ما بعد الغرب
الفزع الأكبر من اليوم التالي
صدر العدد الجديد من فصلية "الاستغراب"، العدد 17، تحت عنوان "ما بعد الغرب.. الفزع الأكبر من اليوم التالي" وقد شارك فيه باحثون ومفكرون وعلماء اجتماع من أوروبا وأميركا والعالمين العربي والإسلامي. في ما يلي نعرض إلى مضامين مختصرة للأبحاث والدراسات الواردة تبعًا لتسلسل التبويب المعتمد.
في "المبتدأ" كتب مدير التحرير المركزي محمود حيدر تحت عنوان "في الاستفهام عن ما بعد الغرب"، وقد سعى إلى وضع مقدمات عامة لنظرية معرفية حول المفهوم من جهاته المختلفة الفلسفية والفكرية والحضارية والسياسية. خصوصًا وأن المصطلح لا يزال موضع مناقشات لم تنته بعد، ولم يتحول إلى مفهوم مكتمل القوام.
في باب "محاورات":
- نقرأ حوارًا مع المفكر الفرنسي المسلم كريستيان بونو تناول واقع الحضارة الغربية المعاصرة والمشكلات الكبرى التي تعيشها وخصوصًا على المستوى الأخلاقي والفلسفي. ننبه إلى أن هذا الحوار مع بونو جرى قبل شهور قليلة من رحيله إثر حادث مؤسف في ساحل العاج وهو في مهمة علمية لإلقاء سلسلة محاضرات في عدد من معاهدها وجامعاتها. يعتبر بونو من أبرز المفكرين الغربيين الذين اعتنقوا الإسلام في الحقبة المعاصرة. ولقد دلَّت منجزاته العلمية والمعرفية على عنايته ببعدين مركزيين: 1 - الفكر الإسلامي بأفقه الفلسفي والعرفاني. 2 - تفكيك ونقد بنية الحضارة الغربية المعاصرة بأبعادها المعرفية والفلسفية وثقافتها السياسية.
- نقرأ أيضًا حوارًا مع الفيلسوف اليوناني كورنيليوس كاستورياديس، يتركز حول المعالم الأساسية للاختلالات البنيوية التي تعيشها المجتمعات الحديثة في أوروبا وأميركا. وقد تطرق إلى مسألة الديمقراطية والرأسمالية وخصوصاً إلى الفساد الذي أصبح سمة الحضارة المعاصرة. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن الحوار مع كاستورياديس - شأن مجمل حواراته والأفكار التي يطرحها- تدخل في عمق القضايا الفلسفية والسوسيولوجية التي تعصف بحضارة الغرب الحديث.
في "الملف" مجموعةٌ مختارةٌ من الدراسات والأبحاث جاءت على الترتيب التالي:
- مقال للفيلسوف والأكاديمي المصري البروفسور حسن حنفي تحت عنوان "ما بعد الغرب.. عودة الشرق"، ويركز فيه على ضرورة إنتاج نسق معرفي تنتظم فيه التحديات الفكرية التي تفترضها المواجهة مع الغرب. إذ يعتبر أن العلاقة الرأسية تتحول إلى علاقة أفقية، من صراع الحضارات إلى حوار الحضارات، ومن الاستشراق الذي يكون فيه الآخر ذاتاً والأنا موضوعاً، إلى الاستغراب الذي يصبح فيه الأنا ذاتاً والآخر موضوعاً. ولعلّ الفرضية الأساسية التي يقدمها في هذا المجال هي أن الاستمرار في النقل عن الغرب وشرحه وعرضه والتأليف فيه والتعلم منه إلى ما لا نهاية هو إغفال لدرس القدماء، في حين مازلنا نعيب على أنفسنا أننا لا نترجم بما فيه الكفاية، ولا يخطر في الذهن سؤال: متى يبدأ الإبداع؟
- تحت عنوان "الغربويّة ونقد لا نحن" يناقش الباحث الكندي في جامعة مونريال غي لانو ما يسميه بـ «التيار الغربَوي» الذي نشأ في الغرب ومارس نوعاً من النقد على السلطات المعرفية والسياسية. وقد تعرض الكاتب للغربَوية كمفهوم وسلوك في الوقت نفسه ينظر إليها باعتبارها ظاهرة تأثُّر في مثقفين من شرائح واتجاهات فكرية متنوعة بالتحوُّلات التي طرأت على السلطة الرأسمالية في أوروبا والولايات المتحدة ابتداءً من النصف الثاني للقرن العشرين وإلى يومنا هذا.
- "الغرب في خواتيمه" دراسة للمفكر الإيراني محمد علي توانا، أجرى خلالها مراجعة تحليلية معمَّقة لنظرية نهاية التاريخ من وجهة نظر إسلامية. يدخل الباحث على هذه القضية من خلال سؤال ثلاثي الأضلاع: كيف ستكون نهاية التاريخ؟ هل تتجه البشرية نحو التكامل؟ أم أنها تسير في تجربتها نحو الفشل؟
- الباحث والأكاديمي المغربي جميل حمداوي كتب بحثًا بعنوان "استغراب ما بعد الغرب" يتناول فيه ظاهرة التفكيكية كتيار فكري ذاع أمره في خلال العقود المنصرمة، وكان له أثر بيِّن في تفعيل ساحات التفكير في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.
- تحت عنوان "حداثة ضد حداثة" كتب المفكر والأكاديمي السنغالي موريس غنينغ حول إشكالية ما بعد الغرب من زاوية نقد الحداثة بأطوارها المتعدِّدة، ولا سيما في طورها الأمبريالي المعاصر. وقد أضاء الباحث على العلاقة الوطيدة بين “الحداثة”(modernité) و”ما بعد الحداثة” (postmodernité)، وهما تيّاران فكريّان غالبًا ما يُصوَّران باعتبارهما متضادَّيْن. إلَّا أنّ التباين المُدَّعى بين هاتين الإيديولوجيتين –بحسب الباحث- هو شكليٌّ فقط، ذلك أنَّهما تسعيان خلفَ الغاية نفسها، وهي تنفيذ المشروع الأمبريالي.
- الأكاديمي المصري البروفسور مصطفى النشار يقارب مقولة "ما بعد الغرب" من خلال التجربة الصينية المعاصرة. وقد أنطلق النشار من فَرَضية تقول ان الصين ستتربَّع على قمة الهرم الاقتصادي العالمي في العام 2030. وقد عرض في بحثه جملة من الأسباب والشواهد الأساسية للدلالة على فَرَضيته.
- " ما بعد العالم الغربي" دراسة للمفكر الألماني أوليفر ستونكل، يركز في خلالها على المؤشرات الدالة على ظهور تعددية قطبية في النظام الدولي قد تؤدي إلى إخفاق استراتيجيات الغرب الساعية إلى تثبيت الهيمنة على العالم أو على الأقل التقليل من فاعليتها. وقد أشار الباحث بعمق إلى تداعيات الديمقراطية الرأسمالية وتهافتها، كما بيّن الآثار الناجمة عن التنافس الحاد المفتوح ما بين الولايات المتحدة الأميركية من جهة، والقوى الناشئة، وعلى رأسها الصين، من جهة ثانية.
- تحت عنوان "معضلة الميتافيزيقا وما بعدها" عاين المفكر اللبناني محمود حيدر الاختلالات التكوينيّة في الميتافيزيقا منذ الحقبة الأرسطيّة إلى عصور الحداثة وما بعدها. وفي مسعاه إلى هذه الغاية، يلاحظ الباحث أن من أظهر السمات التي يمكن استخلاصها من اختبارات العقل الغربي، أنه صنع مدائن الحداثة وما لبث إلا قليلاً حتى وقع في أسرها. فالمعاثر التي عصفت بالعقل الغربي في طوره المعاصر ليست حديثة العهد، إنما كانت موصولة بأصلها اليوناني ولم تفارقه قط.
في باب "الشاهد" كتب أستاذ الفلسفة الإسلامية المصري أحمد محمد سالم بحثًا بعنوان "صورة الآخر الغربي في فكر محمد إقبال"، وهو عبارة عن دخول إلى عالم محمد إقبال من خلال نظرته إلى الآخر الغربي، ومتاخمة لآرائه النقدية حول المباني الأساسية لحضارة الحداثة والعيوب البنيوية التي تعتريها.
في باب "منتدى الاستغراب" نقرأ مقالًا للباحث والأكاديمي الألماني وولفغانغ ستريك بعنوان "خواء الرأسمالية الديمقراطية"، يشير فيه إلى أنّ السبب الرئيس للفوضى المتنامية يعود في التقدُّم السريع لـ «العولمة» الاقتصادية الرأسمالية الأمر الذي فاق قدرة المجتمعات الوطنية والمنظّمات الدولية على بناء مؤسّساتٍ فعّالة للحُكم الاقتصادي والسياسي.
في باب "نحن والغرب" كتب الباحث السوري نبيل علي صالح تحت عنوان "نقد الغرب في فكر الطيب تيزيني"، ويسعى من خلاله إلى تسليط الضوء على نقد العمارة الفكرية للغرب الحديث في أعمال المفكر السوري الراحل الطيب تيزيني. يبين الكاتب المنطلقات النظرية التي أسست لنقد البنية الحضارية الغربية عند تيزيني، فيرى أن من أهم استهدافاته الفكرية مناظرة الغرب من موقع بناء وتأطير هوية عربية إسلامية معياريّة قادرة ومالكة لزمام أمورها، وعياً ومسؤوليةً وقدراتٍ وبُنًى نظرية وعملية قابلة للاستثمار الحضاري في علاقاتٍ حيويةٍ وندّيّةٍ مع هذا الغرب.
في باب "عالم المفاهيم" أعدّ الباحث اللبناني خضر إبراهيم حيدر دراسة قدّم فيها عرضًا تحليليًّا لعدد من المفاهيم الأساسية ذات الصلة بمصطلح ما بعد الغرب. وقد اختار الباحث لهذه الغاية المفاهيم والمصطلحات التالية: الغرب ـ وما بعد الغرب ـ ما بعد الحداثة ـ ما بعد الاستعمار ـ ما بعد الليبرالية ـ ما بعد الأخلاق ـ ما بعد الانطباعية ـ ما بعد البنيوية ـ ما بعد الإيديولوجيا ـ ما بعد العلمانيّة.
في "فضاء الكتب" يقدّم الباحثان الإيرانيان حسين پور أحمدى مبدى وأمير عباسي خوشكار قراءة لكتاب "عالم ما بعد أميركا لفريد زكريا" الذي يتمحور حول خصائص التحوُّلات العالمية الراهنة ولا سيما السياسية والاقتصادية. إذ يرى المؤلف أن ظهور القوى الاقتصادية متمثِّلة بالصين والهند والبرازيل هو من المتغيِّرات الهامة في بنية النظام الدولي، ويضيّق الخناق على الولايات المتحدة الأميركية.