البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

علم الإعلام  ( كيف نميز المعلومات الخاطئة من المعلومات المضللة؟)

الباحث :  ميروسلاف تودغمان، نيفس ميكلك
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 14 / 2018
عدد زيارات البحث :  1772
تحميل  ( 363.022 KB )
يسعى المشاركون في عمليات التواصل التفاعلية (خاصة في وسائل الإعلام التفاعلية (WWW) إلى تغيير مقاصدهم، وأهدافهم، وقراراتهم وأفعالهم – وكذلك مقاصد المشاركين الآخرين في عملية التواصل وأهدافهم وقراراتهم وأفعالهم. لذلك تتأثر سلامة المعلومات: حيث تظهر التغيرات على شكل أخطاء تقنية دلالية واجتماعية وتؤدي لإيجاد المعلومات information، والمعلومات الخاطئة misinformation، والمعلومات المضللة disinformation، التي تصبح مسائل مقبولة ومفيدة في علم المعلومات. 

هذه المقالة المشتركة للأستاذين الباحثين في علم المعلوماتية من جامعة زغرب ـ كرواتيا ميروسلاف تودغمان ونيفس ميكليك تضيء على الكيفية التي يستطيع فيها المستخدم تمييز المعلومات الصائبة من المعلومات المضللة في عالم الميديا.

المحرر

---------------------------------

كان لكتابات المنظّر البارز رافائيل كابورو Rafael Capurro العلمية أهمية كبرى في فهم إبستيمولوجيا علم المعلومات (Capurro, 1978, 1985, 1992, 2000). فقد ختم تحليله أسّس علم المعلومات Foundations of Information Science بالكلمات الآتية: “يدرس علم المعلومات، الذي يفهم كحقل بلاغي ـ هرمنيوطيقي الأبعاد البراغماتية السياقية التي تتشارك  فيها المعرفة إيجاباً، بوصفها معلومات، وسلباً،بوصفها معلومات خاطئة خصوصاً من خلال أشكال الاتصال التقنية  (Cappuro, 2000). هذه إحدى الاستنتاجات من تحليلاته المرتكزة على المواقف التي تقول إن المعلومات في جوهرها مرتبطة ببنية الفهم الإنساني. أما علم الهرمنيوطيقا، فهو على عكس ذلك، يبيّن النظرة الشمولية للعلاقات بين الإنسان والعالم. إنها مقاربة اجتماعية كما هي براغماتية، فالناس ليسوا جواهر فردة معزولة. وعليه لا يوجد دائرة خاصة أو ذاتية، معزولة عن الدائرة الموضوعية. “إن المعلومات، بالمعنى الوجودي ـ الهرمنيوطيقي وسيلة للمشاركة الموضوعية والموقعية في عالم مشترك». (2000   Cappuro, ). يرى  كبورو  Cappuro، أن المعلومات ليست نتاجاً نهائياً للعرض، وأنها ليست شيئاً يبث من ذهن إلى آخر. والمعلومات ليست شيئاً مفصولاً عن الذاتية المنطوية، بل هي البعد المؤسس “لوجودنا في العالم مع الآخرين.” (Cappuro, 2000).

لا نريد الخوض في نقاش حول طبيعة المعلومات. فأطروحة كبورو أن علم المعلومات هو العلم عن المعلومات والمعلومات الخاطئة هي الدافع فحسب. نريد أن ننقاش الأطروحة القائلة إن علم المعلومات يدرس المعلومات والمعلومات الخاطئة. فهل المعلومات الخاطئة أو/ و المعلومات المضللة موجودة فعلاً كموضوع لتوثيق المعلومات؟ وهل المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة هي ما ندرسه في الأنظمة المعلوماتية، وقواعد البيانات؟ وكيف يمكننا أن نميّز نظرياً المعلومات عن المعلومات الخاطئة، أو المعلومات عن المعلومات المضللة؟ وإذا كانت الملاءمة هي مقياس الصلاحية في عملية الاتصال، فكيف يمكننا أن نقيس (لا) جودة المعلومات، والمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة في نفس العملية؟ 

تحديد المصطلحات

رأى كوبيرو في مقالته أن لكلمة معلومات information في بريطانيا عدداً من المعاني، في المقابل لا يوجد تقريباً إشارات لصيغها السلبية، أي إلى معنى misinformation المعلومات الخاطئة. في حين أشار شرادر Schrader إلى الصيغة السلبية misinformation المعلومات الخاطئة، ومشتقاتها: «الأكاذيب، الترويج،  التحريف، الإشاعة، التضليل، الهذيان، الخداع، الخطأ، التمويه، التشويه، التزيين، التعريض، الكيد» (Cappuro, 2000). 

قد لا تكون الصيغة السلبية لمفردة معلومات موجودة في اللغة الكرواتية. توجد بعض الكلمات الأجنبية والتعابير الجديدة، لكن لا يوجد تعبير معتمد يقابل كلمة misinformation. فكلمة misinformation تترجم إلى  معلومات خاطئة  (pogrešna obavijest.Bujas, 1999). 

ويُستعمل التعبير الإنكليزي misinformation مكان المعلومات الخاطئة، و / أو المعلومات المضللة. إذ إن المعلومات الخاطئة Misinformation لا تصدر بالضرورة بقصد خداع المستعمل أو تضليله، على الرغم مما جاء في بعض القواميس المتخصصة (مثلاً في مصطلحات ال FBI) من أن المعلومات الخاطئة misinformation هي المعلومات information (التي تعدّها بعض أجهزة المخابرات بهدف تضليل ثقة الأفراد والمنظمات أو الحكومات وخداعها وإفسادها»  (1990 B.W. Watson, ).

من جهة أخرى، فإن التضليل Disinformation   هو “ المعلومات الخاطئة عن قصد التي يهدف مزود المعلومات من خلالها إلى إيذاء المتلقي؛ والحض على فعل الشر، والخداع.»  (Klaic, 1978.).

يعود أصل كلمة Disinformation الإنكليزية إلى  أصل روسي (dezinformatsiya) وهي تستعمل بمعنى المعلومات المزيفة عمداً التي تصدر من حكومة إلى أخرى أو للعامة. وتعرّف أجهزة المخابرات التضليل disinformation بطريقة مشابهة: «يستعمل المصطلح في العمليات السرية والمخابراتية المغطاة لتوصيف الأدلة الزائفة أو المحرفة التي تستعمل لتشويه سمعة الخصم».  (B.W.Watson, 1990).

نقترح استعمال المصطلحات الآتية باللغة الكرواتية pogrešna obavijest لـ misinformation (معلومات خاطئة) و protuobavijest (معلومات مضادة) لـ  disinformation.

المعلومات الخاطئة Misinformation هي معلومات مزعومة وليست بالضرورة موجهة من المستعمل عن قصد للتضليل. ومرادفاتها pseudoinformation و quasiinformation يمكن أن تستعمل أيضاً لنفس الغاية. ففي الكلمات المركّبة، إن السابقة pseudo (التي تعني "كاذب" باليونانية) تعني المزيف، الشبيه، المدّعى، الزور، المشكوك فيه، الشيء المصطنع. أما السابقة quasi قبل الكلمة فإنها تعني “كما لو” “مدّعى”، «مفترض»  (Klaic, 1978.). 

لهذا فإن عبارة misinformation (المعلومات الخاطئة) يمكن أن تستعمل بمعنى المعلومات غير الصحيحة، وغير الدقيقة، والمحرّفة، والزعومة.

أما عبارة Disinformation فإنها تعني المعلومات الخاطئة البديلة التي تهدف إلى تضليل المستعمل. حيث يتمّ توجيه المعطيات المزية وغير الدقيقة للخصم قصدياً بدل المعلومات الصحيحة. ويرى دحوردجفيك Djordjevic أن disinformation هي المعلومات الكاذبة أو المعطيات غير الدقيقة. ويمكن أن تكون أخباراً ملفقة، وأخباراً محرّفة جزئياً أو غير دقيقة، ويستعمل هذا المصطلح إذا كانت الرسالة مرتكزة على معطيات متناقضة عن الظروف الحقيقية، وإذا كانت مقبولة من الذي توجه إليهم (1960 Djordjevic). أما مرادفات disinformation فهي المعلومات المقابلة، والمعلومات المعاكسة، والمعلومات المضادة. فالدعاية ليست disinformation كما لا يمكن تصنيفها في خانة الـ misinformation، على الرغم من أن بعض المؤلفين يدرجونها في الصيغ السلبية للمعلومات (Cappuro, 2000)، أما العلاقات والفروقات بين الـ misinformation، والدعاية والـ  disinformation فيجب البحث عنها على المستوى النظري لا على المستوى الدلالي. 

نبدأ من فرضية أن الـ misinformation، والدعاية والـ  disinformation هي نتائج للمعالجة العرضية أو القصدية للتعامل مع المعلومات في العملية التواصلية. ففي عملية التواصل، يتمّ تبادل المعلومات بين المرسِل والمرسَل إليه. والـ Misinformation تسبق إفساد سلامة المعلومات في أثناء التواصل. والـ Disinformation  تكون مسبوقة بالتلاعب بالمصادر، أي تكون نتيجة التلاعب بصحة نسبة المعطيات إلى مؤلفها الحقيقي. أما الدعاية فهي على عكس ذلك تهدف إلى التلاعب بمواقف المستعمل أي تهدف إلى التأثير في اهتمامات المستعمل.

معيار التمييز بين Information و Misinformation و Disinformation

  لم تكن مصطلحات  Information و misinformation   وdisinformation   موضوعاً للبحث النظري في علم المعلومات إلا حديثاً. فاليوم، لا يقدم الإنترنت والمواقع الالكترونية معلومات موثوقة وحديثة فحسب، بل تقدم أيضاً معلومات مضللة ومخادعة. ولذلك، يلزم استعادة معيار التمييز بين الـ information و misinformation  و  disinformation  وخصوصاً على الإنترنت. 

يقدم د. تاركزا D. Tarcza  وأ. بوكر A. Buker   المعيار التالي لتمييز المواقع الإلكترونية التي تزود بالـ Information و Misinformation و Disinformation:

المواقع المعلوماتية تعرض المعلومات الواقعية. فهي تكشف عن المؤلف، وتشير إلى مصدر المعلومة وصاحبها، ومعلوماتها ذات مصداقية: هذه المعلومات دقيقة، وخالية من الأخطاء أو الذاتيات، وهي حديثة تماماً.

Misinformations تجلب الحيرة والفوضى لأنها محرفة، معاكسة للمعلومات السابقة أو معدّلة في العملية التواصلية، و Misinformation تحمل أخطاء ومعلومات ذاتية منتهية الصلاحية. وهي لا تكون دائماً محاولة مقصودة للإقناع بالخطأ، لأنها تعبّر عن وجهات نظر يمكن أن تكون غارقة في الذاتية. 

 Disinformations تريد التضليل قصداً، وتخدع، وتغش. فالمؤلف الفعلي غير واضح. ولا يوجد جهة اتصال، ولا يوجد مرجعية فعلية لمصدر المعلومات، لا تاريخ لكتابتها ولا تحديث، ولا تعريف بمؤلفها. 

كما قدم د. تاركزا D. Tarcza  و أ. بوكر  A. Buker (2001) المعايير الخمسة الآتية لتقييم المعلومات على الشبكة:

المصدر.

الدقة. 

الموضوعية.

التداول.

التغطية.

لا يقدم د. تاركزا D. Tarcza  و أ. بوكر  A. Buker في بحثهما تفسيراً نظرياً  لتصنيفهما. لذلك فإن تصنيفهما، الذي يتبع المعايير المذكورة أعلاه، هو تصنيف براغماتي وبياني بالدرجة  الأولى. 

(الجدول رقم 1: تصنيفات ناتجة عن تلخيص أطروحتهما).

السند الدقة الموضوعية التداول التغطية

Information المؤلفون والرعاة معروفون: إضافة إلى ذلك هناك عنوان لجهة الاتصال وحتى تحذير من انتهاك حقوق الطبع. تضم المعلومات معطيات واقعية: تعرض المعطيات بطريقة تسمح بالتأكد من صحتها. المعلومات تامة، مقروءة، محددة بزمن، دقيقة وغير قائمة على أحكام مسبقة. المعطيات حول مصدر المعلومات، وزمانها ومكان صدورها، وتحديثها تامة. وظائف التواصل: يوجد عناوين لجهات الاتصال والروابط بالمواقع الأخرى أو صفحات الانترنت.

Misinformation ليس واضحاً من راعي الموقع، من يملكه أو من هو المؤلف. ليس للمعلومات دليل خاص  حول المعطيات المقدمة: ولا يمكن فحص المعطيات. المعلومات ليست موضوعية، تحتوي على الآراء الشخصية للمؤلف وبالتالي فهي بالأحكام المسبقة. المعطيات عن مصدر المعلومات، وزمان صدورها ومكانه غير تام وقديمة. وظائف التواصل؛ هناك جهات اتصال وروابط بمواقع أخرى (صفحات إلكترونية) لكنها تكون ناقصة أحياناً.

Disinformation المؤلف الحقيقي للموقع مجهول ولا يوجد جهة اتصال. لا تضم المعلومات حقائق واقعية مثبتة، تضم المعلومات معطيات غير دقيقة وكاذبة. المعلومات ليست واقعة؛ تعمل على تضليل المستعمل فيما يخص مضمون المعلومات. المعطيات حول مصدر المعلومات وزمان مصدرها ومكانه غير موجودة أو لا يتم تحديثها. التواصل لا يؤدي وظيفته؛ التفاعل المستقبلي مع الموقع غير واضح.

حول سلامة المعلومات

ينبغي أن يبدأ التفسير النظري لسلامة المعلومات بتصنيف العملية التي يتم فيها تبادل  المعلومات بين المرسِل والمتلقي. تبدأ المكتبة القياسية، والتوثيق ونظريات المعلومات بافتراض أن المعلومات (المعطيات، الوثائق) يجب أن تبدأ من المصدر، تبث وتعالج وتخزن، ثم توزع على المستخدمين (T.Saracevic, J.B.Wood (1981 M.Buckland (1994).

لكن حتى قبل تأسيس علم المعلومات بوقت طويل، كان معروفاً أن الأبعاد الرمزية والدلالية والبراغماتية تشير إلى اكتمال المعلومات. كما أن هذا القسم يقبل التطبيق في نظرية المعلومات الرياضية لـ س. شانون  C. Shannon و و. ويفر  W. Weaver (1949) اللذين شددا على أنهما غير مهتمين بالبعد البراغماتي أو الدلالي للمعلومات، بل فقط بنقل الإشارة من المصدر إلى هدفها. بعد هذا الموقف، يتمّ اختزال تمامية المعلومات في علم الكمبيوتر والمعلوماتية إلى بعد تقني فقط: بث الإشارات، أي معالجة المعلومات من دون أي تعمق في المعاني البراغماتية والدلالية. 

نظرياً، توجد مجموعة من المحاولات لتعريف سلامة المعلومات، فقد سعى فوخس Fuchs  وهوفكرشنر Hofkirchner لتعريف توحيد نظرية المعلومات Unify Theory of Information) UTI Fuchs, C., Hofkirchener, W., 2002) وذلك استكمالاً من الأطروحة القائلة يجب التمييز في عملية تطور المعلومة المفردة بين المعطيات، والمعارف، والحِكم؛ أي إن المعطيات تتشكل على أساس التلقي المفرد. والمعطيات هي نقطة الانطلاق لتشكيل المعرفة اللازمة للتقييم وصنع القرار. أو بتعبير آخر، للحكمة. وقد جاء في توحيد نظرية المعلومات، أن المعرفة تكون دائماً متصلة بالعالم الخارجي : فالذات تقرر دائماً وفقاً للأحداث والظروف المحيطة بها. المعلومة الواحدة هي المعلومة التامة، ولها ثلاثة مستويات، البيانات، المعارف، والحِكم.

على المستوى الأول، تدرك الإشارات من المحيط، فالإدراك هو الفعل الذي يشتمل على تلقي الإشارة وفهمها: الوحدة الجديدة تسمى بيانات  data.

على المستوى الثاني، تفسر المعطيات، أي يضاف معنى للمعطيات وتتشكل المعرفة. فالتفسير هو عملية الفصل بين الإسقاط والاستدماج. تطبّق المعرفة الموجودة على المعطيات بالإسقاط، بمعنى إسقاط النسق على الحقيقة. أما في الاستدماج، فيتم تفسير المعطيات الجديدة وفقاً لعلاقتها ببنية المعلومات الموجودة التي تنشأ عنها بنية المعرفة الجديدة. وبتعبير آخر، يستدمج النسق الواقع في بنيته. والإسقاط والاستدماج هما مثيران لامتناهيان للمعرفة. لذا يمكن القول إن البيئة لا يمكن أبداً أن تحدد المعرفة بالكامل. ولكن المعرفة أيضاً لا تتشكل بالكامل بشكل مستقل. ولا هي تتشكل من البيئة بالكامل. فالمعرفة هي نتيجة تفسير المعطيات وهذه العملية تشتمل على تجربة وحقائق. 

على المستوى الثالث، تضع الذات المعرفة في سياق خاص بأهدافها، وتقيّم المعرفة على أساس المعلومة الواحدة التي تحتوي على قيم، ومعايير، وقواعد، وآراء، وأفكار، ومعتقدات. تبدأ هذه العملية في حال اضطرار الذات للتصرف من أجل حل المشكلة. وفي هذه الحالات، يتمّ تقييم العرفة ويضاف إليها المعنى. وتتألف عملية التقييم من وصف ونصح. الوصف هو تطبيق قواعد التقييم الموجودة في عملية حل المشكلة التي لا تتغير في أثنائها  قيم الشخص ومعاييره. والنصح هو العملية التي تظهر في أثنائها التجارب والقيم والمعايير والقواعد والمعتقدات الجديدة عند الشخص.

يمكننا، وفقاً لتفسير  Fuchs وHofkirchner للمعلومة الواحدة، أن نستنتج ما يأتي:

المعطيات نتيجة لتلقي الإشارة التي تدخل إلى النسق وإدراكها.

تنتج المعرفة عن تفسير العلاقة بين موضوع المعرفة والإشارة.

يتحدد معنى المعلومة المفردة وقيمتها من خلال العلاقة بين الفعل (القرار) والمشكلة التي تواجهها الذات العارفة.

غير أن فوخس Fuchs  وهوفكرشنر Hofkirchner يلفتان انتباهنا وبسبب مقنع إلى المعلومات الاجتماعية، التي تصدر عن النشاط الاجتماعي. والعلاقات الاجتماعية تتأسس في أثناء النشاط المتبادل لفردين  فاعلين.  إذ يعتقد أن التعاون الاجتماعي يحصل عندما تنشأ العلاقات الاجتماعية والتفاعل الاجتماعي. لذا تعتبر المعايير والقيم والقواعد والقوانين التي تنشأ في أثناء العلاقات الاجتماعية معلومات اجتماعية لأن الأفراد مضطرون للاشتراك بالرأي نفسه من أجل تفسير الواقع وبنائه. وهذا يؤكد على أساس نشاطهما وتفاعلهما الاجتماعيين. 

من هنا كان التأكيد الآتي، الذي قدمه فخس وهفكرشنر مهماً لتفسير سلامة المعلومات: «الفعل الاجتماعي ضروري، لكنه ليس شرطاً كافياً لتأسيس العلاقة الاجتماعية لأن العلاقة الاجتماعية لا يلزمها العلاقة بين العوامل: فالعامل الأول يمكن أن يرتبط بنشاط الثاني، لكن الثاني لا يحتاج للارتباط بنشاط الأول»  (Fuchs, C., Hofkirchener, W., 2002.).

والآن يمكننا العودة إلى التفسير النظري للفرق بين information, misinformation  

و disinformation. 

تتأكد سلامة المعلومات وفقاً لـ Unify Theory of Information من خلال وحدة المعطيات ومعنى المعلومات. والمعلومات المكتملة هنا، هي المعلومات التي تتلقى الإشارات بدقة وتدركها، ثم تفسر المعطيات بشكل صحيح وتطبق المعرفة قصداً من أجل حل المشكلة. 

وقد يحصل تعطيل سلامة المعلومات على مستويات ثلاثة:

مستوى سلامة المعطيات.

مستوى سلامة المعنى.

مستوى صنع القرار.

في الحالة الأولى، يحصل خطأ في بث و/ أو تلقي الإشارة.

في الحالة الثانية، في أثناء التفسير، ثمة احتمال لنوعين من الأخطاء، إما أن تخطئ الإشارة في التوجه إلى الموضوع المعرفي، أو أنها توجه إلى موضوع معرفي خطأ. 

في الحالة الثالثة، تنشأ علاقة خاطئة بين المعلومات والفعل، سواء أكانت تقديرات خاطئة قائمة على معلومات خاطئة misinformation و / أو على قرار خاطئ. واضح أن المستوى الثاني يتضمن  المستوى الأول، في حين أن المستوى الثالث يتضمن الثاني والأول معاً. وعليه فإن المعطيات الخاطئة هي أساس التفسير الخاطئ، بينما يؤدي التفسر الخاطئ إلى تقييم خاطئ وقرارات خاطئة. 

وإذا اخذنا بنظر الاعتبار سلامة ترابط المعلومات في أثناء عملية تشكيل المعطيات وصولاً إلى المعنى وصنع القرار، فإن سلامة المعلومات تراعي المعلومات بشكل أساسي من وجهة نظر الوظيفة المعرفية.  تفسر وحدة نظرية المعلومات  Unify Theory of Information المعلومات باعتبارها نتيجة للأفعال المعرفية التي تشمل الإدراك والتفسير والتقييم. 

لذلك أعلن أن إعاقة سلامة المعلومات هي:

الخطا التقني: الخطأ في نقل المعطيات أو خطأ في إدراك المعطيات. ينتج من الأخطاء التقنية معطيات خاطئة، أو بتعبير آخر misinformation. 

الخطأ الدلالي: خطأ في إضافة المعنى أو خطأ في التفسير. فالمعاني الخاطئة تشكل misinformation وكذلك سوء فهم في العلاقات الاجتماعية. لهذا فقد تشكل الأخطاء الدلالية أساساً للتضليل disinformation.

الخطأ الاجتماعي ـ خطأ في تقييم المعلومات واستعمالها. فالمعطيات الخاطئة والتفسيرات الخاطئة  تؤدي إلى تقدير خاطئ للمشكلة، وتحديد خاطئ للهدف، و / أو قرار وفعل خاطئ. لأن حصول الأخطاء في السلوك الاجتماعي وصنع القرار هو المهمة الأساسية والهدف الرئيس للتضليل disinformation.

لا يهم كيف يمكن لهذا التصنيف لسلامة المعلومات من وجهة نظر الوضيفة المعرفية، أن يساعد في فهم طبيعة information و  misinformation  و  disinformation فهذه المقاربة لا توفر الإجابة التامة عن سؤال كيف ولماذا يمكن تشكيل misinformation  و  disinformation.

فلنرجع إلى الفروقات بين misinformation  و  disinformation (الجدول رقم2) كما قدمها Tarcza and Buker (2001)  نجد أن مصدر التضليل disinformation أو المناورة بالمعلومات لا يكون في العملية المعرفية، لكن في التلاعب بـ:

مصدر المعلومات: المصدر مجهول. 

مؤلف المعلومات: المؤلف غير معلوم.

مرسل المعلومات: التواصل مع المرسل غير متاح.

بالتالي:  نحن لا نسعى إلى الابتداء بـ misinformation و disinformation أولاً في العملية المعرفية بل في عملية التواصل. ولهذا، نعود إلى الأطروحات القائلة إن المعلومات نتاج رمزي يتحدد بالوظيفة التواصلية والمعلومات والذاكرة (M. Tudjman, 1990, 1991). 

والمعلومات كنتاج رمزي تتطور ككل لكن الوظائف الجزئية التي تشكلها مترابطة بشكل لا ينفصل. فالروابط المتداخلة الوظيفة والعلاقات ليست ثابتة، ولا أهمية لها وهي تافهة من وجهة نظر إدارة المعلومات. إن تغير الروابط المتداخلة تشكل الميزة الرئيسة ومضمون الحوسبة computerization وهذا يعني أنها تغير إدارة المعرفة الوظيفية (M. Tudjman, 1990, pp.120).

الجدول رقم 2: الفروقات الرئيسة بين misinformation and disinformation

MISINFORMATION DISINFROMATION

السلطة راع غير محدد المؤلف الحقيقي غير واضح

الدقة لا يوجد أدلة واضحة على الحقائق لا يتم التحقق من المعلومات بالوقائع

الموضوعية وجهة نظر شخصية لا يكشف عن المصادر الحقيقية

التداول قديمة المعلومات في وقت الابتداء أو التحديث مفقودة

التغطية الوظيفة التواصلية جزئية التفاعل غير ممكن

أشكال الاتصال ونماذج المعلومات

كانت المعرفة قبل ظهور الحاسوب تسجل على الشكل التناظري وكان النشر هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة لتبادل المعارف. يستعمل مصطلح النشر بوصفه مصطلحاً شاملاً  لكل أنواع المطبوعات (الرسائل العلمية، الدوريات، المطبوعات المتسلسلة إلخ.) وأيضاً لكل أنواع البحوث التي تحويها الطبوعات (المقالات، والمقابلات، والأبحاث، إلخ.). والمطبوعات تنقل المعرفة على شكل التناظري. أي على شكل السجل الثابت واللامتغير. لقد كانت المعرفة محدودة من خلال المطبوعة التي تستخدم كمنطقة ثابتة لتمثيل المعرفة. فلماذا كان الكتاب، أي المطبوعة، مرادفاً للمعرفة منذ غوتنبرغ  Guttenberg ؟ لأن العملية المعرفية بأكملها، من الإدراك والعرض إلى تقييم المعرفة، متمثلة، ومحتواة، ومكتملة في المطبوعات. وكان المؤلف مسؤولاً عن إيجاد مصادر البيانات، والتزويد بالأدلة واتخاذ القرارات. ليست المطبوعة إلا مضاعفة للوثيقة الأصلية. غير أنها تملك بعض الميكانيزمات الإضافية (الناشر، المحرر، ومجرو المقابلات، إلخ.) التي تقدم ضمانات لصدقية وموثوقية المعرفة، لكن وظيفة التواصل لا تؤثر في بنية المعرفة. لأن مهمة وظيفة التواصل هي مضاعفة المعرفة المسجلة بالطريقة التي  يمكن أن توزع بها على أكبر عدد من المستعملين.   

إن جمع المطبوعة ومعالجتها وتخزينها واستعمالها هو المهمة الوظيفية للتوثيق. وهذا يعني أن دورة حياة المعرفة التي تحويها المطبوعات تتحدد من خلال إيجاد المطبوعة وجمعها، ومعالجتها، وتخزينها واستخدامها. 

ومن هنا فإن المطبوعات منتظمة في المكتبة أو مكانز توثيق المعلومات والمهمة الوظيفية للمعلومات هي تأكيد الوصول إلى المكنز أو إلى الموضوعات المكتبية الخاصة أو المادة التوثيقية. لكن تقييم المعلومات  يعود إلى المستخدم حصراً، وإلى حاجاته وفطرته السليمة. فالمستخدم هو الذي يقيم المعلومات، بينما يؤكد كل نظام توثيق المعلومات فقط على انتقاء المطبوعات. لهذا فإن عمر المطبوعات مرتبط بقيمة استخدامها، أي عدد قروض المطبوعة في الوحدة الزمنية وليس بقيمتها المعرفية (C.Couture-J.J.Rousseau, 1987).

المطبوعة وسيلة  تلقّ إعلامية (L.Floridi, 1996). والتغيير الجذري في إدارة المعرفة بدأ من خلال تقديم وسائل الإعلام الرقمية. سبق الإعلان عن هذا التغيير شانون  Shanon وويفر Weaver في كتابهما Mathematical theory of information (1949). 

فقد شددا بوضوح على أنهما يتعاملان مع بث الإشارة فقط وليس مع البعد الدلالي والبراغماتي للمعلومة. يمكّن السجل الرقمي من فصل البيانات عن وسائل الإعلام، ومن نقلها من وسيلة إعلامية إلى أخرى، أو بتعبير آخر، تمكّن الوسيلة الرقمية المقاربة التفاعلية لمضمونها. أما نتيجة هذا التواصل التفاعلي فهي فصل البيانات عن معناها الأساسي. وبفضل الفرص الجديدة للتواصل التفاعلي، تضعف سلامة المعلومات الأولية. لا يعود هناك حق حصري لمؤلف المعلومات أو للمراقبة على عملية تشكيل المعرفة، أي عند عرضها، وشرحها وتقييمها. وهنا يصبح التفسير والتقييم ممكنين بالنسبة للمستخدم. لذا تكتسب المعلومات قيمة جديدة؛ أي تصبح ملائمة. كما تكتسب البيانات قيمة جديدة بالنسبة للمستخدم لأنها توضع في سياق جديد وتُعطى معنى جديداً. لكن الملاءمة تعرف بأنها «قياس الفاعلية في عملية التواصل»  (Saracevic, 1975) أو بدقة أكثر، الملاءمة قياس لوظيفة التواصل تماماً كما يكون الصدق مقياساً للوظيفة المعرفية. 

بفضل وسائل الإعلام الرقمية وتكنولوجيا الاتصال عن بعد تحول السجل إلى نص قابل للنقل. يمكن أن تتراكم المعلومات الرقمية وتنتقى وتعالج وتعدل وتطبق وتستعمل في حاجات جديدة. ويصبح النص وسيلة قابلة للنقل وحاملة لمعان مختلفة كثيرة  لديها رسالة معرفية أولية للمؤلف لكن بالنسبة للمؤلف تكتسب قيمة اتصال جديدة – تصبح المعلومات ملائمة لاستعمال مستقبلي ما.

غير أن المؤلف والمستخدم يتفاعلان مع البيانات، وتحديداً مع الجزء الأساسي من النصوص. وهذا يعني أنهما محكومان معاً بتفسير الإشارات التي يتبادلونها والتحقق منها. الأول من خلال تفصيل الرسالة (وظيفة المعلومات المعرفية)، والثاني من خلال فك رموز معناها  (قيمة التواصل). وهذا يعني أن المعلومات المنتظمة في جسم النص (قواعد البيانات، أنظمة المعلومات، بنك البيانات، منظومات الخبراء، إلخ.) تحددها أساساً وسائل الإعلام الرقمية والمقاربة التفاعلية.  

لقد سبق لنا ذكر التصنيف الآتي (V. Floridi, 1996):

وسائل إعلام انفعالية ذات اتجاه واحد أو W-media.

وسائل إعلام تفاعلية ذات اتجاهين أو WW-media.

ويمكننا بسهولة أن نضيف مجموعة أخرى لهذا التصنيف:

اليوم، الإنترنت هو نموذج من الوسائط المتعددة التفاعلية للشبكة العنكبوتية العالمية WWW-networked.

إنها مدونات معرفية متعددة منتشرة على الشبكة ترتبط بعدد من جوانبها. ودورة حياة المعلومات على الإنترنت تتحدد من خلال المراحل الآتية  (V. Floridi , 1996): 

الإيجاد.

التخزين.

الاسترجاع.

التحديث.

وبالنتيجة، إن العرض، والتنظيم، والتوزيع، واستعمال هذا النوع من المعلومات (المعرفة) مختلف تماماً عن وسائل الإعلام الانفعالية (W-media) ووسائل الإعلام التفاعلية (WW-media). فقد سبق أن ذكرنا أن المؤلف هو المسؤول عن العرض، وعن تفسير وتقييم المعلومات بوسائل الاتصال الانفعالية. وكذلك في الوسائط المتعدد التفاعلية، يبقى المؤلف مسؤولاً عن العرض لكن المستخدمين والوسطاء يشاركون أيضاً في عملية التفسير والتقييم. هنا نستعمل مصطلح الوسطاء بمعنى أنظمة المعلومات، وبنوك البيانات، وقواعد البيانات وكل البنى الأساسية لتوثيق المعلومات التي تسهم في عملية تجميع المعلومات وتخزينها ومعالجتها واستعمالها. 

في أنظمة المعلومات التفاعلية WW- media تكون كل أنواع أنظمة توثيق المعلومات وسائط بين مؤلف المعلومات (المرسل) والمستخدم. إنها أنظمة تفاعلية باتجاهين بحيث يكون مؤلف المعلومات والمستخدمون متفاعلين مع النظام لكن ليس في الاتصال المباشر مع البيانات المرتدة.

لهذا على الرغم من أن المعلومات التفاعلية WW- media تكون منتظمة على الشبكة online، يوجد دائماً انفصال متفاوت الدرجات بين نظام الاتصال الأولي ونظام المعلومات، بوصفه وسيطاً للمعلومات الأولية. وبسبب هذا، يمكن اعتبار مؤلف المعلومات المرسل والمسؤول عن عرض المعلومات. 

فيما يخص WWW-media لم يخسر المؤلفون هويتهم، بل تغيرت خاصية المؤلف وخاصية مصدر المعلومات. قيد المؤلف يتحدد موضوعياً، إضافة أنه من خلال المؤلف ومساعد المؤلف، ومن خلال رعاية الموقع الإلكتروني وبطريقة غير مباشرة من خلال مزود خدمات الانترنت. لم يعد مصدر المعلومات شخصاً واحداً فقط، أو مؤسسة أو وثيقة، بل هو الآن الإنترنت، ومزود الخدمات، والموقع الإلكتروني. 

في WWW-media يشارك عدد من الوسطاء الجدد في إيجاد المعلومات. ونتيجة لذلك يزداد عدد المشاركين الذين يحددون مؤلف المعلومات ومصدرها. فقد غير حضورهم الثابت في الاتصال والتفاعل مع المستخدمين طبيعة التواصل من أساسها. يكون مصدر المعلومات الجديد حاضراً بحيوية على الإنترنت، لأنه يولد ويحدث معلوماته من ذاته.  لأن رعاة الموقع الإلكتروني ومؤسسيه مهتمون بعرض المعلومات باسم المؤلف وباسم مصدر المعلومات أيضاً.

مدونات المعرفة في أنظمة  WWW-systems مفتوحة أمام أعداد المشاركين الذين يشكلون جزءها الاساسي وكذلك الأخذ بنظر الاعتبار كم المضمون المعروض ونوعه. كما أن مدونات المعرفة على WWW-media تحدّث نفسها باستمرار. فليس من يحافظ علها ويحدّثها المستخدمين والوسطاء فقط، بل يحدثها المرسِلون أيضاً، أما الأجزاء التي لا يحافظ عليها ولا يتم تحديثها تلقائياً فتصبح قديمة وتنتهي.

WWW هي وسائل مجودة على الشبكة لها بداية معروفة وقواعد لمعالجتها. لكنها اليوم أنظمة مفتوحة بكل ما للكلمة من معنى. بالنسبة لنسب المعلومات، وعدد المستخدمين، والمزود بالمعلومات، إلخ. فان حجم منظومتها غير خاضع للسيطرة. إضافة إلى أن الإنترنت وسيلة إعلامية تفاعلية، على الرغم من العلاقات المتغيرة  الكثيرة بين مزود الخدمة والمستخدم. فكل مستخدم يمكن أن يصبح مزود معلومات وكل مؤلف قد يصبح المستخدم الذي لا يحتاج إلى وسيط في تفاعله. هذا ممكن فقط لأن وظيفة المعلومات (وظيفة اختيار وتنظيم المعلومات) مرتبطة تماماً بوظيفة التواصل (وظيفة نشر المعلومات وتوزيعها). النص القابل للنقل يتغير إلى نص تشعبي  hypertext و/ أو الى نص متعدد الوسائط، منظم بطريقة يمكن من خلالها البحث عنه واستخدامه وفقاً لكل المعايير – بدءاً باللحظة التي تم إطلاقه فيها. تلك الخاصية تربط المؤلف وتساويه بالمستخدم وتحولهما إلى مشاركين في الاتصال، حيث يسعى كل منهما لإنجاز فوائد الاتصال وإشباع حاجاته التواصلية. 

في كل اتصال، مؤلف المعلومات هو المشارك النشط، وهو يريد عند بث المعلومات التأكيد على فوائد التواصل لذاته، أي إن التواصل ليس غاية في ذاته طالما سعى المستخدم للمعلومات الملائمة لإشباع حاجاته ومطالبه، يريد مرسل المعلومات إشباع حاجاته التواصلية والاجتماعية من خلال إرسال المعلومات الملائمة من أجل تحقيق الهدف.

لكن بصرف النظر عن عدد نماذج  المعلومات المختلفة الموجودة، فإنها من وجهة نظر المرسل ليست مكتشفة فقط لأن المرسل في W و  WW- media  كان المشارك المتلقي في عملية المعلومات. بتعبير آخر، أنظمة المعلومات التي تتعامل مع W و  WW-media هي الوسطاء فقط ومساعدو أنظمة التواصل الأساسية. في WWW-media حيث تتداخل عمليات التواصل والمعلومات، يبدأ الخط الفاصل بالاختفاء وقد سبق أن انحل في بعض الحقول. لهذا يجب مراجعة فاعلية نظام الاتصال، مع الأخذ بعين الاعتبار ملاءمته للمستخدم وفائدة المرسل أيضاً.

ملاءمة المعلومات الموجودة على الشبكة العنكبوتية WWW

مع ظهور وتطور نظام استرداد المعلومات، بات استرداد المعلومات الملائمة وتأمينها المهمة الرئيسة لهذه المنظومات. وباتت الملاءمة منذ ذلك الحين هي المسألة الرئيسة لعلم المعلومات، التي تستخدم في تحليل خدمات المعلومات والمفهوم النظري الملائم لتقييم تبادل المعلومات ولفهم معالجة المعلومات. وكما هي الحال مع كل المفاهيم الأساسية في العلم، فإنه لا يوجد إجماع على تعريف واحد لمصطلح الملاءمة. فعادة يتم تفسير الملاءمة على أنها معيار لفاعلية معالجة المعلومات من أجل إشباع الحاجة إلى المعلومات ومطالب المستخدم. ولأن بعض المؤلفين اعتبروا أن للعوامل المختلفة التي تحدد عملية تبادل المعلومات تأثيراً حاسماً في فاعلية معالجة المعلومات، فقد نشأ تفسير مختلف للملاءمة. 

يمكن تفسير الملاءمة من وجهة نظر نظام المعلومات، والمقصد، والموضوع المعالج، والموضوع المعرفي، والانتماء، وكذلك من وجهة نظر منطقية وبراغماتية.  (Saracevic, 1975).

الملاءمة (في نظرية علم المعلومات) لا تفسر من وجهة نظر مرسل المعلومات. وهناك سببان أساسيان لذلك: الأول، وكما ذكرنا سابقاً، هو أن في منظومات المعلومات التي تتعامل مع عملية W و  WW-media، لا يكون مرسل المعلومات (المؤلف) مشاركاً فعالاً في تبادل المعلومات. فأنظمة المعلومات هي مجرد وسائط بين المستخدم ومرسل المعلومات لأن هذه الأنظمة لا تضمن التواصل المباشر بينهما.

السبب الثاني لعدم استكشاف اهتمام مرسل المعلومات بتبادل المعلومات هو أن علم المعلومات في البدايات يهتم بشكل أساسي بمعالجة المعلومات العلمية. وإن علم المعلومات يعرّف بأنه حقل علمي يستكشف بنية المعلومات وخصائصها العلمية (A.J.Mihajlov, R.S.Giljarevski, 1977). ورغم أن علم المعلومات لم يعرّف دائماً بأنه حقل يُعنى بالمعلومات العلمية، فإنه عُني بشكل أساسي بالمعلومات العلمية والاحترافية وكان قبل كل شيء موجهاً للتواصل العلمي منذ البدايات. (Tudjman, 1990).

فلا بد  أن تكون المعلومات العلمية والاحترافية صحيحة في طبيعتها أو أن يكون هدفها إدراك الحقيقة، لذا لم يعد هناك حاجة للاعتراض على فوائد الاتصال لمرسل المعلومات لأنها تعدّ من دون أهداف تواصلية أخرى غير الفوائد والأسباب العلمية والاحترافية. 

امتد حقل علم المعلومات منذ زمن إلى كل أنواع المعلومات وليس فقط إلى المعلومات العلمية والاحترافية. وقد أدّى تطور تكنولوجيا المعلومات  (WWW media) بأنظمة الاتصال والمعلومات إلى ربط مرسلي المعلومات ومستخدميها بطريقة يحاول فيها الطرفان تحقيق مصالحما في أثناء تبادل المعلومات. فباتت معالجة المعلومات وأنظمة المعلومات جزءاً من العلاقات الاجتماعية الفعلية ووسيلة التفاعل الاجتماعي. 

ولهذا فإن عمليات معالجة المعلومات اليوم هي  أكثر من أي وقت مضى، ممتلئة بكم هائل من المعلومات، وكذلك المعلومات الخاطئة  misinformation  والمعلومات المضللة  disinformation. لم تعد الـ disinformation والـ  misinformation أخطاء النظام الوحيدة أو أخطاء بشرية بل نتيجة الجهود والمساعي المؤسساتية. ولأن هذا ليس موضوع بحثنا هنا، فإننا لن نذكر إلا بعض الأفكار. فالآن يشكل التسويق والدعاية جزءاً مكوناً من كثير من الحقول المعرفية. لذا يعتبر بعض المؤلفين الدعاية «الأخت التوأم للتضليل  Disinformation”” لأنها كالتضليل Disinformation «حرب كلامية»، وفعلاً طالما أن Disinformation” لا تعرف المنافسة، فإن الدعاية تعتاش عليها (Liminski, 2002).

في أثناء الحرب الباردة، نشأت بعض المؤسسات مثل محطات الراديو، ودور النشر، إلخ. التي كانت مسؤولة عن تسويق الـ misinformation  و  disinformationعلى جانبي “الستار الحديدي”. والآن هناك كثير من الكتب والصحف التي تكتب حول هذا الموضوع (See E.J.Epstein, 1989).

واليوم أيضاً، أنشأت بعض الحكومات، بدرجات متفاوتة من الانفتاح، الوكالات التي تريد التأثير من خلالها على الرأي العام والمطبوعات العالمية. كما طورت القوى العسكرية وأجهزة المخابرات في كثير من البلدان قوانين خاصة وبرامج للتضليل  disinforming. ولكي تتجنب الصراعات الشديدة التوتر فإنها توجّه النزاعات قليلة التوتر من خلال استخدام وسائل الإعلام الجماهيرية.

لا يقتصر تعرّض المعلومات للخطأ misinformation وللتضليل disinformation على المعلومات السياسية والعسكرية والتجارية فقط، بل يتعداها إلى البيانات البيئية والمناخية  (M. Swords, 2002). وبسبب هذه التوجهات، يعلن بعض المؤلفين أن «عصر التضليل  Disinformation « حل محل «عصر المعلومات». والأهم من هذا كله أن د.ج. روثكوبف D.J.Rothkopf (1999) يبدأ مقالته بـ: “لا تصدق أحداً”.

الملاءمة من وجهة نظر المرسِل

طبعاً لا بد من وجود أسباب نظرية وبراغماتية لإعادة التحقيق في قيمة تبادل المعلومات في أنظمة المعلومات – الاتصالات، ويجب إعادة التفكير بجودة المعلومات ليس من وجهة نظر المستخدم فقط، بل من وجهة نظر المرسِل (المؤلف) أيضاً.

نتابع من الأطروحة التي وضعها أ. كوفاكز A. Kovacz (1997) والتي تقول بإمكان تقييم جودة الذكاء أو المعلومات من منظورين مختلفين: قابليتها للاستعمال وفائدتها. وعلى الرغم من أننا استعملنا هذه المعايير سابقاً (M.Tudjman, 2002) في تحليل المعلومات، فإننا سنطبق التصنيف ذاته على التفسير الجديد لمفهوم الملاءمة.

ومهما كان نوع المعلومات التي  نتعامل معها (information أو   misinformation  أو disinformation)، فإننا نستطيع تقييم الجودة من وجهات نظر جميع المشاركين في عملية الاتصال. 

إن قابلية المعلومات للاستعمال هو المعيار لجودة التواصل في عملية المعلومات. ففي هذه العملية، تصل المعلومات إلى المستخدم المستهدف من خلال الخدمات التي جمعتها، وعالجتها، وحللتها ونشرتها. إن قابلية الاستخدام هي معيار جودة خدمة المعلومات التي يقيمها المستخدم. وهكذا تكون قابلية المعلومات للاستخدام مسألة تقييم ذاتي وأصيل يقوم به مستخدم المعلومات. 

تمثّل سهولة الاستخدام درجة إرضاء حاجات المستخدم للمعلومات في لحظة بدايتها أو في لحظة إرسال المعلومات إلى المستخدم. وفي علم المعلومات تكون الملاءمة هي العبارة المقبولة لقياس قابلية استخدام المستخدم للمعلومات.

تقاس قابلية الاستعمال بمعيار الملاءمة. وأما قيمة المعلومات الملائمة فهي: دقة التوقيت، الصلاحية، دقة البيانات، التفصيل، وملائمة التصنيف وطريقة عرض المعلومات. بتعبير آخر، تُقدّر قيمة المعلومات الملائمة بمعيار التأليف، والدقة، والموضوعية، والسرعة والصحة.

وعليه فإن المعلومات الملائمة هي المعلومات التي يستطيع المستخدم استعمالها. وقابلية الاستعمال هي بالفعل مقياس القابلية. فقابلية استعمال المعلومات توجه المستخدم إلى الخيارات الممكنة الممنوحة على أساس المعطيات الجديدة المتاحة. لكن على الرغم من المفاهيم التي نقدمها وعلى الرغم من قابليتها للاستخدام، يوجد كثير من الأسباب لعدم الحاجة لاستعمال المعلومات. فمثلاً، المستخدم غير قادر على استخدام المعلومات المتاحة أو غير مسموح له باستخدامها بسبب النقص في وسائل الوصول إلى الأهداف وبسبب فقدان الدعم الاجتماعي والسياسي والشعبي أو أي نوع آخر من المساعدة لتنفيذ القرارات بسبب فقدان الشجاعة أو الحزم في اتخاذ القرار إلخ.

إذاً قابلية المعلومات للاستخدام هي معيار للجودة الحقيقية لعملية المعلومات. ويمكن تقييم قابلية استعمال المعلومات على أساس المعيار الموضوعي، الذي لا يحصل إلا فيما بعد ؛ أي فقط بعد أن يكون المستخدم قد استعمل المعلومات بالفعل.

اعتمد أ. كوفاكس  A. Kovacz خمسة معايير لقياس قابلية استخدام المعلومات، على الرغم من إدراكه لعدم ترابط هذه المعايير الخمس بسبب تداخلها. ورأى أن المعيار الثالث يضم المعيار الأول. فالمعلومات، وفقاً لـ أ. كوفاكس،  تكون قابلة للاستعمال إذا: 

كانت تدفع مستخدم المعلومات لتغيير القرار الذي اتخذ سابقاً أو لتغيير هدف الفعل؛

أتاحت خياراً مختلفاً (أفضل) لتطبيق القرار الذي سبق اتخاذه، أو من أجل هدف الفعل؛

أدّت الدور الأساسي في صنع القرار (تنفيذ الفعل أو القرار لأن تنفيذه يرتكز على المعلومات المعطاة)؛ فرضت على الخصم تغيير تنفيذ سياساته أو أفعاله؛ حسّنت من النتائج السياسية التي يتبعها المستخدم أو قللت من الآثار السلبية لأفعال الخصوم؛ أي الناشطين الاجتماعيين الآخرين.

لا بدّ من تأييد الاعتراض الذي يمكن أن يثار على الحجج والمعايير، التي اقتبست من أ. كوفاكس. فهذه الحجج والمعايير لا ترتبط إلا بأحد الجوانب الخاصة للمعلومات، وبالتالي لا يمكن تطبيقها في تقييم قابلية استعمال كل المعلومات.

لكن لا أهمية كبيرة لتحليلنا إذا كان للحجج السابقة أهمية كلية أو جزئية (أي إذا كانت متصلة بكل أو ببعض أنظمة ومعالجة المعلومات). ولا بدّ من لحاظ أمرين: الأول أن قابلية المعلومات للاستخدام هي المعيار الفعلي لتقدير قيمة تطبيق المعلومات (الجزئية)، والثاني أن قرار المستخدم لا يكفي لتحديد قابلية المعلومات للاستخدام، بل  نواياه ومصالحه. وبالتالي، يجهد كل من المستخدم والمرسل لتغيير نوايا الآخر وقراراته. لماذا؟ لأنهما في حالة من التفاعل (خصوصاً في WWW-media) وهما يغيّران باستمرار قواعدهما الاجتماعية (المستخدم – المرسل)  في عملية التواصل.

تنبثق المعايير المذكورة لتفسير قابلية المعلومات للاستعمال من الأطروحة النظرية القائلة إن عملية صنع القرار هي صندوق أسود مليء بالمعلومات التي تشكل المدخلات والأفعال التي تشكل المخرجات. ووفقاً لهذا النموذج تكون المعلومات فعالة (أو مفيدة) إذا غيرت مدخلاتها المخرجات أي إذا أثرت في تغيير تنفيذ الفعل.

وعلى الرغم من أن احتمال قياس المعلومات من منظور الجودة مورد للشك، فإن للنظرية القائلة بضرورة قياس ملاءمة المعلومات وفائدتها أهمية كبرى.

إذا بقيت الملاءمة -المصطلح الأساسي لعلم المعلومات- معياراً لجودة عملية المعلومات من منظور المستخدم، تكون قابلية المعلومات للاستخدام هي مقياس لجودة المعلومات من وجهة نظر المرسل.

كما أن معيار قابلية المعلومات للاستخدام هو قياس لفاعلية المرسل حيال عمليات صنع القرار وأفعال مستخدم المعلومات.

ويقاس التأثير الفعلي لمؤلف المعلومات (المصدر) على اختيار الأهداف والقرارات وفقاً لمعيار الفائدة.

الواضح أن قيمة ملاءمة المعلومات وفائدتها ستتداخل وقد تستعملان كمترادفات عندما تكون المعلومات دقيقة وموضوعية.

غير أن فائدة المعلومات الخاطئة misinformation  والمعلومات المضللة  disinformation تكون بالنسبة للمستخدم متناسبة عكسياً مع ملاءمة المعلومات. 

الخاتمة

أردنا في بداية مقالنا أن ندقق في الأطروحة القائلة إذا كانت موضوعات علم المعلومات هي المعلومات والمعلومات الخاطئة misinformation. فهل صحيح أن المعلومات الخاطئةmisinformation  والمعلومات المضللة  disinformation تشكل موضوعاً حقيقياً لمزاولة توثيق المعلومات؟

هل نحن نتعامل مع الـ misinformation  و  disinformation في أنظمة المعلومات وقواعد البيانات، وكيف نميّز نظرياً المعلومات من المعلومات الخاطئة، و/ أو المعلومات المضللة؟ وإذا كانت الملاءمة معياراً لقابلية الاستعمال في عملية التواصل، فكيف يمكن أن نقيس قصور المعلومات؟ وإذا كانت الملاءمة معياراً لقابلية الاستخدام في عملية الاتصال، فكيف يمكننا قياس عدم فاعلية المعلومات، والمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة في عملية التواصل؟

لا يمكن أن يغيب عن علم المعلومات أن تبادل المعلومات هو علاقة اجتماعية وشكل من أشكال الفعل الاجتماعي الذي يكون للمشاركين فيه مصالح متعارضة. لذلك يجهد المشاركون في التفاعل لتغيير المقاصد، والأهداف، والقرارات، والأفعال – ليس التي تخصّهم فقط، بل التي تخصّ المشاركين الآخرين الذين يمكن أن يكونوا على نوع من الاتصال معهم.

لذا فإن علم المعلومات يجب أن يبدأ باكتشاف ملاءمة المعلومات من وجهة نظر المستخدم ومن وجهة نظر المرسل بالإضافة إلى جميع المشاركين في التفاعل. 

تحدد تكنولوجيا المعلومات المتاحة نوع التفاعل بين المشاركين في عملية إيجاد المعرفة واستعمالها وتبادلها. وتؤثر نتائج الاتصال في بنية المعرفة وتنظيمها. كما تحدد وظيفة الذاكرة (وظيفة تخزين المعلومات) صيغة العرض ونوع وسيلة الإعلام. وعليه فإن الوظيفة المعرفية شرط ضروري لكنه ليس شرطاً كافياً لفهم بنية المعرفة وإدارتها.

وبالاعتماد على تطبيق التكنولوجيا الحديثة وتطور المعلومات، والتوثيق، ووظائف الاتصال، ميزنا ثلاثة نماذج اتصال مختلفة أي ثلاث وسائل اتصال سائدة. 

تتيح وسائل الاتصال الانفعالية التفاعل بين مؤلف المعلومات والمستخدم اللذين يتبادلان أدوارهما (المؤلف – المستخدم) ويكون لهما مصالح مختلفة وأحياناً متعارضة يعملان على تحقيقها. يتواسط في هذا التفاعل، عدد من المشاركين الجدد، غير المعروفين في وسائل الإعلام السابقة. 

لذلك من الضروري أن نقبل حقيقة أن المعلومات، والمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة تدور في أنظمة المعلومات والاتصال وأن جميع أنواع المعلومات هي موضوعات لعلم المعلومات. من هنا تقع على عاتقنا مهمة وضع معايير ومقاييس للاعتراف بالمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة وتقييمها من أجل حماية المستخدمين وكذلك أنظمة المعلومات. فعلم المعلومات يجب أن يبدأ بوضع آليات لحماية المعلومات وعمليات الاتصال من التلوث بالمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة.

ومن أجل إدراك هذه المهام، يحتاج علم المعلومات لإعادة تعريف بعض المصطلحات الأساسية. فقد سبق وحذرنا من أن الذي يسيطر على وسائل الإعلام يحدد بنية المعرفة ونظامها. وهذا يعني أن دورة حياة المعرفة وعمرها لا يحددان من خلال نفس الوظائف في وسائل الإعلام المختلفة. فالمصطلحات الأساسية مثل المعلومات، المؤلف، مرسل المعلومات، مصدر المعلومات، متلقي المعلومات، الملاءمة إلخ. تصبح غير دقيقة، وغير واضحة، وغير محددة وغير مكتملة عندما تستخدم في التحليل في وسائل الإعلام الحديثة (WWW) ونماذج الاتصال الجديدة.

لقد حلّلنا في هذه المقالة المعلومات والمعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة ليس فقط من منظور الوظيفة المعرفية، بل أيضاً من منظور وظيفة المعرفة ومنظور وظيفة الاتصال.

يمكن أن نتحقق من أطروحة كبورو  Capurro القائلة أن المعلومات  information والمعلومات الخاطئة misinformation  والمعلومات المضللة  disinformation موضوعات مباحة وهي ضرورية لعلم المعلومات، وخصوصاً الآن حيث تسيطر النماذج الثلاثة على وسائل الشبكة العنكبوتية WWW.

لذلك بدأنا باستكتشاف جودة المعلومات من وجهات نظر جميع المشاركين في عملية التواصل. وبيّنا إمكان تقييم الجودة بالاعتماد على قابلية الاستعمال والفائدة. 

إن قابلية المعلومات للاستعمال هي معيار لجودة المعلومات كما يقيّمها المستخدم. والملاءمة مصطلح مقبول لقياس قابلية المعلومات للاستعمال من قبل المستخدم. وكانت أطروحتنا أن قابلية المعلومات للاستخدام هي معيار لفاعلية المرسل حيال عمليات اتخاذ القرار وحيال أفعال مستخدم المعلومات. والفائدة معيار أيضاً، لكن ليس مقدار وحدة القياس؛ القياس هو العلاقة فقط، التي يجب قياسها بنفس المعيار أو وحدات القياس. 

لهذا لا يقدّم تصنيفنا حلولاً نهائية. فالتصنيف يشير إلى أن الملاءمة، التي ما زالت المصطلح الأساسي في علم المعلومات، هي وحدها معيار جودة المعلومات. كما يمكن قياس المعلومات من منظور فائدة المعلومات. وإذا كان الأمر كذلك، تنشأ مجالات للبحث الجديد ومجالات للتطور، تدرس المصطلحات الأساسية في علم المعلومات.