البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الانتهاك التقني للمقدس ، وهم الفردوس الأرضي وتشيؤ الإنسان

الباحث :  غيضان السيد علي
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  15
السنة :  السنة الرابعة - شتاء 2019 م / 1440 هـ
تاريخ إضافة البحث :  May / 7 / 2019
عدد زيارات البحث :  1218
تحميل  ( 401.129 KB )
يهتم هذا البحث بنقد النتائج المترتبة على تطبيقات التقنية في مجالاتٍ مختلفةٍ منها: الإخصاب الصناعي، أطفال الأنابيب، تأجير الأرحام، الإجهاض، زرع الأعضاء، والاستنساخ. يسعى الباحث إلى إجراءاتٍ تحليليّةٍ نقديّةٍ لهذه التقنيات والنتائج التي ظهرت بسببها على البناء القيمي للعالم الحديث. وقد انطلق الباحث من المنزلة الرفيعة التي خصّ بها الله تعإلىالإنسانَ مظهراً بذلك الانتهاك الفظيع الذي تتعرض له البشريّة نتيجة الاجتياح التقني لعالمها حاضراً ومستقبلاً.

المحرر

-----------------------------------
رفع التقدم التقني شعار تحقيق رفاهيّة الحياة ورفع الكدح والمعاناة عن كاهل البشرية، مغريًا الإنسان بغدٍ أفضل، وبمستقبلٍ أكثر إشراقًا تتحقق فيه الأمنيات التي باتت بالأمس مستحيلة، وهو ما يمكننا أن نطلق عليه الإغراء بوهم الفردوس الأرضي. وكان هذا هو القناع المبهر الذي قدَّم التقدم التقني نفسه من خلاله، لكنه أخفى تحت هذا القناع وجهه القميء المتمثل في انتهاك قدسيّة الحياة البشرية، وتحويل الإنسانيّة -بتعبيرٍ كانطيٍّ- من الكرامة إلى التشيّؤ. ولذلك  يجب ألاّ تخدعنا النتائج الإيجابية الفورية للتقنية في خطوتها الأولى، حيث تحمل خطواتها التالية -التي يفقد الإنسان السيطرة عليها تمامًا- ويلاتٍ لا قِبل له بها.

 فقد بات التقدم التقني المزعوم يهدد إنسانيّة الإنسان وقدسيّة الحياة بشكلٍ غير مسبوقٍ وبصورٍ شتّى لعلّ أشهرها في مجال البيولوجيا محاولات الإنتاج الصناعي للحياة؛ إذ أصبح هناك تسابقٌ بين الشركات التجارية إلى تَملُّك تكنولوجيا الإنسان المُعدل أو المُقوى أو المُستزاد إمّا بالتحسين أو التهجين. كما أصبح من ضمن أهداف هذا التدخل التقني استنساخ الإنسان، وولادة أطفالٍ بمواصفاتٍ معينةٍ، أو إنشاء كائناتٍ بشريّةٍ في مختبرات البحث واستعمالها كأدواتٍ ووسائل لتحقيق أهدافٍ غير مشروعةٍ، وهذا من شأنه أن يجعل الكائن البشري عرضةً للتجريب أو  جعله مجرد عيّنةٍ في المختبرات البحثية كأن يقوم علماء الهندسة الوراثية بتخليق أجنة ويجربونها في دراساتهم ثم يقتلونها، فضلًا عن أن نمو مثل هذه الأجنة المعدلة وراثيًا وجينيًا يمكن استغلالها في تحقيق أغراضٍ تجاريةٍ لا تأبه بقدسية الحياة البشرية. هذا فضلًا عن المشاكل الأخرى التي تنتج عن استخدام الأشكال المختلفة للتقنية في الطبيعة، والمجتمع، والإنسان، فتهدد حياة الأجيال القادمة التي يبرز حقهم الأخلاقي في ألا نُورّثهم أرضاً خراباً، أو تلك المخاطر التي تهدد الحياة على كوكب الأرض نفسه. فهل صنع الإنسان فناءه بيده؟ وهل التقنية –بتعبير ماركيوز- عقلانيّةٌ مغلوطةٌ؟

قدسيّة الحياة في ظلّ البيولوجيا المعاصرة

أمام هذا التحول الراديكالي النوعي المتمثل في الانتقال من صناعة الأشياء إلى صناعة الكائن الحي في إطار البيولوجيا المعاصرة، باتت قدسيّة الحياة البشرية مهددةً بطريقةٍ غير مسبوقةٍ أمام العديد من التدخلات التقنية في عالم الإنسان منذ ظهور البوادر الأولى لمحاولة الإنتاج الصناعي للحياة أو قبلها في تجارب الاستنساخ، أو بنوك المني، أو تطوير آليات تحسين النسل أو حمل الأجنة في قوارير زجاجيّةٍ، أو مع اكتشاف الخرائط الجينيّة للكائنات الحية وضمنها الإنسان، وتقطيع الجينوم، وغير ذلك من الاختراقات والعبث التكنولوجي بقدسيّة الحياة البشرية. فما هو المقصود - أولًا - بقدسية الحياة البشرية؟

يعود مصطلح «قدسيّة الحياة» في المقام الأول إلى جذورٍ دينيّةٍ، إذ إنّه قد اُستخدم للتعبير عن «حرمة الإنسان» (Inviolability) وحقه في الحياة وفي الاستمتاع بها. فالحياة نفخةٌ من روح الله، وقبسٌ من الألوهيّة، والروح الإنساني جزءٌ من الروح الإلهي، وهي من أمر الله. ومن ثم استمدت قدسيتها، وألزمت الإنسان بالمحافظة عليها سواءً أكانت حياته الخاصة أم حياة الآخرين. فــ«لا تقتل» كانت الوصية السادسة من الوصايا العشر أرفع الآثار الموسوية وأبرزها في التراث اليهودي المسيحي، والتي تلقفها موسى منقوشةً على لوحي الشريعة في جبل حوريب. وقد دعا الدين الإسلامي في كثيرٍ من الآيات والأحاديث النبويّة الصحيحة إلى حفظ النفس والتشديد على حمايتها وعدم قتلها. بل توعدت الآيات من يقتل عمدًا نفسًا بغير حقٍّ شرعيٍّ بأشد العقوبات في الدنيا والآخرة، ومن ذلك قوله تعالى: [ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ. ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ] (الأنعام: 151). وقوله تعالى: [وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا] (النساء: 93). كما نهى الإسلام عن إزهاق الروح أو الانتحار بقوله تعالى:[وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ.  إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا] (النساء: 29). فكان النهي عن قتل النفس يشمل قتل الإنسان نفسه. ومن ثم كانت المحافظة على استمرار الحياة البشرية إلى ما شاء الله واجباً مقدساً، فلا يجوز الإجهاض دون ضرورةٍ شرعيةٍ، ولا الحيلولة دون الزواج أو الإنجاب إلا في وجود ضرورةٍ تمنع ذلك.

وقد تعددت الآراء حول المقصود بمفهوم «قدسيّة الحياة البشرية»، فمن الباحثين من رأى أنَّ المقصود بقدسيّة الحياة هو تقديرنا واحترامنا لها لأنها أثمن من أن تُهدر. أي إنَّه أينما وجدت الحياة البشريّة لا يوجد أي شيءٍ يمكن أن يقلل من قيمتها، ولا يمكن القضاء عليها بأي شكلٍ من الأشكال. ومنهم من رأى أن قدسيّة الحياة تتوقف على نوعيّة الحياة التي يعيشها أصحابها، فحياة الإنسان تكون مقدسةً إذا كانت تستحق أن تعاش. ومنهم من رأى أن قدسيَّة الحياة هي خاصيّةٌ تميز الحياة فطالما وجدت الحياة فلا يمكن التخلص منها، فالحياة أقدس من أن نتخلص منها، وأنَّ القدسيّة تَوجُّهٌ عام للحياة، إذ هي أقرب إلى تعهدٍ نفرضه على أنفسنا بالالتزام بحياة الآخرين وحياتنا[2]. وأرى أن قدسيّة الحياة البشريّة تعني صونها من كل عبثٍ إنسانيٍّ، فكل شيءٍ يخرج من يد الله طيبًا وجميلا، وتَدَخُّل الإنسان هو الذي يفسده. والحياة البشرية هي أغلى وأثمن ما يمتلكه الإنسان؛ إذ إنَّها تفقد قداستها، وينكشف سترها عندما توضع تحت مجهر العلم ومبضع التشريح من أجل التربح المالي من خلال الاتجار بأعضائها أو ما بات يُعرف بـ « تسليع الإنسان».

فلا يجوز بحالٍ من الأحوال أن يتساوى الإنسان مع الأشياء التي خلقها الله وسخرها لخدمته، فلا يمكن أن يتساوى الخادم بالمخدوم، الأدنى بالأعلى، التابع بالمتبوع، الوسيلة بالغاية. فالإنسان هو الغاية الأخيرة للخليقة، ولا يصح أن يكون وسيلةً لغايةٍ أخرى، كما لا يصح أن نسأل عن الغاية التي يحيا من أجلها الإنسان. ومن ثم يضعه الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط (1724-1804) رئيسًا في مملكة الغايات، وجعل لكل موجودٍ في هذه المملكة ثمناً أو كرامة: فما له ثمنٌ فمن الممكن أن يُبدل بشيءٍ آخرَ مكافئٍ له، أما ما يعلو على كلّ ثمن، وما لا يسمح – تبعًا لذلك- بأن يكافئه شيءٌ، فإن له كرامةً[3]. ويضع كانط هنا ميزانًا أخلاقيًا لتمييز الإنسان عن غيره، فالإنسان لا ثمن له ولا يُقدّر بثمنٍ، وإنما له كرامة. ولذلك كان الإنسان عند كانط غايةً في ذاته بغض النظر عن جنسه أو دينه أو مركزه الاجتماعي. ولذلك وضع أهم قاعدةٍ أخلاقيّةٍ عرفتها البشرية منذ ظهور الأخلاقيات، وهي «افعل بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي شخص كلّ إنسانٍ سواك بوصفها دائمًا وفي الوقت نفسه غايةً في ذاتها، ولا تعاملها أبدًا كما لو كانت مجردَ وسيلةٍ»[4]. وقد سار هيغل على هدي كانط في إرساء مبادئ الكرامة الإنسانية وقدسيّة الحياة البشريّة فذهب إلى القول بأن الأمر المطلق للحق هو «كن شخصًا، واحترم الآخرين بوصفهم أشخاصًا»[5]. وحاول نيتشه أن يرتقي بالإنسان إلى أرقى مكانةٍ، فأوصى بأن يتخلص هو في ذاته من كافة ما يتعلق بأخلاق العبيد، ويتخلق بأخلاق السادة، ليحافظ بذلك على قداسة وجوده بعيدًا عن كل ما يدنس البشرية. وانشغلت الفلسفات القديمة والحديثة في الشرق والغرب على طول الفكر الفلسفي بفكرة الإنسان الكامل، وصنفت فيه مؤلفات عديدة، رأت أنَّ الإنسان الأول يؤدي دورًا كونيًا، ومن ثم يتم تفسير العالم على أساس التناظر بين العالم الصغير والعالم الأكبر، أي المبدأ القائل بأن العالمَ إنسانٌ كبيرٌ، وأن الإنسانَ عالمٌ صغيرٌ.

وفي العصر الراهن دافع الكثير من الفلاسفة ورجال الدين عن «قدسيّة الحياة» وعن «النوع الإنساني» و«لكرامة الإنسانية» فرأى فوكوياما أنَّ الله قد كرّم الإنسان وخلقه في أحسن صورة ما يجعل جميع البشر مخوَّلين بمستوًى من الاحترام أعلى من بقية المخلوقات الطبيعية الآخرى. كما يستشهد «فوكوياما» بقول البابا يوحنا بولس الثاني بأنَّ «الفرد البشري لا يمكن إخضاعه ليصبح وسيلةً مجردةً أو آلةً مجردةً، سواءً للنوع أو للمجتمع. إنَّ له قيمةً بذاته يستطيع بذكائه وبفرادته أن يشكل علاقة مشاركةٍ وتضامنٍ وبذلٍ للنفس مع أنداده... وبمقتضى روحه الدينيّة يمتلك الشخص الكامل مثل هذه الكرامة حتى في جسده»[6].  كما ندد «فوكوياما» بما أسماه «فكرة مجاوزة الإنسانية» وعدَّها الفكرة الأخطر في العالم؛ لأنَّها فكرةٌ تتهدد مفهوم الطبيعة الإنسانيّة الذي هو أمرٌ أساسيٌّ من حيث إنّه يقدم أساسًا مفهوميًّا أو تصوريًّا صلبًا لتجربتنا من حيث إننا نوعٌ. وهذه الطبيعة هي بجانب الدين ما يحدد قيمتنا الأكثر أساسية. فتعديل المعطيات البيولوجية الأساسية لأفراد النوع معناه «نهاية الإنسان». ومن هذا المنطلق ذاته ينطلق هابرماس إلى التأكيد على فكرة قدسية الحياة البشرية والتي تعني: عدم قابلية الطبيعة الإنسانية للمساس، وهو المعنى الملموس لقدسيتها.

وبناءً عليه تكون الحياة البشريّة حياةً مقدسةً لا ينبغي المساس بها، أو العبث بها تحت أيّ حججٍ علميّةٍ أو نفعيةٍ، حيث قد بات  بإمكان العلماء التدخل في تركيب الإنسان الوراثي، وهم يحلمون بأن يتحكموا بهذا التركيب ويتلاعبوا به إلى حد إنتاج نسخٍ عديدةٍ من إنسانٍ واحدٍ. ومن ثم لا يكون انتهاك قدسيّة الحياة البشرية مرهونًا بالقتل أو التعذيب ولكن بمعنى مختلف تمامًا؛ فعلماء الهندسة الوراثية لا يقتلون، بل بالعكس، قد يساعدون على إنماء الإنسان وتطويره وإعطائه صفاتٍ وراثيةً تزيد من قدراته، ومع ذلك فهم ينتهكون حرمته وقدسيته. ومن ثم ترى ناهدة البقصمي ضرورة تحويل المقصود بقدسية الحياة من «لا تقتل بدون مبررٍ قويٍّ» إلى معنى أوسع فحواه «لا تقتل ولا تتلاعب بالحياة بدون مبرر قوي»[7].

      ولذلك فالتدخل التقني في التكوين البشري الذي تتبناه البيولوجيا المعاصرة بات يشكل تهديدًا وخطرًا مهولًا لا مرد له من حيث هو تدنيسٌ متعمدٌ لقداسة الحياة البشرية.

    التقنية وصور متعددة لانتهاك قدسية الحياة

إذا كنا قد انتهينا إلى أنّ الحياة البشريّة حياةٌ ذات قدسيّةٍ خاصةٍ لا يمكن المساس بها بأي صورةٍ من الصور، سواءً بالقتل أو بالتعذيب أو بالتلاعب الجيني الوراثي. فإنه كان من الضروري أن نقف وقفةً تقييميّةً لخطورة وتبعات التقدم التقني الذي أخذته الغطرسة العلمية حتى عمل على التعديل الوراثي للصفات البشرية أو ما أصبح يُعرف بالتحسين الوراثي حتى لا يأتي يوم وتتغير الحصيلة الإرثية للبشر بشكلٍ كاملٍ، وننتهي إلى إنسانٍ آخر غير هذا الإنسان المعروف منذ أن خلقه الله وأورثه الأرض.

وإذا كانت التقنية هي مجموع الوسائل والأدوات التي يخترعها الإنسان اعتمادًا على العلم، والتي تهدف إلى توفير خدماتٍ مختلفةٍ للإنسان وتساعده على التغلب على حوائجه الطبيعية، وعلى الأمراض المستعصية، ومظاهر النقص، وتمكنه من تقليص المسافات، واختصار الأزمنة، وتقريب البعيد إلى غير ذلك من الفوائد، فإن التطور الهائل الذي واكب التقنية الحديثة قلب المعادلة، وأصبح هذا التطور يهدد وجود الإنسان نفسه بأشكالٍ متعددةٍ وصورٍ مختلفةٍ، إذ إنَّ رغبة الإنسان نفسه في السيطرة على كلّ شيءٍ جعلته يتلاعب بكلّ ما حوله، حتى نفسه تلاعب بها وتدخل في طبيعتها تقنيًا، فتعددت أشكال التدخل التقني في حياة الإنسان وأخذت صورًا شتى، ومنها:

1- المشاكل الأخلاقية التي تطرحها تقنيات الإنجاب الحديثة:

أخذ الإنسان يبحث عن طريقةٍ مثلى يتغلب بها على مشكلات عدم الإنجاب، فاستطاع العلماء المتخصصون من التوصل إلى عدة طرقٍ يتغلبون بها على مشكلة العقم لدى أحد الزوجين فتوصلوا إلى تقنياتٍ متعددةٍ مثل: الإخصاب خارج الرحم، واستعارة الأرحام، والإخصاب بعد الموت، والتبرع بالبويضات والأجنة. وقد ظن الإنسان نفسه أنه على بُعد خطواتٍ من الفردوس الأرضي، لكنه فوجئ بما لم يكن في حسبانه إذ طرحت هذه التقنياتُ مشاكلَ وجوديّةً وأخلاقيّةً لم تكن تخطر بباله للوهلة الأولى لعل أهمها على الإطلاق أنّه لا أحد يعرف بالضبط النتائج المتتابعة لهذه التقنيات المختلفة، فإمكانية أن تأتي نتائجُ مخالفةٌ تماماً لما أراده الإنسان واردةٌ جدًا. وقد تعددت هذه المشاكل بتعدد التقنيات المختلفة، حيث عكست كل تقنيةٍ مجموعةً من الانتهاكات لقدسيّة الحياة البشرية، نعرض لها في ما يلي:

أ- الإخصاب الصناعي:

الإخصاب الصناعي هو تقنيةٌ تقتضي أن يوضع مَنِيُّ الزوج أو منيُّ أحد المتبرعين في المسالك الطبيعيّة للزوجة في مرحلة التبويض، وقد تم اقتراح هذه التقنية للتغلب على إصابة أحد الزوجين بالعقم أو بضعفٍ يمنع إتمام الحمل. كما تم اقتراح هذه التقنية لأهدافٍ أخرى غير معالجة العقم، كتلافي نقل أمراضٍ وراثيةٍ خطيرةٍ، أو للتغلب على مناعة الأم ضدّ الفئة الدمويّة لزوجها. وفي الوقت الذي انفرجت فيه أسارير المحرومين من الإنجاب في شتّى بقاع العالم اصطدمت أحلامهم بتلك الموبقات التي أقضَّت مضجع الإنسان بتلك الإنتهاكات المتعددة، ومن أهمها تلك التي مست بشكلٍ مباشرٍ قدسيّة الحياة البشرية وحقوق الإنسان وكرامته. والتي تمثلت في الأسئلة الآتية:

ماذا لو كان الحيوان المنوي من واهبٍ خلاف الزوج العقيم؟

ماذا لو كانت البويضة من واهبةٍ غير الزوجة العقيمة؟

ماذا لو كان الجنين كله موهوبًا من أبوين خلاف الزوجين؟

ماذا لو تم التآمر بين الزوجة ومخبر التخصيب لأخذ منيّ رجلٍ أجنبيٍّ دون علم الزوج، وبعد ذلك عرف الزوج أنه عقيمٌ لا ينجب أبدًا؟

وفضلاً عن تلك الأسئلة التي تؤرق الإنسان ولا تجعله يستريح تمام الراحة إلى مثل هذه التقنية، فإن هناك بُعدًا آخر أخطر من ذلك، إذ قد يحدث خلطٌ في العلاقات بين البشر؛ فإذا كان هناك أكثر من مائتي مليون حيوانٍ منويٍّ، في المرة الواحدة في حين أن التلقيح لا يحتاج إلا لحيوانٍ واحدٍ، فإنّ معنى ذلك أنّه يمكن لشخصٍ واحدٍ أن يتبرع بالسائل المنوي لبنك من البنوك فيُستخدم لتلقيح عشرات النساء دون علمه. وقد يحدث بعد ذلك أن يتزوج أحد أبنائه بإحدى بناته، أو حتى يتزوج هو نفسه إحداهن. وحسب صحيفة القبس الكويتية في تاريخ 27/3/ 1985 أنَّ رجلًا يدعى (ألفين) اُستخدم سائله المنوي، الذي تبرع به لأحد البنوك أكثر من مرة لتلقيح تسعمائة امرأة، وأنه تم الوضع في 806 حالاتٍ بنجاحٍ. فلا شكّ أن أمرًا كهذا لا يثير معضلةً شرعيةً وقانونيةً فحسب، وإنما يؤدي إلى ظهور مشكلاتٍ بيولوجيةٍ خطيرةٍ يمكن أن يتوقع ظهورها، منها على سبيل المثال، تشوه الأجنة بسبب حدوث إخصابٍ بين بويضةٍ وسائلٍ ينتميان إلى الجذور البيولوجية نفسها. وقد يؤدي أيضًا إلى إحداث ضعفٍ في الجنس البشري، لأن الاختلافات البيولوجية الموجودة بين البشر هي التي تجعل العالم يسير[8].

كما أن الإخصاب الصناعي قد يهدر قدسيّة الإنسان، إذ تعطي الفرصة لعودة أسواق الرقيق بصورةٍ جديدةٍ مختلفةٍ، كما يمكن أن يؤدي إلى انتشار ما يسمى (بالأسر الواحدية الأب) بمعنى أن تلجأ بعض النساء للإخصاب الصناعي دون الارتباط بزوج، أو أن يلجأ الرجل إلى طريقة الأم البديلة، أيضًا، للهدف نفسه. كذلك من الممكن أن يلجأ الأشخاص الشاذون جنسيًا إلى مثل هذه العمليّة لتكوين أسرٍ شاذةٍ في تركيبها[9]. 

كما نتج عن هذه التقنية (الإخصاب الصناعي) عدةُ إشكالاتٍ قانونيةٍ وأخلاقيةٍ أخرى تعمل على إهدار القدسية البشرية، خاصة في ما يتعلق بمصير البويضات واللقائح الزائدة عن عملية التخصيب الصناعي الخارجي، وكيفية التصرف فيها، هل تُجمد[10] لغرض استعمالها مرة أخرى؟ أم تقدم لمراكز البحوث لإجراء التجارب عليها؟ أم يتم القضاء عليها والتخلص منها؟  ففي حالة التجميد ألا يمكن استعمال اللقيحة استعمالًا مُحرَّمًا في حالة وفاة الزوجين؟ كما أنَّ مدة التجميد قد تطول، ما يؤدي إلى ميلاد أطفال لأكثر من مدة الحمل القانونية، وما يترتب على ذلك من مخاطر على الطفل، لأنَّ البويضة الملقحة هي أول أطوار حياة الإنسان، وأول مراحل وجوده، كما لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال تجميد الأجنة لما في ذلك من انتهاكٍ لقدسية الحياة الإنسانية وإمكانية العبث بها، وخاصة بعد ظهور الطابع التجاري للعملية، حيث أصبحت اللقائح تستخدم كمستحضراتٍ في مواد التجميل[11].

أما عن إمكانيّة تقديم اللقائح الزائدة لمراكز البحوث لإجراء التجارب عليها، فهذا يعتمد على الإجابة عن سؤال: متى تبدأ الحياة؟ وهو المبحث الذي سنعود له بالتفصيل لاحقاً، فإذا كان بعض من الأطباء والفقهاء قد توصلوا إلى أن الحياة تبدأ منذ لحظة التقاء الحيوان المنوي بالبويضة، ما يعني أن للجنين حرمةً وقدسيةً أخلاقيةً مساويةً لحرمة وقدسية أي إنسانٍ بالغٍ، فإن هذا يعني أنه لا يجوز إجراء التجارب عليها، ولا قتلها والتخلص منها، وإلّا لما كان هناك معنًى بعد ذلك للحديث عن قدسيةٍ للحياة البشرية.

ب- أطفال الأنابيب:

وتعرف تقنية أطفال الأنابيب أيضًا بالإخصاب الصناعي خارج الرحم، فبعد أن يتم الحصول على منيّ الرجل يتم الجمع بينه وبين البويضة في أنبوبٍ زجاجيٍّ لأجل إحداث عملية الإخصاب، ثم يقوم الطبيب بإعادة زرع الجنين الذي بدأ يتشكل في رحم المرأة المريضة، وهناك يستأنف مراحل الحمل الطبيعية[12]. 

وعلى الرغم من محاولة تسويغ هذه العملية في العديد من البلاد الإسلامية التي أجازت هذه التقنية بأن وضعت حدودًا للحالات البسيطة لتطبيقات تقنية طفل الأنابيب. والحالة البسيطة نعني بها الزوجة التي تعاني من انسدادٍ في أنابيب البويضات، أو عدم توافقٍ ذاتيٍّ، أو خللٍ في الحركة العكسية لقناة فالوب، أو وجود وسطٍ مهبليٍّ يقتل الحيوانات المنوية، أو أسباب أخرى مثل قلة عدد الحيوانات المنوية أو قلة حيويتها. ووضعت لكلّ ذلك شروطٌ واضحةٌ محددةٌ، وهي أن تكون الحيوانات المنوية من الزوج نفسه، وأن تكون البويضات من الزوجة، وأن يكون استنبات البويضة المخصبة في رحم الزوجة نفسها. إلا أنّه على الرغم من ذلك ينتج عنها مشكلاتٌ أخلاقيةٌ كبيرةٌ تجعل من هذه التقنية مجال اعتراضٍ من الكثيرين، فضلًا عن السؤال المحير الذي طرحناه من قبل في عملية الإخصاب الصناعي عن مصير الأجنة الفائضة، وهل يتم تجميدها؟ أو تقديمها لمراكز البحوث لإجراء التجارب عليها؟ أو التخلص منها؟ ومن أهم الأسئلة التي تطرح حول هذه التقنية وتثير إشكاليات دينيةً وأخلاقيةً:

أليست هذه العملية غير الطبيعية انحرافاً عمّا درج الله الإنسان عليه؟

أليست هذه التقنية معرضةً لحدوث حملٍ خارج الرحم؟

أليست هذه التقنية تعطى احتمالاتٍ كبرى لوجود أطفالٍ مشوهين بتشوهاتٍ خَلقيةٍ خطيرةٍ؟

أليست هذه التقنية من الممكن أن يتم استغلالها في نقل منيٍّ من واهبٍ خلاف الزوج أو بويضة من واهبةٍ غير الزوجة ما يدخلنا في دوامة اختلاط الأنساب؟

فهذه الأسئلة وغيرها فضلًا عن أنها في بعض وجوهها تهدّد قدسية الحياة البشرية بشكلٍ مباشرٍ، إلا أنّها تجعل المقبلين على هذه التقنية يفكرون ألف مرةٍ قبل إجرائها.

ج- تأجير الأرحام:

وهي تقنيةٌ تقتضي أن تحمل امرأةٌ ما طفلًا لزوجين، أي أن تحمله بدلاً من امرأٍة عاقرٍ، وتلتزم بالتخلي عنه بعد ولادته كي تتمكن المرأة العاقر أن تتبناه، وهنا تنحصر مهمة تلك المرأة ذات الرحم المستأجر أو الرحم المستعار دون أن تسهم فيه وراثيًا. كما أن هذه التقنية أخذت وجهًا آخر حيث تكون الزوجة في حالة عقرٍ تامٍ فيتم إخصاب امرأةٍ معينةٍ بمنيّ زوج المرأة العاقر، وهكذا تحل الأم البديلة بشكلٍ كاملٍ بيولوجيًا ووراثيًا محل غيرها... وهنا يكمن العديد من الإشكاليات الأخلاقيّة التي تنتهك قدسية الحياة البشرية، ومنها:

أليس من الممكن أن تقوم المرأة ذات الرحم المستعار بابتزاز الزوجين ماديًا أثناء فترة الحمل بأن يدفعا لها أكثر وإلا ستنهي حملها؟

وأليس من الممكن أن تمارس تلك المرأة عادات سيئة تضر بالجنين وتؤثر على سلامته الصحية بتناولها  التدخين أو المخدرات أو الخمور؟

أليس من الممكن ألّا تقوى عاطفة المرأة ذات الرحم المستعار على التنازل عن الطفل بعد ولادته فتمتنع عن تسليمه لأبويه؟

أليس من الممكن أن يستغني الأبوان عن تسلم طفلهما من الأم البديلة بعد ولادته بسبب تشوه الطفل أو انفصال الزوجين؟

ماذا لو فكرت أمٌ بديلةٌ في أن تحمل من عمها أو عمتها، أو خالها أو خالتها، أو من فردٍ من جيل أجدادها كان مجمدًا لعشرات السنين في بنوك الحيوانات المنوية؟

ألا تغطي « الأم البديلة» مفهوم الأمومة -ذلك المفهوم المقدس- بحاجزٍ ضبابيٍّ يجعل هذا المفهوم غير واضح؟ بل وفي ظلّ وجود رحمٍ صناعيٍّ يجعل الطفل في هذه الحالة أشبه بصغار الدجاج التي تفقس في معامل صناعية؟! ليتم بعد ذلك القضاء على الرابطة الإنسانية التي تربط الأم بطفلها.

كل هذه الأسئلة تحيلنا إلى الجحيم الذي تصنعه التقنية الحديثة ليجد الإنسان نفسه في دوامةٍ لا يستطيع الخروج منها، حيث يصبح كل شيءٍ قابلاً للبيع والشراء فلا قدسية في الأمر ولا كرامة لإنسانٍ... الإنسان أصبح سلعةً يتم تداولها لمن يدفع، وهنا يخرج  الإنسان –حسب كانط- من دائرة الإنسانية إلى دائرة الأشياء.

د- الإجهاض:

انقسم الناس من الإجهاض إلى ثلاثة أقسام: قسم حرَّمه وجرَّمه، وهو ذلك القسم الذي يرى أن حياة الإنسان تبدأ مع لحظة الحمل أو التحام الحيوان المنوي بالبويضة، حيث يرى هذا الفريق أنَّ لحياة الإنسان قدسيّةً لا يمكن انتهاكها تحت أي ظرفٍ من الظروف. وقسمٌ ثانٍ دافع عنه مرتيئًا أن الشخص لا يتحدد فقط بوجود مادةٍ وراثيةٍ بشريةٍ، بل يتحدد بتشكل الشعور والتعبير عن الأحاسيس، والقدرة على التواصل، والوعي بالذات، والاعتراف الاجتماعي. في حين رأى القسم الثالث أنَّ المرأة هي التي تواجه الصعوبات والمخاطر المرتبطة بالحمل والولادة وأعباء تربية الطفل، وبالتالي فهي وحدها التي يمكنها أن تقوم بتقييم آثار حمل ولادة الطفل على كيانها الجسمي والنفسي، ويمكن أن تؤدي معاناتها في هذا الإطار إلى الرغبة في التخلص من حملها، ومن ثم فهي صاحبة القرار الأول والأخير في الإقبال على الإجهاض أو عدمه ولا يلومها أحدٌ على قرارها[13]. وإذا كان القسم الأول حرمه وجرمه فهذا لا غبار عليه، أما القسم الثاني فهو أمرٌ يرفضه كلّ عاقلٍ إذ هو دعوةٌ صريحةٌ لقتل النفس للذي لا يرى حرمةً للنفس الإنسانية إلا إذا تواصلت مع غيرها وعبرت عن نفسها! فهذا رأيٌ بيّنٌ خطؤه. أما القسم الثالث الذي يرى أن قرار الإجهاض يعود للمرأة الحامل وحدها، فإننا نتساءل إذا كان قرار الإجهاض حقًا أصيلًا للمرأة فأين حق الجنين في الحياة؟ وأين يمكن وضع قدسية الحياة البشرية ذاتها؟ وأين حق المجتمع في الإنجاب؟

ولما كانت مشكلة الإجهاض هي مشكلةً قديمةً إلا أن التقدم العلمي والتكنولوجي قد ساعد الكثيرات من النساء الراغبات في التخلص من أجنّتهنّ عبر اللجوء إلى تقنيتها غير المؤلمة، وهن جاهلاتٌ بأعراضها الجانبية التي تتمثل في التصحر العاطفي، والأرق، وفقدان القدرة على اتخاذ القرار، والاضطرابات العصبية، وهذيان الجنين، والرغبة في الانتحار. فالإجهاض جريمةٌ تضاف إلى جريمةٍ أخرى سبقتها في أغلب الحالات، فهو أقصى درجات اليأس والقنوط، وفي البداية والنهاية هو إهدارٌ لقدسية الحياة وتطاولٌ على حق الله واهب الحياة والموت.

2 - المشكلات الأخلاقية التي يطرحها إجراء التجارب على البشر:

يقصد بـ « التجارب على البشر» إخضاع بعض الأشخاص لتجارب تستهدف اختبار فرضية عن طريق الوقائع التجريبية، لتجربة دواءٍ جديدٍ ومراقبة مفعوله على المرضى أو لفحص طريقةٍ جديدةٍ في العلاج[14]. وقد قوبلت عملية إجراء التجارب على البشر برفضٍ شديدٍ من قبل المجتمع البشري وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية حين تم فضح مساوئ مثل هذه التجارب في محاكمات نورمبرج (Nuremberg) عام 1947م كرد فعلٍ ضدّ التجارب التي أجرتها ألمانيا النازية على المعتقلين في ذلك الوقت. وأدى ذلك إلى قيام الدول الأوروبية بوضع معاهدةٍ تهدف إلى فرض قيودٍ على مثل هذه التجارب تحت اسم معاهدة نورمبرج، وكان من أهم بنودها، ألا تتم التجربة إلا بعد موافقة الشخص موضوع التجربة، بمعنى أن تكون لديه مقدرةٌ قانونيةٌ وعقليةٌ على رفض أو قبول هذه التجربة دون تدخل أي عاملٍ خارجيٍّ يمكن أن يؤثر على قراره. ولابد أن تؤدي التجربة إلى نتائج تهدف إلى خير المجتمع. ويجب ألا تستمر أي تجربةٍ حين يكون هناك سببٌ قويٌّ للاعتقاد بأنها ستؤدي إلى موت أو إعاقة الشخص موضوع التجربة[15].

و في ضوء ذلك سعت الأخلاقيات الطبية والحيوية إلى وضع الكثير من الشروط التي تحكم عمليات إجراء التجارب على  البشر وكان من أشهرها :

أن يكونوا متطوعين حقيقيين وألا يجبروا على القيام بذلك.

ألا يكونوا معرضين لمخاطر حقيقيةٍ بل فقط لانعكاساتٍ جانبيةٍ خفيفةٍ.

أن يكونوا مؤَمنين بشكلٍ صحيحٍ تحسّباً لما قد يحدث من طوارئ.

وأن يكون «المتطوع» بدون مقابلٍ ماديٍّ وهذا هو الشرط الأكثر أهميةً.

وهنا يتم التأكيد على مبدأين لإجراء التجارب على البشر:

الأول: وهو مبدأ «الموافقة الواعية» لمن تجرى عليهم التجارب من البشر.

الثاني: مبدأ عدم الإساءة للمرضى.

كما تقتضي العدالة الإنسانية أن يُكافأ المتطوعون للتجارب العلمية بدافع الإيثار والغيرية بالمكافأة نفسها التي يكافأ بها غيرهم.

وعلى الرغم من ذلك فإنَّ هوس التقنية في الغرب والرغبة في الوصول إلى نتائج غير مسبوقةٍ تضمن تميزًا ملحوظًا على الآخرين أجرت ألمانيا النازية عقب الحرب العالمية الثانية تجارب على السجناء، وكان من بينهم أطفال، ضاربةً بكل التعهدات السابقة عرض الحائط، حيث تمّ إجبار السجناء على المشاركة في تلك التجارب، حيث إنهم لم يتطوعوا برغبتهم، ولم يتم تبصيرهم بإجراءات التجربة لأخذ موافقتهم. وكانت نتائج هذه التجارب على المشاركين نموذجيًا هي الموت، والأضرار الجسدية، والتشوه أو الإعاقة الدائمة. كذلك قامت الوحدة (731) من الجيش الإمبراطوري الياباني خلال الحرب اليابانيّة الصينيّة الثانية بإجراء التجارب على السجناء عن طريق تشريحهم وبتر أطرافهم، وحقنهم بتطعيماتٍ بكتيريةٍ. كذلك أُجريت تجاربٌ بيولوجيّةٌ على السجناء وأسرى الحرب. وأُجريت في الولايات المتحدة تجاربُ على أفرادٍ من القوات المسلحة بحقنهم بعوامل معديةٍ لرصد آثارها عليهم دون علمهم. وفي كل يومٍ تتعدد الانتهاكات في بلاد الغرب تجاه سجناءَ أو أفارقةٍ، ولا يتوقفون أمام هوس التقنية والربح المالي.

3 - زرع الأعضاء:

وتعد مشكلة نقل الأعضاء أو زرعها من أهم القضايا التي تتعرض لها التقنية الطبية، لما لها من أهميةٍ في حياة البشر وإنقاذهم من الموت وتجنبهم الآلام والمعاناة الشديدة، سواءً على المستوى العضوي أو النفسي أو الاجتماعي. ويقتضي زرع الأعضاء انتزاع الأعضاء السليمة من شخصٍ مانحٍ ( ميتٍ) كالكلية، والقلب، والقرنية، والعظام لأجل زرعها لشخصٍ (مستقبِلٍ). كما يمكن أن يتم زرع الأعضاء اعتمادًا على مانحين أحياء أو متبرعين.

وبلا شكٍّ أثارت هذه التقنية مشكلاتٍ أخلاقيةً وخاصةً من قِبل المتبرعين الأموات، فهل الموت هو الموت الطبيعي أو الموت الدماغي أي نهاية الحياة الإنسانية الواعية والمدركة.. ومن ثَمَّ تم وضع العديد من الشروط التي تختص بالمتطوع الحي حتى لا يتطور الأمر إلى مافيا سرقة الأعضاء البشرية، من أهمها:

لا يُقبل التبرع إلا بالأعضاء القابلة للتجدد والتي لن يؤدي انتزاعها إلى ضررٍ كبيرٍ.

عدم انتزاع أعضاء لا تتميز بالتعويض الذاتي.

عدم إجبار أي شخصٍ على التخلي عن عضوٍ من أعضائه الجسدية.

ألّا يقوم الجراحون بزراعة عضوٍ لأيّ شخصٍ قبل التأكد من موافقة المتبرع بصفةٍ شخصيةٍ واتباع كافة الأساليب القانونية لذلك.

ألّا تتم عمليات نقل أعضاء من أشخاصٍ مجهولين.

وعلى الرغم من تلك التوصيات التي تحفظ لعمليات نقل الأعضاء ماء وجهها الناصع، إلا أن عمليات سرقة الأعضاء في المستشفيات من المرضى دون علمهم، ودون وعيهم وتبصيرهم بما يجري في أجسادهم مع طبيبٍ معدومِ الضمير لا ينظر إلا إلى الربح المالي، أو استغلال الفقراء والمعدمين في بيع أعضائهم سدًّا لحاجتهم، تبقى اتهاماتٌ مهمةٌ تشير إلى إهدار قدسية الإنسان الذي تحولت أعضاؤه إلى سلعةٍ تباع لمن يدفع أكثر! ليتحول معها الطبيب إلى تاجرٍ أو سمسارٍ، والأعضاء البشرية إلى قطع غيارٍ مطروحةٍ بالأسواق.

4 - الموت الرحيم:

ويعد  مصطلح الموت الرحيم (Euthanasia)  كلمةً مستعارةً من اللغة الإغريقية القديمة وهي مكونةٌ من مقطعين Eu  أي الموت، وThanasia أي برفق وراحة، أما معناه الاصطلاحي فهو ذلك الفعل الذي يؤدي إلى وضع نهايةٍ لحياة شخصٍ مصابٍ بمرضٍ عضالٍ لا يُرجى شفاؤه وذلك رحمةً به وشفقةً عليه من استمرار معاناته لآلامٍ مضنيةٍ بدون جدوى، إنه فعلُ إماتةٍ رحيمةٍ يساعد المرضى الميؤوس من علاجهم على موتٍ مريحٍ وهادئٍ وخالٍ من الألم[16].  وتتعدد تصنيفات فلاسفة الأخلاق لصور هذا القتل ( فهو قتلٌ وليس موتًا)، ولكننا سنقف عند أشهر التصنيفات وأبسطها وهو تصنيف فيلسوف الأخلاق المعاصر الأسترالي بيتر سينغر (Peter Singer 1946)، حيث يميز بين ثلاثة أنواعٍ من القتل الرحيم على النحو التالي:

القتل الرحيم الاختياري وهو الذي يتم تنفيذه بناءً على رغبة المريض حيث لا يقوى على التخلص من الحياة، فيطلب من شخصٍ ما، غالبًا ما يكون الطبيب، تنفيذ هذه المهمة حتى يستريح من الألم والمعاناة.

القتل الرحيم الإجباري وهو قتل شخصٍ لم يقدم موافقةً على القتل، ولم يطلب التخلص من الحياة رغبةً في التخلص من آلامه.

القتل الرحيم اللا إختياري وذلك حين يكون المريض عاجزًا عن فهم الاختيار بين الحياة والموت مثل الأطفال شديدي الإعاقة وكبار السن[17].

ويحاول بيتر سينغر أن يبرر النوع الأول ويدين بدرجاتٍ متفاوتةٍ النوعين الأخيرين مبررًا موافقته على النوع الأول انطلاقًا من مبدأ الرحمة بالمريض والإحسان إليه (كما في بعض حالات النوع الثالث)، مع التأكيد على أن احترام حق الإنسان في الموت يماثل حقه في الحياة. ولكننا نعترض على هذا فمنذ متى كانت حياة الإنسان ملكه؟! الله تعإلىهو واهب الحياة وهو وحده الذي يأخذها. إن القتل الرحيم- في اعتقادي- هو دعوةٌ إلى الانتحار والتخلص من الحياة، وهذا يتناقض مع مبدأ قدسية الحياة الإنسانية المستمد من الأديان المختلفة، التي ترى أن الإنسان خلقه الله على صورته، وأن حياته أمانةٌ إلهيةٌ ليس من حقه ولا من حقّ أيِّ أحدٍ من أقربائه أخذ قرار التخلص منها، فهذا اعتداءٌ على حق الله الذي بيده الموت والحياة، أو كما يقول فوكوياما:«إنها تضع البشر في مكان الإله في خلق حياةٍ بشريةٍ أو تحطيمها، وهو ما يمثل انتهاكًا لمشيئة الله الذي خلق الإنسان على صورته ومثاله»[18]. ومن ثم يكون القتل العمد في كل الحالات خطأً دينيًا وأخلاقيًا في المقام الأول.

إن محاولة تبرير القتل الرحيم تحت دعاوى: استحالة الشفاء من المرض، أو طول المعاناة، أو المعاناة التي لا تحتمل، أو الألم الذي يصعب تسكينه، أو الرغبة الثابتة والواعية في الموت أو غيرها من دعاوى تبرير القتل، تعد في الحقيقة أقوى تعبيرٍ عن فشل التقنيات الحديثة في تحقيق فردوسها الأرضي المزعوم، وتبدو هذه المبررات للقتل وكأنها تقف ساخرةً تخرج لسانها لكلّ وسائل التقنيات الحديثة والتي جعلت الإنسان يفضل الموت على الحياة.

وتبقى الحياة الإنسانية مقدسةً، وأن القتلَ الرحيمَ مهما كانت مبرراته في جميع الحالات والظروف هو نوعٌ من الاعتداء على الحياة الإنسانية. وهذا ما حاولت العديد من الجمعيات الأخلاقية تفاديه والتوصل إلى بديلٍ لهذا القتل، فانتهت مؤخرًا إلى ما يعرف بـاسم «المرافقة» وتعني أن يحاط المريض، بتلك الأمراض التي لا يرجى شفاؤها،  بالأقارب والأصدقاء والمحبين وبطاقمٍ طبيٍّ يساعده متطوعون. فإن هذا يخفف عليهم من وطأة اللحظات الأخيرة. ويعد الطبيب الفرنسي موريس بيفين (Maurice Biven) رائدًا في طب «مرافقة المحتضرين»، حيث أسس في المستشفى الدولي بباريس أول وحدةٍ متخصصةٍ في هذا التخصص، حيث يُحاط المرضى بأقربائهم وذويهم فضلًا عن فريٍق طبيٍّ يساعده متطوعون لتخفيف الألم من خلال توفير جوّ من الصفاء والهدوء المغلف بالحب. وما زال هذا التخصص الجديد في حاجةٍ إلى المزيد من التطوير والتحديث المستمر وخاصة في إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين المريض والطبيب المعالج، لأن مواساة المريض قد تتم بواسطة الانصات والاهتمام والحرارة الإنسانية التي عادة ما يحرم منها المريض.

ومن المنطلق نفسه يتم رفض التدخل التقني في ما يُعرف بإطالة عمر المريض بواسطة تدعيم ماكينات التنفس الصناعي عندما لا يستطيع أن يتنفس بنفسه، ولذلك يجب أن ندعه يموت بشكلٍ طبيعيٍّ، فالموت قدرنا المحتوم، ومن الكرامة الإنسانية أن نموت بلا عبث، وندع الطبيعة تأخذ مجراها دون تدخلٍ بشريٍّ ينتهك إنسانية الإنسان وكرامته.

5 - الاستنساخ:

وهي تقنيةٌ فحواها أن الوراثيين بإمكانهم الآن تخليق جيناتٍ جديدةٍ معمليًا، واستحداث تبايناتٍ في الجينات المعروفة والتي هي نتيجةٌ طبيعيةٌ لتطور الحياة، أي أن الأطقم الجينية لصور الحياة المختلفة يمكن أن توضع على مائدة العمليات الوراثية لتصبح مطوعةً للجراحة الوراثية لتغيير وظائفها البيولوجية من أجل تبديل الإمكانات الوراثية للكائن الحي، إمّا لتخليق صفاتٍ مرغوبةٍ، كالذكاء والنبوغ والمواهب والملكات الفائقة، أو لإضافة خاصيةٍ أو صفةٍ لم يكن يملكها من قبل بالتحكم في التشكل والنمو وإنتاج الإنسان العملاق (Gigantic Man)[19].

وهكذا أمكن العبث بأهم خصوصيات الإنسان وهي شفرته الوراثية، فقد سيطرت موجةٌ من الذعر الشديد على كافة المخلوقات البشرية في العالم عقب ظهور صورة «العنزوف» على غلاف مجلة « Nature»  عام 1983، وهو حيوانٌ يجمع بين جنس العنز وجنس الخروف. إذاً، بات بالإمكان التلاعب بالجينات، وإنتاج نسخٍ من الكائنات الحية عن طريق خليةٍ منتزعةٍ منها.

وعلى الرغم من الرفض الشديد الذي قوبلت به هذه التقنية والتنديد بتطبيقها على البشر، إلا أن هناك من يؤيدون استخدامها دون وضع حدودٍ أو قيودٍ عليها. بل إنَّ هناك من يدافعون عنها ويدعون إلى تطبيقها لما لها من فوائدَ شخصيةٍ؛  فاستنساخ البشر سيتيح للنساء اللاتي بلا بويضات، والرجال الذين بلا حيوانات منوية أن ينجبوا ذريةً لها علاقةٌ بيولوجيةٌ بهم، كما سيمكّن الزوجين أيضًا الذين يكون أحدهما مصدر خطرٍ لنقل مرضٍ وراثيٍّ خطيرٍ من أن ينجبوا دون التعرض لهذا الخطر[20].

وإذا كانت هذه التقنية تمثل تقدمًا علميًا هائلاً يمكّن البعض من تحقيق سعادتهم وأمانيهم عن طريق الإنجاب، وكذلك عن طريق تلافي نقل بعض الأمراض الوراثية إلى ذريتهم المستنسخة، فإن هناك العديد من الباحثين من يعتبرها نتاج الغطرسة العلمية[21]، فهي تقنيةٌ تفتقد إلى مبرراتٍ شرعيةٍ لوجودها. كما أنَّها تخلف العديد من المخاطر الجسيمة، إذ إنها ستخلف نسخًا طبق الأصل من البشر، ما يلغي واحدة من أهم الخصائص التي خص بها الخالق سبحانه وتعإلىالمادة الوراثية وهي المقدرة على إحداث التباين بين الأفراد، ليصبح كلّ فردٍ مميزًا من بين كافة البشر، وإلا لما كان للحياة معنى. ولنا أن نتخيل كيف يكون شكل الحياة لو أنَّ الله خلق كل البشر نسخا طبق الأصل من بعضهم. كما حذر البعض من حدوث تسرب كائناتٍ خطيرةٍ «ميكروبات أو فيروسات» من أحد معامل الهندسة الوراثية، فإن أحدًا لن يستطيع محاصرتها أو إيقافها، أو من استخدامها في تقنية الهندسة الوراثية في الحروب[22].

كما أن الاستنساخ سيخلق شكلًا من أشكال اللامساواة بين الفرد النسيخ والفرد العادي، فإذا حدث وكان الفرد النسيخ أكثر ذكاءً وعبقريةً من الإنسان العادي، فإنه سيحتل مكانةً مميّزةً في كل شيءٍ –في المدرسة والجامعة والعمل- وهو ما يعني أن الآباء الأغنياء سيحاولون بفضل المال الحصول على أطفالٍ لم يكن بمقدورهم إنجابهم في الظروف العادية، وهذه الإمكانية لا تتحقق لباقي الآباء الفقراء. كما سيؤدي هذا إلى وجود شركاتٍ خاصةٍ لصنع الأفراد المستنسخين. وما يدرينا ألا يكون هؤلاء المستنسخون على شاكلة هتلر أو موسوليني.

 فإذا كان من حق البعض أن يكون لديه أولادٌ، فيمكنه تحقيق ذلك من خلال الإخصاب الصناعي داخل الرحم أو خارجه، وإن كنا نضع في اعتبارنا أيضًا بعض المخاطر الاجتماعية والأخلاقية والدينية والقانونية التي نراها في ذلك، لكننا نعتقد أنها أقل وطأة من عواقب الاستنساخ[23].

 فالاستنساخ بنوعيه مرفوضٌ أخلاقيًا سواءً أكان الاستنساخ العلاجي أم الاستنساخ التكاثري؛ وإن كان البعض يريد تبرير الاستنساخ العلاجي بحجة أنه يستخدم لإنتاج أعضاءٍ تستخدم لأغراضٍ علاجيةٍ بديلةٍ حينما يصاب العضو الأصلي، فهذا بلا شكٍّ يفتح الباب على مصراعيه للاتجار بالبشر ولا يقل خطورة عن النوع الثاني وهو الاستنساخ التكاثري الذي يسعى إلى خلق نسخ طبق الأصل من البشر، وهو ما اتفق على رفضه الغالبية العظمى من البشر، لكنه مادام مطروحًا فسيأتي من البشر تحت الاغراءات المادية والمعنوية من يقوم باستنساخ البشر، وهو الأمر الذي حدا بكثيرٍ من الأنظمة التشريعية في العديد من البلدان إلى أن تسن القوانين التي تحد وتنظم القيام بأبحاث الهندسة الوراثية حتى لا تحول الإنسان إلى مجرد شيءٍ وتهدر كرامته وإنسانيته، وبذلك تهدئ من روع البشرية وقلقها.

خاتمة:

وهكذا لم تحقق التقنية الحديثة وتدخلها في حياة الإنسان ذلك الفردوس الأرضي المزعوم الذي تمثل في مزاعمَ شتّى أهمها: تطويل العمر البشري، وإقصاء الأمراض والآلام، والتخلص نهائيًّا من أمراض الشيخوخة أو إبعاد الموت، أو تقوية الإحساس بالسعادة... بل إن أرض الواقع باتت تشهد كوارثَ شتّى، حيث انتهت هذه التقنيات إلى تبرير القتل وتمني الموت وتفضيله على الحياة، بل كانت أهم هذه الكوارث انتهاك قدسية الإنسان ومعاملته على أنه مجرد شيءٍ أو موضوعٍ من الموضوعات التي يمكن أن تُعرض للتجربة، واختزال الإنسان إلى مجرد عينةٍ. وتم التلاعب بجيناته الوراثية حتى أصبح من الممكن أن يعاد تشكيل هذه الجينات وفقًا لتصميماتٍ تكنولوجيةٍ معينةٍ من أجل إيجاد كائنٍ بشريٍّ بصفاتٍ محددةٍ سلفًا، لينقلب الإنسان الصانع على نفسه ويهيئ له أن  يقوم بدور الإله الخالق... على الرغم من أن الخالق أبدع هذا الكون على غير مثالٍ سبق ووضع كل شيءٍ في أحسن تقويمٍ له...أمّا الإنسان عندما تدخّل في الكون عن طريق التقنية أساء إلى كلّ شيءٍ، فعندما تَدَخَّلَ في الطبيعة محاولًا إخضاعها له من أجل إرضاء احتياجاته الضرورية وغير الضرورية، وظن أنه أصبح قادرًا عليها، وأنها أصبحت طوع يمينه وملكه، فاجأته الطبيعة بردّها على عدوانه الإنساني، وتنبأ كثير من علماء الأيكولوجيا أن الطبيعة سوف تحسم الصراع لصالحها، وسوف تسحق هذا الكائن المتطفل الذي عبث بنظامها وسبب خللًا به. الأمر ذاته عندما استخدم التقنية ضد بني جنسه من البشر، فاخترع القنابل النووية والهيدروجينية والذرية التي فتكت بملايين البشر بل مازالت تحمل التهديد المستمر في دمار الكوكب بكلّ ما فيه وما عليه. كذلك كان سوء استخدام التقنية في علوم الحياة البشرية ما أدى إلى انتهاك قدسيتها وإهدار كرامة الإنسان، لتتحول وعودها بتحقيق فردوسٍ أرضيٍّ إلى كابوسٍ مرعبٍ. خلاصة القول أن التقنية كانت أداةَ الشر، بل أكثر من ذلك فهي أداةٌ للشر غير المحدود سواءً  أستُخدمت مع الطبيعة أو مع البشر الآخرين أو في الحياة الإنسانية نفسها.

ولذلك يجب ألّا تخدعنا نتائج الخطوة الأولى من التقنية التي تحمل لنا نتائجَ إيجابيًٍ فوريةً، لكنها في الخطوات التالية تفلت من السيطرة البشرية وتبدأ في معاقبة البشر الذين يقفون أمام ويلاتها مذعورين عاجزين.

----------------------------------
[1]*ـ  أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة المساعد بآداب بني سويف، جمهورية مصر العربية
[2]- ناهدة البقصمي، الهندسة الوراثية والأخلاق، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والعلوم والآداب، يونيو/ حزيران 1993، ص 111-116.
[3]- إيمانويل كانط، تأسيس ميتافيزيقا الأخلاق، ترجمة عبدالغفار مكاوي، مراجعة عبد الرحمن بدوي، القاهرة، الدار القومية للطباعة والنشر، 1965، ص81.
[4]- المرجع السابق، ص 73.
[5]- هيغل، أصول فلسفة الحق، المجلد الأول، ترجمة إمام عبد الفتاح إمام، بيروت، دار التنوير، الطبعة الثانية، 1983، ص146.
[6]- فرانسيس فوكوياما، مستقبلنا بعد البشري- عواقب ثورة التقنية الحيوية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الطبعة الأولى، 2006، ص 190.
[7]- ناهدة البقصمي، الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 119.
[8]- ناهدة البقصمي، الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 170.
[9]- المرجع السابق، ص 171
[10]- ويقصد بتجميد الأجنة وضعها في ثلاجات أو غرف كيمائية صغيرة تستخدم مادة النيتروجين السائل لتبريدها في درجة حرارة 200 تحت الصفر، قصد إيقاف نموها، وعندما يريد الأطباء الاستفادة منها  يرفعون درجة حرارتها تدريجيًا فتعود لها الحياة مرة أخرى في مدة 12 ساعة ثم يعاد زرعها في الرحم.
[11]- جمال غريسي، المبادئ التي تحكم عملية التلقيح الاصطناعي والإشكالات التي يثيرها في الشريعة الإسلامية وقانون الأسرة الجزائري، معهد العلوم الإسلامية، جامعة الوادي، الجزائر، أعمال الملتقى الدولي الثاني «المستجدات الفقهية في أحكام الأسرة»، 24-25 أكتوبر، 2018، ص 406.
[12]- عمر بوفتاس، البيوإتيقا- الأخلاقيات الجديدة في مواجهة تجاوزات البيوتكنولوجيا، الدار البيضاء، دار إفريقيا الشرق، 2011، ص38.
[13]- المرجع السابق ص 36-37.
[14]- المرجع السابق، ص 31.
[15]- ناهدة البقصمي، الهندسة الوراثية والأخلاق، ص 50.
وانظر أيضًا: Lewis, M.A:” Law and Ethics in the Medical Office” F.A Davis Company, Philadelphia, 1983, p.117.                                                                              
[16]- عبدالرازق الدواي، حول إشكالية ميلاد مفهوم جديد، مقالة بكتاب « المفاهيم تكونها وسيرورتها» منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 87، ص 27.
[17]- مختار بسيوني، أخلاقيات المهنة – القتل بدافع الرحمة بين الأخلاق والدين، القاهرة، وكالة الشرق الأوسط للطباعة والنشر، 2002، ص 27.
[18]- فرنسيس فوكوياما، نهاية الإنسان- عواقب الثورة البيوتكنولوجية، ترجمة أحمد مستجير،القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003، ص123.
[19]- مختار الظواهري، مقدمة كتاب: ناهدة البقصمي، الهندسة الوراثية والأخلاق، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ص 17.
[20]- مارتسي نسبوم، كاس. ر. سانشتين: استنساخ الإنسان: الحقائق والأوهام، ترجمة مصطفى إبراهيم، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2003، ص 144، 145.
[21]- Hans Jonas, Ethics and Biogenetic Art, in Social Research, Vol.52. No.3, 1985, p. 491.                                                                                
وانظر أيضًا: وجدي خيري نسيم، الفلسفة وقضايا البيئة- أخلاق المسئولية (هانز يوناس نموذجا)، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة، 2009، ص128.
[22]- مختار الظواهري: مرجع سابق، ص 18.
[23]- وجدي خيري نسيم، مرجع سابق، ص 128-129.