البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نقد المبنى التكويني للموجود الأنكلوسكسوني، المبنى الأميركي نموذجاً

الباحث :  عبد العالي العبدوني
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  1
السنة :  السنة الاولى - خريف 2015 م / 1436 هـ
تاريخ إضافة البحث :  September / 20 / 2015
عدد زيارات البحث :  1197
تحميل  ( 184.728 KB )
نقد المبنى التكويني للموجود الأنكلوسكسوني
المبنى الأميركي نموذجاً

عبد العالي العبدوني
[1]

تحاول هذه الورقة إجراء مقاربة أنطولوجية لـ «التغوّل الأميركي» في العالم، ومساءلة ثقافته وسياساته في العمق من دون كثير احتكاك بالشواهد. ذلك لأن ثبوتية وضعه ـ كما يقول الكاتب ـ تعفي من كثرة الاستدلالات. يؤكد الكاتب على أن معضلة العقلية الأمبراطورية عند الأنكلوسكسون البيض الأميركيين قائمة على عدم رؤية أيّ تنوع في العالم إلا في إطار الاستتباع القهري لموجودها التاريخي.
تتضمن هذه الورقة للباحث والحقوقي المغربي عبد العالي العبدوني معاينات فلسفية تاريخية لأبرز المحطّات الكبرى التي سرت فيها الأطروحة الأميركية منذ تأسيسها قبل خمسة قرون وإلى أيامنا هذه.
«المحرر»

تقوم العقلية الأميركية على الارتهان إلى رؤية «السامري الشهم». وهي التسمية التي أطلقها الصحافي الأميركي هنري لوس خلال الأربعينات من القرن المنصرم. وكان لوس يقصد من ذلك حث الأميركيين على «السعي لإظهار صورة أميركا كقوة عالمية وكمركز دينامي لمجالات متسعة دوما من المبادرات والمشاريع. وكـ «محطة توليد» لمُثُل الحرية والعدالة» [2].
مثل هذا التصور ليس وليد الخمسين سنة الأخيرة، بل هو يتصل وعقلية الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، وهو يعكس ذلك الهجاس لامتلاك إمبراطورية من نوع آخر؛ فمعضلة العقلية الإمبراطورية اذن، هي أنها لا ترى تنوعا إلا في إطار الاستتباع.
هكذا تصور يتداخل مع مفهوم المصلحة الوطنية للدولة كما نوه إلى ذلك المفكر أليكسندر ونت، التي حددها في أربع: البقاء المادي، والاستقلالية، والرفاه الاقتصادي، والاعتداد بالنفس الجماعي، بعد أن أضاف الركن الرابع لتحديد المصلحة القومية ومتبنيا في الآن نفسه ثلاثية الفقيهين جورج وكيوهان [3].
فالمدرسة البنائية تتأتى أهميتها في أنها لم تكتف كتوجه فقهي بمتابعة الوقائع الخارجية للدول والمنظمات الفوق دولية لوضع نظريات كالواقعية والواقعية الجديدة، بقدر ما رأت في الحراك الدولي ثقافة اجتماعية يتناسب التعاطي معها معرفيّاً، ورفعها إلى بنى فكرية عميقة تسمح بوضع نظريات أصلب.
وإذا ما اكتفينا ببحث صيغة الاعتداد بالنفس كمكون للمصلحة القومية للدولة نجد الفقيه ونت يربط هذه المصلحة «بحاجة الجماعة للإحساس بالرضى عن نفسها، إن من جهة الاحترام أو من جهة المكانة، فالاعتداد بالنفس حاجة بشرية أساسية على مستوى الأفراد كما على مستوى الجماعات» [4].
وهذا المرتفع القيمي ـ أي الاعتداد بالنفس ـ هو مقوم بنيوي يضمن الكرامة وعزة النفس، دونما خنوع لعملية الاستقواء وبالتالي فهو أول ما يتبدى للناظر أمام تعملق الدور الأميركي بوصفه امبراطورية.
فإذا ما اهتز عنصر وركن الإعتداد بالنفس الدولتي فإنه يؤدي إلى ضياع معالم الدولة القوية، ثم لتتحول إلى دولة ضعيفة فاقدة للمشروعية الداخلية، مما يدفع بمصادر القرار إلى التعامل بشكل عنفي وفي إطار انعدام الديموقراطية في مواجهة الاحتجاجات، وربما حتى مشاريع انقسام قد ترتفع في وجه هكذا دول.
فما يصرح به الفقيه هولستي في ما أسماه «معضلة الدولة الضعيفة» يجد مسوغاته النظرية والتطبيقية في واقع أن «الدولة الضعيفة مقحمة في حلقة مفرغة؛ فهي لا تملك الإمكانيات لخلق المشروعية بضمان الأمن وخدمات أخرى، وأنها في محاولة امتلاك القوة، تتبنى سلوكات افتراسية واختلاسية بين القطاعات الإجتماعية، فكل ما تحاول كسبه من القوة يؤدي إلى دوام ضعفها» [5]. لذلك يظل من الخطأ القاتل اعتماد الأركان الثلاثة والتركيز عليها، بمعزل من الركن الرابع لأنه سيؤدي حتما إلى عدم الاستقرار، واهتزاز صورة النظام السياسي في مواجهة شعبه، فضلاً عن انفتاحه كما الطريق السيار أمام التدخلات الخارجية في الشؤون السيادية. وعليه فإن دائرة الفكر الاستراتيجي الغربي تتأسس بالأصالة على سحب معامل الاعتداد بالنفس لدى شعوب بلدان الأطراف.
من هنا يمكن أن نفهم مشروع «القوة الناعمة» الذي طرحه جوزيف ناي وخصوصاً لجهة نزع الحصانة القيمية والفكرية عن العالم لتتيسر عملية «أمركة العالم» فهكذا مشروع لا يقوم إلا بنزع الاعتداد بالنفس عن الآخر موضوع الهيمنة.
الجهد الأميركي من هذا الجانب يقترب من العقل القروسطي الذي طالما سعى كانط إلى محاربته من أجل خلق اتحاد عالمي عادل. لأن «التقسيم» و «العدوان المستمر» فكراً وممارسة هما من أهم نواقض المشروع الكانطي ذاته، والذي لا يقع إلا ضمن خانة «العمل المشين».
مثل هذا السياق الهيمني لا يكون رائيا إلى السلم العالمي بقدر ما يكون ناظراً إلى التمدد الإمبراطوري، انه سياق يحمل في منطقه الداخلي امتثال العالم للتصور الأحادي بدلا من «فعل التواصل» الناظر لتوافقات وتوازنات تشتغل على المشروع السلمي، وخصوصاً أن المجهود العنفي للولايات المتحدة الأميركية يقف في عرض هذا المشروع بطبيعته.
المهم أن الفلسفة السياسية لأميركا كونت تصوراً خاصاً عن نفسها يجعلها تشكل «استثناءاً» من القاعدة الدولية لتعيد النظر في مجمل البنى الفكرية العالمية من أجل تطويعها وفق معتقد «الأرض الموعودة» وحماية المضطهدين في العالم. ان هكذا استثنائية في الوجود يؤدي لا محالة إلى التفرد في اتخاذ القرار بوصف « الفردانية» بأنّها من المكونات الفلسفية الضامنة للاستثناء دون إغفال رغبتها المهجوسة بـ « نشر الخير» GLOBAL MILIORISM في العالم وفق تصوراتها المتأصلة على هذه القواعد الثلاث: الاستثنائية – التفردية – التدخلية [6].

فصام الأطروحة
لم يكن مستغرباً أن تكون الولايات المتحدة الأميركية سيادية في الداخل؛ تدخلية في الخارج [7]،دون أن تحترم باقي السيادات، بمعنى أن منطق التدخلية غير قائم بتاتا على الأقل ممارسة في مجالها السياسي السيادي، لتعود فتنقلب على الخارج بالمنطق التدخلي دون كبير اهتمام للمبنى الفكري السياسي السيادي.
وما كان حملُها لحلم «السلم الأميركي» سوى استلهام للنموذج البريطاني والذي استمد الشعار نفسه من الإمبراطورية الرومانية، مع فارق أساسي أن الأخيرتين رفعتا شعار «السلم» في حدود إمبراطوريتهما.لكن التجربة الانكلوساكسونية الاميركية خطت بخلاف ذلك حيث عملت على فرض هذا الحلم على مجمل دول العالم.مع ذلك يظل شعار السلم العالمي في جميع الأحوال كاذبا وزائفا لأن «الإمبراطوريات عبر التاريخ قلما توقفت عن القيام بعمليات عسكرية على أراضيها، كما أنها كانت بلا ريب تقوم بذلك على حدودها طيلة الوقت [8]»، لذلك يرى روبرت كوبر بأن السلام الأميركي هو «سلام عسكري أكثر منه سلام إمبريالي سلام تحالفات وقواعد بدلا من وكلاء قناصل وحكام» [9].مما يعطي ملاحظة المؤرخ هوبزباوم طابع الدقة إلى أقصى الحدود، في حين يدافع كوبر عن الطرح الإمبراطوري بوصفه الضمانة الأساسية لاستقرار العالم، فقد كان كتابه مرافعة كاملة بهذا الخصوص، حيث أغفل واقعة أن البعد التوسعي العسكري هو احد أهم مصاديق عدم الاستقرار في العالم. هكذا حقيقة لا يمكن لأحد أن يغفل عنها، خصوصا أمام نشوء قوى دولية كبرى جديدة. بمعنى أن المنطق الإمبراطوري الأميركي هو منطق جالبٌ لأزمات أمنية وسياسية في المشهد العالمي بخلاف الأنموذج الإمبراطوري الكلاسيكي. وحتى لا نذهب بعيدا في هذا الموضوع فإننا سنمر إلى مسوغ وجود هذا الهُجاس في الاطروحة الأميركية. وبالطبع، ما كان لهذا الهجاس الإمبراطوري أن يتولد فعلياً في الذهنية السياسية الأميركية إلا لتحقق أربعةتحولات كبرى:
-التحول الأول: هو تسارع العولمة بشكل غير مسبوق ابتداءً من ستينيات القرن المنصرم.
-التحول الثاني: اهتزاز ميزان توازن القوى الدولي على إثر الحرب العالمية الثانية والتي هدمت قوى كثيرة كانت لتقف في وجه المشروع الامبراطوري الأميركي.
- التحول الثالث: اهتزاز مفهوم الدولة / الأمة لعجزها عن حل المشاكل الفوق دولتية،ما أدى إلى تضعضع إسمنت السيادة الوطنية.
- التحول الرابع: فكان النكبات الإنسانية العالمية، والتي يصفها المحللون بالمشاكل العالمية التي تحتاج إلى حلول عالمية. كل هذا جعل المطمح الأميركي يرتفع إلى حلم الإمبراطورية والتي يسعى جاهدا لإقامتها على الأرض [10].
وهذا راجع إلى بنائها الفكري السياسي منذ الآباء الأوائل التي طبعت منشورات «الفيدراليين» حيث إنها قطعت مع مفهوم السيادة الوطنية الحديثة التي انتشرت في أوروبا لتعود إلى المقتضى السيادي «الأصلي» والتي ترجع أيضاً إلى منطق «لا حدود» بوصفها سيادة تتجاوز الجغرافيات الوطنية التقليدية لأنها فضاءات مفتوحة، فضلا عن أنها تحاول إجراء تدبير توافقي لحسم الاختلافات داخل الجغرافيا الوطنية الأميركية، قاهرة لغيرها من التصورات خارج الجغرافيا الوطنية لأن « الحرية صارت سائدة، والسيادة حددت بوصفها ديموقراطية على نحو جذري داخل سيرورة توسع مفتوح ومستمر». [11] ذلك يعني السيادة الوطنية لا تنشأ من بناء فكري فلسفي سياسي تطابقي مع التصور العام بقدر ما تتولد من رحم معتقد حمل مصير العالم، ويرى الى اميركا على انها الأمل الأخير للبشرية جمعاء. هذه الخلفية المعتقدية التي انتشرت في مجمل الكتابات الدستورية هي التي مهدت لظهور الفلسفة النفعية والبراغماتية [12] مما ولد نوعا من الثنائية الخطيرة التي تقوم على ان الفكرة الأميركية سياديّة في الداخل تدخلية في الخارج.

عقدة تدمير البدء الأوروبي
والمعادلة هنا هي على الشكل التالي:
ما دام الفضاء الجواني الأميركي غير قابل للتوسعة والفتح فذلك ما سوف يطابق إلى حد كبير مجمل التدبيرات السيادية العالمية. لكن بمجرد الخروج من الحدود الدولية تنفتح الفضاءات لتصير أوراش استراتيجية للعقلية الأميركية، وما دامت الحدود عند الأنكلوسكسون الأميركيين مجرد عتبات يمكن تجاوزها، تصير باقي السيادات مجرد عقبات يجب نقضها.
وطبعاً تعود هذه الخصيصه التكوينية بالأساس إلى ما أسماه الفيلسوف مارتن هايدغر «عقدة تدمير البدء الأوروبي»، يقول هايدغر: «نحن نعلم اليوم، أن العالم الأنكلوسكسوني للأمركة قد قرر تدمير ( vernichten) أوروبا، وذلك يعني تدمير الوطن، وذلك يعني تدمير البدء الخاص بالعنصر الغربي (den anfang des abendlandischen). إن البدئي (anfangliches) لا يقبل أن يقضى عليه، إن دخول أميركا في هذه الحرب الكوكبية ليس دخولا في التأريخ، بل هو يُعدُّ الفعل الأميركي الأخير للاتاريخية الأميركية وتخريبها لذاتها. وذلك أن هذا الفعل هو رفض لما هو بدئي وقرار من أجل ما لا بدء له (das anfanglose)»ا [13]. فهايدغر لم يقرأ في السلوك التدميري الذي مارسته الولايات المتحدة الأميركية في أوربا إلا هدماً لذاتها لأنها تريد القضاء على البدء، ويمكن أن نحور النقاش إلى ثقافة « قتل الأب» التي اعتبرها فرايزر أصل بداية الحضارات، وهو نفس ما نحا إليه سيغموند فرويد عندما اعتبر أكبر طابو تمر به البشرية هو عملية «قتل الأب» وأكله.
نشير الى الخلاصة التي يقدمها المفكر التونسي فتحي المسكيني في قراءته لمقولة الفيلسوف الألماني فيرى:أن «هايدغر يضع حداً للصورة» الحديثة «لأميركا في المخيال الأوروبي ويرسم صورتها ضد ـ الأوروبية anti-européenne وضد ـ الحديثة anti-moderne. إن أميركا التي «أَوْرَبَتَ» العالم الجديد قد انقلبت فجأة إلى خطر حاسم على الوجود الماهوي لأوروبا، وذلك يعني الخطر على «الوطن» الأصلي للغرب» [14]. فالولايات المتحدة تحولت إلى موجود ميتافيزيقي نقض حق الجغرافيا بإبادته للهنود الحمر، ونقض حق الولادة/ الوطن بتدميره لأوروبا، بوصفها عين البدء، فـ «الأمركة (amerikanismus) ليست صفة جغرافية هنا بل هي «قرار» ميتافيزيقي إزاء موجود يتخذ من «التقنية» بما هي «قشتال» (الإطار) ـ أي بما هي تدبير حسابي يستفز الموجود ويوضِّعه قصد تسخيره واستعماله بلا حدود ـ نمط تأويله لمعنى وجودنا في العالم. ولذلك لا تعني « اللاتاريخية» في ماهية أميركا مجرد فقدانها لتاريخ طويل مثل العالم القديم، بل اللاتاريخية هنا مكانية: إنها تتعلق بالعنصر «البدئي» الذي يؤدي في السؤال عن معنى وجودنا في العالم دور مفهوم «الوطن». إن لا- تاريخية أميركا تعني لا- بدئية ولا-وطنية العالم الذي تقيمه بدلا عن الذي تريد تدميره» [15]. فالجهد الأميركي عند هايدغر ينصب بالأساس على تخريب الذات البدئية بما هي وطن، ورسم سؤال الوجود في العالم بميتافيزيقا حديثة.
لكن الأجدر في هذا المجال هو الذهاب أبعد من ذلك، لأن الإطار الأوروبي قد تواصل في مراحل تأريخية مع الإطار الفكري الإسلامي والآسيوي، مما يمكن أن يدفعنا الى الاستنتاج بأن الجهد الأنكلوساكسوني الأميركي هو نقض للبدء الإنساني برمته.

انانيات المسلكية الوجودية
ـ يجري تعريف القوة عادة، بأنها القدرة على فعل شيء ومنع الآخر من حيازة نفسها. فهي بهذا المعنى تحمل جنبتين إحداهما إيجابية وهي القدرة على فعل شيء تحت الإكراه أو الإقناع أو الجاذبية، والثانية سلبية لأنها تنبني على سلب القدرة نفسها عن الغير.
تصاريف القوة بهذا المنطق هي أعلى مصاديق الأنانية الوجودية، لكنها حقيقة واقعية مثل جميع السلبيات السارية في هذا الوجود الفقري. لذا لا ينبغي ان يستغرب المرء من معاينة حجم الصفاقة التي تملأ كتابات منظري القوة وتركيزهم على علو شأن بلدانهم. منهج التدافع الحضاري يرمي إلى قصم ظهر الخصم من أجل قامة أكثر رفعة للبلد الذي يحمل جنسيته؛ ذلك من مفارقات التعايش الدولي حيث لا يستقيم هكذا تعايش إلا بكسر كرامة البلدان الأخرى. لذا لا نعتقد بجدية ما يتم الحديث عنه حول سلم عالمي، والتعايش الدولي المشترك وغيرها من الاجهزة المعرفية التي ترفع كصيغ للدعاية، فيما تنتصب في مقابلها مفاهيم إرهابية كالتدخل الدولي الإنساني والقتل المستهدف، والحوكمة العالمية الخ...
جوزيف ناي وهو أحد منظّري الاطروحة الاميركية، يعرِّف القوة بأنها «امتلاك كميات كبيرة نسبيا من عناصر كالسكان، والإقليم الجغرافي، والموارد الطبيعية، والقوة الاقتصادية، والقوة العسكرية، والاستقرار السياسي» [16] وهي تتكامل جميعاً لتكفل القدرة على فرض التصور ومنع الآخر من الاقتدار عليك، فهي عملية ثنائية لا تقوم إذا انتقى أحد جانبيها، إلا أنه يعيب على الطرح الصلد للقوة بأنه لا يهتم كثيرا إلى باقي مصاديق القوة والتي أسماها بـ «القوة الناعمة» التي تقوم على معامل الجاذبية الحضارية وإرادة الغير في التقمص، والتي تظل الأقل كلفة في جميع الأحوال من استعمالات القوة العسكرية.
ناي لا يلغي المقدرة العسكرية من المعادلة بقدر ما يريد تطعيمها بالجانب الجذاب في ما أسماه القيم والأخلاق والثقافة الأميركية الانكلوسكسونية. إلا أنه وأمام الانسدادات التطبيقية الكثيرة التي وقفت أمام ناظريه لأنه تيقن بأن العالم يكره الولايات المتحدة ويكره سياستها حتى من قبل من يحسبون على الأصدقاء، طوّع نظريته إلى سقف ثانٍ أسماه «القوة الذكية» التي تجمع بين القوة الصلدة والقوة الناعمة في الحراك الاستراتيجي.
لذا فإن حركيته هي ذات وجهة توسعية بجميع المصاديق حتى بالسلاح، وهي وجهة لا تنظر إلى العالم إلا بوصفه حقلا خصيباً لزرعه. فعندما ننظر بشيء من العمق إلى تصور جوزيف ناي بخصوص القوة الناعمة لا نجدها إلا استكمالا للمشروع الفوكويامي، الذي يصير العالم بحسب منطقه حاملاً لقيمة انكلوسكسونية خالصة.
فجوزيف ناي ينطلق من مقدمة أساسية أو لنقل عقيدة أساسية يعبر عنها قوله التالي: «لعل أميركا أقوى من أي دولة أخرى منذ الإمبراطورية الرومانية، إلا أنها مثل روما ليست قوة لا تقهر، ولا هي عديمة التعرض للعطب والانكشاف..روما لم تخضع لنشوء إمبراطورية أخرى، ولكنها تداعت أمام موجة من هجمات البرابرة. أما الإرهابيون الذين يستخدمون التقنيات الحديثة العليا فهم البرابرة الجدد» [17]. وناي هنا يرى المطابقة في القوة بين الإمبراطوريتين الرومانية والانكلوساكسونية، وهكذا تشبيه ليس ملتصقاً بعنوان القوة كما قد يتبادر إلى الذهن بل هو شبيه معنوي ونفسي أبعد، لأن المطابقة تهم حيثية « الإمبراطورية» بالأساس. و «البربرية» في الأعداء، وهو تصنيف قيمي، يرتكز عليه ناي للدفاع عن نظرية القوة الناعمة التي يراها الأكثر نفعاً لأنها تقلل من تكاليف الإكراه أو الإغراء عن طريق الإغواء.
في المجال النظري ترتكز القوة الناعمة على ثلاثة موارد هي «ثقافته (في الأماكن التي تكون فيها جذابة للآخرين)، وقيمه السياسية (عندما يطبقها بإخلاص في الداخل والخارج)، وسياساته الخارجية «عندما يراها الآخرون مشروعة وذات سلطة معنوية أخلاقية» [18]. وبطبيعة الحال فإن صاحب النظرية يرى في الامبراطورية الأميركية كل مقومات الدولة القادرة على إغواء العالم.والغريب في الأمر أنه بهكذا كلام يكون قد منح مصداقية أكبر ومن الداخل على مصطلح «الشيطان الأكبر».. ذلك بأن سياسة الإغواء واحدة والغائية واحدة وهي حرف المسار الحضاري العالمي التنوعي لصالح «الأمركة».
كنسق فكري نستطيع القول ان صاحب نظرية القوة الناعمة يبحث عن حتميات تسدد فكرته القائمة على الربط التسلسلي من البناء القيمي إلى البناء الحركي إلى البناء الوظيفي، تتكدس كلها تحت مسمى « الإمبراطورية»، والملاحظ على جوزيف ناي أنه لا يهتم بمباني (الثقافة) أو (السياسة الخارجية) أو (القيم السياسية) من حيث هي حاملة للكرامة والتعددية وغيرها من الأبعاد التعايشية في مجتمع متغير ومتعدد، بل لا يرى أهميتها إلا في مصداق تطبيقها بالحذافير، فضلاً عن انه يحاول الهرب من مشروع التبرير لمباني هذه الزوايا الثلاث، لأن الثقافة الانكلوسكسونية لا تزال تستغرق معضلة الاعتداد العقلي، ولا تزال واقعة في مخاض لا يتوقف، كما أن القيم السياسية التي يشير إليها لم تعرف نهائياً توحداً فكريّاً، ولا السياسة الخارجية أبان عن مضمونها، فالجنبة الوظيفية هي المعتملة في تصوره، لا الجنبة المبنائية. لقد شرح ناي أفهوم «القوة الناعمة» بأنه قدرة أمة معينة على التأثير في أمم أخرى وتوجيه خياراتها العامة وذلك استناداً إلى جاذبية منظومة قيمها ومؤسساتها بدلا من القوة والإكراه [19].
بعد أن استعرضنا وجهة نظره حيال التأسيس النظري للقوة الناعمة لا بأس من التطرّق إلى كيفية تصريف هذه القوة في مجال التطبيق.في لحظات كثيرة أشار ناي إلى لعبة « البوكر» حيث صرح بأنه يمكن للدولة أن يكون لها كل مفاصل القوة لكنها قد تخسر فرصة «الإمساك بالأوراق الرابحة في لعبة البوكر الدولية. فإذا أظهرت أوراقا قوية، فإن من المحتمل أن يطوي الآخرون ما بأيديهم من أوراق. وبالطبع فإنك إذا أسأت اللعب بأوراقك، أو وقعت ضحية الغش والخداع، تخسر رغم قوتك، أو تفشل على الأقل في الحصول على النتيجة التي تريدها» [20]. والتي كررها في أكثر من موضع وخصوصاً في تقدمة بحثه حول مخاطر « التعفن الذاتي» للجبهة الداخلية للولايات المتحدة [21] في يد واحدة « من مقدرة عسكرية، وقيم حضارية، وقدرة اقتصادية عالمية لكنها تخادع الخصم لتحصل على أكبر الأرباح الممكنة « فلعبة البوكر لا تنبني على قوة الأوراق الممسوكة في اليد بل أيضاً على عنصر المخادعة وإفهام الخصم بأنه يمكن أن يفوز ليضع مبالغ مالية طائلة على الطاولة، عندها يتم إظهار الأوراق كلها للفوز.
إذاً، تصريف القوة حسب صاحب النظرية، تقوم على امتلاك أوراق رابحة من خلال تصنيع ذكي للكذب والمخاتلة بشكل يضمن الربح. وإذا ما حاولنا تشخيص هذه الحالة أكثر، بدت السياسة الدولية في الفهم الاميركي الانكلوسكسوني بمثابة منظومة تقوم على أساس إظهار عكس الحقائق الواقعية، للوصول إلى النتائج المرجوة.
وهذه الحيثية تظل مهمة، لأنها ستفسر لنا الكثير مما يتصل بـ «الاستراتيجيا الناعمة» للسيطرة التي تعتمدها الولايات المتحدة اليوم في إدارة الفضاء العمومي العالمي.
ان هذا التصور القوي لا يمكن أن يجد لنفسه مرتكزاً إلا عبر إرجاع رؤية العالم إلى المرحلة القروسطية.ثمة من يرى في هذا المضمار أن العالم أجمع بدأ يعرف خصوصيات العصور الوسطى نفسها، من قبل اضمحلال مؤسسة الدولة - الأمة حيث إن الأزمات المالية إذا مست دولة كالولايات المتحدة سوف تنعكس بالسلب على مجموعة من دول العالم، أو أنك عندما تنظر إلى جمهورية الصين فإنك تنظر إليها على أنها أكثر من دولة [22].
كذلك الحال بالنسبة إلى أفغانستان فإنك لا تستطيع أن تنظر إليها بما هي دولة كسائر الدول. وقد دافع عن هذا التصور في سلسلة مقالات لا تعدو أن تكون تكرارا لمجموعة ملاحظات يبديها هنا وهناك، لكن المحصلة هي أن العالم لم يعد قرية صغيرة، بل عاد القهقرى ليصير عالماً قروسطيّاً. حيث يسوده صراع على السلطة وتفكيك للإمارات الضعيفة، وفي ظل عولمة بات مشروعها أكبر من دولة واحدة، بل أكبر من أن يهتم بدولة واحدة [23].
وهكذا، فالمنظومة الفكرية التي يدافع عنها باراغ خانا تقوم على أن الشرعة الدولية وغيرها من الموازين الدولية لم تعد ذات قيمة تذكر، كما أن العصور الوسطى لم تعد منضبطة لهكذا تصور، وأن سياسة التقسيم الجغرافي لمجموعة من الدول خدمة لمصالح العولمة هي السائدة بلا رادع.في مقالة له حديثة رأى في التقسيم والتجزئة أمراً من الجميل فعله Breaking up is good to do، فقد اعتبر ان تقسيم السودان دولة في الشمال وأخرى في الجنوب مجرد خطوة في اتجاه تقسيم العالم كله، وبطبيعة الحال، ليس من المستغرب أن يركز هذا الكاتب على منطقة الشرق الأوسط، جاعلا منها قدرا لا يرد [24].
ليس الغرض هو الغوص في مجمل أفكار باراغ خانا، بل فقط التنويه إلى مسألة حساسة جدَّاً، وهي أن أميركا تنظر إلى نفسها كإمبراطورية واما بقية العالم فإنهم مجرد رعايا واتباع. ولهذا لا ترى نفسها ملزمة بأي شرعية دولية، وهو ما تم التثبت منه خلال إعلان الحرب على العراق، بل نجد انها ذهبت أبعد من ذلك عندما أعلنت بأنها غير معنية بالأمم المتحدة إذا ما رأت مصلحتها في التدخل العسكري في أي مجال ترابي في العالم، في إطار ما أسمته بالحرب الاستباقية.
الحرب الاستباقية كما هو معلوم، قد لا تكون مؤسسة على مخاطر العدوان، بل يكفي أن ترتكز على استشعار «عدوانية النظام السياسي» لدولة أخرى، لتكون حربها ضده عادلة.
من داخل هذا الجهاز المعرفي وغيره من الدراسات الصادرة عن المحافظين الجدد تمّ مصوغ أطروحة «الحرب على الإرهاب». ان هذا التلبيس في المفاهيم لا غرض منه سوى رفع النقاش من السقف القانوني إلى السقف القيمي الديني والذي وُفِّق الباحث محمود حيدر في تسميته بـ «لاهوت الغلبة» [25] لأن مضامين الفكر تمتح من المنظومة الفكرية البروتستانتية النصية التي تقترب كثيرا من العهد القديم، ثم لتتقاطع قراءتها الختامية للتاريخ مع المنظور اليهودي التوراتي إلى حد بعيد.
وهذا الجهد المعرفي المتناسل في السياسة الدولية، جاء ثمرة تصور دافع عنه الباحث كينيشي أوهماي في كتابه « نهاية الأمة الدولة وانبعاث الجهوية الاقتصادية» [26] حيث خلص إلى أن التشابك الاقتصادي العالمي أخذ يتجاوز حد السيادة الدولتية حيث إنه كفاعل بدأ يفقد آلية التحكم والسيطرة في حركة البضائع والأموال، وبدأت هذه الأخيرة هي التي تتحكم في حركتها الذاتية وتتخذ القرارات المناسبة غفلا عن الإرادة الوطنية.
بل إن المصلحة الوطنية والسيادة الوطنية أضحيا عائقاً اقتصاديّاً يمكن أن تواجهه ثقافة السوق الحرة، حيث مجمل الكتاب جاء استدلالاً لتأكيد هذه القاعدة، فقد دعا إلى إثبات واقع أن «الأمة الدولة» بمعناها الكلاسيكي أضحت غير طبيعية، ومستحيلة في نفس الآن، أمام الاقتصاد العولمي، ثم عاد ليؤكد المقتضى نفسه في كتابه «المرحلة الآتية للعولمة» حيث وضع تفسيراً أكثر دقة لمقصده من الدولة الجهوية. إذ إنّ هذا النوع من الدول يسمح بهامش تعاقدي دولي يتجاوز المركزية الإدارية والسياسية في نفسه الآن، كما قدّم اليابان والهند والصين كنماذج جديدة، وناجحة، وكفاعلين أساسيين في حركة الاقتصاد العالمي [27].
هكذا جهد استتبع آراء متضاربة بين خبراء الدول المتمسكة بهامش فعالية للسيادة الوطنية، وبين تلك القائلة بالزوال الكلي للسيادة الدولتية. مع ذلك يبقى السؤال ضمن هذا الاشكال على النحو التالي: لمن تكون الأولوية في التعاطي، هل للدولة بوصفها فاعلاً عالميّاً سواء في ظل المدرسة الواقعية أو الواقعية الجديدة أو حتى البنائية، أم للدولة التي تعطي الأولوية إلى إيديولوجية السوق الحرة كما تتبناها المدرسة الليبرالية والليبرالية الجديدة؟.. كل تيار من هذين الاتجاهين يسعى إلى الاستدلال على صحة موقفه التنظيري والتشخيصي لدائرة الفعالية، يقول الباحث المغربي سعيد الصديقي: «فإن ظاهرة العولمة أخضعت مفهوم السيادة وغيره من المفاهيم الرئيسية في علم السياسة للمراجعة وإعادة التعريف، فأصبحنا نعاصر موجة من الكتابات التي تشكك في المفهوم التقليدي للسيادة الوطنية القائم على نموذج الدولة التي تراقب بشكل مستقل شكل ومضمون سياستها العامة، وتعتبره إما مفهوما مهجورا، أو أنه ينتمي إلى تقليد مذهبي في طريق الفناء، وإما متجاوز نظريَّاً وغير نافع عمليّاً، لأن الرهانات الدولية الجديدة والمشكلات غير المسبوقة والحدود الاقتصادية والجمركية التي رسمتها تحولات العولمة لا تتوافق مع الحدود السياسية التي يقوم عليها المفهوم التقليدي للسيادة» [28]. مما يفرض عليها إعادة النظر في أولوياتها الحديثة في ظل هذه المتغيرات حتى تحافظ على مكانتها كفاعل محلي ودولي.
مثل هذا النظر يتخذ مقاماً محوريّاً في نظريات الدولة في زمن ما بعد العولمة كما يستلزم إعادة النظر في كل المداميك الدولتية سواء لجهة ناظميتها للشأن الوطني، أو تدبيريتها للشأن الدولي.
طبعا ما نريد التنويه إليه الآن هو أنه في الاستراتيجيات العالمية لم يعد يُنتبه للأمم المتحدة على أساس أنها رمز الشرعية، بل يُكتفى بالنظر إليها على أنها أداة تخدم غرضا مرحليا يمكن تجاوزها بكل سهولة.
يفضي المضيق النظري الذي يعبره عالم اليوم الى أن العقل الاستراتيجي الأنكلو-أميركي أضحى أحادي البعد وتقسيميّاً ليكون بهذا على وصل وثيق بالعقل القروسطي الذي طالما سعى كانط إلى محاربته من أجل خلق اتحاد عالمي عادل. لأن جزئية «التقسيم» و «العدوان المستمر» فكرا وممارسة هي أحد أهم نواقض المشروع الكانطي ذاته، والتي لا تقع إلا ضمن خانة « العمل المشين».
ولذا فإن ما ذهبنا إليه في تأصيل الموجود التاريخي الانكلوساكسوني بصيغته الأميركية، يضعنا أمام حقائق تنقضي معها علة هذا الوجود وتضعه على محك الاضمحلال كقوة عظمى (بالقوة) وصولاً الى تهافته واضمحلاله بالفعل.
--------------------------------------------
[1] حقوقي وباحث من المغرب.

[2] نيل فيرجيسون: الصنم ـ صعود وسقوط الإمبراطورية الأمريكية ترجمة معين محمد الإمام الصفحة 109 عن دار العبيكان سنة 1427 للهجرة.

[3] Alexander Wendt : op cit «George and Keohane identify three national interests – physical survival, autonomy, and economic well-being – which they describe informally as “life, liberty, and property”. I will add a fourth, “collective self-esteem” p 235.

[4] Alexander Wendt : op cit « collective self-esteem refers to a group’s need to feel good about itself, for respect or status. Self-esteem is a basic human need of individuals, and one of the things that individuals seek in group membership.”

[5] Jean-Jacques Roche :Théories des relations internationales, clefs politiques, 5éme édition, Montchrestien.2004, p 110.

[6] Pierre Hassner : Etats Unis : l’empire De La Force ou La Force de l’empire ?, Cahiers De chaillot, numero 54, Septembre 2002, Institut d’études de sécurité, p : 14.

[7] Pierre Hassner: op.cit p: 47.

[8] إريك هوبزباوم: العولمة والديموقراطية والإرهاب، تر: أكرم حمدان و نزهت طيب، عن الدار العربية للعلوم ناشرون، ومركز الجزيرة للدراسات، الطبعة الأولى 2009، الصفحة 47.

[9] برت كوبر: تحطم الأمم ـ النظام والفوضى في القرن الحادي وعشرين، تر: زهير السمهوري، دار العبيكان، سنة 2005، الصفحة 299. كما يمكن مراجعة كتابات روبرت كاغان والذيggg يعتبر من أشرس المدافعين عن فكرة الإمبراطورية وضرورتها في الوضع الدولي الراهن.

[10] إريك هوبزباوم: م.س الصفحتان 44 و 45.

[11] محمود حيدر : لاهوت الغلبة التأسيس الديني للفلسفة السياسية الاميركية – دار الفارابي – مركز دلتا للأبحاث المعمّقة – بيروت 2009 ـ ص 205.

[12] لمزيد من التوسع بخصوص تفاصيل الفكر السيادي الأمريكي لا بأس من مراجعة كتاب الإمبراطورية لمايكل هارت وأنطونيو نيغري خصوصا الفصل المعنون بشبكة القوة السيادة الأميركية وميلاد الإمبراطورية الجديدة من الصفحة 160 وما يليها.
Antonio Negri and Michael Hardt : Empire, Harverd University Press, London, England, 2000.

[13] فتحي المسكيني: الفيلسوف والإمبراطورية في تنوير الإنسان الأخير. طبعة المركز الثقافي العربي سنة 2005 الطبعة الأولى الصفحتان 82 و 83.

[14] فتحي المسكيني: ن.م الصفحتان 83 و 84.

[15] فتحي المسكيني: ن.م الصفحة 84. الملاحظ بأن الفيلسوف المسكيني عمد إلى تعريب أفهوم gestell ب «قشتال» إلا أننا فضلنا البعد العربي للأفهوم وهي « الإطار».

[16] جوزيف س ناي ( الإبن): مفارقة القوة الأميركية ـ لماذا لا تستطيع القوة العظمى الوحيدة في العالم اليوم أن تنفرد في ممارسة قوتها ؟ ترجمة محمد توفيق البجيرمي، مكتبة العبيكان، سنة 2003، الصفحة 31 و 32.

[17] جوزيف س ناي: القوة الناعمة وسيلة النجاح في السياسة الدولية، ترجمة محمد توفيق البجيرمي، الطبعة الأولى سنة 2007 دار العبيكان الصفحة 13.

[18] جوزيف س ناي: م.س الصفحة 32.

[19] Joseph S. Nye : u.s power and strategy after Iraq, foreign affairs, 1 July 2003.

[20] جوزيف س ناي: ن.م الصفحة 32.

[21] جوزيف س ناي: ن.م الصفحة 204 وما يليها.

[22]Parag khanna : Neo-Medieval Times, in good politics review december 2008. “The nation-state has just about passed away in terms of exclusivity. Now, when people talk about countries and international relations, they have to acknowledge that what they’re talking about is, at best, a particular slice of what’s going on in the world, and is not at all representative of the entirety of what’s happening. But there are some exceptions. When you look at China, you don’t exactly say that it is disappearing as a state. When you look at the financial crisis, all of a sudden, the United States is more of a state than ever. It has decided to take over practically the entire financial-services industry.”

[23]parag khanna : op.cit. “The key principle is overlap. Many people think that because a company isn’t a country, it falls beneath some jurisdiction. But more and more companies fall into all jurisdictions and under none at the same time, because all they do is regulatory arbitrage. They just move around wherever is best for them. Why did Halliburton go to Dubai? Changing this would never work because globalization is more powerful than any one country. Globalization creates perpetual, universal opportunities for nonstate actors to exploit. And governments can’t control globalization. No one can.”

[24]parag khanna ; breaking up is good to do, foreign policy, January 13, 2011. “This growing cartographic stress is not just America’s challenge. All the world’s influential powers and diplomats should seize a new moral high ground by agreeing to prudently apply in such cases Woodrow Wilson’s support for self-determination of peoples. This would be a marked improvement over today’s ad hoc system of backing disreputable allies, assembling unworkable coalitions, or simply hoping for tidy dissolutions. Reasserting the principle of self-determination would allow for the sort of true statesmanship lacking on today’s global stage.”

[25] محمود حيدر: لاهوت الغلبة – مصدر سبقت الإشارة إليه.

[26] Kenichi Ohmae : End of Nation State, the rise of regional economies, Harper Collins Publishers, 1996, p, 5.

[27]Kenichi Ohmae : The Next Global Stage, Challenges and Opportunities in Our Borderless World, Wharton school publishing, 2005, chapter four.

[28] سعيد الصديقي: هل تستطيع الدولة الوطنية أن تقاوم تحديات العولمة ؟ ضمن عمل جماعي تحت عنوان العولمة والنظام الدولي الجديد ، صادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية سنة 2010، الصفحة 119.