ملخصات أبحاث ومقالات العدد 29

البهتان الإيديولوجي للتمركز الغربي

 

صدر العدد الجديد من فصليّة الاستغراب ويحمل الرقم 29، شتاء 2023، وفي ملفّه الذي يعرض إلى "البهتان الإيديولوجي للتمركز الغربي"، مجموعة من الدّراسات عالجت الموضوع من جوانب مختلفةٍ. هذا إلى جانب دراسات تخصّصيّة تدخل في بابي نقد الغرب والبحوث التأصيلية في الفكر الديني. وفي ما يلي نعرض باقتضاب إلى أبرز ما تضمّنته الأبحاث والدّراسات الواردة تبعًا لتسلسل التبويب المعتمد.

* في المبتدأ، كتب مدير التحرير محمود حيدر المقالة الافتتاحيّة للعدد تحت عنوان:  "البهتان الإيديولوجي للتمركز الغربي" وفيه يعرض لمصطلح المركزيّة الغربيّة الذي تحوّل إلى ظاهرة في الواقع التاريخي للغرب الحديث. كما يقدّم لوحة لا تتناهى في توصيف أحوال الغرب وسلوكه، سواء حيال نفسه أو حيال جهات العالم الأخرى، الأمر الذي يفضي إلى استنتاج مركَّب، مؤدّاه أنَّ المركزيّة الغربيّة التي خُلعت

على أوروبا كنعتٍ لحقبتها المعاصرة، قد اكتسبت ماهيتها وهويّتها مِن تموضعها المتدرِّج في النظام العالمي، وأنَّها اتّخذت مفهومها بأبعاده الدلاليّة والاصطلاحيّة، ممّا ترتّب على تموضعها مِن آثار في الميدان الجيوستراتيجي في الحروب الاستعماريّة المتواترة.

* في الملف، مجموعة مختارة من الدّراسات والأبحاث، نوردها كما يلي:

- تحت عنوان: "خِدَعُ الاستقطاب" يستعرض المفكّر السوداني الصادق الفقيه ترتيب العالم على المستوى المنهجي بطريقة وصفية، مع تسليط الضوء على التحديات التي نشأت، استهدافاً لاستنتاج مفاده أنّ الهيكل الهرمي للعالم أحادي القطب، تُهيمن عليه الولايات المتحدة مادياً وفكرياً، بإسناد عسكري وسياسي. ورغم اضطراب خطوات هذا المسعى بعد صعود الصين، وحرب روسيا على أوكرانيا، إلّا أنّ مفهوم القطبية "المُبتكر" في نظرية العلاقات الدولية الأميركية، مرهون باتجاه هذه المستجدات.

- في دراستهما "حقيقة الاستعمار والهيمنة الاستعمارية"، يقدّم الباحثان الإيرانيان عارف نريماني ومحمد علي برغو الحركة الاستعمارية الغربية وفق منهج بحث تحليلي نقدي، حيث نتج عن بحثهما أنّ السلوكيات والرؤى الاستعمارية تتناسق مع ميتافيزيقا التأريخ الحاكم على المجتمعات البشرية المعاصرة ومبادئه الفلسفية التي تطرح بصفتها فرضيات ارتكازية عامّة.

- الباحث اللبناني بهاء درويش كتب تحت عنوان "الأبعاد القيمية للمركزية الغربية حيال الشعوب الأخرى"، وفيه يتناول مفهوم المركزية الأوروبية من خلال عرض نقدي للتأويلات المختلفة لتاريخية وجغرافية هذا المفهوم. كما يركّز البحث على مبرّرات ظهور هذا المفهوم، وكيفية هذا الظهور، وأهم أعلام الغرب الذين ساهموا عبر تاريخ الفكر البشري في محاولات ترسيخه.

- بعنوان "التمركز على البهتان"، كتبت الباحثة المصرية علا عبدالله خطيب محمد مقالًا تتناول فيه الديمقراطية الغربية، التي ترى أنّها وقعت في مأزق التناقض عندما تعلق الأمر بحق الدول المستعمَرَة، فأعرض الأوروبي المتحضر عن قيم الديمقراطية التي أرساها عصر التنوير حين تعلّق الأمر بالشعوب الأخرى، وقام بتقديم تبريرات إيديولوجية للحركات الاستعمارية التي كان يناصرها، آخذاً إلى عنصرية العصور الوسطى القائمة على الأفضلية الدينيّة، عنصرية أخرى تتعلق بالعرق واللون، حيث وضعوا الجنس الأبيض في المرتبة الأعلى وجعلوه صاحب الأفضلية والأكثر رقيًا.

- في دراسته الموسومة ب"إلتباسات نظريّة ما بعد الاستعمار" يقف الباحث اللبناني هادي قبيسي على نظريّة ما بعد الاستعمار من وجهة نظر نقدية تحليلية للنظرية نفسها. والسؤال الذي انطلق منه يدور حول ما إذا كنا فارقنا الحقبة الاستعمارية بشطريها القديم والجديد حتى يكون الكلام مشروعاً عن حقبة تالية أطلق عليها ما بعد الاستعمار. ومن ثم يعرض لإشكاليّة تحديد مدى تأثر المشتغلين على تفكيك الخطاب الكولونيالي الغربي بالمناهج التي تم اعتمادها في ذلك الحوار السياسي الثقافي، وكيف يشكل المنظار الإسلامي بديلاً منهجياً وفكرياً يرأب صدوع تلك التجربة؟

- حول "عنف التمركز الغربي"، وهو عنوان دراسة الباحث السوري نبيل علي صالح، مسعًى لتحديد معنى الغرب كإشكاليّة واقعة بالمعنى الثقافي والجغرافي، ومن ثم النظر في العوامل المؤسِّسة للتمركز الغربي وخصوصاً العامل العنفي تجاه الأطراف، وصولا إلى اندلاع الحربين العالميتين والأثر الذي تركتاه على العالم، خاصة لجهة تحوّلهما إلى منصة لتأكيد تفوق الغرب وترسيخ عقيدته الاستعلائية في مواجهة عوالم بشرية لم يصلها من إنسانية حداثة هذا الغرب سوى ركام الدمار والخراب العقلي والروحي والمادي.

- تحت عنوان "المركزية الغربية: نشأتها التاريخية وخلفياتها الأيديولوجيّة"، يتناول الباحث المصري مصطفى النشار النزوع العنصري المتجذِّر في نفس الأمم الغربية وتفكير فلاسفتها ومفكِّريها حيال الأمم والشعوب الأخرى، مشيرًا إلى أنّ هذا النزوع لم يظهر فقط في أزمنة الحداثة وتشكّل الدول القوميّة الاستعمارية في أوروبا وبروز الحركة الاستيعابية، وإنما يعود إلى زمن الإغريق الذين اعتبروا العرق الأوروبي الأبيض سيد العالم وأنّه العرق الأنقى الذي بنى حضارة العقل.

- وفي الملف أيضًا، وتحت عنوان "التبرير الفلسفي لغزو العالم"، يقدّم الباحث اللبناني محمد نعمة فقيه نقدًا لذرائعية هيغل وماركس للفعل الاستعماري؛ حيث يرى أنّ المحور المركزي الذي أخذ به النشاط الفكري الغربيّ، هو إنشاء منظومات معرفيّة غايتها التنظير للتمركز الغربي باعتباره حجر الرحى في الحضارة العالمية العقلانيّة. وانطلاقاً من هذا التأسيس مضى التنظير الفلسفي إلى تسويغ وتبرير الامتداد الاستعماري الأوروبي نحو أرض الغير بذريعة نقل حضارة العقل بقطع النظر عن الآثار المترتبة على الغزو وحروب الإبادة بحق الشعوب المستعمرة.

في باب "نحن والغرب" نقرأ أيضًا الأبحاث التالية:

- بعنوان "نقد قيم الغرب في أعمال المفكر الأزهري العلامة محمد البهي"، يسعى الباحث المصري عماد الدين إبراهيم علي موسى إلى تقديم واحد من أبرز أعلام ومفكِّري الأزهر الشريف في القرن العشرين المنصرم، وهو العلاَّمة محمد البهي الذي تميزت أعماله بالعمق التاريخي والرؤية الثابة لأحوال المجتمعات العربية والإسلامية وعلاقتها بالمراكز الاستعمارية في الغرب.

- في مقاله "الفكر الاجتماعي في علم الاستغراب عند العلامّة الطباطبائي"، سعى الباحث الإيراني نصر الله آقاجاني إلى معالجة  قضايا مهمّة في ضوء مراجعة كتابات العلامة الطباطبائي، خاصّة البحوث المنهجيّة التي نهض بها العلامّة لأبعاد مختلفة في علم الاستغراب، وإعادة معرفة علاقتنا بالغرب.

* في باب "بحوث تأصيليّة"، كتب الباحث العراقي هاشم الميلاني مقاله تحت عنوان "الشيخ محمّد الحسين آل كاشف الغطاء: دور ريادي في الإحياء الحضاري الإسلامي"، وفيه يعرض لتتعدّد وجوه المشروع الإصلاحي للشيخ كاشف الغطاء، وصولًا إلى مواقفه الصريحة تجاه الغرب، التي تنبئ عن عمق بصيرته ووقوفه على خدع الغرب ومكره، حيث كان يرى أنّ المدنيّة الغربيّة أكبر ضربة على الدين، مِن دون فرق بين الإسلام والنصرانيّة.

* في باب "عالم الكتب" نقرأ الآتي:

- "قراءة في كتاب جوهر الغرب" يقدّمها الباحث اللبناني محمود إبراهيم، وهو كتاب يندرج في إطار مشروع فكري إنتقادي يُتاخم البناء الحضاري للغرب بالاستقراء والتحليل والنقد، صدر حديثاً عن المركز الإسلامي للدراسات الإستراتيجية.

- قراءة في كتاب "من قتل الأسرة الأميركية؟" يقدّمها الباحث اللبناني محمد باقر كجك؛ حيث إنّ هذا الكتاب يعدّ خاتمةَ كتب المناضلة الحقوقية الأميركية الجمهورية فيليس شلافلي التي بدأت مسيرتها النضالية ضد قانون (تعديل الحقوق المتساوية) سنة 1963 بعد انتشار كتابها الأول المنشور ذاتياً (خيار وليس صدى)، ووقفت طويلاً في وجه الحركات النسوية وناضلت من أجل القيم العائلية التقليدية وضد الزواج المثلي وتجنيد النساء في القوات المسلحة وغير ذلك.