البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

النسويّة الإيكولوجيّة.. مسعىً نقديٌّ لتظهير مبانيها ومعاثرها

الباحث :  مصطفى النشار
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  16
السنة :  السنة الرابعة - صيف 2019 م / 1440 هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 30 / 2019
عدد زيارات البحث :  2108
تحميل  ( 376.189 KB )
تتناول هذه الدراسة وجهاً مخصوصاً من أوجه النقاش المحتدم حول قضية المرأة. الباحث المصري البروفسور مصطفى النشار يمضي إلى الاهتمام بتيار النسوية الإيكولوجية، ويسعى إلى مراجعته وتفكيك مبانيه المعرفية والظروف التي أفضت إلى ولادته في الغرب الأوروبي والأميركي.
في الشطر النقدي من الدراسة يبيِّن الباحث المعاثر النظرية والتطبيقية للنظرية الأيكولوجية، ولا سيما لجهة سعي الآخذين بها إلى ربطها بالتيارات البيئية والاجتماعية التي نشأت في الغرب في خلال العقود الأخيرة من حقبة ما بعد الحداثة.

المحرر

---------------------------------
لعل الحركة النسوية من أبرز التيارات الفلسفية في الفكر المعاصر. والنسوية بالطبع نسبة إلى النساء وهي تطلق بشكلٍ عامٍّ على مجموعةٍ مختلفةٍ من النظريات الاجتماعية والبيئية والحركات السياسية والفلسفات الأخلاقية التي تحركها دوافعُ متعلقةٌ بالمرأة وقضاياها. ويتفق فلاسفة النسوية (أو الأنثوية) عمومًا سواءً كانوا نساءً أو رجالًا على «أن الهدف النهائي هو القضاء على كلِّ أشكال القهر المتصل بالنوع الجنسي ليسمح المجتمع للجميع نساءً ورجالًا بالنمو والمشاركة في المجتمع بأمان وحرية[1].
إن النسوية تمثل بشكلٍ عامٍّ «كلَّ جهدٍ نظريٍّ أو عمليٍّ يهدف إلى مراجعة واستجواب أو نقد أو تعديل النظام السائد في البنيات الاجتماعية الذى يجعل الرجل هو المركز، هو الإنسان، والمرأة جنسًا ثانيًا أو آخرَ في منزلةٍ أدنى، فتفرض عليها حدودًا وقيودًا، وتمنع عنها إمكاناتٍ للنماء والعطاء، فقط لأنها امرأةٌ، ومن ناحيةٍ أخرى تبخس خبراتٍ وسماتٍ فقط لأنها أنثى، لتبدو الحضارة في شتى مناحيها إنجازًا ذكوريًّا خالصًا يؤكّد ويوطّد سلطة الرجل وتبعية أو هامشية المرأة، وقد بدأت الحركة النسوية في الفكر الغربي منذ القرن التاسع عشر حتى صيغ مصطلح النسوية Feminism لأول مرةٍ عام 1895م ليعبر عن تيارٍ ترفده اتجاهاتٌ عدةٌ ويتشعب إلى فروعٍ عديدةٍ»[2].
وقد تطوّرت هذه الحركة في القرن العشرين وكانت عميدتها الفيلسوفة الفرنسية سيمون دى بوفوار وكتابها «الجنس الثاني» عام 1949م حينما أعلنت فيه أن المرأة لا تولد امرأةً، بل تصبح امرأةً إشارةً إلى الدور الكبير الذى يقوم به المجتمع في صياغة وضعها كأنثى. ومن هنا عُدّت دي بوفوار الأم الكبرى للفلسفة النسوية المعاصرة. وارتبطت النسوية الجديدة الآن بما بعد الحداثة وأصبح منطلقها الأساسي هو نقد ورفض المركزية، مركزية النموذج الذكوري للإنسان التنويري، الحداثي العاقل، الوجه الآخر للمركزية الأوربية ومركزية الحضارة الغربية. وفي تجسيد لمرمى التصويب لديهم اصطنعوا مصطلح «مركز العقل الذكوري» (Pallogocentrism) ليمثل القيم الذكورية المتسيدة المهيمنة على الحضارة، وكانت وسيلة الرجل الأبيض لقهر العالمين وإحداث المصائب والويلات التي تعانى منها الحضارة الإنسانية في أركان العالم الأربعة والتي تتلخص في أن مركزية العقل الذكوري الغربي قد قهرت ثالوث الأطراف؛ قهرت المرأة وقهرت الطبيعة وقهرت شعوب العالم الثالث. ومن هنا خسرت الحضارة الإنسانية والتجربة البشرية خسرانًا كبيرًا، آنَ آوانُ العمل على وقف نزيفه. ومن هذه الزاوية تبدو النسوية الجديدة من أهم تيارات الفكر الغربي المعاصر لأنها فلسفةٌ للمرأة بقدر ما هي فلسفةٌ للبيئة، بقدر ما هي فلسفة لتحرر القوميات[3].

معنى النسوية الإيكولوجية:
ولعلّ ما يعنينا هنا من تيارات الفكر النسوية هذه، ما يطلق عليه في فلسفة البيئة المعاصرة، الإيكولوجيا النسوية، وكما أنه ليس ثمة نسويةٌ واحدةٌ عمومًا، فليس ثمة نسويةٌ إيكولوجيّةٌ واحدةٌ لأن مصطلح النسوية الإيكولوجية يعد مظلةً تغطى تنوعًا من المواقف التي تمتد جذورها إلى نظرياتٍ وممارساتٍ نسويةٍ مختلفةٍ وأحيانًا متنافسةٍ، إنها تعكس إدراكاتٍ مختلفةً لطبيعة المشكلات البيئية المعاصرة وحلولها. وعلى الرغم من هذه المواقف المتنوعة والمختلفة فإن ثمة اتفاقًا بين النسويين الإيكولوجيين على ثلاث مبادئَ رئيسةٍ هي:
- إنّ ثمة ارتباطًا دالًّا على الهيمنات غير المبررة على النساء وعلى الآخر البشرى عمومًا كالمهمّشين والمستغَلين والمسيطَر عليهم، وكذلك على غير البشر من الحيوانات والنباتات والطبيعة.
- إنّ فهم الترابطات بين النساء- الآخر البشري- والطبيعة شأنٌ مهمٌّ بالنسبة إلى كلٍّ من النسوية والمذهب البيئي والفلسفة البيئية.
- إن المشروع المركزي للنسوية الإيكولوجية يتمثل في إلغاء بنيات الهيمنة غير المبررة وإحلال بنياتٍ وممارساتٍ عادلةٍ حقًّا محلّها[4].
إن النسوية الإيكولوجية ترتبط، بل وتستند على ذلك الاتحاد القديم بين النساء والطبيعة أو بين الطبيعة والنساء، وقد عبّرت عن هذا الاتحاد القديم حركتان اجتماعيتان حديثتان رصدتهما كارولين ميرشانت[5]؛ هما حركة تحرير النساء التي رمز إلى انطلاقها كتاب بيتي فريدان[6] المثير للجدل Feminine Mystique عام 1963م. والحركة البيئية التي نشأت تدريجيًّا في عقد الستينات وشدّت الانتباه في احتفالات يوم الأرض عام 1975م، لقد كان المشترك بين الحركتين هو منظور المساواة، حيث نضال النساء حتى يحررن أنفسهن من القيود الثقافية والاقتصادية التي أبقتهن في منزلةٍ ثانويةٍ بالنسبة إلى الرجال في المجتمع الأمريكي. وقد شدّد البيئيون منهن من خلال هذا على التحذير من العواقب الوخيمة غير القابلة للمراجعة الناتجة عن الاستغلال البيئي المستمر. إن النسوية الأيكولوجية تعيد إلى الأذهان مرةً أخرى تلك الهوية القديمة للطبيعة كأمٍّ حاضنةٍ، وتربط تاريخ النساء مع تاريخ البيئة والتغير البيئي؛ فالأرض الأنثى كانت فكرةً محوريةً في الكوزمولوجيا العضوية التي قوضتها الثورة العلمية وثقافة السوق في بواكير أوروبا الحديثة. وقد أيقظت الحركة البيئية من جديد الاهتمام بالقيم والمفاهيم المرتبطة تاريخيًّا بالعالم العضوى ما قبل الحديث؛ فلقد كان محوريًّا في النظرية العضوية التماهي بين الطبيعة وعلى الأخص الأرض والأم الحاضنة، الأنثى اللطيفة المعطاء التي تلبى حاجات النوع البشرى في كونٍ منظّمٍ ومخطّطٍ.. ومع تقدّم الثورة العلمية الحديثة في مكننة وعقلنة النظرة إلى العالم بدأت صورة الأرض كأمٍّ حاضنةٍ تتلاشى تدريجيًّا، لقد جرى منذئذٍ تقويض الذهنية ذات التوجّه العضوي التي لعبت الأنثى فيها دورًا مهمًّا وأبدلت بالذهنية ذات التوجه الآلي التي إما حذفت المبادئ الأنثوية أو استخدمتها بأسلوب استغلالى حتى غدت الثقافة الغربية آليةً على نحوٍ متزايدٍ في القرن السابع عشر فقهرت الأرض- الأنثى وروح الأرض العذراء بواسطة الآلة.
لقد كانت الطريقة العلمية الجديدة، المتوافقة مع التقنية الآلية التي بدأت مع "أورغانون" فرنسيس بيكون، و"مقالٌ عن المنهج" لديكارت وما حدث بعدهما من تطوراتٍ علميةٍ وممارساتٍ فعليةٍ وراء هذه السيطرة البشرية ذات النزعة الذكورية على الطبيعة وقهرها.
وتعد النسوية الإيكولوجية في واقع الحال محاولة للعودة إلى الأصل، العودة إلى إيقاظ الذهنية الخاصة بالاتحاد بين الطبيعة والأنثى بقدر الإمكان، وذلك عبر معارضة النظرية المضادة، نظرية استعباد الطبيعة والنساء، من ثم فقد ارتبطت في الحركة النسوية الحديثة الدعوة إلى المحافظة على الطبيعة مع حركة تحرر النساء؛ إذ تشكّلت الحركة النسوية القوية التي بدأت في عام 1842 في الولايات المتحدة الأمريكية والداعية إلى حق النساء في الاقتراع، مع الحركة النسوية الداعية إلى الحفاظ على الطبيعة التي تأسست من المنظمات النسوية التابعة لاتحاد النوادي النسوية عام 1890، وكلتاهما دعت وألحت على إصدار التشريعات الحاضة على المحافظة على نظافة البيئة ونظافة الماء والهواء، إن الأرض العليلة بل و «الميتة والمتعفنة» يمكن في الأمد الطويل استرداد صحتها فقط عن طرق عكس مجرى التيار الرئيسي للقيم والسياسات لتصبح في النهاية سياسات تتبنى أساليب اجتماعية جديدة تعزز نوعية البيئة وتحافظ عليها وتعود إلى أساليب الحياة البسيطة وتستخدم التقنيات اللينة» غير الملوثة. إن الإيكولوجيا النسوية إذاً دعوةٌ إلى التوزيع المستقبلي للطاقة والموارد بين المجتمعات وفق مبدأ التكامل بين الكائنات البشرية والمنظومات البيئية الأخرى[7].
وإذا ما أردنا أن نعرف متى استخدم مصطلح النسوية الإيكولوجية تحديدًا، فإن ذلك قد حدث على يد فرانسواز دوبون[8] عام 1974 حينما أرادت أن تلفت الانتباه إلى إمكان أن تحدث النساء ثورةً إيكولوجيةً، وأشارت حينئذٍ إلى موقفٍ فحواه أنّ ثمة ارتباطاتٍ مهمةً تاريخيةً وتجريبيةً، رمزيةً ونظريةً بين الهيمنة على النساء والهيمنة على الطبيعة، وأن فهم هذه الارتباطات يمثل أمرًا جوهريًّا لكلٍّ من النسوية والأخلاق البيئية[9]. ومهما يكن الأمر فإن النسوية الأيكولوجية تُعدّ حركةً لإنهاء الجور الجنسي حيث تتضمّن إلغاء كل العوامل التي تسهم في الهيمنة أو الإخضاع المنهجي المتواصل المسلط على النساء. وتكون التقنية نسوية عندما تسهم بطريقةٍ ما في فهم الجور الواقع على النساء؛ فالمساواة في الأجر والعمل وإنتاج الغذاء جميعها قضايا نسويةٌ حينما وكلما كان فهمها يسهم في فهم الاستغلال المستمر للنساء أو استعبادهن. وكذلك فإن نقل المياه والبحث عن حطب الوقود قضايا نسوية حيثما كانت وكلما كانت مسؤولية النساء عن هذه المهام تسهم في حرمانهن من المشاركة الكاملة في اتخاذ القرار أو من إنتاج الدخل أو من المراتب العليا التي يشغلها الرجال. ومن هنا فإن قضايا التدهور البيئي والاستغلال البيئي قضايا نسويةٌ لأن فهمها يسهم في فهم الجور الواقع على النساء[10]. إن النسوية الأيكولوجية تقوم على مقاومة الجور سواءً الجور القائم على التمييز الجنسي بين الرجال والنساء أو مقاومة الجور القائم على التمييز ضد الطبيعة.

أسس الإيكولوجيا النسوية:
تقوم الإيكولوجيا النسوية على أساسين يرتبطان ليشكلا الالتزام الأساسي للأخلاق النسوية عمومًا وما ينسحب منها على الأخلاق البيئية:
أولهما: نقد التحيز الذكوري ورفض المنظور الغربي للتنمية باعتباره منظورًا ذكوريًّا متحيزًا.
وثانيهما: تطوير أخلاقٍ غيرِ متحيزةٍ ذكوريًّا وفق مبادئَ أنثويةٍ محددةٍ تلتحم بالطبيعة وتنتقد كلّ ما هو طبيعي.
ويستند هذان الأساسان على مسألةٍ ضروريةٍ أدركتها الحركة النسوية منذ بدايتها وحتى تطوراتها المعاصرة وهي التلقّي والإنصات إلى الطبيعة والذى عبّرت عنه خير تعبير ليندا شيفرد[11] في كتابها «أنثوية العلم» حينما تقول: إن التلقي واحدٌ من خصائص الطراز البدائي للأنثوية. وإن هذا التلقي الأنثوي يهب العلم انفتاحًا على الإنصات للطبيعة والاستجابة لها في ما يشبه الحوار أو التشارك مع الطبيعة[12]. إن إهمال هذا الإنصات للطبيعة والاستجابة لها هو ما سبب ويسبب الكثير من الكوارث العلمية؛ خذ مثلا ما قاله أحد العلماء عن أنه عادةً ما تدخل المعطيات المأخوذة من الطبيعة إلى الآلات والأجهزة الحاسوبية ولا تراها عين الإنسان، وضرب مثلًا على ذلك بقوله: كيف أعاق «العلم الجسيم» سبيل اكتشاف ثقب الأوزون. فلقد أُنفقت أموالٌ طائلةٌ على قياسات القمر الصناعي والبالون والطائرة ونماذجَ كمبيوتريةٍ باهظةِ الثمن للجزء الأعلى من الغلاف الجوي (الاستراتو سفير) تحسن معها إلى حدٍّ بعيدٍ فهمنا للغلاف الجوي. وللأسف كان مبرمجو الكمبيوتر على يقين من أنهم عرفوا كل ما يخص الاستراتو سفير حتى برمجوا أجهزة القمر الصناعي بحيث ترفض المعطيات التي تختلف جوهريا عن نموذج التنبؤات. طالعت الأجهزة ثقب الأوزون ولكن أولئك المسؤولين عن التجربة تجاهلوه قائلين بانفعال «لا تزعجنا بوقائع نموذجنا يعرف أفضل» وخلال بعثة في الأنتركتيكا رأى ثقب الأوزون ملاحظان وحيدان استعملا أداةً رخيصةَ الثمن عتيقة الطراز[13].
وهكذا ثمة أمثلةٌ كثيرةٌ على عدم الإنصات إلى الطبيعة والجري وراء التأكيد على افتراضاتنا ونتائجنا الخاطئة، والخلاصة أن النسوية والأنثوية تدعونا باستمرارٍ إلى «الإنصات العميق للطبيعة لأن هذا «يدفع العلم إلى مراجعة توصيفاته العميقة»[14]. إنها دعوةٌ من «أصدقاء الكون» للتواصل المتبادل والاعتماد المتبادل حتى نعيد مباراة العلم من كسب/ خسارة إلى كسب/ كسب[15].
إن الإنصات إلى الطبيعة يعني عند النسويين بالضرورة مراجعة أسس التنمية الذكورية الغربية المبنية - في نظر فاندانا شيفا-[16] على افتراضاتٍ زائفةٍ ومنحازةٍ ذكوريًّا مثل: أن الطبيعة غير منتجةٍ، أن الزراعة العضوية القائمة على دورات التجدد في الطبيعة تعني العوز والفقر، وأن المجتمعات النسوية والقبلية الفلاحية الملتصقة بالطبيعة غيرُ منتجةٍ أيضًا ليس لأنه ثبت أنهم بتعاونهم ينتجون بضائعَ وخدماتٍ أقلَّ لسدّ الحاجات، بل بموجب الزعم بأنّ الإنتاج هو ما يتمّ بتوسط تقنيات الإنتاج السلعي حتى لو أن هذه التقنيات تدمر الحياة»[17].
ولعل السؤال الآن: إذا ما أنصتنا مع دعاة النسوية إلى الطبيعة ووافقنا معهم على رفض المنظور الذكوري التمييزي الغربي للتنمية فما هي يا ترى المبادئ الأخلاقية والأيكولوجية التي تميز فلسفتهم الأخلاقية عمومًا وفلسفتهم البيئية بوجهٍ خاصٍّ؟!
لقد حاولت كارين ج وارين[18] حصر المبادئ العامة للأخلاق النسوية بداية في ما أسمته الشروط الجدية لأخلاق النسوية وهي ثمانية شروطٍ[19]:
أولاً: إنّ الأخلاق النسوية تهدف إلى إلغاء التمييز والتحيز الجنسي، وبما أن التمييز الجنسي يرتبط مفهوميًّا وعمليًّا بالعنصرية والطبقية والتمييز ضد الطبيعة، فإن الأخلاق النسوية لا بدّ أن تكون ضد هذه التمييزات ومعارضة لأيِّ نزعةٍ تمييزيّةٍ تفترض مسبقًا منطق الهيمنة أو تعزّزه.
ثانيًا: الأخلاق النسوية أخلاق سياقية، والأخلاق السياقية هي تلك التي ترى الخطاب والممارسة الأخلاقيين ناجمين عن أصوات الناس الموجودين في ظروفٍ تاريخيةٍ مختلفةٍ، إنها تقوم على نموذجٍ من أصواتٍ مختلفةٍ لأناسٍ موجودين في ظروفٍ مختلفةٍ. ومن هنا فعندما تكون الأخلاق السياقية نسويةً فهي إذاً تلك الأخلاق التي تولي مكانةً محوريةً لأصوات النساء.
ثالثًا: إنّها تولي أهميةً محوريةً لتنوع أصوات النساء، إذ إنّها ترفض الافتراض المسبق بوجود «صوتٍ واحدٍ» يتحكم في تعيين القيم الأخلاقية والاعتقادات والمواقف السلوكية، ومن ثم فهي تعدّ أخلاقًا تعدديةً بنيويًّا وليست واحديةً أو اختزاليةً.
رابعًا: أنها تعد أخلاقًا قيد التشكّل ومن ثم فهي ربما تتغيّر عبر الزمن وإن كانت ككل النظريات الأخلاقية تستند إلى بعض التعميمات، وهذه التعميمات تعنى هي الأخرى بإدراك وتقدير الأصوات المختلفة المنبثقة عن الحالات الأخلاقية المختلفة الناتجة عن مجموعةٍ من الظروف الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية بما في ذلك ظروف العرق والطبقة والسن والتوجه العاطفي.
خامسًا: وبما أن الأخلاق النسوية سياقيةٌ، وتعدديةٌ بنيويةٌ، وقيد التشكّل، فإنها تكفل تنوّع أصوات النساء وتساعد على تقليل التحيز التجريبي إلى الحد الأدنى مثل التحيز الناتج عن التعميمات الخاطئة أو الزائفة القائمة على القولبة وعلى عددٍ ضئيلٍ من الأمثلة أو على أمثلةٍ مشوهةٍ.
سادسًا: إن الأخلاق النسوية لا تقوم بأيّ محاولةٍ لتقديم وجهة نظرٍ «موضوعيةٍ» لأنها تفترض أنه في الثقافة المعاصرة لا توجد مثل هذه الموضوعية، ودعوتها إلى عدم التحيز لا تعنى الدعوة إلى الموضوعية أو الحيادية، لكنها تفترض العكس حيث إنّها يمكن أن تتحيز تحيُّزًا أفضلَ منحازة إلى أصوات أشخاصٍ مضطهدين وهذا يعنى أنها تفضل في هذه الحالة التحيز على الحيادية حتى لا تستبعد تلك الأصوات.
سابعًا: توفر الأخلاق النسوية مكانةً محوريةً لقيمٍ كانت نمطيًّا غيرَ ملحوظةٍ أو مهملةً أو محرفةً في الأخلاق التقليدية كقيمة الرعاية والحب والصداقة والثقة والملاءمة. وهذا لا يعني الاستبعاد التام لاعتبارات الحقوق أو القواعد أو المنفعة.
ثامنًا: تتضمن الأخلاق النسوية إعادة تعقُّلِ الماهية البشرية والهدف الذى من أجله ينخرط البشر في اتخاذ القرار الأخلاقي، فهي ترفض على سبيل المثال تحديد ماهية البشرى أو الطبيعة البشرية بشكلٍ مستقلٍّ عن أيِّ سياقٍ تاريخيٍّ فأدقُّ فهمٍ لكلّ ما هو بشريٌّ يختص بالطبيعة البشرية ومن ثم للسلوك البشرى يكون جوهريًّا من خلال شبكة العلاقات التاريخية والملموسة.
وتنسحب هذه الشروط الثمانية للأخلاق النسوية على نظرة الحركة النسوية لفلسفة البيئة. ومن ثم فإن خصائص النسوية الإيكولوجية هي الأخرى لدى كارين ج وارين ثمانيةٌ منبثقةٌ عن هذه الشروط والخصائص العامة للأخلاق النسوية وهي كالتالي[20]:
أولاً: النسوية الإيكولوجية تعارض في جوهرها التمييز ضدّ الطبيعة، ومن ثم فهي ترفض أيَّ أسلوبٍ في التفكير أو السلوك إزاء الطبيعة غير البشرية يعكس منطق الهيمنة وقيمها ومواقفها.
ثانيًا: إن النسوية الإيكولوجية أخلاقٌ سياقيةٌ بمعنى أنها تستبعد المفهوم التقليدي للأخلاق على أنها قواعدُ وحقوقٌ أو مبادئُ محددةٌ سلفًا لصالح مفهومٍ جديدٍ للأخلاق يقوم على النظر إلى العلاقات بين الكائنات المختلفة في سياقاتها المتعددة. إذ إنه بالنسبة إلى النسوي الإيكولوجي يكون الاهتمام المحوري «هو ما يكونه الفاعل الخُلُقي في علاقته مع الآخر لا مجرد أنّ الفاعل الخلقي هو فاعلٌ خلقيٌّ أو أنه ملزمٌ من قبل الحقوق أو الواجبات أو الفضيلة أو المنفعة بالسلوك بطريقةٍ معينةٍ».
ثالثًا: النسوية الإيكولوجية تعدديّةٌ بنيويًّا بما أنها تفترض مسبقًا الاختلاف وتحافظ عليه سواءً كان اختلافًا بين البشر بعضهم البعض، أو بينهم وبين عناصر الطبيعة الأخرى، فالبشر يعدون أعضاءً في مجتمعٍ إيكولوجيٍّ من بعض الوجوه ومختلفين عنه من وجوهٍ أخرى، ومن ثم فإنّ انتباه النسوية الإيكولوجية إلى العلاقات والمجتمع لا يُعدّ محوًا للاختلاف، بل هو إقرارٌ به.
رابعًا: تعيد النسوية الإيكولوجية فهم النظرية بما هي نظريةٌ قيد التشكّل، إذ تركّز على نماذجَ المعنى التي تنبثق من رواية القصص وسرديات صيغة المتكلم لدى النساء والآخرين اللواتي يستنكرن الهيمنة المزدوجة على النساء والطبيعة.
خامسًا: النسوية الإيكولوجية تنشأ من أصوات النساء اللواتي يختبرن الهيمنة المؤذية على الطبيعة والطريقة التي ترتبط بها تلك الهيمنة بالهيمنة عليهن كنساء. ومن ثم فهي تنتقد المقاربات التقليدية للأخلاق البيئية بما هي أخلاقٌ بورجوزايةٌ تخصّ العرق الأبيض وتخفق في التعامل مع القضايا الإيكولوجية التي تخص كل البيئات البشرية وغير البشرية.
سادسًا: النسوية الإيكولوجية وبما هي كذلك لا تبذل أيّ محاولةٍ لتقديم وجهة نظرٍ موضوعيةٍ، فهي إيكولوجيا اجتماعيةٌ تُدرك أنّ الهيمنة المزدوجة على النساء والطبيعة هي مشكلةٌ اجتماعيةٌ تضرب بجذورها في الظروف الملموسة جدًّا التاريخية والاجتماعية والاقتصادية وكذلك في الأطر الجائرة التي تحافظ على هذه الظروف وتقرها.
سابعًا: تُولي النسوية الإيكولوجية مكانةً محوريةً لقيم الرعاية والحب والصداقة والثقة، والعلاقات المتبادلة التي تعني أن علاقتنا مع الآخرين محوريةٌ لفهم من نكون.
ثامنًا: تتضمن الإيكولوجيا النسوية إعادةَ فهمٍ لما يعنيه كوننا بشرًا ونتائج ذلك على السلوك الأخلاقى. ومن هنا تنكر النسوية الإيكولوجية الفردانية المجردة وتؤكد على أهمية السياقات التاريخية والاجتماعية والعلاقات التي نكون كبشر طرفا فيها بما في ذلك علاقتنا مع الطبيعة غير البشرية لأنها تلعب دورًا جوهريًّا في صياغة ما هو بشريٌّ.
والخلاصة أن النسوية الإيكولوجية تقدم إطارًا لأخلاقٍ نسويةٍ وبيئيةٍ متميزةٍ حيث تنبثق من الارتباط الملموس الذى تُنْظر له بين الهيمنة على النساء والهيمنة على الطبيعة، وباعتبارها أخلاقًا سياقيّةً تُعيد النسوية الإيكولوجية توجيه الأخلاق البيئية لتركز على ما تعنيه الطبيعة خلقيًّا للبشر وعلى كيفية العلاقة بين البشر والآخرين سواءً كانوا من البشر أو من غير البشر. وليس أدل على هذا المعنى التي تدعو إليها النسوية الإيكولوجية من هذه القصة التي رواها شيخ إحدى القبائل الهندية عن ابنه البالغ من العمر سبع سنواتٍ حينما أرسله ليعيش مع جديه في إحدى المحميات الطبيعية ليتعلم منهما «الأساليب الهندية». ومن ضمن ما علّمه الجدان للابن، علماه كيفية اصطياد ذوات الأربع فقالا له:
«أطلق السهم على أخيك ذي الأربع في ناصيته الخلفية بحيث تبطئه ولا تقتله. ثم خذ رأسه بيديك وانظر في عينيه، ففي العينين تكون المعاناة كلها، انظر إلى عيني أخيك واشعر بألمه، بعدها خذ سكينك واذبح ذا الأربع أسفل ذقنه، في عنقه بحيث يموت بسرعةٍ. وبينما تقوم بذلك اسأل أخاك ذا الأربع أن يسامحك لما فعلته. أقم أيضًا صلاة الشكر لقريبك ذي الأربع لأنه قدم جسده لك للتو لتأكل عندما تحتاج الطعام وتلبس حيث تحتاج الكساء. وعِدْ ذا الأربع بأنك سوف تدفن جسدك في الأرض عندما تموت ليصبح غذاء للأرض وللزهور الشقيقة لك وللوعل أخيك. فمن اللائق أنك سوف تُصلّي مبارِكًا ذا الأربع. وبدورك وفى الوقت المناسب ترد له التحية بجسدك بهذه الطريقة، فقد منحك ذو الأربع حياته كي تبقى..»[21].
إن هذه القصة السردية تبدو فيها قوة الأخلاق البيئية ذات التوجه النسوي؛ فهي محملةٌ بقيمٍ ومواقفَ علائقيّةٍ كالرعاية والتفهم المحب والتبادلية الملائمة..إلخ.
ولعل في هذه القصة أيضًا ما يكشف عن الارتباط بين الأخلاق والنسوية الإيكولوجية وبين ما يُسمى بأخلاق الرعاية أو العناية، تلك الأخلاق التي ترفض المعايير المعتادة في تبني وتفسير المشكلات الأخلاقية، وتقدم تصوّرًا جديدًا بحثًا عن صورٍ أكثر جدوى لتوجيه حياتنا الأخلاقية بما يضمن التعاون والرعاية والعناية لمن يحتاجونها، رافضةً قيم العنف والسيطرة، إنها الأخلاق التي تتميز بتركيزها على العلاقات بين الأفراد والاعتناء بعضهم بالبعض[22].
وقد بدت أخلاق العناية ذات التوجه النسوي بوضوحٍ في كتاب كارول جليغان [23]C. Gilligan «بصوت مختلف» (In different voice 1982) التي أكدت فيه أنه يمكن إدراك صوتٍ مختلفٍ عند كثير من البنات والنساء في تفسير وتأويل المشكلات الأخلاقية حيث إنهن يركّزن اهتمامهن على السياقات التاريخية والعلاقات الواقعية بين الأشخاص. وقد تفاعل الفلاسفة النسويون مع هذه الرؤية لعالمة النفس الأمريكية حيث إنّه يتجاوب مع عدم رضائهن عن النظريات الأخلاقية السائدة.[24] وهذا التجاوب يكشف بالطبع عن أخلاق العناية والرعاية يمكن أن تنسحب من عالم البشر والعلاقات الاجتماعية في ما بينهم والاهتمام بطفلهم ومريضهم وكل من يحتاج للرعاية والعناية من بينهم، إلى عالم غير البشر بل وإلى الطبيعة ذاتها إذ إنها هي الأخرى تحتاج لنظرةٍ فيها المزيد من العناية والرعاية وبالتقليل من القهر والاستغلال السيّئ.. إلخ.

نقد النسوية الإيكولوجية:
إنّ الإيكولوجيا النسوية تتقاطع هنا مع دعاة أخلاق الرعاية والعناية وكذلك مع دعاة الإيكولوجيا الاجتماعية. ومع ذلك فإن أقسى انتقاداتٍ وجهت للنسوية الإيكولوجية كانت من قِبل اثنين من أعلام الإيكولوجيا الاجتماعية هما موراي بوكتشين[25] وجانيت بيهل[26]؛ فقد رفضت الأخيرة النسوية الإيكولوجية تقريبًا واعتبرتها «شكلًا من اللاعقلانية غيرَ جديرةٍ بالانتباه الجدّي، فجميع النسويين الأيكولوجيين تقريباً يمجّدون المرأة كآخر إلى جانب الطبيعة غير البشرية وذلك بتضخيمٍ فجٍّ لأفكار سيمون دي بوفوار في عرضها الحاذق للموضوع،[27] وترى بيهل أنه «بدلًا من العمل على الاستعاضة عن فضائل دولة المدينة بتلك العائدة إلى الأويكوس Oikos (وهى اللفظة الأغريقية التي اشتقت منها لفظة إيكولوجي) التي اضطهدتهن تاريخيًّا (وذلك وفق ما يظنه النسويون الإيكولوجيون)، ينبغي على النساء في الحركات البيئية الانغماس في العلم السياسي كجزءٍ من سياسةٍ تحرريةٍ حقه والمطالبة بالمواطنية لأنفسهن، ينبغي عليهن في الأمد الطويل الخروج من الأويكوس- سواءً بالمعنى الحرفي الذى يشير إلى منزل الأسرة أو بالمعنى المجازى الذى يشير إلى قيم النساء، والعمل على توسيع المجال الكامل لقدراتهن البشرية[28].
كما تنتقد بيهل أيضًا مفهوم الرعاية النسوي قائلةً أنه يمكن توسيعه من نطاقه المحدّد المناسب الذى تراه شاملًا العلاقات الشخصية الحميمة إلى المجال الأوسع للأخلاق الاجتماعية والسياسية.
وقد اتهم بيهل وموراي بوكتشين معًا النسويين الإيكولوجيين بأنهم أضعفوا الذات واختزلوها إلى الذات المتلقية المنفعلة القابلة للتلاعب بها، وأكّدا على أن الذات الفردية «المزيفة» الذكورية للمواطن، وكذلك الرعاية بمضامينها المسهبة العاطفية والشخصية جدًا ستتحولان عبر المداولة والمناظرة في الجمعية إلى نواة فكرة المواطنية، ومن وجهة نظرهما لا مناص طبقًا لذلك من طرد الرعاية خارج مجال القيم السياسية العقلانية المتسقة ذات المعنى[29].
وبكلمات بيهل الخاصة فإن «عاطفة الرعاية ليست شيئًا يمكن للمرء منحه بشكلٍ أصيلٍ إلى الناس كافةً، كما لا يمكن للرعاية كعاطفةٍ أن تعمّم وتعدّ أساسًا للتنظيم الاجتماعي خارج الجماعات الصغيرة الخاصة بالمرء استنادًا إلى القرابة»[30]، ومن ثم فإنه بالنسبة لها فكرة الرعاية بالنسبة للنظام الاجتماعي العام أو السياسي تبدو فكرةً مضحكةً تمامًا؛ إذ إن نوع الرعاية الذى تشعر به الأم أو الأب إزاء الطفل لا يمكن تعميمه، بصرف النظر عن التغاضي- في ما يتعلق بفلسفة البيئة- عما إذا كان المرء يفكر كالجبل أو يسمح لنفسه بأن يكون شجرةً»[31].
وتستخلص بيهل من ذلك أن مصطلح النسوية الإيكولوجية قد أصبح مشوبًا باللاعقلانية وأنها لا تستطيع أن تعتبره مشروعًا واعدًا؛ إذ يصعب بناء حركةٍ استنادًا إلى مجازاتٍ مرفوضةٍ وعلى أفكارٍ مشوشةٍ لا يمكن صياغتها في أسلوبٍ متسقٍ[32].
والحقيقة أنه يمكن من وجهة نظر النسوية الإيكولوجية ومناصريها القول ـ على حد تعبير جون كلارك[33]، أن المنظرين النسويين الإيكولوجيين قد تفادوا نظريًّا هذه اللاعقلانية التي تشير إليها بيهل، بل إنهم قد قدموا أفكارًا جوهريةً هامةً في المجالات ذاتها التي تكون فيها أفكار الإيكولوجيين الاجتماعيين مثل بوكتشين وبيهل شاحبةً جدًّا[34].
وبوجهٍ عامٍّ فإنّ النسوية الإيكولوجية قد قدمت لنا السبب الوجيه الموجب لأن نتوجّه بآمالنا إلى عالم الحياة والثقافة الكثيف والملغز والمعقد الذى يعيش الناس فيه، لا إلى مجرد عالَمٍ أثيريٍّ لإيدولوجيا سياسيةٍ مثاليةٍ. إن السياسة النسوية الإيكولوجية في الرعاية تعيننا على الاحتفاظ بمثلنا لصيقة بمادية الحرية، كما تتجسد في التفاعلات الواقعية بين الكائنات البشرية الحية والمجتمعات الحية والأرض الحية[35].

خاتمة نقدية:
والحقيقة أنه بصرف النظر عن الجدل الدائر بين أعلام النسوية الإيكولوجية ونُقَّادها من أنصار المذاهب البيئية الأخرى فإنّ ثمة مشكلاتٍ حقيقيةً تعوق الحلول التي تقدمها كل هذه المذاهب البيئية للمشكلات البيئية على الصعيدين النظري والعملي لعل أهمها ما يلى:
صعوبة جعل أيّ واحدٍ من هذه المذاهب البيئية إيديولوجيا عالميةً للحل؛ فالقيود التي تكبّل الدول النامية والتدخلات من قبل الدول المتقدمة قد سلبت الدول النامية فرصة اللحاق بركب التقدم الغربي حيث تطورت الدول الغربية بالصناعات الكبيرة وباستنزاف الموارد المحدودة والتلوث..إلخ. وهى ممارسات تسعى الدول الغربية الآن إلى إنكارها على الدول الساعية للتقدم. والغرب الصناعي مثله مثل العالم النامي غير مهيّأٍ لأخذ الأولويات البيئية في الاعتبار حيث إنّ ذلك يعني بالنسبة له التخلي عن الرخاء الذى ينعم به بوصفه أكبرَ مستهلك للطاقة والموارد[36].
عدم قدرة العلم المعاصر على الإسهام الحقيقي في إيجاد حلولٍ للأزمات البيئية المتلاحقة والمتفاقمة، وفي ذلك يقول هانزيوناس: من الخطأ توقّع المعجزات بواسطة الإيمان الخرافي في القدرة الكلية للعلم حيث يسود التوقّع بأنّ نوعًا جديدًا تمامًا لمصادر الطاقة سوف يتم اكتشافه.. فليست هناك نهايةٌ للمفاجآت التي نرحب بها للتقدم. والسؤال بأنّ واحدةً من هذه المفاجآت سوف تخرجنا من المأزق في الوقت المناسب»[37]، فكم كثرت الوعود العلمية بحلول لمشكلات سببها التقدم العلمي ولم نر منها على أرض الواقع ما يؤكد أنها كانت وعودًا حقيقيةً! فكم من أمراضٍ استجدت على بني البشر والعجم نتيجة التدهور البيئي واستخدام الكيماويات والأسمدة والأسلحة الفتاكة، ولا يزال البشر يعانون منها ومن آثارها المدمرة دون أن يجد العلم والتقدم التقني لها حلولًا ناجعةً!!
كثرة الاستخدام السياسي للمشكلات البيئية لا تسهم حقيقةً في حل مشكلاتها، وعلى سبيل المثال فإنّ ما يُسمّى بالمذهب الأخضر الذي تتبناه أحزاب الخضر في بعض دول العالم ما هو في حقيقته إلا بدعةٌ حضريةٌ في مرحلة ما بعد الحركة الصناعية، وهو ما يعنى أن الوعى البيئي ما هو إلا رد فعل مؤقت للتقدم الصناعي، ويميل إلى الاقتصار على الشباب والأغنياء الذين يملكون ترف الاحتجاج. والأمر يتوقف عادةً مع هؤلاء عند الاحتجاج دون تحقيق نصرٍ حقيقيٍّ لهم على أرض الواقع حول البيئة!
إن الرؤية البيئية صعبة التحقيق في الواقع لأنها تتضمن تضحياتٍ لا يريد الكثيرون تقديمها ويفضلون عليها مصالحهم العاجلة؛ فالبيئة الحقيقية أكثر راديكاليةً من الاشتراكية والفاشية والحركة النسوية أو أيّ اعتقادٍ سياسيٍّ آخرَ، فهذا المذهب لا يقتصر على المطالبة بتحول النظام الاقتصادي أو إعادة تنظيم العلاقات بين السلطات داخل النظام السياسي فحسب، بل لا يرضى بأقل من إقامة نمطٍ جديدٍ للوجود أي أسلوبٍ جديدٍ مختلفٍ في تجربة الوجود وفهمه، والأكثر من ذلك أن نظرياته وقيمه وأحاسيسه تتعارض مع تلك الخاصة بالمجتمعات التي يهيمن عليها التقدم الصناعي[38].
وبالطبع فإن اختلاف وجهات النظر السياسية تبعًا للنظام السياسي السائد تجعل من الصعب الاتفاق على آليةٍ محددةٍ لحلّ المشكلات البيئية، فإذا كان البعض يرى أننا بالديمقراطية نستطيع إقناع الناس وأخذ موافقتهم على الحلول المقترحة عبر برامجَ سياسيّةٍ واقتصاديّةٍ يوافقون عليها ومن ثم يصوتون لمن يتبناها وينفذها، فإن آخرين يرون العكس تمامًا؛ انظر إلى ما يقول يوناس هنا إذ يرى «أن الديمقراطية لن تقودنا إلى شيءٍ في هذا الموقف»[39] نظراً لأن الديمقراطية تقدم على تنفيذ رأي أغلبية المحكومين وبوصف هؤلاء بشرًا فهم يبحثون دائمًا عن منافعهم الخاصة، وعلى الرغم من أن هذا مردودٌ عليه بالقول بأنه يمكن لهؤلاء المحكومين أن يختاروا ويتبنوا سياسات الأحزاب البيئية الداعية إلى اخضرار البيئة والمدافعة عن حقوق الكائنات غير البشرية.. إلخ، فإن يوناس يعلن بكل بساطة تأييده لقيام نظم حكم ديكتاتورية باعتبارها الأقدر على انتشالنا من براثن المخاطر البيئية، ومن هنا يناصر فكرة الحكومات الأبوية التي بإمكانها أن تفرض نوعًا من الوصاية على المحكومين ومن ثم فهي قادرةٌ على توجيه أفعالهم، وتستطيع بالتالي مواجهة التحديات البيئية عبر التكنوقراط المتخصصين وتعهدها بحل هذه المشكلات البيئية وبأنها قادرةٌ على مواجهتها. وبالطبع فإن هذا الرأى ليوناس يقودنا إلى إقراره نوعًا من الفاشية الإيكولوجية على اعتبار أنه يرى أن شكلًا من أشكال الديكتاتورية يمكن أن يقودنا إلى تجاوز الأزمات الناتجة عن فرط استخدامنا للتكنولوجيا على أساس أن «مثل هذا الطغيان- على حدّ تعبيره- يمكن أن يكون أفضل من الدمار الكلي، ولذا فهو «يوافق عليه أخلاقيًّا باعتباره بديلًا». وكأننا هنا مع يوناس كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ فهو باسم الحفاظ على البيئة من الدمار يسلم الناس إلى حكوماتٍ ديكتاتوريةٍ قد تبدأ فعليًّا بمواجهةٍ شاملةٍ للمشكلات البيئية عبر استنادها لخبراء متخصصين في ذلك، لكن ما الضامن لأن تتحول من ديكتاتورية مواجهة المشكلات البيئية إلى الاستبداد السياسي والاحتكار الاقتصادي. ولا شك- في اعتقادي- بأن الاستمتاع بالحرية في ظل التعايش مع مشكلاتٍ بيئيةٍ ربما يكون أفضلَ كثيرًا من المعاناة البشرية في ظلّ الاستبداد السياسي وحكم الطغيان!
وبعيدًا عن كل هذه الرؤى والمناقشات شديدة الأهمية التي تحاول التغلب على المشكلات البيئية المعاصرة فإنني أرى أنّ ثمة رؤيةً وسطيةً بين المذاهب البيئية الغربية المختلفة ماثلةً في الدين الإسلامي والفقه الإسلامي وهي رؤيةٌ جديرةٌ بالنظر بحيث يمكن أن يستفيد منها كل المهتمين ويمكن أن ينبثق عنها فلسفةٌ بيئيةٌ وسطيةٌ يسهل أن تتحول إلى تلك السياسات والخطط الإستراتيجية الكفيلة بالقضاء على الكثير من المشكلات البيئية. وقد أجمل أحد الباحثين الخطوط العريضة لهذه الرؤية القرآنية - الإسلامية في عدة نقاطٍ أهمها[40]:
إنّ الرؤية الكلية للنظرية البيئية في العقيدة الإسلامية ترى في الإنسان سيدًا في الكون ومستخلَفًا فيه، ومع ذلك فهي لا تميل إلى المركزية البشرية التي يستنزف فيها الإنسان الطبيعة، ولا هي كذلك تمثل مركزية للطبيعة بحيث تساوى بين الإنسان والمادة والإنسان والحيوان وتتجاهل خالق الكون ورسالة البشر وأمانتهم المسؤولة في الدنيا والآخرة.
إنّ الاستدامة في الأخلاقيات البيئية موجودةٌ في الفقه الإسلامي وهى تدخل في إطار نظرية المقاصد في العدل كمقصد وحفظ المال ومراتب هذا الحفظ من حفظ بقاءٍ لحفظ أداءٍ لحفظ نماءٍ، والقيم الأخلاقية لا تقتصر في الشريعة الإسلامية على المسؤولية تجاه الأجيال الحاضرة والمستقبلية، بل المسؤولة أمام الله بالأساس عن الموارد والكائنات منذ التوجيه النبوي بعدم الإسراف في الماء ولو بغرض الوضوء، مرورًا بالرحمة الواجبة بالحيوانات، فالتواصل مع كلّ مكوّنات الكون النباتية بل والجمادات التي يؤمن الإنسان المسلم بأنها تُسبّحُ لله. ويحكم الإنسان في كلِّ موقفٍ ميزان الضرر والنفع في الحال والمآل، والأمة توفر لسياسات البيئة التمويل اللازم عبر الأوقاف وتضمن الالتزام بالقواعد والنظم والقانون وتهتم أكثر من ذلك بإدماج هذه الأمور في السلوكيات والآداب اليومية العبادية الفردية والجماعية.
في مقابل الرؤية الإيدولوجية لفلسفة البيئة وأخلاقياتها كدائرةٍ حيويةٍ، يجعلها الإسلام أمانةً في عنق الإنسان ويتعامل معها بمنطق العمارة في الأرض. ولنلاحظ هنا أن الإنسان المسلم ينبغي أن يحمل قيمًا ربانيةً ويستوي في حملها الرجال والنساء؛ فليست المرأة أقرب للطبيعة من الرجل- كما يدعى النسويون الإيكولوجيون- ولا هو أكثر إفسادًا للطبيعة من النساء، بل إنّ المعيار هنا للتقوى والالتزام بالعدل والقسط والرحمة وكلّها صفاتٌ للمؤمن سواءً كان رجلًا أو امرأةً، إذ ليست هذه الصفات، صفاتٍ نسويةً، بل هي صفاتٌ عامةٌ ينبغي أن يتحلى بها كلّ المؤمنين بالإسلام دينًا وشريعةً.
وبالطبع ينبغي أن نميّز هنا بين الإسلام والمسلمين؛ فالإسلام كما أقول دائمًا أرقى وأسمى مما يقدمه كثير من المسلمين هذه الأيام. فإذا كان ما سبق هو رؤية الإسلام وخريطته الفقهية المتأسسة على عقيدة التوحيد لله الذى خلق الإنسان وسائله عنها يوم القيامة، فإن الواقع هو أن المسلمين المعاصرين وخاصة تلك التيارات الإسلامية على الساحة لم تستنبط هذه المقاصد المرتبطة بالبيئة ولم تقدم لها صياغةً عصريةً تأسيسًا على هذا التراث الفقهي الغنيّ بل انصرفت لرؤيةٍ مركزيةٍ للدولة وبالتالي همشت قضايا البيئة على الرغم من أنها من أولويات المشروع الحضاري الإسلامي إذا ما أراد المسلمون التأثير حقًّا في الواقع البيئي المعاصر إقليميًّا ودوليًّا.
إن التعاليم الإسلامية قد حدّدت للإنسان المؤمن بالإسلام منهجًا محددًا يتسم بالعلمية والتكامل في ذات الوقت للتعامل مع مكونات البيئة الطبيعية، وهذا المنهج يبدأ بالحضّ على الانتفاع بالبيئة ماديًّا وروحيًّا بحيث لا يجور الأول على الثاني فيكون العداء والمغالبة، ولا يجور فيه الثاني على الأول فيكون الانزواء، وإنما ينخرط في الدورة البيئية الكبرى ملتزمًا بما قدر له فيها من مهمةٍ في الحياة وملتزمًا أيضًا بما قدر له منها من مقدراتٍ تمكنه من أداء تلك المهمة. وهذا المنهج يكتمل حينما يدعو الإنسان إلى الرفق بالبيئة خلال انتفاعه بها، رفقًا يجعله ملتزمًا بصيانة مقدراتها، وذلك بتنميتها أولا، وبحفظها من التلف والتلوث ثانيًا، كما يلتزم ثالثًا بالاقتصاد في استهلاك مواردها المتجددة والناضبة على حدٍّ سواءٍ.
إن هذه الفلسفة البيئية الإسلامية تتكامل فيها الرؤية الثقافية العامة لحقيقة البيئة وعلاقتها بالإنسان وعلاقة الإنسان بها، مع الفقه البيئي العملي في بيان كيفية التعامل الفعلي مع البيئة. وهذا التكامل بين النظر والعمل في الفلسفة البيئية الإسلامية بهذا التوجه الوسطى ليس إطارًا مجردًا، بل كان هو حال صانعي الحضارة الإسلامية في عصرها الزاهي وهو حصاد تجربةٍ عاشها المسلمون بالفعل على أرض الواقع. فأين نحن المسلمين المعاصرين من هذه الرؤية التي اقترن فيها النظر بالعمل، وارتبط فيها القول بالفعل، أين نحن من كل ذلك؟ وأين فلاسفة البيئة المعاصرين من هذه الرؤية الإسلامية؟ ولِمَ لا يستفيدون منها؟! أسئلةٌ حائرةٌ تبحث عن إجاباتٍ ربما تتكشف في الأيام والسنين القادمة. فقضايا البيئة المعاصرة لا يمكن التعامل معها بهذا التطرف السائد سواءً من جهة اليمين أو من جهة اليسار، بل ينبغي أن يكون بهذه الطريقة الوسطية التي لا تلغى تميز الإنسان ولا تتجنب بالتالي حقوق الكائنات الأخرى وحق الأرض والطبيعة.

------------------------------------
[1]*ـ باحثٌ وأستاذٌ في الفلسفة الحديثة ـ جامعة القاهرة ـ جمهورية مصر العربية.
- راجع مادة أنثوية بالموسوعة الحرة (ويكيبيديا) Wikipedia.org/wiki
[2]- د. يمنى الخولي: تصدير ترجمتها العربية لكتاب: لينداجين شيفرد، أنثوية العلم- العلم من منظور الفلسفة النسوية، سلسلة عالم المعرفة (306)، الكويت 2004م، ص11.
[3]- نفس المصدر، ص13 - 14.
[4]- كارين ج. وارين: مقدمة للنسوية الأيكولوجية، ضمن كتاب: مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية، الترجمة العربية لمعين شفيق رومية، الجزء الثاني- سلسلة عالم المعرفة (333)، الكويت 2006م، ص10- 11.
[5]- كارولين ميرشانت Karolyn Merchant ولدت في نيويورك عام 1936م، وهى أستاذة الفلسفة البيئية والتاريخ البيئي والأخلاق البيئية في قسم الحفاظ ودراسات الموارد البيئية في جامعة كاليفورنيا، أصدرت العديد من المؤلفات النسوية الأيكولوجية منها:
1- The Death of Nature: Women Ecology and the Scientific Revolution (1980).
2- Ecological Revolution.
[ انظر: wikipedia.org/wiki/Carolyn-merchant. ]
[6]- بيتي فريدان Bety Fredan هي كاتبة أمريكية ناشطة في مجال الحركة النسوية، ولدت في 2 فبراير 1921 وتوفت في 4 فبراير 2006م، ويؤرخ لها كرائدة للموجة الثانية من النسوية الأمريكية في القرن العشرين من خلال كتابها:
The Feminine Mystique (1963)
 وقد أسست وانتخبت كأول رئيسية للمنظمة القومية للمرأة عام 1966م، التي استهدفت العمل على المساواة والمشاركة بين المرأة والرجل في كل شيء في الولايات المتحدة الأمريكية. [ انظر: Wikipedia.org/wiki/Betty friedan ]
[7]- انظر: كارولين ميرشانت: موت الطبيعة، ضمن كتاب: مايكل زيمرمان، الفلسفة البيئية، الجزء الثاني، سبق الإشارة إليه، ص33- 50.
[8]- فرانسوا دوبون Francoise d’eaubonne: فيلسوفة فرنسية ولدت بباريس 21 مارس 1920م وتوفيت في 3 أغسطس 2005م، وهي تنتمى للحركة النسوية الفرنسية وهي صاحبة مصطلح الإيكولوجيا النسوية Ecofeminism عام 1974م، وقد كتبت حوالى 50 عملا منها الكثير من الروايات والمقالات ودواوين الشعر.
[9]- كارين ج. وارين: قوة ووعد النسوية الأيكولوجية، ضمن نفس الكتاب السابق لزيمرمان، ص95.
[10]- نفس المصدر، ص96.
[11]- د. ليندا جين شيفرد Linda Jean Shepherd عالمةٌ أمريكيةٌ معاصرةٌ، حاصلةٌ على الدكتوراه في الكيمياء الحيوية من جامعة بنسلفانيا ستيت. عملت كباحثة وعالمة ومديرة بحوث في قطاع أبحاث الرعاية الصحية لصناعات التكنولوجيا الحيوية، وقد درست علم نفس كارل يونج على مدى خمسة عشر عاما قبل أن توظفه في دراستها لفلسفة العلم النسوية. وقد انتقلت إلى مدينة سياتل بولاية واشنطن وقد منحتها حكومة الولاية جائزة عن كتابها أنثوية العلم الصادر 1993. ولها أيضًا كتاب الأنفاس الحلوة للنباتات.
راجع: كتاب «أثنوية العلم» الترجمة العربية ليمنى الخولي، ص395].
[12]- د. ليندا جين شيفرد، أنثوية العلم- العلم من منظور الفلسفة النسوية، ترجمة د. يمنى الخولي، سلسلة عالم المعرفة (306)، الكويت 2004م، ص111.
[13]- نفس المصدر، ص118- 119.
[14]- نفس المصدر، ص123.
[15]- نفس المصدر، ص251.
[16]- فاندانا شيفا Vandana Shiva ولدت بالهند في 5 نوفمبر 1952 وهي عالمةٌ وأكاديميةٌ وباحثةٌ وناشطةٌ بارزةٌ حصلت على دكتوراه الفلسفة من جامعة غرب أونتاريا بكندا. وهى تعمل مديرة مؤسسة البحث حول العلم والتقنية والأيكولوجيا في ديهران بالهند. وهى من المنتقدين بشدة للزراعة متعددة الجنسية والتقنيات الإنتاجية والتنمية. ولها عدة مؤلفات أبرزها:
الحصاد المسروق: اختطاف الإمدادات الغذائية العالمية -
Stolen Harvest: The Hijacking of the Global Food Supply (2000)
عنف الثورة الخضراء
- The Violence the Green Revolution (1992)
القرصنة البيولوجية: نهب الطبيعة والمعرفة: Biopiracy: The Plunder of Nature and Knowledge
حروب المياه والخصخصة والتلوث والريح:
 Water Wars; Privation pollution and proft (2002)
البقاء على قيد الحياة Staying ALive
صنع السلام مع الأرض
 Marking peace with the Earth (2013)
انظر: Wikipedia.org/wiki/vandana Shiva
[17]- نقلاً عن: كارين وارين، مقدمة النسوية الإيكولوجية، ضمن كتاب مايكل زيمرمان، الفلسفة البيئية (2)، ص15.
[18]- كارين ج وارين Karen J. Warren فيلسوفة أمريكية ولدت في 10 سبتمبر 1947م وهى متخصصة في الفلسفة الغربية، وتعمل أستاذة في كلية ماك أليستر في سانت بول منيسوتا وقد بدأ اهتمامها الأكاديمي بالأخلاق البيئية منذ السبعينات من القرن العشرين عندما أنجـزت = = بحثها للدكتوراه عن المنزلة القانونية للمصنوعات الطبيعية غير البشرية. وقد شاركت في تحرير خمسة كتب في فلسفة النسوية الأيكولوجية والأخلاق البيئية ودراسات السلام. وقد نشرت خمسين مقالة في قضايا الأخلاق النسوية الأيكولوجية والفكر النقدي.
انظر: Wikipedia.org/wiki/Karen J.Warren
وأيضًا: مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية، الترجمة العربية، الجزء الثاني، ص357.
[19]- انظر هذه الشروط الجديدة للأخلاق النسوية في: كارين ج. وارين: قوة وقواعد النسوية الإيكولوجية، ضمن كتاب مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية، سبق الإشارة إليه (ج2)، ص110- 112.
[20]-  انظر هذه الشروط الجديدة للأخلاق النسوية في: كارين ج. وارين: قوة وقواعد النسوية الإيكولوجية، ضمن كتاب مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية، سبق الإشارة إليه (ج2)، ص113- 117.
[21]-  انظر هذه الشروط الجديدة للأخلاق النسوية في: كارين ج. وارين: قوة وقواعد النسوية الإيكولوجية، ضمن كتاب مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية، سبق الإشارة إليه (ج2)، ص117- 118.
[22]- انظر: فيرجينا هيلد: أخلاق العناية، ترجمة د. ميشيل حنا متياس، سلسلة عالم المعرفة (356)، الكويت 2008م، ص7- 8.
[23]- كارول جيلغان Carol Gillgan: من أعلام الحركة النسوية الأخلاقية الأمريكية وهي عالمةُ نفس شهيرةٌ. ولدت في 28 نوفمبر 1936م في مدينة نيويورك، وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة هارفارد عام 1964م في علم النفس الاجتماعي. وقد اشتهرت بكتابها “بصوت مختلف In a different voice الذى صدر عام 1982م. وتعتبر مؤسسة ما يسمى بالنسوية المختلفة. وهي أستاذةٌ بجامعة نيويورك وأستاذةٌ زائرةٌ في جامعة كبمردج ولها عدة مؤلفاتٍ أخرى في علم النفس والنسوية.
[ انظر: wikipedia.org/wiki/carol Gillian. ]
[24]- المصدر نفسه، ص40- 41.
[25]- موراي بوكتشين Murray Bookchin هو كاتبٌ وفيلسوفٌ أمريكيٌّ لا سلطويٌّ ولد في نيويورك من عائلةٍ روسيةٍ يهوديةٍ في 14 كانون الثاني 1920 وتوفي في 30 تموز 2006م، له حوالى 24 كتابا في الفلسفة والسياسة والتاريخ والتنبؤ والقضايا المدنية، والفلسفة الطبية. وهو مؤسس مشارك ومدير فخري لمعهد الإيكولوجيا الاجتماعية، ومن أهم مؤلفاته:
من التمدن إلى المدن أو نهوض التمدن وسقوط المواطنة.
The Rise of Urbanization and the Decline of Citizenship.
اللاسلطوية الاجتماعية أو اللاسلطوية الحياتية.
نحو الإيكولوجيا الاجتماعية .Toward and Ecological Society
إيكولوجيا الحرية. The Ecology of Freedom
فلسفة الإيكولوجيا الاجتماعية The Philosophy of Social Ecology
إعادة صناعة المجتمع Remaking Society
[ انظر: موراي بوكتشين Wikipedia.org/wiki وأيضًا: كتاب زيمرمان: الفلسفة البيئية، الترجمة العربية، الجزء الثاني، ص358 ].
[26]- جانيت بيهل Janet Biehl هي إحدى فيلسوفات البيئة الأمريكية، اشتهرت بالاهتمام والكتابة في الإيكولوجيا الاجتماعية، ولدت عام 1953م، وقد قدمت بعض أعمالها بالاشتراك مع موراي بوكتشين، أما أهم مؤلفاتها الخاصة فهي:
وجدنا طريقنا: إعادة التفكير في الأيكولوجيا النسوية السياسية.
Finding our way: Rethinking Ecofeminist politics (1991)
الفاشية البيئية - دروس من التجربة الألمانية.
Ecofascism: Lessons from the German experience (1996).
 سياسات الإيكولوجيا الاجتماعية. The politics of social ecology (1997)
[27]- Janet Biehl, Rethinking Ecofeminist Politics, Boston: South end Press, 1991, P. 15.
 نقلا عن: زيمرمان: الفلسفة البيئية- الجزء الثاني، ص268- 269.
[28]- انظر: Ibid, P. 154
 نقلاً عن نفس المرجع السابق، ص269.
[29]- انظر: Ibid, P. 148
 نقلا عن نفس المرجع، ص270.
[30]-Ibid, P. 148
 نقلاً عن: نفس المرجع السابق.
[31]-Ibid, P. 148
 نقلاً عن: نفس المرجع السابق.
[32]- جون كلارك: قضية الحرية: دروس نسويةٌ إيكولوجيةٌ للإيكولجيا الاجتماعية، ضمن كتاب مايكل زيمرمان: الفلسفة البيئية- الجزء الثاني- الترجمة العربية، ص270.
[33]- جون كلارك Johan Clark أستاذ الفلسفة في جامعة ليولا- نيو أورليانز، ويرأس حاليا برنامج مركز الدراسات البيئية، وقد نشط لمدةٍ طويلةٍ في الحركات الخضراء والحركة الإقليمية الحيوية ومن كتبه:
The Anarchist moment: reflection an culture, Nature, and power.
Liberty, Ecology, Geography: The Social Thought of Elisse Reculus.
انظر: مايكل زيمرمان، الفلسفة البيئية، الجزء الثاني من الترجمة العربية، ص358.
[34]- نفس المصدر، ص270.
[35]- نفس المصدر، ص282.
[36]- عصام محمد عبد الشافى: البيئة وأخلاقياتها بين الشرائع السماوية والتيارات الفلسفية، الشبكة العربية العالمية www. global arab network. 2011، ص12.
[37]- Hans Jonas, The Imperative of responsibility in search of an ethics for the technological age, P. 121.
نقلا عن: وجدى خيرى نسيم، الفلسفة وقضايا البيئة، سبق الإشارة إليه، ص262.
[38]- عصام محمد عبدالشافى، نفس المرجع السابق، ص12.
[39]- نقلا عن: وجدى خيرى نسيم، الفلسفة وقضايا البيئة، سبق الإشارة إليه، ص252.
[40]- عصام محمد عبد الشافي، نفس المرجع السابق، ص13 - 14.