البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نحن..وسحر ميداس، العالم الإسلامي وعلم الإستغراب النقدي

الباحث :  أحمد كلاته ساداتي
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  1
السنة :  السنة الاولى - خريف 2015 م / 1436 هـ
تاريخ إضافة البحث :  September / 20 / 2015
عدد زيارات البحث :  1757
تحميل  ( 244.343 KB )
نحن..وسحر ميداس
العالم الإسلامي وعلم الاستغراب النقدي

أحمد كلاته ساداتي [1]

تهدف هذه المقالة إلى تقويم موضوع «علم الاستغراب = علم معرفة الغرب» تقويمًا نقديًّا، استنادًا إلى الأرضيّة الثقافيّة والتاريخيّة في المجتمعات الإسلاميّة. تفيد المعطياتُ المتوافرة أنّ «الاستغراب = علم معرفة الغرب» مقولةٌ وضعيّة نقديّة بشكل عام، مضادّة للاستشراق. أمّا الوجه النقديّ لهذه المقولة فمختصٌّ بالدول الإسلاميّة، التي تقف موقفًا حذرًا من الغير، لإثبات هويّتها والمحافظة عليها؛ وأهمّ ما يميّز خطاب الاستغراب من خطاب الاستشراق أنّه وسيلة دفاعيّة أكثر من كونه وسيلة هجوميّة. فموضوع الاستغراب النقديّ في العالم الإسلاميّ يذهبُ أبعدَ من غيره من المباحث، كالهُويّة، والمقاومة الوطنيّة في التصدّي للإمبرياليّة والاستعمار، وهو نوعٌ من أنواع الدفاع عن المبادئ والقيم الإسلاميّة في مواجهة الغرب. إنّ السؤال الذي يُطرح هنا، إنْ نحن أخذنا في الحِسبان هيمنةَ الغرب على مختلف العلوم، لا سيّما علم الاستشراق، هو التالي: هل هنالك إمكانيّةٌ من خلال المعطيات الموجودة أن نشهدَ ظهور خطاب مختلِف ومضاد؟ الجواب سلبيّ. لأنّ علمَ الاستغراب في العالم الإسلاميّ، خطابٌ صعبٌ مسارُه وشائك، ويحتاج إلى استنباط البرامج والاستراتيجيّات النظريّة والمعرفيّة المنتَجة محلّيًّا، يتوجّب على هذا الخطاب الناجم عن الظروف التاريخيّة المعاصرة، وتحوّلاتها المتعاقبة في لاوعي الأمّة أن يستفيد ـ مع المحافظة ضمنًا على أخلاقيّة المقاومة ـ من الادوات والوسائل العلميّة المرتكزة على أرضيّة صلبة، لاستيلاد النظريّات.
«المحرر»

الكلمات المفتاحيّة: علم الاستغراب، علم الاستشراق، العداء للآخر، الإسلام، علم الاستغراب النقديّ.
الغرب كوجود اجتماعيٍّ وتاريخيّ (حدًّا أدنى) أو كبيئة ذات رؤى واستراتيجيّات خاصّة (حدًّا أقصى)، أمرٌ واقعٌ لا شكّ فيه. وهو بحاجة على نحوٍ مستمرٍّ إلى أن يُعرف ويُدرس. والواقعُ أنّ كلَّ المجتمعات الإنسانيّة في العصر الحاضر قد تمّ اجتياحُها، وهي سواء على الأصعدة الإنسانيّة المحدودة كالسلوك الفرديّ وأنماط العيش، أو على مستوى القضايا الكبرى الاقتصاديّة والثقافيّة، خاضعة ٌ كلُّها في عالم اليوم لسيطرة مفاهيم الغرب وإيديولوجيّته. هذه الإيديولوجيّة لها مفاهيمها وقيمُها الخاصّة، وتتميّز بعلم وجود خاصّ، وعلم معرفة خاصّ أيضًا. ولها تعريفٌ مشخّص للإنسان. ولكشف مفاهيم هذه الإيديولوجيّة هنالك حاجة إلى علم منهجيّة خاصّ.
في خضمّ عدوانيّة الغرب الكاسحة في العصر الحاضر، فإنّ حوزة العلم والمعرفة هي الساحة التي تتحقّق من خلالها مطامع الغرب وأهدافه، وهذا الموضوع هو الأكثر بروزًا في العصر الحديث. إنّ علوم الغرب قد وضعت جميع الحوزات العلميّة، ابتداءً من العلوم الطبيعيّة والرياضيّات وصولًا إلى العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بمختلف تشعّباتها وفروعها، تحت مظلّتها الإيديولوجيّة. وبغضّ النظر عن المفاهيم التي تشكّل المبادئ الأساسيّة لهذه العلوم، من الواجب القول: أنّ هذا الاجتياح ـ اجتياحٌ كامل بمختلِف المعايير. وأحد أبرز محامل هذا الاجتياح «علم الاستشراق». فعلمُ الاستشراق خطابٌ يسعى من خلال مسار علميّ، وبصورة ممنهجة، إلى خلق شرقٍ كنسيّ التوجّه (الخطاب الأوّليّ للاستشراق)، أو شرق يضع نفسَه في خدمة الغرب (الخطاب الاستشراقيّ المتأخّر والاستعماريّ). ومن المؤكّد أنّ هذَين الهدفَين كانا في العصور الوسطى أي منذ القرن السادس عشر الميلاديّ وما بعده، محورَ الحراك والتفكير الاستشراقيَّين. بمعنى أن يكون الشرقُ شرقًا في خدمة الكنيسة والاستعمار.
من الطرق أو الاستراتيجيّات المؤدّية إلى كشف علم الاستشراق مفهوميًّا ونظريًّا، وكشف غيره ممّا يُحاك في الغرب، علمُ الاستغراب. هذا المبحث يرى إلى علم الاستغراب خطابًا مختلفًا مفهوميًّا عن علم الاستشراق. علّةُ ذلك أيضًا أنّ مفهوم الاستشراق نشط في نطاق المباحث والنظريّات الغربيّة. في حين أنّ المفكّر [غير الغربيّ] إذا شاء أن يتعرّف الغرب، أو أكثر من ذلك إذا أراد أنْ يتصدّى لنقد الغرب، لا سيّما الفكر الغربيّ، يحتاج إلى أُسس نظريّة وإلى منهجيّة مغايرة لمبادئ الاستشراق. ومن المؤكّد أنّ الاستشراقَ سبيل من السبل المؤدّية إلى معرفة الغرب وعلاقته بالشرق.
إنّ مبدأ نقد الغرب وتقويمه يختلف في العالم الإسلاميّ على نحو خاصّ، عنه في البلدان الشرقيّة الأخرى ذات الإيديولوجيّات المختلفة. ومن أسباب ذلك أيضًا سببٌ مرتبطٌ بتميّز الرؤية الإسلاميّة إلى العالم أو الإيديولوجيا الإسلاميّة من الإيديولوجيا الغربيّة. ففضلًا عمّا يميّز «الشرق» بالمعنى العام من الغرب والفكر الغربيّ، فإنّ الإسلام والإيديولوجيا الإسلاميّة أكثر تجذّرًا وحضورًا من المعتقدات الشرقيّة الأخرى كالهندوسيّة والكونفوشيوسيّة والبوذيّة، سواءً كان ذلك بمعنى الدين كدين، أو بالمعنى الأشمل للعلم والمعرفة. وسبب ذلك أيضًا الاختلاف الماهويّ بين الإيديولوجيا الإسلاميّة التي هي في الأصل ومن حيث المبدإ غير علمانيّة، والإيديولوجيّات والمعتقدات الأخرى التي تُظهِر كما هو ملاحظ نوعًا من التساهل بالنسبة إلى العلمانيّة، على الرّغم من عدم تصريحها بتبنّيها رسميًّا. في الإسلام، استنادًا إلى كتابه المقدّس، أي القرآن الكريم، يمكن بصعوبة تعرّف تفاسير العلمانيّة، بناءً على ذلك، هنالك شكلان من التضادّ بين الشرق والغرب: تضادٍّ عامٍّ كلّيٍّ، أي أنّ الشرقَ شرقٌ والغربَ غربٌ، وتضادٍّ خاصٍّ متعلّقٍ بالمجالات المعرفيّة والإيديولوجيّة الرؤيويّة في العالم الإسلاميّ.
هذا المبحث يسعى إلى تقويم أبعاد علم الاستغراب وتحدّياته في العالم الإسلاميّ. أمّا سؤال البحث فهو التالي: ما هي الأمور الأساسيّة التي تميّز الإسلام من الغرب؟ وما هي التحدّيات التي تواجه علم الاستغراب في الظروف الحاليّة؟ سيحاول هذا التحقيق أن يجيب عن هذَين السؤالَين متسلّحًا بالأدِلّة، وبعين ناقدة. أمّا الفرضيّة فهي أنّ علم الاستغراب في الإسلام مختلف عنه في الرؤى والإيديولوجيّات الشرقيّة غير الإسلاميّة.

الغرب، الإسلام والتناقضات البنيوية
إنّ الغرب بالمعنى المفهوميّ العامّ، بعيدًا من النطاق الجغرافيّ، الخاصّ، مجموعةُ بلدان، أو هو قسمٌ من العالم. والغرب بهذا المعنى أبعدُ من الواقع التاريخيّ والاجتماعيّ؛ علمًا أنّ الغربَ بمنظار علم المعرفة، نمطُ تفكير تحقّقَ في إطارٍ تاريخيٍّ معيّن وفي نطاق جغرافيٍّ خاصّ، وهو على مستوًى رفيع من التحليل، الذي يمكن أن يتمّ بغضّ النظر عن البيئات الجغرافيّة. الحدُّ الأقصى الذي يمكن أن يُعطى لمعنى الغرب هو أنّه بِنية مفهوميّة (Conceptual construct)، ناجمة عن الأوضاع والأحوال التاريخيّة والاجتماعيّة في القرون الخمسة الأخيرة، إنّما تعود رؤيويًّا وإيديولوجيًّا إلى المفاهيم الأدبيّة والفلسفيّة اليونانيّة. هذه البِنية المفهوميّة تحتوي علومها الخاصّة: علم الوجود وعلم المعرفة، علم الإناسة وعلم القيم، وعلم المنهج. على هذا الأساس، الغرب هُويّة مفهوميّة بالفعل. هُويّة دالّةٌ ليس فقط على مفاهيم معرفيّة خاصّة، أو بِنية تاريخيّة خاصّة، بل هي دالّة على رؤيةٍ إلى العالم مختلفة. والحاضنة التي نمت فيها مفاهيمُ «الغرب» القيميّة هي العلم والفكر الحديثان.
بناءً على ما تقدّم، إنّ الغربَ بِنيةٌ مفهوميّة التحَمَت بقيم التفكير الحديث، وحين يجري الكلام على الفكر الحديث إنّما نقصد الفكرَ الغربيّ. وفي تقويم «إيمان، وكلاته ساداتي» [2]، أُخضعت خصوصيّات الفكر الغربيّ للتقويم، لا سيّما: أصالة العينيّة والإدراك الحسّيّ، والنسبيّة، والفكر الإنسانيّ المحور، والثنوية والعلمانية. أما شايغان [3] في تقويمه فقد رأى أن علم الغرب علمٌ عدواني، والدليل على ذلك اكتشاف البارود. فاكتشاف البارود في الصين منذ آلاف السنين، لم يؤدِّ إلى اكتشاف القنبلة، في حين إن مثل هذا الاكتشاف في الغرب الحديث جُعلَ وسيلةً للسيطرة على الغير. هذه الخصوصيّات تجسدت في الغرب فكرًا سلطويًّا وعدوانيًّا، لا سيّما في العصر الحديث.
إنّ طريقة مواجهة الغرب كحضارة لها سماتها الخاصّة المذكورة آنفًا، تختلف عن أسلوب المواجهة الذي اعتمدته الحضارات السابقة تجاه بعضها، فاليونان وإيران ومصر والهند والصين وبلاد ما بين النهرين، تحاربت في مراحل تاريخيّة مختلفة، إنّما بأسلوب مختلف. وبشكلٍ عامّ، كانت الحضارة الأدنى تسعى إلى اكتساب المعرفة من الحضارة الأرقى علميا ومعرفيًّا وبنى اجتماعيّة. المثال المحسوس في هذا السياق هو المواجهة التي جرت بين الحضارة الإسلاميّة والحضارة اليونانيّة في العصر العبّاسيّ، ونشوء حركة الترجمة من اللغات الأجنبيّة، لا سيّما اليونانيّة، بالعربيّة. وما نتج عن ذلك من إيجاد الأرضيّة المعرفيّة اللازمة لانبعاث عصر سُمّيَ بشكل عامّ عصرَ «الحضارة الإسلاميّة» [4].
مع ذلك فإنّ أسلوب مواجهة الحضارة الغربيّة الحديثة لسائر الحضارات، لا سيّما العالم الإسلاميّ تختلف عن التوجّهات والأساليب القديمة. فالحضارة الجديدة في الغرب ذات بنية عدوانيّة، ولها خطابها الخاص. هذه الحضارة على الرغم من أنها انبنت على المفاهيم الأدبية والفلسفية اليونانيّة من ناحية، وعلى المسيحيّة العلمانيّة من ناحية ثانية، طرأ عليها في العصر الحديث نوعٌ من التحوّل التاريخيّ، أبرزُ وجوهه العدوانيّةُ والسيطرة. في هذا الخطاب كلّ ما هو غير غربيّ من مفاهيم ومقولات ونظريات، يُعدّ غريبًا، أجنبيا، منحطا، ويتوجّب أن يرتقي على النمط الغربي، وما أشار إليه إدوارد سعيد في رائعته الاستشراق يؤكّد هذه المقولة [5]. إنّه خطابٌ كلُّ بِنيةٍ غير غربيّة في داخله يجب أن تُمحَّصَ وتحوّلَ إلى بنًى غربيّة. وعلى هذا الأساس يجب أن يتمَّ تغريب كلّ شيء، ليس فقط حوزات العلوم والمعرفة، بل جميع مجالات الحياة الإنسانيّة، من أبسط أنماط السلوك الإنسانيّ وصولًا إلى البنى الاجتماعيّة والسياسيّة الكبرى. هنا يجدر بنا أن نطرحَ السؤال التالي: هل بالإمكان استخدام الأساليب والطرق التقليديّة نفسها التي اعتمدتها الحضارات السابقة في مواجهة هذه الحضارة؟ بمنظار هذا البحث، المواجهة بالطرق القديمة قاصرة وعاجزة عن المحافظة على الحضارات غير الغربيّة، وفوق ذلك، ستؤدّي إلى القضاء على مكوّنات هذه الحضارات، وإذابتها في الحضارة الغربيّة. لقد وقف الغرب بما يحمل من صفات، أبرزها عدوانيّته، في مواجهة الشرق، لا سيّما العالم الإسلاميّ، وأبرز ميادين المواجهة في هذا الخضمّ هو الإسلام.
إنّ المواجهة بين الشرق والغرب كما أشرنا من قبل مواجهةٌ بين إيديولوجيّتَين أو رؤيتَين إلى العالم. يرى افتخار زادة «أنّ التناقض بين الشرق والغرب هو في الأصل تناقضٌ بين فطرتَين وبين إيديولوجيّتَين، وبين ثقافتَين وفكرَين، وأخيرًا وليس آخرًا، إنّ غايةَ الكمال لدى كلٍّ منهما مضادّة لغاية الكمال لدى الآخر». [6] على هذا الأساس هنالك تضادٌّ بنيويٌّ بين الشرق والغرب على جميع الأصعدة المتعلّقة بعلم الوجود، والمرتبطة بماهيّة الواقع، وماهيّة الإنسان، والهدف من الخلق، وما إلى ذلك. وقد أكّد عددٌ كبيرٌ من المحقّقين على أوجه التناقض المبدئيّة بين الإسلام والغرب على صعيد كلٍّ من علم الوجود وعلم المعرفة، وعلم القيم، وعلم الإناسة [7].
إيمان، وكلاته ساداتي [8] يريان أن لا إمكانيّة لوجدان نقطة مشتركة في المبادئ الأساسيّة لعلم المعرفة بين الفكر الغربيّ والإيديولوجيا الإسلاميّة، ونظراً لوجود تناقضات جدّيّة مستعصية في المفاهيم الأساسيّة بين الفكر الغربيّ والفكر الإسلاميّ، لا يمكن ملاحظة أيّ باب مشترك بين هذَين الخطابين الفكريّين المختلفَين. الإسلام والغرب أُطُرهما مختلفة، والأُطُر المختلفة تعرض مفاهيم مختلفة ومتمايزة، وتقدّم تحليلات مختلفة عن المعطيات المتماثلة. إنّ متانة هذه الأُطُر المعرفيّة، التي تتضمّن بشكلٍ أساسيّ مفاهيمَ وجوديّةً، محكمةً إلى حدّ أنّنا إنْ أردْنا عرضَ المفاهيم الإلٰهية [9] في إطار مادّيٍّ، لن تكون المخرجات سوى استنباطات علمانيّة من المفاهيم اللاهوتيّة. على سبيل المثال في الإسلام يوجَد مفهوم الحريّة، والحريّة من المفاهيم التي أكّدت عليها شرعة حقوق الإنسان الحديثة في الغرب. مع ذلك، فإنّ الحريّة في هاتَين الرؤيتَين الفكريّتَين تعبّر عن مفاهيم مختلفة. والاختلاف المعنويّ هنا سببه الاختلاف في الرؤى والأُطُر. يقول جعفري في مقارنته بين النظريّتَين الإسلاميّة والغربيّة حول مفهوم الحريّة:
يقرّ الفكر الغربيّ الحريّة الفرديّة المطلقة لبني البشر، في حين أنّ الحريّة الفرديّة والحريّة العامّة على السواء في الفكر الدينيّ الإسلاميّ وفي النظام القِيَميّ الإسلاميّ محدودة ومحصورة ضمن الحدود التي وضعتها الشريعة [10].
وصف شودوري أيضًا مبادئ الفكر الإسلاميّ وأصوله بأنّها مناقضة للفكر الغربيّ [11]، فهو يرى أنّ الفردانيّة (Individualism)، والثنويّة (Dualism) خاصيّتان لا يمكن إنكارهما في الفكر الغربيّ، وهما مضادّتان للفكر الإسلاميّ؛ تثبت المعطيات التاريخيّة وجودَ صراع دائم في الحوزة العلميّة (الاجتماعيّة)، أحدُ طرفَيها الفردانيّة المنهجيّة (Methodology Individualist) المبنيّة على العدوانيّة الغربيّة المحور، وفي الطرف الآخر الإيديولوجيا التوحيديّة للواقع في إطار الإسلام. إنّ النظام في الغرب، تاريخيًّا وبمعتقداته الوضعيّة، معتمدٌ في استمراريّته ومركزيّته على عالم قد تفرّد. في حين أنّ الإسلام إيديولوجيا تامّة متكاملة تنهل من ظواهر فعليّة مبنيّة على التوافق العام، مع التأكيد على محوريّة العلم في بناء العالم والأنظمة الموجودة فيه [12].
لقد انتهى الأمر بالعلم الغربيّ إلى ظهور بعض الخصوصيّات، كأصالة العينيّة، وتحوّل العلم إلى علم صُنعيّ (Man made) والمأزق المعرفيّ للعلم، والتعدّديّة (Pluralism) والفوضويّة (Anarchism). وعلى العكس من ذلك، في الإيديولوجيا التوحيديّة وعلم المعرفة التوحيديّ (Tawhidy epistemology) ووحدانيّة العالـَم غائيّةُ الوجود والعلم هي الخاصّيّة الذاتيّة للعلم وللمعرفة العلميّة. فالعلم في الفكر الدينيّ لا ماهيّة بشريّة له، وإنّما هو مبنيٌّ على القانون الإلٰهيّ (Divine law). في مثل هذه الرؤية تفقدُ كلٌّ من أزمة العلم المعرفيّة، والعلمانيّة الدنيويّة (Secularism)، وأصالة العينيّة، والفوضويّة مفهومها، وينظر الإنسان إلى ساحة العلم على نحوٍ يجعله يدرك غاية الوجود ومعناه.
خطاب الاستشراق و«الإسلام» الذي يريده الغرب:
كما أشرنا من قبل، الاستشراق مفهومٌ طرحه إدوارد سعيد منذ أربعة عقود. مرجعيّة هذا المفهوم خطابٌ توليفيٌّ علميّ سياسيّ واجتماعيّ، تشكّل في الغرب منذ سبعة قرون، لتوصيف الشرق، وبالأخصّ العالم الإسلاميّ، على النحو الذي يريده الغرب. ويربط سعيد الاتجاهات الاستشراقيّة المتأخّرة بالقضايا السياسيّة في العالم الغربيّ، يقول:
سياسيًّا بذل الغرب أقصى جهوده ليقف في وجه الإسلام. ومن المؤكّد أنّ القوميّة العربيّة كانت في الحرب العالميّة الثانية حركةً أعلنت كرهها وعداءها للإمبرياليّة الغربيّة؛ وليصفّي حسابه معها وينتقم منها، كثّف جهوده لإبراز القضايا والمسائل التي تجعل الإسلام مقبولًا لديه [13].
الاستشراق، خطاب العلم والقوّة. لقد بذل الغرب ورجال الكنيسة الجهود الحثيثة، اعتمادًا على قوّتهما، لتقديم المعرفة التي يرغبان بها عن الإسلام، لذلك بحثوا عن مواطن الاختلاف والتمييز:
إنّ جوهر الاستشراق بُني على أساس الفصل والتمييز بين الشرق والغرب، أمّا مهمّة هذا التمييز فتثبيت سيادة الغرب وتفوّقه على الشرق...الحقيقة أنّ الاستشراق أو نظريّات الغربيّين حول الشرق، كانت انعكاسًا لتحكّم الغرب وسيطرته على الشرق، ولطالما سهّلت هذه السيطرة [14].
على الرَّغم من أنّ موضوع الاستشراق بنظر زماني يعود تاريخه إلى ستّة قرون قبل الميلاد [15]، لكنّ الاستشراق كنشاط منظّم وعدائيّ يعود إلى العام 1933م، حين قرّر المجمع العلميّ المسيحيّ في فيينّا افتتحاح كرسيّ في كلّ جامعة من جامعات عواصم الغرب الكبرى لتعليم اللغات العربيّة واليونانيّة والعبريّة، ليصبح بالإمكان التغلغل بين العرب، وتنصيرهم [16]. يصوّر دسوقي أيضًا أربعة مراحل للاستشراق: 1) المرحلة الأولى بعد فتح المسلمين الأندلس، وازدهار الحياة العلميّة في تلك الديار؛ 2) المرحلة الثانية بعد الحروب الصليبيّة، حتّى القرن الثامن عشر الميلاديّ؛ 3) المرحلة الثالثة من منتصف القرن الثامن عشر حتّى نهاية الحرب العالميّة الثانية؛ 4) والمرحلة الرابعة بدأت بعد الحرب العالميّة الثانية، ولا تزال مستمرّة. وللمرحلة التي أعقبت الحروب الصليبيّة خصوصيّتها [17].
إنّ الشرق الذي اختلقه هذا الخطاب شكّل موضوع بحثٍ وتحقيق لعدد كبير من منتقدي الاستشراق، وبالأخصّ إدوارد سعيد، الذي كان على رأس مفنّدي موضوع الاستشراق. يرى سعيد «أنّ الاستشراق كما يدلّ تاريخه، قد بذل المساعي الحثيثة ليحول التلقين والفرضيّات إلى حقائق لا جدال حولها» [18]. هذه الإملاءات والفرضيّات موجّهةٌ بصورة عامّة إلى العالم الإسلاميّ، لأنّ الاستشراق توليف خطابَين هما: الخطاب المسيحيّ/اليهوديّ والخطاب الاستعماريّ. «إنّ بصمة الاستعمار في الاستشراق بارزةٌ للأسباب والدوافع نفسها التي تحضر فيها الكنيسة» [19]. وعلى الرَّغم من غلبة التوجّه الاستعماريّ في مفهوم الاستشراق المتأخّر، لكنّ مبادئه بشكل عام متستّرة بالتوجّهات الكنسيّة التبشيريّة التي كانت تسعى إلى تنصير العالم الإسلاميّ:
يجد الباحث في تاريخ الاستشراق، انّ عليه أن يخطو أولى خطوات البحث من الكنيسة، فيعلمَ أنّ الجيل الأوّل من المستشرقين كان من الرهبان والقساوسة، ومن ثمَّ يصل إلى واقع مفادُه أنّ بعض المستشرقين كانوا منذ البداية ولا يزالون من اللاهوتيّين المسيحيّين واليهود [20].
إنّ التبشير المسيحيّ والاستشراق تياران متكاملان ومتداخلان، لا يمكننا الفصل بينهما؛ فهذا يفتح الطريق بما يضعه في متناول الآخر من تحقيقات ومباحث ومعلومات، وذاك يقدّم الدعم بما يزرعه من شكّ في العقائد والأصول الإسلامية الأساسية، وفي الحياة العقائدية والأخلاقية للمسلمين، ليتمكن من نشر المسيحية في أوساطهم وتنصيرهم [21].
إنّ الاستشراق خطاب احتلّ حيزا واسعا من النشاطات الإنسانية، من كتابة التاريخ وتدوينه، إلى اللاهوت فالفن، لا سيما السينما، ومجموعة من الطموحات العالميّة التي سعت في أوج عزّها إلى تسخير كلّ شيء، وبالأخصّ الـ «غير» [الآخر]. في كلّ عمل من هذه الأعمال، بحسب أرضيّته، بُذلت المساعي الحثيثة لتقديم المسوّغات لتحقير الشرق وبالأخصّ الإسلام، وانتهاك حرمة الرموز الإسلاميّة، لا سيّما نبيّ الإسلامs؛ زرع الشكَّ في وحيانيّة القرآن، ومدح أنظمة سياسيّة محدّدة في التاريخ الإسلاميّ، ومن ضمنها الحكم الأمويّ؛ تأسيس منابر في الجامعات الاوروبيّة باسم منبر العلوم الإسلاميّة التاريخيّة؛ تعزيز الصراع المذهبيّ، والتناقضات الداخليّة في الإسلام؛ تشويه شخصيّة مسلمي الشرق الأوسط في العصر الحاضر؛ التجريح بجدوى المفاهيم المبدئيّة في الإسلام كالحجاب والجهاد؛ تقديم صورة عن الإسلام إرهابيّة ومناقضة للحضارة والمدنيّة؛ تعزيز تبعيّة النخب والعلماء المسلمين للعلوم التي ينتجها الغرب، والتي تعالج مختلف المواضيع الإسلاميّة، وغير ذلك... إنّ خطاب الاستشراق محورُه الكتابات التاريخيّة والفلسفيّة واللاهوتيّة، والرواية والقصّة، والفنّ ولا سيّما السينما [22].

الاستغراب وأبعاده
يمكننا أن نعرّف شكلين عامّين للاستغراب: النقديّ وغير النقديّ. إذا تقرَّر أن يُنمّى علم الاستغراب ويُعزَّز بصفته أحد فروع العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، فالحاجة ماسّة إلى التسليم بواقع مفادُه أنّ الاستغراب يختلف موضوعًا وأسلوبًا عن الاستشراق، علمًا أنْ لا مجال لإنكار كون الاستشراق والاستغراب وجهين لعملة واحدة. فطرح خطاب الاستشراق مثلًا وتقويمه، يشكّل جزءًا من موضوع الاستغراب. وحين يتمّ تعريف وتقويم الماهيّة العدوانيّة للغرب، من الطبيعيّ أن تتوضّح من خلال هذا التعريف ماهيّة الغرب أيضًا. لهذا السبب يؤمن آهيسكا بالحوار والتفاعل بين الاستغراب والاستشراق. ففي كلا الاتجاهَين يمكن طرح علاقات القوّة السلطويّة بموضوعات مثل «الأنا» و»الآخر» [23]. مع ذلك، في الظروف والأوضاع الحاليّة، الاستشراق ماهيّته «عدائيّة»، والاستغراب ماهيّته «دفاعيّة»، لذا يجب القول إنّ الاستغراب لا يمكنه ان يلجأ في تقويمه للغرب إلى الأساليب والأنماط الاستشراقيّة. من ناحية أخرى، وبناءً على المباحث المذكورة آنفًا، والقائلة إنّ إيديولوجيا الشرق غير عدوانيّة، الاستغراب يختلف عن الاستشراق معنًى وتوجّهًا.
إن نحن عدنا إلى المصادر والنصوص العلميّة يمكننا العثور على تعريف عامّ للاستشراق: أي خطاب العلم والسلطة الذي يسعى إلى تنظيم ديار الشرق الأسطوريّة على النسق الذي يريده؛ لكن في ما يتعلّق بالاستغراب لا وجود لتعريف واضح لا لبس فيه. من بين الباحثين الشرقيّين بذلَ كلٌّ من آهيسكا من تركيا وتوكّلي طارقي من إيران، جهودًا لعرض نمط من الاستغراب في وطنه، نمط لا بدّ من أن يقدّم تعريفًا للاستغراب. آهيسكا، في كتابه الذي تطرّق فيه إلى تقويم الاستغراب في تركيا، عرّفَ الاستغراب أنّه أبعد من موضوع الاختيار من الحضارة الغربيّة، وأنّه أبعد من المقاومة أو الثورة في مواجهة الغرب، كما هو الحال في الشرق الأوسط. هو يرى «أنّ الاستغراب استراتيجيا ونهج وتكتيكات ذات اتجاهَين خطابيّ وغير خطابيّ، يستخدمها «الشرقيّ» ردًّا على الغرب. بالنسبة إلى تركيا، الاستغراب طريق للعودة إلى الأصالة، التي قضت عليها عمليّة التحديث، وهو في الوقت عينه مسعًى لمواكبة التاريخ المعاصر [24].
بالنسبة إلى آهيسكا الاستغراب ليس فقط مرشدًا للسياسة بمعناها المحدود، بل هو المرشد لكمٍّ كبير من المواضيع بدءًا من تنشئة الأطفال، ومن العلاقات الأسريّة وصولًا إلى الهُويّتَين القوميّة والدينيّة، وفي أداء النخب كذلك من خلال بث البرامج الإذاعيّة [25]. لذا فإنّ علم الاستغراب الذي يقصده آهيسكا إنّما هو نوعٌ من العودة إلى الذات بحذاء قوّة الغرب مالك العلم والتقانة الحديثَين. أمّا توكّلي طارقي فله نظرة مختلفة إلى موضوع الاستغراب في إيران. يمكن وصف نظريّته بأنّها غير نقديّة كليًّا، تأتي في سياق عرض معرفة الإيرانيّين بالغرب عرضًا وصفيًّا، كما أنّه استنادًا إلى مقالة كول [26] «الاستغراب اللامرئيّ»، وعلى مفهوم «العقلانيّة الغربيّة» لدى فيبر، تطرّق إلى تأريخ تعرّف الإيرانيّين الغربَ منذ بداية القرن الثامن عشر الميلاديّ، وما بعده؛ إنّها رؤية بشكل عامّ غير نقديّة للغرب [27].
في التحقيق الذي أجراه سنوغراز حول موضوع البوذيّة والديانة الميجيّة في اليابان وعلاقة هذا الموضوع بالاستشراق والاستغراب، اعتمد مسبقًا نهجًا يتراوح بين النقد والمسايرة، وقدّم التعريف التالي للاستغراب:
«الاستغراب مصطلح يمكن استخدامه لوصف استعانة آسيا بالغرب؛ وهو مفهوم غير مضاد للاستشراق [28]».
وهو يقول بنوع من التساهل بالنسبة إلى الاستغراب في تقويمه له في بلاده:
إنّ إحدى مشكلات ظاهرة «الاستغراب» عدم التمييز بين القوميّة اليابانيّة وخطاب المستشرقين الغربيّين بصدد البوذيّة [29]».
يتبيَّن من فحوى الكلام أنّ الاستغراب لدى سنوغراز شكل آخر مختلف عن الاستغراب لدى آهيسكا وتوكّلي طارقي. ويمكن عدُّ هذا النوع من الاستغراب شكلًا آخر من استغراب الغربيّين أنفسهم. لا ينظر إلى الاستغراب بصفته عدوًّا وإنّما بصفته بِنية خاصّة أنتجتها قرون خمسةٌ من العمل الفكريّ. في هذا النوع من الاستغراب:
1ـ ليس هنالك من منحًى خطابيّ بالنسبة إلى موضوع «الغرب» وإنّما صدًى للتوجّه الذي يجعل الغربُ فيه ذاتَه موضوعًا ذاتيًّا، لا ليسيطر على موضوعه بل ليعرِّفَه للآخرين.
2ـ إنّه توجّه مبنيٌّ بشكل عامّ على النرجسيّة [30]، ومسعًى لتعريف الغرب بصفته مرشدًا للآخرين، يرشدهم إلى طرق العمل.
3ـ الغرب هو المحور الذي تدور حوله الأمور المعرفيّة بأجمعها.
4ـ ارتقى بنفسه من المستويات الفكريّة إلى المستويات الإيديولوجيّة، ليصنع لنفسه مفاهيمها الإيديولوجيّة.
على العكس من هذا التوجّه غير النقديّ، أو الضئيل نقدُه، يُبرز فِن الوجهَ النقديّ للاستغراب، المبني على الأُطُر الفكريّة لميشيل فوكو، والذي كان الأساس الذي ارتكز عليه إدوارد سعيد في كتابه الاستشراق. يقول فِن آخذًا في الحِسبان موضوعَي الاستعمار والرأسماليّة في تعريف الاستغراب:
إنّ الاستغراب من خلال هذه الرؤية فضاءٌ مفهوميٌّ وتاريخيّ، يؤلّف حكايته الخاصّة عن الموضوع وحكايته الخاصّة عن التاريخ، هذه الحكاية يمكن أن تصبح هدفًا لعدائيّة الحداثة، وأن تتأثّر بها على مستوى العالم، بسبب الرؤية إلى العالم بناء على المخطّط الذي وضعته الحداثة والاستعمار الأوروبي [31].
يتبين بوضوح من خلال تعريف فِن أنّ الاستغراب الذي يرمي إليه ليس أنموذجًا من المعرفة النقديّة للغرب، بوصفه (أي الغرب) حيِّزًا مكانيًّا مختلفًا عن الشرق، وإنّما يتضمّن نظرة نقدية إلى حدٍّ ما؛ نقد لعدوانيّة الاستعمار والحداثة. إنّ تقويم فِن للاستغراب يأتي في سياق نظرة علم معرفيّة بالنسبة إلى تشكّل الحداثة بصفتها عرقًا خاصًّا هو العلم/القوة السلطويّة. مع ذلك، على الرغم من أنّ رؤيته مبنيّة على الأسس الفكريّة لفوكو، لكن ليس بمعنى اتخاذ موقف حيال الغرب. نوع من إثنلجة الحداثة بصفتها بِنية ناجمة عن العلم/ القوّة السلطويّة ومرتبطة بالرأسماليّة والاستعمار [32].
إنّ هذا الخطاب ذا الرؤية النقديّة للغرب، حين يوضع على بساط البحث في العالم الإسلاميّ، يتحوّل إلى خطاب يتجاوز البنى الفوقيّة للموضوع، محاولًا دخول مستوياته التأسيسيّة والإيديولوجيّة. وكما أنّ الغربَ في الاستغراب غير النقديّ يصبح المحور الذي تدور حوله الأمور المعرفيّة بأجمعها، في هذه الرؤية النقديّة يعرّف الغرب بوجهه الإيديولوجيّ، المضادّ للمفاهيم الإسلاميّة، وتوضع السيطرة الغربيّة والعدوانيّة الغربيّة موضع النقد الجدّيّ، الذي لا يزال دون ريب في مرحلة تشكّله الأوّليّة. حاليًّا هذه الرؤية موجودة إنّما بشكل مبعثر، وعلى نحوٍ لا يتيح تقديم تعريف لها ضمن خطاب ما أو مقولة ما. بصورة عامّة تشكّلت في القرن المنصرم أشكال من المقاومة في البلاد الإسلاميّة في مواجهة الغرب، ابتداءً من مواقف السيّد جمال الدين الأفغانيّ وأقرانه كالشيخ محمّد عبده ورشيد رضا، وسيّد قطب، وصولًا إلى انتصار الثورة الإسلاميّة وما أعقبها من قضايا في العالم الإسلاميّ.
بناءً على هذا المذهب الفكريّ، الغربُ، إيديولوجيًّا، معادٍ للمبادئ الإسلاميّة. لهذا السبب، يجب مقاومته لصون الهُويّة الإسلاميّة. على الرغم من فاعليّة هذه الاستراتيجيا سياسيًّا، لكنّها في مجال العلم والمعرفة بحاجة إلى الأرضيّة الملائمة وإلى الإنتاج العلميّ. من هذه الزاوية، في نطاق العلم والمعرفة، الاستغراب النقديّ المبني على الأسس والمبادئ الإسلاميّة، إمّا أنّه لمـّا يتشكّل، وإمّا أنّه عالج القضيّة بالمفرّق، ويفتقد إلى المعالجة المعمّقة. إذا تقرّر تعريف الخطوط العريضة لهذا المذهب الاستغرابيّ أي الاستغراب النقديّ في العالم الإسلاميّ، فالفرضيّات التالية هي الأهمّ:
1ـ «الغرب» موضوع يتجاوز الفكر المتعلّق بمنطقة جغرافيّة خاصّة، إنّما له مبادئه القيميّة الخاصّة.
2 ـ الغرب بنية قوليّة مناقضة ليس فقط للمفاهيم الإلٰهيّة والإسلاميّة، وإنّما أيضًا، وفي الكثير من الحالات لديها، على العكس ممّا تدّعيه، الكثير ممّا يُناقض المفاهيم الإنسانيّة.
3 ـ الإمبرياليّة بعدٌ من أبعاد البنية الخطابيّة الغربيّة، متغلغلةٌ في مختلِف النواحي الاقتصاديّة والسياسيّة والثقافيّة والدينيّة.
4ـ المفاهيم الإسلاميّة أفضل من المفاهيم الغربيّة سُبُلَ حلٍّ للمسائل الإنسانيّة والاجتماعيّة، وبالأخصّ العدالة.
5 ـ لقد ابتُليَ العالم الإسلاميّ مؤخّرًا بنوعٍ من الانذهال السياسي والفكري، ومن الضروريّ أن يتخلّص من هذا الوضع. وممّا يحتاجه للخروج من هذا المأزق معرفة الغرب معرفةً صحيحة.

الاغتراب النقدي، المقاومة والتحديات:
من الممكن بشكل عامّ عدّ حركات المقاومة التي واجهت الغرب في القرن العشرين وليدة نوعٍ من اللاوعي التاريخيّ والاجتماعيّ للتصدّي للغرب، وهي من هذه الزاوية نوعٌ من الاغتراب النقديّ. هذا الادّعاء سببه أيضًا أنّ الخطاب المسيطر على هذه المقاومات لا يعرف الغرب رسميًّا، وإنّما هو منتقدٌ جدي له. علما أن هذه المعرفة مرتبطة بسطح القضايا. تعرف مقاومة الغرب ونقده في إطار الدفاع عن الهُويّة الوطنيّة والاقتصاديّة والإسلاميّة، ولكنّها تحتاج إلى ارتياد مباحث ممنهجة ومعمّقة معرفيا.
انطلاقا من المباحث المطروحة آنفًا، يمكن القول: إنّ الاستغراب النقديّ، نوعٌ من الاغتراب الخاصّ بالدول الإسلاميّة في الشرق الأوسط. هذا النوع من الاستغراب يبحث عن نوع من العودة إلى الذات، ليتمكّن من الخلاص من سيطرة الغرب الفكريّة والثقافيّة. يعرّف إدوارد سعيد الحركات التحرّريّة في الشرق وفي العالم الإسلاميّ بأنّها مقاومةٌ للإمبرياليّة الغربية، يقول:
من ناحية أخرى إنّ حركات التحرّر التي قامت في القرن العشرين في الشرق وفي البلاد الإسلاميّة، كما يقول أنور عبد الملك، قضت فعليًّا وعمليًّا على أفكار المستشرقين ونظريّاتهم، وفضحت الإمبرياليّة الغربية [33].
إنّ الاستغراب النقديّ في العالم الإسلاميّ، هو الحجر الأساس المعرفيّ لمثل هذه المقاومات؛ إنّه مقاومةٌ تتصدّى لأسس علم الوجود الغربيّ. فهنالك مواطن خلاف بنيويّة بين الإسلام والغرب في العديد من المقولات، ومنها تعريف الواقع وقوامه، وتعريف الإنسان والهدف من خلقه، وهدف الخليقة، وغير ذلك. هذه الفروقات غير موجودة بين الحضارات الأخرى والغرب، وإن وجدت ففي الحدّ الأدنى. إنّ مقاومة الدول غير الإسلاميّة للغرب تهدف بشكل عامّ إمّا إلى المحافظة على مصالحها الاقتصاديّة، أو إلى الدفاع عن هُويّتها الثقافيّة. أما مقاومة الإسلام للغرب. فتتضمّن وجهًا إيديولوجيًّا وقيَميًّا. وعلى هذا الأساس، لا يقتصر التناقض بين الإسلام والغرب على عدم الاعتراف بالقيم الغربيّة الأساسيّة، وإنما يذهب أبعد من ذلك، فهو على الضدّ منها بنيويًّا.
إنّ إدوارد سعيد يعارض تشكل خطاب باسم الاستغراب، ويرى سبب ذلك في حاجة الشرق إلى تعرّف الخطاب الاستشراقيّ، وعدوانيّته، لتشكيل خطاب يسعى إلى خلقِ شرق آخر يُدعى الغرب:
أتمنّى قبل أيّ شيءٍ آخر أن أُبيّن لقرّائي الأعزاء، أنه لا يجب أن يحتلّ الاستغراب مكان الاستشراق (أي لا يجب جعل الاستغراب ردًّا على الاستشراق). فمَن كان في الماضي يحمل علامة «الشرقيّ» لن يعجبه هذا الفكر، وبما أنّه كان يُحسب شرقيًّا هو مستعدٌّ، وأكثر من الحدّ، لدراسة «الشرقيّين» الجدد أي «الغربيّين» الذين صنعهم وصقلهم بيديه. كأنّ معرفة الاستشراق معناها، كيف يمكن، وعلى أيّ نحوٍ، أن ينجرّ مَن ضلّلته وأغوته هذه المعرفة، أو أيّ معرفة أخرى، في أيّ مكان وفي أيّ زمان، نحو الابتذال والانحطاط. واليوم إمكانيّة هذا الانحطاط أشدّ ربّما أكثر من أيّ وقت مضى [34].
ربّما كان سبب معارضة إدوارد سعيد هو أنّ الاستشراق نفسَه يُعَدُّ بديلًا من الاستغراب، فحين يُعرف خطاب الاستشراق يُفهم مقدار كبير من ماهيّة الغرب. مع ذلك يبدو أنّ العالم الإسلاميّ على نحوٍ خاصّ بحاجة إلى خطاب الاستغراب. خطابٌ تحليلُ موضوعِه يفوق التحليلات الموجودة في الاستشراق.
من الواضح أنّ الاستغراب سيُتيحُ للعالم الإسلاميّ فرصة جديدة. سيُعرّف لنا ماهيّةَ الغرب، وعلومَه، لا سيّما علم الوجود وعلم المعرفة، ونهجَ ظاهرة تُدعى «الغرب». مع ذلك هنالك تحدّياتٌ وعوائق تواجه الاستغراب في العالم الإسلاميّ بشكل خاص؛ التحدّيات الأساسيّة في هذا المجال هي:
1ـ مكانة الاستغراب وأجواؤه اليوم تختلف عن ظروف الاستشراق في القرن الماضي.
2 ـ التصدّي للغرب تصدٍّ لظاهرة مسلّحة بالعلوم والفنون، وبشكل خاصّ العلوم الإنسانيّة المعقّدة، المنظّر لها. لذا، فإنّ الغرب ظاهرة معقّدة، هُلاميّة ومتعدّدة الوجوه.
3 ـ العالم الإسلاميّ يواجهه فقرٌ في التنظير، وهذا الفقر النظريّ أدّى إلى أن يبقى الموقف المتّخذ في مواجهة الغرب محصورًا في إطار المواضيع القيَميّة، بدلًا من أن يكون مبنيًّا على أسسٍ نظريّة مدوّنةٍ، مرتكزةٍ على مباحث علوم المعرفة والوجود والمنهج. ولا يمكن الشروع بتعرّف الغرب، اعتمادًا على المواقف القيَميّة المحضة.
4ـ النظريّات الجديدة في الغرب، عثرت على حيّزٍ من الهلاميّة الفكريّة، وهذه الهُلاميّة معرفتها ليست بالأمر السهل. إنّ استخدام الأنماط اللّاخطيّة (Nonlinear) والمنطق المشوّش أو الضبابيّ (Fuzzy logic) والنظريّة السلكيّة أو الخطيّة (String theory)، ونظريّة التعقيد (Complexity)، ونظريّة الفوضى (Chaos theory) في التحليلات الاجتماعيّة، والأنماط المقَولَبة المبنيّة على هذه النظريّات، قد أتاحت كلّها للغرب الفرصةَ كي يكون تعرّفه أمرًا صعبًا بالنسبة إلى العالم الإسلاميّ والشرق.
5 ـ الاستغراب، كما أشرنا من قبل، مفهوم مختلف عن الاستشراق. فهو، قبل أن يكون عملًا عدائيًّا، عملٌ دفاعيٌّ بشكل عامّ للمحافظة على هُويّتنا وصونها، ولهذا الأمر سببان:
1) الغرب، أصالةً، موضوع وظاهرة عدائيّة.
2) عرف الشرقُ الغربَ من موضع دونيّ (من حيث التنظير وتعرّف المباحث العلم معرفيّة وما شابهها...).
وهل بإمكان مَن هو في وضع متدنٍّ تعرّف عدوانيّة جموحة؟ الجواب عن هذا السؤال ليس سهلًا، أو هو على الأرجح جوابٌ سلبيٌّ.
6ـ إنّ أرضيّة الاستغراب النقديّ الإسلاميّ، تختلف عن أرضيّة الاستشراق. ففي الوقت الراهن، حيث يتموضع العلم والمعرفة في الغرب وفي الفكر الغربيّ، يحتاج الاستغراب النقديّ إلى أنْ يُفصَلَ عن تلك الحاضنة، وإلى طرح أرضيّة مختلفة وحاضنة محلّيّة، لتقديم خطاب مختلف عن العلم والفكر الغربيَّين الموجودَين في الاستشراق. فمعرفة الغرب تحتاج إلى معرفة أبعاده كلِّها ومن بينها الاستشراق. مع ذلك يجب أن يُفصل الاستغراب النقديّ من حيث كونُه مبنيًّا على مفاهيمَ قيَميّة خاصّة عن أرضيّة الاستشراق ذات المفاهيم القيَميّة الخاصّة بها (العدوانيّة الغربيّة، والثقافة الغربيّة)، وإيجاد أرضيّة مختلفة لطرح القضيّة ومنهج التحقيق، ووضع النظريّات. هذه الأرضيّة من أهمّ احتياجاتها الأوّليّة معرفة الغرب الوافية، بأبعاده كلِّها ومن ضمنها الاستشراق.

طرح أفق جديد:
في عصرنا، الجهاد الفكريُّ حاجةٌ ملحّةٌ، لنصدّ بواسطته الاجتياحَ الكاسح الفكريّ والثقافيّ المتعدّد الألوان والأشكال لذواتنا ومجتمعاتنا. وهذه المسؤوليّة المهمّة تقع على عواتق العلماء والمفكّرين والباحثين المسلمين، كي لا تكون على الأرض فتنة ويكون الدين كلُّه لله [35]. هذه المقالة ترى إلى الاستغراب النقديّ موضوعًا معقّدًا، وأهمّ المسائل المتعلّقة به قضيّة معرفة الغرب معرفةً دقيقة. هذه المعرفة يجب أن تُحرف عن التعريف الجغرافيّ (مثل معرفة أميركا الشماليّة أو الجنوبيّة أو الشرقيّة أو الغربيّة)، باتجاه معرفة الغرب بصفته أرضيّة معرفيّة خاصّة. تغيير الاتجاه يتطلّب تعرّف النظريّات الغربيّة في المجالات المختلفة، من التأريخ والفلسفة إلى علم النفس وعلم الاجتماع والمنطق، وغير ذلك من العلوم، ومن ضمنها علم الاستشراق. إنّ الأفقَ الجديد البديل يتضمّن الاستراتيجيّات التالية لإيجاد استغراب نقديّ في العالم الإسلاميّ:
1)ـ يجب أن يحافظ الاستغراب النقديّ على ما لديه من أخلاق المقاومة المبنيّة على القيم الإسلاميّة، وفي الوقت عينه يجب أنْ يوجّه اهتمامَه إلى المستويات الأكثر تأصيلًا أي إلى علم معرفة المقاومة.
2) ـ من الضروريّ تعرّف الحاضنة الحاليّة للعلمانيّة التي يقوم علم المعرفة الغربيّ بإنتاج وإعادة إنتاج المعرفة في داخلها.
3)ـ تعرّف النظريّات الغربيّة، من النظريّات الكلاسيكيّة في العلوم المختلفة وصولًا إلى النظريّات الجديدة.
4)ـ تعرّف النظريّات الجديدة التي تؤكّد بشكل عامّ على الأنماط اللّاخطيّة والهلاميّة، التي يصعب حتمًا تعرّف أسسها العلم وجوديّة.
5)ـ للاستغراب وجهٌ إيجابيٌّ أيضًا، وهو، مبدئيًّا، الإجابة عن سؤال: ما هو «الشرق» أي الإسلام والتراث الإسلاميّ، وما هي المسافة الفاصلة بينه وبين مُثُلِه وتطلّعاته.
6)ـ الاستغراب النقديّ في العالم الإسلاميّ يحتاج إلى عمل تنظيريّ معرفيّ واسع مصدره «نحن». ومع الأخذ في الحسبان الفقر في النظريّات، نحن نحتاج إلى وضع نظريّات في جميع فروع العلوم الإنسانيّة.
7)ـ العلم الغربيّ، لا سيّما علم الاستشراق يؤدّي دور عجل السامريّ، وحين نتمكّن نحن من العثور على علم استغراب دقيق، لا نعود بحاجة لأن نتغذّى من هذا العجل. لذا فإنّ أرضيّة الاستغراب النقديّ تحتاج إلى مفاهيم خاصّة بنا في ما يتعلق بعلم الوجود وعلم المعرفة وعلم الإناسة وعلم القِيَم، أي إلى «نظريّات إسلاميّة» بشكل عام. إذًا علم الاستغراب تعوزه النظرية.

استنتاج
إنّ موضوع علم الاستغراب يواجه حاليًّا بالنسبة إلى أيّ حضارة، لا سيّما بالنسبة إلى الحضارة الإسلاميّة تحدّيًا وأصوليّة تُدعى العلمانيّة والغربيّة. إنّ الغرب بنية عدوانيّة هجوميّة نقلت عناصر هُويّتها إلى جميع مفاصل المجتمعات وعروقها، ومن ضمنها المجالات العلميّة والمعرفيّة. فإذا اعتمدها الاستشراق، فإنّ تلك المواجهة لن تُفضي إلى أي نتيجة، ولن تتمخّض عن شيء، لأنّ الغرب كعجل السامريّ، الذي أذهل الجميعَ سحرُ الجواهر التي صُنع منها، وحاجات هذا العالم الإنسانيّ التي يلبّيها في الوقت الحاضر حاجات صنعيّة. وطالما أنّ المجتمعاتِ كلَّها، ومن ضمنها المجتمعات الإسلاميّة، تتغذّى من حليب هذا العجل ولحمه، فإنّ أيّ نظريّة نقديّة لن تُفضي إلى أيّ نتيجة. لن يُحسَب الاستغراب في العالم الإسلاميّ هُويّة فكريّة ومعرفيّة مستقلّة، إلّا حين يخرج من الشبكة الفضفاضة التي اصطاده الغربُ بها، الشبكة المتعلّقة والمرتبطة بها كلّ الأمور والشؤون السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة. لذا فإنّ الاستغراب النقديّ يحتاج إلى شبكة مترابطة من المفاهيم والبنى الإنسانيّة والاجتماعيّة، بإمكانها أن تطرح من دون الحاجة إلى حلىيّ عجل السامريّ، بنيانًا معرفيًّا حديثًا، ينافس الاستشراق؛ بعبارة أخرى يجب أن يكون الاستغراب النقديّ مستقلًّا في أموره كلِّها عن الغرب، ليصبح قادرًا على أن يتعرّف الغرب بصفته موجودًا مستقلًّا وهويّة مستقلّة. لا يعني هذا حتمًا إنكار اكتشافات الغرب وإبداعاته العلميّة والمعرفيّة. فالغرب له وجهان عامّان شاملان، أحدهما الطبيعيّ، وجه العلم والمعرفة، والآخر وجهه الإيديولوجيّ. يجب أن يعرفَ الاستغرابُ الانتقاديُّ وجوهَ الاختلاف، في هذه الحالة سيتشكّلُ طرحٌ ابيستيمولوجيٌّ اسمه «الاستغراب النقديّ».

المصادر والمراجع:
ـ افتخار زادة، محمود رضا، «مقدّمة عن خدمة الاستشراق وخيانته» مقالة منشورة في سير تاريخى انديشه وارزيابى شرق شناسى [المسار التاريخيّ للفكر الاستشراقيّ، وتقويمه]، طهران، منشورات هزاران، 1376ش [1997م].
ـ إيمان، محمّد تقي، وأحمد كلاته ساداتي، «منهجيّة العلوم الاجتماعيّة في الإسلام، لمحة عن نظريّة مسعود العالم تشودهاري»، مقالة منشورة في مجلة روش شناسى علوم انسانى [منهجيّة العلوم الإنسانيّة]، قم: مركز بحوث الحوزة والجامعة، العدد63، 1398ش [2010م].
ـ إيمان، محمّد تقي، وأحمد كلاته ساداتي، «جولة في الإيديولوجيا والعلم»، مقالة منشورة في مجلة معرفت فرهنگى واجتماعى [المعرفة الثقافيّة والاجتماعيّة]، العدد 4، 1389ش [2010م].
ـ إيمان، محمّد تقي، وأحمد كلاته ساداتي، «دراسة تطبيقيّة حول مسؤوليّة العلوم الاجتماعيّة في الإسلام والغرب»، مقالة منشورة في مجلة روش شناسى علوم انسانى [منهجيّة العلوم الإنسانيّة]، قم: مركز بحوث الحوزة والجامعة، العدد 69، 1390ش [2011م].
ـ إيمان، محمّد تقي، وأحمد كلاته ساداتي، «منهجيّة العلوم الإنسانيّة لدى المفكّرين المسلمين» (عرض نمط أنموذج من علم المنهج في العلوم الإسلاميّة)، قم: مركز بحوث الحوزة والجامعة، 1392ش [2013م].
ـ جوادي آملي، عبد الله، معرفت شناسى در قرآن [علم المعرفة في القرآن]، قم، منشورات إسراء، 1378ش [1999م].
ـ زاهد، سعيد، واحمد كلاته ساداتي، «أسلمة العلم لدى عطاس وفاروقي (دراسة تطبيقيّة)»، مجلة مطالعات معرفتى در دانشگاه اسلامى [دراسات معرفيّة في الجامعة الإسلاميّة]، 1391ش [2012م]، العدد 50، ص 16.
ـ زماني، محمّد حسن، آشنائى با استشراق و اسلام شناسى غربيان [تعرّف الاستشراق وعلم معرفة الإسلام لدى الغربيّين]، قم، 1388ش [2009م]، منشورات المصطفى الدوليّة.
ـ دسوقي، محمّد، سير تاريخى و ارزيابى انديشه شرق شناسى [المسار التاريخيّ للفكر الاستشراقيّ، وتقويمه]، ترجمه بالفارسيّة محمود افتخار زادة، طهران، منشورات هزاران.
ـ سعيد، إدوارد، شرق شناسى؛ شرقى كه آفريدهء غرب است [الاستشراق؛ الشرق الذي خلقه الغرب]، ترجمه بالفارسيّة أصغر عسكري خانقاه وحامد فولادوند، طهران، 1361ش [2082م]، مؤسّسة مطبوعات عطائي.
ـ شايگان، داريوش، افسون زدگى جديد [خرافة الحياة الجديدة]، ترجمته بالفارسيّة فاطمة ولباني، طهران 1386ش [2007م]، نشر وتحقيق فرزان روز.
ـ گلشني، مهدي، از علم سكولار تا علم دينى [من العلم العلمانيّ إلى العلم الدينيّ]، طهران، 1388ش [2009م]، مركز بحوث العلوم الإنسانيّة والدراسات الثقافيّة.
- Ahiska, M. (2010). Occidentalism in Turkey, questions of Modernity and National Identity in Turkey RadioـBroadcasting, London: I. B. Tauris Publishers.
- Choudhury, M. A (1995). ‘The Epistemic Ontic Circular Continuity World View of Tawhidi Methodology in the Natural and Social Sciences’, in M. A. Choudhury (ed.), The Epistemological Foundations of Islamic Economic, Social and Scientific order, Vol. 4. Ankara: Statistical, Economic and Social Research and Training Center for Islamic Countries.
- Choudhury, M. A. (1997). (Money in Islam; A Study in Islamic Political Economy, London and New York: Routledge.
- Choudhury, M. A. (1998). Studies in Islamic Sciences, London: Macmillan.
- Choudhury, M. A. (2006). ‘Belief and knowledge formation in the Tawhidi uperspace’, The Koranic Principle of Complementarities Applied to Social and Scientific Themes, Science and Epistemology in the Qur’an; Lewiston, NY: The Mellen Press.
- Choudhury, M. A. (2007). The Universal Paradigm and Islam WorldـSystem Economy, Society, Ethics and Science, World Scientific Publishing Vo. Ltd. British Library Cataloguing inـPublication Data.
- Cole, J. R. (1992). Invisible Occidentalism: eighteenthـ century IndoـPersian constructions of the West, Iranian Studies, No, 25.
- Jafari, M. F. (1992). ‘Counseling Values and Objectives: A comparison of Western and Islamic Perspective’, A Paper was presented at National Seminar on Islamic Counseling, Selangor, Malaysia, 17 December 1992, published in AJISS; Vol. 10, No. 3.
- Kamali, M. H. (2003). ‘Islam, Science and Rationality: A Brief Analysis’, Islam & Science; Vol. 1, No. 1.
- Said, E. (1977). Orientalism, London: Penguin
- Sardar, Z. (1977). Science, Technology and Development in the Muslim World, New Jersey: Croom Helm, London: Humanities Press.
- Snodgrass, J.(2003). Presenting Japanese Buddhism to the west. Orientalism,
- Occidentalism, and the Volumbian Exposition, Chapel Hill: the University of North Carolina Press.
- Tavakoli-Targhi, M. (2001). Refashioning Iran; Orientalism, Occidentalism and Histography, st Antony’s Series, Oxford.
-Venn, C. (2000). Occidentalism, Modernity and Subjectivity, London: Sage Pub.
-------------------------------------------
[1] باحث من إيران ـ استاذ علم الاجتماع، كلّيّة العلوم الطبّيّة جامعة شيراز.
ـ تعريب: د.دلال عبّاس: أستاذة الحضارة الإسلاميّة والأدب المقارن، الجامعة اللبنانيّة.
ـ البحث مستلٌّ من مجلّة غرب شناسى بنيادى [علم الاستغراب التأسيسيّ]، الصادرة عن مركز بحوث العلوم الإنسانيّة ـ والدراسات الثقافيّة، السنة الخامسة، العدد الأوّل، ربيع وصيف العام 1393ش [2014م]، ص 61ـ79.

[2] إيمان وكلاته ساداتي، 1392ش [2003م].
[3] شايغان، 1386ش [2007م].
[4] يجب أن نشير أنّ الأسس التي شيدت عليها الحضارة الإسلاميّة هي تعاليم القرآن والسنّة النبويّة، التي حثَّت على طلب العلم. كانت العلوم اليونانيّة واجهةَ هذا البناء المعرفيّ للمسلمين، أمّا البناء الأساسيّ الذي تشكّل فهو حضارة جديدة مختلفة.
[5] Saïd, 1977.
[6] افتخار زادة، 1376ش [1997م]، ص17.
[7] على سبيل المثال: إيمان، وكلاته ساداتي، 1389شألف [2010م]، و1390شب [2011م]؛ زاهد وكلاته ساداتي، 1391ش [2012م]؛ كلسْني، 1388ش ]2009م].
Jafari, 1992; choudhury 1995, 1997, 1998, 2007 and 2010; Sardar, 1977; Kamali, 2004.
[8] إيمان وكلاته ساداتي (1392ش [2013م].
[9] جوادي الآملي، 1387ش [2008م].
[10] Jafari, 1992, p. 332333.
[11] Choudhury, 1995, 1997, 1998, 2007 and 2010.
[12] Choudhury, 1998, p. 19.
[13] سعيد 1361ش [1982م]، ص54.
[14] م.ن، ص 12 و 13.
[15] زماني، 1388ش [2009م].
[16] مقدّمة عسكري خانقاه وفلادوند على كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد، 1361ش [1982م].
[17] دسوقي، 1376ش [1997م]، ص 2ـ61.
[18] سعيد، م.س، ص78.
[19] افتخار زادة، م.س، ص17.
[20] دسوقي، م.س، ص 61.
[21] م.ن، ص 179.
[22] سعيد، م.س؛ دسوقي، م.س؛ مختار زادة، م.س.
[23] آهيسكا، 2010م.
[24] آهيسكا، م.س، ص 41.
[25] آهيسكا، م.س، ص 45.
[26] Cole, 1992.
[27] طارقي توكّلي، 2001م.
[28] سنوغراز، 2003م، ص11.
[29] م.ن، ص274ـ275.
[30] Narcissism
[31] Venn, 2000. P. 2.
[32] Ibid.
[33] إدوارد سعيد، م.س، ص15.
[34] سعيد، م.س، ص96.
[35] دسوقي، م.س، ص227.