ما بعد الاستعمار
استقراء العقل الإمبريالي ودحض مبانيه
صدر العدد الجديد من فصلية "الاستغراب" صيف 2018، وقد خُصِّصت أبحاثه ودراساته حول نظريات الاستعمار وما بعد الاستعمار، والآثار المعرفية والاقتصادية والسوسيولوجية المترتبة عليها قديماً وحديثاً.
شارك في كتابة هذا العدد مجموعة من الباحثين والمفكرين وعلماء الاجتماع من أوروبا وأميركا والعالمين العربي والإسلامي، وقد جاءت مساهماتهم ضمن هذه العروض الموجزة على الشكل التالي:
في باب "المبتدأ" نقرأ لمدير التحرير المركزي محمود حيدر مقاربة للفكر ما بعد الاستعماري كما ظهر في مجالين حضاريين متناظرين، مجال الغرب ومجال البلدان المستعمرة، ويرى أن التيار النقدي لحالة ما بعد الاستعمار هو من أبرز الظواهر النقدية لأزمنة الحداثة الفائضة.
ـ في باب المحاورات: نقرأ إجابات قدمها المؤرخ الفرنسي جاك بوشيباداس حول سؤال: ما هي الرهانات والحدود التي تدور مدار فكر ما بعد الاستعمار؟ فهذه الفكرة المحورية شكّلت فضاء هذا الحوار الذي أجراه معه جول نودي Jules Naudet محرر مجلة "حياة الأفكار" (la vie des ideses ) في باريس، وقد بيَّن فيه أن دراسات ما بعد الاستعمار، ليست مادة دراسيّة مخصوصة، وإنّما هي تيّار فكريّ نقدي، داعياً التاريخ، ألا يحتفل بأسطورة التقدم الغربي عبر العالم.
ـ في باب "الملف": نطالع مجموعة من الأبحاث جاءت بالترتيب على النحو التالي:
1 ـ تحت عنوان ما هو "العلم الاستعماري" ؟What is Colonial Science ، كتبت الباحثة الفرنسية أليس كونكلين Alice L. Conklin، مقالة شرحت فيها مفهوم العلم ما بعد الاستعماري، وتضمنت تأصيلاً اصطلاحياً ومعرفياً لهذا العلم، وذلك استناداً إلى جملة من المساعي النظرية المعاصرة للتعريف بهذا المفهوم في نواحيه المتعددة.
ـ بعنوان: الاستعمار المنتشر يحاول الباحث الإيراني البروفسور أحمد رهدار صوغ نظرية معرفية لفهم زمن ما بعد الاستعمار، ولأجل هذه الغاية سعى إلى إعادة تأصيل مفهوم الاستعمار والمفاهيم الفرعية التي تولدت عنه على امتداد الأحقاب الحديثة.
ـ "ما بعد الاستعمار وعلم الاستغراب" دراسة يقدمها الباحث المغربي جميل حمداوي، ويلقي الضوء فيها على نظرية ما بعد الاستعمارية من أكثر من جانب سواء على الصعيد المفهومي أو لجهة الكيفية التي خرجت فيها هذه النظرية إلى حقل التداول. كما يبين الصلة العضوية بين نظرية ما بعد الاستعمار، وما يصطلح على تسميته بعلم الاستغراب.
ـ الباحث المصري حازم محفوظ كتب تحت عنوان "فلسفة ما بعد الاستعمار" وفيها يرى أن النظرية المابعد استعمارية تشكل عنصراً مكوِّناً للمناخ النقدي الذي ساد المجتمعات الثقافية الغربية بعد الحرب العالمية الثانية على وجه الخصوص.
ـ حول "تعريف حقبة ما بعد الاستعمار " POST-COLONIAL STATES AND THE STRUGGLE FOR IDENTITY" يكتب الباحث الأميركي صامويل هلفونت Samuel Helfont رؤيته إلى المفهومية ليشير إلى أن مصطلح «الحقبة ما بعد الاستعمارية» يعتبر إشكالية أساسية للمؤرخين المهتمين بالشرق الأوسط في القرن العشرين. كما تتضمن المقالة مناقشة عامة للجدل القائم عن حقبة ما بعد الاستعمار، يتناول فيها الباحث دراسة حالات ثلاث، وهي: مصر والعراق وإيران.
الباحث المصري محمد عبد الله أحمد كتب مقالة تحت عنوان "الإنتلجنسيا القلقة" وهي مقاربة للإشكاليات الداخلية التي تعيشها النخب العربية وهي تتصدى للتحولات التي طرأت على الوضع العالمي، الذي عبرت عنه النيوليبرالية في الغرب بجملة من المفاهيم والنظريات التي تسوّغ للاخضاع. وحسب تحليل الكاتب فإن هذه الإشكاليات المعرفية تبدو كترجمة صريحة وصارخة لمرحلة ما بعد الاستعمارية.
ـ "الفلسفة والاستعمار" Philosophie et colonialism chez Snquetil-Duperron للباحث الفرنسي سيمون غابليوندو Simon Gallegod Gabilondo وهي مقالة تستقرئ الأفكار النقدية للاستعمار التي طرحها المستشرق الفرنسي المعروف ديوبرون، وتبيِّن أبعاد العلاقة بين المنجز الفلسفي الأوروبي والواقع الاستعماري. كما تركز على نقد مفاهيم عصر التنوير التي جعلت من أطروحة المركزية الغربية مرجعاً لها.
ـ في "باب حلقات الجدل" نقرأ مجموعة أبحاث تناولت النظرة والتجربة الاستعمارية والما بعد استعمارية على النحو التالي:
ـ تحت عنوان: هيغل وإفريقيا" نقرأ مقالة الباحث الجزائري مونيس بخضرة التي ركّزت على أهمية إفريقيا الفلسفية والثقافية في فكر الفيلسوف الألماني جورج هيغل. كما تتضمن المقالة تحليل علاقة هيجل بإفريقيا، ودعمه للنزعات الاستعمارية الأوربية التي مهَّدت معرفياً للثقافة الاستعمارية، ومواقفه الشهيرة من الفكر الإفريقي .
ـ تحت عنوان: "ما بعد الكولونيالية وما بعد الحداثة في الجزائر" يجري الباحث المصري أحمد عبد الحليم عطية قراءة أبستمولوجية للعلاقة بين مفهومين متصلين ببعضهما اتصالاً وطيداً في الثقافة الغربية، هما: مفهوم ما بعد الكولونيالية ومفهوم ما بعد الحداثة. وانطلاقاً من التأسيس النظري لهذه العلاقة يقوم الباحث بتطبيق هذا التأصيل النظري على تجربة الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
ـ بعنوان: "الإمبريالية السياحية ـ إخفاقات الحداثة الغربية في البلاد العربية" نقرأ بحثاً للأكاديمي التونسي عادل الوشاني .
هذا البحث يسعى إلى جلاء الكثير من الغموض حول هذا الحقل الحيوي في الاقتصاد العالمي، وخصوصاً اقتصادات العالم العربي المتوسطي، ثم يصل إلى جملة استنتاجات مؤداها الإجمالي إخفاق الحداثة الغربية بصيغتها الاستعمارية في تطوير الأنظمة السياحية في البلاد العربية.
ـ بعنوان: التمهيد لـ "ما بعد الاستعمار" يقرأ الباحث اللبناني محمد نعمة فقيه الأحقاب الاستعمارية التي مرّت بها أوروبا في منطقة الشرق الغربي والإسلامي. وقد ذهب الباحث إلى بيان الأسس التاريخية والمعرفية لنشوء الاستعمار الحديث.
ـ الباحث الماليزي أحمد فاوسي أوغونبادو Ahamad Faosiy Ogunbado يكتب تحت عنوان: آثار الاستعمار على الأديان" Impacts of Colonialism on Religions: An Experience of Southwestern Nigeria. ويقدم تجربة جنوب غرب نيجيريا كنموذج تاريخي في هذا السياق. كما يتناول الباحث الكيفية التي تعامل بها البريطانيون مع الديانتين الإسلامية والمحلية الدينية خلال الفترة الواقعة بين القرنين التاسع عشر والعشرين (1861 ـ 1960).
ـ في باب "الشاهد" نقرأ دراسة حول الفيلسوف والمناضل الإفريقي المعروف فرانز فانون بقلم الباحث اللبناني علي قصير. في هذه المقالة يتعرض الكاتب الى شخصية الفيلسوف السياسي والمناضل الأممي فرانز فانون كشاهد على مرحلة من أبرز مراحل التمدُّد الاستعماري في العالم الحديث. كما تغطي هذه المقالة السيرة الذاتية لفانون منذ ولادته في جزر المارتينيك الفرنسية، وصولاً الى أن يصبح أحد أهم المفكرين والفلاسفة المناهضين للكولونيالية المعاصرة.
ـ في باب "نحن والغرب" نطالع دراسة للباحث السوداني مجدي عز الدين حسن تحت عنوان "نقد الكولونيالية من منظور إدوارد سعيد". تعاين هذه الدراسة جانباً مهماً في الدراسات ما بعد الاستعمارية الحديثة، ولا سيما ما يتصل منها بالنقد الذي تضمنته في خلال العقود الأربعة المنصرمة، وقد ركز الباحث هنا على المشروع الذي أطلقه المفكر العربي الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد حول الإمبريالية المستحدثة. حيث تجلّى هذا المشروع بصورة خاصة في كتابيه المعروفين: "الاستشراق" و "الثقافة والإمبريالية".
ـ في باب "عالم المفاهيم" أعد الباحث والإعلامي خضر أ. حيدر دراسة شاملة حول مفهوم الاستعمار بأطواره القديمة والجديدة. وقد قام بجولة بانورامية على مصطلح الاستعمار المتعدد المعاني والدلالات، بالإضافة إلى المفاهيم المتفرعة منه في مجال النظرية والتجربة التاريخية.