البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

صورة الفلسفة الإسلامية في العقل الغربي (مطالعة نقدية في أطروحات برتراند راسل)

الباحث :  مازن المطوري
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 14 / 2018
عدد زيارات البحث :  2397
تحميل  ( 361.914 KB )

يبدو الآخر المسلم في المنجز الفلسفي الغربي مثيراً للإشكال في التباسه وغموضه والتأويلات التي جرى تداولها في سياق التوظيف الثقافي والأيديولوجي.

هنا مسعى لاستقراء صورة الثقافة الإسلامية في التأويل الفلسفي الغربي كما يظهر عند الفيلسوف البريطاني برتراند رسل (1872 ـ 1970).

مسند هذه  القراءة الفصل العاشر من كتاب تاريخ الفلسفة الغربية وجاءت تحت عنوان "الثقافة والفلسفة عند المسلمين" كما نقله إلى العربية الدكتور زكي نجيب محمود (1905 - 1993).

المحرر

-----------------------------------

يمثّل عنوان (الثقافة والفلسفة عند المسلمين) الفصل العاشر من كتاب تاريخ الفلسفة الغربية في ثاني جُزأيه تأليف الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل (1872- 1970)، كما نقله للعربية الدكتور زكي نجيب محمود (1905- 1993).

خصَّ (راسل) الجزءَ الثاني للحديث عن الفلسفة الكاثوليكية، وعقد الفصل العاشر منه للحديث عن الثقافة والفلسفة عند المسلمين. وقد تحدّث في مطلع الفصل عن أوضاع ما قبل الإسلام والمناخات التي رافقت ظهور دعوة النبي محمد (ص) وأحوال الجزيرة العربية، لا سيما في الوجهة الثقافية وسبل العيش والطبيعة الصحراوية.

أعقب ذلك بالحديث عن بدايات تشكّل الإسلام وحكومة المسلمين، وصار يحلل الدوافع التي حدت بالأسرة المالكة الأولى (بني أميّة) إلى اعتناق الإسلام، وقد أرجع (راسل) ذلك إلى غايات سياسية خالصة!

انتقل (راسل) لعقد مقارنة عن طبيعة علاقة العرب بالدين وعلاقة الفرس به، حيث رأى أن العرب لم يكونوا سلالة تتصف بالإمعان في التدين، خلافاً للفرس الذين كانوا منذ أقدم العصور عميقي الشعور الديني وضاربين في التأمل الفكري بسهم موفور، بل جعلوا من الإسلام بعد اعتناقهم شيئاً أحق بالاهتمام وأعمق في الصبغة الدينية وأبعد أغواراً في الفلسفة[1]!

ثم عطف الكلام على العباسيين والخلافة، وتطورات النظام السياسي والمدني عند المسلمين، وجوانبه المختلفة، لا سيّما الحالة الاقتصادية.

لسنا معنيين في هذا المقال المقتضب بدراسة تلك القراءة وتحليل مرتكزاتها ومقدار حقانيتها وواقعيتها، وإنما نريد التوقف عند رؤية (راسل) للثقافة والفلسفة عند المسلمين، وما تضمنه حديثه من تقييم وأحكام بشأن الفلسفة الإسلامية، سواء أكان في روافدها وتطوراتها، أم في مدياتها وإبداعها وتأثيرها على الفلسفة الغربية. وسوف نجعل حديثنا في مجموعة عنوانات يتخللها التوقف عند الأخطاء التاريخية والاشتباهات التي وقع فيها (راسل). على أن نشير هنا إلى ملاحظة تتمثّل في أن مجمل هذا الحديث عن الثقافة والفلسفة عند العرب والمسلمين وما تبنّاه (راسل) من رؤية بشأنهما، قد أورده إجمالاً كذلك في كتابه المتأخر تأليفه عن تاريخ الفلسفة الغربية، أعني (حكمة الغرب) في جزئه الأول[2].

بداية الفلسفة الإسلامية

سجّل (راسل) في مفتتح حديثه عن بداية الفلسفة عند المسلمين قائلاً: «وأما الثقافة المميزة للعالم الإسلامي، فعلى الرغم من أنها بدأت في سوريا، إلا أنها سرعان ما ازدهرت أعظم ازدهار لها في طرفي هذا العالم الشرقي والغربي، أعني في فارس وأسبانيا، وكان السوريون أيام الغزو معجبين بأرسطو الذي آثره النسطوريون على أفلاطون الفيلسوف الذي فضّله الكاثوليك. وكان أول معرفة العرب بالفلسفة اليونانية مستمداً من السوريين، ولذا فقد حسبوا منذ البداية أن أرسطو أهم من أفلاطون. على أن أرسطو لديهم قد لبس حلّة (أفلاطونية جديدة)، فقد ترجم الكندي (المتوفى حوالي سنة 873)- وهو أول من كتب الفلسفة بالعربية والفيلسوف المهم الوحيد الذي كان نفسه عربياً-  أجزاءً من تاسوعاء أفلوطين، ونشر ترجمته بعنوان الربوبية عند أرسطو، فأحدث هذا خلطاً عظيماً في أفكار العرب عن أرسطو، لم يزيلوه عن أنفسهم إلا بعد قرون طويلة[3].

بدايةً وقبل أن نمضي في تفكيك هذا النص والوقوف عند إثاراته الأساسية، لا بُدَّ لنا من التنبيه على وجود خطأين تاريخيين وقع فيهما (راسل):

الأول: يتعلق بنسبة ترجمة كتاب الربوبيّة (أثولوجيا) إلى الكندي (805- 873)! والواقع أن ترجمة هذا الكتاب إلى العربية لم تكن على يد الفيلسوف الكندي، وإنما ترجمه عبد المسيح بن عبد الله الحمصّي ابن الناعم المترجم المسيحي والطبيب المعروف، كما نصّ على ذلك أصحاب الفهارس والتراجم، وقام الكندي بإصلاح الترجمة. جاء في معجم المطبوعات ليوسف إليان سركيس (1859- 1932) بعد حديثه عن كتاب أثولوجيا ونسبته لأرسطو (384- 322 ق. م): «نقله إلى العربية عبد المسيح عبد الله الحمّصي ابن الناعمي، وأصلحه أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي»[4].

وجاء في فهرست ابن النديم (910- 995) الثبت بعد حديثه عن كتب أرسطو وتناوله الكلام على كتاب الحروف: «كتاب أثولوجيا، وفسّره الكندي»[5]، وذكر نفس المعنى صاحب الذريعة، فنصّ على إصلاح الكندي ترجمة ابن ناعمة الحمصي بأمر المعتصم بالله العبّاسي[6]. وقد كان الحمصي متوسّط النقل ولكنه إلى الجودة أميل[7].

وعلى كلّ حال، فالكندي مصلحٌ للترجمة ومفسّر لها وليس مُترجماً.

الثاني: وهذا الخطأ يمثّل القاعدة في الخطأ الأول، وقد وقع فيه آخرون غير (راسل) حتى من المسلمين، ويتمثّل في نسبة معرفة غير اللغة العربية إلى الكندي. ومنشأ هذا الاشتباه يعود إلى نص للمؤرّخ ابن أبي أصيبعة (1203- 1270) سجّله في ترجمة الكندي، وهو نص لا يمكن الاعتماد عليه بحال من الأحوال، إذ إن المصدر الأقدم والأكثر وثاقة في التعرّض لترجمة الكندي بالتفصيل، والمتمثّل بفهرست ابن النديم البغدادي، ليس فيه إشارة من قريب ولا بعيد إلى كون الكندي مترجماً أو عارفاً بغير العربية، بل نجد العكس من ذلك، إذ قد نص ابن النديم على أن الكندي كان يستعمل مترجِمينَ، ومن تلك النصوص قوله: «وهذه الحروف نقلها أسطاث للكندي»، و"إن كتاب جغرافيا في المعمور وصفة الأرض.. نقل للكندي نقلاً رديئاً، ثم نقله ثابت إلى العربية نقلاً جيداً». كما ولم يُدرج ابن النديم الكنديَّ في لوائح النقلة والتراجُمة إلى العربية من اللغات الأخرى.

إن أقدم مصدر تعرّض لمعرفة الكندي بغير العربية ووصفه بالمترجم هو كتاب إخبار العلماء بأخبار الحكماء لجمال الدين القفطي (1172- 1248) بعد ما يقارب أربعمائة سنة من وفاة الكندي. ونقله كذلك معاصره ابن أبي أصيبعة متقدّم الذكر في (طبقات الأطبّاء) مستنداً لأبي معشر في كتاب المذاكرات لشاذان، في رواية مضطربة تنص على أن حذّاق التراجمة في الإسلام أربعة: حنين بن إسحق، ويعقوب بن إسحق الكندي، وثابت بن قرّة الحراني، وعمر بن الفرخان الطبري[8].

ومن وجوه اضطراب هذه الرواية أن اثنين من هؤلاء الأربعة ليسا مسلمين، فحنين كان مسيحياً، وثابت كان صابئيّاً، فكيف يقال إنهما من حذّاق التراجمة في الإسلام! فضلاً عن وجود مترجمين أكثر شهرة من هؤلاء بحسب ثبت المؤلفات التي ترجموها كابن البطريق وقسطا بن لوقا وابن المقفّع وحبيش الأعسم ويحيى بن عدي المنطقي، وغيرهم.

ويلاحظ كذلك أن عبارة القفطي تمثّل تحريفاً لعبارة ابن النديم المتقدم نقلها فيما يخص كتاب جغرافيا في المعمور، حيث قال: «وهذا الكتاب نقله الكندي إلى العربية نقلاً جيداً»، فبينما كان ابن النديم يؤكد أن الكتاب نقل للكندي «نقلاً رديئاً» صار بقدرة قادر عند القفطي نقلاً جيداً وقد نقله الكندي! وإذا كان النقل رديئاً فكيف صار الكندي من حذّاق التراجمة في الإسلام؟! وهل الحذاقةُ تعرف بغير واقع الكتب المترجمة!

أما فيما يخص نسبة كتابة (أثولوجيا) لأرسطو التي اتخذها (راسل) مطعناً في الفلسفة الإسلامية وفهم فلاسفة المسلمين أرسطو، فعلينا الاعتراف أن نسبة الكتاب لأرسطو غير صحيحة، وعلى أقل التقدير مشكوكة، وأن الكثير من فلاسفة المسلمين والمهتمين بالفهارس والمخطوطات والكتب ينصّون على أن الكتاب منسوب لأرسطو ولم يجزموا بالنسبة. وحتى لا نستغرق في هذه المسألة والاستغراق فيها ليس مهماً في دراستنا هذه، أنقل نصّاً للدكتور عبد الرحمن بدوي (1917- 2002) تعرض فيه لدواعي هذه النسبة، أورده في كتاب أرسطو عند العرب، جاء فيه:

“وفي تقديرنا لهذه العوامل يجب أن نتجافى عن كل تقويم يتصل بما يسمونه الخطأ في الإسناد التاريخي، فليس هناك خطأ ولا صواب، وإنما هي الضرورة التاريخية تعمل عليها، وبالنسبة إلى الضرورة ينتفي معنى الخطأ والصواب! وعلى ضوء هذه الواقعة نفهم لماذا نسب إلى أرسطو- في الحضارة العربية مثلاً – ما نسب إليه من كتب، كان من الواجب- وفقاً للضرورة التاريخية- أن تنسب إليه، شاء الفيلولوجيون والمؤرخون المزعومون أو لم يشاؤوا، فلم يكن صدفة أو حاجة في نفس من فعل، أن تنسب هذه المقتطفات من (تُساعات) أفلوطين إلى أرسطو، إنما هي الروح الحضارية العربية العامة هي التي كانت وراء هذه النسبة. ولا عبرة بعد باكتشاف المؤلف الحقيقي لهذه المقتطفات التي عرفت باسم أثولوجيا أرسطاطاليس. فحتى لو كان العرب قد عرفوا هذا أو شكّوا في نسبة هذا الكتاب إلى أرسطو فلم يكن هذا بحائل لهم دون استمرارهم في نسبته إلى أرسطو، لأن الشعوب والأفراد لا يهمها أن تعرف أرسطو كما كان في واقع التاريخ بقدر ما يعنيها أن تدركه كما تريد لها حاسّتها التاريخية المنبثقة من روح الحضارة التي تنتسب هي إليها»[9].

لا نريد هنا أن نتماهى مع اتجاه الدكتور بدوي إلى حدّ بعيد، أو نتنكّر لأهمية التثبّت في النسبة، أو أن ننكر الواقع التاريخي عند مؤرّخي العرب المسلمين في بذلهم الجهود الكبيرة والتدقيق في تحقيق الكتب والتثبّت من مؤلفيها، وهو أمر لا يسع الباحث المنصف أن ينكره. ولكن لا بد لنا من تسجيل شيء يخص استنتاج (راسل):

كنتُ أتمنى على (راسل) وهو بصدد تقويم فلسفة المسلمين وثقافتهم، أن يبرز لنا الموارد التي اعتمد فيها المسلمون وفلاسفتهم على هذا الكتاب، وإثبات مقدار ما نسبوه لأرسطو من مطالب علمية اعتماداً على أثولوجيا، وبيان مقدار ما يترتب عليه من مؤاخذات بنحو يشكل ضعفاً ووهناً في فلسفة المسلمين كما قرر (راسل)! وهو أمر لا نجد له أثراً ولا عيناً في نصوص (راسل) التي أطلقها جزافاً بشأن ثقافة وفلسفة المسلمين.

إن مثل هذا الحكم على فلسفة بحجم الفلسفة الإسلامية يحتاج إلى استقراء للفلسفة الإسلامية في مدارسها المشهورة، وفي سائر المسائل المرتبطة بالعلم الربوبي (أثولوجيا) وبيان اعتمادهم على ذلك الكتاب المنسوب لأرسطو، ثم يمكن بعد ذلك تقويم وتقييم استنتاجاتهم، ومثل هذا الاستقراء لم يكلف السيد (راسل) نفسه القيام به، وإنما ارتجل أحكاماً بشأن الفلسفة الإسلامية وقيمتها اعتماداً على مقولة مطاطية عائمة ترتبط بنسبة كتاب (أثولوجيا) لأرسطو!

على أن هناك نصّاً لشيخ فلاسفة المسلمين ابن سينا (980- 1037) أورده في كتاب (المباحثات)، فهم منه المستعرب اليهودي بول كراوس (1904- 1944) أن ابن سينا يشكُّ في صحّة نسبة (أثولوجيا) إلى أرسطو. أما نصّ ابن سينا فيقول فيه: «.. أني كنتُ قد صنّفتُ كتاباً سمّيته الإنصاف وقسّمت العلمين قسمين: مغربيين ومشرقيين. وجعلت المشرقيين يعارضون المغربيين، حتى إذا حقّ اللَّدَد تقدمت بالإنصاف. وكان يشتمل هذا الكتاب على قريب من ثمان وعشرين مسألة، وأوضحت شرح المواضع المشكلة في النصوص إلى آخر (أثولوجيا) على ما في أثولوجيا من الطعن..»[10]. وحتى لا نستفيض في هذا الموضوع، وهو لا يستحق بعد معرفة ارتجال (راسل)، نحيل القارئ الكريم على كتاب (أفلوطين عند العرب) للدكتور عبد الرحمن بدوي للوقوف على تفاصيل أوفى[11].

ولا بأس من الإشارة إلى أن الفيلسوف صدر الدين الشيرازي (1572- 1640) قد ذكر في موضعين من (الحكمة المتعالية) كتابَ (أثولوجيا) معبّراً عنه: «المنسوب إلى المعلّم الأول»، و»المنسوب إلى المعلم الأول أرسطاطاليس»، مما فيه إشارة إلى عدم الجزم بنسبته لأرسطو[12].

فيما سِوى ذلك، ثمّة أمور في نص (راسل) المتقدم يحسن التوقف عندها في نقاط:

1- لقد نصّ (راسل) على أن الفيلسوف الكندي هو الفيلسوف المهم والوحيد والذي كان عربياً. وهنا يحق لنا أن نتساءل عن المقياس الذي اعتمده (راسل) ليحكم في ضوئه بأن الكندي هو الفيلسوف المهم الوحيد سيما إذا ما عرفنا أن (راسل) كان بصدد التأريخ للفلسفة الغربية.

على أن هناك سؤالاً مهماً آخر يتعلّق بصحة اعتماد المؤرّخ على مقياسه النظري وما يتبنّاه من فلسفة ليحكم في مقام كتابة التاريخ بأهمية فيلسوف من دون آخر؟ أليس الحكم بالأهمية هو شأن الدرس الفلسفي النقدي المقارن؟

قبل كل شيء يجب أن نعلم أن (راسل) مدرسياً ينتمي إلى مدرسة الواقعية الإنجليزية الجديدة. ويقوم جوهر هذه المدرسة على رفض المثالية والإيمان بالواقعية، فهم يؤمنون باستطاعة الإنسان أن يدرك بصورة مباشرة الواقع الخارجي المستقل عن الذات (المدرِك) فضلاً عن التصورات النفسية عن ذلك الواقع. ومن ناحية نظرية المعرفة تنتمي هذه المدرسة للمذهب التجريبي، إذ لا يشك أصحابها في أن معرفة الإنسان كلها تأتي من التجربة الحسية، وهم في ذلك يخلفون سلفهم: جورج بيركلي (1685- 1753)، وجون لوك (1632- 1704)، وديفيد هيوم (1711- 1776).

ومن جهة أخرى، فإن فلاسفة الواقعية الجديدة يتّجهونَ في اهتماماتهم صوب العلوم الطبيعية وخصوصاً الفيزياء والرياضيات، ويرونَ في المنهج العلمي منهجاً فلسفياً حقيقياً. ولا يهتمون بالمشكلات النظرية الخالصة كالمنطق ونظرية المعرفة. ويجمع فلاسفة هذه المدرسة الخصومة للنظم الفلسفية وينتقدون بعنف كلّ التراث الفلسفي السابق في الفكر الغربي[13].

لقد أخرج (راسل) كلَّ فلاسفة المسلمين من دائرة الأهمية ما سِوى الكندي بناءً على قناعاته التصديقية، وما يتبنّاه من اتجاه فلسفي، وهو بذلك يرتكب جناية بحق الدرس التاريخي الفلسفي، ذلك أن الدرس التاريخي الفلسفي يفترض أن يقوم على أساس ملاحظة واقع الفلسفة عند كلّ قوم وشعب وأُمّة، ومن ثمّ السعي للتعريف بها وبفلاسفتها، وتصنيفهم من حيث الأهمية وفقاً لخيارات تلك المدارس، وليس وفقاً للقناعات التصديقية التي يؤمن بها الباحث بوصفه فيلسوفاً لا مؤرّخاً! ومن الصعب جداً تقبّل هذا اللون من التصنيف البعدي القائم على الخيارات التفصيلية للباحث بوصفه فيلسوفاً وليس باحثاً تاريخياً.

وهذه مسألة بالغة الأهمية، وتعبّر عن خطأ منهجي، فعلى سبيل المثال لا يحق لفيلسوف ينتمي لحلقة فيينا (الوضعيّة المنطقية) التي تجافي الميتافيزيقيا ومسائلها المتداولة، أن يطلق حكماً بعدم الأهمية بشأن الفلسفة الإسلامية أو فلسفة الأسكولائيين، لأنهما تهتمان بالبحث عن الميتافيزيقيا والماهية والعلل البعيدة للأشياء، لأن هذه الحلقة أخرجت تلك المسائل من دائرة الاهتمام ومن دائرة القضايا ذات المعنى، فإذا ما ورد فيلسوف وضعي ميدان البحث التاريخي الفلسفي، ففي مثل هذه الحالة لا بد له من الركون إلى مقياس عام يحظى بالمقبولية العامة في تصنيف المدارس الفلسفية المختلفة تبعاً للأهمية والجدة والإبداع، ولا يحق له الاعتماد على قناعاته التصديقية الشخصية القاضية بعدم أهمية البحث عن الميتافيزيقيا.

2 - فضلاً عن ذلك، فوفق طريقة (راسل) في ترتيب الأولويات والأهمية ينبغي إخراج سائر أو غالب فلاسفة العصر الوسيط أو الأسكولائيين عن دائرة الأهمية، لعدم توافرهم على الصفات التي تهتم بها واقعية (راسل) وقناعاته التصديقية! والحال أننا نجد (راسل) نفسه قد ذهب عكس ذلك تماماً في تناوله الفلسفة الكاثوليكية وآبائها.

3 - كان حريّاً بـ(راسل) وهو يقدّم لكتابه أن يذكر لنا الميزان الذي يعتمده في ترتيب الأهمية والأولويات، وفي الوقت الذي لا نجد فيه مثل ذلك الميزان، نجده معتذراً ومبرّراً لما سيصيب كتابه من لوم الأخصائيين في دراسة الفلسفة[14]! وأما التبرير الذي أورده (راسل) في مقدّمة كتابه: باضطلاع رجل واحد في حصر جهوده في مؤلّف واحد، أو بالموازنة بين الإطناب الذي لا يحتمل والخلو من التفاصيل الذي يصيب الكتاب بالتفاهة والسّخافة[15]، فهو أمر لا ينتمي للموضوعية بعد تضمّن الدراسة لأحكام تعسّفية، وأخطاء منهجية، كمثل الارتجال في اعتبار الكندي أهم فلاسفة المسلمين!

4 - إذا صرفنا النظر عما تقدم فإننا نجد (راسل) قد عاد ليسجّل: “ومن بين الفلاسفة المسلمين فيلسوفان جديران بالاهتمام الخاص، أحدهما فارسي والآخر أسباني، وهما ابن سينا وابن رشد، وأولهما أشهر من زميله بين المسلمين، على أن ثانيهما أشهر من الأول بين المسيحيين”[16].

لستُ أدري هل ميزان (راسل) كان حاسماً في تحديد الأهمية ليقول تارةً عن الكندي: «الفيلسوف المهم الوحيد»، ثم يعود ليقول تارةً أخرى عن ابن سينا وابن رشد: «فيلسوفان جديران بالاهتمام الخاص»! أو أن دائرة الاستثناء تبقى مفتوحة بعد أن أعطانا (راسل) حكماً قاطعاً بالأهمية!

5- قرّر (راسل) أن المسلمين عاجزون في “النشاط العقلي الضروري للابتكار”[17]، وأكد من جهة ثانية على أن المدنية الإسلامية أيام مجدها لم “تبيّن شيئاً من القدرة على التفكير التأملي المستقل في الأمور النظرية”[18]. وقفز ثالثةً مقارناً بين كونها محفّزاً وما أنتجته وهو الفلسفة الأسكولائية التي كانت فكراً جديداً أفضل من أي فكر أنتجه النقلةُ أنفسهم[19].

وفي الواقع إن البحث الجاد ينأى بالإنسان عن إعارة مثل هذه الأحكام المبتسرة والارتجالية أي اهتمام، لوضوح انطلاقها من عقدة ونظرة استعلاء عنصري، ومشبعة برؤية استشراقية حاقدة. غير أننا مضطرون بحكم (التابو الثقافي) و(الانبهار) الذي تعيشه قطّاعات من الناس في الشرق إزاء هذه الأسماء وما تكتبه، أن نتعاطى معها بروح علمية، ونتنزّل عن سلّم الأولويات هنا لنناقش بهدوء ما تضمنته من إفك!

بدايةً نحتاج إلى التوقّف مليّاً عند مفردة الابتكار والمعني بها والتي اتخذها (راسل) شماعة للذمّ تارة والمديح أخرى، ثم نريد التعرّف إلى توفر الفلسفة الإسلامية على عناصر الإبداع والابتكار الأصيل، وثالثاً نريد أن لا يصادر علينا (راسل) فيجعل بعض الدعاوى كمقدمات مسلّمة، لنعرف هل كان الفكر المدرسي الأسكولائي يعتبر منتجاً وفكراً جديداً وأفضل من أي فكر أنتجه النقلة أنفسهم، كما ادعاه برتراند (راسل) من دون أن يقدم وثائق ومؤشرات على ذلك؟

بدهي أن مفردة الابتكار ضبابية مطاطية لا يعرف على وجه التحديد مقصود (راسل) منها، فماذا يعني أن نصف شخصاً أو منظومة فكرية بالإبداع؟ فهل الإبداع هو خلق الأفكار من العدم؟ أو هو التوفّر على أفكار السابقين وفهمها مع نقدها وتقويم ما يستحق التقويم منها وتتميم النواقص وإعادة صياغتها في مركب نظري متجانس يتجاوز الهفوات مع إبراز الشواهد والبراهين على جدارته؟

لا نتصور أن يراد بالإبداع خلق الأفكار من العدم، فالأفكار وفي كل المقاطع التاريخية التي عاشها الإنسان، تمثّل عملية تراكم في التجارب والمعطيات، وهكذا نزولاً إلى الإنسان الأول الذي كان ملهماً من السماء أو حصل الفكر عنده بقفزة تطورية كيفية!

وهل بإمكان شخص أن يتنكّر لكل التجارب السابقة عليه ويبدأ من الصفر ثم نصفه بالمبدع والمبتكر؟ إن مثل هذا الفرض غير متصور وغير عقلاني بالمرّة.

وإذا كان الإبداع يعني الجدة في الطرح وأنماط التدليل واكتشاف الخيوط المجهولة، بما يتضمنه ذلك من هضم للأفكار السابقة والاستفادة منها، ومن عناصر الصحة والإبداع فيها، فلا مبرر حينئذٍ لتوصيف فكر ما بالإبداع وجعله حكراً عليه فيما نبخس الحلقة الوسيطة من وصف الابتكار والإبداع على الرغم من وجود نفس العناصر فيه؟ إذ ما أكثر العناصر في الفلسفة الإسلامية والتي ينطبق عليها ذلك التوصيف حقيقة، وكما سنتعرف إلى ذلك في عنوان مستقل.

وأما بشأن الفكر المدرسي الأسكولائي، فنحن لا نريد هنا أن نبخس ذلك الفكر حقّه، ولكننا جرياً مع طريقة (راسل) لا نوافق على توصيفه بالفكر الجديد والأفضل من أي فكر أنتجه النقلة، لأن المتابع للفلسفة الكاثوليكية (وهناك من يتحفظ على هذه التسمية) يعرف أنها تمثّل توليفة ومزجاً بين عناصر اليونانيين وعقائد الكنيسة، إضافة إلى معطيات دخيلة فيها مأخوذة من فلاسفة المسلمين.

على أن المستغرب جداً أن يصف (راسل) فلاسفة المسلمين أمثال ابن سينا وابن رشد بالشرّاح، وينأى عن توصيفهم بأصالة الفكر، بسبب إرجاع منظومتهم الفلسفية إلى العناصر اليونانية والإسكندرية والهندية والفارسية القديمة، ثم يأتي في ذات الوقت ويصف الفلسفة الأسكولائية بالفكر الجديد ويفضّله على فكر النقلة (المسلمين)، والحال أن نفس العناصر حاضرة بقوة في الأسكولائية، بل وتشترك مع فلسفة المسلمين في تعدد المواقف من البحث الفلسفي إلى حدّ المطابقة! فما مسوّغ أن توصف مرحلة الفلسفة الأسكولائية الأولى بأنها: «الفترة العظيمة»[20]!

وإذا جاز لـ(راسل) أن يصف الفلسفة الدينية عند المتصوّفة بكونها «مزيجاً من العقائد الفارسية القديمة»[21]، فهل يمكنه التغاضي عن التوجهات الغنوصية في الفلسفة المسيحية والتي ظهرت في القرون الأولى للمسيحية، وحاولت أن تمزج اللاهوت المسيحي بديانات الشرق القديم والأفلاطونية الجديدة بالفيثاغورية؟

إن مطالعة ما كتبه إتين جلسون (1884- 1978) في روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، توقف القارئ المحترم على حقيقة ما قلناه، على الرغم من أن جلسون قد حاول جاهداً إثبات وجود فلسفة مسيحية. وبصرف النظر عن مدى اتفاقنا مع مساعيه، إلا أن ما نريد التأكيد عليه هنا يتمثّل في خطل الطريقة التي اتبعها (راسل)، وبيان ضحالة أحكامه وارتجالها وافتقادها للقراءة المتأنية، وافتقارها للشواهد المقنعة. ومما يؤسف له أن مثل هذه الطريقة قد انتقلت إلى بعض الأوساط في الشرق!

بل إن جلسون قد نقل لنا في مفتتح كتابه تصوراً شائعاً في عالم الغرب يُقرّر: «بالغاً ما بلغت عظمة ما أنجزته العصور الوسطى في ميدان الأدب والفن، فإنها لم تفعل شيئاً قط في ميدان الفلسفة لتستحق أن يطلق عليه اسمها، أعني أنه ليس ثمة ما يمكن أن نسميه بفلسفة العصر الوسيط، ومن ثم فإن محاولة تحديد روح هذه الفلسفة لا بد أن يعني أولاً أن يبدأ المرء بتقديم البراهين على وجود مثل هذه الفلسفة أو التسليم بأنها لم توجد قط. ولقد وجدت نفسي- وأنا أحاول تحديد ماهيتها منقاداً إلى تحديد سمتها الأساسية بأنها فلسفة مسيحية- وجهاً لوجه أمام مشكلة لها نفس الصعوبة السابقة، على الرغم من أنها من مستوى مختلف تماماً، وهي: إننا إذا أنكرنا وجود فلسفة للعصر الوسيط فسوف تكون فكرة الفلسفة المسيحية نفسها فكرة مستحيلة، ولا بد عندئذ أن تنتهي هذه المحاضرات كلها إلى هذه النتيجة: إن الناس يسلّمون بما أنتجته العصور الوسطى من أدب مسيحي وفن مسيحي، لكن الفلسفة المسيحية موضوع نزاع وجدال..»[22].

وإذا كان التصور (الشائع) الذي ينقله جلسون يقرّر عدم وجود فلسفة في العصور الوسطى الأسكولائية، فأي قيمة يتمتع بها تفرّد (راسل) في إضفاء قيم المديح والتبجيل لها، وتوصيفها بالأفضلية والفكر الجديد الذي يفوق فكر النَقَلة؟! ألا تقضي بديهة العقل بإثبات العرش قبل النقش!.

نهاية الفلسفة الإسلامية

بعد أن تحدث (راسل) عن ابن سينا وابن رشد باقتضاب شديد لا يناسب ما قرره سالفاً من جدارتهما بالاهتمام الخاص! سجّل قائلاً بشأن نهاية الفلسفة عند المسلمين: «ولم يمض على ذلك وقت قصير [على إحراق كتب ابن رشد] حتى أخذت أرض المسلمين في أسبانيا تتقلّص بنسبة كبيرة أمام غزوات المسيحيين، فانتهت الفلسفة الإسلامية في أسبانيا بابن رشد، وطغت على بقية العالم الإسلامي موجة من التعصّب الجامد لأصول الدين، فانتهى بذلك التأمل الفكري»[23].

ثمّ سجّل بعد ذلك: «ليست الفلسفة العربية بذات خطر من حيث أصالة الفكر، فرجال كابن سينا وابن رشد لا يزيدون في جوهرهم على شرّاح، وإذا أطلقنا القول على وجه التعميم قلنا إن آراء الفلاسفة المصطبغين بقدر أوفر من الروح العلمية، مستمدة من أرسطو ومن أتباع الأفلاطونية الجديدة، في المنطق والميتافيزيقيا.. فقد كانت المدنية الإسلامية أيام مجدها تدعو إلى الإعجاب في الفنون وفي كثير من الأساليب الفنية، لكنها لم تبيّن شيئاً من القدرة على التفكير التأملي المستقل في الأمور النظرية، فأهميتها التي لا ينبغي أن يقلل من شأنها، هي أهمية الناقل، ذلك أن العصور المظلمة توسطت الطريق بين المدنية الأوربية القديمة والحديثة، فجاء المسلمون والبيزنطيون وعملوا- على الرغم من عجزهم في النشاط العقلي الضروري للابتكار- على صيانة جهاز المدنية، وهو التعليم والكتب والفراغ الذي يُقضى في تحصيل العلوم؛ وحفّز المسلمون والبيزنطيون كلاهما بلاد الغرب على النهوض بعد أن زالت عنها غمرة البرابرة، وكان حفز المسلمين إياها متركزاً أغلبه في القرن الثالث عشر، وحفز البيزنطيين لها مركزاً معظمه في القرن الخامس عشر؛ على أن الحافز في كلتا الحالتين أنتج فكراً جديداً أفضل من أي فكر أنتجه النقلة أنفسهم، فأنتج حافز المسلمين الفلسفة الأسكولائية، وأنتج حافز البيزنطيين النهضة التي كان لها أيضاً أسباب أخرى غير ذلك»[24].

لم يأت (راسل) في هذين النصّين على ذكر شيء جديد، وإنما تابع في ذلك رؤية المستشرقين الأوربيين ومؤرّخيهم في الانتقاص من شأن الفلسفة الإسلامية، انطلاقاً من عقدة العنصر والدم! ففي رأي صنف من المستشرقين أن العنصر السامي يمثّل تركيباً دنيئاً في الطبيعة البشرية، ومن ثم فهو غير مؤهل للإبداع والابتكار سيما في المجال الفلسفي الذي يحتاج إلى التوفّر على مستوى عقلي متطوّر! ولهذا نجد (راسل) في نصه المتقدم يؤكد: «على الرغم من عجزهم في النشاط العقلي الضّروري للابتكار»!

إن (راسل) في هذه الرؤية- وهو يسجّل لنا هذا النص- يمثّل حلقةً في سلسلة، فمن قبله سجّل هيغل (1770- 1831): «إن الشرق لم يشهد الفلسفة لأنه لم يعرف المفهوم»[25]. ونجد المستشرق الهولندي دي بور (1866- 1942) الأستاذ بجامعة أمستردام، قد  سجّل ذات المعنى فيما يخص الفلسفة الإسلامية، بل وتحفّظ حتى على إطلاق تسمية الفلسفة الإسلامية[26]! وهكذا فعل المستشرق الفرنسي أرنست رينان (1823- 1892) في كتاب (ابن رُشد والرشدية)[27]، ومن بعده الفرنسي ليون جوتييه (1862- 1949). فكل هؤلاء المستشرقين ومعهم (راسل) ينطلقون من عقدة عنصرية في تحليلاتهم وتقويمهم للفلسفة الإسلامية، فضلاً عن اتباعهم للطريقة الإرجاعية، فينسبون كلّ ما لدى المسلمين من أفكار وفلسفة للعهدين اليوناني والهندي.

وحتى تتضح لنا قيمة أحكام برتراند (راسل) في هذين النصّين بشأن الفلسفة الإسلامية، وكيف أنها تعكس صورة ارتجالية مشوّهة مجانبة للصواب، نحتاج إلى التوقف عند أمور:

أولاً: هل كان ابن سينا شارحاً؟

سجّل لنا (راسل) في نصه المتقدم أن ابن سينا لا يزيد على كونه شارحاً ومتابعاً لأرسطو وفلسفته. وحتى نتعرّف نسبة صوابيّة هذه الدعوى، التي لا نشك في افتقادها المسوّغات الكافية، نقول:

لا ينكر أحد مكانة أرسطو طاليس في الفلسفة، فهو المعلم الأول الذي تتجه إليه الأنظار والذي سيطر على المعرفة لقرون. كما لا ننكر أن ابن سينا ظل وفيّاً لاتجاه أرسطو في المعرفة وفلسفة الوجود، وكان معجباً به واهتم بتراثه وشرحه، ولكن هذا الحب لم يحل دون الاختلاف معه ونقده والوقوف على مواضع قصور فلسفته وعامة رؤية المشائين، بل وتجاوزه والثورة عليه! فقد أعلم ابن سينا ثورته ضد أرسطو والمشائين في كتاب منطق المشرقيين وفي التعليقات على كتاب النفس وفي شرح حرف اللام ورسالة الكيا، وكذلك في الفصل الأول من مدخل الشفاء.

وفي خصوص منطق المشرقيين، فقد تحدث ابن سينا عن نفسه وكيف كان يقدم طوال الوقت فلسفتين: واحدة لجمهور (البُلّهِ) من الأرسطيين، وأخرى مشرقية للخاصة من تلاميذه، وقد عبّر ابن سينا عن موقفه من أرسطو وحدد منهجه الفكري في نصّ صريح لا لبس فيه ويمثّل في ذات الوقت وثيقة تاريخية مهمة في هذا المجال، إذ قال: «ولما كان المشتغلون بالعلم شديدي الاعتزاء إلى المشائين من اليونانيين كرهنا شق العصا ومخالفة لغة الجمهور، فانحزنا إليهم.. وأكملنا ما أرادوه وقصروا عنه.. فإن جهرنا بمخالفتهم ففي الشيء الذي يمكن الصبر عليه، وأما الكثير فقد غطّيناه بأغطية التغافل، فمن جملة ذلك ما كرهنا أن يقف الجهال مخالفة ما هو عندهم من الشهرة بحيث لا يشكّون فيه ويشكّون في النهار الواضح. وبعضه قد كان من الدقّة بحيث تعمش عنه عيون هؤلاء الذين في العصر.. أحببنا أن نجمع كتاباً يحتوي على أمهات العلم الحق الذي استنبطه من نظر كثيراً وفكّر مليّاً، ولم يكن من جودة الحدس بعيداً.. وما جمعنا هذا الكتاب لنظهره إلا لأنفسنا- أعني الذين يقومون منا مقام أنفسنا- وأما العامة من مزاولي هذا الشأن فقد أعطيناهم في كتاب الشّفاء ما هو كثير لهم وفوق حاجتهم، وسنعطيهم في اللواحق ما يصلح لهم زيادة على ما أخذوه»[28].

ويبدو أن (راسل) قد اعتمد على كتاب الشفاء فأدلى بدلوه! وإن كنتُ أشكّ في اطّلاعه عليه!

فضلاً عن ذلك، فقد تصدى ابن سينا للمحاكمة بين المشائين وسائر الفلاسفة في كتاب الإنصاف، وقد ظهرت نتيجة تلك المحاكمة في كتاب (الإشارات والتنبيهات) الذي يمثّل التحول الفكري والتطور الفلسفي عند ابن سينا، والذي نحسب أن (راسل) لم يطّلع عليه!

فمن الغريب كلّ الغرابة أن يسجل لنا (راسل) أن ابن سينا لا يزيد على كونه شارحاً لأرسطو، فكأنه أطلق هذا الحكم من دون إطلاع على تراث الرجل وسائر نظرياته وما قاله من أفكار. ولو أن (راسل) كان قد حرّر نفسه من الأغراض الخاصة والرؤية المسبقة، والنزعة الإرجاعية وعقدة العرق والعنصر، وقارن بين ابن سينا والفلسفة الأسكولائية التي اعتبرها منجزاً وفكراً جديداً في دنيا الغرب، لما سجّل ذلك الحكم الجائر بحق ابن سينا، بل لوجد أن حكمه يصدق في حق الفلاسفة المدرسيين الأسكولائيين ولا يصدق بحق ابن سينا.

لا نريد لهذه المقالة أن تفيض في هذه النقطة لاحتياجها إلى دراسة تفصيلية مستوعبة ومقارنة بين أرسطو وابن سينا، تظهر مواطن اللقاء ومواطن الاختلاف، وتركّز على تظهير إبداعات ابن سينا ونقده ومخالفته أرسطو والمشائين.

ثانياً: ابن سينا والفلسفة الأسكولائية

من موارد الجهل بالتاريخ وصورة الفلسفة الإسلامية خصوصاً السينوية في امتدادها غرباً، والتي وقع فيها (راسل)، ما نصّ عليه من: أن ابن سينا لم يكن مهماً عند المسيحيين كأهمية ابن رشد وشهرته، وأن ابن سينا ظل في أوربا مرشداً في الطب من القرن الثاني عشر إلى القرن السابع عشر[29].

وحتى ندرك اشتباهات (راسل) نُقرّر:

شكَّل ابنُ سينا وآثاره الفلسفية وما أودعه فيها من أفكار مُلهِماً وأثراً بالغاً في الفلسفة الأسكولائية الوسيطة، والمتتبع للآثار الفلسفية المسيحية الأسكولائية يجد حضور ابن سينا في أبحاث المعرفة والوجود والنفس. وحتى نتعرف مراحل دخول ابن سينا وأفكاره إلى الفلسفة الأسكولائية أثبت نصّاً للآنسة (والفيري) جاء فيه:

“قد بدأ هؤلاء المترجمون في ترجمة الشفاء والقانون منذ النصف الثاني من القرن الثاني عشر. أما القانون.. فأما الشفاء فلم يترجم كله، وما ترجم منه إنما تدريجياً، فلم يترجم من المنطق إلا المدخل وأُهمل القسم الرياضي جميعه. وترجم معظم الطبيعيات، كما ترجمت الإلهيات كاملة. وأما الإشارات فلم يوجد منها إلا بعض فقرات وردت في كتاب (الدفاع عن الإيمان) لريمو تدوس حاريتنوس. وترجم أخيراً في القرن السادس عشر إلى اللاتينية أيضاً بعض رسائل ابن سينا ومن بينها رسالة الأضحوية”[30].

ونذكّر هنا ببعض العنوانات التي تناولت هذا الموضوع من جوانب متعددة؛ فقد كتب مالكولم بارها (أثر ابن سينا في عصر النهضة)، وكتب جواشون (فلسفة ابن سينا وأثرها في أوربا خلال القرون الوسطى)، وكتبت والفيري (ترجمة ابن سينا إلى اللاتينية وانتشارها في القرون الوسطى)، وكتب البارون كارادي فو (ابن سينا)، وكتبت زينب الخضيري (أثر ابن سينا في العصور الوسطى)، وكتابها الآخر (ابن سينا وتلاميذه اللاتين)، وكتب أحمد حسن الرحيم (ابن سينا حياته وتأثيره في الغرب)، وغيرها من الدراسات التي عنيت بهذا الجانب من الفلسفة الأسكولائية. وقد استندت كل هذه الدراسات إلى نصوص فلاسفة أوربا الأسكولائيين ومؤرخيهم ووثائقهم، وعاينت تأثير ابن سينا فيها. وبعد ذلك كله يأتي برتراند (راسل) لينفي بضرس قاطع أهمية ابن سينا في الفلسفة الوسطى الأوربية ويرى فيها طبيباً عند الأوربيين أكثر مما هو فيلسوف!

إن المعطيات التاريخية المتوافرة بين أيدينا، ونتائج الدراسات المتعددة، توقفنا على جهالة فجّة تتعلّق بحضور ابن سينا في الفلسفة الوسيطة بأوربا، إلى جانب ابن رشد والكندي والفارابي (874- 950). وكلّ تلك النصوص والمعطيات توقفنا على طبيعة الأحكام الارتجالية التي أطلقها السيد (راسل) فيما يخص هذا الشأن. ولنستمع هنا لما قرره ريتشارد سوذرن، إذا كتب قائلاً بهذا الشأن: «.. لن نبالغ إن قلنا إن عقود السنين ما بعد العام 1230م أدخلت تعديلاً أساسياً على اللاهوت والفكر الأوربيين الكلاسيكيين الذين اعتادوا على التفكير في نطاق مصطلحات ألفرد مارشال وكينز فجأة إلى لغة كارل ماركس ومصطلحاته، أو تحول السياسيين الأوربيين الليبراليين إلى لغة لينين وعالمه المصطلحي. وسأمضي قدماً في بيان ماهية التغيير المقصود من خلال مثل من اللاهوت الأوربي القديم.. وأمكن أخيراً تحديد المصدر الأساسي المحتمل للمسألة وهو يقع في نطاق دائرة ابن سينا التي بدأت تتسع وتكتسب أنصاراً في الغرب في العقود الثلاثة السابقة على العام 1241م.. بيد أن هذه الرؤية للمسألة وجدت قبولاً لدى بعض المفكرين الأوربيين في القرن الثالث عشر تحت تأثير ابن سينا المستجد»[31].

إن جهالة (راسل) برجال الثقافة والفلسفة الإسلامية، وعدم توفّره على إطلاع كاف لإطلاق الأحكام في هذا الشأن، أمر اعترف به (راسل) نفسه من دون أن يلتفت لذلك، فبعد أن تحدث عن الحضارة الفارسية وكونها موضع إعجاب من الوجهتين العقلية والفنية، نص على أنه لم يعرف منها سوى عمر الخيام! «ظلّت الحضارة الفارسية موضع إعجاب من الوجهتين العقلية والفنية، حتى جاءت غزوة المغول في القرن الثالث عشر فقضت عليها قضاءً لم تقم لها بعده قائمة، والرجل الوحيد الذي أعرفه هو عمر الخيام، كان شاعراً ورياضياً معاً، وقد أصلح التقويم سنة 1079. والعجيب أن أقرب أصدقائه إلى نفسه هو الرجل الذي أنشأ مذهب الحشاشين الذي اشتهر على ألسنة الرواة باسم شيخ الجبل..»[32].

يشعرك (راسل) وكأنه يتحدث في (مقهى شعبي)، وليس بصدد كتابة تاريخ فلسفة أمّة من الأمم والحديث عن ثقافتها، فتراه يتطرق لأمور لا ترتبط من قريب أو بعيد بموضوع البحث!

وفي واقع الحال إن النص الذي كتبه (راسل) في هذا الفصل، نص مرتبك مشوّش تعوزه الدقة والاطلاع والمصادر، فأفضى ذلك إلى جنايات متعددة، توزّعت بين اختزال ثقافة وفلسفة المسلمين في ثلاث عشرة صفحة! وبين خلو تلك الصفحات من الإرجاع لمصدر من مصادر المسلمين في تقرير تلك الأحكام وما نسبه في كلماته، وعلى خلاف ما فعله في سائر فصول كتابه!

لقد رصدت الدراسات الرصينة الحضور المبكّر لابن سينا في الفكر الغربي بشكل كبير، وكون ذلك الحضور في الفكر المسيحي كان بوصفه مفكراً لا شارحاً، واستمر حضوره ليشكّل لحمة مع ذلك الفكر. واعتمدت تلك الدراسات على المصادر اللاتينية والغربية بالأساس[33].

ومن شواهد الحضور السينوي والإقبال على ابن سينا ومؤلفاته في الغرب المسيحي (الأسكولائي)، أن عدد المخطوطات اللاتينية لمؤلفاته بلغ مئة وأربعة وعشرين، منها خمسة وأربعون لكتاب النفس. ويعد هذا العدد ضخماً للغاية إذا ما وضعنا في الاعتبار احتمالية أن عدداً آخر من المخطوطات إما ضاع أو تلف[34].

هل كان المسلمون مجرّد شارحين؟

سار (برتراند راسل) على وفق الرؤية الاستشراقية في اعتبار الفلسفة الإسلامية مجرّد واسطة بين المدنية الأوربية القديمة والحديثة، وإذا ما جاز لنا التعبير فإن الاهتمام الذي وصف به (راسل) الفلسفة الإسلامية كونها واسطة وناقلة، واهتمام سائر المستشرقين بهذه الفلسفة، ينطلق من محاولة التعرف إلى بدايات الفلسفة الأوربية، والتوقف عند أدوارها المتعدّدة، والجغرافيا المختلفة التي حلّت فيها.

وفي الواقع إن هذه العُقدة حاضرة بشكل واضح في أحكام (برتراند راسل)، ولم يستطع- بكل ما يدعيه من تحرّر فكري وموضوعيّة- أن يفلُت من آسارها، وأن ينصف الفلسفة الإسلامية ورجالاتها وإن بحظ يسير. وإذا لم نستغرب من باحث غربي أن تستحكم عليه هذه الرؤية، ويتابع سلفه من المستشرقين، فالمستغرب جداً أن يكرّر بعض الكتاب في ديارنا تلك الرؤية، ويتلقّفوا تلك الأحكام الارتجالية الجاهزة كحقائق تاريخية مسلّمة، وينسجوا على منوالها. وهل يمكن بعد ذلك لباحث أن يدعي معرفته بإسهامات فلاسفة المسلمين، وهو يخضع للرؤية التي تنظر للفلسفة الإسلامية كانتقالة جغرافية مؤقتة للفلسفة الأوربية!

الآن نريد أن نتعرّف بشكل سريع هل كان فلاسفة المسلمين مجرّد شارحين؟ أو أنهم أبدعوا نسقاً خاصاً في الفلسفة بعد إحاطتهم بما ورثوه عن اليونانيين؟ وما مقدار ما أضافوه لتلك الفلسفة الموروثة؟

ذكر الباحث الثّبت الفيلسوف العلامة الطباطبائي (1904- 1981) أن المسائل التي ورثها الفلاسفة المسلمون من مدرسة أثنيا والإسكندرية قد بلغت حوالي (200) مئتي مسألة في حدها الأعلى، بينما يتشكل الرصيد الفعلي للفلسفة الإسلامية، لا سيما في دورة مدرسة صدر الدين الشيرازي (1572- 1640)، من حوالي (700) سبعمائة مسألة[35].

إن هذا التفاوت بين مسائل الفلسفة الموروثة ومسائل الفلسفة الإسلامية في مدرسة صدر الدين الشيرازي (500 مسألة)، له دلالات مهمة جداً، فهو يؤشر بشكل واضح على مديات الإبداع الفلسفي عند فلاسفة المسلمين. بل إن المراجعة المتأنية والدقيقة لما كتبه فلاسفة المسلمين في موسوعاتهم الفلسفية، توقفنا على أن مئتتي مسألة ورثوها من اليونان قد خضعت بدورها للتطوير وإعادة الإنتاج في ضوء نسق جديد. وقد جعل الأستاذ الشهيد مطهري (1919- 1979) مسائل الفلسفة الإسلامية في أربعة أنحاء:

المسائل التي بقيت على صورتها الأولى تقريباً، ولم يحدث فيها أي تصرّف وتغيير وتكميل.

المسائل التي أكملها الفلاسفة الإسلاميون، ولكن إكمالهم كان بتثبيت أسسها وترسيخ استدلالاتها، بتغيير شكل البرهان، أو إضافة براهين أخرى.

المسائل التي ظلّت على عنوانها السابق، ولكن محتواها تغيّر كلياً، وأضحت شيئاً آخر.

المسائل التي طرحت ابتداءً في العصر الإسلامي، وهي جديدة، في عنوانها ومحتواها.

وفي الواقع إن متابعة هذا البحث بشكل تفصيلي يتطلّب دراسة خاصة تلاحق تطور البحث المنطقي والفلسفي في الإسلام، يلاحظ فيها المنطق والفلسفة، يتحدد في ضوئها ما هو ميراث يوناني، وما جاء إضافة عليه من تقويم وتصحيح وتكميل، ثم يتم التركيز على المسائل التي طرحت ابتداءً في الدورة الإسلامية مضموناً وعنواناً، والتي تشكل شواهد إبداع فلاسفة المسلمين. ومن دون شك، فإن دراسة من هذا القبيل كفيلة بالكشف عن حقائق كثيرة جداً، ومما يؤسف له عدم توفر دراسة تعنى بهذا الجانب حتى كتابة هذه الأسطر.

وهنا لا بد من الاعتراف بوجود تقصير كبير عند المهتمين والمشتغلين بالبحث العقلي (منطق / فلسفة) في أوساطنا العلمية، يرتبط بالعناية ببحث تاريخ العلوم والمسائل، والتتبع التاريخي لكل مسألة ومبدئها وتطوراتها، سِوى خطوات أولية مهمة اضطلع بها الأستاذ العلامة مطهّري[36]، لكنها تحتاج إلى متابعة وجهود جماعية مؤسّساتية.

ويمكن هنا على سبيل الإشارة التذكير بمسائل تعتبر من إبداعات فلاسفة المسلمين في الفلسفة والمنطق، كما أوردها الأستاذ مطهّري:

في الفلسفة: أصالة الواقع والوجود، وحدة الوجود، الوجود الذهني، امتناع إعادة المعدوم، الوجود الفقري ومناط احتياج الشيء إلى العلة، مسألة الجعل، اعتبارات الماهية، المعقولات الثانية الفلسفية، بعض أقسام التقدم، أقسام الحدوث، بعض أقسام الوحدة والكثرة، أنواع الضرورة والامتناع والإمكان، الحركة الجوهرية، تجرّد النفوس الحيوانية، التجرد البرزخي للنفس الإنسانية مضافاً إلى التجرّد العقلي، النفس جسمانية الحدوث روحانية البقاء، الفاعلية بالتسخير، وحدة النفس والبدن، تحقيق نحو تركب المادة والصورة، الوحدة في كثرة قوى النفس، المعاد الجسماني البرزخي، كون الزمان بعداً رابعاً، قاعدة بسيط الحقيقة، العلم الإجمالي في عين الكشف التفصيلي لواجب الوجود، اتحاد العاقل والمعقول، تحقيق نحو العلاقة بين الحادث والقديم، برهان الصديقين، تجرد قوة الخيال، تحقيق حقيقة الإبصار وسائر الإدراكات الحسية. وغيرها.

في المنطق فمنها: تقسيم العلم إلى تصور وتصديق، اعتبارات القضايا، تقسيم القضية إلى خارجية وذهنية وحقيقية، تكثير الموجهات، تقسيم القياس إلى اقتراني واستثنائي، بيان نحو آخر من عكس النقيض، تفكيك القضية معدولة الطرف عن القضية السالبة الطرف[37].

إن هذه العيّنة من المسائل التي أبدعها فلاسفة المسلمين، شكلاً ومضموناً، مؤشّر على تهافت المقولة التي كرّرها (راسل) تبعاً لنهج جملة من المستشرقين، والتي تقرّر نفي الأصالة والإبداع والابتكار عن الفلسفة الإسلامية، وتصرّ على وَسم هذه الفلسفة بالشارحة تارة، والاسترجاعية للفلسفة اليونانية، تارة أخرى، وتجهل أو تتجاهل النشاط العقلي الإسلامي المبدع.

[1]-تاريخ الفلسفة الغربية، الكتاب الثاني، الفلسفة الكاثوليكية، برتراند رسل: 183- 184، ترجمة: د. زكي نجيب محمود، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2012.

[2]-حكمة الغرب، عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي، برتراند رسل 1: 257- 261، ترجمة: د. فؤاد زكريا، عالم المعرفة، يونيو 2009.

[3]-تاريخ الفلسفة الغربية: 186.

[4]-معجم المطبوعات العربية، إليان سركيس 1: 425، بهمن- قم، 1410هـ.

[5]-الفهرست، ابن النديم: 312، تحقيق: رضا تجدّد.

[6]-الذريعة إلى تصانيف الشيعة، آقا بزرگ الطهراني 1: 120، برقم: 577، دار الأضواء- بيروت، الطبعة الثالثة، 1983.

[7]-الوافي بالوفيّات، الصفدي 19: 101، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث- بيروت، 2000.

[8]-عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ابن أبي أُصيبعة: 179، تحقيق: د. نزار رضا، دار مكتبة الحياة- بيروت.

[9]-دراسات إسلامية (5)، أرسطو عند العرب، دراسة ونصوص غير منشورة، د. عبد الرحمن بدوي: 7، وكالة المطبوعات- الكويت، الطبعة الثانية، 1978. 

[10]-أرسطو عند العرب، كتاب المباحثات: 121.

[11]-دراسات إسلامية (20)، أفلوطين عند العرب، نصوص حققها وقدّم لها، د. عبد الرحمن بدوي، مكتبة النهضة المصرية، 1955.

[12]-الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة، صدر الدين الشيرازي 2: 128، الفصل الأول: في أن الواجب بالذات واجب من جميع الجهات والحيثيات، دار إحياء التراث العربي- لبنان، الطبعة الثالثة، 1981 ؛ الحكمة المتعالية 4: 447، في كلام المعلم الثاني في أنحاء العقل النظري.

[13]-الفلسفة المعاصرة في أوربا، إ. م. بوشنسكي: 72- 73، ترجمة: د. عزّة قرني، عالم المعرفة 165، سبتمبر 1992.

[14]-تاريخ الفلسفة الغربية 1: 9.

[15]-تاريخ الفلسفة الغربية 1: 11.

[16]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 187.

[17]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 192.

[18]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 192.

[19]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 192.

[20]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 8.

[21]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 191.

[22]-روح الفلسفة المسيحية في العصر الوسيط، إتين جلسون: 18، ترجمة وتعليق: أ. د. إمام عبد الفتاح إمام، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة الأولى 2011. 

[23]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 189.

[24]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 191- 192.

[25]-النصّ والحقيقة (1)، نقد النصّ، علي حرب: 256- 257، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء- المغرب، الطبعة الرابعة، 2005.

[26]-تاريخ الفلسفة في الإسلام، ت. ج. دي بور: 54، نقله إلى العربية وعلّق عليه: د. محمد عبد الهادي أبو ريده،  دار النهضة العربية، بيروت.

[27]-انظر: ابن رشد والرشدية، أرنست رينان، نقله إلى العربية: عادل زعيتر، دار إحياء الكتب العربية- القاهرة، 1957.

[28]-منطق المشرقيين، ابن سينا: 2- 4، دراسة وتقديم: المستشرق البارون كرّادي فو، بيت الورّاق للنشر، الطبعة الأولى، 2010. 

[29]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 187- 188.

[30]-ترجمة ابن سينا إلى اللاتينية وانتشارها في القرون الوسطى، والفيري: 343، القاهرة، 1952.

[31]-صورة الإسلام في أوربا في القرون الوسطى، ريتشارد سوذرن: 97- 98، ترجمة: د. رضوان السيد، دار المدار الإسلامي، الطبعة الثانية 2006.

[32]-تاريخ الفلسفة الغربية 2: 186.

[33]-ابن سينا وتلامذته اللاتين، زينب محمود الخضيري، مكتبة الخانجي- القاهرة، الطبعة الأولى، 1986.

[34]-ابن سينا وتلاميذه اللاتين: 29- 31.

[35]-إطلالة على حياة صدر الدين الشيرازي ومنهجه الفلسفي، السيد محمد حسين الطباطبائي، ترجمة: السيد عمار أبو رغيف، منشور ضمن مجموعة: دراسات في الحكمة والمنهج: 261- 262، دار الفقه للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، 1426هـ.

[36]-محاضرات في الفلسفة الإسلامية، مرتضى المطهري، نقله إلى العربية: عبد الجبار الرفاعي، دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثانية، 2003، وفي الأصل الفارسي صدرت بعنوان: مقالات فلسفى.

[37]-محاضرات في الفلسفة الإسلامية: 58- 78، الفلسفة الإسلامية قبل صدر المتألهين.