البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

مستقبل الدين - مطارحات إميل دور كايم وماكس فيبر

الباحث :  غريغوري بوم
اسم المجلة :  الإستغراب
العدد :  3
السنة :  السنة الثانية - ربيع 2016 م / 1437 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 2 / 2016
عدد زيارات البحث :  6864
تحميل  ( 280.616 KB )
مستقبل الدين
مطارحات إميل دوركايم وماكس فيبر
غريغوري بوم Gregory Go Boom [*][1]
تتوخى هذه المقالة الإفصاح عن أن أفكار إميل دوركايم وماكس فيبر لا تزال تنطوي على قيمة استثنائية لفهم حضور الدين وغيابه في ظل المجتمع المعاصر. يطرح دوركايم مفاهيم تفسّر عودة الدين إلى الساحة العامة، والنمو المتسارع للأصولية، وبسيكولوجيا مقاومة التغيير الاجتماعي، وظهور أشكال جديدة من الجهوية والقومية، ووجود تيارات مسكونية في جميع الأديان الكبرى. من جهته، يطرح فيبر مفاهيم تفسّر دور الفرد في الدين، وأثر موقعه الاجتماعي على الممارسة الدينية والعلمانية الكاسحة في المجتمع المعاصر. وبالنظر إلى حضور الفردانية والنفعية المسلّم بهما غالباً في البحث الاجتماعي في مجال الدين، توصي المقالة بإعادة قراءة نصوص دوركايم التي تتناول المجتمع باعتباره منتجاً للوعي الشخصي.
المحرر
حافظت أفكار إميل دوركايم وماكس فيبر حول العلاقة بين الدين والمجتمع على أهميتها في الوضع التاريخي الحالي. وبالتالي يستحيل تفسير وجود الدين في مجتمعنا أو عدمه من دون الرجوع إلى الأفكار التي طرحها عالما الاجتماع هذان في مطلع القرن العشرين. من المعروف بأن هذين المفكّرين لهما وجهتا نظر مختلفان حول دور الدين في المجتمع. لكل منهما تفسير مختلف للشخصية البشرية وعلاقتها بالمجتمع، ويبدو أن هذا الاختلاف في الأفكار مستمر في الصراع الحالي بين تيارين فلسفيين، هما الجماعانية والفردانية.
العالم وفق إميل دوركايم
المجتمع بالنسبة إلى إميل دوركايم، هو جوهر الواقع البشري. وبحسب حدسه، الذي أكّدته بحوثه على أكثر المجتمعات بساطةً، أي قبائل أستراليا البدائية، فإن المجتمع هو من يصنع أفراده. وبالمعنى نفسه أيضاً فهو ليس مصدراً للغذاء والحماية فحسب، وإنما يتيح أيضاً وبوجه خاص ثقافة مشتركة، ومجموعة من القيم، ورؤية روحانية للحياة. وحده البعد البيولوجي للإنسان فرداني بحت. أمّا البعد الفكري، أي الوعي، والمخيّلة، والذكاء، فتكتسب عبر المشاركة في المجتمع، واللغة خير مثال على ذلك، إذ نطوّر وعينا اللغوي الشخصي عبر استيعاب لغة المجتمع.
بما أننا من إنتاج المجتمع ونبقى متجذرين فيه، نحن ـ بحسب دوركايم ـ كائنات أخلاقية (1970 : 314-322). يتشاطر أفراد المجتمع نفسه قيماً مشتركة ويسمعون في أعماقهم نداءً حميماً يحضهم على تطبيق هذه القيم في حياتهم. يقول دوركايم أن هذا النداء قوي جدّاً حيث إن البشر يريدون أن يكونوا في خدمة مجتمعهم، لا بل التضحية من أجله في لحظات الخطر. يرغب البشر في تسليم أنفسهم للخير الأكثر تسامياً. يرى دوركايم بأن البشر لديهم نزعة دينية. فالمجتمع، على حد قوله، ليس واقعاً موضوعياً موجوداً بمعزل عن أفراده فحسب، إنما هو أيضاً واقع ذاتي مستقرٌ بشكل رمزي في فكرهم ويحدد إنسانيتهم برمتّها. إن المجتمع، الذي له وجود رمزي في «الوعي الجماعي»، وهي عبارة عزيزة على قلب دوركايم يصنع أفراده، ويدعمهم، ويحدد هويتهم (633: 1960).
الدين
وقف دوركايم في ذهول أمام ظاهرة الدين الكونية. أراد دوركايم، الملحد، إيجاد تفسير علمي للتجربة الدينية، وقد توصل على إثر البحوث التي أجراها على القبائل البدائية، إلى أن تجربة القداسة تمت بلقاء الشعب، في لحظات خاصة، مع المجتمع الذي له وجود رمزي في وعيه الجماعي. على حد قول دوركايم، الله هو المجتمع المدوّن بخط عريض في فكر أفراده. الدين هو إذن الخشية الموقّرة للبشر وهجرهم الشغف أمام قالبهم الاجتماعي، هذا القالب الذي أوجدهم، والذي يدعمهم، ويكوّن لهم مثلهم العليا، ويعاقبهم على تعدّياتهم، ويعدهم في الوقت عينه باحتضانهم مجدداً.
يعتقد دوركايم بأن كل مجتمع يضع دينه الخاص؛ إذ لا يمكن للمجتمع أن يحيا من دون هذه السلطة الرمزية، من دون هذا الانعكاس لهذا المجتمع في وعي الشعب الجماعي. الدين هو الروح الحيّة التي تجمع الرجال والنساء في المشروع المجتمعي عينه.
ساعدت نظرية دوركايم بالتالي إلى حد كبير على تفسير دور الأديان التقليدية في المجتمع وعلى فهم معنى الشعائر المقدسة. مع ذلك، بدا عالم الاجتماع العظيم هذا مقتضباً حول مسألة الدين في المجتمع الحديث، والعلماني، والتعددي؛ إذ أن المجتمع الحديث، في نظره، أكثر عقلانيةً وإنسانيةً من المجتمعات السالفة. لقد ذكر بأن الآلهة القديمة إما تشيخ أو تفنى، بما فيها الإله التوراتي، في حين أن الآلهة الجديدة لم تولد بعد (1970: 611). كان على قناعة بأن المجتمع الحديث، القائم على الذكاء العلمي للعلاقات الإنسانية، قد يبتكر على الأمد البعيد دينه المدني الخاص بغية تعزيز قيمه داخل المواطنين.
لكن، في الوقت الراهن، العبادة السائدة هي للأسف «عبادة الشخصية» (1970: 261-278)، على حد قول دوركايم. بعبارة أخرى، على غرار ماركس في شبابه، لا ينظر دوركايم إلى الفردانية ومركزية الذات كنزعة طبيعية، وإنما كنتاج ثقافي أوجدته الظروف الاجتماعية والاقتصادية. مع ذلك، أكّد دوركايم بأن عبادة الشخصية هذه هي عبادة مَرَضية، لأنها تهدد بإضعاف المجتمع وبالتمهيد لانهياره. لكن عالم الاجتماع الفرنسي هذا كان على ثقة بأن المجتمع الحديث والصناعي والقائم على المساواة سيوجد على الأمد البعيد شكل الدين الخاص به، والقادر على ترسيخ هويته الاجتماعية وعلى ضمان التزام المواطنين بالفضائل المدنية. لقد دافع دوركايم بشدة عن هذه النقطة في وجه الكاثوليك المحافظين الذين كانوا يتمتعون بنفوذ في فرنسا في عصره، والذين توقعوا مساهمة المجتمع الحديث في ضعضعة التكافل الاجتماعي.
يوجد علماء اجتماع معاصرون يؤيدون أفكار دوركايم مع تشديدهم على فكرة أن المجتمع بحاجة إلى أسطورة وطنية، أو بحسب تعبير روسو، إلى دين مدني ( 21-1 ـ 1976 Bellah) من أجل أن يتطور ويزدهر. فمن مظاهر الهشاشة في ما يسمى بكندا أنها تفتقر إلى أسطورة وطنية تحتفي بمستقبل ومصير يلقيان قبول جميع المواطنين. في المقابل، ورثت الكيبك ديناً مدنيّاً. كان هذا الدين في السابق الكاثوليكية، لكن منذ الثورة الهادئة، اتخذت الأسطورة الوطنية منحىً علمانيّاً (Tessier, 1994).
الهوية الجماعية
تلقي مقاربة دوركايم الاجتماعية الضوء على ظاهرة معاصرة مقترنة بالبحث عن الهوية الجماعية. ففي بقاع كثيرة من الأرض، هناك شعوب تتصدى للكونية الليبرالية والفردانية الرأسمالية عبر التأكيد الحثيث على هويتها الجماعية الموروثة من الماضي، وأحياناً عبر اللجوء إلى أشكال متطرفة من القبلية والقومية العنيفة. ومثل هذه الظاهرة تثير استغراب الليبراليين والماركسيين؛ إذ ترى النظرية الليبرالية البشر أفراداً موجّهين كلاًّ نحو بقائه الشخصي وتحسين ظروفه المادية، وهي نظرية تعجز عن تفسير سبب توجّه الناس إلى تأكيد هويتهم الجماعية رغم أن ذلك يضر بمصالحهم المادية الشخصية. أمّا من المنظور الماركسي، فالبشر موجّهون، سواءً عن سابق معرفة أو لا، نحو الكفاح لتحسين الوضع المادي لطبقتهم الاقتصادية. وهذه النظرية عاجزة أيضاً عن تفسير سبب توجّه بعض المجموعات إلى تأكيد هويتهم الدينية، أو الإثنية، أو القومية رغم أن ذلك يضر بمصلحة طبقتهم. كذلك، لا يسمح توصيف القومية الإثنية أو الحركة الدينية بـ «الوعي الزائف» بتبرير تمتع هذين التيارين بمثل هذه الجاذبية الاجتماعية.
بحسب دوركايم، البشر مرتبطون ارتباطاً وثيقاً بهويتهم الجماعية. فعندما تكون هذه الأخيرة في خطر، يبذل هؤلاء تضحيات كبيرة من أجل إنشاء مؤسسات اجتماعية وسياسية تحميها وتعززها. لم ينجح الليبراليون والماركسيون يوماً، لجهلهم بالأهمية الاجتماعية للهوية الجماعية، في استيعاب الحركات الفاشية التي ظهرت في ثلاثينيات القرن العشرين. مع ذلك، كانت الرؤية أوضح في ذلك الحين لدى بعض المفكّرين المناهضين للفاشية.
في هذا الإطار، وصف كارل بولانيي، في أحد كتبه في الثلاثينيات، الفاشية بـ «عودة المكبوت»، بما يعني إعادة التأكيد، بشكل مشوّه، على المجتمع المقوّض نتيجة الليبرالية والماركسية. لقد اعتبر الفاشية شكلاً «مشوّهاً» من أشكال الهوية الجماعية ذلك لأنها تتطلّب التضحية بالضمير الأخلاقي الشخصي في سبيل الولاء الأعمى للحاكم (بوم، 1996: 50).
في الحقبة نفسها، كتب بول تيليش عن ارتباط الشعوب بجذورها الإثنية، أو القومية، أو الدينية، معتبراً إياها من الظواهر الكونية. فلا يمكن لأي نظرية اجتماعية أن تكون مقنعة على الأمد البعيد ما لم تعترف بترسّخ جذور الشعب في تاريخه. أدرك تيليش بوضوح، في الفترة عينها، بأن النظرة السياسية القائمة على الهوية الجماعية لشعب ما تولّد العدائية ضد من لا ينتمون إليه وتقوّي البنى التقليدية لانعدام المساواة الاجتماعية، وهما نزعتان خطيرتان عاقبتهما الحرب والقمع على التوالي. لذلك، حث تيليش على نظرية سياسية تبدي احتراماً للرابط الاجتماعي الذي يرثه المجتمع، وتخضعه في الوقت عينه لمعيار العدالة الاجتماعية العقلاني، طارحاً تفسيراً إيجابيّاً للقوميّة على أن تحترم هذه الأخيرة المساواة بين أفراد الأمة والمساواة بين الأمم نفسها (بوم، 1995: 92-95).
اللاَّمعيارية، قوّة اجتماعية
أثبت إميل دوركايم في كتابه بأن الناس الذين يشهدون تهديداً لهويتهم الجماعية يعانون قلقاً شديداً على المستوى الشخصي، وهو ما يطلق عليه اسم «اللامعيارية» (1981: 272-311). قد تظهر اللامعيارية في صميم الأفراد بطريقتين مختلفتين: إمّا عبر انتقالهم من محيط اجتماعي ثقافي إلى آخر أو عبر حدوث تغييرات جوهرية في المجموعة الثقافية التي ينتمون إليها. وفي كلتا الحالتين، يعاني الأفراد العاجزون عن التكيّف مع الوضع الجديد من الاضطراب والقلق. وهكذا، توضح نظرية دوركايم الكثير من الظواهر في عصرنا هذا، بما في ذلك الظواهر الدينية.
تمرّ الثقافة الشائعة في أميركا الشمالية بتحوّلات جذرية بسبب البطالة المزمنة وندرة فرص العمل، وانعتاق دولة الرفاه، وظهور التعددية الدينية، والمهاجرين الوافدين من قارات غير أوروبا، وكذلك بسبب المطالبة المتزايدة بالمساواة بين المرأة والرجل. إن كان دوركايم على حق، فإن مثل هذا الوضع سيثير على الأرجح قلقاً عارماً لدى الكثير من أفراد المجتمع. فالعدائية تجاه المهاجرين، والعنصرية، وصحوة الحركة المعادية لتحرير المرأة ناجمة إلى حد كبير عن هذا الشعور بالقلق. لذلك عوضاً عن اتهام الناس الذين يقلقهم التغيير الاجتماعي بالتخلّف أو الرجعية، يستحسن احترام قلقهم وتبني خطاب يكون في عونهم. فمن هم بصدد فقدان هويتهم الثقافية يحق لهم أن يعلنوا الحداد على هذه الخسارة من دون اتهامهم بالأذية. الحداد شفاء للروح، لكنه مؤقت. فبعده، يواجه الأفراد الواقع الجديد، ويتكيفون معه، ويعملون على إعادة تحديد هويتهم.
الدين المحافظ والطوائف
يوضح مفهوم دوركايم حول اللامعيارية جاذبية الدين المحافظ، والطوائف، والعبادات الأكثر حداثة. يتساءل المراقبون العلمانيون أحياناً كيف يستطيع الأذكياء من الناس تقبّل تعاليم روحيّة عقلانية وأساليب حياة تتعارض مع الوجهة السليمة. يذكّر دوركايم هؤلاء المراقبين بأنّ الدين المحافظ والطوائف الحديثة النشأة توفّر العلاج للقلق العميق الذي يولّده المجتمع، هذا القلق الذي لا تستطيع القدرة على الفهم شفاءه. تتطرّق نظرية دوركايم إلى السبب وراء ظهور حركة قوية للمحافظين حاليّاً في الكنائس المسيحية، وبشكل عام، في جميع الديانات الكبرى. تعتمد هذه الحركة في بعض الحالات، التي سأتناولها لاحقاً، شكلاً متشدداً (أصوليّاً)، أي شكلاً حرفيّاً، ومتصلّباً، ومتزمّتاً. وإذا كان دوركايم على حق، ستثبت الحركات المحافظة للأديان القلق الذي اختبره الأشخاص شديدو التديّن ممن تتهدّد هويتهم الجماعية جراء التعددية الدينية وعلمنة ثقافتهم.
في الوقت الذي ولّدت فيه الثورة الهادئة في الكيبك ديناميكية اجتماعيّة أثّرت على الشعب بكامله، جاءت الحركة المحافظة في الكنيسة هناك أقل حدّة مما هي عليه في فرنسا وبلدان أخرى، حيث عارض جزء كبير من السكان التغيرات الاجتماعية والثقافية.
عكس تحوّل التيارات المحافظة للأديان إلى حركات أصولية، في بعض الحالات، ردّ فعل حازم تجاه الثقافة التي فرضتها قوة مركزيّة هدّدت بتدمير الهوية التقليدية الجماعية. كان يمكن أن تُفسّر الأصولية في الأوساط الإسلامية، وحتى عند الهندوس والبوذيين، منذ زمن بعيد، على أنها مقاومة واسعة النطاق ضدّ غزو الثقافة العقلانية المتداولة في الغرب والمدعومة من المركز الرأسمالي العالمي. بدت الأصولية المسيحية في الولايات المتحدة الأميركية كدفاع عاطفي عن الثقافة البروتستانتية التي كانت تعرّف الهوية الأميركية في الماضي على أنها معارضة للعقلانية والعلمانية، التي أطلق عليهما الأصوليون اسم «الحركة الإنسانية العلمانية»، وللتعددية الدينية، وحركة تحرير المرأة، والوجود المتعاظم للمهاجرين من أصول غير أوروبية، أي جميع الاتجاهات التي يدعمها المركز، والحكومة الفدرالية في الولايات المتحدة الأميركية.
تقترن المفارقة الاجتماعية بكافة الحركات الأصولية. فالبرغم من معارضة هذه الأخيرة الحداثة العلمانية والمنطق النفعي، فرضت عليها رغبتها في أن تصبح قوى سياسية هامة استخدام وسائل حديثة للتنظيم والتواصل، وتقنيات للتلاعب، والوثوق بالعقلانية الإنتاجية. فالحركات الأصولية تتجدّد رغماً عنها.
الدين الكوني
إذا ما اتّبعنا مبادئ دوركايم، سنترقّب ظهور مجتمع عالمي في عالم الأديان، ذي تأثيرات مختلفة عن حركات المقاومة. لقد تحقّق هذا المجتمع العالمي للمرة الأولى في التاريخ، إذ أصبحت كافة بلدان العالم مترابطة في السرّاء والضرّاء. فجميعها تعتمد نظاماً عالميّاً موحدا للاقتصاد الرأسمالي، وتسعى إلى تعزيز تطورها التكنولوجي، وتتشاطر المعرفة نفسها. تتعاون معظم هذه البلدان سياسيّاً عبر منظمة الأمم المتّحدة، وهي على استعداد لتقبّل القيم الاجتماعية التي تنصّ عليها هذه الأخيرة، أي حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجل والمرأة. فقد تحوّل الترابط البنيوي للبشرية إلى واقع تاريخي، حتى ولو أن هذه البنية تنتج الظلم وعدم المساواة على نطاق واسع. وإذا صحّت مقاربة إميل دوركايم الاجتماعية، فمن المتوقّع أن تعبّر عولمة البنى التحتية عن نفسها بشكل رمزي في الوعي الجماعي، وأن تثير حركة روحية تسعى إلى التضامن العالمي. لا يكفي بالتالي أن نفسّر الحركة المسكونية والحوار بين الأديان على أنهما اختراعان ناجمان عن أذهان جسورة، بل يجب فهمهما على أنهما التعبير الروحي عن واقع اجتماعي جديد. بات التضامن العالمي، بدءً من أشد الناس فقراً، تجربة دينية في كافة الكنائس المسيحية والأديان الرئيسة. فإذا اطّلعنا على النصوص المنشورة من قبل الكنيسة الكاثوليكية، أو مجلس الكنائس العالمي، أو المؤتمر العالمي للأديان من أجل السلام، فسنجد أمرين مسلّمين بهما: أنّ كلّ التقاليد الدينية تحمل عناصر روحية تبارك عدم المساواة الاجتماعية، وهيمنة الأقوياء، والظلم الواقع على الضعفاء؛ وأنّ هذه التقاليد تحمل أيضاً عناصر روحية أخرى، داعمة للعدالة، والرحمة، والسلام. تكتشف الكنائس والأديان غير المسيحية، عبر الحوار والتعاون، أنّها تحمل في طيّاتها اليوتوبيا الاجتماعية، والبشرية التي وجدت السلام في العدل والحب.
نستشفّ من خلال مبادىء دوركايم السبب وراء سيطرة تيَّارين معارضين على كافة الأديان: تيار محافظ يسعى إلى تعزيز الهوية التقليدية، وتيار جريء منفتح على التضامن العالمي، بدءاً من الفقراء والفئات الأكثر هشاشةً. نجد هذين التيارين في الكنيسة الكاثوليكية في مقاطعة الكيبك. يتراءى أمامي بالتالي سببان لتبني منهج «الانفتاح والتضامن»، مع نقده للرأسمالية، بقوة في الكنيسة في الكيبك، مدعوماً في ذلك من الرسالة الرعوية ومبادرات الأساقفة العامة. أولاً، وكما قلت آنفاً، ولّدت الثورة الهادئة في الشعب مفهوماً ديناميكيّاً للثقافة؛ وثانياً، أجبرت العلمنة السريعة للمجتمع في الكيبيك الكنيسة على الظهور كأقليّة، أقلية لم تعد وظيفتها إضفاء الشرعية على العموم، وإنما قد تصبح قوة حاسمة مستوحاة من الرسالة النبوية للإنجيل.
العالم بحسب ماكس ويبر
نغوص مع ماكس فيبر في عالم فكري مختلف تماماً. يبدأ تفكير فيبر حول المجتمع والدين من الفرد ذاته. فالأفراد هم من يبنون المجتمع، والرجل صاحب الكاريزما وتلامذته هم من يصنعون التقاليد الدينية. لم يكن فيبر يؤمن بالوعي الجماعي ولا حتى بالأسطورة الجماعية التي تجعل المجتمع متماسكاً. لقد عارض عالم الاجتماع الألماني هذا بشدة على الحركة الرومانسية في الفكر الألماني، وتمثّل في فرنسا بتيار أقلية كان ينتمي إليه دوركايم. كان هذا التيار يجد في المجتمعات التقليدية وحدة عضوية وصوفية. فالمجتمعات، بحسب ويبر، عبارة عن إنشاءات. وتبقى المجتمعات موحدة نتيجة وجود حكومة تحمل عصا كبيرة تضرب بها كل من لا يتفق مع الآخر. بالنسبة إليه، السلطة هي من تصنع الوحدات الاجتماعية، وبالتالي يجب أن يحكم الأعضاء في أمر السلطة الشرعية. وحين يتحدث فيبر عن الشرعية، لا يقصد في المقام الأول أيديولوجية تبارك النظام الاجتماعي أو تجعله يبدو عقلانيّاً، بل قدرة النظام على الوفاء بوعوده وتلبية متطلبات أعضائه. من الواضح أن فيبر لم ينكر البتّة أنّ المجتمعات التقليدية كانت متّحدة من خلال روابط اجتماعية وقيم مشتركة قبل ظهور الحداثة، إنما رأى بأنّ هذه العناصر المشتركة لم تكن فطرية وإنما مبنيّة؛ فالمجتمع عبارة عن بناء ناجح.
اعتبر ويبر، الوفي لهذا النهج، بأنّ الإثنية بناء أيضاً. فالهوية الإثنية ليست فطرية، ناجمة عن إرث بيولوجي مشترك، وإنما هي وليدة أناس مقتنعين بحيث يتشاطرون الأصل البيولوجي عينه. كذلك، ليست صلة الدم من تنتج المجتمع الإثني، إنما الإيمان بوجود مثل هذه الصلات، حتى إن كان التاريخ يكشف عن أصل أكثر تعددية.
الدين
يتملّك فيبر ودوركايم الفضول العلمي عينه حول الدور الاجتماعي للدين. فبينما كان دوركايم يصوّر الدين على أنه بناء مجتمع تنعكس صورته في الوعي الجماعي، اعتبر فيبر أنّ الدين يبدأ مع الفرد، الشخصية الكاريزماتية، مؤسس المجتمع الديني. كان فيبر يستخدم عبارة «كاريزما» لوصف القوة المدهشة التي يتمتّع بها بعض الأشخاص وقدرتها على إيصال معنى القداسة للآخرين (166: 159 ـ 1960). لم تكن القداسة، كما أرادها دوركايم، مظهراً من مظاهر المجتمع الروحية. أما بالنسبة إلى ويبر، فالقداسة تعني ما هو أبعد من المجتمع، أي ما هو مختلف عن البشر، قوة خارقة تجعل الواقع الاجتماعي أمراً نسبيّاً.
أنشأ مؤسسو الدين ممن يتمتعون بقوة كاريزماتية هائلة، مجتمعات من التلامذة المؤهلين لإيصال الكاريزما المؤسِّسَة للأجيال اللاحقة، بشكل رمزي، أي عبر رسالة روحية وطقوس مقدسة. وهكذا بُنيت التقاليد الدينية.
بالرغم من أن مقاربة ماكس فيبر الاجتماعية تمنح الأولوية للأفراد وتفاعلهم، إلاّ أنه لم يكن ليبراليّاً بالمعنى الأيديولوجي. إذ لم يكن يعتقد، كما الاختباريون البريطانيون وأهل الاقتصاد الكلاسيكيون، بأنّ الفرد يُعرّف من خلال صراعه من أجل البقاء والمنافسة. رفض فيبر فكرة أن الناس نفعيون بطبيعتهم. فبالنسبة إليه، يتصرف الناس في أغلب الأحيان وفقاً لدوافع مختلطة، يميّز فيبر بين أربعة منها: التصرّف وفقاً لعادات المجتمع، والتصرّف وفقاً للعقلية النفعية، والتصرف وفقاً للقيم الذاتية، والتصرّف تحت تأثير العواطف الجيّاشة (Freund, 1966: 84). تتعدّد الدوافع التي تحرّك البشر بشكل عام. فعلى سبيل المثال، يتحرّك العديد من الأشخاص لتحسين وضعهم المادي، لكنهم في الوقت نفسه، يرفضون الابتعاد عن العادات المتعارف عليها، وحتى التخلي بشكل تام عن مُثُلهم العليا. فيتصرّفون، بالتالي، تبعاً لمجموعة من الحوافز. فالبشر، بحسب ويبر، هم كائنات تعيش على التراضي في المقام الأول.
ها هو السبب الذي كان يختلف عليه فيبر في ما يتعلق بتحليل دوركايم القائل إن أفراد المجتمع الواحد يتّحدون حول القيم نفسها والتجارب الدينية نفسها. وقد أكّد فيبر بأن معظم الناس يعيشون، على صعيد الدين، كما على صعيد المجالات الحياتية الأخرى، بالتراضي. وقليلون هم من يجسدون تماماً روح دينهم، وهم من يطلق عليهم فيبر اسم «البارعون» (1964: 137). أما الغالبية العظمى فتتشتّت معتقداتها الدينية بمصالح أخرى. وبالتالي، تسمح مقارية فيبر هذه بتحليل ظاهرتين دينيتين قلّما يتحدث عنهما دوركايم، ألا وهما: تنوع التيارات الدينية داخل الدين الواحد، ومسار العلمنة الحالي.
الدين والطبقة الاجتماعية
يعترف فيبر بأن الدين الواحد يتمّ استيعابه بطرق مختلفة بحسب الطبقة الاجتماعية للمؤمنين. يتناول ويبر، من خلال ثلاث تجارب شهيرة، دين الأرستقراطيين، والحرفيين، والتجار، والفلاحين، والفقراء، ومن ثم يدرس السلوك تجاه دين البرجوازيين والبروليتاريا (1960: 382 ـ 483). تظهر هذه التجارب بأن الدين الواحد فُسّر على أنه يشكّل دعماً للتطلعات الاجتماعية والثقافية شديدة الاختلاف. ويشهد التاريخ على وجود الدين المحافظ، والإصلاحي، وحتى الراديكالي. تسمح مقاربة فيبر لهذا الأخير بأن يدرك المنظور الماركسي الذي يقدّر الوظيفية الأيديولوجية للدين، من جهة، وبأن يصحّح التعميم الخاطىء الذي تناوله ماركس في أن الدين هو أيديولوجية تشرّع الطبقة المهيمنة، من جهة أخرى. يضاف إلى ذلك أن بعض الكتّاب الماركسيين الذين سبقوا فيبر بزمن طويل، انزعجوا من وجود الدين الراديكالي في التاريخ الغربي. كان «أنجلز» نفسه مفتوناً بـ «توماس مونتسر»، الذي بشّر بحركة تجديدية العماد (anabaptiste)، والذي كان يقدّم الدعم الروحي لحرب الفلاحين في العام 1525.
انتشر على نطاق واسع تفسير فيبر للبروتستانتية الكالفينية التي اعتبرها روحانية كانت تساعد على النضال الاجتماعي للبرجوازية ضدّ النظام الإقطاعي (ويبر، 1964أ). كانت الأخلاقيات البروتستانتية، مع تركيزها على المقاصد الدنيوية، والعمل اليومي، والمبادرة الشخصية، والاعتماد على الذات، على صلة عميقة بروح الرأسمالية الوليدة. فهي تسعى إلى تصحيح البعد المادي للرأسمالية عبر دعمها الروحي للسخاء وللمسؤولية الاجتماعية. لكن يجب التأكيد على أن فيبر لم يدع مفهوم البروتستانتية يقتصر على وظيفتها الاجتماعية، بل كان دائماً يعترف ببعدها المتسامي. إن التوجّه نحو القداسة على وجه التحديد هو الذي يمنح هذه الأخلاقيات الجديدة قوتها الثقافية.
يرى فيبر أنه لطالما ساعدت الملل الدينية الجديدة التي أنشأتها البروتستانتية، مثل الميثوديين، والمعمدانيين، والمجيئيين، وغيرهم، الطبقات الدنيا التي تناضل لتحقيق تقدمها الاجتماعي، على إثبات نجاحها في المجتمع الرأسمالي. وفي أيامنا هذه، لا تزال العديد من الطوائف الإنجيلية والجماعات الخمسينية تمارس الوظيفة الاجتماعية عينها. وبما أنّ هذه الحركات الدينية توصل إلى أتباعها القيمة الروحية للالتزام وللمسؤولية الشخصية، فإنها تنتج أشخاصاً مؤمنين يكرّسون نفسهم لأعمالهم، ويهتمون بأسرهم، ويعيشون عيشة بسيطة، ويدّخرون أموالهم لاستثمارها في حياتهم المهنية أو من أجل تقديم تبرعات سخيّة.
يجد علماء الاجتماع، الذين يدرسون الحركات الدينية الجديدة، أنفسهم أمام فرضيتين مختلفتين: فرضية دوركايم التي يبحث من خلالها الأشخاص المهددون نتيجة التغيرات الاجتماعية، عن الهوية الجماعية للهروب من المخاوف الشخصية، وفرضية فيبر التي تسعى الطبقات المهمشة من خلالها، إلى إيجاد روحانية تساعدهم على عيش حياة كريمة وأكثر عقلانيةً.
العلمنة
تُعرف مقاربة ماكس فيبر الاجتماعية بشكل خاص من خلال نظريتها حول العلمنة. في المقابل، يعتقد دوركايم بأن لاعقلانية العقيدة المسيحية، ستجعل هذه الديانة تزول في العالم الحديث. ويتوقّع، في الوقت عينه، ظهور الدين المدني الذي يعكس الأسسس الأخلاقية لمجتمع التنوير ويعزّزه، لأن الدين، بالنسبة إليه، فيه شيء من الأبدية (1960: 609).
وذلك بخلاف فيبر الذي أعرب عن اقتناعه بأنّ «العقلانية» المتنامية للمجتمع الحديث ستزيل من أذهان الناس جميع القيم غير النفعية كالحقيقة، والخير، والجمال، والتسامي. يقصد فيبر بـ«العقلانية» تطبيق الأدلة التكنولوجية على تقدّم الحياة الشخصية والاجتماعية (1964: 61-107). ففي الماضي، سمح التوجه العقلاني، الذي تتحكم به قيم أخرى، للإنسانية بإنشاء حضارات كبرى؛ لكن التوجه أصبح اليوم قويّاً جدّاً إلى حدّ إلغائه كافة المسائل التي لم يتمكّن العلم، والتكنولوجيا، والإدارة العقلانية من حلّها. تعالج العقلانية الحديثة «الوسائل» من دون التعرّض إلى «الغايات»، كما في الحقيقة والخير. وبالتالي، أصبحت الأسباب وسيلية بامتياز. يعتبر فيبر أيضاً أن هذا التطور المعاصر ناجم عن غياب مسألة الدين عن وعي الغالبية العظمى. فالرجال والنساء يتجهون نحو العلمانية، (الحال الذي كان عليه فيبر في البداية). لكن بحسب فرضية فيبر التشاؤمية، لا تؤدي علمنة الثقافة إلى القضاء على الدين فحسب، وإنما إلى تقهقر جميع الثقافات الإنسانية، فضلاً عن أنّ التفكير الفلسفي، والعشق الشغوف، والالتزام الأخلاقي بالمثل العليا وتقدير الجمال في طريقها إلى الزوال أيضاً. ووفق توقعات ويبر، سيكون مجتمع المستقبل العقلاني كلوحة قاتمة، وكـ «قفص حديدي»، وعالم حزين بلا لون ولا روح (1964أ: 246).
لقد رأينا، بحسب ويبر، بأنّ الدين يتجاوز وظيفته الاجتماعية ليلمس التسامي. برأيه، يجيب الدين عن الأسئلة الكونية الكبرى التي لم يتمكن أحد في الماضي من الإفلات منها: من أين جئنا؟ ما معنى الحياة البشرية؟ ما الذي ينتظرنا في المستقبل؟ ما هو أصل الشر والمعاناة؟ يقول فيبر أن الدين هو من صنع أصحاب الكاريزما القادرين على الإجابة عن مثل هذه الأسئلة التي، في أيامنا هذه، أُفرغت من معناها بسبب هيمنة التعليل الذرائعي. أما في المجتمع الحديث، لن يحيا الدين، باعتقاد ويبر، إلا ضمن دوائر صغيرة فحسب كمصلحة شخصية يتقاسمها الأصدقاء، واصفاً إياه بالدين اللطيف جداً. يرى علماء الاجتماع المعاصرون المؤيدون لماكس فيبر في انتشار المذاهب، وظهور حركات جديدة، والصراع بين النزعات المرتبطة بالهوية والنزعات الكونية في الأديان الكبرى، أعراض تشير إلى تفكّك التقاليد الدينية، قبل الغياب الكامل لهذه الأخيرة.
خلاصة بسيطة
إن مقاربة إميل دوركايم الاجتماعية قادرة على شرح عودة الدين إلى الساحة العامة وتمديد ما يطلق عليه الناطقون باللغة الإنكليزية «سياسات الهوية»، أي حركات اجتماعية تطالب بالهوية الوطنية، أو العرقية، أو الإقليمية. يعتبر دوركايم المترجم الأفضل للظواهر الاجتماعية، إذ بيّن لنا أن المشاعر الشخصية تحظى بدورها أيضاً بأهمية اجتماعية. في المقابل، إذا كنّا نهتم بمسألة مستقبل الدين، من الخطإ التغاضي عن مقاربة ماكس فيبر الاجتماعية، فهي قادرة على تفسير الضغوطات الحاصلة داخل الدين والتي تنجم عن المصالح المؤسسية لزعماء الدين أو المواقف الاجتماعية المختلفة لأتباعه. إلى ذلك، فيبر شديد الملاحظة بخصوص علمنة الثقافة الناتجة من المجتمع التكنولوجي.
تُعدّ العلاقة التي تربط الأشخاص بمجتمعهم معقّدة جدّاً، وغير متوقعة، إلى حدّ ما، حيث لا يمكن تفسيرها بمجرّد نظرية اجتماعية واحدة. لذا، لا بدّ من وضع نظريات متناقضة ومتكاملة لأنها تسمح للباحث بالتحقق، عند كلّ حالة ملموسة، إلى أي مدى تتضح الظاهرة عبر هذه النظريات.
تجعلنا الروح الفردية والنفعية التي تميّز الثقافة المعاصرة، حتى في الجامعة، ننظر بسهولة إلى الأنشطة الدينية الجديدة على أنها تعابير غير متوقعة لجنون الإنسان. ونجد هذا التصور أيضاً في مظاهر «الهوية السياسية»، حيث يتساءل الناس كيف يمكن لبعض المجموعات والطوائف في مجتمع يعتقد أنه سيصبح دائماً أكثر عقلانية، أن يتطلّعوا إلى أهداف لاعقلانية تتخطى مصلحتهم المادية. لذا، أوصيكم، من أجل فهم أفضل للمجتمع المعاصر، بقراءة إميل دوركايم مرّة أخرى.
المراجع
ـ غريغوري بوم (1996)، Karl Polanyi on Ethics and Economies، مونتريال، منشورات جامعة كاغيل كوين، 90 صفحة.
ـ غريغوري بوم (1995)،«؟Quelle sorte de nationalisme»,، كونسيليوم، 262، 111-121.
ـ روبرت بيلا (1967)، “Civil Religion in America”، دودالوس، 96، 1-21.
ـ إميل دوركايم (1981)، Le Suicide، باريس، المنشورات الجامعية الفرنسية، 463 صفحة.
ـ إميل دوركايم (1970)، La science sociale et l’action، باريس، المنشورات الجامعية الفرنسية، 334 صفحة.
ـ إميل دوركايم (1960)، Les formes élémentaires de la vie religieuse، باريس، المنشورات الجامعية الفرنسية 640 صفحة.
ـ جوليان ر (1966)، Sociologie de Max Weber، باريس، المنشورات الجامعية الفرنسية، 256 صفحة.
ـ روبرت تسييه (1994)، Déplacements du sacré dans la société moderne، مونتريال، بيلارمين.
ـ ماكس فيبر (1964أ)، L’éthique protestante de l’esprit du capitalisme، باريس، بلون، 340 صفحة.
ـ ماكس فيبر (1964ب)، Le savant et le politique، باريس، بلون، 230 صفحة.
ـ ماكس فيبر (1960)، Soziologie, weltgeschichtliche Analysen, Politik، شتوتغارت، ألفرد كرونر فرلاغ، 580 صفحة.
[1]*- لاهوتي وفيلسوف كندي، ولد ببرلين 1932، أستاذ بجامعة ماكغيل ـ (الكيبك) وجامعة تورنتو الكندية.
- المصدر: ـ Nouvelles Pratiques Sociales، مجلّد 9، رقم 1، 1996، ص. 101-113.
- العنوان الأصلي للبحث:Lavenir de la religion: entre Durkheim et weber
- تعريب: رشا زين الدين. ـ راجعه فريق الترجمة.