البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

وسائل الإعلام والخبراء (بين علم التربية والتضليل الإعلامي)

الباحث :  باسكال بونيفاس
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  11
السنة :  السنة الرابعة - ربيع 2018 م / 1439 هـ
تاريخ إضافة البحث :  April / 14 / 2018
عدد زيارات البحث :  824
تحميل  ( 256.557 KB )

يواصل الباحث الفرنسي باسكال بونيفاس في هذه المقالة متابعة جملة من الإشكاليات التي أطلقتها ثورة الميديا في زمن العولمة وتحليلها. ولعل أبرز هذه الإشكاليات هي ما ذهب إليه في مقاربة موقع العملية الإعلامية في ميدان علم التربية هنا يتناول بونيفاس الآليات التي تجري من خلالها عمليات التضليل الإعلامي والآثار النفسية والاجتماعية التي تتركها في المشكلات الناشئة في العلاقات الدولية.

المحرر

-----------------------------------

إنّ اهتمام الجمهور بالمسائل الدولية والميل إلى أخذ الرأي بالحسبان في سلوكات العلاقات الخارجية عزّزَا المكانة المُعطاة للمشكلات الدولية في وسائل الإعلام، وأدَّيَا إلى الاستعانة بالخبراء لرفْع النقاب عن الأحداث. إنّ هذا التطوّر بنّاء. فإذا كانت الدقّة العلمية، بالنسبة لبعضهم، تمنع من تعميم معرفة مُعقّدة في زمان محدود، يمكن اعتبار أنّ علم التربية يمرّ أيضًا من خلال وسائل الإعلام. وعلى ذلك فإنّنا نُعايِن نتائج سلبية: احتمال السقوط في تحليلات تبسيطية، الرغبة بتحفيز الخبير الحرّ بدلًا من الخبير الكُفء. لكن اللوم الأهمّ هو بسبب التضليل الإعلامي الذي يُمارسه بعضُ الخبراء. وعندئذ يكون واجبًا على وسائل الإعلام أن تتنبّه بهذا الخصوص.

يُظهر الجمهور الكبير اهتمامًا خاصًّا بالمسائل الدولية. تُخصّص معظم وسائل الإعلام لها مكانة كبيرة. إنّه لَمِن علامات الأدب، في بعض الأحيان، بالنسبة إلى بعض الخبراء أو المَسؤولين السياسيين أن يُوبّخوا مواطنيهم بسبب نقْص الاهتمام لديهم بالمسائل الدولية. هذا ليس صحيحًا. لا يمكن أن ننتظر من كل فرد أن يُخصّص بضع ساعات في اليوم للمسائل الاستراتيجية. لكنّ ذلك ينطبق على مشكلات هي على الدرجة ذاتها من الأهمية بالمقارنة بالتربية والصحة والزراعة واستغلال الأرض، والسياحة، والاقتصاد، والمسائل الاجتماعية، إلخ... إنّ القطاعات المعرفية مُتنوّعة ومُمتدّة إلى حدّ أنّ المرء لا يملك سوى معرفة مُجزّأة بهذه الظواهر. والخبير الأكاديمي المشتغل بالعلاقات الدولية الذي يظنّ أن لديه أسباباً وجيهة للتذمّر من نقص المعارف المُعمّقة عند جاره حول الأمر الذي يعمل عليه لعدّة ساعات باليوم سيُعاني في سبيل الحصول على معرفة مُمتدّة حول موضوعات أخرى غير مجاله تخصّصه.

إنّ الجمهور الكبير ليس شَموسًا تُجاه المسائل الدولية، بل بالعكس. هو يهتمّ بها أكثر عندما لا يُخفي المُتخصّصون رطانة، الهدفُ منها هو فقط إخفاء معرفة مُزيّفة، أو تطوير عبارة «فليكن ذلك بيني وبينك» اصطناعيًا.

بالتوازي، تقوم الآراء بدور مهم في تحديد السياسات الخارجية. إنّ الزمن الذي كان فيه ريشليو Richelieu يستطيع أن يُقرّر وحده، من دون أن يأخذ بالحسبان عناصر أخرى غير تقويمه المواقف والمصلحة الوطنية، تطوّر. منذ زمن طويل تأخذ الحكومات بالحسبان حالة الرأي في إدارة علاقاتها الخارجية. يزداد هذا الميل من خلال العولمة وتطوّر وسائل التواصل. هو لا يهمّ فقط الديمقراطيات بل أيضًا الدول الاستبدادية، هذا على أقلّ تقدير. ويجب على الدول الاستبدادية أن تدمج ردود الفعل الناتجة من آرائها  فيما يتعلّق بتوجيه سياستها الخارجية. من الممكن دومًا إيفاء الدَّين، لكن الأمر يزداد صعوبة، والثمن الواجب دفعه يرتفع أكثر فأكثر. إنّ هذا الميل بنّاء. وهو يُمثّل امتدادًا في الحقل الديمقراطي برأي قطاعٍ كان فيما مضى مُخصّصًا للنخب.

لكنّ له نتائج ثانوية سلبية (1). إنّ نموّ المكانة الممنوحة للمشكلات الدولية في وسائل الإعلام أدّى إلى الاستعانة بالخبراء الذين جاؤوا لمساعدة الجمهور في تفكيك الأحداث.

إنّ الزوج صحافي-خبير يعمل عادةً في خدمة الجمهور، بهدف السماح بأفضل إعلام وفهْم. إنّ الصحافي، إذا كان مثلًا مُدير المناظرة، الذي ينتقل بين يوم وآخر من مسائل المجتمع إلى المسائل الثقافية، ومن السياسة الداخلية إلى المسائل الاستراتيجية، لا يمكنه امتلاك معرفة موسوعية حول هذه القضايا. بعضهم يمكنه أن يتخصّص في القضايا الدولية، لكن لا أحد بإمكانه اليوم أن يدّعي أنه مُتخصّص في آسيا وأفريقيا وأميركا، وفي انتشار الأسلحة النووية، والإرهاب، وبريطانيا العظمى، والأمم المتحدة، إلخ...

بعض الجامعيين والخُبراء الأكاديميين يحكمون سلبًا على وِساطة médiation معرفتهم. يعتقد بعضهم أنّ الظهور على شاشة التلفاز أو التحدّث عبر الإذاعة هو انحطاط. إنّ الدقّة العلمية تمنع تعميم معرفة مُعقّدة بالضرورة في زمان محدود بالضرورة. بعضهم الآخر يمكن أن يكون خبيرًا أكاديميًا فاضلًا في المكتوب لكنه يمتلك قدرات شفهية أقلّ، أو بكل بساطة لا يكون مرتاحًا أمام المِجهار، أو يقاوم بصعوبة إرهاق المباشِر. بعضهم الآخر يُحوّل عجزه إلى قضيّة فضيلة. كم مرّة لم أرى فيها جامعيين قُساة يشجبون بقوة زملاءهم بسبب عدم مُخالطتهم ِوسائل الإعلام، ويُعلّقون على باب مكتبهم –كي لا يتجاهل أحد وجودهم- نسخة عن إحدى رسائلهم التي نُشِرَت في بريد القرّاء لإحدى الصحف أو تُظهر بفخر الصورة التي نُشِرت في إحدى المجلّات لزيارة وزارية حيث يقعون في الخلفية؟ يُقال في بعض الأحيان إن التلفاز أو وسائل الإعلام يجعلان المرء مجنونًا. إذا كان أكيدًا أنّ بعض الخبراء المُوسَّطين médiatisés يُقاوم بصعوبة تناذر syndrome «الأوتاد التي تُضخّم» وتُظهر التبجّح المُثير للسخرية والممجوج، فإنّ بعضهم الآخر، في المقابل، في غاية الغيرة من زملاء أكثر توسّطًا منهم.

يمكن للمرء، على العكس، لا سيما حين يكون معلّمًا وباحثًا، أن يجدَ أنّ بإمكان علم التربية أيضًا أن يمرّ عبر وسائل الإعلام، وأنّ المُساعدة التي يُقدّمها للعامّة في حلّ الظواهر المُعقّدة تَعني أنّه يضع نفسَه في خدمة العامّة. ثمة شكل من الاحتقار الاجتماعي في الامتناع عن الظهور في وسائل الإعلام الجماهيرية.

صحيح أنّ الزمان الإعلامي يمكن أن يثير مشكلات وهذا بصور عديدة.

يجب الإيجاز، وهذا الأمر مشروع. يتمثّل الخطر لا في الاختصار، بل في التبسيط، التوجّه إلى الأهمّ مع المخاطرة بِإخفاء التعقيد لِصالح التخطيطي.

إنّ وسائل الإعلام هي مستهلكون مُستعجِلون. يجب إعداد الهوائي واختباره مباشرةً. في بعض الأحيان قد تكون الرغبةُ قويّة بِإقناع الخبير الحُرّ في المرحلة أكثر من إقناع الخبير الكفء في الموضوع، لأنّه بكل بساطة يُحتاج إلى أحد ولأنّ «هذا سيمرّ مع ذلك». لا شكّ في أنّ الإغراء يَنحرف إلى الخبراء الذين يتمّ الاتّصال بِهم، إذا كانوا لا يشعرون كفايةً أنهم أكفياء بالموضوع، أو إذا طُلِبَ منهم شرْح بعض الأحداث التي هم مُستعدّون للقيام بأي شيء لكنّهم لا يملكون معلومات دقيقة حولها. تتكرّر الحالة بعد مؤامرة تُريد وسائلُ الإعلام فورًا نسبتها إلى مُنظّمة ما وإعطاء لوحة قراءة سياسية. وفي بعض الأحيان كانت المؤامرة المُفترَضة حادثًا.

ثمّة فخّ آخر هو فخّ تفضيل الموسيقى على الكلام. من المنطقي تمامًا الطلب إلى أحدٍ ما يتكلّم أمام وسائل الإعلام أن يُعبّر عن نفسه بوضوح، وأن يتحاشى الرطانة. إنّ خبيرًا جيّدًا ليس بالضرورة عالِم تربية جيّداً. حيثما تجرح العصا الغليظة هو حين يلجأ هذا الاهتمام المشروع بالكلام الذي يمكن مُتابعته بسهولة وحتى بكلّ سرور، يلجأ إلى تفضيل نوع الراوي على عقلانية الخطاب. بذلك لدينا براهين لامعة، في بعض الأحيان غنيّة بتفاصيل لا يمكن التحقّق منها وغالبًا غير صحيحة أو مُزيّفة. للأسف الكلام يطير!

إنّ الطابع الواضح للخطاب يمكن أن يكون خدّاعًا وألا يكون سوى حيلة، حيث تسمح موهبة الخطيب بإخفاء الخلَل أو الطابع غير الصحيح أو الخادِع للبرهنة. والصحافي المُقابل لا يملك دومًا إمكانية أو إرادة دفْع مُحاوره بعنف. عمومًا، إنّ مثل هؤلاء «الاختصاصيين» يرفض المُرافعات الحضورية مع مُعارضين حقيقيين خاصّة وأنّ خِداعهم قد يُكشَف. طبعًا يمكن لِأي واحد أن ينخدع. بعضهم الآخر، بدوره، يفعل ذلك في أغلب الأمر، لكنه يعمل من أجل نسيان الأخطاء –المُتعمّدة وغير المُتعمّدة- التي وقعت بالأمس، من خلال براهين يمكن أن تظهر لامعة مباشرة (مع أنّ الحيلة تكون كبيرة في بعض الأحيان)، لكن تتّضح ضبابيتها أيضًا فيما بعد. إنّ الحاليّة تصطاد الحالية والحاجة إلى تهيئة تعليق يجعل في بعض الأحيان المرء مُتسامحًا بخصوص النوع التحليلي التافه أو التقديري للكلام.

للأسف لا تُلائم الملاحظة إلّا الشفهي. في الختام تطير المؤلّفات أيضًا. قد يكون في منتهى القسوة إعادة قراءة بعض الكتب لبعض الخبراء المعروفين أو المُعيّنين ذاتيًا مع بعض التراجع. في الواقع لا أحد، لا من الصحافيين ولا من الخبراء، يأخذ وقته أو يرغب في القيام بذلك. ثمّة استثناء تَندر مُلاحظته. لدى دومينيك موييسي Dominique Moïsi اللباقة والشجاعة لِتَعترفَ بأنّها أخطأت بشأن الحرب على العراق. لكن كم عدد الخبراء الأساسيين أو لا  مناص منهم،  الذين يُدافعون عن مشاركة فرنسا في الحرب على العراق إلى جانب الولايات المتحدة، مُعلنين بصوت عالٍ أن العراق كان يفيض بأسلحة الدمار الشامل. يبدو أنهم أصبحوا فاقدي الذاكرة منذ أن قلّلوا من شأن أو حتى أنكروا أنهم كانوا مُدّعي دوام الاستعداد للقتال va-t-en-guerre في ذلك الوقت. غالبًا الخبراء أنفسهم يُنشِدون أناشيد حربية بخصوص إيران مع بعض الأدلّة (أسلحة الدمار الشامل، ديكتاتوريّات، حروب ذات آثار سلبية محدودة، نتائج إيجابية في نهاية نزاع حول الأمن العالمي) المُشابهة لِتلك التي بدَت كارثية بالنسبة للعراق.

اللوم الأهمّ الذي يمكن توجيهه إلى خبراء إعلاميين ليس اللوم –الخاطئ- بسبب السقوط العلمي. إنّه بسبب الخديعة، بل بسبب التلاعب بالجمهور أو بسبب التضليل الإعلامي. إنّ السقوط العلمي يمكن أن يحدث سهوًا، وأن يكون مُتعمّدًا.

إنّ الاستعانة بالخبراء ليس دومًا ضمانة مقبولة لِإنارة الجمهور، ولا ضمانة لِإرادة لامُبالية تجاه عملية الإعلام والإفهام. إنّ الخبير يمكن أن يَسْتهويه تغييرُ رأيه حتى لا تُهان قابليّات تأثّر يمكن أن تبدو مُضرّة للمستقبل. هناك غالبًا رغبة بِعدم الاصطدام بالسلطة القائمة، الرعاة الحاليين، الزبائن المُحتملين أو الأصدقاء. إن الخيار، الذي عليه أن يفصل بين الاحترام الواجب للجمهور والحوافز الأخلاقية أو المادّية، هو برأي بعضهم يحدث بسرعة. انطلاقًا من اللحظة التي يكون فيها الرأي صائبًا بصورة أثبت، فإنّ ضرورة إقناعه ستصبح مهمة أكثر فأكثر. ومنذ ذلك الحين، يصبح التلاعبُ بالإعلام الوجهَ السيّئ لهذا التقدّم الديمقراطي. إنّ الخبير يمكن أن يستهويَه التعبير عن نفسه لا تبعًا لِما يعتقده صحيحًا، وإنما لِما يعتقده مُفيدًا له. هل يُمكن أن يتنازع المرءُ مع فاعلين مهمّين من خلال وضع تحليل نرتئي أنه دقيق، لكنه يُناقض اعتقاداتهم؟

هل الخبير هدف؟ يستحيل الإجابة ﺒ نعم. لِكل خبير ردّة فعل مشروطة بتجربته المُعاشة وشبكاته. الموضوعية مفهوم شديد الذاتية في حال أراد المرء أخذه بالحسبان. ثمّة معيار مُلائم أكثر هو الصدق. هل ما يقوله الخبيرُ لنا، إنما يقوله لأنه يفكّر به، أو لأنه يعتقد أن من مصلحته قول ذلك؟ هل بمقدوره أن يُعبّر بصدق في وسائل الإعلام حول مواضيع إذا كان هو نفسه أو المؤسّسة التي ينتمي إليها يتلقّيان العديد من العقود من فاعل أساسي –سياسي أو صناعي- بخصوص الموضوع ذاته؟ في الواقع لا، ولكن الحالة مُتكرّرة. هناك حالات أعقد. هل سنُصادف، حتى لو فكّرنا بذلك، الفكرة المُسيطِرة للخوف من أن يجد المرء نفسَه مُنعزلًا؟ هل يمكن أن يسمح المرء لنفسه باتّخاذ موقف يُناقض مسؤولًا سياسيًا كهذا أو زميلًا آخر كهذا نخشى منه أن يُلحق الضرر. وبالعكس، هل نحن صادقون عندما نُقرّظ كتابَ أحدٍ ما مع أننا لا نراه في بعض الأحيان شيئًا يُذكر، لكننا ننتظر منه ردّ الجميل.

تُصادفنا الحالة شبه الهزليّة لِمجلّة فرنسية تُعنى بالعلاقات الدولية كَشَفَ موقعُها الإلكتروني rue89.com أنّها قامت بإطلاع الجمهور على مُقابلات عديدة مع الشخصيات الكبيرة في العالم التي كانت مُزيّفة تمامًا، الصحافي وضع أسئلة وأجوبة لمجلّة عنوانها الرئيس تلقّي تواقيع مهمة، وهذا الأمر يخلق قليلًا من الفوضى. إن قضايا الاستخبارات والإرهاب تتلاءم بسهولة مع الشعوذة. يمكن أن يتكلّف المرء ما فوق وسعه وأن يُعلنَ أنّ لديه سَبَقاً صحفياً يتعلّق بجهاز الشرطة في بلد مُعيّن، وأنّه جرى القضاء على خلية إرهابية، ولن يتأكّد أحد.

ثمّة مصدر آخر لِخديعة الجمهور يكمن في الرغبة ﺒِ “تضخيم» سيرته الذاتية، واختراع بُنى «منزل بوتمكين» maison Potemkine أو بِأن ينسب لنفسه ألقابًا غير موجودة. نرى ازدهار «المركز الأوروبي ﻟ «، و»المعهد الكلّي ﻟ «حيث المُدير يكون غالبًا العضو الوحيد أو شبه الوحيد. غالبًا ما لا يكون الصحافي مُغفّلًا، لكن عليه التصدّي لِواجب ملء طبقه وجعله الأكثر جاذبية قدر الإمكان. إنّ هذه الخطيئة الصغيرة عرضية ولا تُفسِح المجال للوصول إلى نتيجة، إذا لم يتعلّق الموضوع إلا بمدْح الأنا الخاصّة بِصاحب العلاقة. لا ينطبق الأمر حين لا تكون بنية الخديعة إلّا للسماح بإعطاء هالة علمية أو موضوعية لِمعرفةٍ ما هي في الواقع ذات اتّجاه مُعيّن، وملتصقة تمامًا بالأطروحات الخاصّة بمجموعةٍ ما تُمارس الضغط أو لها مصلحة خاصّة، بل هي عامل مؤثّر في خدمة دولة أجنبية. ثمّة حالات حيث الخديعة بموضوع البضاعة لا تُعبّر عن الميول بالنسبة إلى الشرف والألقاب الرنّانة، لكنها جزء من استراتيجية تلاعب وإعلام.

العنوان الذي سيُركّز الجمهورُ عليه ليس إلا ساتِر العورة الذي وراءه يختبئ، بهذا القدر أو ذاك، الحافز الأصيل والأخطر منه المصدر الحقيقي لِمداخيل الخطيب. يتعلّق الأمر إذًا لا بالإعلام والإفهام، بل على العكس، بالتضليل الإعلامي وبعثرة الآثار، لصالح عامل اقتصادي أو دولة أجنبية. هنا أيضًا لِسوء الحظّ توجد الأمثلة. من واجب وسائل الإعلام أن تَتَنَبّه بهذا الخصوص. إنّ الجمهور غالبًا ليس مُغفّلًا وهو يشتمّ الحِيَل. يبقى الانترنت أداة ثمينة لاستعادة بعض الحقائق، هذا في أي حال الثمن الذي ينبغي دفعه مقابل صعود قوة الرأي العامّ في العلاقات الدولية. لا شكّ في أنّه من الصعب المُطالبة بشفافية تامّة حول تمويل المراكز الفكرية البحثية think tank بوصفها مؤسّسات وباحثين بصورة فردية. ولا يسمح الرأي العامّ بكشْف «الأغطية» التي تُساعد في تحرير منبر حرّ. هل ينبغي تقديم شرعة أخلاقية؟ مَن يكتبها وكيف السبيل إلى تطبيقها؟ متى استحقّت المسألة أن تُثار فلن يكون من السهل الإجابة عنها. وَجَبَ التنبّه في كل الأحوال.