البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نقد الجدل الهيغلي، من الرومانسية الثورية إلى براغماتية نهاية التاريخ

الباحث :  حسن حماد
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  14
السنة :  السنة الرابعة - شتاء 2019 م / 1440 هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 16 / 2019
عدد زيارات البحث :  2062
تحميل  ( 357.640 KB )
يسعى هذا البحث إلى تقديم مطالعةٍ تحليليّةٍ نقديّةٍ لنظام الجدل الهيغلي باعتباره نقطة جذبٍ محوريةٍ في منظومة هيغل الفلسفية. فيه يبيِّن الباحث كيف أن هيغل لم يكن مخلصاً للمنهج الجدلي في سياق تطبيقاته على الأحداث المفصلية في التاريخ الغربي في عصره، ولا سيما لجهة نظريته حول نهاية التاريخ التي تحوّلت في زمن قياسيٍّ إلى أطروحةٍ تنطوي على تناقضٍ منطقيٍّ ثم إلى منظومةٍ أيديولوجيّةٍ في عصورٍ لاحقةٍ. حيث جرى توظيفها في سياق تبرير الاستعلاء الحضاري على الشعوب وترسيخ عقيدة المركزية الغربية.

المحرر

------------------------------

قد يكون من الصعب أن نطلق على عصرٍ بأكمله اسم أحد الفلاسفة، لكن في حالة فيلسوفٍ مروّعٍ مثل هيغل سوف يبدو هذا الأمر طبيعيّاً من وجهة نظري. فهيغل يختلف عن كلّ الفلاسفة الذين قد سبقوه، من هذه الجهة. فهو لم يكن مجرد جزءٍ من مرحلةٍ أو تابعٍ لعصرٍ من العصور. إذ يمكن القول بصراحة أنه فيلسوفٌ يشكّل بذاته مرحلةً تاريخيّةً هامّةً في تاريخ الأفكار، يمكن أن نسميه تاريخ الجدل. صحيحٌ أن المنطق الجدلي فكرةٌ تنتمي للفيلسوف اليوناني الكبير هيرقليطس، غير أنّ هيغل استطاع أن يبعث هذا المنطق من رقاده. فقد منحه من القوّة والحيوية قدراً استطاع من خلاله أن يقرأ تاريخ الإنسانيّة، ويفسر حضارتها، ويحلّل الواقع الإنساني بتفاصيله وجزئيّاته المرهقة. كان الجدل بالنسبة إليه هو الكلمة السحريّة التي من خلالها استطاع هيغل أن يحتلّ تلك المكانة الفريدة المتميزة في تاريخ الفكر الحديث. ربما لم يكن هيغل مخلصاً للمنطق الذي جعله عنواناً لفلسفته في مراحل تطوره الفكري، لكن هذا الإخفاق في الالتزام بالمنهج الجدلي لا يقلّل من شأنه. يكفيه أنّه قد ترك أثراً لا يُمحى في أعمال كلّ من جاؤوا من بعده. وفقد أثّر بدرجاتٍ متفاوتةٍ في العديد من فلاسفة القرنين التاسع عشر والعشرين. 

في هذا البحث سوف نعرض إلى الأبعاد الثوريّة، والأخرى غير الثوريّة، أو المحافظة في فكر هذا الرجل، محاولين الإجابة عن السؤال الصعب التالي: كيف استطاع هيغل أن يوظّف الجدل في إظهار الأبعاد الصراعيّة والتناحريّة في الواقع السياسي والاجتماعي، وبالمثل كيف تمكّن من توظيف هذا المنهج في تهدئة الصراع والوصول بالتاريخ إلى مرحلةٍ شبه نهائيّةٍ، أو محطةٍ أخيرةٍ تتوقف معها مسيرة التحول الجدلي؟

الطابع الثوري للجدل الهيغلي

على عكس تلك النظرة التشاؤميّة ذات الغايات المتواضعة التي تميّزت بها فلسفة كانط، حاول هيغل أن يقدّم لنا محاولةً فلسفيّةً متكاملةً للبحث في جميع المشكلات الفلسفيّة، ومنها تصور العقل ذاته من خلال رؤيةٍ تاريخيّةٍ. فقد نظر إلى كلّ شيء -ما عدا فلسفته- من منظورٍ تاريخيٍّ تطوري[2]. وعن طريق هذه النظرة التطوريّة استطاع هيغل أن يتلافى أخطاء مادِيِي القرن الثامن عشر الذين كشفوا عن ضعفٍ ظاهرٍ في ما يتعلق بمسائل التطور، سواءً أكانت في الطبيعة أم في التاريخ، وقد انعكس هذا على فلسفتهم التي كان مضمونها فقيراً للغاية إذ ما قورن بما جاء به هيغل[3].

والحديث عن النظريّة التطوريّة لدى هيغل يؤدّي بنا مباشرةً إلى الجانب الثوريّ الحقيقيّ في فكر هذا الفيلسوف ألا وهو الجدل. والجدل كما يعرِّفه صاحبه: «... هو مبدأ كلّ حركةٍ وكلّ حياةٍ، وكلّ ما يتمّ عمله في عالم الواقع، بل إنّه أيضاً هو روح كلّ معرفةٍ تكون حقاً علميّةً»[4].

يرى هيغل أن التفكير الجدلي ليس حكراً على الفلاسفة وحدهم، بل هو قانونٌ نشعر بوجوده في جميع مستويات الوعي الأخرى، والتجربة خير دليلٍ على ذلك، فكلّ ما يحيط بنا يؤكد الطابع الجدلي، فجميع الأشياء المتناهية في جوهرها متغيرةٌ ومتحوّلةٌ، وهذا ما يسميه هيغل «بجدل المتناهي». ويعني به عمليّة تحوّل الشيء إلى شيءٍ آخرَ مختلفٍ عما هو عليه. ولا يقتصر الجدل -عند هيغل- على الظواهر الطبيعيّة فقط، بل هو يشمل العالم الروحي للإنسان أيضاً ممثلاً في الأخلاق والقانون والسياسة. فالجدل يكمن في طبيعة الأشياء، كلّ الأشياء، وسواءً أتعلق الأمر بالطبيعة أم بالإنسان فنحن لم نتجاوز بعد أرض الجدل[5].

وخلافاً لهيراقليطس الذي أكدت فلسفته على الانسجام والتكامل في الكون، كان الجدل عند هيغل يعني أن الأشياء ليست في حالة انسجامٍ، وتصالحٍ وتناغمٍ، بل في حالةٍ دائمةٍ من الصراع والتناقض، وعليه فلا يمكن لنا أن نجد موضوعاً واحداً يخلو من التناقض، فكلّ الظواهر متناقضةٌ بصورةٍ أو بأخرى -حتى وإن بدت غير ذلك- بمعنى أنّها تحمل في داخلها العناصر التي تؤدي إلى ضدها[6].

يرتبط التناقض ارتباطاً وثيقاً بمفهوم «السلب» الذي يمثل المقولة الرئيسيّة في المنهج الجدلي، والقوّة الدافعة للفكر الجدلي التي تُستخدم كأداةٍ لتحليل الواقع الزائف وفضح ما فيه من نقصٍ باطنٍ[7]. إنّ السلب هو الصفة التي تتغلغل في جميع أشكال الوجود، وهو الذي يتحكم في مضمون هذه الأشكال وفي حركة تطوّرها، أمّا الظواهر التي تبدو للذهن العادي بوصفها مظهراً إيجابياً للحقيقة، فهي في واقع الأمر سلبٌ لهذه الحقيقة، بحيث يستحيل إقرار الحقيقة إلا بهدمها[8]. وفي هذا المعنى يقول هيغل: «أمّا الجدل فهو يعني الميل المستمر الذي نتجاوز بواسطته التحديد، وأحاديّة الجانب لصفات الفهم بحيث توضع في وضعها الصحيح، أي يتضح ما فيها من سلبٍ لأنّ الشيء المتناهي يطمس معالم نفسه، ويضع نفسه جانباً»[9].

يكتسب مفهوم السلب عند هيغل معنىً إيجابياً، فالسلب لديه ليس عدماً، بل إنّه قوّةٌ خلاّقةٌ في الوجود والفكر معاً، فهو أساس الحركة ونبض الحياة. في علم المنطق يوضح ذلك فيقول: «إنّ السلبي هو إيجابيٌّ بدرجةٍ متساويةٍ، فأيُّ شيءٍ يواجهه التناقض لا يختزل إلى صفر، إلى عدمٍ مجرَّدٍ، بل يتحوّل من ناحيةٍ جوهريّةٍ إلى نفي محتواه الجزئي. وبعبارةٍ أخرى فإنّ مثل هذا النفي ليس نفياً تاماً، بل نفي الشيء المحدّد الذي يسير في طريق التحلّل، وهو لذلك نفيٌ محدّدٌ، لذلك فنتيجة هذا النفي المحدّد تستبقي محتوى، وتلك النتيجة مفهومٌ جديدٌ ولكنّه أعلى وأكثرُ ثراءً من المفهوم السابق، فقد أثراه نفيه أو بعبارةٍ أخرى أثراه التضاد»[10].

يربط ماركيوز بين مفهوم السلب باعتباره القوّةَ المحرّكة في الجدل، وبين مفهوم النقد عند هيغل، فيلاحظ: «إنّ السلب الذي يطبّقه الجدل... ليس فقط نقداً للمنطق التقليدي الذي يرفض الاعتراف بحقيقة المتناقضات، بل هو أيضاً نقدٌ للأوضاع القائمة على نفس الأرض التي تقف عليها، ونقد لنظام الحياة المستتب...»[11]. ولا يكتفي ماركيوز بإضفاء هذا الطابع النقدي على السلب، بل إنّه يضفي عليه طابعاً ثورياً راديكالياً فيرى في القدرة على التفكير السلبي أساساً لزعزعة الثقة الزائفة التي يشعر بها الإنسان العادي في موقفه الطبيعي حيال ذاته وحيال عالم الوقائع، والبرهنة على أنّ اللاّحريّة تكمن في قلب الأشياء، إلى درجة أنّ نموّ تناقضاتها يؤدي بالضرورة إلى نوعٍ من التغيّر الكيفي، وإلى انفجار الأوضاع القائمة وإصابتها بكارثةٍ مروّعة[12].

علينا الآن أن نتساءل عما ستكون عليه النتائج التي يمكن أن تترتب على تطبيق الجدل بمعناه الهيغلي المشار إليه؟ الحقّ أنّ الجدل باعتباره قوّةَ السلب أو النفي في الفكر والوجود معاً يمكن أن يؤدي إلى نتائج في غاية التقدميّة، ففلسفة هيغل الجدليّة كما يقول إنجلز «... لا تعد أيّ شيءٍ نهائياً مطلقاً، وهي تكشف الغطاء عن الصفة المؤقتة لكلّ شيء.. ولا تستطيع الثبات والصمود أمامها إلا عمليّةٌ متصلةٌ من الصيرورة والزوال، أي عمليّة الارتقاء الدائم من الأخفض إلى الأرفع، وما الفلسفة الديالكتيكية ذاتها إلا مجرّد انعكاسٍ لهذه العمليّة في المخ المفكر»[13].

وإذا كانت الفلسفة الجدليّة تعترف بأنّ هناك مراحلَ محدودةً من المعرفة والمجتمع لها ما يبرّرها من العصر والظروف التاريخيّة إلا أنّ الأمر يقف عند هذا الحد، إذ إن الطابع المحافظ في هذه النظرة نسبيٌّ، أما الطابع الثوري فهو المطلق، وهو المطلق الوحيد الذي يمكن لهذه الفلسفة أن تعترف به[14].

نعود إلى السؤال الأصلي: هل كان هيغل مخلصاً فعلاً لمنهجه الجدلي؟

إن الإجابة عن مثل هذا السؤال تقتضي أن نعرض بشيء من التفصيل لموقف هيغل النقدي، سواءً في مرحلة الشباب أو في مرحلة النضج، ونحاول أن نتبيّن من ذلك موقفه الحقيقي من الجدل.

نقد الفكر الكنَسي:

تتسم هذه المرحلة بنزعةٍ رومانتيكيّةٍ واضحةٍ ممتزجةٍ برغبةٍ طاغيةٍ في نفي النظام السائد ونقد التقاليد الكنسية الجامدة، كان نقده بمثابة الضدّ الجدلي لما هو قائمٌ حيث يهفو تارةً إلى الماضي البعيد ممثلاً في الدولة اليونانية القديمة، وتارةً ثانية إلى ما يمجّد الثورة الفرنسيّة باعتبارها الحلم الذي تحقق على أرض الواقع. لكن هذا التمجيد يتجاوز النظرة الوصفيّة لعالم التاريخ إلى نطاق المفكر الحالم الذي تختلط لديه رؤى الخيال بعالم الواقع، فيرى هذه الثورة من منظورٍ أسطوريّ لا تاريخي.

مرحلة الشباب، أو المرحلة اللاهوتيّة الأولى كانت مرحلةً مهمّةً بالنسبة لتطور هيغل الفكري، إذ نجد فيها البذور الأولى لفلسفته ككلٍّ. وبدايةً نلاحظ أنّ النقد الهيغلي لللاّهوت الكَنَسي ينطلق من رؤيةٍ معيّنةٍ للديانة المسيحية مفادها أنّ هناك نوعين من الديانة: الأول يسميه «الوضعي» (Positive religion)، والثاني يسميه «الذاتي» (Subjective Religion) وهو ينظر إلى النوع الأول بشكلٍ مستهجنٍ. أما الدين الذاتي، فهو الدين الحقيقي الذي ينبثّ في وجدان وروح البشر ويعبّر عن المشاعر والأفعال الإنسانيّة التلقائيّة، ومن ثم فهو يتجاوز المسافة التي تفصل بين المثال والواقع وبين المتناهي واللامتناهي[15]. ويطبق هيغل رؤيته تلك على كلٍّ من الديانتين اليهوديّة والمسيحيّة.

أما عن المسيحيّة فإنّ هيغل يرى فيها ديانة الخطيئة والعذاب الروحي. إنها برأيه، الديانة التي ألقت في روع الإنسان أنّه مواطنٌ للسماء، وأنّه غريبٌ في هذا الكون. وهي الديانة التي جرّدت الحياة من طابعها الإنساني فجعلت الطبيعة مجرّد مجموعةٍ من القوى الماديّة التي يجب على المسيحي أن يقهرها ويتغلب عليها. وبذلك فقد جردت المسيحيّة الوضعية ـ في رأي هيغل ـ الإنسان من صفاته النبيلة وحرمته مشروعيّة الحياة وأحالته إلى مجرد إنسانٍ آثمٍ لا يصلح لإتيان أيّ عملٍ فاضلٍ[16].

وبالنظر إلى المحتوى السياسي والاجتماعي لهذا الخطاب السابق يتضح لنا أن نضال هيغل ضدّ الأنماط السائدة، كان بمثابة الوجه الأيديولوجي لصراعه ضدّ الاستبداد بشكلٍ عامٍّ[17].

لكن على الرغم من هذا البريق الثوري الذي تبدو عليه نصوص هيغل في تلك الفترة، إلاّ أنّ علينا أن نضع نقده لللاهوت في مكانه الصحيح، إذ إنّ نقده للمسيحيّة واليهوديّة يقوم على اعتباراتٍ أخلاقيةٍ، فهيغل لم يكن يعنيه مستوى المعيشة المتدهور الذي كانت تعيش في ظلّه الجماهير المقهورة في تلك الفترة، ولكن ما كان يعنيه ويشغله هو الخضوع لشكلٍ من أشكال العبوديّة الروحيّة[18]. أيضاً يمكن القول أنّ نقد هيغل للمسيحيّة لم يتجاوز كثيراً نطاق حركة التنوير الألمانية، فهو لم يبلغ أبداً في هجومه على المسيحيّة المدى الذي بلغه مفكرو إنجلترا وفرنسا، فنقده للمسيحية لم يصل إطلاقاً إلى النقطة التي وصلت إليها فلسفة الإلحاد المادية، وعلى العكس تماماً فإنّ جوهر تفكيره هنا وفي الكتابات اللاحقة يبدو دينياً خالصاً، فدعواه تنصبّ على ردّ الدين وتحريره من العبوديّة ليجعل منه ديناً للحريّة والحياة التي تخلو من مظاهر التمزق والاغتراب[19]. وهذا ما سيتضح جلياً في البديل الذي يطرحه هيغل باعتباره المقابل الجدلي لهذه الصورة القاتمة التي تمثلها وضعيّة االلاهوت الكنسي بشكلٍ عامٍّ، وواقع المجتمع الألماني الذي عاصره هيغل بشكلٍ خاصٍّ. هذا البديل الذي يطرحه هيغل يتمثل في صورتين - كما أشرنا سلفاً - الأولى تنتمي إلى الماضي، وإلى الماضي البعيد تحديداً، إلى الدولة اليونانيّة القديمة، أمّا الثانية فتنتمي إلى الحاضر، إلى الثورة الفرنسيّة: فما هو موقف هيغل من هاتين الصورتين؟ الواقع أنّ هيغل يشارك حركة التنوير الألمانيّة حنينها الرومانتيكى للماضي، وبخاصةٍ شيلر، فهو يتغنى بحبّه لليونان، ويشيد بديانتهم.

جدل الحرية عند الإغريق

يرى هيغل أن مفهوم الحريّة عند المواطن اليوناني القديم كان يعني حريّة الخضوع للقوانين التي صنعها بنفسه، وحريّة الانقياد لسلطةٍ اختارها بإرادته، وعلى هذا النحو فقد كان مطلق المواطن اليوناني هو مدينته الأرضية، على عكس الأمر في العصر الحديث إذ أصبح المواطن إنساناً أنانياً، فردياً، ولم يعد إلهه متضمناً في مدينته الأرضية بل أصبح مفارقاً وغريباً عن عالم البشر[20].

تأمّلنا هذه الصورة الرومانسيّة لدولة اليونان القديمة سنجد أنّها تستمدّ الكثير من عناصرها من الدين، فالدين يلعب دوراً أساسياً في مثاليّة هيغل المبكرة، وهو يؤكد على هذا العنصر في كتابه «وضعية الديانة المسيحية»، فيقول «إن الدولة تستطيع فقط أن تحمل مواطنيها على الاستفادة من هذه المؤسسات بغرس الثقة فيهم. والدين هو الأداة السامية لهذا الغرض. إنّ النجاح أو الإخفاق في الإنجاز الكامل لهذه المهمّة يعتمد على استخدام الدين من قبل الدولة. ومن الواضح أنّ هذا الغرض موجودٌ في كلّ ديانات البشر. فهناك شيءٌ ما تمتلكه كلّ الديانات بشكلٍ عامٍّ وهو أنّها جميعاً تسعى إلى خلق ذلك المناخ الأخلاقي الذي لا تستطيع أيّ تطبيقات للقوانين الوضعيّة أن تحقّقه..»[21].

أمّا موقف هيغل من الثورة الفرنسيّة، فالحقّ أنّ هيغل كان يشارك رفاقه من المثاليين الألمان إعجابهم بالثورة الفرنسيّة، فالثورة في رأيهم لم تقتصر فقط على إحلال النظام الاقتصادي والسياسي للطبقة الوسطى محلّ النظام الإقطاعي المستبد، بل إنّها أكملت ما بدأته حركة الإصلاح الديني في ألمانيا، فحررت الفرد وجعلت منه سيداً لنفسه بعد أن كان يخضع لقوًى اجتماعيّةٍ وطبيعيّةٍ طاغيةٍ[22].

ولقد كانت الثورة الفرنسيّة بالنسبة لهيغل بمثابة الضد الجدلي للواقع البائس الموجود في ألمانيا، فقد كان الواقع الألماني متخلفاً في جميع المجالات إذا ما قورن بفرنسا وإنجلترا، فقد كان الاقتصاد متدهوراً، وكانت الطبقة الوسطى ضعيفةً ومنقسمةً بين أقاليمَ متعدّدةٍ، وكانت مصالحها متباينةً ما كان يجعل من المستحيل توقع احتمال قيامها بثورة، كذلك لم تكن المؤسسات الصناعية المتناثرة سوى جزرٍ صغيرةٍ داخل نظامٍ إقطاعيٍّ متعفنٍ، وكان الفرد في وجوده الاجتماعي إما عبداً أو سيداً، لذلك فليس غريباً أن نجد أنه بينما كانت الثورة الفرنسية قد تحققت بالفعل، كانت المثاليّة الألمانيّة غارقةً في البحث عن مفهومٍ مجرّدٍ للحريّة[23].

وينظر هيغل إلى الثورة الفرنسية باعتبارها نقطة تحولٍ حاسمةٍ في تاريخ البشريّة، بفضلها استطاع الإنسان أن يُخضع الواقع المعطى لمعايير العقل. ومعنى ذلك أن الإنسان مع فجر الثورة الجديدة استطاع أن ينظم مفردات الواقع وفقاً لمتطلبات تفكيره العقلى الحر بدلاً من خضوع أفكاره للنظام القائم والقيم السائدة[24]. وهنا يبدو موقف هيغل من الثورة الفرنسية - على حدّ قول هيبوليت - «حماسةً أفلاطونيةً بما فيه الكفاية»[25].

الصراع بين المنهج والمذهب أو بين الثوريّة والجموديّة:

قد يصعب على أيّ باحثٍ يتناول تلك المرحلة من حياة هيغل أن يجزم بصورةٍ قاطعةٍ حول مدى راديكالية هيغل، وما إذا كانت هذه الفترة تحتوي على ملامح نقديّةٍ رافضةٍ بالمعنى الماركيوزى - أم لا. وإذا توخينا الدقة فإننا نقول بأن كان ثمة صراعٌ في هذه المرحلة بين المنهج الجدلي باعتباره رمزاً للتطور المستمر والمذهب بوصفه قيداً أو حداً تقف عنده حركة التطور وتتجمد صيرورة الحياة: فمثلاً نجد في الفينومنولوجيا بعض الجوانب التي يمكنها أن تضع هيغل في مصاف الفلاسفة الراديكاليين، وبعض الجوانب الأخرى التي تهبط به إلى مستوى المفكر البورجوازي المحافظ، فقضايا مثل جدل «العبد والسيد»، و«الوعي التعس» و»الوعي النبيل»، والتحليل الأيديولوجي للعمل المغترب يمكنها أن تضم هيغل إلى الفئة الأولى ويمكنها بالتالي أن تلقي بعض الضوء على الملامح النقديّة في ظاهريات هيغل، لكن بمقدار ما يناقض هيغل هذه القضايا من منظورٍ مثاليٍّ خالصٍ يقف مع أصحاب الفئة الثانية. وتعكس كلمات كارل ماركس في المخطوطات هذه المفارقة، فيقول «إن الفينومنولوجيا... هي نقدٌ خفيٌّ لا يزال بالنسبة لنفسه نقداً غامضاً ومبهماً، ولكن إلى الحدّ الذي تحتفظ فيه الفينومنولوجيا برؤيةٍ محدّدةٍ حول اغتراب الإنسان - على الرغم من أنّ الإنسان يبدو في صورةٍ روحيّةٍ خالصةٍ - فإنّ فيها تكمن كلّ عناصر النقد، معدّة قبلاً ومتضمّنة بصورةٍ غالباً ما تتجاوز وجهة نظر هيغل الخاصة. إنّ «الوعي التعس» و«الوعي النبيل»، و«الصراع بين «الوعي النبيل والوعي المنحط».. إلخ هذه الأجزاء المنفصلة تحتوي - ولكن لا تزال في صورةٍ مغتربةٍ - العناصر النقديّة لمجالات بأكملها كالدين والدولة والحياة المدنية»[26].

إن هيغل في الفينومنولوجيا استطاع أن يضع يديه على أشياءَ خطيرةٍ، فهو يفسر مثلاً انهيار التضامن الإنساني في المجتمع الحالي بظاهرة السعي للربح التي تجعل مصالح الفرد تتعارض مع مصالح المجموع، وهو في تحليله لعلاقة العبد بالسيد لا يؤكد فحسب هذا التعارض، بل يؤكد كذلك العبوديّة الشاملة التي تنشأ عن قوّة المال في ظلّ الأنظمة الرأسمالية. ولكن لأن هيغل كان يدافع عن الملكيّة الخاصة باعتبارها أساس الشخصيّة وماهيّة المجتمع والدولة، لذلك فإنّه لم يستطع أن يتجاوز حالة الاغتراب الإنساني إلا بطريقةٍ وهميّةٍ وخياليّة، فبدلاً من أن يحاول هيغل القضاء على النزعة الفرديّة الأنانيّة عن طريق التغيير الفعلي لنمط الإنتاج -كما يفعل الاشتراكيون- نراه يردّ عمليّة التغيير الاجتماعي إلى تغيّر الوعي الذي بارتفاعه إلى مستوى الوعي الذاتي يتحقق له الشعور بأن ماهيّته الحقة تتمثل في أن يوجد من أجل الآخرين[27]. والحريّة التي تصفها الظاهريات ليست إلا حريّةً عقليّةً خالصةً فهي تصف الوعي التعس، وتعبر عن الشقاء الروحي للعالم الحديث، لكنها لا تهدف إلى تجاوز ذلك إلا في ملكوت الفلسفة باعتبارها الوجود الواقعي الحقيقي بالنسبة لهيغل[28].

والواقع أنّ هيغل بإحالته الوجود الإنساني الحقيقي إلى مملكة الروح أو الفكر اختزل المحتوى المادي للأشياء إلى مجرد فكر، وهنا تكف الحقيقة عن أن تكون وحدة الصورة والمحتوى وتتحدّد فقط باتفاق الصورة مع نفسها وباتساقها الداخلي وبالهويّة الصوريّة للفكر[29]. إن الحقيقة كما يقول هيغل «هي مجموع الفكر أو شموله...»[30]. وإنّ الفلسفة بالتالي لا تستطيع أن تعبّر عن نفسها إلا من خلال نسقٍ، فحقائق «الفلسفة لن يكون لها قيمة إذا ما صرفنا النظر عن الاعتماد المتبادل والوحدة العضوية في النسق»[31]. والنسق، بمقدار ما هو نسقٌ، يلغي كلاًّ من التناقض والصيرورة، فالتناقض يتحول إلى ماهيّةٍ منطقيّةٍ، إلى مجرّد علاقةٍ قابلةٍ للتحديد قبلياً يمكن للروح أن تعثر عليها بطريقةٍ آليّةٍ في كلّ الأشياء[32]. والهيغليّة من هذا المنظور تؤكد بصورةٍ غير مباشرةٍ على أنّ كلّ صراعٍ ينطوي على حلّه وأنّ كلّ إخفاقٍ أو نكسةٍ لها خيرها الخاص ومبرّراتها الذاتية[33]. وبهذا يفقد الجدل الهيغلي طابعه الثوري الخلاق، وبدلاً من أن يكون السلب هو القوّة التي تدفع الروح إلى السير قدماً، يتحول إلى مرحلةٍ مستقرةٍ في نموّ الروح ويجعل التضاد يبدو كأنّه «لعبةٌ مقصودةٌ لا صراع حياةٍ أو موتٍ»[34]. وهكذا فإنّ «الجدل بدلاً من أن يعبّر عن حركة المحتوى ويعكسها ينجب هذه الحركة، وهو أقرب إلى أن يكون منهجاً للبناء التركيبي والنسقي للمحتوى من أن يكون منهجاً للتحليل»[35].

إنّ هذا التغيّر الذي نلمسه في معالجة هيغل لوظيفة الجدل، إنما يعكس نوعاً من التصالح بين المثاليّة الهيغليّة وبين الواقع القائم، هذا التصالح يتجلّى بصورةٍ واضحةٍ في محاضراته عن فلسفة التاريخ التي بدأها عام 1818، وفيها نرى هيغل يقرّر بأنّ الدولة هي الشكل الكامل الذي يتحقق فيه العقل والحرية[36]. وهو لا يتردّد في أن يضفي على هذه الدولة صفات القداسة والجمود، فيقول: «... إنّ مبادئ الدولة ينبغي أن يُنظر إليها على أنّها صحيحةٌ في ذاتها ولذاتها، وهو ما لا يكون ممكناً إلا إذا نظرنا إلى هذه المبادئ بوصفها تجلياتٍ متعيّنةً للطبيعة الإلهيّة»[37]. ولاشك في أنّ صورة الدولة على هذا النحو الذي يريده هيغل قد جعلت البعض ينظر إلى مفهوم هيغل عن الدولة بوصفه الأساس الفلسفي لقيام الفاشية، فالجرائم التي ارتكبتها النازيّة، وممارساتها الوحشيّة مع المنشقين والمعارضين لها، ونقضها لمعاهداتها مع الدول الأخرى، كل ذلك تم تحت اسم الدولة وبدعوى المحافظة على كيانها[38].

ولا يكتفي هيغل بتقديم تلك الصورة الجامدة للدولة المثاليّة التي تكاد تنتفي فيها حركة الجدل، بل يتقدم خطوةً أخرى في طريق المثاليّة اللانقديّة ويتحول من النظرة الإنسانيّة غير المتعصّبة التي كنّا نلمسها في كتابات الشباب إلى نظرةٍ قوميّةٍ ضيقةٍ تنظر إلى أوروبا - وبالتحديد إلى ألمانيا - باعتبارها خاتمة التاريخ. يقول هيغل «إن تاريخ العالم يتجه من الشرق إلى الغرب، لأنّ أوروبا هي نهاية التاريخ على نحوٍ مطلقٍ، كما أن آسيا هي بدايته...»[39]. وهو يقسم التاريخ وفقاً لهذه النظرة إلى ثلاث مراحلَ كلٌّ منها تُمثل مرحلةً خاصةً في تطوّر مفهوم الحريّة، المرحلة الشرقيّة، والمرحلة اليونانيّة الرومانية، والمرحلة الألمانيّة المسيحيّة، «... فالشرق لم يعرف، ولا يزال حتى اليوم لا يعرف سوى أن شخصاً واحداً هو الحر، أما العالم اليوناني والروماني فقد عرف أنّ البعض أحرار، على حين أنّ العالم الجرماني عرف أن الكلّ أحرار»[40].

وهكذا فإنّ هيغل يتناقض مع منطقه الجدلي فهو بتبريره للدولة البروسيّة والدين المسيحي إنما يضع نهايةً للجدل، ونهايةً لزحف حركة التاريخ، وبذلك فهو يردّ التطور التاريخي إلى تطوّرٍ منطقيٍّ ما يضفي على رؤيته للتاريخ طابعاً استنباطياً وقبلياً، فتصوّره للتاريخ يقوم أساساً على فكرة التقدم التي كانت شائعةً في الفلسفة العقلانيّة، وهي فكرةٌ كانت بمثابة التعبير الأيديولوجي عن نهضة الطبقة البورجوازية، بل وبرّرت صعودها إلى السلطة باعتباره شيئاً كامناً في عمليّة التاريخ. ولقد كان هيغل صوتاً معبّراً عن طموحاتِ وآمالِ بورجوازيّةٍ لم تكن ثوريّةً كما كانت البورجوازيّة الفرنسيّة في القرن الثامن عشر، وإنما كانت بورجوازيّةً محافظةً، ومن ثمّ فقد جاءت فكرته عن التقدم مقيّدةً بذلك الجهد الذي بذله لتبرير الواقع القائم ورفض أيّ محاولةٍ لتجاوز ما هو واقعيّ[41].

والحقّ أنّ هيغل بتبريره للواقع القائم إنّما يضع نهايةً لفلسفته، فحينما ننظر إلى النظام القائم على أنّه عقليٌّ تكون المثاليّة قد بلغت نهايتها. وعندئذ يجب على الفلسفة السياسية أن تمتنع عن تلقين الناس ما ينبغي أن تكون عليه الدولة. إنّ الدولة موجودةٌ وهي عقليّةٌ وهذا هو نهاية الأمر وهنا تصبح مهمّة الفلسفة هي المواءمة بين الناس وبين ما هو قائمٌ[42].

إنّ مثاليّة هيغل على هذا النحو تصل إلى الطريق المسدود، لأنّها خانت الجدل، وحاولت أن تفرض شكلاً من الثبات والجمود على عالم الواقع، فضحّت بالحقيقة مقابل التصالح مع لحظةٍ تاريخيّةٍ زائلةٍ. لكن الدول تنهار، والتاريخ يمضي، وتظلّ مملكة هيغل الفلسفيّة بعيدةً عن عالم البشر بكلّ واقعيّته الدرامية[43].

 في آخر كتابٍ أصدره في حياته (أصول فلسفة الحق) يرفض هيغل حتى هذا الأمل اليوتوبي البسيط في تجاوز ما هو قائمٌ، بل ويعتبر ذلك مستحيلاً، يقول هيغل «إنّ مهمّة الفلسفة لتنحصر في تصوّر ما هو كائن، لأنّ ما هو كائنٌ ليس إلا العقل نفسه... وكما أنّه من الحمق أن نتصور إمكان تخطّي الفرد لزمانه فإنّه لمن الحماقة أيضاً أن نتصور إمكان تجاوز الفلسفة لزمانها الخاص...»[44].

إن هذا النص الأخير المقتبس من" أصول فلسفة الحق" يؤكد أن هيغل الذى بدا فى أول كتاباته الفلسفية مفكراً إنسانياً وكونياً يعود ليرتدّ فى نهاية رحلته الفكريّة إلى نزعةٍ قوميّةٍ ضيقةٍ ومتطرفةٍ. وغنى عن القول أن نذكر أن أثر هيغل الفكري والسياسي ظلّ باقيا ًحتى بعد وفاته، فقد تأثرت معظم النظريات السياسية الحديثة والمعاصرة بفكر هيغل من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، فهو بصورة أو بأخرى رائد اليسار الهيغلي، وهو ملهم الجدد منهم، من أمثال جورج لوكاتش وروجيه جارودى و إريك فروم وهربرت ماركيوز وإرنست بلوخ وكارل مانهايم.. وغيرهم.

من جانب آخر يمثل هيغل أحد المصادر القوية لليمين الهيغلى وللتيارات الفاشستية التى انفجرت فى معظم دول أوروبا فى الثلاثينيات من القرن الماضى. ولم يتوقف تأثير هذا العملاق الفلسفي عند هذا الحد بل ظلت روحه الفلسفية ساريةً وفعالةً فى التيارات الليبرالية المعاصرة، ظهر ذلك بصورةٍ متطرفةٍ لدى المنظر الياباني الأميركى "فوكوياما" الذي استعاد الفكرة اللاهوتية عن نهاية التاريخ وألبسها ثوباً اقتصادياً وسياسياً، فاتخذ من سقوط الأنظمة الشيوعية والإشتراكية ذريعةً لبلورة فكرته ذات الطابع الأيديولوجي المحافظ، والتى عبر عنها بشكلٍ دعائيٍّ فى كتابه: "نهاية التاريخ والإنسان الأخير". وفى هذا الكتاب يوصد فوكوياما كلَّ أبواب التاريخ عند الحقبة الرأسمالية الأميركية، ويروّج بصورةٍ فجةٍ لليمين الرأسمالي الأميركي، والذي كان أحد الأسباب المباشرة وغير المباشرة في تفكيك العالم العربي وسقوط العراق وانهيار النظام الليبي وانشطار السودان واليمن وسقوط سوريا فى مستنقع الإرهاب. بالتأكيد نحن لا نُحمّل هيغل كل هذه الأحداث الكارثية، ولكن من الواضح أن الأثر الهيغلي على الأنظمة والتيارات اليمينية المحافظة كان أكبر من تأثير هيغل على التيارات اليسارية التقدمية التى لم يكتب لها النجاح والاستمرار مقارنةً بغيرها من التيارات اليمينية والليبرالية. ويبدو لي أن هيغل اليميني كانت له الغلبة على هيغل اليساري، تماماً مثلما انتصر النسق أو المذهب على المنهج، كذلك انتصر هيغل المحافظ على هيغل الثوري، وانتصر هيغل العجوز المتعصب للقومية الألمانية وللدولة البروسية على هيغل الشاب الذى طالما راوده حلم التحرّر والذي كان يوماً ما مفتوناً بالثورة الفرنسية ومسكوناً بالأمل في أن يعيد التاريخُ للعبيد والمقهورين حقوقهم المستلبة وإنسانيتهم المهدورة.

---------------------------------

حسن حماد : مفكِّرٌ وباحثٌ في الفلسفة وأستاذٌ مشرفٌ على الدكتوراه في جامعة الزقازيق ـ جمهورية مصر العربية.

[2]- هنري أيكن: عصر الأيديولوجيا، ترجمة فؤاد زكريا، الأنجلو المصرية، القاهرة سنة 1963، ص ص 90-91.

[3]- ج. بليخانوف: تطور النظرة الواحدية للتاريخ، ترجمة محمد مستجير مصطفى، دار الكتاب العربى للطباعة والنشر، القاهرة، 1969، ص ص67-68.

[4]- هيغل: موسوعة العلوم الفلسفية: ترجمة وتقديم وتعليق د. إمام عبدالفتاح إمام، دار التنوير، بيروت، الطبعة الأولى، 1983، ص217.

[5]- (انظر) المرجع السابق: ص 210-221.

[6]- هنري لوفيفر: المنطق الجدلي، ترجمة إبراهيم فتحى، دار الفكر المعاصر، الطبعة الأولى، 1978، ص 14-15.

[7]- ماركيوز: العقل والثورة: ترجمة د. فؤاد زكريا، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1979، ص 14-44.

[8]- المرجع السابق، ص 44.

[9]- هيغل: المرجع المذكور، ص 217.

[10]- اقتبسه لوفيفر في: المرجع المذكور، ص15.

[11]- ماركيوز: العقل والثورة، ص13.

[12]- المرجع السابق، ص16.

[13]- راشد البراوي: التفسير الاشتراكي للتاريخ، مختارات من فريدريك إنجلز، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1947، ص ص 32-33.

[14]- المرجع السابق، ص 33.

[15]- Walter Koufmann: From Shakespearet to existentialism, Princeton, University Press, New York, 1980, PP.130- 131.

[16]- د. زكريا إبراهيم: هيغل أو المثالية المطلقة، دار مصر للطباعة والنشر، 1970، ص37-38.

[17]- Georgr Lukacs: The Young Hegel, Trans by Rodney Livingstone, Merlin Press, London, 1972, P.12.

[18]- koufmann. Op.Cit., P. 149.

[19]- Lukacs: Op.Cit., p.9.

[20]- هيبوليت: ماركس وهيغل، ترجمة جورج صدقني، مطبعة وزارة الثقافة، دمشق، 1971، ص 48.

[21]- Quoted by Lukacs: Op.Cit., P.15.

[22]- ماركيوز: العقل والثورة، ص 25.

[23]- المرجع السابق: ص 26.

[24]- المرجع السابق: ص 27.

[25]- هيبوليت: المرجع المذكور، ص 44.

[26]- Karl Marx: Economic and Philosophic Manuscripts of 1844, Progress Publishers, Moscow, Third Printing, 1967, PP. 139- 140.

[27]- أوغست كورنو: أصول الفكر الماركسي، ترجمة مجاهد عبدالمنعم مجاهد، دار الأداب، بيروت، الطبعة الأولى، 1968، ص 48، 93.

[28]- هنري لوفيفر: المرجع المذكور، ص 50.

[29]- المرجع السابق: ص 35-36.

[30]- هيغل: موسوعة العلوم الفلسفية، ص 70.

[31]- المرجع السابق: الصفحة نفسها.

[32]- لوفيفر: المرجع المذكور، ص 41.

[33]- ماركيوز: المرجع المذكور، ص 100.

[34]- المرجع السابق: الصفحة نفسها.

[35]- لوفيفر: المرجع المذكور، ص 37.

[36]- هيغل: محاضرات فى فلسفة التاريخ، الجزء الأول، ترجمة د. إمام عبدالفتاح إمام، دار الثقافة، القاهرة، 1980، ص 153-154.

[37]- المرجع السابق: ص 159.

[38]- R.S. Peters: Hegel and the Nation - State (in) Political Ideas, (ed) by Thomson, D. Penguin,      Books, 1984, P.135.

[39]-هيغل: محاضرات فى فلسفة التاريخ، ص 242.

[40]-المرجع السابق: ص 243.

[41]- أوغست كورنو: المرجع المذكور، ص56-58

[42]-هربرت ماركيوز: المرجع المذكور، ص 177.

[43]- لوفيفر: المرجع المذكور، ص 42-43.

[44]- هيغل: أصول فلسفة الحق، المجلد الأول، ترجمة وتقديم وتعليق د. إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير بيروت، الطبعة الثانية، ١٩٨٣، ص 88.