خُصِّص هذا العدد (السابع) من فصلية «الاستغراب» للإضاءة على بيان ونقد ظاهرة الإلحاد في العالم الحديث وقد جرى تناول هذه الظاهرة استناداً إلى مرجعيتها الفلسفية والمعرفية والعلمية.. وذلك من خلال عدد من مفكريها المعاصرين أمثال ريشارد دوكينز و سام هاس وسواهما ممن أنكروا الإيمان الديني بذريعة أن العقل البشري والعلم الذي كل ينتجه يستطيع الإجابة على أسرار الكون.
تضمّن العدد أبحاث ومقالات لمفكرين غربيين، ومن العالمين العربي والإسلامي وقد جاءت حسب أبواب المجلة على النحو التالي:
في باب «المبتدأ» كتب مدير التحرير مقالة استهلالية تحت عنوان: تدنّي الإلحاد وتهافته» وقد عرض فيه إلى الجذور الفلسفية والفكرية للفكر الإلحادي في الغرب، مشيراً إلى الدور الذي لعبته الحداثة على امتداد خمسة قرون في التنظير للعلمنة ومعاداة الدين.
في "باب محاورات"
نقرأ حواراً أجراه الباحث العراقي عامر عبد زيد الوائلي مع المفكّر المصري مصطفى النشّار وقد تركز على القضية المتصلة بمحور هذا العدد حول الإلحاد وبواعثه واستظهاراته في الغرب وفي العالم العربي، ثم امتدت الأسئلة معه لتشمل الشخصيّ والمعرفيّ، فضلاً عما تدور حوله موضوعات النقاش في الحقول الفكرية والمعرفية المختلفة.
تضمن الحوار مع البروفسور النشّار مطالعات نقدية حول الوجه الاقصائي والعنصري للعقل الحداثي الغربي. سواء لجهة الهيمنة على الشعوب والحضارات الأخرى أو لناحية نقضه للبعد الروحي والإيماني في حياة الإنسان.
أما الحوار الثاني فقد جرى تحت عنوان إشكالي ومثير: "هل خلق الدماغ الله أم الله خلق الدماغ؟".: le cerveau a-t-il créé Dieu ou Dieu a-t-il créé le cerveau شارك في هذا الحوار أستاذان متخصصان بالفلسفة وعلم اجتماع الأديان في مركز مونتريال الثقافي في كندا. الأول هو البروفسور George Helal، أستاذ الفلسفة في جامعة مونتريال، والثاني هو Yanick Villedieu الصحافي ومقدّم البرامج في الراديو الكندي. أما التقديم الإجمالي لهذا الحوار فقد تولاّه الباحث في فلسفة العلم البروفسور جوزيف آرثر بيرجيرون. والجدير بالذكر أن هذا الحوار جرى برعاية إدارة مركز مونتريال الثقافي ـ كندا في 28 أكتوبر 2010.
ـ في «الملف» نقرأ مجموعة من الأبحاث العربية والأجنبية حول الإلحاد، وقد وردت على الشكل التالي:
«وهم دوكينز» “The Dawkins Delusison” وهو فصل من كتاب الباحثين البريطانيين
Alister Mcharth and Janna Collicutt Mchrath.
يُتناول الكاتبان أطروحات دوكينز التي شكلت عاصفة لم هدأ في ميدان التفكير الإلحادي. وبصرف النظر عن مدى عمق الأطروحات التي يقدّمها في هذا الميدان وأهميتها، فقد استطاع أن يختطف الأضواء بسبب «الفانتازيا» التي اعتمدها في تظهير أفكاره، وخصوصاً بين الشباب والأوساط الأكاديمية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
هذا البحث يتضمن مساجلة مع أفكار دوكينز وخصوصاً تلك التي وردت في كتابه الشهير «وهم الإله».
ـ المفكر الإيراني العلامة مهدي الحائري اليزدي يكتب تحت عنوان «البرهان الوجودي على وجود الله» وفي هذه الدراسة نقرأ، مقارنة مباحث الإلهيّات في الفلسفة الغربية بالحكمة الإلهية المشرقية، وبالفلسفة الإسلامية خصوصاً. يحاول الباحث في هذا الميدان تطبيق الحكمة الغربية على الحكمة الشرقية وطرائق الاستدلال المتداولة بين فلاسفة الدائرتين؛ ليصل بعد المقارنة والتطبيق إلى فهم مدى الانسجام بينهما في المقدّمات والنتائج، ورفع الثنائية المفترضة التي استقرّت في أذهان كثيرين تحت عناوين مختلفة كالحداثة وما قبلها وما بعدها.
ـ تحت عنوان: "الإنسان مختزلاً" dsjrvz الباحث اللبناني هادي قبيسي المشهد الثقافي والفكري في الغرب، ويتطرّق إلى المساجلات الفكرية بين الإيمان والإلحاد خلال أزمنة النهضة ابتداءً من القرن الثالث عشر الميلادي حيث أسفرت عن انتصار فائق للعلمنة والدنيوية على السلطة اللاهوتية للكنيسة. سوى أنه يشير إلى أن هذه الغلبة التي حققتها الدنيوية الصارمة على المسيحية الغربية راحت ترتد على الفرد والجماعة بضرب من الإحساس بالانشطار بين الحاجة إلى التقنية وتطوّراتها، وضرورة الامتلاء بالمتعالي الروحي.
اللاّهوتي الإيرلندي أليستر ماكراث يكتب مقالاً تحت عنوان: هل قتلَ العلمُ الله L’évolution a-t-elle éliminé Dieu? وهو مساجلة لاهوتية فلسفية لأفكار دوكينز وتطرح تساولات حول عقلانيته الفكرية وعن اسس بياناته. من الواضح كما يبيِّن صاحب المقالة ان إلحاد داوكينز هو على صلة وطيدة بعلمه وفكره المغلق، وهو يفتقد إلى أسس برهانية لكونه مدافعاً عن المنهجية العلمية.
ـ الباحث المصري محمد عثمان الخشت كتب تحت عنوان: «ثغرات في جدار الإلحاد ـ الوعي بالإله من المفهوم الإسلامي إلى المفهوم الغربي». وتكشف هذه المقالة عن مواطن الصدع المنهجي في الهندسة النظرية للتفكير الإلحادي، وهي تبيِّن من خلال العرض التحليلي التاريخي، ما يسميه الكاتب بالثغرات التي تصيب جدار الإلحاد جراء الخلل المنهجي في فهم الحقائق الواقعية للحياة البشرية وارتباطها بالبعد الغيبي. كما يؤسس الباحث مقالته على جلاء معاني الألوهية بحسب ما جاءت به الأديان والفلسفات من أفهام وتعريفات، ثم ليدخل في تأصيل فكرته حول بطلان الأسس التي يعتمدها الملحدون في تسويغ تصوراتهم.
ـ «الإلحاد في الغرب .. فلسفة وجود أم أمل طوباوي» هو عنوان البحث الذي كتبه الباحث والأكاديمي الجزائري شريف الدين بن دوبه. تبحث هذه المقالة في جذور الظاهرة الإلحادية التي نشأت في الغرب، وتبيِّن بواعثها الفكرية والثقافية، وما إذا كانت تشكل رؤية فلسفية للوجود أم هي مجرد أملٍ طوباوي.
كما يبيّن في سياق بحثه التمايز في مفهوم الوجود بين ما أسست له الحكمة اليونانية عبر أرسطو من أفهام وما قدمته الفلسفة الغربية في هذا المضمار.
ـ تحت عنوان: «فشل النظام الأخلاقي في الغرب» : THE FAILURE OF NEW ATHEISM MORALITY.
يتناول الباحث الأميركي Robert Delfino في جامعة ST. John,s اعتقادين أساسيين عند أساتذة الإلحاد في الغرب مثل ريتشارد دوكينز وسام هامش. الأول هو العلموية، التي ترى أن العلم وحده قادر على أن يزوّدنا بمعرفة تامّة وموثوقة عن الواقع. والثاني هو الطبيعانية الميتافيزيقية، التي تنفي وجود كيانات فوق طبيعية. يركز المؤلف في هذه المقالة على الطبيعانية الميتافيزيقية التي يقبل بها الملحدون الجدد وغيرهم من الطبيعانيين، ويهدف للإجابة عن السؤال التالي: هل يمكن أن توفّر الطبيعانية الميتافيزيقية أساساً كافياً للقيم الأخلاقية الموضوعية؟ يبيّن الكاتب أن الجواب هو «لا»، ثم يناقش عدداً من المشاكل الجدّية الكامنة في التفسير الطبيعاني لأساس الأخلاق.
ـ في باب «حلقات الجدل» ننشر مجموعة مقالات حول الإلحاد والجدالات الدائرة بصدده في الغرب والعالمين العربي والإسلامي، وقد جاءت على الشكل التالي:
ـ يكتب Jan Dominique Robert» تحت عنوان: «الله.. ألأساس النهائي للحقيقة العلمية، وفيه يتناول طبيعة العمل العلمي نفسه والمشاكل ذات الطابع الفلسفي التي يطرحها. كذلك يبحث المقال جملة من المشكلات المعرفيّة المتّصلة بالجدل حول العلم والألوهة. ثم يُقرِّر واستناداً إلى الاستدلالات المنطقية أن اللَّه هو الأساس النهائي للحقيقة العلمية.
ـ الباحث المصري غيضان السيد علي كتب مقالة بعنوان: «الإلحاد الإبستمولوجي ـ ديفيد هيوم تمثيلاً»، وقد قارب فيها بمقاربة الفضاء المعرفي «الأبستمولوجي» للإلحاد، حيث ذهب الكاتب إلى تظهير المباني الفلسفية والنظرية لما يسميه بـ الإلحاد الأبستمولوجي الذي ظهرت معالمه الأولى في القرن السابع عشر.
ولتأصيل هذا المسعى وبيان معالمه اتخذ الكاتب من الفيلسوف الإنكليزي ديفيد هيوم مادة يؤسس عليها مسعاه كما يسجل مجموعة من الملاحظات النقدية على منظومته الفلسفية..
ـ «النقد الغربي للإلحاد» هو عنوان المقالة التي قدمها الأكاديمي والباحث في الفلسفة الحديثة في جامعة بني سويف في مصر عماد الدين عبد الرزاق. وهذا البحث يلقي الضوء على ظاهرة الإلحاد في الغرب في أطوارها القديمة والمعاصرة، كما يبيِّن المسارات التي سلكتها العملية النقدية للإلحاد من جانب فلاسفة ومفكرين أثروا أزمنة الحداثة بمنجزاتهم، وأسهموا في نقاش لا تزال مفاعيله سارية إلى يومنا هذا.
ـ الباحث السوري نبيل علي صالح كتب مقاربة نقدية في المضمون الفكري لظاهرة الإلحاد وكما نشأت في أوروبا الحديثة. وتتناول هذه المقالة الإلحاد بما هو ظاهرة تاريخية في الفكر الغربي، وتحاول أن توضح الأسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى ولادة هذه الظاهرة. وسعياً إلى هذه الغاية يعمل الكاتب على إجراء مقاربة نقدية للمضمون الفكري للإلحاد، والثغرات المنطقية التي تصور منظومته المعرفية على المستويين التاريخي والفلسفي.
ـ «براهين علم الكونيات ـ بحث مقارن بين الرؤيتين الغربية والإسلامية» هو عنوان البحث الذي قدمه أستاذ الفلسفة في جامعة الطباطبائي في إيران حميد رضا آيت اللهي. لقد تطرّق الباحث في هذه المقالة إلى تحليل فحوى دلالة برهان علم الكون طوال تأريخ مسيرته التكاملية وسلّط الضوء على تفاصيله في رحاب ثلاثة تيّاراتٍ أساسيةٍ، حيث وضّح معالمه على ضوء الفكر الإغريقي وأطروحتي المفكّرَيْن الغربيَّيْن توما الأكويني وجوتفريد فيلهيلم لايبنتز؛ وبعد ذلك ذكر خصائصه في كلٍّ من هذه التيّارات الثلاثة وأشار إلى أهمّ عناصره المحورية في الفلسفة الإسلامية، ثمّ ذكر أوجه الاختلاف في طرحه ضمن المدرستين الفكريتين الإسلامية والغربية ولا سيّما من حيث مقوّماته الفلسفية. كما قام الباحث بإجراء دراسةٍ نقديةٍ حول برهان علم الكون ومن ثمّ قيّم هذا النقد على أساس برهان الإمكان والوجوب.
المفكر الإيراني محمد حسن قراملكي كتب بحثاً بعنوان «شبهات الملحدين ـ النقد العقلي لـ «لا عقلانية» الإلحاد. وتهدف هذه المقالة إلى تظهير منظومة معرفية تبحث من جهة في الأجلة العقلية والمنطقية على وجود الله تعالى وتتناول من جهة ثانية بعض الشبهات التي طرحت حولها من قبل الملحدين والمشكّكين، ومن ثمّ تثبت أنّ الاعتقاد بوجوده تعالى ينسجم انسجاماً تامّاً مع حكم العقل والفطرة الإنسانية بحيث يمكن إثباته بالبراهين الفلسفية والفطرية التي لها قابلية على نقض كلّ شبهةٍ يطرحها أهل التشكيك والإلحاد، فالشبهات الواهية التي تشبّث بها هؤلاء لا تصمد أمام تلك البراهين الدامغة وليس من شأنها إيجاد أيّ خللٍ في دلالاتها.
ـ في باب «الشاهد» اخترنا لهذا العدد قراءة في سيرة الفيلسوف الأخلاقي الألماني فرانز فون بادر كتبها، وهو متخصص في الفلسفة الإسلامية ويدرّس في جامعات ألمانيا.
تطرق هذه المقالة باباً استثنائياً في الحديث عن سيرة (Frenz von Baader) الذي نقد الكوجيتو الديكارتي وأبطل مفاعيله المنطقية من دون أن تتخذ فلسفته مسارها الفعليّ في الحداثة الغربية، ربما يعود السبب إلى الطبيعة الجذرية في نقد بادر لقيم الحداثة ولا سيما في جانبها الدنيوي والإلحادي.
قد تكون السمة المفارقة لشخصية هذا الفيلسوف أنه أنشأ منظومته في فهم الوجود على نحو مغاير لآباء الفلسفة الحديثة. في ردّه على كوجيتو ديكارت «الأنا أفكر إذاً أنا موجود» يقول «كوجيتو» أنا مفكّر فيه وبه من الله، إذن أنا يمكن أن أكون وأفكر».
ـ في باب «متندى الاستغراب» نقرأ مناظرة حوارية حول Does God Exist? William Lane Craig vs. Peter millican.
جرت هذه المناظرة في معهد الفلسفة في جامعة برمنغهام بالمملكة المتحدة، ودارت حول قضية قديمة جديدة في عالم اللاهوت والفلسفة عنينا بها، الجدل حول مسألةِ وجود الله.
المتناظران هما البروفسور ويليام لاين كريغ وهو فيلسوف ولاهوتي أميركي، والبروفسور بيتر ميليكان أستاذ الفلسفة في جامعة أوكسفورد، وقد أدار النقاش المؤرخ والكاتب كارل شين الذي كلفته إدارة الجامعة بهذه المهمة المعرفية الشاقة.
في باب «نحن والغرب» يعرض مدير المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية ورئيس تحرير فصلية «الاستغراب» هاشم الميلاني إلى أطروحات العلامة والفيلسوف الإسلامي مهدي الحائري اليزدي حول الفلسفة التطبيقية بين الشرق والغرب.
يقارب هذا البحث ما اصطلح عليه بالفلسفة التطبيقية كواحدة من أبرز المشكلات المعرفيّة المعاصرة. أما المنفسح المعرفي الذي اعتمده الباحث لبيان مسعاه فقد استند إلى الأطروحات الفيلسوف الحائري اليزدي في ميدان الفلسفة المشار إليها.
الجدير بالذكر أن هذا الميدان خصوصاً، قد حظي باعتناء استثنائي من جانب العلامة اليزدي الحائري. حيث حفلت جملة من مؤلفاته ومحاضرات بإجراءات معمّقة من الدراسات والأبحاث المقارنة حول الفلسفة التطبيقية.
في باب «نصوص مستعادة» اخترنا لهذا العدد نصاً للفيلسوف الأخلاقي والتر ستيس عنوانه: «الله وغرضية العالم» وفيه يتحدث عن النظام الأخلاقي كغاية عليا للاجتماع البشري.
في هذه المقالة للفيلسوف ولترستيس درسٌ معمَّقٌ لثلاثة أركان في منظومته الفكرية هي: الله، وغرضية العالم، والنظام الأخلاقي لهذا العالم.
في باب «عالم المفاهيم» نعرض إلى مفهوم «اللاهوت» الذي كتبه الكاهن البريطاني إيان مرخام Ian Markham وقد كتبه تحت عنوان: The Blackwell Companion to the Study of Religion.
يلقي هذا البحث الضوء على الطرق المتعددة في استعمال مصطلح اللاهوت، ثم يمضي إلى تفصيل هذا العلم في الديانة المسيحية مع الإشارة إلى بعض ما يمت بصلة لهذا العلم من الديانات الأخرى.