البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

آثار وسائل الإعلام في المجتمع من منظور اجتماعي

الباحث :  حكيم خالد مهراج ، أختر نياز بات ، حكيم رميز مهراج
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 14 / 2018
عدد زيارات البحث :  2240
تحميل  ( 334.756 KB )

يتأسس هذا البحث على بديهية أنطولوجية مؤداها أن الإنسانَ كائنٌ اجتماعي لا يستطيع أن يعيش منعزلاً عن الآخرين. بالتالي، فإنّ أفعاله لا تؤثِّرُ فيه فقط بل في المجتمع الأعم، وبدوره يؤثِّر المجتمع في الإنسان بطرقٍ كثيرة. وانطلاقاً من ذلك سوف يُقدّم هذا البحث تعريفاً موجَزاً لماهية وسائل الإعلام ويُبيّن الأشكال المختلفة لتأثيرات الإعلام في الفرد والعائلة والمجتمع.

نشير الى أن هذا البحث هو حصيلة عمل مشترك قام به ثلاثة من الباحثين الهنود في إطار حلقات دراسية حول تطور وسائل الإعلام الحديثة جرت في الكلية الحكومية التابعة لجامعة كشمير.

الكلمات الرئيسة

المجتمع، وسائل الإعلام، آثار الوسائل الإعلامية، النظريات الإعلامية، نظريات التواصل

المحرر

-------------------------------------

لقد سعى البشر للتعبير عن طبيعتهم عبر تفعيل منظومةٍ تُوجِّه سلوكَهم وتتحكّمُ به بطرقٍ متعدّدة. تُحرّر هذه المنظومة أنشطة الإنسان-ولكنّها تَحُدُّها في الوقت نفسه ـ وتضعُ المعايير لكي يتّبعها الإنسان ويُواظب عليها. على الالرغم من النقائص وحالات الظلم التي تجلّت في هذه المنظومة عبر التاريخ، إلا أنّها شرطٌ لازمٌ لحياة كل فرد وتُسمّى بـ»المجتمع». ما فتئ الإنسان يُعاني في كلّ مجتمع نوعاً أو آخر من المشكلات، والإنسان في المجتمعات المعاصرة لم يسلم من هذه المشكلات أيضاً فهو يُواجه العديد من المعضلات ويتأثر سلوكه بالعديد من الجوانب وأحدها هو الإعلام. وسائل الإعلام هي القنوات أو الأدوات التي تُستعمل لنقل المعلومات، إيصال الأخبار، التعليم، التسلية، أو نشر الرسائل الترويجية. تضمُّ وسائل الإعلام كلَّ أداة ذات بثٍّ منتشرٍ أو محدود كالتلفاز، المذياع، الجرائد، اللوحات الإعلانية، البريد، الهاتف، الفاكس، والإنترنت (أي أهم وسائل الاتّصال الجماهيري). تحتلّ وسائل الاتّصال الجماهيري قسطاً كبيراً من وقت فراغنا حيث يقضي الناس معدّل 25 ساعة في الأسبوع على مشاهدة التلفاز ويجدون الوقت لاستماع المذياع والذهاب إلى السينما وقراءة المجلات والصحف. أمّا الأطفال، فإنّهم يقضون في مشاهدة التلفاز الوقت الذي يقضونه في المدرسة أو مع العائلة والأصدقاء. على الرغم من الإقرار بأنّ المدرسة والبيت والأصدقاء يمثّلون تأثيراتٍ اجتماعية مهمة على الأطفال، إلا أنّ الجدال الكبير ما زال قائماً حول الآثار المحتملة لوسائل الإعلام الجماهيري عليهم، ونتائج الدراسات التي تخلُصُ إلى تأييد هذه الوسائل أو معارضتها هي محلّ خلاف. على نحو الإجمال، تثار مسألة التأثيرات بضرورةٍ ملحّة في جدول الأعمال المجتمعي وليس الأكاديمي ولكن على نحوٍ مُبسَّط لا يُناسب التعقيد الكامن في الموضوع (فلا يتمّ الاستفسار مثلاً عن التأثيرات الاجتماعية الأخرى، وما آثار الأهل في الأطفال، أو هل يمتدّ تأثير المدرسة إلى المنزل، أو هل يؤثّر الأصدقاء بشكلٍ إيجابي أو سلبي).

   غالباً ما يمثل الاعتقاد بوجود احتمالٍ لتأثير الإعلام تحدياً للاحترام والاستقلال الفردي، وكأنّ النظرة المدافعة عن وجود هذه الآثار تفترضُ تشكُّلّ المجتمع من جمهورٍ ساذج أو من أغبياء على المستوى الثقافي يتعرّضون لحقنٍ أيديولوجي، أو أنّها تفترضُ أنّ التلفاز هو السبب الوحيد لسلسلةٍ من السلوكيات الاجتماعية. تميلُ هذه النظرة البحثية النمطية إلى إثارة نظرةٍ نمطيةٍ بديلة أخرى تعتبرُ أنّ المشاهدين المبدعين والمطّلعين  يُصدرون قراراتٍ عقلائية حول ما ينبغي أن يُشاهدوه. إنّ المقالات التي تُقدّم عرضاً عاماً كثيراً ما تقومُ بوصْف تاريخ التقدُّم خلال السنوات السبعين الماضية في مجال البحث الذي يتقلّب بين هذين الطرفين، فقد اعتقدنا أولاً بوجود تأثيراتٍ قوية ومن ثم برز الجدال لصالح عدم وجود الآثار على الإطلاق وعُدنا بعدها إلى الاعتقاد بوجود تأثيراتٍ شديدة، وهكذا تظهر التناقضات في هذا التاريخ حينما نُعيد قراءة الأبحاث القديمة بنظرةٍ جديدة. أحياناً تُعرِّف دراسات الإعلام المعاصِر نفسها من خلال رفضها لغةَ البحوث التي تتناول التأثيرات-أي إنّها تنتقد التجارب المختبرية ومنطق الاستنتاج السببي والاختزال النفسي- ولكنّنا نعتبر أنّ هذا الرفض مُبرَّرٌ من جهة ولكنّه مُبالغٌ فيه من جهةٍ أخرى.

وظائف الإعلام

   وسائل الإعلام الجماهيري هي مصدرٌ هائلٌ للمعلومات بالنسبة للفرد والمجتمع. لدينا معرفةٌ بدور هذه الوسائل في النظام الديمقراطي، ولكنّنا سوف نتناول الآن الكيفية التي يؤدّي فيها الإعلام وظائفه بُغية تحقيق التغيير.

مساعدة وسائل الإعلام الجماهيري في تحقيق التغيير

   من خلال الاستفادة من وسائل الإعلام الجماهيري، يُمكن تغيير مواقف البشر وعاداتهم. على سبيل المثال، فلنفترض أنّ إحدى الفئات المجتمعية لديها أفكارٌ خاطئة حول أمراض الجذام أو الإيدز ويظنُّ العديد من أفرادها أنّ لمس الأشخاص المصابين بهذه الأمراض يؤدّي إلى الإصابة بها. ولكن قد يشاهد هؤلاء الأفراد برامج على التلفاز أو المذياع ويقرؤون بياناتٍ توضّح لهم أنّ لمس هؤلاء المرضى لن يؤدي إلى الإصابة بالعدوى. ومن ناحيةٍ أخرى كذلك، قد يطّلعون على البرامج والرسائل الخاصة التي تُبَثّ عبر الإعلام والتي تُبيِّن كيفية القضاء على شلل الأطفال حيث تُخبرهم هذه البرامج بضرورة تطعيم الأطفال ضدّ هذا المرض وتُبلغهم عن موعد التطعيم، وبالتالي تُتّخَذ الترتيبات الخاصة لتطعيم أكبر عددٍ ممكن من الأطفال في اليوم المحدّد. التغيير يعني تحويل الأمور إلى الأفضل. من الأمثلة الأخرى على التغيير مسألةُ تنمية البلدان حيث تُستَبدل التطبيقات والتجهيزات القديمة وتُستعمل وسائل جديدة وأكثر فاعلية. تلعبُ وسائل الاتّصال الجماهيري دوراً مهماً في إحداث هذا التغيير لأنّها تُوفّر المعلومات الضرورية وأحياناً تُعلّم المهارات للجمهور حيث نلاحظ مثلاً وجودَ برامج على التلفاز تُظهر كيفية استخدام الأدوات المختلفة.

حوّلت وسائل الاتّصال الجماهيري العالمَ إلى دائرةٍ صغيرة ومتقاربة

تسبّبتْ سرعة الإعلام بتقريب الأشخاص في أنحاء العالم بعضهم إلى بعض. على سبيل المثال، حينما تُشاهد مباراة كريكيت بين الهند أو دولةٍ أخرى بشكلٍ مباشر على التلفاز فإنّك تشعرُ بأنّك جزءٌ من الجمهور على المدرّجات. من جهةٍ أخرى، بإمكانك مشاهدة الأحداث السعيدة أو الحزينة التي تجري في أماكن أخرى مباشرة على الهواء. نشعرُ أحياناً أنّ العالم بأجمعه قد أضحى عائلةً كبيرة، ولعلّك قد سمعت بمصطلح «القرية العالمية» الذي يعني أنّ الكرة الأرضية تمرُّ في حالة تصغيرٍ لتصبح قرية. إذا ذهبنا إلى أيّ مكانٍ في العالَم، نرى المنتوجات نفسها كالمشروبات الغازية وأجهزة التلفاز والثلاجات وغيرها بالإضافة إلى الإعلانات نفسها. كذلك، فإنّ الشبكة العنكبوتية العالمية قد قرّبت الأشخاص والدول بعضهم إلى بعض بشكلٍ أكبر.

ترويج وسائل الاتّصال العالمي لعملية توزيع السلع: يستفيدُ قطاع صناعة المواد الاستهلاكية من وسائل الاتّصال العالمي لإعلام الناس بالمنتوجات والخدمات من خلال العملية الدعائية. من دون الإعلانات، لن يعلم الجمهور بوجود المنتوجات المختلفة (التي تتراوحُ من الحساء إلى الزيت، ومن أجهزة التلفاز إلى السيارات) والخدمات المتوافرة المتعدِّدة (العمليات المصرفية، التأمين، الاستشفاء) بالإضافة إلى تكاليفها. بهذه الطريقة، تُقدّم وسائل الاتّصال الجماهيري العون لكلٍّ من الصناعات والمستهلكين.

الترفيه وتقديم المعلومات: تُمثِّلُ وسائل الاتّصال الجماهيري إحدى أفضل طرق الترويح عن النفس إذ يُشكِّل التلفاز والمذياع والإنترنت أهم قنوات التسلية بالإضافة إلى تقديم هذه الوسائل لمعلوماتٍ وافرة، وتُبقينا وسائل التواصل الاجتماعي على تماس مع الأحداث المستجدّة حول العالَم.

يُمكننا تلخيص وظائف الإعلام كما يلي:

تقديم الأخبار والمعلومات التي يحتاج إليها الناس

توعية الجمهور

مساعدة الأنظمة الديقراطية في العمل بفاعلية حيث تقوم وسائل الإعلام بإخبار الناس عن السياسات والبرامج الحكومية وكيف أنّ هذه البرامج موضعُ فائدة بالنسبة للشعب. هذا الأمر يُساعدُ الناس في التعبير عن مشاعرهم ويُعين الحكومات على إجراء التغييرات اللازمة في سياساتها أو برامجها.

التسلية

إحداث التغيير في عمليات التنمية

تقريب الناس في أنحاء العالم

تعزيز التجارة والصناعة عبر الإعلانات

دعم العمليات السياسية والديمقراطية في البلدان

إحداث التغييرات الاجتماعية الإيجابية

التأثيرات الاجتماعية للإعلام

آثار الإعلام: مسألة تغيير أو تعزيز؟

   إذا كانت تعني آثار الإعلام أنّ التعرُّض إليه يُغيِّر اعتقادات الناس وسلوكياتهم، فإنّ الوظيفة الأولى تتمثّل بالنظر إلى وجود الارتباط الأساسي بين مستويات التعرُّض وتبديل الاعتقادات أو السلوك. تفترضُ نظريات «التغيير» بشكلٍ عام أنّه كلما شاهدنا وسائل الإعلام لوقتٍ أكثر زاد التأثير. تُظهرُ معظم الأبحاث وجودَ هذا الارتباط ولكنّه ارتباطٌ ضئيلٌ وليس ثابتاً على الدوام. يتناولُ السؤال الثاني اتجاه السببية؛ على سبيل المثال، بعد إظهار كوْن الأشخاص الذين يُشاهدون العنف على التلفاز أكثر ميلاً إلى السلوك العدواني، ينبغي أن يستفسر الباحثون عمّا إذا كان الأشخاص الأكثر عدوانية يختارون مشاهدة برامج العنف (التعرُّض الاختياري)، أو إذا كانت برامج العنف تجعل المشاهدين عدوانيّين (التأثيرات الإعلامية)، أو إذا كانت الظروف الاجتماعية المحدَّدة تُسهم في جعل الناس أكثر عدوانية وتقودهم في الوقت نفسه إلى مشاهدة المزيد من العنف على التلفاز (الاشتراك بين السببين الأوليَّيْن). لحلّ هذه المسألة، تبنّى مذهب التغيير بشكلٍ عام مقاربةً تجريبية حيث يتمّ تعيين الناس بشكلٍ عشوائي في التجربة المقارنة فقط، وبالتالي يتمّ ضبط أيّ متغيراتٍ أخرى في الوضع العام. من خلال هذا الأسلوب وحده يمكن الوصول إلى الاستنتاجات السببية التي تتّصل بأيّ ارتباطٍ يُمكن ملاحظته بين التحكُّم التجريبي (أي التعرُّض إلى الإعلام بشكلٍ عام) والسلوك الناتج من ذلك. في بحثٍ حول العنف على الإعلام، قام بعضُ الباحثين بتقديم حجةٍ ثنائية الاتّجاه وخلصوا إلى وجود الدليل على كلٍّ من المشاهدة الاختيارية وآثار الإعلام. ممّا لا ريب فيه أنّ العديد من المشاهدين قد اختاروا مشاهدةَ البرامج العنيفة أو النمطية (لطالما ازدهر سوق المشاهد العنيفة)، ولكنّ هذا لا يعني عدم وجود الآثار المترتِّبة على مشاهدة هذه البرامج أو أنّه بإمكان المشاهدِين المحفَّزين النجاحَ في تقويض أيّ آثارٍ محتملة. ما زال العديدُ من الناس قلقين خصوصاً تجاه تأثيرات برامج العنف على الأطفال والأفراد سريعي التأثُّر بغضّ النظر عمّا إذا كانوا هم الذين اختاروا مشاهدة هذه البرامج أم لا.

ولكن إذا كانت تعني آثار الإعلام أنّ الإعلام لا يُحدِثُ تغييراتٍ محدَّدة بل يُعزّز الحالة الراهنة فإنّ البيان التجريبي لآثاره سوف يكون شبه مستحيل. تصعبُ معرفة المعتقدات التي كان الناس ليتبنّوها لولا بناء الإعلام لواقعٍ معياري، ويصعبُ كذلك معرفة أيّ الأدوار التي يلعبها الإعلام في بناء تلك الحاجات والرغبات التي تقومُ بدورها بتحفيز المشاهدين على التعامل مع الإعلام وفق ما هم عليه وليس ما يُمكن أن يصبحوه. على الرغم من ذلك، فإنّ الاحتجاجات على أنّ الإعلام يدعمُ المعيارية ويقمع المعارضة ويقوِّض المقاومة ويُزيل بعض القضايا من جدول الأعمال العام- كلّها تحتلُّ موضعاً رئيساً في نظريات الأيديولوجيا والدعاية والإنماء. كذلك، يصعبُ للغاية اختبار الدعوى التي تُفيدُ أنّ الإعلام ـ بمعيّة القوى الاجتماعية الأخرى ـ يتسبّب بتغيراتٍ اجتماعيةٍ تدريجية على المدى الطويل كجزءٍ من التنشئة الاجتماعية للواقع. ولكن بالنسبة للكثيرين، يُحتمل وجود هذه الآثار التجريبية للإعلام لأنّ التلفاز «يُخبر معظم الأخبار لأكثرية الناس في أغلب الأوقات». بالتالي، توجد صعوباتٌ في إجراء البحث التجريبي حول كلٍّ من مفهوميّ التغيير والتعزيز فيما يتعلّق بالآثار الإعلامية. كما سوف نرى، فإنّ النتائج الميدانية التي تمّ التوصُّل إليها ليست حاسمة في العديد من الجوانب. وعليه، تمّ الاحتجاج على أنّه لا يمكن قط حلّ الجدال الدائر حول الآثار الإعلامية وبالتالي ينبغي للبحث أن يتوقّف. يُثيرُ هذا الأمر سؤالَين مرتبطين: أولا،ً هل يمكنُ استخراج أيِّ استنتاجاتٍ عامة من أبحاث آثار الإعلام التي تمّ إجراؤها لحدّ الآن والتي تتعلّق بكلٍّ من الرصيد الإجمالي للنتائج والاتّجاهات المستقبلية الواعدة؟ ثانياً، إذا لم يكن بالإمكان التخلُّص من هذه القضية ـ كما يشهد تاريخ أبحاث آثار الإعلام والاهتمام الشعبي بها خلال هذا القرن- كيف ينبغي إذاً إعادة صياغة مسألة التأثيرات؟

النظريات الإجتماعية حول التواصل

تعتمدُ المقاربة الاجتماعية لنظرية التواصل على افتراض وجود علاقةٍ مؤكَّدة بين وسائل الاتّصال الجماهيري والتغيير الاجتماعي، وفيما يلي سوف نورد بعض النظريات المهمّة:

أ) نظرية التنمية: قام جورج غيربنر (George Gerbner) بتطوير هذه النظرية في العام 1967، وقد أسندها إلى فرضية وجود آثارٍ خفيّة لوسائل الاتّصال الجماهيري في الجماهير الذين يتشرّبون من دون قصد الرموز والصور والرسائل السائدة في الإعلام. أسمى غيربنر هذه النظرية «تنمية النمط الصوري السائد»، وتُفيدُ أنّ التعرّض المتواصل والطويل الأمد لمشاهدة التلفاز يُسهم في تنمية الاعتقادات المشتركة بين الناس حول العالم.

ب) نظرية التعلُّم الاجتماعي: هذه إحدى أكثر النظريات المتّبعة في وسائل الاتّصال الجماهيري، وتُفيدُ أنّ الوسائل الإعلامية تلعب دور المدرِّس الناشط والخفيّ الذي يُعلِّم القرّاء والمشاهدين والمستمعين حول العالم. إحدى المكوّنات الرئيسة في هذه النظرية هو شرحها للكيفية التي يستطيعُ من خلالها البشر التعلُّم من الملاحظة وحدها.

ج) نظرية ترتيب الأولويات: ابتكر ماكسويل ماكومز (Maxwell McCombs)
 ودونالد ل.شاو (Donald L.Shaw) هذا المصطلح في العام 1972 في إطار حملةٍ انتخابيةٍ حاول السياسيون من خلالها إقناعَ الناخبين بأهم القضايا التي تبنّاها حزبهم. تسعى هذه النظرية لوصف الكيفية التي يتمّ من خلالها انتقاء الأخبار وهي كالآتي: أ" التعبئة والعرض" (عمليةٌ تُعرف باسم الحراسة)؛ ب" الأجندة الناتجة"؛ وج" الكيفية التي تؤثِّر فيها هذه الأجندة في آراء الناس حول الأهمية النسبية للقضايا المعروضة". «تتوقّع» هذه النظرية أيضاً أنّ الإعلام إذا عرض خبراً ما بشكلٍ بارزٍ ومتكرّر، فإنّ الجمهور سوف يعتقد بأنّه مهم.

د) نظرية التسلية: في هذه النظرية المتعلّقة بمسألة الاتّصال الجماهيري، اعترض ويليام ستيفنسن (William Stephenson) على المتحدّثين عن الآثار المضرّة للإعلام الجماهيري مُحتجاً بأنّ الإعلام يُقدِّم المتعة إلى الجمهور أولاً وقبل كلّ شيء. يرى ستيفنسن أنّ الجرائد أيضاً تُقرأ للمتعة وليس لاكتساب المعلومات، ويَعتبرُ أنّ الإعلام يقفُ حاجزاً ضدّ الأجواء التي تُثير القلق فهو يُقدِّم «متعة التواصل».

ه) نظرية الاستخدام والإشباع: انبثقت هذه النظرية من الدراسات التي حوّلت تركيزها عمّا يفعله الإعلام بالناس إلى ما يفعله الناس بالإعلام. تفترضُ هذه المقاربة أنّ الجماهير ناشطة وتُعرِّضُ نفسها بشكلٍ اختياريٍ للإعلام وأنّ أخطر وسائل الاتّصال الجماهيري لا يُمكنها أن تؤثِّر في الفرد الذي «لا يجد لها فائدة» في البيئة التي يعيشُ فيها. تعتمدُ أساليب استخدام وسائل الاتّصال الجماهيري على التصوّر والانتقاء والقيم والمعتقدات والاهتمامات التي يحملها الناس.

تأثيرات الإعلام

   تندرجُ ضمن الدراسات المثيرة للجدل مسألةُ أثر الإعلام على البشر، وقد جاءت هذه الدراسة في وقتها المناسب نظراً إلى الأفلام التي تُصدرها هوليوود والتي تحتوي على العنف والجنس. تمّ إجراء العديد من الدراسات لمعرفة أثر العنف والجنس في الإعلام على المجتمع، ومن أشهرها دراسات باين (Payne Studies) التي أُجريت في العشرينيات من القرن العشرين وتمحورت حول أثر العنف في الأفلام في الأطفال. بدءاً بأعوام الستينيات، أصبح الناس يبحثون عن السبب وراء الزيادة المشهودة للعنف في المجتمع، وقد اعتبر البعض أنّ التلفاز مرشحٌ جيدٌ للوقوف وراء العنف. في ذلك العقد، برز أول جيلٍ أمريكي تربّى على مشاهدة التلفاز، وإذا ألقينا نظرةً إلى المحتوى التلفزيوني في ذلك الحين فسوف نلاحظ وجودَ جميع أنواع البرامج البوليسية التي تحتوي على إطلاق النار. من ناحيةٍ أخرى، وفي مواجهةٍ منها لرواج التلفاز وخطر الاندثار بسببه، أصبحت الأفلام تتضمّن المزيد من العنف والجنس.

   تمّ تخصيص عددٍ من الدراسات الطويلة الأمد لتحديد الأثر الذي تُمارسه المضامين الإعلامية العنيفة على البشر، وتمّ التوصُّل إلى أربع نتائج أساسية بينما تطوّرت النتيجة الخامسة مع مرور الوقت.

1) نظرية التنفيس: تُشير الفرضية الأولى إلى أنّ العنف الوارد في الإعلام ليس مضرّاً بل له أثرٌ إيجابيٌ في المجتمع. تُفيدُ الفكرة الرئيسة في فرضية التنفيس أنّ حالات الإحباط تتفاقم على الناس في مسار الحياة اليومية، وأنّ المشاركة غير المباشرة في العنف تُساعد في إزالة التوتُّر. بتعبيرٍ آخر، نحن نعاني كلَّ يومٍ تراكم الخيبات ومن دون مَنفذٍ لها نقعُ في خطر اللجوء إلى العنف أو العدوانية على الأقل. على سبيل المثال، تخيّل السيناريو التالي: تذهب إلى قاعة الامتحان ويكون أداؤك سيئاً في الاختبار، وبعدها تضطر للمشي مسافةً طويلة إلى المكان الذي ركنتَ فيه سيارتك، وفي طريقك إلى المنزل يقومُ أحدهم بتجاوز سيارتك بنحوٍ خطير على الطريق السريع، وحينما تصل إلى المنزل تلحّ عليك زوجتك أو طفلك بتوجيه الاهتمام إليهما فتردّ على ذلك بالصراخ أو حتّى بالضرب. هذا الأمر يندرجُ تحت خانة العنف كما إطلاق النار، ولكن الدرجة تختلف. يُصرِّح مناصرو نظرية التنفيس أنّه من خلال مشاهدة المضامين الإعلامية العنيفة، يقومُ الفرد بتنفيس بعض التوتُّر ويكون أقلّ عرضةً لأن يصبح عدوانياً أو عنيفاً. ولكنّ السؤال هو: هل ينطبق هذا الأمر على الجنس في الإعلام؟

2) نظرية إثارة الحوافز العدوانية: يوجد اتّجاهٌ معاكسٌ للفرضية الأولى يُفيدُ أنّ المضامين الإعلامية العنيفة لديها تأثيرٌ في الإنسان، ولعلّ أكثر النظريات شيوعاً في هذا الاتّجاه هو نظرية إثارة الحوافز العدوانية. تُفيد الفكرة الرئيسة في هذه النظرية أنّ مشاهدة الحوافز العدوانية ترفعُ نسبة الإثارة الفيزيائية والشعورية بما يزيد من احتمال ارتكاب العنف. بتعبيرٍ آخر، فإنّ المضامين الإعلامية العنيفة تزيدُ من تدفُّق الأدرينالين في الجسد وتجعل الفرد أكثر انفعالاً، وهذا بدوره يجعله أكثر عدوانيةً أو عنفاً. على الرغم من ذلك، يُسرع مناصرو هذه النظرية للتصريح بأنّ مشاهدة العنف لا تؤدّي على الدوام إلى العدوانية أو ارتكاب العنف ولكنّها تزيدُ من احتمالات حدوث ذلك. تؤثِّرُ الطريقة التي يتمُّ من خلالها عرض العنف علينا أيضاً. على سبيل المثال، قد ننجرفُ وراء السلوك العدواني إذا شعرنا بصلةٍ مع البطل الذي يرتكب العنف أو إذا عُرض العنف بطريقةٍ مسوّغة. من الأمثلة الأخرى أنّه إذا ضُرب طفلٌ مزعجٌ على الإعلام –ومن الواضح أنّ هذا عملٌ عنيف- فإنّ ذلك يبعثُ برسالةٍ إلى الجمهور بأنّ العقاب الجسدي مسموحٌ في الظروف المناسبة. من الأمثلة الأخرى أنّه إذا شاهد عمّالُ مصانع الحديد برنامجاً يُظهر هؤلاء الصنّاع على أنّهم يشربون الكحول ويتشاجرون يومياً، فمن الأرجح أن يعتبروا هذه الأفعال سلوكاً عادياً.

3) نظرية التعلُّم بالمشاهدة: قام مناصرو هذه النظرية بأخذ نظرية إثارة الحوافز العدوانية خطوةً إلى الأمام. تُفيدُ هذه النظرية بأنّ الناس يُشاهدون المضامين الإعلامية العنيفة ويقومون في بعض الأحيان بتقليدها. إذا وُجدت 50 طريقة لكي تترك حبيبك، فإنّ هناك 49 طريقة على الأقل لكي تكون عنيفاً وعدوانياً، ويعلّمك الإعلام الذي يبثُّ مشاهد عنيفة أساليب جديدة لتصبح عنيفاً أو عدوانياً. هل شاهدْتَ يوماً ما فيلماً إجرامياً على التلفاز ووجدتَ نفسك تقول بعد مشاهدتك الخطأ الذي ارتكبه القاتل: «إذا ارتكبتُ جريمةَ قتلٍ في أحد الأيام فلن أرتكب ذلك الخطأ»؟ إن كان الجواب نعم، فإنك قد أشرت إلى إمكانية أن تقوم بقتل أحدهم في ظرفٍ ما.

   تخيّل أنّك تمشي في زقاقٍ مظلم واعترض أحدُهم طريقك فجأة وقام بحركةٍ تهديدية. ماذا كنت لتفعل؟ إذا خطر في ذهنك تطبيقُ بعض حركات الكونغ فو أو الكاراتيه فإنّ تلك فكرةٌ عدوانيةٌ قد تعلّمتَها من الإعلام. وعليه، يُصرِّح مناصرو نظرية التعلُّم بالمشاهدة أنّ العنف على الإعلام لا يزيدُ فقط من احتمال قيام المشاهِد بارتكاب فعلٍ عدواني، بل يعلّمه فعلاً كيف يؤدّي ذلك العمل.

هل يعكسُ الإعلامُ الوضعَ في المجتمع أو هل يؤثِّر فيه؟ الجواب هو الاثنان معاً. يحتاطُ أصحاب نظرية التعلُّم بالمشاهدة في خياراتهم فيشيرون إلى أنّ الفرد لا يقوم فوراً بتقليد الأفعال العنيفة ولكنّه يُخزّن تلك المشاهد في ذهنه. كمثالٍ آخر، تفكّر بالتالي: هل النظر إلى المشاهد الجنسية يُثير خيالاتٍ جنسية جديدة في فكرك؟ أو هل يعلّمك أساليب جديدة لممارسة الجنس؟ إذا أظهر الإعلام أنّ ممارسة الجنس بعد الموعد الغرامي الأول هو شيءٌ طبيعي، فإنّك بعد مدة سوف تظن أنّ الجميع في المجتمع يفعل ذلك وأنّ عليك القيام به أيضاً.

4) نظرية الترسيخ: تُفيدُ النظرية الأولى أنّ مشاهدة العنف على وسائل الإعلام تُقلِّل من احتمال قيام المشاهِد بالأفعال العدوانية، بينما تُفيد النظريتان الثانية والثالثة أنّ مُشاهدة العنف تزيدُ من احتمال القيام بهذه الأفعال. أمّا هذه النظرية فإنّها تُنكر الاتّجاهين معاً وتعتبر أنّ المشاهد الإعلامية تُرسّخ السلوكيات التي سبق وأن طبّقها المشاهِد قبل رؤيته المحتوى الإعلامي. تزيدُ مَشاهد العنف من احتمال قيام الأشخاص الذين ينظرون إلى العنف كشيءٍ طبيعي بارتكاب الأفعال العدوانية، ولكنّ هذه المشاهد تُقلّل من احتمال قيام الأشخاص الذين تربّوا على أنّ العنف شيءٌ سيء من ارتكاب هذه أفعال. استناداً إلى هذه النظرية، فإنّ العنف على وسائل الإعلام يُرسّخ الاعتقادات السابقة. بدلاً من إلقاء اللوم على الإعلام، يقول مناصرو هذه النظرية بأنّك إذا أردتَ توقُّع نتيجة معيّنة فعليك النظر إلى خلفية الشخص وعاداته الثقافية ونظرته إلى الأدوار الاجتماعية. إذا تربّى الفرد في حيٍّ تكثرُ فيه الجريمة، من الأرجح أن يزيد العنفُ على الإعلام من قيامه بأفعالٍ عدوانية. من الواضح أنّ مسألة المشاهدة الاختيارية تنطبقُ هنا أيضاً، ولكنّ مناصرو نظرية الترسيخ يُشيرون إلى وجود استثناءاتٍ لهذه القاعدة. قد تجد بأنّ الرجل الكبير اللطيف الذي كان يعتبر الجميع أنّه لا يؤذي ذبابة قد قتل عائلته في يومٍ من الأيام، أو قد تجد أنّ أحد أفراد العصابات قد أدرك عبثية العنف وأصبح قسّيساً.

5) نظرية الغرس الثقافي: تطوّرت النظرية الأخيرة المتعلّقة بالمضامين الإعلامية العنيفة من دراساتٍ حديثة. لا تتناول هذه النظرية توجّه البشر إلى العنف أو إعراضهم عنه إثر مشاهدة المضامين الإعلامية العنيفة، ولكنّها تتناول ردّ فعلنا تجاه العنف. تُفيد الفكرة الرئيسة في هذه النظرية أنّ العالم الرمزي للإعلام –وخاصة التلفاز- يُسهم في صياغة مفهوم الجمهور حول العالم الواقعي والمحافظة عليه. بتعبيرٍ آخر، فإنّ الإعلام-وعلى رأسه التلفاز- يصنع عالماً خيالياً شريراً وخطيراً، ويضع قوالب نمطية للناس في المجتمع. على سبيل المثال، تخيّل شكل أحد سارقي المصارف. هل خطر في ذهنك رجلٌ من عِرقٍ محدّد؟ وهل جميع الناس الذين يُشبهون هذا اللص بهيئتهم الخارجية سارقو بنوك كذلك؟ تخيّل الىتي أيضاً: إذا بدأت علامات التقدُّم في العمر تظهر على الرجل من خلال الشيب وتجاعيد العيون، فهذا يُعدُّ شيئاً جيداً في الإعلام لأنّه دليلٌ على النضج ولكنّه ليس جيداً بالنسبة للنساء لأنّه يعني أنّهن يتقدّمن في العمر ويصبحن أقلّ حيوية. يُقدّم الإعلام قوالب نمطية ويُخبرنا أنّ العالم مكانٌ يزخر فيه الشر، فمن الخطر قيادة السيارة على الطريق السريع بسبب عمليات إطلاق النار والمطاردات البوليسية، وحينما تُشاهد نشرة الأخبار المسائية تسمع عن انتشار الجريمة في الأحياء. بعض الأشخاص الذين يعيشون على نحوٍ يختصرون تجاربهم الحياتية عبر مشاهدة التلفاز يشعرون بأنّه من غير الآمن الخروج من منازلهم ويُصبحون انطوائيين.

الأدوات الإعلامية التي يستخدمها الشباب: الحاسوب، التلفاز، الهواتف الذكية التي تحتوي على التطبيقات، الآيباد.

وسائل الإعلام التي يستخدمها الشباب: الرسائل النصية، الفيسبوك، اليوتيوب، التويتر، موقع MySpace، تطبيق Pinterest، الأفلام، ألعاب الفيديو.

نسبة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي:

93 % من المراهقين هم مستخدمون فعّالون للإنترنت (60-70 % منهم يستخدمون الشبكة العنكبوتية يومياً).

75 % من المراهقين يمتلكون هواتف محمولة.

معدّل إرسال المراهقين للرسائل النصية شهرياً هو 3000 رسالة (100 رسالة يومياً).

ازدادت معدّلات المراسلة النصية بشكلٍ هائل بالإضافة إلى تعدُّد المهام الإعلامية.

ماذا يفعل المراهقون على الشبكة العنكبوتية؟

في أوساط مُستخدمي الشبكة العنكبوتية الذين تتراوح أعمارهم بين 12-17:

-89% يُرسلون أو يتصفّحون البريد الإلكتروني (الدردشة).

-84% يرتادون المواقع التي تُتيح مشاهدة الأفلام، برامج التلفاز، الفرق الموسيقية، أو الرياضة.

-81% يستخدمون الإنترنت للانخراط في الألعاب الإلكترونية.

-76% يرتادون الشبكة العنكبوتية لمعرفة الأخبار أو اكتساب المعلومات حول الأحداث الراهنة.

-75% يُرسلون الرسائل الفوريّة ويتلقّونها.

-57% يرتادون الشبكة العنكبوتية لاكتساب المعلومات المتعلّقة بالجامعة.

-43% يشترون السلع على الإنترنت.

-22% يبحثون عن المعلومات حول موضوعٍ صحي يتعسّر الحديث عنه.

أرقام حول التواصل الاجتماعي الإلكتروني لدى المراهقين:

-51% يتفقّدون صفحاتهم أكثر من مرة خلال النهار.

-22% يتفقّدون صفحاتهم أكثر من 10 مرات خلال النهار.

-39% قد أضافوا على صفحاتهم محتوىً ندموا عليه لاحقاً.

-37% قد استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للسخرية من تلاميذ آخرين.

-25% قد أنشؤوا صفحاتٍ شخصية تحت هويةٍ زائفة.

-24% قد اخترقوا حسابات أشخاص آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي.

-13% قد أضافوا على وسائل التواصل صوراً أو مقاطع فيديو تحتوي على صورهم الشخصية في حالة عريّ أو شبه عريّ.

تأثيرات أنواع الإعلام

حصول الخوف والرهاب، تأثُّر التركيز سلباً بسبب تعدُّد المهام الإعلامية، التضاد بين الواقع والخيال، تقديم القدوات غير المناسبة، تضييع الوقت.

تأثير التعرُّض الكثيف للإعلام في السلوك والسلامة الذهنية

-انخفاض التحصيل الأكاديمي، تدنّي العلامات، عدم التعلُّق بالمدرسة، وتقلُّص مدّة التركيز الذهني.

يفوقُ الوقت الذي يقضيه تلامذةُ المرحلة المتوسّطة على وسائل الإعلام ذاك الذي تقضيه أيّة فئة عمرية (وهو 8 ساعات و40 دقيقة يومياً). في أوساط الشباب الذين أبلغوا عن تعرّضهم للتحرُّش على الإنترنت والرسائل الجنسية، أعلن 25% منهم عن استيائهم الشديد.

التعرُّض للإعلام والعنف

يتّصلُ تصفّح المواقع التي تُثير الحقد تجاه الآخرين أو التي تحتوي على مضامين شيطانية بزيادة احتمالات السلوك العنيف بشكلٍ عال. تجدر الإشارة إلى أنّ التعرُّض إلى العنف الذي يتضمّنه الإعلام لا يؤثِّر في الأولاد بالطريقة نفسها.

الدراسات التي تمّ إجراؤها على الدماغ

-تُظهر دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أنّ مشاهدة العنف على التلفاز تُنشّط المناطق الدماغية المسؤولة عن تنظيم المشاعر، والإثارة، والتركيز، والذاكرة العرضية.

-قد تقودُ المشاهدة المستفيضة إلى تخزين عددٍ كبيرٍ من الصور الذهنية العنيفة في الذاكرة الطويلة الأمد ممّا يؤثّر على السلوك فيما بعد.

-تقودُ مشاعدة العنف على الإعلام إلى إضعاف التفاعل العاطفي، وتؤدّي المشاهدة المتكرّرة إلى تركيزٍ أقل.

-في أوساط الشباب العنيفين، قد تؤدِّي مشاهدةُ المضامين الإعلامية العنيفة إلى تعويد ردود اللوزة الدماغية (amygdala) على الحوافز العنيفة (تدنّي التأثُّر العاطفيّ).

أنواع التنمُّر

-التنمُّر المباشر (من عادة الذكور): يتمثّل بهجماتٍ جسدية علنية والتهديدات اللفظية والأذيّة العاطفية.

- التنمُّر غير المباشر (من عادة الإناث): يتمثّل بالعزلة الاجتماعية والرفض من قبل الزملاء.

- التنمُّر الإلكتروني: يظهر عبر شبكات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك، التويتر، الايميل، والمواقع الزائفة التي تهدفُ إلى بثّ الإشاعات.

الختام

تناولنا في هذا البحث الآثار الإيجابية والسلبية للإعلام في المجتمع ووجدنا أنّ أغلبية الشباب يقضون أكثر من خمس ساعات على وسائل التواصل الاجتماعي يومياً ممّا يؤدِّي إلى تدنّي صحتهم البدنية عامة وسلامتهم الفكرية خاصة. توصّلنا أيضاً إلى أنّ الإعلام يلعبُ أدواراً بنائية من جهة وتدميرية من جهةٍ أخرى، وأنّه على الرغم من منافعه العديدة إلا أنّ الإعلام له مساوئ كثيرة. في النهاية، يعودُ أمرُ اختيار أنواع الوسائل الإعلامية واستغلالها بشكلٍ أمثل إلى الفرد والمجتمع.