوع ولّدت فزع المشاعر ضد اليهود في ألمانيا. وكانت المحصلة النهائية لهذا هي الإبادة الجماعية لكثير من اليهود في أوروبا.

يلاحظ جاك شاهين للأسف» أن العرب يُصوَّرون في صور جحافل هتلر وحركة أتيلا، مستترين في ظلال قنبلة AK-47 أو بصورة خنجر في يد لص أو بصورة الاغتصاب وقتل الأبرياء» (23). وتبث هذه الصور في مؤسسات إعلامية عدة. وعلى هذا الطول الموجي ترتبط وسائل الإعلام ارتباطاً وثيقاً بمؤسسات التعليم في نقل المعلومات المضللة عن الإسلام والمسلمين.

التعليم وتمثيل الإسلام والمسلمين:   

        قد أوضحت الدراسات الحديثة أن تشكيل المعتقدات وترسيخها من قبل مقدمي المعلومات يميل إلى التلاعب بالتصورات العامة، وربما يؤدي هذا دوراً حاسماً لبروز التمثلات للجماهير. ويوجد مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية لها أثار متباينة في المعتقدات (11).

وقد يغترب الإسلام والمسلمون عن الغرب عموما. والمعلومات التعليمية التي تبث عبر وسائل الإعلام والأفلام منقوصة، وقد تتأصل القوالب النمطية في الثقافة الأميركية. وتمثّل العداوة الاستعمارية التاريخية والأحداث الجيوسياسية مثل أزمة السويس والصراع العربي الإسرائيلي والحظر النفطي الذي لحقه والثورة الإيرانية أسباب لتمثلات شائعة.

وهناك سبب رئيس آخر للأباطيل التي تحاك ضد الإسلام وهو ضعف التعليم العام كما ترى سوزان دوجلاس وروس دون اللذان  لاحظا أن الإسلام قد استبعد من المناهج التعليمية في حين أدخلت برامج تعليمية جديدة في الستينيات (12). وقُدم الإسلام إلى التعليم في وقت لاحق (عام 1988م) حين صُدِّق على ميثاق ويليامسبورج كارتر Willamsburg Charter الذي عقده الدكتور محمد W.D. Mohammad  وشهدته الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (12). لذلك دخل الإسلام النظام متأخرا للغاية، فنتج عن هذا نقص في التعليم المتاح لمعرفة الإسلام.

طوّر صامويل هنتنجتون الأستاذ في جامعة هارفارد قضية صدام الحضارات، وهو يتصور فيها صراعا بين الشرق والغرب، فيقول إرفاند إبراهيميان Ervand Abrahamian إن الإعلام يستخدم هذا النموذج على الغالب. ومن المثير للاهتمام أن الأوساط الأكاديمية قد رفضت هذه النظرية من البداية (13)، وانتقدتها مصادر الأخبار مثل الشؤون الخارجية، ولكن كرّست الوكالات مقالات تدعمه بعد ذلك وهي تعزز الحرب بين الحضارات(13).

ويقرر إبراهيميان أن صراع المصالح قد يزيد من صراع الثقافات. لذلك قال هنتنجتون لصحيفة نيويورك تايمز إن الصراع قد تسارع بأسامة بن لادن، وأظهرت وسائل إعلام الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر نجاح هنتجتون في تقديم الصراع الثقافي (3). وأشار إلى العدوانية في الشيشان وكوسوفو وكشمير والبوسنة، اتّباعاً للأباطيل السابقة كتب هنتجتون في النيوزويك مقالاً بعنوان ’عصر الحروب‘ وأن الحادي عشر من سبتمبر امتداد للحروب في أمريكا ونهوض الوعي الإسلامي (13).

وهناك أكاديمي آخر في شؤون الشرق الأوسط وهو أستاذ في جامعة بنسلفانيا وهو برنارد لويس، قد كتب ’ما حدث بعد الحادي عشر من سبتمبر خطأ‘، وهو ينظر إلى جذور الغضب الإسلامي. وقد أثر في سياسة الحكومة ومخرجات وسائل الإعلام كذلك.  ورحّب بول وولفاويتز Paul Wolfawitz وهو نائب سابق في سكرتارية بوش بأنه باحث عظيم في الدراسات الأنجلو أمريكية، وقلّد حجج أسلافه نفسها غير المتوافقة عن الإسلام والديمقراطية والفصل بين الكنيسة والسياسة، وتعزيز المغالطات التاريخية مثل الحروب الصليبية وكلمة ’سفاك‘ التي نشأت في الشرق الأوسط، وينتهي إلى أنه من الطبيعي لهم أن يكرهونا، ويرى لويس أن المسلمين مستاؤون من تدمير الخلافة.

   وهناك مجادل آخر عنيف وهو دانيال بايبس Daniel Pipes في معهد السياسة الخارجية وجامعة واتش Watch لاحظ أن القضية الرئيسة هي عما إذا كان المسلمون سوف يتحدثون.... وهم فشلوا في التحديث، وسجلهم العصي من الجهل والفقر والتعصب والاستبداد سوف يستمر أو سوف يزداد سوءًا (14)، ويتبنى بايبس وغيره آراء متشابهة لا تمثل المهمشين، وتأثر آراؤهم في وسائل الإعلام والشعور العام. وقد حاول بايبس ومناصرو هذه الآراء تهميش دعاوى الأكاديميين الذين نشروا تعليقات معادية للولايات المتحدة الأميركية في حرم جامعة واتش) Campus Watch) (13) مثل إدوارد. ويلاحظ المجادل المذكور سلفا ’ تنكر الإسلام لإرهابه واستبداده وعنفه في حين يطمئنون أنفسهم بمظاهر تليفزيونية وخطب كتب متكررة (8). وهناك دائرة من وكالات الإعلام تدعم الآراء الضارة في الأكاديمية والعكس.

وقد نشرت الكيانات اليمينيّة المتطرفة مثل مجلس الأمناء والخريجين  الأميركي  الذي يترأسه لين تشيني Lynne Cheney كتيباً بعنوان ’دفاعا عن الحضارة: كيف أسقطت جامعاتنا أمريكا‘، التي تكفلت بحذف موضوعات عن الشرق الأوسط من مناهجها الدراسية، واتهم الكتيب الأكاديميين بآراء ’مغلوطة‘، وقد أشاد وول ستريت جورنال وواشنطن تايمز بالكتيب في عرضها (8). وأظهرت عدة مؤسسات الإعلام العامة دعمها لهذا المجلس.

ونشرت دراسة مماثلة لمارتن كرامر في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى بعنوان "أبراج عاجية على الرمل: فشل دراسات الشرق الأوسط في أمريكا"، يتهم فيها إدوارد سعيد بأنه قوض دراسات الشرق الأوسط في أمريكا، وفي اعتقاده أن آراء مثل هؤلاء الباحثين لم تسمح لأميركا بمنع الكوارث مثل الحادي عشر من سبتمبر (8) ونتيجة لذلك حث الكونجرس على وقف تمويل دراسات الشرق الأوسط في الجامعات، وأثنى كرامر على الجمهورية الجديدة، واتهم MESA بدعم بن لادن (8) ومن ثم ظهرت العلاقة التضامنية بين وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية التي ترسم إشكالية التمثلات للعامة، وقد أدت التطورات التاريخية وصناعة السينما والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام دوراً كبيراً في تأجيج المؤسسات الحكومية، وقد انعكس هذا على السياسات التي صُنعت.

سياسة الحكومة والتغطية الإعلامية:

        تعد وسائل الإعلام الملكية الرابعة للحكومة بعد الأجهزة التنفيذية والتشريعية والقضائية لما لها من تأثير تحدثه في المجتمع؛ لأن المقاصد والغايات هي السيطرة على وسائل الإعلام، وربما هذه أحد الأسباب للتمثلات غير المناسبة للإسلام والمسلمين، وتؤدي ملكية المؤسسات دوراً محورياً في الرقابة، حيث تملك شركة روبرت موردوك نيوز 35% من الأخبار اليومية (6). ويثير دور وسائل الإعلام في السياسات المعاصرة تساؤلات حول السيطرة على الشعور العام وأثره في خنق الديمقراطية.

لقد انتخب وودرو ويلسون Woodrow Wilson لمنصبه في أثناء الحرب العالمية الأولى على منصة ’سلام بلا انتصار‘(5). وكان الشعب مسالماً ويشعر بأنه لا حاجة إلى الانخراط في حرب أوربية، ولم يعلموا أن إدارة ويلسون قد ارتبطت بها بالفعل، وشُكِّلت لجنة كريل في محاولة لعسكرة الشعب، ونجحت اللجنة في غضون ستة أشهر في تحويل الأمة المسالمة إلى حد كبير إلى أمة عدوانية، واقتنع الأمريكيون بضرورة الحرب التي تنقذ العالم من خصومه (15). ورأى والتر ليبمانن Walter Lippmann نقيب الصحفيين الأمريكيين وهو ضمن هذه اللجنة ’ أن الثورة في فن الديمقراطية يمكن أن تُسْتخدم لصنع القبول للوصول إلى إقناع الجمهور بأشياء لا يرغبها بتقنيات الدعاية الجديدة‘ (15). وهنا استخدمت وسائل الإعلام لتلقن الأمريكيين دعم الحرب العالمية الأولى.

وتؤدى وسائل الإعلام وصانعو السياسة دوراً نفاقياً في صيرورة الأباطيل، وحدث هذا على سبيل المثال في أثناء حكم الشاه لإيران، والتغيير المفاجئ للأنظمة بعد الثورة الإيرانية، وعندما حدثت الثورة تحولت معها السياسات الحكومية والتمثلات الإعلامية، وفي التطورات اللاحقة لم تهتم وسائل الإعلام بتغطية تقرير التنمية البشرية عام 1994م الذي وجد إيران من العشرة الأوائل في مجال التنمية البشرية، كما لم يُنظر إلى تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يفترض أن إيران تنتج الطاقة النووية لأغراض سلمية (10). وأشار مسؤول أمريكي إلى أن ’التجربة الإيرانية تتوافق تماماً مع التفكير الأمريكي عن العنف والصبغة الأميركية المضادة للإسلام الأصولي (5).  

     ويشير دايا سوسو أن التغطية الإخبارية تحاكي لغة السياسة عموما (16). وعلى سبيل المثال حضور الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم له ما يبرره وهو بحجة مناهضة الأصولية أو التهديد الإسلامي كما قال جنرال الناتو السابق. وتعزف وسائل الإعلام نغم السياسة، وتبنّى ريتشارد بوليت Richard Bulliet تأثير الأعمال الأكاديمية في سياسة الحكومة وبالتالي على التغطية الإعلامية. وبعد نشر الدكتور مغيث الدين صديقي في صحيفة نيويورك تايمز وواشنطن بوست ولوس أنجلوس تايمز تقريره الذي يرى فيه ’أن معظم وسائل الإعلام تدعم وتتبع نهج الإدارة في  قضايا السياسة الخارجية التي تتعلق بالإسلام والمسلمين‘ (14)، فهناك عجز في التحليل النقدي والمحايد من قبل وكالات الإعلام.

      وعندما أصر دنيس روس المبعوث السابق للشرق الأوسط على أن " كراهية بن لادن لا علاقة لها بفلسطين بل هي كراهة للحداثة والغرب". وفشل روس في ذكر أن تنظيم القاعدة قد أدرج في رسائله المرئية فلسطين، ولم يفرج عن النسخة الثانية لتسجيلات بن لادن بعد الحادي عشر من سبتمبر في الصحافة لأنه يتحدث عن ’الانتقام لفلسطين‘، ولم تغطِّ معظم الصحف هذه الملاحظات في وقت لاحق(14)، وغطت ما يتعلق بالقضية الفلسطينية بعلاقته بالحادي عشر من سبتمبر. ورأت كثير من وكالات الأنباء أن هذا لا يستحق النشر، وأصبح مسار الحزب الجمهوري هو القصة الرسمية للتغطية الإخبارية في كثير من وسائل الإعلام الأميركية.

     إنّ اعتماد وسائل الإعلام على الحكومة في القصص الإخبارية جليّ تماما، ولكن مسؤولي الولايات المتحدة ينكرون العلاقة بين الصحافة والسياسة الأميركية، وشجب مساعد وزير الخارجية روبرت بيلليترو مساواة وسائل الإعلام الإسلام بالأصولية، ولا يتفق على ربط الصحافة بالسياسة الأميركية بأي شكل (5). ومع ذلك اتفق صانعو سياسة الدولة على أن التغطية الصحفية تعقد عملية إرساء السياسات البنَّاءة (5). وبالتالي إن درجة النفوذ متجذرة في علاقة الإعلام السياسي.

       وقد احتلت رقابة الإعلام من قبل حكومة الولايات المتحدة مواقعها في كثير من الحالات بعد الحادي عشر من سبتمبر، وعندما أعلن بن لادن أن الهجمات كانت رداً على ثمانين عاماً من الحرب على الشرق الأوسط، طلبت إدارة بوش من وسائل الإعلام عدم نشر "الدعاوى الملتهبة" (16). وحذت الصحافة حذوه من دون الرجوع إلى الإدارة، وهذا يؤكد العلاقة الثنائية بين وسائل الإعلام والحكومة في تجانس التغطية الصحفية.

وسائل الإعلام الإذاعية والمطبوعة:  

     بالنظر إلى المدى برمته للتمثلات على الإسلام والمسلمين فإنه يخرج عن نطاق هذه الورقة، غير أن كل التغطية مع ذلك تُشجع الأباطيل، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لاحظ ناكوس وتوريس –ريانا Nacos and Torres-Reyna ’أوضاع مسلمي أميركا قبل وبعد 11 سبتمبر‘ ووجد موجة من التقارير تركِّز على وطنية المسلمين والعرب الأميركيين، وقلل من القوالب النمطية التي يدعم أفرادها الإرهاب (1). وركز التقرير على أربع صحف في نيويورك وهي نيويورك والتايمز والبوست وأميركا اليوم USA Today.

      ومنح الأميركيون المسلمين تغطية صحفية منقطعة النظير، ووفقاً لهذه الدراسة قد انخفض النشر النمطي، وتحول بدرجة كبيرة من تغطية عرضية إلى تناول موضوعي. ولاحظ أحد الخبراء في مجال التغطية العرضية أنه من الصعب تفسير ثقافة شعوب الشرق الأوسط على عجالة في دقيقتين لشبكة أخبار أو قصص إخبارية (16). ولاقت وسائل الإعلام المطبوعة بحروفها وأعمدتها التي تركِّز على المسلمين الأميركيين قبولاً، وأثار ذلك مناقشات حادة على صفحات الويب المختلفة، ولم يكن هذا التوازن في التغطية الإخبارية مؤشراً للوطنية. ونيويورك ولاية متحررة ومتنوعة نسبياً. ولا ينبغي الخلط بين المخرجات التي غطتها هذه الدراسة بالتغطية في بقية أنحاء الوطن.

         وقد غطت صحيفة نيويورك تايمز كثيراً من الأباطيل على الإسلام مثل الأمراض الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغياب الديمقراطية وأوجه القصور  التعليمي  والانفجارات السكانية والركود الاقتصادي وبطالة الشباب وفشل العلم في العصور الوسطى. وهذه هي بعض التمثلات التي يُصوَّر بها الإسلام والمسلمون(16).

     وتقدم التغطية الصحفية على الغالب تعريفات سطحية من دون محتوى لاصطلاحات مثل الأصولية والشريعة والراديكالية أو التطرف، وينبغي أن يكون هناك اتجاه للحد الأدنى من المحتوى كما يرى إدوارد سعيد. وبعيدا عن الخطابات الحادة وبالرجوع للإحصائيات كتقريب النسبة المئوية للمسلمين الأصوليين سوف يتم إعانة المشاهدين على فهم طبيعة التهديد.

      ويوظف الأكاديميون هذا النوع من السياقية الخارجة عادة مثل دانيال بايبس، حيث يجمع كل الأصوليين المسلمين في كيان واحد من دون تمييز أو يستشهد بدليل إحصائي في قضيته، وقد نشرت في 1995م عينة فكر في الاهتمام القومي تقول ’لا يوجد اعتدال: التعامل مع الإسلام الأصولي‘(16). ونفهم من قراءة العنوان الشعور بالذنب تجاه المسلمين. وبإمكان القارئ أن يتوقع ما يمكن معرفته في هذا المقال، وقد يسأل الباحثون لماذا هذا الاستقطاب على مدى العقود الماضية. وقد وجد الدكتور غريب وحداد وإدوارد سعيد وليي أن هناك تحيزًا ثقافياً وصراعاً بين العرب وإسرائيل، ونفوذاً سياسياً مؤيداً للّوبي الإسرائيلي وتأثيره في وسائل الإعلام.....(16).

    وكانت هناك تغطية إعلامية نادرة على الشرق الأوسط وعلى قضية فلسطين، حيث ناقش مقالين في جريدة التايمز العلاقة بين فلسطين والحادي عشر من سبتمبر، وقد خُنق النقاش بإدانة أي شخص يتطرق للعلاقة بين فلسطين وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكان التركيز على ربط الإسلام بنظام شمولي وتجنب ربطه بالقضية الفلسطينية. 

        وليست كل التغطية في الغرب موحدة إذ يقرُّ روبرت فيسك بأن ’النهج  الأمريكي  يختلف كثيرا عن التغطية الأوربية‘ (16). وادعى توني جود Tony Judt أنه يهودي يكره نفسه لانتقاده السياسة الخارجية الأميركية وقضية فلسطين في مقال له في لندن ريفيو London Review(16). وتماشياً مع هذه الحقيقة ذكر ديفيد هارست من صحيفة الجارديان أن فلسطين هي محور الأزمة، وكتب فريد هاليداي في الجارديان أيضا أن هذا الصراع ناشئٌ عن التوترات السياسيّة في فلسطين وليس الحديث السخيف عن صراع الحضارات. ورأى مايكل إجناتيف في الجارديان أن الطريق الوحيد لحل قضية الإرهاب هو حل القضية الفلسطينية، وقد فسرت التايمز هذا بعدم وجود علاقة بين الحادي عشر من سبتمبر وفلسطين (16)، وقد أقرَّ أحد المراقبين بأن الهجمات تنبع من "معين الغضب الذي لا ينضب" وليس من صدام الحضارات الذي وجده سخافة، ومن المثير للاهتمام في السياق  الأمريكي  أن نلاحظ أنه بعد أحداث الحادي من سبتمبر اعتقد 68% من الأميركيين أن الأحداث كانت ترتبط بالعلاقات الأميركية الإسرائيلية (16).

وقد زادت الأباطيل أيضا في المملكة المتحدة بعد الحادي عشر من سبتمبر. وشاركت بريطانيا الولايات المتحدة ودول أخرى الحرب على الإرهاب. وظهر "داخل التهديد" حكاية شعبية في الصحافة. وركزت كثير من المقالات على حركة المهاجرين إلى بريطانيا. وتصاعدت الهستيريا حيث ظهرت على السطح التغطية المشكوك فيها والمقاومة للترحيل في أكتوبر 2001(6)، والحكاية الغالبة هي ربط المسلمين بشبكات الإرهاب، واعتبرت الجارديان في 26 و28 سبتمبر أن أي شخص ينتمي إلى جماعات متطرفة إرهابي. وافترضت أن هناك خمسمئة بريطاني مسلم التحقوا بمخيمات إرهابية في أفغانستان (6)، وذكرت صحيفة التايمز أن المسلمين يبحثون عن سبل للمشاركة في العمل العسكري بالخارج، وأشارت الصحيفة إلى المجموعات الهامشية وعدد من الحروب التي شارك فيها المسلمون البريطانيون القتال. واكتشف تحقيق لمكتب التحقيقات الفيدرالي في 23 من أكتوبر 2001 أنه ليس هناك دليل على وجود خلايا للقاعدة (6)، وهذه القصص الإخبارية كانت محورًا في قضايا الأمن القومي البريطاني بل قادت الصحف الرائدة في المملكة المتحدة بما فيها التايمز، وتجنبت نشره (6)، وهي تشابه تغطية وسائل الإعلام الأميركية وأنها "ليست جديرة" في إنتاج قيمة ترفيهيّة غالبا ما تكون مشوهة.

        ووفقا للوقائع المذكورة أعلاه، صدر في 12 نوفمبر2001م مشروع قانون مكافحة الإرهاب والجريمة الذي صاغه بيل Bill، وأعيد للسطح الخطاب المشابه، وتعاظم الميل إلى تهويل الخطر، ورداً على ذلك ذكرت صحيفة التايمز أنه ينبغي أن يُراقب المسلمون الذين يحرِّضون على الكراهية بالقانون (6)، ورأت الجارديان أن الإسلاموفوبيا شكل من الرقابة، وأيَّدت تشريعات مكافحة الإرهاب أيضا، كما لاحظت أن الحريات قد تقلصت، (6)، وقد بُررت الكراهية تجاه المسلمين هنا في حين أن المسلمين الذين يكرهون الآخرين يجب أن يُدانوا صراحةً، وربما كانت الإدانة بالكراهية بشكل صريح على مستوى واحد حلاً أفضل.

وقد أُنشئ كيان مستقل منظم ذاتياً عُرف بلجنة الشكاوى الصحفية (PCC) (17).وهي تتناول الشكاوى المتعلقة بالمحتوى التحريري في الإعلام المطبوع التي تفتح بوّابات المساءلة على وكالات الإعلام والأباطيل التي تبثها، وعلى سبيل المثال تعلقت 17.9% من الشكاوى في عام 2002م بالتمييز، حيث أقيمت في العام نفسه 2630 شكوى، ووجد أن 74% من الشكاوى ليس فيها خرق للقانون، وتم الفصل في 2% منها، وأيدت 1% منها (17). و الإحصائيات نفسها كانت في 2003م، وينبني على هذا أن عدد الشكاوى المشروعة ضد الصحافة ضئيل للغاية، وأرى أن الحاجة إلى حرية الصحافة وعدم الرقابة أمران جوهريان. ومع ذلك فإن الأباطيل تجرّد الأقليات من حقوق الإنسان وتدخلهم عالم التمييز والكراهية. ولذا ينبغي أن تُأخذ هذه الشكاوى على محمل الجد ويُفصل فيها بنزاهة.

الإنترنت والإعلام البديل: 

يمكن مجابهة عدد من الأباطيل المتفشية بالإنترنت، لأنه يصل أطراف العالم الإسلامي، وهو مصدر مفتوح يتيح حرية المعلومات، ويمنح عمل محتوى إسلامي وخيارات الرد عليه، ويقدم كذلك صوتاً مضاداً للأباطيل، ويرى الدكتور جاري بونت Gary Bunt مؤلف مقال "إنترنت الإسلام iMuslim": إعادة توجيه بيت الإسلام، وأن قائمة الإيميلات والتزويد بمقتطفات الأخبار RSS feeds والنشرات الصوتية podcasts والمدونات blogs  تعني أن الإسلام في حالة تجدد وتواصل مع الحياة اليومية (18).

ويحدد بونت بعض التحديات التي تتعلق بإمكانية التواصل، ويقول « ليست كل جوانب الإسلام كائنة على الإنترنت، خاصة هناك ديموجغرافيات منخفضة أو عناصر ساكنة (18)، وقد وجد تقرير التنمية البشرية العربية أن إمكانية التواصل محدودة في بعض البلدان، ومرتفعة في بلدان أخرى كالإمارات والبحرين والكويت ولكنها منخفضة للغاية في اليمن والسودان والعراق(19).

وتتفاقم الأباطيل في حالات عدة بالعناصر المتطرفة بالاسم في المجتمع المسلم، وتستعمل القاعدة الإنترنت للتلاعب ونشر رسائلها لجمهور عريض أكثر من أي وقت مضى، وتستخدم غرف الدردشة والمدونات وهي أرضية خصبة للتربية من هذا النوع.

وتؤدي وسائل الإعلام البديلة دورًا كبيرًا في الكشف عن الأباطيل، وهي قدمت ولا تزال تقدم صوتا بديلًا للأباطيل، ومن هذه الأمثلة المتعلقة بهذا قناة الجزيرة التي توفّر صوتاً للشوارع العربية(2)، وينطوي هذا التوحيد وحراك الجماهير في العالم الإسلامي على إمكانات ديمقراطية الإعلام الذي تسيطر عليه الحكومة وضياعه. وكثير من الأباطيل ممنهجة صراحة في العملية.

النتائج: الطريق إلى الآتي:

إن ميل وسائل الإعلام لاختزال "الإسلام في حفنة قواعد وقوالب وتعميمات عن الإيمان، وتعزيز كل الحقائق السلبية المرتبطة به" خطر وله تداعيات سيئة (8). والعدوانية والاختزال الموجودان في التمثلات السينمائية يولدان ميلًا نحو إنتاج أخبار مغلوطة تتحدث عن الإسلام وتابعيه.

ويخشى ريتشارد بوليت من ظهور شكل جديد من معاداة السامية. فأي عمل إرهابي يمكن أن يلصق بالإسلام الآن، وهذا يعدّ تمييزًا دينيًا متعصبًا، وأن اصطلاح الأصولية الإسلامية قد سك بعد الثورة الإيرانية واستعمل بلا تمييز ودون سياق.

ويندر تسليط الضوء في الصحافة على نجاح قصص التمثلات الإسلامية والمسلمين سواء أكانت في الماضي أم الحاضر، ويذكر محمد علي الخالدي النقاد في مجلة الدراسات الفلسطينية (شتاء 1996م) أن "المسلمين تبنّوا الفلسفة اليونانية ليستعملها الأوربيون في وقت لاحق، وكانوا روّادًا في المنطق والفلك وأسسوا الطب بوصفه علماً واخترعوا الجبر" (8)، وهذه الحقائق لا تغطيها وسائل الإعلام الرئيسة عموماً.

ويُنظر اليوم إلى الدين وأتباعه كطاعون يصيب العالم الإسلامي برمته من المغرب إلى الهند، وصار التمثيل الحقيقي معاداة للغرب ولقوى الحداثة، ويتصدر صور الصحافة  العنف والإرهاب الذي يهدف إلى الإطاحة بالأنظمة العلمانية (14)، وينبغي أن يزيد التركيز لإبراز واقع العالم الإسلامي وتنوّعه للتغلب على القوالب النمطية وفهم الآخر بشكل أفضل دون تزايد، وينبغي أن يكون هناك إدانة مفتوحة للعرقية، وكما تقول إليزابيث بول " يصبح الحوار وصنع السياسة صعبا عندما يُنظر إلى الإسلام على أنه غير عقلاني" (6)، والعبء على المسلمين والغرب على حد سواء للاندماج والانخراط في المجتمع بشكل أفضل لفهم ما وراء القوالب النمطية، حتى تفتضح بشكل كبير التاريخية الموروثة والتمثلات المعاصرة "لقلعة أوروبا" تجاه الغزاة الأجانب.

وقد تعبّر وكالات الإعلام عن الحاجة إلى صحفيين من أقليات عرقية (2)، وقد يؤدي تنويع العاملين في الإعلام إلى حل كثير من المشكلات التي تتعلق بالأباطيل، غير أن المحاباة التحريرية ورؤوس المال ربما تظل لها السبق في التغطية الصحفية عند كثير من الوكالات. وينبغي أن يُقدم التدريب والتعليم الواعيان عن الإسلام والمسلمين للصحفيين والمحررين ووسائل الإعلام بوجه عام لتيسير التفاهم المتبادل.

وبمقدور هوليوود أن تفعل كثيراً تجاه محو الأباطيل، وإن "هلودة Hollywoodization الإسلام قد طَبعَت في الذهن الصورة النمطية عن الإسلام، وبمقدور الدبلوماسية أن تنجز شيئاً بأنسنة وعدم إضفاء الطابع الإرهابي على الشخصيات المسلمة، ومزج المصادر من النصوص الفرعية المقدسة والكتب المقدسة أمرًا مهما للغاية" (9)، وينبغي أن توجد أعمالاً علمية تبين دور الدين في السينما، ونقتصد في الأعمال العلمية التي توجه الانتباه للإرهاب التي هي جذر لعدد من الأباطيل (9)، وكذلك عمل تقييم جذري لمجال الإنتاج.

وكما يرى بوول Poole "ينبغي وضع قالب جديد للمجتمعات الإسلامية يقبلها الآخر ويستأنسها المسلم ذاته، ولا يتلاعب بها هو أو هي حين يسقط خارج إطار الإسلام الليبرالي" (6)، وبتحدّي الصياغات الجارية يمكن أن نُحسن الصراع الظاهر والأباطيل، وقد لاحظ جون سبايدي John Spayde أن الإيمان الذي يزعمه الأصوليون النسويون في إيران ومصر والنسوية في المغرب وإنجلترا وسائقو السيارات الأجرة والملوك في غانا ونيجريا وكينيا والموظفون في ماليزيا وعلماء النواة في كازخستان والشهداء في البوسنة وما يزيد على 6 ملايين أمريكي هو أبعد عن القوالب النمطية كالإنسانية ذاتها" (14).

قائمة المراجع

1- Norris, P., M. Kern and M. Just, 2003. Framing Terrorism: The News Media, the Government and the Public. Routledge, pp: 135, 145, 152.

2- Poole, E. and J.E. Richardson, 2006. Muslims and the News Media. Palgrave MacMillan, pp: 1, 4.

3- Richardson, J.E., 2004. (Mis) representing Islam: The racism and rhetoric of British Broadsheet Newspapers. John Benjamins B.V. pp. XIX, 10, 17.

4- Ernst, C., 2003. Muhammad: Rethinking Islam in the Contemporary World. The University of North Carolina Press, pp: 16.

5- Gerges, F.A., 1997. Islam and Muslims in the Mind of America: Influences on the Making of U. S. Policy. J. Palestine Studies, 26 (2): 68- 80.

6- Poole, E., 2002. Reporting Islam: Media representations of British Muslims. I.B. Taurus and Co Ltd, pp: 7, 8, 9, 11, 16, 37, 43, 56.

7- Shaheen, J.G., 2003. Reel Bad Arabs: How Hollywood Vilifies a People. Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 588, Islam: Enduring Myths and Changing Realities (July), pp: 171-193.

8- Said, E.W., 1997. Covering Islam. Vintage Books, pp: 16, 25, 27, 34, 540.

9- Kozlovic, A.K., 2007. Islam, Muslims and Arabs in the popular Hollywood cinema. Comparative Islamic Studies, pp: 173, 174, 222, 223, 233.

10- Thussu, D.K., 1997. How Media Manipulates Truth about Terrorism. Economic and Political Weekly, 32(6): 264- 267.

Gentzkow, M.A. and J.M. Shapiro, 2004. Media, Education and Anti-Americanism in the Muslim World. American Economic Association, pp: 18.

11- Douglass, S.L. and R.E. Dunn, 2003. Interpreting Islam in American Schools. Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 588, Islam: Enduring Myths and Changing Realities (July), pp: 52- 72.

12- Abrahamian, E., 2003. The US Media, Huntington and September 11. Third World Quarterly, 24(3): 529- 544.

13- Siddiqi, M.A., 1997. Islam, Muslims and Media: Myths and Realities. NAAMPS Publications, pp: 19, 25, 26, 33.

14- Chomsky, N., 2002. Media Control. Seven Storie Press, pp: 11, 12, 14.

15- Gerges, F.A., 2003. Islam and Muslims in the Mind of America. Annals of the American Academy of Political and Social Science, Vol. 588, Islam: Enduring Myths and Changing Realities (July), pp: 73- 89.

16- The official webpage for the Press Complaints Commission, www.pcc.org.uk presents numerous cases of discrimination against minority groups, including many against Muslims in years following  9/11.

17- Bunt, G.R., 2009. iMuslims: Rewiring the house of Islam. The University of North Carolina Press, pp: 1, 10.

18- Bunt, G.R., 2006. Towards an Islamic Information Revolution in Muslims and the News Media. Palgrave MacMillan, pp: 154.