رجوع الإيديولوجيا
يصدر العدد السادس من فصلية "الاستغراب" شتاء 2017 وهو يتضمن أبحاثاً ومقالات جاءت تحت عنوان جامع هو "رجوع الإيديولوجيا". شارك في العدد مجموعة المفكرين والباحثين من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية ومن العالمين العربي والإسلامي. وفي ما يلي عروض موجزة لأبحاثهم ومقالاتهم حسب الأبواب المقررة:
- في باب "المبتدأ" مقالة كتبها مدير التحرير المركزي محمود حيدر بعنوان: "الإيديولوجيا –غريزة المتحيِّز وفلسفته" وفيها مقاربة هيرمينوطيقية تنطلق من مراجعة الظاهرة الإيديولوجية مراجعة معرفية وتاريخية، من قبل ان تتحول الى مصطلح على يد عالم الاجتماع الفرنسي ديستوت دي تريسي (Destut de tracy). ملاحظاً التطورات التي رافقتها، وما ترتب عليها من أسئلة جديدة تحث على إعادة تحليل أصولها والأسس التي قامت عليها. كما تشير المقالة الى ماهية الإيديولوجيا وهويتها بوصفهما فلسفة للمتحيِّز.
- في باب "محاورات" نقرأ حواراً مع الفيلسوف اليوناني كورنيلوس كاستورياديس (Corniloce Castoriadice) أجراه معه الكاتب والصحافي الفرنسي دانيال ميرميه (Daniel Mermer).
في هذا الحوار يدلي كاستورياديس بآراء وأطروحات تنتقد الإيديولوجيات التي شهدها القرن العشرون. وخصوصاً لجهة نقده الإيديولوجيتين الأكثر بروزاً في هذا القرن وهما الليبرالية والماركسية. كما يبيِّن في سياق إجاباته ان العالم الحديث والمعاصر بدل أن يتطور باتجاه تحقيق سعادة الإنسان وكرامته فإن هذا العالم يتجه في مسار معاكس أطلق عليه "ارتقاء التفاهة".
- في "الملف" نقرأ لأستاذ الفلسفة في جامعة لي الفرنسية بيار ماشريه Pierre Macherey مقالاً بعنوان: الإيديولوجيا – الكلمة – الفكرة – الشيء Idelogie: Le mot, L'idee, La chose. يناقش هذا المقال الظروف التي مرّت فيها لفظة "الإيديولوجيا" بين العامين 1796و1845 وهو التاريخ الذي سجل ابتكار هذه اللفظة من جانب عالم الاجتماع الفرنسي ديستودي تراسي. ويبين الكاتب ما طرأ على مفهوم الإيديولوجيا من تطورات حتى دخلت عالم السياسة، حيث انتقلت من قيمة إيجابيّة (كعلمٍ عامّ للأفكار) إلى قيمة ذات مضمون سلبيّ أي وصفها نظاماً اجتماعياً لمعتقدات صارمة، ووعي زائف كما جرى ذلك مع الأدبيات الماركسية.
- الباحث الأميركي من أصل فيليبيني دانييل هوانغ Daniel Huang يكتب تحت عنوان: "نقد ريكور للإيديولوجيا من أجل اللاّهوت". في هذا البحث يقرأ هوانغ رؤية الفيلسوف الفرنسي المعاصر بول ريكور (1913-2005) منزلة الإيديولوجيا في النص اللاَّهوتي المسيحي، وذلك انطلاقاً من اشتغاله في الحقل التأويلي، ولاسيما ما ورد في أبرز كتبه مثل: "نظرية التأويل"، "التاريخ والحقيقة"، "الزمن والحكي" و"الخطاب وفائض المعنى".
- الباحث المصري غيضان السيد علي يكتب حول "الإيديولوجيا في الدين والسياسة". في هذا البحث يهتم الكاتب بإبراز العلاقة بين الإيديولوجيا والدين من خلال تعيين نقاط التمايز ورصد أوجه الاتفاق والاختلاف بينهما. كما يُظهر كيفية توظيف الدين في الأطر الإيديولوجية عن طريق الاعتناء بمناقشة العلاقة المتلازمة بين الإيديولوجيا والسياسة؛ والوقوف على أهم دوائر النشاط التي تستغل فيها السياسة الإيديولوجيا لتحقيق أهدافها؛ حيث تمدنا الإيديولوجيا بالتبريرات المختلفة للعمل السياسي.
- عالم الاجتماع اللبناني خليل أحمد خليل كتب تحت عنوان: "الإيديولوجيا في مساراتها". وفي هذه المقالة يرصد الكاتب حركة الإيديولوجيا في مساراتها المعرفية واختباراتها، انطلاقاً من معايناته للمفهوم على امتداد خمسين عاماً من الدرس والبحث العلمي. وتبعاً لهذه العملية الاستقرائية سوف نقرأ كيف اتخذ البروفسور خليل من تجربته الشخصية في الميدان السوسيولوجي منهجاً لمقاربة الإشكالية الإيديولوجية كما تتبدَّى على ضفتي الوهم والعلم.
- الباحثة الفرنسية ليليان موري Lilian Mory، تكتب حول "الإيديولوجيا كفلسفة من أجل الجمهورية". وتأسيساً للبحث اعتمدت موريه مقطعين من نصّ الخطاب الذي ألقاه مؤسس المصطلح Destut de tracy لتبني عليها مقالتها. يقدم ترايسي من خلال هذين المقطعين مشروعاً لفلسفة جديدة تقوم على اعتبار الإيديولوجيا "علم" الإنسان، و"علم" المجتمع في الوقت عينه.
- الباحث الفلسطيني أشرف بدر يكتب حول "الإيديولوجية الصهيونية والغرب". في بحثه يقدم الكاتب بانوراما تاريخية لمسيرة الصراع الإيديولوجي على فلسطين، وذلك من خلال سعيه الى الإجابة على سؤال يتعلق بماهية العلاقة بين الاستشراق وكلٍّ من الصهيونية والإسلاموفوبيا كفعل إيديولوجي. تنطلق فكرة البحث من فرضيتين أساسيتين: تفيد الأولى، أن الإستشراق مهّد للصهيونية من خلال محاولة إثبات الحق التاريخي لليهود في فلسطين، وأما الثانية فتفيد بأن ظاهرة الإسلاموفوبيا هي عبارة عن امتداد لظاهرة الإستشراق.
- الباحث الإيراني شهريار زرشناس كتب بحثاً عنوانه "الديمقراطية بما هي مُنتَج إيديولوجي". وفيه يتحدث الكاتب عن صلة الإيديولوجيا بالديمقراطية على المستويين النظري والتاريخي. ويقرر في هذا الإطار أن الديمقراطية هي الأساس النظري والإطار الواقعي لنشوء كلّ الإيديولوجيات. أما حجته في ذلك فتعود حسب قوله إلى أن الليبرالية والقوميّة والفاشيّة و... وكلّ النظريات الحداثية الأخرى هي وليدة الديمقراطية التي أطلقتها الحداثة الغربية في ساحات أوروبا وأميركا الشمالية على امتداد أربعة قرون.
- تحت عنوان "الدّين إيديولوجي" يكتب الباحث الإيراني علي رضا شجاعي زند مقالة تطرق فيها الى إشكاليتين أساسيتين: أوّلهما أنَّ لا نهاية متخيّلة للإيديولوجيا بمعناها العامّ، وثانيهما أن كون الدين إيديولوجيّاً ليس ممكناً فحسب، بل هي صورته الوحيدة الممكنة والمناسبة. يضيف: أن هناك تجانساً بين الدين والإيديولوجيا وعلاقة لا ينفصل أحدهما فيها عن الآخر. ولقد توصل من خلال البحث المفهوميّ الى فرضيَّتين مركزيتين هما: الحكم بصحة القول بلا نهائية الإيديولوجيا، وبأن الدين إيديولوجي.
- في باب "حلقات الجدل" يعرض الأكاديمي والباحث المصري حسان عبد الله حسان في بحثه الى "الأسس المعرفية للإيديولوجيا الغربية من خلال المعالجات النقدية التي وردت في أعمال المفكرين العربيين عبد الوهاب المسيري ومنى أبو الفضل. نشير الى أن هذه المقالة تعتمد منهجية التحليل المعرفي الذي يتضمن وجهين لمقاربة النموذج الإيديولوجي الغربي وهما: التفكيك والتركيب للمضمون المعرفي للنص الذي يتم معالجته بحثياً، ثم إعادة بناء ما جرى تفكيكه من أجل إدراك أهم الجوانب النقدية للإيديولوجيا الغربية.
- الباحث العراقي مازن المطوري يرصد مفهوم الإيديولوجيا في تطوراته الدلالية من خلال استقراء ثلاثة نماذج: "ديستوت والماركسية، وكارل مانهايم. في خلال بحثه يعرض الكاتب الى أبرز النظريات والتعريفات التي قُدَّمت بشأن الإيديولوجيا والسجالات التي دارت حول نشأتها بين التيارات الفكرية في الغرب الحديث.
- الباحث المغربي محمد أمين بن جيلالي يقدِّم دراسة بعنوان: "الإيديولوجيا واليوتوبيا في فكر مانهايم". يقِّدم الباحث تحليلاً ابستمولوجياً لرؤية عالم الاجتماع الألماني كارل مانهايم القائلة بضرورة الانتقال من الإيديولوجيا (Ideology) الى سوسيولوجيا المعرفة. ويبيِّن هدف مانهايم من أطروحته وهو كيفية بلوغ اليوتوبيا (Utopia) مكانتها في التحليل العلمي للسلوك السياسي. كما تناقش الدراسة مطالعات مانهايم حول المعرفة السياسية كمُوجّه أساسي لدياليكتيك النظرية والممارسة. وذلك ضمن صيرورة تُلهم المُتأمِّل بتوطين المعايير الإيديولوجية، والتطلعات اليوتوبية للتمييز بين الأسس العقلانية واللاّعقلانية كمرجعية لتفكيك البنية الفكرية للعلم السياسي على وجه الخصوص.
- المفكر الإيراني حميد بارسانيا (Hamid Parsania)، كتب بحثاً عنوانه: "العقل والإيديولوجيا.. محنة مستدامة في حداثات الغرب". يدرس هذا البحث العلاقة بين الإيديولوجيا ومباني العقل والدين، حيث تحتل الإيديولوجيا مكانة وازنة في مشاغل الفكر الحديث. كما تعتبر واحدةً من أهم أركان التنظير بين المدارس والتيارات الفكرية في المجتمعات الغربية. ومن هذا المنطلق تأتي هذه المقالة كمدخلٍ للبحث والتحليل في واقع العلاقة المشار إليها، والإشكاليات المعرفية والفلسفية التي أخذت قسطاً وفيراً من مساجلات الحداثة بأطوارها المتعاقبة.
- في باب "الشاهد" تناول المفكر المصري أحمد عبد الحليم عطية السيرة الذاتية والفكرية للفيلسوف السلوفاكي سلافوي جيجيك، عارضاً الى واحدة من أبرز أطروحاته حول الإيديولوجيا والتطورات المفهومية والنقدية التي طرأت عليها. يذكر الكاتب أن ميزة أفكار هذا الفيلسوف انه قدم ولا يزال، رؤى مفارقة حول الإيديولوجيا ومنزلتها في عالم القيم، ودورها الذي لا ينضب في إعادة صوع هذا العالم على نحو ينطوي على قدر وازن من الغرابة. كما تضمن البحث بياناً عاماً حول سيرته الشخصية والمؤلفات التي انجزها خلال السنوات الماضية.
- في باب "منتدى الاستغراب" ننشر نصَّين قُدِّما في إطار المؤتمر العلمي الذي انعقد في مدينة أبسالا في السويد في 13-7- 2004 وشارك فيه جمع من الباحثين والمفكرين الأوروبيين ودارت أبحاثه حول التطورات المعرفية التي طرأت على مفهوم الإيديولوجيا في مرحلة العولمة.
النص الأول هو محاضرة للباحث البريطاني مايكل فريدن (Michael Freeden) ويتحدث فيه عن "عصر ما بعد الإيديولوجيا"، حيث يشير الى التراجع الذي حل على الإيديولوجيات في مطلع القرن الحادي والعشرين. مؤكداً أن المستقبل يبشر بعصر جديد هو عصر البراغماتية. أما النص الثاني فهو محاضرة ألقيت في المؤتمر المشار إليه، وهي للباحث البريطاني جون شوارز مانتل J.J. Schwarzmantel حول مجتمعات ما بعد الإيديولوجية، وفيها يتناول ديناميات النزاع والسيطرة التي لا تزال مستمرة تحت ظلال السلطة النيوليبرالية. حيث تستعمل هذه السلطة تقنيات جديدة تشكل بمجموعها أدوات حاسمة لإيديولوجيات الهيمنة على الدول والمجتمعات.
- في باب "نحن والغرب"، يدرس الباحث العراقي محمد عبد المهدي سلمان الحلو أفكار الفيلسوف الإسلامي الشيخ مصباح اليزدي حول الغرب الفكري والحضاري. ينطلق البحث من خلال قراءة أبرز ما ورد في عدد من أعماله البحثية في الفلسفة المقارنة. يشير الكاتب الى أهمية الوقوف على ما قدمه الفيلسوف اليزدي من مطالعات نقدية لثقافة الغرب وفلسفته في ميادين مختلفة. موضحاً انها تشكل قيمة مرجعية لنخب العالم الإسلامي في مواجهة التغريب الفكري، والغزو الثقافي.
- في باب "عالم المفاهيم" يكتب خضر إبراهيم تحت عنوان: "مفهوم الإيديولوجيا – مطالعة في تاريخ المصطلح ومعانيه ومجالات استعماله". في هذا البحث يحاول الكاتب الإحاطة الإجمالية بهذا المفهوم عبر إلقاء الأضواء على حزمة من التعريفات والنظريات والمواقف التحليلية، عارضاً ما قيل حوله من جانب عدد من المفكرين والفلاسفة غرباً وشرقاً.
- أما في باب "فضاء الكتب" فقد قدم الكاتب جهاد أ. خضر قراءة تحليلية لكتاب الباحث الإيراني حسين كتشويان نيان والذي جاء تحت عنوان: "معرفة الحداثة والاستغراب- حقائق متضادة" وفيه يعرض الى السجالات الدائرة بين النخب الإيرانية حول العلاقة مع الغرب من خلال المحاولات البحثية التي تناولت مفهوم الإستغراب.