الإنسان نقيض الجندر
صدر العدد الجديد من فصليّة "الاستغراب" العدد 16، صيف 2019، وقد عالجت موضوعاته وأبحاثه قضيّة الجندر والإشكاليّات الفلسفيّة والمعرفيّة التي رافقت قضية المرأة على امتداد قرونٍ متّصلةٍ من تاريخ الحداثة في الغرب.
تضمّن العدد مجموعةً من الأبحاث، حاولت الدخول إلى عمق القضيّة والإحاطة بأبرز مشكلاتها.
- في "المبتدأ"، يكتب محمود حيدر مقالته الافتتاحيّة وهي بعنوان:"رفعة المثنى.. تهافت الجندر" وفيها يعالج التأسيسات الأولى للنظريات النسوية وصلتها بالمباني المعرفية والفلسفية للحداثة، كما يُبين الأساس الأنطولوجي للنزعة الجندرية التي بلغت ذروة تطرفها باعتبار المرأة كائنًا له هويته الوجودية المستقلة وكنقيض لهوية الزوجية التي تجمعها مع الرجل.
- في "الملف"، مجموعةٌ مختارةٌ من الدراسات والأبحاث شارك فيها مفكرون وعلماء اجتماع وباحثون غربيون ومن العالمين العربي والإسلامي جاءت على الترتيب التالي:
- المفكر والباحث الأميركي محمد لغنهاوزن يكتب مقالةً تحت عنوان "الإسلام في مواجهة النسوية"، سعى فيها إلى تظهير رؤيةٍ فلسفيةٍ كلاميةٍ تشكل مدخلاً لمقاربة موضوع النسويّة من وجهة نظر إسلامية. وعليه مضى الباحث في نقاش معمَّق للفلسفة النسوية الغربية بالمقارنة مع الفلسفة الإسلامية ليثبت عدم إمكان التوفيق بينهما.
- "إيديولوجيا الجندر" مقال من إعداد فريق "حركة المظاهرة لأجل الجميع" بفرنسا. يضيئ المقال على غموض المفهوم ورماديته وتعدد استعمالاته في الأوساط الفكرية والأكاديمية، كما ينظر إلى "الجندرية" كمفهومٍ إيديولوجيٍّ تحوّل في فترةٍ قياسيةٍ إلى موضوع تجاذبٍ بين المدارس الفكرية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
- في دراسةٍ تحت عنوان "متاخمة نقديّة للهويّة الجندريّة" يسعى الباحث والأستاذ في الحوزة العلمية الشيخ حسن أحمد هادي إلى تظهير رؤيةٍ دينيةٍ إسلاميةٍ حول قضية المرأة في سياق السجال المحتدم منذ عقود حول هذه القضية، ثم يدخل في مناظرةٍ انتقاديةٍ مع الفكرة الجندرية وتياراتها المختلفة في الغرب، مبيّنًا فجوات ومعاثر التنظير الغربي حيال قضية شديدة الحساسية والتعقيد، مع ما يترتب عليها من آثار فكرية ومعنوية ومجتمعية على الواقع النسوي المعاصر، وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية والإسلامية.
- الباحثة المصرية سلوى نصرة كتبت حول "الفلسفة النسوية" وفيها تبيّن موقعيّة المرأة في الإسلام من خلال نظرة بعض علمائه وفهمهم للنصوص الدينية. الباحثة في سياق دراستها تقرِّر أن الفكر النسوي الغربي لا محلّ له في الشريعة الإسلامية، لأنه يدعو أولاً إلى تفكيك الأسرة، وثانياً إلى الصراع بين الجنسين، وثالثاً إلى المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، بل إلى تفوق جنس الأنثى وما يستتبع ذلك من خللٍ في الحياة الإنسانية.
- تحت عنوان "النسوية الإسلامية" يستقرئ الباحث المصري أحمد عبد الحليم عطيّة القضية الجندرية في تداعياتها على المجتمعات العربية والإسلامية. وبعد أن يعرض إلى شواهد تناولها مفكرون وعلماء اجتماع عرب من معالجات نقدية في هذا المضمار، يمضي إلى تفكيك عدد من وجهات النظر المشار إليها، لينظر إليها بعين النقد.
- " الجنوسة بين الإسلام وحداثة الغرب" هو عنوان البحث الذي يتناوله بالتحليل الباحث الإيراني في علم الاجتماع السياسي مجتبى عطار زاده، وفيه يعرض إلى الأطروحة النسويّة في مسراها النظري والتاريخي، حيث ينظر إليها بوصفها إحدى أبرز مستظهرات الحداثة الغربية، ثم يُجري تنظيراً نقدياً للرؤية الغربية حيال المرأة انطلاقاً من المنظومة الإسلامية القرآنية، ليبيِّن الاختلاف والتغاير بين الرؤيتين في الحقلين التاريخي والأنطولوجي.
- دراسة للباحث اللبناني البروفسور عبد المجيد زراقط تحت عنوان "النسوية الأدبية" تهدف إلى تقديم تعريف لماهية الحركة النسوية في فضائها الأدبي والإبداعي. كما يستعرض في سياق متاخمته النقدية جملة مقارناتٍ مع النظريات الحديثة ليبين أوجه الاختلاف في الرؤية والمنهج، وكما يُشير إلى الآثار الناشئة عن حضور الثقافة النسوية الغربية على الحركة الأدبية النسوية في العالم العربي.
- في باب "حلقات الجدل"، لدينا مجموعة أبحاثٍ تدور حول النظرية الجندرية وقد جاءت على الشكل التالي:
- "الجندر بما هو تحيّزٌ ثقافيٌّ غربيٌّ" بحث يناقش فيه الباحث في علم الاجتماع البروفيسور طلال عتريسي كيف ظهرت تداعيات الجندرية في مجتمعاتنا، وإلى أي حدّ استطاعت تياراتها التأثير على بيئات محلية لم تقتصر على الاتجاهات العلمانية والمدنية، بل تمددت أيضاً وأساساً إلى البيئات المحافظة والدينية بأشكال وصور لا حصر لها.
- مقالة للباحث الإيراني قاسم أحمدي بعنوان"منازع المذهب النسوي" يستظهر فيها مكامن الخلل القِيَمي في شتّى التوجّهات النسوية، ويُقدّم تصوّراتٍ ورؤًى وحلولًا تساهم في تجاوز المعضلات الأخلاقية التي باتت عقبةً جادّةً أمام الفكر النسوي الذي تحوّل بالتدريج إلى ظاهرةٍ عالميةٍ.
- الباحث المصري مصطفى النشار يكتب مقالة حول "النسوية الإيكولوجية" تناول فيها وجهاً مخصوصاً من أوجه النقاش المحتدم حول قضية المرأة. كما اهتم بتيار النسوية الإيكولوجية، وسعى إلى مراجعته وتفكيك مبانيه المعرفية والظروف التي أفضت إلى ولادته في الغرب الأوروبي والأميركي. في الشطر النقدي من الدراسة يبيِّن الباحث المعاثر النظرية والتطبيقية للنظرية الإيكولوجية، ولا سيما لجهة سعي الآخذين بها إلى ربطها بالتيارات البيئية والاجتماعية التي نشأت في الغرب في خلال العقود الأخيرة من حقبة ما بعد الحداثة.
- في دراستها حول "الأنثوية المستلبة" تسعى الباحثة اللبنانية إيمان شمس الدين إلى مناقشة الأطروحة الجندرية كما ظهرت في الاجتماع الغربي الحديث، منطلقةً من التأسيس القرآني لموقعية المرأة بوصفها مخلوقاً يستمدّ حضوره ومكانته من إنسانية الإنسان، ما يشكّل مقدمة ضرورية لنقض جملة الأطروحات الجندرية التي عكفت على تصنيف المرأة كنوعٍ مستقلٍّ عن مفهوم الإنسان كإنسان.
- الباحثة والأكاديميّة التونسيّة ثريا بن مسميّة تقدم مقاربة بعنوان "الاختزالية النسوية" وقد عرضت فيها لمفهوم الجندر من خلال تطبيقاته في الأعمال السينمائية. حيث أجرت تطبيقاً لهذه المقاربة على التجربة السينمائيّة التونسيّة كنموذجٍ يستظهر الصورة الاختزاليّة لواقع المرأة العربية، ويقدّمها ككائنٍ متمردٍ على القيم والتقاليد المجتمعيّة المحلية من جهةٍ، ويسعى إلى الأخذ بالنمط الليبرالي الغربي في النظر إلى القضية النسوية من جهةٍ ثانيةٍ.
- في باب "الشاهد" تكتب الباحثة التونسية سارة دبوسي بحثًا نقديًّا تتناول فيه البعد الفلسفي للنظرية الجندرية من خلال تنظيرات الفيلسوفة الأميركية نانسي فريزر. وقد ركزت على أفكار فريزر المحورية حول المرأة، والتي أخذت ولاتزال جدلاً واسعاً في الأوساط الثقافية الغربية ولا سيما الوسط النسائي.
- في باب "عالم المفاهيم" نقرأ بحثًا أعده الباحث خضر إ. حيدر، حاول من خلاله الإحاطة بأبرز العناصر المكونة لمفهوم "الجندر" سواءً لجهة نشأة المصطلح، وتعدديته، أو لجهة التيارات الفكرية التي تفرّعت عنه، خاصة وأن مفهوم الجندر تميّز بتعدّد تعريفاته والغموض الذي يرافق تنظيراته الاصطلاحية واختلاف الباحثين في تقديم تعريف جامع ومتفق عليه.