الباحث : علي زياد نذر و زينة سمير فخري
اسم المجلة : الاستغراب
العدد : 35
السنة : صيف 2024م / 1446هـ
تاريخ إضافة البحث : October / 21 / 2024
عدد زيارات البحث : 84
الملخّص
تعتبر نظرية الذكاءات المتعددة التي طرحها هوارد غاردنر من النظريات التي يعدها البعض فتحًا في مجال التربية والتعليم لما لها من آفاق ومجالات خارجة عن إطار التربية التقليدية في المدارس والمعاهد التعليمية، يركز هوارد في هذه النظرية على أن قضايا الذكاء لا ينبغي التعامل معها بشكل سطحي على ما هو مألوف في الأدبيات القديمة، بل لا بد من فتح الباب أمام أصناف وأنواع من الذكاءات التي يتعدد على وفقها البشر بحسب قابلياتهم وكفاءاتهم، كالذكاء اللغوي والذكاء المنطقي والذكاء الموسيقي وغيرها.
نسلّط الضوء في هذه المقالة على أهم سياقات نشوء هذه النظرية وعناصرها التي تشكّلها ومن ثم نتعرض لبيان أهم الانتقادات الموجودة والتي تطرأ على هذه النظرية من وجهة نظر أكاديمية أو إسلامية.
الكلمات المفتاحية: هوارد غاردنر، الذكاءات المتعددة، التربية والتعليم
تقديم
في السبعينيات من القرن الماضي، قدم هوارد غاردنر، عالم النفس الأمريكي وأستاذ في جامعة هارفارد، نظرية عدت «ثوريةً» في نطاق فهم الذكاء البشري، وقد أُطلق عليها اسم «نظرية الذكاءات المتعددة». قبل غاردنر، كان الاعتقاد السائد أن الذكاء يمكن قياسه بمعيار واحد، أي ما يعرف بمعدل الذكاء (IQ). وفقاً لذلك كان يتم تصنيف المتعلمين إما أذكياء أو أغبياء نتيجة درجاتهم في اختبارات الذكاء المعروفة، إذ كانت النظرة السائدة في مجال علم النفس أن الذكاء يشمل عدداً محدوداً من القدرات العقلية التي ترتكز على عددٍ محدودٍ من القدرات اللفظية والمنطقية والأدائية، وقد أهملت النظرة التقليدية للذكاء القدرات الأخرى المتعددة والمتنوعة التي تكشف عن مكامن الإبداع والتفوق لدى المتعلمين، كالقدرات الموسيقية والجسمية والحركية، وغيرها التي يمكن أن تكون روافد جديدة لإثراء عملية التعلم.
عبّر غاردنر عن نظريته وشرحها بشكلٍ مفصلٍ في كتابه «أطر العقل[3]» عام ۱۹۸۳ وقد حاول غاردنر وبالتعاون مع علماء آخرين إضفاء صبغة التعددية على فكرة الذكاء، رافضاً حصرها، كما هو الحال في اختبارات الذكاء التقليدية التي لا تقيم الذكاء بالصورة الوافية[4]. مؤكداً على أن هناك لا أقل سبعة أنواع من الذكاءات، دون أن يحصرها، وهي تشمل: الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي-الرياضي، الذكاء الموسيقي، الذكاء المكاني، الذكاء الجسمي-الحركي، الذكاء البين شخصي، والذكاء الذاتي. وهذه الأنواع من الذكاءات متباينة ومختلفة بعضها عن بعض، كما أنها تتفاوت عند الأفراد، كل نوع من هذه الذكاءات يمثل قدرة متميّزة للفرد على معالجة المعلومات وحل المشكلات، مما يدعو إلى إعادة النظر في كيفيّة تصميم الأنظمة التعليميّة التقليدية وتقييم الطلاب.
وفق ذلك عُدت نظرية الذكاءات المتعددة من أهم النظريات السيكولوجية والتربوية المعاصرة، بما قدمته من أنموذج جديد في مجال الممارسات التربوية والتعليمية، في حين أن هذا العدد قد وصل إلى إثني عشر ذكاءً على الأقل في وقتنا الحاضر. مستعرضاً الدلائل من دراسات أجراها على الأفراد الموهوبين، العباقرة، مرضى تلف المخ، المعاقين عقلياً، الأطفال، والبالغين.
المقصود من «الذكاءات المتعددة» بحسب غاردنر
عرّف غاردنر الذكاءات المتعددة (Intelligences Multiple) في عام 1983 بأنها «القدرة على حل المشكلات أو ابتكار المنتجات التي لها قیمة في ثقافة واحدة أو أكثر»[5] وقد طوّر غاردنر التعريف وجعله أوضح في عام 1999 إذ عبّر عنه ب»قدرة نفسیة بیولوجیة كامنة (Potential Biopsychological) تستلزم وجود مھارات متعددة یمكن تنشیطها في البیئة الثقافیة لتمكين الفرد من معالجة المعلومات وحل المشكلات وابتكار المنتجات التي لها قیمة ضمن الثقافة التي یعیش في كنفها الفرد أو في ثقافات أخر»[6].
وبتحليل الفرق بين التعريفين، يظهر في الأخير أن غاردنر أضاف بأن الذكاء -وهو لا يتحدث عن ذكاء بعينه، بل يتحدث عن كل واحد منها- أمر مولود غير مكتسب يُفعّل تبعاً للظروف البيئية والمحيطة للفرد، بغية حل المشاكل التي تواجهه، وبالتالي فإن هذه الذكاءات -ليس بالضرورة كلها- التي ولد بها، هي عبارة عن أدوات تنفع الإنسان بتطوير نمط حياته وحل مشكلاته.
سياق نشوء النظرية
جاءت نظرية الذكاءات المتعددة كرد فعل على تصور بياجيه الذي يؤمن بأحادية الذكاء الرياضي المنطقي وغلوه في النزعة العقلانية الموحدة للعقل بالمفهوم الديكارتي والذي يستبعد عوامل الفروق الفردية. ويعود بدايات البحث في هذه النظرية إلى عام 1979 عندما طلبت مؤسسة فان لير (Van leer) من جامعة هارفرد القيام باستقصاء علمي يهدف إلى إظهار مدى تفعيل المعارف العلمية والقدرات الذهنية لدى الأفراد في مواقف الحياة المختلفة. وبغية تحقيق هذا الهدف جرى تشكيل فريق بحثي من مجموعة من الأساتذة الباحثين في الجامعة من تخصصات مختلفة قاموا بأبحاث استغرقت سنوات عدة، حيث جرى البحث في المجالات المعرفية والذهنية، واستقصاء مدى تفعيل هذه الإمكانات في الواقع التطبيقي[7]. وفق ذلك، صار سياق ظهور نظرية الذكاءات المتعددة مرتبط بشكل وثيق بحركة التجديد التربوي والنقد المتزايد للاختبارات التقليدية لمعدل الذكاء، التي كان يُنظر إليها على أنها تقيس قدرة الفرد الفكرية بشكل غير كامل. غاردنر، من خلال أبحاثه، دعا إلى فهم أكثر شمولية للذكاء يتضمن الاعتراف بالتنوع الكبير في القدرات البشرية، كما دعى إلى تعليمٍ يعترف ويطور هذه القدرات المتعددة.
أهمية النظرية
تكمن أهمية نظرية الذكاءات المتعددة في تأثيرها البعيد المدى على مجال التربية والتعليم. هذه النظرية لم تغيّر فقط في كيفيّة فهم الذكاء، بل أيضًا في كيفية تصميم المناهج الدراسية، وتقييم تحصيل الطلاب. إنها تشجع على التعليم الذي يلبي الاحتياجات الفردية لكل طالب ويعترف بالتنوع في التعلّم وتقدير قدرات الفرد على التعبير عن ذكائه بطرق متعددة ومتفردة.
فنظرية الذكاءات المتعددة مكّنت المدرّس من ترجمة المادة الدراسية التي يدرّسها على وفق أنواع الذكاءات لدى الطلبة، ووفق ذلك تكون مهمة المعلم أو التربوي هي السعي للكشف عن الأسلوب الأمثل الذي يتعلم الطالب من خلاله، لتوظيفه في عملية تعليمه، حتى يغدو التعلم تجربة منسجمة مع قدراته ومفيدة، يمارسها المتعلم وهو يشعر بالثقة والقدرة على تحقيق الهدف الأسمى من التعليم ألا وهو بناء الإنسان القادر، وليس اختبار قدرة الطالب على النجاح أو الفشل. ومن هنا فإن مسألة مراعاة الفروق الفردية في القدرات العقلية وأنماط التعلم حسب التخصص ليست وهماً يتذرع به علماء النفس، بل هي هم تربوي يشغل بال التربويين، من أجل فهم التنوع بأشكاله وألوانه بين الطلبة من أجل استيعابه والتعامل معه. فبالنسبة إلى هذه النظرية لم يعد مقبولاً التوجه الثنائي لتقييم الطالب، بل يجب الإيمان بأن كل طالب قادر على التعلم ولكن بأسلوبه الخاص فمثلاً طالب الآداب أو الإنسانيات يتعلم بأسلوب يختلف عن طالب العلوم والرياضيات، إذ الأول يميل إلى الجدل والنقاش باستخدام ذكائه اللغوي والثاني يحتاج إلى أن يختبر المادة التعليمية بصورة محسوسة في المختبر باستخدام ذكائه العلمي، أما طالب التربية الرياضية فيتعلم باستخدام حركات جسمية، وهكذا في بقية الذكاءات.
ولهذا فإن نظرية الذكاءات المتعددة قد شكلت تحولاً جذرياً في فهم الذكاء والتعليم. يمكن تلخيص الأهمية التربوية لنظرية الذكاءات المتعددة التي طورها «هوارد غاردنر» في النقاط التالية:
تحدي للمفهوم التقليدي للذكاء: إن نظرية الذكاءات المتعددة تُشكل تحديًا صريحًا للنظرة التقليدية للذكاء، مؤكدةً أن الكفاءة المهنية للأفراد لا تعتمد فقط على الذكاء العقلي بالمفهوم التقليدي.
ضرورة التغيير: تتمتع النظرية بسهولة في ديناميكية التغيير للتكيف مع مختلف الذكاءات والقدرات والطاقات، إضافةً إلى تطوير مناهج وطرق التدريس لتكون أكثر فاعلية وشمولية.
تجديد طرق التدريس: تضيف النظرية ديناميكيةً في التدريس، بما يثري تجربة التعلم ويجدد الاهتمام بالتعليم من خلال تقييم شامل لقدرات الطلاب والابتعاد عن التقييم القائم فقط على النجاح في اللغة والرياضيات.
التأثير على المجتمع والفرد: تستطيع النظرية بلورة نظام تعليمي يقوم على فكرة صناعة الأجيال لتساهم في المجتمع الحالي وفقا لقدرات ومؤهلات كل واحد منهم.
أخيراً تتميز النظرية من جهة اعتبارها أن الذكاءات يمكن صقلها وشحذها عن طريق التشجيع والتحفيز والتعليم والتدريب[8]
مبادئ نظرية الذكاءات المتعددة
اعتبر هاورد غاردنر أن نظرية الذكاءات المتعددة التي طورها تقوم على عدة مبادئ أساسية تحدد فهمنا للذكاء. هذه المبادئ وإن جرى ذكرها بشكل عرضي من خلال ما مر، إلا أنه لابد من ترتيبها للإشارة إلى الركائز التي تُبنى عليها النظرية، وهي[9]:
التعددية في الذكاءات: الفرضية الأساسية المتكررة لنظرية غاردنر، هي أن الذكاء لا يأتي بشكل واحد، بل يتجزأ إلى عدة أنواع من الذكاءات. يملك الناس جميعاً هذه الذكاءات ولكن بدرجات متفاوتة، وتعمل هذه الذكاءات بطرائق معقدة ومكملة بعضها مع بعض في تفاعلها مع الحياة. وهذا يعني أن كل شخص يمتلك مزيجًا متفردًا من الذكاءات التي تؤثر في كيفيّة تفاعله مع العالم ومعالجته للمعلومات، وهو ما يعزز فكرة أن التعليم يجب أن يُصمم ليتناسب مع التنوع الكبير في أنواع الذكاء لدى الطلاب.
الاستقلالية بين الذكاءات: غاردنر يعتقد أن كل نوع من أنواع الذكاء يعمل بشكل مستقل نسبيًا عن الآخرين. مما يعني أن شخصًا يمكن أن يكون متفوقًا في نوعٍ واحدٍ من الذكاء، مثل الذكاء الموسيقي، دون أن يكون بالضرورة متفوقًا في أنواعٍ أخرى مثل الذكاء الرياضي المنطقي. هناك طرائق عديدة ليكون الناس أذكياء ضمن أي فئة من فئات الذكاء فليس هناك مجموعة معيارية من الخصائص التي يجب أن يمتلكها الشخص، كي يعد ذكياً في مجال محدد، مثلاً يمكن أن يتميّز الشخص غير القادر على القراءة بالذكاء اللغوي لأنه يستطيع أن يخبر قصة رائعة.
الذكاء كقدرة على حل المشكلات وصنع المنتجات المفيدة ثقافيًا: غاردنر يرى الذكاء عبارة عن قدرة الفرد على حل المشكلات أو إنشاء منتجات في سياق يُعتبر ثقافيًا مهمًا. على سبيل المثال، الذكاء الموسيقي يظهر من خلال قدرة الفرد على أداء الموسيقى أو التأليف الموسيقي.
تطبيقات في التعليم: تصميم الأنشطة التعليمية بطرق تحترم هذا التنوع وتشجع الطلاب على توظيف قدراتهم الفريدة بطرق مختلفة، مثل إدخال الألعاب والموسيقى والتفاعل الاجتماعي والأنشطة العملية، لتحقيق التعلم الأمثل بحسب كل طالب. يستطيع معظم الناس أن يطوروا كل ذكاء إلى مستوى ملائم من الكفاءة، إذ يقترح غاردنر أن كل شخص يملك القدرة على تطوير الذكاءات إلى مستوى معقول من الأداء إذا توافر عنده الدافع، واعطي التشجيع والتعليم الملائمين.
هذه المبادئ تشكل الأساس لفهم أعمق وأشمل للذكاء البشري، مما يساعد في تصميم برامج تعليمية أكثر فاعلية تتناسب مع الاحتياجات الفردية لكل طالب. وقد أدى هذا التأثير إلى إعادة تقييم طرق التقييم التعليمي والتعليم المصمم لتلبية التنوع الكبير في قدرات واهتمامات الطلاب.
أنواع الذكاءات
قام غاردنر بتقسيم الذكاءات إلى سبعة أقسام رئيسة، ثم بعد ذلك أضاف ذكاءين ليصبحوا تسعة، وهي:
الذكاء اللغوي/اللفظي:
يقبع هذا الذكاء بحسب الدراسات البيولوجية، في منطقة بروكا في الدماغ إذ إنها تلعب دوراً رئيسياً في تكوين الجمل وتركيبها بطريقة صحيحة. الأفراد الذين يعانون من تلف في هذه المنطقة قد يواجهون صعوبات في تنظيم الكلمات ضمن جمل مفهومة، مما يؤثر على قدرتهم في صياغة نص متكامل دون أن يؤثر ذلك على العمليات العقلية الأخرى التي يقومون بها[10]. ويمكن تعريف هذا الذكاء بقدرة الفرد على استخدام الكلمات شفوياً بفاعلية، مثل الرواة والخطباء والسياسيين، أو في صورتها الكتابية مثل الشعراء والكتّاب والمحررين والأدباء والصحفيين، ويتضمن كذلك الاستخدامات العمليّة للغة مثل مهارة الإقناع والشرح[11]. أما القدرات المُتضمنةِ في هذا الذكاء، فهي[12]:
تحليل استخدامات اللغة: يشمل فهم قواعد اللغة ومعاني الكلمات، مما يمكّن الفرد من استيعاب وتحليل اللغة بعمق.
إنتاج اللغة والإحساس بالكلمات: يتمتع الأشخاص المتفوقون في هذا النوع من الذكاء بسهولة في استخدام اللغة والتعبير بها، بالإضافة إلى الإحساس بالفروق الدقيقة بين الكلمات، ترتيبها، وإيقاعها.
الذاكرة اللغوية القوية: يمتلك الأفراد ذوو الذكاء اللغوي قدرة عالية على تذكر الأسماء، الأماكن، والتواريخ، مما يساعدهم في تخزين واسترجاع المعلومات بفعالية.
الطلاقة اللفظية والقدرات السمعية العالية: يبرع هؤلاء الأشخاص في الإلقاء والتحدث، ولديهم قدرات استماع ممتازة تمكنهم من التفاعل الفعّال مع الآخرين.
الاستعمال البلاغي للغة: تستخدم هذه القدرة عندما نود أن نقنع شخصا ما بعمل شيء معين، وهذه القدرة البلاغية تظهر بوضوح عند السياسيين والمحامين.
الاستعمال التوضيحي للغة: وتشمل إعطاء التفسيرات المختلفة التي توضح أمراً ما، ويحتاج المعلم إلى هذه القدرة لتوضيح المعلومات للتلاميذ.
تحليل ما وراء اللغة: بمعنى استخراج المعنى المقصود من الكلام المسموع الذي يحمل أكثر من معنى.
أما اكتشاف هذا الذكاء فيمكن في سنين مبكرة من خلال عددٍ من المظاهر التي يمكن ملاحظتها عند الطفل، أبرزها:
يحب الاستماع للآخرين وهم يتحدثون، وينزعج عندما يستعمل الناس اللغة بشكل خاطئ.
يفهمه الآخرون عندما يتحدث.
يحب أن يروي قصصاً.
الذكاء المنطقي/ الحسابي:
إن مناطق محددة في الدماغ مثل الفصوص الجدارية والمناطق الصدغية الخلفية والمجاورة لها تلعب دورًا مهمًا في العمليات المتعلقة بالمنطق والرياضيات. يشير غاردنر إلى أن تلف هذا الجزء من الدماغ قد يسبب صعوبات خاصة في تعلم الحساب، دون أن يؤثر ذلك على أنواع الذكاءات الأخرى. يظهر هذا النوع من الذكاء بشكل خاص في المهن التي تتطلب قدرات حسابية عالية مثل المحاسبين، الرياضيين، مبرمجي الكمبيوتر، أساتذة المنطق، والمهندسين[13]. ويسمى هذا الذكاء بالذكاء الرياضي المنطقي ويُعرّف بالقدرة على استخدام الأعداد بفاعلية، والقدرة على الإستدلال الجيد، ويضم هذا الذكاء الحساسية للأنماط المنطقية والعلاقات والوظائف والتجريدات التي ترتبط بها[14]. أما العمليات التي تدعم هذا الذكاء فهي تشمل التصنيف، الاستنتاج، التعميم، الحساب، واختبار الفروض. الأفراد الذين يبرعون في هذا الذكاء يتمتعون بقدرة على التفكير بطريقة مجردة ومنطقية، ولديهم مهارات في التفكير النقدي وحل المشكلات. كما أنهم يبرعون في اكتشاف الأشكال والتصنيفات، وقادرون على طرح أسئلة شاملة وتحليل المواقف والأحداث، وتقديم البراهين لتبرير كيفية عمل الأشياء.
الذكاء الموسيقي:
هو القدرة على إدراك الألحان والنغمات الموسيقية، والإنتاج والتعبير الموسيقي، وهذا الذكاء يتضمن الحساسية للايقاع والنغمة والميزان الموسيقي للقطعة، كذلك الفهم الحدسي الكلي والتحليلي للموسيقى، وتسمح هذه القدرة لصاحبها بالقيام بتشخيص دقيق للنغمات الموسيقية، وإدراك إيقاعها الزمني كما وكذلك الانفعال بالآثار العاطفية لهذه العناصر الموسیقیة[15].
يجدر الإشارة إلى أن هناك أجزاء محددة من الدماغ تلعب دوراً مهماً في تطوير الحس الموسيقي للأفراد، حيث تمكنهم من فهم الموسيقى، تقديرها، والتفريق بين أنواعها وألحانها المختلفة، مما يثري تجربتهم الموسيقية. هذه الأجزاء تقع في النصف الأيمن من الدماغ. يستشهد غاردنر بأمثلة مثل بيتهوفن وموزارت، اللذين كانا صما ومع ذلك أظهرا مهارات موسيقية فائقة، لدعم فكرة أن الذكاء الموسيقي يمكن أن يظهر بشكل مستقل عن المواهب الأخرى. يتجلى هذا النوع من الذكاء في الأشخاص الذين يبرعون في المجالات الموسيقية مثل التأليف، العزف، والنقد الموسيقي[16].
الذكاء البصري/المكاني:
وتعني القدرة على التخيّل خاصة فيما يخص الصورة والهياكل، فالذين يتمتعون بهذا الذكاء يجيدون الرسم، ويلاحظون التفاصيل باللوحات الفنية، ويقدرون الجمال والفن في الصور، ولديهم ذاكرة فوتوغرافية للأحداث، يفضلون العمل كمصورين أو رسامين أو مهندسين[17]. كذلك لديهم القدرة على قراءة الخرائط بدقة، والاستمتاع بألغاز المتاهات والألعاب البصرية، ويفضل القراءة أو الشرح من خلال الصور والمجسمات، بدلاً من الكلمات والعبارات، ولديه القدرة على تمييز الاتجاهات، وحفظ الأماكن والطرقات التي يزورها لأول مرة.
الأبحاث التي أُجريت على الدماغ تُظهر أن الذكاء المكاني/البصري يتمتع بخصوصية، حيث يُعد الجزء الأيمن من الدماغ المركز الأساسي للمعالجة المكانية. كما أن الأذى الذي يصيب المناطق الخلفية اليمنى من الدماغ يمكن أن يسبب صعوبات في التعرف على معالم الطرق في مكان معين[18]. يتجلى هذا النوع من الذكاء من خلال الاستدلال المكاني وعلاقته بالإدراك الحسي، وهو ما يظهر بوضوح عند الأشخاص المكفوفين الذين يمكنهم التعرف على الأشكال بطرق غير مباشرة، مثل تمرير اليد على الأشياء. النظام الإدراكي اللمسي لدى المكفوفين يعمل بطريقة تعادل النظام البصري لدى الأشخاص البصريين[19]، ويوصف الذكاء المكانى بالقدرة على[20]:
الحساسية للون، والخط، والطبيعة، والمساحة، والعلاقات التي توجد بين هذه العناصر.
إدراك العالم البصري بكل ما يحتويه.
التصوير البصري للمكان داخل الذاكرة.
إدراك العلاقات القائمة بين الأشياء الموجودة فى المكان وليس مجرد رؤية هذه الأشياء.
الذكاء الجسمي/الحركي:
القدرة على استخدام الفرد لجسمه في التعبير عن أفكاره ومشاعره، مثل المهرج والممثل والراقصة والرياضي، وقدرة الفرد على استخدام يديه بسهولة لإنتاج الأشياء مثل الحرفي والميكانيكي والجراح، وكذلك يتضمن المهارات الفيزيقية النوعية مثل التآزر والتوازن والقوة والمرونة والسرعة[21] ویتمثل هذا الذكاء على نحو خاص عند الممثل، والراقص، والریاضي، والنحات، والمیكانیكي، والجراح، والمهني، والتقني[22].
هذا النوع من الذكاء يتميّز بقدرة الفرد على استخدام جسده بطرق فريدة وماهرة، كما والتعامل بمهارة مع الأشياء، سواء كان ذلك يتضمن حركات دقيقة للأصابع أو اليد أو عبر استخدام أجزاء أخرى من الجسم. أما الأساس العصبي لهذا الذكاء فيوجد في القشرة الحركية للدماغ، حيث يسيطر كل نصف من الكرة الدماغية على الجانب المقابل من الجسم[23]. يوجد أدلة تشير إلى أن هذا النوع من الذكاء يمكن أن يظهر بشكل مستقل في بعض الأطفال غير العاديين، مثل الأطفال ذوي التخلف العقلي أو الأطفال المصابين بالتوحد. بالإضافة إلى ذلك، توصلت العديد من الدراسات إلى أن الآليات المرتبطة بالمناطق المسؤولة عن النشاط الحركي في الجزء الأيسر من الدماغ قد تؤدي إلى إعاقة محددة[24].
الذكاء الاجتماعي:
عرفه غاردنر بأنه «القدرة على فهم الآخرین، التفاعل معهم، تشجيعهم ودعمهم، وفهم شخصیاتهم، والعمل على نحو تفاوتي»[25]. فنجد أنه يشمل قدرة الطفل الصغير على التفريق بين الأفراد من حوله وتحديد مزاجهم المختلف حتى تلك التي قد تظل خفية على الكثيرين، وبالتالي يكتسب القدرة على التصرف بناءً على هذه المعرفة[26]. أما في حالته المتقدمة، يُمكن للشخص البالغ القادر على تحليل الشخصية الاجتماعية أن يفهم مقاصد الناس ورغباته ودوافعهم ومشاعرهم والتمييز بينها، «ويضم هذا الذكاء الحساسية للتعبيرات والأصوات والإيماءات، ويفيد هذا الذكاء صاحبه على فهم الآخرين، وتحديد رغباتهم ومشاريعهم وحوافزهم ونواياهم والعمل معهم، كما أنه يفيد صاحبه بالقدرة على العمل بفاعلية مع الآخرين[27]» وقد تم تحديد أربع قدرات رئيسية تشكل مكونات الذكاء الاجتماعي[28] وهي:
تنظيم المجموعات: تشمل هذه القدرة الضرورية للقائد بدء وتنسيق جهود مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف مشترك.
الحلول التفاوضية: تتمثل هذه الموهبة في قدرة الوسيط على منع النزاعات أو إيجاد حلول للنزاعات القائمة بين أفراد المجموعة.
العلاقات الشخصية: تسهم موهبة التعاطف والتواصل في تسهيل التفاعلات الشخصية، وفهم مشاعر الناس واهتماماتهم بشكل مناسب.
التحليل الاجتماعي: هذه القدرة تمكن الفرد من فهم الآخرين بعمق، بما في ذلك معرفة اهتماماتهم، دوافعهم، ومشاعرهم.
مجموع هذه المهارات معًا، يعدّ اللُبنة الأساسية في بناء وصقل العلاقات الاجتماعية وتعزيز الجاذبية والنجاح الاجتماعي بين الأشخاص، فالأفراد الذين يتمتعون بهذا النوع من الذكاء يجدون مكانهم في العمل الجماعي، ويمتلكون القدرة على تولي أدوار القيادة، التنظيم، التواصل، الوساطة، والمفاوضات. هذا الذكاء يبرز بشكل خاص بين المهنيين في مجالات التدريس، الطب، السياسة، والدين[29]، بالإضافة إلى المرشدين التربويين، القادة، وعلماء الاجتماع[30]. وما يميزهم هو[31]:
رغبتهم في مساعدة الآخرين.
مشاركة الآخرين والتعاطف معهم.
قدرتهم على تحقيق مستويات عالية من الإنجاز خلال تفاعلهم الإيجابي مع الآخرين.
الذكاء الشخصي:
القدرة على معرفة الشخص لعالمه الداخلي، وقبول مشاعره والتمییز بفاعلیة بينها، أي فهم الفرد لذاته، وبتعبير آخر يشمل القدرة على معرفة الذات والقدرة على التصرف توافقياً على أساس تلك المعرفة، وهذا الذكاء يتضمن أن يكون لدى الفرد صورة دقيقة عن نواحي قوته وحدوده، والوعي بأمزجته الداخلية ومقاصده ودوافعه وحالاته المزاجية والانفعالية ورغباته والقدرة على تأديب الذات وفهمها وتقديرها[32]. ویبیّن غاردنر أن «الذكاء الشخصي/الداخلي قد لا یزید القدرة على التمییز بین الشعور بالمتعة والشعور بالألم، لكنه في أكثر أنماطه بدائية يكون قادراً على تحديد المواقف التي ينغمس فيها أو ينسحب منها، أما في أكثر أنماطه تقدماً فإن الذكاء الشخصي/الداخلي یتیح للمرء تحديد مجموعات معقدة ومتمایزة للغاية من المشاعر»[33]. الأشخاص الذين يبرعون في هذا النوع من الذكاء يتميزون بالتأمل الذاتي والقدرة الممتازة على التركيز ومراقبة أنفسهم، كما أنهم قادرون على تحليل شخصياتهم وتوضيح أفكارهم الداخلية بفعالية.
ينسب أداء الذكاء الشخصي/الداخلي والاجتماعي إلى الفص الجبهي للدماغ، وهناك بيانات تدعم استقلالية كل منهما بسبب تأثير الأمراض المتنوعة التي قد تؤثر عليهما. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التوحد إلى تقليل الذكاء الاجتماعي، في حين أن الذكاء الشخصي يظهر في القدرة على إدراك مشاعر ودوافع الآخرين، مع وجود صعوبات في إدراك الذات[34].
الذكاء الطبيعي:
القدرة على معرفة كافة خصائص الأنواع الحيوانية والنباتية والمعدنية، وذلك من خلال معرفة مظاهرها وأصواتها ونمط حياتها ونشاطها وسلوكها، كما القدرة على تصنيف وتحديد الأشكال الموجودة داخل الطبيعة، في صورها المعدنية والنباتية والحيوانية، وتصور أنساقها، والسعي نحو استكشافها وفهمها[35].
يذكر غاردنر أن الأفراد الذين يتمتعون بذكاء العالم الطبيعي يشعرون بقمة الارتياح وهم يعملون في مجال الأحياء والكائنات الدقيقة التي يدرسونها، كما يمتلكون موهبة فريدة في العناية والترويض والتعامل الرقيق مع المخلوقات الحية. يشير أيضًا إلى أن استقلالية هذا النوع من الذكاء تظهر من خلال وجود أفراد يتميزون بقدرة متفردة على إدراك النماذج والأنماط الطبيعية، بينما يفتقر آخرون تمامًا لهذا النوع من الذكاء. هناك أدلة من الدراسات التجريبية والسريرية تظهر أن أشخاصًا تعرضوا لتلف في خلايا المخ يفقدون القدرة على تحديد الكائنات الحية، لكنهم ما زالوا قادرين على إدراك الأشياء غير الحية وتسميتها. ومع ذلك، لم تُحدد بعد بشكل قاطع المراكز العصبية المسؤولة عن إدراك الأشياء الحية وغير الحية وتسميتها. يتجلى هذا الذكاء بشكل خاص عند علماء الطبيعة، الجيولوجيين، الصيادين، والمزارعين[36].
الذكاء الوجودي:
اقترح غاردنر في كتابه لعام 1999 وجود ذكاء بعنوان الذكاء الوجودي وقد تم اكتشاف فرضية هذا الذكاء بشكل أكبر من قبل الباحثين التربويين[37]. يعبّر الذكاء الوجودي عن القدرة التي يميل فيها الفرد إلى توجيه أسئلة أساسية حول الحياة والموت والوجود مثل: من نحن؟ ومن أين أتينا؟ ولماذا نموت؟[38] ويهتم هذا الذكاء بشكل الحياة على الكواكب الأخرى وبقضايا الدين، كما وزيارة الأماكن المقدسة، يكون هذا الذكاء نامياً وبارزاً في أعمال رجال الدين، والفلاسفة، وعلماء التاريخ[39].
ويذكر غاردنر أن الأفراد الذين يمتلكون ذكاءاً وجودياً عالياً يميلون إلى فحص أفكارهم بشكل كبير، ويدركون أن معرفة العالم من حولهم تستدعي أولاً إدراك النفس. لذلك فإن الذين يمتلكون هذا النوع من الذكاء بدرجة عالية، غالباً ما يكون الذكاء الشخصي عندهم. ويميل ذوو الذكاء الوجودي إلى تفسير الأفكار الجديدة من خلال أفكارهم وخبراتهم الشخصية[40].
يشدد غاردنر[41] إلى أن الذكاء الوجودي:
ليس ذكاءً دينياً بالمعنى التقليدي؛ فهو لا يتطلب الإيمان بدين معين أو إله أو القيام بالعبادات كالصلاة أو مجرد المحادثة مع الله. ليس ذكاءً روحانيًا. بمعنى أنه لا يتطلب إيمانًا – أو حضورًا – في العالم الروحي. ففي حين أن الروحانية قد تشكل بالفعل جزءًا مهمًا من التفكير الوجودي، إلا أنها ليست مطلوبة - وقد يتم استيعاب الروحانية في أنواع الذكاء الأخرى، بدءًا من الذكاء الموسيقي إلى المكاني إلى الطبيعي. ويتجنب بعض أهم الفلاسفة والفلسفات عمدًا أي ذكر للروحانيات.
ليس حكمًا قيميًا؛ حيث أنه يمكن للمرء أن يستخدم الذكاء الوجودي في استخدامات خيرية، ويمكن للمرء أن يترجم ذلك إلى استخدامات خبيثة.
في ختام تِعداد الذكاءات، يشير أرمسترونج [42]أن نمو الذكاءات المتعددة يمكن أن يعتمد على ثلاثة عوامل رئيسة، وهي:
نمو بيولوجي طبيعي ضمن عوامل وراثية يحدث قبل الولادة وأثناءها وبعدها.
تاريخ الحياة الشخصية بما في ذلك الخبرات مع الآباء والأقران والآخرين من الذين إما يوقظون الذكاءات أو يحولون دون نموها.
خلفية تاريخية وثقافية بما في ذلك الوقت والمكان الذي ولدت وترعرعت فيه، وطبيعة وحالة التطورات التاريخية أو الثقافية في مختلف المجالات.
وفي يناير 2016، ذكر غاردنر احتمال إضافة الذكاء التعليمي التربوي «intelligence pedagogical-teaching» الذي يسمح للمعلمين أن يكونوا قادرين على تدريس أشخاصٍ آخرين بنجاح[43]، وهذا ما يعني زيادة نوعٍ جديدٍ من الذكاءات، وهو بالواقع يعكس كون أنواع الذكاءات غير محددة بما ذُكر، بل قد يمكن اكتشاف أكثر من ذلك، مع تقادم الزمان، كما أفاد غاردنر نفسه أيضاً، والأمر الأهم هو وفق ذلك.
الفصل الثاني: مناقشة ونقد مباني نظرية الذكاء المتعدد
على الرغم من التأثير الكبير لنظرية الذكاءات المتعددة لهاورد غاردنر في مجال التربية والتعليم، إلا أن هذه النظرية قد واجهت نقداً واسعاً منذ إطلاقها في الثمانينات، وقد مثلّت بعض هذه النقودات نقاط ضعفٍ في النظرية. تتركز كثير من هذه النقودات حول قلة الأدلة العلمية التي تدعم النظرية[44]، إذ يعتقد النقاد أن غاردنر اعتمد بشكل كبير على البيانات النظرية والملاحظات الشخصية بدلاً من الأدلة التجريبية القوية، حيث لا يوجد الكثير من الدراسات التي تُثبت صحة تقسيماته لأنواع الذكاء بطريقة علمية دقيقة. وقد أقر في عام 2000 غاردنر وكونيل[45] بوجود «القليل من الأدلة القوية على نظرية الذكاءات المتعددة». أيضاً، في عام 2004 ذكر سترنبرغ وجريجرينكو Sternberg and Grigerenko أنه لا توجد دراسات للتحقق من صدق الذكاءات المتعددة، حتى أن بعض الباحثين، أحياناً، يستشهدون بنظرية الذكاءات المتعددة كمثال على العلوم الزائفة لأنها تفتقر إلى الأدلة التجريبية أو القابلية للتزييف[46]
أما بعض النقاد فأفاد أن غاردنر قام بتوسيع مفهوم الذكاء ليشمل مهارات وقدرات قد لا تندرج بالضرورة تحت تعريف الذكاء التقليدي. يشير هؤلاء النقاد إلى أن بعض «الذكاءات» التي يقترحها غاردنر قد تكون أقرب إلى المواهب أو المهارات الخاصة بدلاً من كونها أنواعًا من الذكاء. حتى أشار طه[47] إلى أن الذكاءات المتعددة لا تعتبر نظرية بل هي مجموعة من القدرات، وهذه القدرات تشبه ما وصل إليه بعض الباحثين المبكرين، مثل «ثرستون» الذي قدم نظريةً تقوم على افتراض وجود سبعة عوامل رئيسية كمكونات للقدرة العقلية. هذا ويرى[48] أبو الحاج بأن غاردنر تعمد أن يضفي أجواء من الإثارة بإطلاق اسم الذكاءات المتعددة على نظريته، فقد ذكر غاردنر في مقابلة شخصية بأنه قصد أن يكون استفزازياً، وافترض أنه لو قال بوجود سبعة كفاءات لكان تثاءب الناس، مُقرين بذلك سابقاً[49]. ووفق ذلك اعتبر بعض علماء النفس وجود خلطٍ وغموض بين مفاهيم مختلفة في النظرية.
إضافةً إلى ما ذُكر، ورغم أن نظرية الذكاءات المتعددة اتفقت مع المباني الإسلامية بمشتركاتٍ عديدة، إلا أنها عارضتها من جهات عدة ايضاً، أبرزها:
النقد الأول: فقدان الذكاء القيمي والأخلاقي
أعطى الإسلام أولوية واهتمام عالي للقيم الأخلاقية وفق رؤيته، بل جعل الأخلاق هدفاً له، حيث قال رسول الإسلام محمد(صلى الله عليه وآله وسلم): “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»[50] وأيضاً «إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا»[51] وأيضاً «أول ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة حسن خلقه[52]»، بل قد جعل الله سبحانه الغاية من الخلق هو الإحسان في العمل {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[53] وغيرها من الوصايا الإسلامية التي جرى التأكيد فيها على أولوية الأخلاق ومحوريته في الشريعة الإسلامية، حتى أن الصلاة والصوم وغيرها من العبادات كانت لأجل الأخلاق كما تشير النصوص الدينية. وهو ما يتعارض مع تجاهل النظرية للطرح الأخلاقي سواء كذكاء أو مبدأ أو غير ذلك، حيث إن تبني أي منظومة قيمية -بالنسبة إليهم- يؤدي إلى خلق العديد من المشاكل، إحداها هي الخصوصية الثقافية والتعقيد الناشئ عن النسبية بين الخير والشر، وهذا صحيح مع ملاحظة الأديان المختلفة والتوجهات الناشئة عنها، أما مع تبني وجهة النظر الإسلامية، فإن هذا الأمر لا يغدو صحيحاً، حيث إن منظومة القيم الأخلاقية في الإسلام تتأطر في إطار الشريعة الإسلامية العامة. ولهذا فإن التبرير بعدم وجود ذكاء أخلاقي لجهة عدم وجود أداة قياس واحدة هو أمر غير دقيق. ولتوضيح الفكرة بشكل أسهل يمكن الاستعانة بشخصية معاوية ابن أبي سفيان الذي وصفه الإمام علي (عليه السلام) قائلاً: «والله ما معاوية بأدهى مني ولكنه يغدر ويفجر ولولا كراهية الغدر كنت من أدهى الناس ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالشديدة[54]» فامتلاك الإنسان مهارة الخبث والإيقاع أو المكر وصنع الحيل، قد يغدو ذكاءاً دون معايير أخلاقية، بل سيغدو من لا يلتزم به غير ذكيٍ، وهنا خطورة هذه النظرية عندما لا تلحظ الأخلاق في منظومتها، إذ كيف يمكن التمييز بين الذكاء والدهاء دون حاكمية القيم الأخلاقية؟! فلابد من منظومة أخلاقيةٍ تأسس لضابطةٍ أخلاقيةٍ أو ذكاءٍ أخلاقي أو ما شئت فعبّر. مع أن تشخيص المواقف الأخلاقية والقيميّة وسرعة الاستجابة لها بطريقة صحيحة، يرجح اعتباره ذكاءً، خاصة وأن الفكر الإسلامي، كما أشرنا، يعتمد على معايير أخلاقية ثابتة القواعد. بل قد يُدعى حاكميّة الذكاء الأخلاقي على الذكاءات الأخرى (التواصلي، الحركي، السمعي..) وغير ذلك.
في هذا السياق، تذكُر كاليساكا[55] أن الذكاء الأخلاقي ليس فقط المقدرة على التفكير بشكل أخلاقي، ولكنه يتضمن أيضاَ المقدرة على تبني السلوكيات الأخلاقية. حيث إن الذكاء الأخلاقي هو عبارة عن قابلية الفرد على إدراكه للمفاهيم والقيم الصحيحة والخاطئة في الحياة مما يدفعه للتصرف والسلوك بالطريقة المقبولة اجتماعياَ ودينياَ، ويشتمل على مجموعة من الخصائص والسمات، من أهمها المقدرة على إدراك ألم الآخرين والتعاطف معهم، السيطرة على الدوافع النفسية السلبية والتحكم بها، إطلاق الأحكام العادلة والمُنصفة اتجاه الآخرين، نصرة المظلوم وتحدي الظلم الواقع على الآخرين، كما التعامل مع الآخرين على أسس من الود والاحترام والتقدير والمودة[56]، إضافةً إلى تحفيز الرادع الذاتي مــن العــدوان اللفظــي وغــير اللفظــي علــى الآخــرين[57]. وعلى هذا فالذكاء الأخلاقي يطور من شخصية الأفراد[58].
وقد التفت العديد من الباحثين إلى أهمية الذكاء الأخلاقي فاعتبر رحيمي[59] بأن الذكاء الأخلاقي ينطوي على عدة خصائص وسمات شخصية يمتلكها الفرد، أهمها القدرة على ضبط الانفعالات، التعاطف، الانسجام في السلوكيات الأخلاقية عبر السياقات والبيئات، العدل، المسؤولية والتعاون والنظر إلى الأشياء بشكلٍ منطقي. ويشير لينك وكيل وجوردن[60] بأن الأفراد الذين يمتلكون مستويات عالية من الذكاء الأخلاقي يقومون بالأشياء الصحيحة بشكل تلقائي مندون أن توجد أي رقابة عليهم تدفعهم للتصرف أخلاقيًا؛ فهم يطورون مجموعة من المبادئ التي تجعلهم يظهرون السلوك الأخلاقي والتعاطف مهما كانت الظروف.
كما ويرى لينك وكايل أن الذكاء الأخلاقي يتكون من أربعة أبعاد أساسية هي النزاهة، المسؤولية، التعاطف والتسامح، والتي تنقسم بدورها إلى مجموعة من الكفايات، أما بوربا[61] فقد قسمت الذكاء الأخلاقي إلى سبعة فضائل جوهرية، تشكل الأساس الأخلاقي للفرد، وهي: التمثل العاطفي، الضمير، التحكم الذاتي، الاحترام، اللطف، التسامح، العدل. ومع كون هذا منسجماً مع الفكر الإسلامي، إلا أن الإسلام، كما جرى الإشارة، قد تميّز باعتباره أن الأخلاق جزء لا يتجزأ من العقيدة وطريقة الحياة، الذي تعززه فكرة المعاد أو الحساب الأخروي، فالدنيا مزرعة الأخرة.
تتجلى في هذا السياق، فكرة التقوى في الأخلاق الإسلامية التي هي أساس جميع الفضائل الأخرى. والتقوى تعني الخشية من الله والعمل بما يأمر به والابتعاد عن كل ما ينهى عنه، ويتجلى ذلك حسب قول الإمام علي (عليه السلام): «التقى رئيس الأخلاق»[62]، وعلى هذا ترتبت القيم الأخلاقية في المنظومة الإسلامية، فهي وإن اشتركت كعناوين مع العلماء الغربيين، إلا أنها اختلفت بترتيبها ومضمونها. فمثلاً تقبع العدالة على رأس القيم الأخلاقية في الإسلام، فهي تمثل ميزان القيم الأخلاقية الأخرى، بل هي أم القيم الأخلاقية، حيث إنها في الرؤية الإسلامية تُعتبر الثابت الوحيد من بين القيم، ويُعرف حُسن وقُبح القيم الأخرى بقياسها إلى العدل، فمثلاً قيمة الصدق تصبح قبيحة مع الأعداء الظالمين، لأنها ليست فعلاً عادلاً، بل هي تقوية للظلم، وتصبح ممدوحةً في العمل، لأنها تحافظ على العدل في النظام. وعلى هذا يمكن مقاربة أي قيمة أخلاقية كالصدق، الصبر وغيرها الكثير من الفضائل الأخلاقية التي غاص التراث الإسلامي في تحديدها بشكل واضح وعملي للاستفادة منها بأكبر قدرٍ ممكن.
النقد الثاني: تجزئة الذكاء
يلاحظ الإسلام قراءة الواقع بما هو واقع، فلا إفراط بالغوص بالتفاصيل ولا تفريط بكلية المشهد، بل وسطاً بينهما، إذ قال الله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاس}[63]، إذ إن الإسلام في تعامله مع موضوعات الأحكام، عادة ما يراعي جزئياته من جهةٍ ومجموع جزئياته أي كليته من جهةٍ أخرى، فمثلاً يخاطب الله سبحانه تعالى الفرد من جهة كليته، فيقول إِنِّی جَاعِلࣱ فِی ٱلأَرۡضِ خَلِیفَة[64]، فيأخذ الإنسان ككلٍ، وفي نفس الوقت، ومن جهة أخرى، لم يغفل عن الجهات الجزئية، فيراعي بخطابه استعدادات الأفراد والاختلاف الحاصل بينهم وبين مجموعاتهم حتى، فيقول تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[65] وأيضاً {إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلْبٌ}[66] وأيضاً {وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَٰتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا}[67]، {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ}[68] وغيرها من الآيات التي تشير إلى اختلاف الناس في ما بينهم من حيث القدرات أو الكفاءات أو إن شئت فعبّر «الذكاءات». وهذا ما يمكن أن يعارض نظرية غاردنر بشكلٍ أو بآخر، من جهة تركيزه الكبير على الجزئيات والخوض فيها دون ملاحظة مجموع هذه الذكاءات في الفرد الواحد وما نتج عنها ككل واحدٍ مجموعٍ من ذكاءاته المتوفرة، علماً أنه قد وُجِد في اختبارات الذكاء والقياسات النفسية ارتباطات عالية بين جوانب الذكاء المختلفة[69]، وهذا ما يُبعد نظرية غاردنر عن الدقة مع عدم ملاحظاتها للارتباطات القائمة بين الذكاءات، بل إن ارتباط القدرات ارتباطاً موجباً مع بعضها البعض يجعل استقلالية كل نوع من الذكاءات أمراً غير وارد[70].
وبالنتيجة، إن هذه التجزئة رغم أنها تساعد في تحليل وتفكيك الذكاءات الموجودة عند البشر، إلا أن تفكيك أي موضوعٍ من الموضوعات إلى أجزائه المكونة وفحص كل جزءٍ بشكل مستقل، يرتب على ذلك بعض السلبيات التي يمكن أن تؤثر على فهمنا للموضوعات بشكل شامل، ومن أبرزها:
فقدان الرؤية الكلية: إن التركيز على أنواع الذكاءات وتفاصيلها بشكل منفصلٍ قد يؤدي إلى الحد من القدرة على ملاحظة الروابط بين الذكاءات المختلفة.
فقدان المشهد المتكامل بين الذكاءات المختلفة للموضوع يمنع من فهم كيفية تفاعل هذه الذكاءات مع بعضها البعض لتُشكّل كيانًا موحدًا، فبعضها حاكم على الآخر وبعضها متداخلٌ مع بعضها الآخر.
النقد الثالث: الذكاء الوجودي لا ينفصل عن الدين
اعتمد الإسلام في نشر دعواه على استثارة أسئلة وجودية فطرية « رحم الله امرئ عرف من أين، في أين وإلى أين»[71] محاولاً البحث والغور في تقديم إجابات شافيةٍ بسيطة ومجردة، وفق إطار اعتقاديٍ عقلي يساعد مطلق إنسان على فهم وجوده. لكن لعل فصل غاردنر الذكاء الوجودي عن الدين يعود إلى التجارب الدينية الأخرى التي جعلت محورية الإيمان مرتكزةً على القلب لا العقل. وهذا ما لم يوافق عليه الإسلام، بل قد يُدعى تبني الإسلام للعقل مطلقاً «بك أثيب وبك أعاقب»[72] انسجاماً مع طبيعة الإنسان وعقله، فيقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: «فبعث فيهم رسله وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته.. ويثيروا لهم دفائن العقول»[73] فكان شغل الأنبياء استثارة العقل من خلال الأسئلة الوجودية التي ترجعهم إلى حقائق وجودية. مؤكداً في الوقت عينه على ضرورة وأهمية التفكر كسبيل وطريق للانتباه واليقظة { قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا}[74] وأيضاً {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}[75] أو بالنفس {سَنُريهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ}[76] وغير ذلك من الآيات المباركة التي حثت على التفكر والتأمل في الآفاق والأنفس من أجل استثارة الأسئلة الوجودية أو عدم طمرها لا أقل، كمنبهات عقلية من أجل البحث عن الحقيقة والانقياد نحوها دون التأثر بالعوامل الاجتماعية أو النفسية. حتى صارت معرفة الإنسان بحقيقة نفسه هي غاية المعرفة، فعن علي (عليه السلام): «غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه»[77] بل وبها يُعرف الرب تعالى، فالله بالمعنى الإسلامي ليس سوى الحقيقة التي لا وهم فيها والوجود الذي لا نقص أو عدم فيه، بل هو محض الحق وعليه يكون ما يدركه الإنسان من نفسه ويعتقد به حقيقةً أنه الحق، دون تقصيرٍ، هو نفسه ربه الذي قال عنه علي (عليه السلام): «من عرف نفسه عرف ربه»[78] وعن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه»[79].
انطلاقاً من كل ما ذُكر، عد الإسلام مثل هذه الأسئلة الوجودية، أسئلةً فطريةً مجبولة في كل إنسان، مناقداً بذلك ما استنتجه غاردنر من اعتبار وجود هذه الأسئلة والشغل فيها؛ ذكاءً، أصلاً ما الداعي لتسميتها ذكاءً!؟ ما الغاية من وراء ذلك! إذ هي فطرية طبيعية، موجودة في كل الناس يختلف حضورها بحسب تتبع كل إنسان لأجوبتها، فبعضٌ طمرها وبعضٌ آخر اعتبر حياته مساراً للبحث عنها، وما بين ذا وذا يتوزع الناس.
هذه ملاحظات ثلاث جرى عرضها، يمكن إضافة ملاحظات أخرى يمكن تسجيلها، كالنقد الإجرائي مثلاً، حيث تواجه نظرية الذكاءات المتعددة تحديات في التطبيق العملي بسبب صعوبة قياس الذكاءات المتعددة بطرق موضوعية وموحدة، ذلك على عكس اختبارات الذكاء التقليدية.
الخاتمة
وعلى الرغم من النقودات التي ذكرت، لا تزال نظرية الذكاءات المتعددة تُشكل تحديًا للمفاهيم القديمة ودافعًا لابتكار أساليب تعليمية جديدة تتجاوز الاختبارات الموحدة والتصنيفات الجامدة. تُعد هذه النظرية دعوة للمعلمين وصانعي السياسات لتبني أساليب تربوية تراعي التنوع الفكري والموهبي للطلاب، وتؤكد على أهمية تنمية كل أنواع الذكاءات لتحقيق التوازن والتكامل في شخصية الفرد وفي المجتمع ككل.
من هذا المنطلق يدافع مؤيدو نظرية الذكاءات المتعددة عنها بالإشارة إلى تأثيرها الإيجابي الكبير في التعليم، بل ويرون أن النظرية تشجع على مقاربات تعليمية أكثر شمولاً وتقديرًا للفروق الفردية بين الطلاب. وفي نفس الوقت، يؤكد المدافعون، أن هذه النظرية تساعد المعلمين على تطوير استراتيجيات تعليمية تلبي احتياجات الطلاب المختلفة بطريقة أكثر فعالية، مما يمكن أن يعزز التعلم والتفاعل في الفصل الدراسي. علاوة على ذلك، يقول المؤيدون إن التعرف على الذكاءات المتعددة يمكن أن يعزز الاعتراف بقدرات الطلاب المختلفة، إضافةً إلى أنه يساهم في تحقيق إمكانياتهم الكاملة، بما يعود بالفائدة على التعليم والمجتمع بشكل عام.
في هذا السياق، حاول هذا المقال تسليط الضوء على نظرية الذكاءات المتعددة لفهم سياق نشأتها، مبادئها الأساسية، أنواع الذكاءات الموجودة فيها وكيفية تميزها عن بعضها، مع عرض ذلك بشكل وافٍ اعتماداً على الترجمات الموجودة حول النظرية. ثم بعد ذلك واعتماداً على الفهم المكون حول النظرية، جرى عرض أبرز النقودات التي يمكن أن تُسجل على أفكار النظرية من وجهة نظرٍ إسلامية، دون إغفال بعض الملاحظات العامة التي يمكن أن تكون مهمةً في إطار فهم النظرية بشكل واقعي.
المراجع والمصادر
القرآن الكريم
نهج البلاغة
ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج ٢٠، قم، دار احياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه، منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، ط2.
أبو الحاج، خالد، «نظرية الذكاءات المتعددة (دراسة تحليلية نقدية)»، المجلة الافريقية للدراسات المتقدمة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، 2022، 1(3)، 332-344.
ــــــــــــــــــ، العلاقة بين الذكاء العام والذكاءات المتعددة والتحصيل الدراسي لدى طلبة الصف التاسع الأساسي في محافظة غزة، رسالة ماجستير، قسم علم النفس، كلية التربية، جامعة الأزهر، غزة – فلسطين، 2019.
ابو حطب، فؤاد، القدرات العقلیة، القاھرة، مكتبة الانجلو المصریة، 1996.
ابو راشد العمران، جیھان، «الذكاءات المتعددة للطلبة البحرینیین في المرحلة الجامعیة وفقا للنوع والتخصص: ھل الطالب المناسب في التخصص المناسب»، مجلة العلوم التربویة والنفسیة، جامعة البحرین، المجلد (6)، العدد (3)، 2006.
آرمسترونج، توماس، الذكاءات المتعددة في غرفة الصف. (ترجمة مدارس الظهران الأهلية)، المملكة العربية السعودية، دار الكتاب التربوي للنشر والتوزيع، الدمام، 2006.
جابر، جابر عبد الحمید، الذكاءات المتعددة والفھم: تنمیة وتعمیق، القاھرة، دار الفكر العربي، ط1، 2003
الجاسم، فاطمة أحمد، الذكاء الناجح، والقدرات التحليلية اإلبداعية، عمان، الأردن، ديبونو للنشر والتوزيع، ط1، 2010.
حسين، محمد عبد الهادي ،نظرية الذكاءات المتعددة، القاهرة، مصر، دار الجوهرة للنشر والتوزيع، 2014.
حمداوي، جميل، نظريات التعلم بين الأمس واليوم، المغرب، ط1، 2017.
الخفاف، إيمان عباس، الذكاءات المتعددة برنامج تطبيقي، عمان، الأردن، دار المناهج للنشر والتوزيع، ط1، 2011.
الريشهري، محمد، العلم والحكمة في الكتاب والسنة، قم، ايران، دار الحديث.
ــــــــــــــــــ، ميزان الحكمة، ج3، قم، ايران، دار الحديث.
ــــــــــــــــــ، ميزان الحكمة، ج1، قم، ايران، دار الحديث.
شواهين، خير سليمان، نظرية الذكاءات المتعددة، نماذج تطبيقية، اربد، الأردن، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، 2014.
طه، محمد، الذكاء الإنساني: اتجاهات معاصرة وقضايا نقدية، الكويت، المجلس الوطنى للثقافة و الفنون و الاداب، 2006.
الطوسي، محمد بن الحسن ،الامالي، مؤسسة البعثة للطباعة والنشر والتوزيع دار الثقافة.
عبد الحليم، رضا ربيع، «بروفيلات الذكاءات المتعددة لدى عينة من معلمي المرحلة الابتدائية بمدينة المنيا بمصر»، مجلة العلوم التربوية والنفسية، مجلد (5)، عدد (5)، 2021، صص72-91.
عبد السلام، فوزي، طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم لتنمية الذكاءات المتعددة بالتعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي، القاهرة، مركز الكتاب للنشر، ط1، 2010.
عدس، محمد، الذكاء من منظور جدید، عمان، دار الفكر العربي، 1997.
الفقيهي، عبد الواحد أولاد، الذكاءات المتعددة، المغرب، التأسيس العلمي، ط1، 2012.
قوشحة، رنا، دراسة الفروق في الذكاء المتعدد بین طلاب بعض الكلیات النظریة والعلمیة، رسالة دكتوراه غیر منشورة، معهد الدراسات والبحوث التربویة، جامعة القاھرة، 2003.
كرامز، وليم، محاور الذكاء السبع، القاهرة، دار الخلود للتراث، ط1، 2011.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج1، 33، و68، بيروت، دار احياء التراث العربي.
محمد ابراهيم، نبیل رفیق، الذكاء المتعدد لدى طلبة مدارس المتمیزین وأقرانهم الاعتیادیین في المرحلة الثانویة (دراسة مقارنة)، اطروحة دكتوراه غیر منشورة، كلیة التربیة ابن الھیثم، جامعة بغداد، 2008.
مومني، عبد اللطيف، «مستوى الذكاء الأخلاقي وعلاقته بمتغيري الجنس وفرع التعليم لدى طلبة المرحلة الثانوية في منطقة الأغوار الشمالية في الأردن»، المجلة الأردنية في العلوم التربوية، 11(1)، (2015، آذار)، صص17-30.
نوفل، محمد بكر، الذكاء المتعدد في غرفة الصف، النظرية والتطبيق، عمان، الأردن، دار الميسرة للنشر والتوزيع، ط1، 2007.
Borba, M., "Tips for building moral intelligence of students. Curriculum Review", 41 (7), 2001.
Checkley, K, The First Seven..and the Eighth: A Conversation with Howard Gardner. Educational Leadership, 1997.
Denton, J., "Character and moral development", Namta Journal, 22(2), 1997.
Gardner, H., &Hatch. T., "Multiple Intelligences Go to school", American Educational Research Association, 18(8), 1985.
Gardner, H., "A Reply to Perry D. Klein’s ‘Multiplying the problems of intelligence by eight", Canadian Journal of Education, 23(1), 1998.
ــــــــــــــــــ, Frames of Mind: A Theory of Multiple Intelligences, New York, Basic Books, 1983.
ــــــــــــــــــ, Intelligence Reframed: Multiple Intelligences for the 21st Century, New York: Basic Books, 1999.
Gardner, H. &Connell, M,. The theory of multiple intelligences: A case of missing cognitive matter - Response to Nicholas Allix. Australian Journal of Education, 2000.
ــــــــــــــــــ, Changing Minds: The art and science of changing our own and other people’s minds, Harvard Business School Press, 2004.
ــــــــــــــــــ, "Audiences for the theory of multiple intelligences", Teachers College Record, 106(1), 2004.
ــــــــــــــــــ, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference, Bogata: Colombia.www.pz.haryard.edu, 2005.
ــــــــــــــــــ, &Moran, S., "The Science of Multiple Intelligences Theory: A Response to Lynn Waterhouse", Educational Psychologist, 41(4), 2006.
ــــــــــــــــــ, “Multiple intelligences: prelude, theory, and aftermath”, in Scientists Making a Difference: One Hundred Eminent Behavioral and Brain Scientists Talk About Their Most Important Contributions, eds R. J. Sternberg, S. T. Fiske, and D. J. Foss (New York, NY: Cambridge University Press), 2016.
ــــــــــــــــــ, Reflections on existential intelligence. https://www.multipleintelligencesoasis.org/blog/2022/8/11/reflections-on-existential-intelligence-1 (august 2022).
Geake, J., Neuromythologies in education, Education Research, 2008.
Kaliská, L., First Results from Verification of Psychometric Properties of D. Lennick’s and F. Kiel’s MCI Questionnaire for Measuring Moral Intelligence in Slovak Conditions. The New Educational Review, 2013.
Lazear, D. G., Seven Pathways of Learning: Teaching Students and Parents about Multiple Intelligences, Zephyr Press Learning Materials, 1994.
Lennick, D., Kiel, F. & Jordan, K. Moral Intelligence 2.0 Enhancing Business Performance and Leadership Success in Turbulent Times. USA, Prentice Hall, NJ, 2011
McCoog, Ian, The Existential Learner. The Clearing House, 2010.
O’connor, J., "You said what? When children swear, does it really matter?", Journal of Our Children, 25(7), 2000.
Rahimi, G., "The Implication of Moral Intelligence and Effectiveness in Organization, are they Interrelated?", International. Journal of Marketing and Technology, 1 (4), 2011.
Tupper, K., Entheogens and Existential Intelligence: The Use of Plant Teachers as Cognitive Tools. Canadian Journal of Education, 2002.
Van der Ploeg, "Multiple Intelligences and Pseudo-science. University of Groningen", 2016. https://www.academia.edu/24174224/Multiple_Intelligences_and_pseudo-_science, Date Accessed: May 21st, 2020.
Waterhouse L, Inadequate evidence for multiple intelligences, Mozart effect, and emotional intelligence theories. Educational Psychologist, 41(4), 2006.
-------------------------------------
[1]* ماجستير في الإدارة التربوية.
[2]* ماجستير في الإدارة التربوية.
[3]. Frames of the Mind
[4]. Gardner &Moran, The Science of Multiple Intelligences Theory: A Response to Lynn Waterhouse, 227 - 232.
[5]. Gardner, Frames of Mind: A Theory of Multiple Intelligences, 21.
[6]. Gardner, Intelligence Reframed: Multiple Intelligences for the 21st Century, 37.
[7]. نوفل، الذكاء المتعدد في غرفة الصف، النظرية والتطبيق، 159.
[8]. حمداوي، نظريات التعلم بين الأمس واليوم، 49.
[9]. Gardner, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference.
[10]. عدس، الذكاء من منظور جدید، 53.
[11]. عبد الحليم، «بروفيلات الذكاءات المتعددة لدى عينة من معلمي المرحلة الابتدائية بمدينة المنيا بمصر».
[12]. العمران، الذكاءات المتعددة للطلبة البحرینیین في المرحلة الجامعیة وفقا للنوع والتخصص: ھل الطالب المناسب في التخصص المناسب، 23.
[13]. Gardner, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference.
[14]. أبو الحاج، العلاقة بين الذكاء العام والذكاءات المتعددة والتحصيل الدراسي لدى طلبة الصف التاسع الأساسي في محافظة غزة.
[15]. شواهين، نظرية الذكاءات المتعددة، نماذج تطبيقية، 8.
[16]. Gardner, Changing Minds: The art and science of changing our own and other people’s minds, 239.
[17]. كرامز، محاور الذكاء السبع، 7.
[18]. Gardner, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference.
[19]. Gardner, Changing Minds: The art and science of changing our own and other people’s minds, 335.
[20]. عبد السلام، طرق واستراتيجيات التعليم والتعلم لتنمية الذكاءات المتعددة بالتعليم ما قبل الجامعي والتعليم الجامعي، 25.
[21]. جابر، الذكاءات المتعددة والفھم: تنمیة وتعمیق، 11.
[22]. Gardner, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference.
[23]. ابو حطب، القدرات العقلیة، 160.
[24]. Gardner, Changing Minds: The art and science of changing our own and other people’s minds, 388.
[25]. Checkley, The First Seven..and the Eighth: A Conversation with Howard Gardner, 12.
[26]. Gardner, Changing Minds: The art and science of changing our own and other people’s minds, 430.
[27]. الخفاف، «الذكاءات المتعددة برنامج تطبيقي»، 86.
[28]. Gardner &Hatch, Multiple Intelligences Go to school, 4 - 10.
[29]. Gardner, Multiple Lenses on the Mind, Paper Presented at the Epogestion Conference.
[30]. محمد ابراهيم، الذكاء المتعدد لدى طلبة مدارس المتمیزین وأقرانهم الاعتیادیین في المرحلة الثانویة (دراسة مقارنة).
[31]. قوشحة، دراسة الفروق في الذكاء المتعدد بین طلاب بعض الكلیات النظریة والعلمیة.
[32]. حسين، نظرية الذكاءات المتعددة، 158.
[33]. Gardner, Audiences for the Theory of Multiple Intelligences, 212 - 220.
[34]. Lazear, Seven Pathways of Learning: Teaching Students and Parents about Multiple Intelligences, 230.
[35]. الفقيهي، الذكاءات المتعددة، 2012، 280.
[36]. Gardner, Intelligence Reframed: Multiple Intelligences for the 21st Century, 50.
[37]. Tupper, Entheogens and Existential Intelligence: The Use of Plant Teachers as Cognitive Tools, 499 - 516.
[38]. Checkley, The First Seven..and the Eighth: A Conversation with Howard Gardner, 55.
[39]. Gardner, A Reply to Perry D. Klein’s ‘Multiplying the problems of intelligence by eight, 96– 102.
[40]. McCoog, The Existential Learner, 83, 126 - 128.
[41]. Gardner, Reflections on existential intelligence.
https://www.multipleintelligencesoasis.org/blog/2022/8/11/reflections-on-existential-intelligence-1 august.
[42]. آرمسترونج، الذكاءات المتعددة في غرفة الصف، 1.
[43]. Gardner, “Multiple intelligences: prelude, theory, and aftermath,” in Scientists Making a Difference: One Hundred Eminent Behavioral and Brain Scientists Talk About Their Most Important Contributions, 167–170.
[44]. Waterhouse, Inadequate evidence for multiple intelligences, Mozart effect, and emotional intelligence theories, 247–255.
[45]. Gardner &Connell, The Theory of Multiple Intelligences: A Case of Missing Cognitive Matter - Response to Nicholas Allix, 288 - 293.
[46]. Ploeg, Multiple Intelligences and Pseudo-science.
[47]. طه، الذكاء الإنساني: اتجاهات معاصرة وقضايا نقدية، المجلس الوطنى للثقافة و الفنون و الاداب، 237.
[48]. أبو الحاج، نظرية الذكاءات المتعددة (دراسة تحليلية نقدية)، 332-344.
[49]. عبد الحمید، الذكاءات المتعددة والفھم: تنمیة وتعمیق، 12.
[50]. المجلسي، بحار الأنوار، ٦٨: ٣٨٢.
[51]. الطوسي، الامالي، ١٤٠.
[52]. الريشهري، ميزان الحكمة، ١: ٧٩٩.
[53]. الملك: 2.
[54]. المجلسي، بحار الأنوار، ٣٣: ١٩٧.
[55]. Kaliská, First Results from Verification of Psychometric Properties of D. Lennick’s and F. Kiel’s MCI Questionnaire for Measuring Moral Intelligence in Slovak Conditions, 257 - 270.
[56]. مومني، مستوى الذكاء الأخلاقي وعلاقته بمتغيري الجنس وفرع التعليم لدى طلبة المرحلة الثانوية في منطقة الأغوار الشمالية في الأردن، 11-30.
[57]. O’connor, You said what? When children swear, does it really matter?, 12 - 22.
[58]. Denton, Character and moral development, 111- 116.
[59]. Rahimi, The Implication of Moral Intelligence and Effectiveness in Organization, are they Interrelated?, 68 - 73.
[60]. Lennick, & Jorda,. Moral Intelligence 2.0 Enhancing Business Performance and Leadership Success in Turbulent Times.
[61]. Borba, Tips for building moral intelligence of students.
[62]. ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ٢٠: ٤٧.
[63]. البقرة: 143 .
[64]. البقرة: 30 .
[65]. الحجرات: 13 .
[66]. ق: 37 .
[67]. الزخرف: 32 .
[68]. فاطر: 28.
[69]. Geake, Neuromythologies in education., 123–133.
[70]. الجاسم، الذكاء الناجح، والقدرات التحليلية اإلبداعية، 124.
[71]. الريشهري، العلم والحكمة في الكتاب والسنة، ٢٨٣.
[72]. المجلسي، بحار الأنوار، ١: ٩٧.
[73]. نهج البلاغة، ١: ٢٣.
[74]. سبأ: 46.
[75]. الغاشية: 17 .
[76]. فصلت: 53 .
[77]. الريشهري، ميزان الحكمة، ٣: ١٨٨١.
[78]. م. ن، ١٨٧٨.
[79]. م. ن.