إيمانويل كانط: ما له وما عليه
صدر حديثاً العدد التاسع من فصلية «الاستغراب» خريف 2017 وتمحورت موضوعاته حول أعمال ومنجزات الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، والإشكاليات المعرفية التي أثارها في زمانه وامتداداتها إلى أزمنتنا الراهنة.
يضم العدد شبكة من المقالات والأبحاث والدراسات شارك فيها مفكرون وكتاب من العالم العربي والإسلامي ومن أوروبا وأميركا. وقد جاءت الموضوعات على الوجه التالي:
في المبتدأ كتب مدير التحرير المركزي محمود حيدر مقالة بعنوان: «الميتافيزيقا المثلومة» وفيها يعرض إلى المفاصل الأساسية لمنظومة كانط الفلسفية، ويبين جملة من الإشكالات التي شهدها فضاء ما بعد الحداثة حول أهم المقولات الكانطية ولا سيما تلك التي تتعلق بإمكان تحويل الفلسفة إلى علم كسائر العلوم، ومنزلة العقل في المشروع الكانطي من ناحية عجزه عن إدراك المسائل المتصلة بمعرفة الله والعقائد الغيبية.
ـ في باب «محاورات» لهذا العدد نقدم حواراً حول منظومة كانط الفلسفية مع الباحث الإيراني البروفسور حسين غفاري. الأفكار التي طرحها غفاري في الحقل الأبستمولوجي عند كانط تسهم في تفعيل النقاش الفكري حول شخصية ريادية في عالم الفلسفة الحديثة، لا تزال أطروحاتها المفارقة تشغل الأوساط العلمية والثقافية على نحو لم يسبق له نظير.
ـ «في الملف» نقرأ مجموعة من الأبحاث والمقالات جاءت على النحو التالي:
ـ في بحث تحت عنوان «الميتافيزيقا كما يراها كانط»: KANT›S VIEW OF METAPHYSICS يكتب الباحث الإنكليزي Archibald A. Bowman أرتشيبال أ. بومان.
أهمية هذه المقالة التي تعود كتابتها إلى قرن مضى، أنها تستبطن تفكير كانط لتستظهر ما كان كانط نفسه قلقاً وحائراً حياله، وهو موقفه من الميتافيزيقا التي نقدها حتى درجة الإقصاء من أجل أن يميل بها إلى جهة أخرى لكي تنحصر مهمتها في الموجود كمعطى فينومينولوجي. لكن كانط ـ حسب كاتب هذه المقالة ـ لم يكن على يقين من صحة ما فعله، وظلّ حتى آخر أيامه يشكك في جدوى تحويل الميتافيزيقا إلى علم.
ـ تحت عنوان: «العقل المتهافت بين الغزالي وكانط» يحاول الباحث والأكاديمي اليمني عبد الله محمد الفلاحي تأصيل رؤية نقدية للعقل. وقد ذهب من أجل هذه الغاية إلى إجراء مقارنة فريدة بين كل من الفيلسوف المسلم أبو حامد الغزالي والألماني إيمانويل كانط، حيث يبيِّن أن هناك صلة امتدادية بين الفيلسوفين لجهة قصور العقل عن إدراك كُنهِ الذات الإلهية المقدسة.
ـ الباحث والأكاديمي الإيراني رضا نصر آبادي يسعى في مقالته إلى جلاء مسألة غامضة ومثيرة للإشكال وهي الصلة الوثيقة بين العلمانية ومنظومة كانط الفلسفيّة كما يسعى إلى كشف الغطاء عن الجذور العلمانية الممتدة في هذه الفلسفة، مؤسِّساً رؤيته على ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني في كتابه «نقد العقل المحض» لجهة محدودية المعرفة البشرية في معرفة الشيء في ذاته. وخصوصاً معرفة الله التي لا يقاربها إلا العقل العملي مقاربة سلوكية.
ـ تحت عنوان: نقد كانط للميتافيزيقا (Kant›s Criticism of metaphisics) الإنكليزي المعاصر ويليام هنري والش William Henry Welch واحدة من أبرز المفارقات المعرفية في الفلسفة الكانطية، وهي إمكانية الميتافيزيقا في التحول إلى علم، مع أنها تحتل مقاماً غريباً بين العلوم في الآن عينه. السؤال الذي يبني عليه والش نقده لأطروحة كانط هو التالي: إذا كانت الميتافيزيقا التقليدية عاجزة عن الوفاء بحاجات البشرية فأي ميتافيزيقا ستكون قادرة على الوفاء بتلك الحاجات؟
ـ الباحث المصري البروفسور أحمد عبد الحليم عطيّة يتناول أفكار كانط من خلال رؤى تأويلية متعددة قدّمها مفكرو وفلاسفة ما بعد الحداثة. كما يبيّن أبرز القراءات التي تأثرت بكانط. منها على سبيل المثال الكانطية الجديدة والبنيوية والوضعية المنطقية وصولاً إلى الماركسية، وما تلا ذلك من تيارات ليبرالية وعلمانية رأت إلى كانط كمعلم أول لعصر الحداثة.
وقد أجاب الباحث على جملة أسئلة تشكل محور مقالته أبرزها: كيف تعامل الفكر الحداثوي مع كانط، وكيف فهموه، وإلى أي حدّ صحّت قراءاتهم في ظل الموجة العارمة من الإسقاطات الأيديولوجية التي تعرض لها؟
ـ تسلّط مقالة الباحث العراقي مازن المطوري الضوء على واحدة من أهم خصائص المنظومة المعرفية الكانطية، عنينا بها تلك المتعلقة بالمعرفة ومنزلتها في تلك المنظومة. كما يسعى إلى تأصيل قيمة المعرفة انطلاقاً من قراءاته لموقف إيمانويل كانط في هذا الصدد، حيث يبني الأخير نظريته في المعرفة على خلاف ما ذهب إليه سلفه رينيه ديكارت في اعتبار الشك أساساً منهجياً بلوغ المعرفة.
ـ الباحث الأميركي في الفلسفة والفيزياء روبرت آندرو آرييل (Robert Andrew Ariel) يكتب تحت عنوان: كانط والبراهين اللاهوتية (Theistic Proofs and Immanuel Kant: A Conflict Revisited).
ـ تركز مقالة في نطاق معرفيّ شديد الحساسية في فلسفة كانط، وهو الذي نجده في فرضيته التي أوردها في «نقد العقل المحض» حول أن الأدلة اللاهوتية تستعصي على الصياغة بطبيعتها.
يحاول الكاتب، إعادة تفكيك الفرضية الكانطية وتقديم الأدلة على فشلها وبطلانها. ذلك لأنها تشكل أكثر العوائق فعّالية التي يواجهها أي اعتقاد عقلاني بوجود الله.
ـ الباحثة المصرية صابرين زغلول تكتب مقالتها تحت عنوان «فلسفة كانط بين الإلحاد والإيمان» وفيها تعرض إلى ديناميات التأويل المتنوعة التي قرأت كانط بين ضدين متناظرين: الإلحاد والإيمان. تحاول الباحثة في مقالتها هذه التصدّي للتأويلات المتناقضة حول ما إذا كان كانط ملحداً أو مؤمناً إيماناً عقلياً، كما ستمضي إلى نقد التيارات العلمانية والإلحادية التي أمسكت بناصية النص الكانطي لتوظفه ضمن دوائرها الأيديولوجية.
ـ الباحثة الأميركية إيفا شابر Eva Schaper مقالة بعنوان «الشيء في ذاته بوصفه تخيُّلاً فلسفياً: مطارحة في الخيال الكانطي» (The Kantian Thing-in-Itself as a Philosophical Fiction) تعيد هذه المقالة الاعتبار لمفهوم «الشيء في ذاته» كأطروحة كانطية تدخل في نطاق التخيّل الفلسفي، وطبقاً لهذه الفرضية تبذل الباحثة مجهوداً خاصاً لتسويغ الصور التخيّلية كأدوات منهجية في التعرّف على الفضاءين المعرفيين الفلسفي والعلمي.
ـ تحت عنوان: «النقد الهيغلي لكانط: دحض التجريبية والأمر المطلق» (Hegel’s Critique of Kant’s Empiricism and the Categorical Imperative) تنبِّه الباحثة الأميركية سالي سدجويك Sally S. Sedgwick إلى العلاقة القائمة بين نقد هيغل للأمر المطلق لدى كانط ونقْده للمثالية الكانطية بشكلٍ أعم. وعادةً، يحتجّ المدافعون عن علم الأخلاق لدى كانط في مقابل اتّهام هيغل له «بالشكلية الفارغة» يحتجّ بأنّ الأخير يشوِّه نوعيةَ اختبار التناقض المشمول في تطبيق الأمر المطلق، وأنّه ينسبُ إلى كانط بشكلٍ خاطئ الرأيَ الذي يُفيد استمدادَ واجباتٍ محدَّدة بشكلٍ تحليليٍ من هذا الأمر. ولكن عادةً ما يُهمل هؤلاء المدافعون تناولَ اعتراضات هيغل في سياق مشروعه الرامي إلى اقتراح بديلٍ لنوع المثالية الخاص بكانط. هذه المقالة تضيء أيضاً على إحدى أبرز مناطق السجال الخفية التي أطلقها هيغل ضد كانط وتشكّلت جرائها مدارس ومذاهب وتيارات سيكون لها أثر لاحق وجوهري في تأسيسات ما بعد الحداثة.
ـ يتناول الباحث في الفلسفة الإسلامية العلامة علي عابدي شاهرودي، فرضية إيمانويل كانط في معرفة العلوم وتمايزها ولو على نحو الإجمال عن سواها من النظريات الفلسفية الغربية في هذا الصدد. وينطلق هذا المسعى من فرَضية اعتمدها العلامة شاهرودي ومؤداها أن كانط بنى منظومته الفلسفية على عدد من الأصول والمبادئ تتمحور حول الارتباط الوثيق بين الميتافيزيقا ومعرفة العلوم. هذه المقالة سعت إلى تأصيل هذه الفرضية، كما تضمّنت شرحاً لأركانها العامة ثم سعت إلى مقاربتها ونقدها.
بعنوان: « الانقسام العلماني ـ الديني معاثر التراث الكانطي (The Secular-Religious Divide: Kant’s Legacy) للكاتب ريتشارد ج. برنشتاين Richard J. Bernstein» تأصيل لأطروحات الفيلسوف الكندي تايلور وتتركّز على إشكالية الانقسام العلماني الديني في التراث الكانطي.
ـ في سياق أطروحاته حول العصر العلماني يُميّز تايلور Taylor بين ثلاثة معانٍ مختلفة للعلمانية، إلا أنها متصلة فيما بينها. يركز المعنى الأول على الفضاءات الشعبية التي زُعم إفراغها من الله ظاهرياً. وفي المعنى الثاني يبيّن تايلور أن العلمانية تشكّلت بعد تراجع الاعتقادات والممارسات الدينية، وانصراف الناس عن الله، والتوقف عن الذهاب إلى الكنيسة”. أما المعنى الثالث فهو يعتبر الهمّ الرئيسي لتايلور، ويركّز على ضرورة الانتباه إلى «شروط الاعتقاد».
ـ تبحث هذه المقالة بعنوان: «الإلتزام الأخلاقي مباحثة برغسون مع كانط» (Monique Castillo, « L’obligation morale: le débat de Bergson avec Kant », Les) للباحثة الفرنسية مونيك كاستيلو Monique Castillo في إمكان إجراء تناظر بين الفيلسوفين الفرنسيين إيمانويل كانط وهنري برغسون. تدور المناظرة الافتراضية التي يسعى هذا البحث إلى تظهيرها حول منهجين متباينين يعالجان القضية الأخلاقية والتزاماتها. ففي حين نجد أن الأخلاق الكانطية تعمل على إثبات مفهوم العقل كما بيّنه كانط، تمضي الأخلاق البرغسونية إلى إثبات تفوق العقل على الحدس. إلا أن النقطة المحورية التي يتركز عليها هذا البحث هي تناول الالتزام الأخلاقي كتجربة فكرية.
ـ تتناول هذه المقالة للباحث التونسي في الفكر الفلسفي البروفسور حميد لشهب نقد الفيلسوف الألماني شوبنهاور لمنظومة كانط ولا سيما لجهة معارضته نظرية الأخير حول إمكان إدراك الشيء في ذاته خارج التجربة. يشير الكاتب إلى أن المؤلفات الفلسفية التي كانت مشهورة في القرنين السابع عشر والثامن عشر، بدت وكأنها أشبه بمحكمة، كان العقل هو متهمها الأول. البرهنة على قدراته وحدوده في المعرفة هي الهم السائد لـ «قضاة» الفكر الفلسفي سواء تعلّق الأمر بفرانسيس بيكون أو ديكارت أو سبينوزا أو جون لوك أو دافيد هيوم. أما مؤلفات كانط في هذا الإطار فقد كانت تتويجاً لهذه المحاكمة بسلسلة من المؤلفات وعلى رأسها «نقد العقل الخالص» الذي يهمنا هنا.
ـ «لم يكن كانط مواطناً ألمانياً، وإنما مواطناً عالمياً يحلم ببشرية يعمّها السلام ويرعاها العقل».. على هذه الفرضية المستخلصة من مشروع حول السلام الدائم، تتأسس هذه المقالة للباحث المصري محمد سيد عيد. التي جاءت تحت عنوان «مفهو مالضيافة الكونية عند كانط».
تتضمن المقالة مقاربات مفهومية لمعنى ومقصد الضيافة الكونية، وبالتالي موقعيتها في الفلسفة السياسية بعامة وفلسفة كانط على وجه الخصوص
ـ بعنوان «الدين الأخلاقي عند كانط» للباحث المصري غيضان السيد علي محاولة لبيان المسألة الأخلاقية ـ الدينية انطلاقاً من القواعد التي قدمها كانط في إطار نقد الدين الأخلاقي.
يبيِّن الباحث أن الدين في بعده الأخلاقي عند كانط هو دين الفطرة الذي يتشكل وجوده وبنيته في منطقة المشاعر الإنسانية.
وعلى هذا الأساس حلّت القضية الأخلاقية كقضية تأسيسية مسبقة في وجود الدين. وسنجد في البحث إجابات على مجموعة من الأسئلة حول ماهية الدين والألوهية والعبادات.
ـ تحت عنوان: «مفهوم الواجب عند كانط» تحاول الباحثة في فلسفة الدين علا عبد الله خطيب تأصيل مفهوم الواجب لجهة انفراد كانط بعبارة الواجب كمعادل للخير والخيرية كما ذهب إلى ذلك عدد من قراء كانط، ولاسيما من الفلاسفة اللاحقين عليه. أما النقطة الأبرز التي تشكل محور هذا البحث فهي إعادة تظهير مفهوم الواجب كأساس في العمارة الفلسفية الكانطية والإشكاليات التي واجهته في الفضاء الفلسفي الحديث.
في باب (الشاهد) يكتب الباحث اللبناني خضر حيدر عن شخصية كانط في سياق تعريفه إلى القارئ كشاهد على حقبة محورية في تاريخ الفلسفة الحديثة. فهو يجمع بين السيرة الذاتية والأعمال الأساسية التي قدّمها كانط وأحدثت ثورة معرفية في عالم الحداثة وفلسفتها. كما يتضمن البحث جولة بانورامية على نشأته العائلية والظروف الاجتماعية والنفسية التي كان لها تأثير بيّن على شخصيته فيما بعد، هذا بالإضافة إلى رصد المراحل الأساسية لفكره وتأثره بمن سبقه من فلاسفة الحداثة ولا سيما الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت، والإنكليزي ديفيد هيوم.
في باب (منتدى الاستغراب) نعرض إلى ندوة نظمتها إدارة تحرير الاستغراب تحت عنوان (منظومة كانط الفلسفية ما لها وما عليها) وقد شارك فيها وأدارها مدير التحرير محمود حيدر، وضمّت مداخلات للأساتذة في الفلسفة: حسين صفي الدين، جميل قاسم، وهادي قبيسي. وقد تناولت الندوة المنظومة الكانطية من زوايا مختلفة وخصوصاً الإشكاليات التي طرحت في كتاب نقد العقل المحض، والدين في حدود العقل. وما ترتب عليها من مساجلات في الميدانين الأنطولوجي والفينومينولوجي فضلاً عن فلسفة الدين.
في باب (نصوص مستعادة): نقرأ نصين مستعادين: الأول للفيلسوف اللبناني الراحل موسى وهبه (1941 - 2017). والثاني للباحث في الفلسفة الغربية باتريك ماسترسون بعنوان: "كانط المطلق المحدود".
تتميز مقالة وهبة «مديح المثنى ـ أو كانط ضد هيغل، في محاكاتها للمضمر الذي ينطوي عليه كل منهما حيال الآخر، ثم تظهير هذا المُضمر بأسلوبية تتسم بالبراعة والرشاقة واللغة والقص الفلسفي البليغ. تجدر الإشارة إلى أن المقالة التي اخترنا استعادتها كانت نشرت كافتتاحية لمجلة «فلسفة» في عددها الأول والوحيد الذي صدر تحت إشراف وهبه في خريف العام 2003.
ـ في النص المستعاد للباحث الأميركي باتريك ماسترسون تحت عنوان" كانط والمطلق المحدود". إطلالة على واحدة من أهم النظريات الميتافيزيقية التي استند إليها كانط لبناء منظومته الفلسفية. هنا يضيء على ثلاثية العقل والروح والله بوصفها كلاً واحداً يترجم الأشياء في ذاتها، حيث يتسم موقفه من مسألة مكانة العقل أو الروح بشدة التعقيد ويستأهل مزيداً من البحث المفصل أكثر مما تسمح به صفحات قليلة. وهكذا سيكتفي الكاتب بعرض مجمل لموقف كانط الميتافيزيقي وجلاء ما شابه من التباسات فيما يتصل بالثلاثية المشار إليها.
في باب فضاء الكتب نقدم قراءة تحليلية للكتاب الذي أصدره المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان: «الحداثة عند كانط في رحاب آراء الشيخ مرتضى مطهري».
الكتاب من تأليف الباحث الإيراني علي أكبر أحمدي وترجمه عن الفارسية أسعد مندي الكعبي.