البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الاغتراب التقني ، فقدان ضرورة السيطرة على الذات والطبيعة

الباحث :  حسن حماد
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  15
السنة :  السنة الرابعة - شتاء 2019 م / 1440 هـ
تاريخ إضافة البحث :  May / 7 / 2019
عدد زيارات البحث :  1247
تحميل  ( 376.872 KB )
أخذت مقولة الاغتراب المساحة العظمى من المساجلات النقديّة على امتداد أزمنة الحداثة. وستشهد وقائع القرن العشرين نشوء مدارسَ وتياراتٍ نقديّةٍ طاولت عمق القيم التي قامت على المنظومة الحضارية في الغرب. غير أن نقلةً جديدةً ستحدث في السياق الاغترابي للحداثة لتضع الإنسان المعاصر أمام تحدياتٍ أشدَّ وطأةً مع الطفرة التقنية التي انفجرت خلال العقود القليلة المنصرمة. هذا البحث يستطلع الأثار الكارثية للتقنية الجديدة وخصوصاً لناحية اضمحلال قدرة الإنسان في السيطرة عليها وتحوله إلى مجرّد تابعٍ لها.

المحرر

--------------------------------
يرتبط اغتراب التقنية ارتباطاً وثيقاً بعملية فقدان السيطرة، التي بمقتضاها تصبح منتجات الإنسان خارج سيطرته، وربما تقف ضده وتأخذ موقع العدو. وعادةً ما يكون الحديث عن اغتراب العلم منصبًّا على نتائج البحث العلمي وتطبيقاته. وعلى الرغم من أن تطبيقات العلم لنتائجه النظرية ليست هي العلم نفسه، إلا أن بعض المفكرين ينساقون إلى الخلط بينهما، وهو ما يجعل العلم يجني تبعة تطبيقاته سواءً في البناء أو التدمير. وقد أدى ذلك إلى نظرةٍ أحاديّةٍ للعلم تصبّ هجومها على التفكير العلمي بشكلٍ عام. بعبارةٍ أخرى، فإنّ الهجوم على التكنولوجيا كثيراً ما يمتدّ إلى العلم نفسه، وهو ما يجعل الأمر مبرّراً.

لقد جاءت الهجمات على العلم بادئ ذي بدءٍ من جهاتٍ متعدّدةٍ، واُستُخدمت فيها أسلحةٌ متباينةٌ. فالأخلاقيون التقليديون من رجال الدين -خاصةً أصحاب الاتجاهات الأصولية- كانوا ينظرون بشيءٍ من الريبة إلى العلماء، ويعتبرونهم أعداءً للدين من حيث إنّهم كثيراً ما يقدّمون تفسيرات ورؤىً تخالف ما يعتقدون فيه من آراءٍ وأفكارٍ واعتقاداتٍ. وعليه، امتدت موجات العداء تجاه العلم لتشمل بعض المفكرين والفلاسفة، خاصة أولائك من ذوي الميول الرومانتيكيّة، من أمثال “جان جاك روسو”، “وشيللر” ومفكري الوجوديّة، ومدرسة فرانكفورت، الذين وضعوا الحضارة الصناعية في قفص الاتهام، ووجهوا إليها أصابع الإدانة بوصفها المسؤولة عن تعاسة وبؤس الإنسان الحديث. فلم يرحب هؤلاء المفكرون بمقدم الآلة بوصفها القوة الجديدة التي سوف تُمكّن الإنسان من السيطرة على الطبيعة. إذ سرعان ما وجدوا أنفسهم قد استحالوا إلى مجرد آلاتٍ. ولم يلبث الفلاسفة المؤمنون بثنائية الروح والمادة أن وجدوا في هذا الوضع نزولاً بالروح إلى مستوى المادة، أما الرومانتيكيون فقد لجأوا إلى الطبيعة البكر بوصفها معياراً للجمال والقيمة والطهر والبراءة، في حين هاجموا الحضارة الحديثة لأنها أحالت الإنسان إلى شيءٍ وإلى كائنٍ مجرّدٍ لا هويّة له[2].

كانت الثورة العلمية الأولى والتي أصدرت بيانها الأول في علم الميكانيكا سبباً في تفجير الثورة الصناعية الحديثة، التي تجلت في توظيف الآلات في الإنتاج أو ما يسمى بالميكنة. ثم أعلنت الثورة العلمية الثانية في الفيزياء النووية، التي عبرت عن نفسها في ما يطلق عليه الآلية الذاتية أو “الأتمته” (Automation).

لقد كانت الآلية التي استخدمتها الثورة الصناعية الأولى بديلاً لعضلات الإنسان، أما الآلية في الثورة الثانية فقد كانت بديلاً لعضلات الإنسان وعقله معاً[3].

كشفت الثورة الصناعية الثانية عن قضيّةٍ خطيرةٍ، تتمثل في اقتران العلم عند أذهان الكثير من المفكرين بالصورة التي جسدتها تطبيقاته، وأصبح العلم في تصورات عددٍ كبيرٍ من الباحثين يتخذ صورة المخلوق الذي تمرد على خالقه. وهو الحال الذي ترسمه رواية “فرانكشتين” حيث تجسد ذلك الكائن الشائه الذي ساهم في تكوينه أحد العلماء، ثم ما لبث هذا الكائن حتى انطلق ليدمر كلّ شيءٍ في طريقه حتى صانعه نفسه. أو كاد أن يصبح مثل “جالاتيا” الجميلة التي كانت تمثالاً نفخ فيه “بيجماليون” الحياة ومنحها حبه، لكنّها سرعان ما وهبت قلبها لغيره وتركته وحيداً[4].

إن هذا الأمر الأخير هو ما حدا “بـ “جاك ألول” لأن يذهب إلى أنّ التكنولوجيا قد خلقت حالةً جديدةً من العبث أو كما يقول: «ونحن لا نعرف ماذا نفعل بهذه التقنيات المدهشة الفعالة، ويعني هذا أنّه على الرغم من أنّنا لا نودّ تخليق فرانكشتينات فنحن نخلق ما لا نعلمه”[5].

الاغتراب التكنولوجي

يتخذ الاغتراب التكنولوجي موقفين متعارضين: الموقف الأول، يعتقد أصحابه أنّ التقدم التكنولوجي سوف يحلّ كلّ المشكلات البشرية، لأن من شأن الرخاء أو الوفرة أن تقضي على الصراع الطبقي، وأن تؤدي في نهاية المطاف إلى القضاء على الصراع الدولي، ولهذا يقرّر “ألفن م. فينبرج” أن «العلاج التكنولوجي سيكون هو الكفيل بتوفير الحلول السهلة أو البسيطة لمعظم المشكلات الرئيسيّة سواءً أكانت محليّةً أم عالميّةً”[6]. ومن أصحاب ذلك الموقف نجد الوضعيين والتطوريين على الرغم من اختلاف مذاهبهم الفلسفية والفكرية، وقد بلغ تقدير هؤلاء للعلم حدًّا لم يصل إليه غيرهم، فقد أصبح العلم لديهم مثالاً علوياً يستوجب محاكاته واتباعه. ومع ذلك فقد اختلفت أراؤهم، ولم يتفقوا على شيءٍ محدّدٍ، لأنهم طلبوا من العلم ما لا يمكن أن يعطيه. أما الموقف الثاني المعارض فهو دعوًى تقرّ بإفلاس العلم، بل ويصل بهؤلاء الأمر إلى أن التكنولوجيا هي مصدر كلّ الشرور، ومعظم البلايا التي يعاني منها الإنسان المعاصر[7]. ولعلّ أبرز من يمثل الاتجاه الثاني أو الاتجاه المعارض للعلم هو التيار الرومانتيكي، وهو تيارٌ متسعٌ يبدأ مع “جان جاك روسو” ويمتد لدى العديد من الفلاسفة والمفكرين ممن ينتمون إلى التيّار الوجودي، وتيّار ماركسية القرن العشرين. ومن المفيد لهذه الدراسة أن نعرض بشيءٍ من التفصيل لأهم انتقادات التيار الرومانتيكي لهيمنة التقنية أو التكنولوجيا على حياة الإنسان المعاصر.

إذا بدأنا من مؤسس الرومانتيكية: “روسو” سنجد أن هذا الرجل يشير إلى فكرة اغتراب الإنسان في العديد من كتاباته النقدية للحضارة والمجتمع، فهو يرى أن الحضارة الصناعية قد سلبت الإنسان ذاته، وجعلته عبداً للمؤسسات الاجتماعيّة والنماذج السلوكيّة التي أنشأها، فلم يعد ذاته، وإنما أصبح ذاتاً أخرى محدّدةً بشكلٍ يتم خارج إرادة الإنسان. والاغتراب بناءً على ذلك يصبح مرادفاً للتبعيّة أو الامتثال وفقدان الذات والهويّة[8].

وفي السياق نفسه، نجد أيضاً الفيلسوف الألماني “شيلر” يستخدم في كتابه: “التربية الجماليّة” (1795) مصطلح الاغتراب، ليعبر به عن تمزق الإنسان الحديث الذي أضحى في ظلّ التخصّص الدقيق لا يرتبط في أداء عمله إلا بجزءٍ صغيرٍ من الكلّ، الذي يعمل من خلاله، ما جعله يتحول إلى مجرد شذرة إنسانٍ لا قيمة لها وسط زمجرة الأصوات المملة التي تنبعث من تروس الآلة التي يديرها. لذا فقد هذا الإنسان روح التناغم والانسجام في حياته، وبدلاً من أن يعبّر في عمله عن طبيعته كإنسانٍ أصبح مجرد صورةٍ مشوهةٍ للعمل الروتيني الذي يؤديه. كذلك يرى شيلر أن الإنسان الحديث يعاني الانفصال ما بين غرائزه الطبيعية وملكاته العقلية. هذا الانفصال ينعكس داخل المجتمع في شكل فوضى أخلاقيّةٍ تكون الحضارة مصدرها، والحلّ يكمن -كما يرى شيلر- في المصالحة بين هذين الجانبين: الغريزي والعقلي، وبذلك يمكن للإنسان أن يحقق وحدته ويصل إلى حريته[9].

والعلماء في نظر الفيلسوف الأسباني “أورتيغا إي غاسيت” يعانون حالةَ اغترابٍ خاصةً جداً، فالعالِم يمثل صورةً بشريّةً لا مثيل لها في التاريخ كله، فقبل ظهور التخصصات الدقيقة في العلم كان الناس ينقسمون إلى علماء وجهلاء، لكن الاختصاصي أي المختص في مسألةٍ علميّةٍ خاصةٍ لا يندرج تحت مقولات العلم والجهل، فهو ليس بجاهلٍ ولا بعالمٍ، وهنا تكمن المفارقة المربكة والمحيرة، ويوضح غاسيت هذه الفكرة بقوله:

“فهو ليس عالماً لأنه يجهل قطعاً كلّ ما لا يدخل في اختصاصه، لكن، ليس هو جاهلاً أيضاً لأنه رجلُ علمٍ، ويعرف معرفةً جيدةً هذا الجزء من عالمه. فلا بد لنا من القول أنه عالمٌ - جاهلٌ، وهي قضيّةٌ جدّ خطيرةٍ، لأن ذلك يعني أنه سيّدٌ يتصرف مع كلّ المسائل التي يجهلها، لا كجاهلٍ، وإنما بكلّ زهوٍ في مسألته الخاصة، كعالم.

وهذا هو في الواقع، تصرف الاختصاصي، الذي يتخذ في السياسة والفن والعادات الاجتماعية وفي العلوم الأخرى، مواقف إنسانٍ بدائيٍّ وجاهلٍ للغاية، لكنّه يتخذها بقوةٍ وكفايةٍ من غير أن يقبل -وهنا المفارقة- باختصاصيين في هذه الأمور، وقد جعلت الحضارة الاختصاصيَّ مقفلاً وراضياً داخل نطاق دائرته، لكن هذا الإحساس العميق ذاته بالسيطرة والكفاءة جعله راغباً في مزيدٍ من الهيمنة خارج اختصاصه”[10].

وينتهي إي غاسيت إلى أن العلماء يتحولون في نهاية المطاف إلى برابرة، أو إلى طائفةٍ همجيّةٍ تنتمى إلى الدهماء، وهو يعزو إلى العلم السبب في فقدان العلماء لإنسانيتهم وتحضرهم أو كما يقول: «وينتج عن ذلك أن رجل العلم الحالي هو نموذجُ الإنسان الجمهور. وليس ذلك مصادفة ولا لعيبٍ مبهمٍ في كلّ رجلٍ من أهل العلم، وإنما لأن العلم نفسه - وهو جذر الحضارة - يحوّله آليًّا إلى إنسانٍ - جمهور، أي إنّه يجعل منه بدائياً وبريرياً معاصراً”[11].

ونترك “إي غاسيت” في شطحاته الغريبة والمفجعة تجاه العلم ونتجه إلى فيلسوفٍ وجوديٍّ آخر: “مارتن هايدغر” ففي دراسته حول “مسألة التقنية” يرى أن هذه التقنية تهدّد الوجود الإنساني، وتمارس دوراً مضللاً تجاه اكتشاف الحقيقة -حقيقة هذا الوجود- أو كما يقول: “تحجب ماهيّة التقنية عنا ألق الحقيقة وقوتها”. فالاكتفاء بما تقدمه لنا التقنية من اكتشاف حقائق جزئيّةٍ تكون بمثابة وسائل لتحقيق نتائج سريعةٍ يحرمنا من كشفٍ أكثر أصالةً يمكنه سماع نداء الحقيقة”[12].

ويعبر الكاتب الفرنسي «ألبير كامو» عن المعنى نفسه، ولكن بصورةٍ دراميّةٍ، إذ يصوّر “بروميثيوس”❊ -البطل الأسطوري اليوناني الذي سرق النار من كبير الآلهة اليونانية (زيوس) وأهداها إلى الإنسان- وقد أصبح مرهقاً، ضعيفاً، عجوزاً، متسلطاً، طاغيةً، يأمر الناس أن يسيروا وراءه بدون أن يتساءلوا أو يشكّكوا في قدرته على المعرفة، وإلا سوف يلاقون ما لاقاه هو سابقاً، إذ سيُقيّد من يعترض عليه فوق صخرةٍ نائيةٍ ويتركه فريسةً للطيور الجارحة. وهكذا يتحول بروميثيوس رمز النور والنار والعلم والمعرفة إلى “زيوس” جديدٍ  وقيصرٍ يأمر فيُطاع ويطلب فيُجاب. إنه يمارس السيطرة باسم سلطة المعرفة، ويمارس القمع باسم مسؤوليّة إنقاذ البشرية، ويهدّد البشر بتعذيبهم بالأسلوب نفسه الذي تعذّب به هو عندما عاقبه كبير الآلهة «زيوس» بأنْ ربطه على حجرٍ وسلّط عليه نسراً ينهش قلبه كلّ صباح، فإذا أدركه المساء نما بصدره قلبٌ جديدٌ، وكأنّ الضحيّة قد اتخذ موقع الجلاد، والمقهور تقمص دور الطاغية[13].

إن ما يُقال عن اغتراب «بروميثيوس» يُقال أيضاً عن العلم، بوصفه المخلّص الجديد الذي كان يمثل بالنسبة للعصر الحديث القوة التي من خلالها يستطيع الإنسان أن يرسم حدود عالمه الجديد، وهو الوسيلة الوحيدة التي تمكّنه من أن يشرّع قيمه، ويرسي مبادئه، ويشكل أنظمته ومؤسساته. وبعبارةٍ أخرى، فإنّ هدف عصري النهضة والتنوير كان هو: كيف يمكن أن يُصاغ الواقع وفق تصورات العقل الإنساني؟ (والذي يمثل العلم أهم وأروع منتجاته). ومن هنا فقد جرى الدفاع عن العقل بوصفه المحرّر من كلّ شرور خطايا العصور الوسطى، والمبشّر بميلاد عصرٍ جديدٍ يكون فيه الإنسان هو القوة العليا والقيمة التي لا تفوقها قيمة. ولكن يبدو أن هذا العقل المنتشي بانتصاراته المذهلة على سلطة الخرافة نسي في غمرة هذه الانتصارات أنّه ناضل من أجل تحرير الإنسان لا استعباده، وأنه استهدف من وراء السيطرة على الطبيعة أنسنة الطبيعة لا تدميرها، وأن ثورته كانت من أجل تحقيق الفردوس الأرضي لا لفتح أبواب الجحيم.

وبالإضافة إلى التيار الوجودي الذي يمثل امتداداً طبيعياً للنزعة الرومانتيكية، نجد تياراً آخر ينطوي على رومانتيكيّةٍ خفيّةٍ ويقف من العلم موقفاً نقدياً مشابهاً للموقف الوجودي على الرغم من اختلاف جذوره ومنطلقاته، ونعني بهذا التيار: الماركسية الجديدة، وهو تيارٌ يضمّ بين جنباته عدداً من الرموز الثوريّة والفكريّة مثل “غيفارا” و”ماو سى تونج” و”هوشي منه” و”هربرت ماركيوز” و”ماكس هوركهيمر” و”روجيه غارودي” وغيرهم. وقد صدرت هذه العقيدة الجديدة عن أفكار كارل ماركس الأولى، وتأثرت بكتابات ماركس الشاب، خاصة مخطوطات ١٨٤٤، واتخذت موقفاً ثورياً تجاه الحضارة الصناعية في كلٍّ من الأنظمة الاشتراكيّة والرأسماليّة معاً[14].

والواقع أنّ لمفهوم الاغتراب عند الماركسيين الجدد جذوراً عميقةً متأصلةً في تربة الرومانتيكية. وآية ذلك أن الاغتراب تعبيرٌ عن القطيعة التي تتم بين الإنسان والطبيعة، أو بينه وبين ذاتٍ مثاليّةٍ تمثل الحقيقة المفترضة. ولقد كان الاغتراب عند فيورباخ وماركس مجرّد اغترابٍ جنسيٍّ، بمعنى أنه كان - أولاً وقبل كلّ شيء - بمثابة كبتٍ للغريزة الجنسية. بعبارةٍ أخرى، فإن فكرة الاغتراب قائمةٌ على الاعتقاد بأن هناك ماهيّةً حقيقيّةً للفرد تتألف - بصورةٍ أساسيّةٍ- من بنيته الغريزيّة، وربما من مظاهر أخرى ذات طابعٍ ثقافيٍّ وإنسانيٍّ مثل: التفرد والرغبة في تحقيق الذات، والنزوع نحو الجماعيّة أو الانخراط في المجموع الإنساني. وفي الاغتراب يكون الفرد مضطراً إلى إنكار كلّ هذه الجوانب المختلفة من شخصيته، ذلك من أجل العمل على الخضوع للمطالب المفروضة عليه، من حيث هو عاملٌ أو مستهلكٌ أو كائنٌ سياسيٌّ، وهو في كل هذه الحالات يبدو كممثلٍ يؤدي كلّ هذه الأدوار، ولكن دون أن تشترك ذاته الحقيقيّة في هذه المهمة. ومعنى هذا أنه مضطرٌّ إلى ارتداء قناعٍ حتى يخفي ذاته الحقيقية. وقد يحدث في بعض الأحيان أن يتم إحلال هويّةٍ زائفةٍ أو بديلةٍ محلّ الهوية الأصيلة أو الحقيقية، وعندئذ يصبح القناع هو الوجه الحقيقي. وهذا هو السر الذي لاحظه عالم النفس الأميركى «إريك أريكسون» من أن مشكلة الهوية أو الذاتية قد أصبحت هي المشكلة الرئيسيّة في عصرنا الحاضر. والحق أن الاتهام الموجه إلى المجتمع الصناعي إنما هو إتهامٌ مزدوجٌ يقوم على الاعتقاد بأنّ فقدان الحريّة وفقدان الهويّة ظاهرتان متوازيتان تماماً، وأنّهما بالتالي تمثلان في حقيقة الأمر ظاهرةً واحدةً بعينها، هي نزع إنسانيّة الإنسان وتحويله إلى مجرد خادمٍ للآلة أو كائن سلبيٍّ وممتثلٍ ليس لديه القدرة على الاحتجاج أو الرفض أو مناهضة النظام القمعي القائم[15].

ويعبر المفكر الألماني «هربرت ماركيوز» عن هذه الحالة الاغترابية في العديد من مؤلفاته التي ظهرت في القرن العشرين. وفي هذه المؤلفات يرى ماركيوز أن التقدم التقني، وتطور الصناعة الكبيرة سواءً في المجتمع الأميركي أو المجتمع السوفيتي، يتضمن اتجاهين متناحرين يمارسان تأثيراً حاسماً على هذه العملية:

الاتجاه الأول: يخدم قضية التحرّر الإنساني، فقد ساعدت عمليّة ميكنة وعقلنة العمل على تحرير كميّةٍ متزايدةٍ من الطاقة والوقت الإنسانيين، وخلّصت الإنسان من الخضوع للأعمال الماديّة البحتة، وسمحت له بأن يستغل هذه الطاقة وهذا الوقت في التوظيف الحرّ للملكات الإنسانية بعيداً عن عالم الإنتاج المادي.

الاتجاه الثاني، فهو ضدّ الإنسان، فقد نشأ عن عمليّة الميكنة والعقلنة أيضاً، كنوعٍ من الامتثال والخضوع الشديد للآلة بحيث أصبح الإنسان امتداداً لها لا العكس، وأصبحت هي معيار القدرة على الاندماج والتكيّف مع المجتمع، ولا الاستقلال والتلقائيّة معيار الإنسان السوي[16].

ويلاحظ ماركيوز أن الاتجاه الثاني هو الاتجاه السائد في كلا المجتمعين الرأسمالي والاشتراكي. فالتأميم والمركزيّة المطبّقان في الاتحاد السوفيتي يتعارضان تماماً -في نظر ماركيوز- مع طبيعة الاتجاه الأول، أي التلقائية، والتوظيف الحرّ للملكات الإنسانية، وبالتالي فهما يلتقيان مع الاتجاه الثاني القائم على الخضوع للآلة ولعبودية العمل. لذا فإن “التقدم في عملية التصنيع يترافق مع التقدم في عملية السيطرة”[17].

إنّ المجتمع الصناعي المعاصر -سواءً أكان رأسمالياً أو اشتراكياً- هو مجتمعٌ قمعيٌّ في أساسه، غير أن مفهوم القمع في شكله الحديث يختلف عن صورته التقليدية القديمة، فهو لا يتم اليوم إنطلاقاً من نقص الحاجات أو عدم النضج الطبيعي والفني للإمكانات، وإنما من خلال مركز القوة. فإمكانيات المجتمع الصناعي الذهنيّة والماديّة اليوم تفوق بكثير إمكاناته بالأمس، وهذا معناه أنّ هيمنة وسيطرة المجتمع على الفرد أصبحت أكبر وأشدّ مما سبق[18].

والقمع في المجتمع الصناعي المعاصر يرتبط لدى ماركيوز بعاملين أساسيين:

العامل الأول: هو الطابع السلعي للمجتمع الصناعي المتقدم، فقد استطاع هذا المجتمع بإمكاناته الضخمة، وجهازه الإنتاجي الهائل أن يخلق مزيداً من السلع والحاجات التي تربط الجماهير بالنظم السائدة وتقوم بعملية احتواءٍ عقليٍّ وغريزيٍّ للطبقات الكادحة، فمعظم الكادحين اليوم من العمال والفقراء في المجتمعات الرأسمالية المتقدمة يشاركون الطبقة الوسطى حاجاتها واهتماماتها[19].

ويذهب ماركيوز إلى أن هذه الحاجات التي ينتجها المجتمع الصناعي اليوم أصبحت تضرب بجذورها في أعماق البنية الغريزيّة للإنسان، لذلك فهو يرى أن أيّ محاولةٍ “.. لتحويل المجتمع القائم إلى مجتمعٍ حرٍّ من خلال التغيير الراديكالى، يجب أن تصل إلى بُعدٍ للوجود الإنساني نادراً ما تناولته النظريّة الماركسية. إنه البعد البيولوجي الذي تتعلق به الحاجات الحيويّة الضروريّة للإنسان، وطالما أن هذه الحاجات وتلبياتها تعيد إنتاج الحياة في شكلها الاستعبادي، لذلك يستلزم التحرّر تغيّراً قبلياً لهذا البعد البيولوجي. إنّه تغيّرٌ يستلزم ظهور حاجاتٍ غريزيّةٍ مختلفةٍ، واستجاباتٍ مغايرةٍ للجسد والعقل على السواء”[20].

العامل الثاني: فهو العامل التكنولوجي، فالسيطرة الاجتماعية السائدة اليوم في نظر ماركيوز هي سيطرةٌ تكنولوجيّةٌ، بمعنى أن التكنولوجيا التي كان ينبغي أن تكون وسيلةً تحرِّر الإنسان أصبحت وسيلةَ القمع الأساسيّة. والتكنولوجيا تفعل ذلك من خلال إخضاع الجماهير للتقسيم الاجتماعي للعمل، وكذلك من خلال خلق الكفاية والوفرة المادية، وبذلك فهي تمتص كافة التناقضات الاجتماعية، وتحتوى أسباب الاحتجاج والرفض[21].

ويذهب ماركيوز إلى أن القمع في المجتمع الصناعي يتخذ صورةً جديدةً مغايرةً للقمع في الديكتاتوريات التقليدية، فهو أولاً قمعٌ عقليٌّ ومنطقيٌّ يندمج بصورةٍ مباشرةٍ مع مقومات التنظيم الاجتماعي، وأنه ثانياً قمعٌ يمارس على الإنسان كله، فهو يشمل تفكيره وعواطفه وغرائزه بقدر ما يشمل مظاهر حياته الخارجية، وظروف عمله وإنتاجه وعلاقاته الإنسانية[22].

ولأن القمع المعاصر يتم الآن باسم العقل، ومرتبطٌ برفاهيّة الازدهار الاقتصادي الذي تتمتع به المجتمعات الصناعية المتقدمة، لذلك فليس غريباً أن يصبح القمع ولأول مرة في التاريخ قمعاً مقبولاً يدافع عنه ضحاياه أنفسهم[23].

ويعتقد ماركيوز أن هناك مرضاً قد أصاب الحضارات الصناعية المتقدمة بشقيها الرأسمالي والاشتراكي اسمه “البعد الواحد”، ومقولة البعد الواحد على نحو ما تظهر في كتابات ماركيوز مؤداها: أن تكنولوجيا المجتمعات الصناعية المتقدمة، قد مكنت تلك المجتمعات من استبعاد كافة أشكال الصراع الكامنة فيها عن طريق احتواء هؤلاء الذين كانوا يمثلون في ظلّ الأنظمة الاجتماعية السابقة عناصر الرفض والاحتجاج[24].

بعبارةٍ أخرى، فإنّ الإنسان يصبح ذا بعدٍ واحدٍ عندما يفقد قدرته على النفي، على معارضة النظام القائم، فالبعد الواحد يساوي البعد الإيجابي، الممتثل، المغترب الذي افتقد كلّ قدرةٍ على التفرّد والتمرّد والإبداع، بكلمةٍ واحدةٍ، الذي أصبح في مصاف الآلات.

       صنمية الآلة

استطاع الإنسان أن يسيطر على الطبيعة من خلال الآلة، وبذلك أصبح سيّد الكون. جسدت الآلة انتصار الإنسان على الطبيعة، فالرافعة والمحرك والسيارة والطائرة.. وغيرها هي أمثلةٌ قاطعةٌ على صحّة الانتصار، وعلى إخضاع العالم الخارجي للإنسان في تجارب التكيّف مع الوسط المحيط به.

وقد تحرّر الإنسان من المرحلة الحيوانيّة عن طريق الأدوات أو الآلات، إذ بقي الحيوان طيلة الآلاف من السنين يستعمل أعضاءه الطبيعيّة في عمليّة تكيّفه مع الطبيعة ولم يبتكر إلا نادراً وفي حدودٍ ضيّقةٍ. أما الإنسان فقد ابتكر مجموعةً هائلةً من الآلات، وطورها خلال العصور المختلفة، وأورثها لأولاده وأحفاده كما أورثهم علوماً وضعيّةً وحضارةً مدونةً، فكان تقدمه عظيماً وأصبح سيد الكون بلا منازع[25].

لقد أراح الإنسان أعضاءه الطبيعيّة واستعمل مكانها الآلات، وبذلك حرّر جسده وعقله من العلاقة المباشرة بالطبيعة والاحتكاك المادي المباشر بالأشياء الخارجية، وأصبح يتعامل مع العامل الخارجي من خلال مجموعةٍ من الآلات والتقنيات التي ابتكرها واستعملها. فالملعقة والشوكة والسكين والزجاج والسيارة والعدسات والسيارة والطائرة.. إلخ كلّ هذه الأشياء أصبحت مجموعةً من الوسائل العازلة بين الإنسان والعالم الخارجي، فهي تعزل جسمه وحياته وتحميه من اللقاء المحسوس والمباشر بالأشياء وأخطارها وأشكالها البدائية والهشة[26].

وهكذا كانت الآلة في المرحلة الأولى للحضارة الإنسانية في يد الإنسان، وكانت بذلك وسيلةً من وسائل السيطرة على الطبيعة الخارجية. في هذه المرحلة لعبت الآلة دوراً إيجابياً في مساعدة الإنسان وتطويره، وساعدته على التحكم بظروف حياته ومحيطه، وطورت أعضاءه وعقله إلى حدٍّ عظيمٍ.

أما المرحلة الثانية أو الجديدة، فهي تمثل اِنقلاباً في علاقة الإنسان بذاته وعلاقته بأشيائه. وفي هذه المرحلة نجد الإنسان وقد وقع في قبضة الآلة، وأصبح أسير التقنية وعبداً لاختراعاته واكتشافاته. وهنا أصبح الإنسان يواجه مشكلةً من نوعٍ جديدٍ. لقد غدا الإنسان خاضعاً للآلة التي اخترعها وهو يركض ويلهث من أجل اللحاق بها. إن أعضاءه قاصرةٌ ومحدودةٌ في السرعة والقدرة والطاقة، وهي لا تستطيع أن تنافس السيارة أو الصاروخ أو المحرك أو الآلة الحاسبة. لذلك أصبح على الإنسان أن يتكيّف مع الآلة التي ابتكرها ومع التقنية التي طورها، هذا إلى جانب تكيّفه مع المحيط الخارجي والطبيعي والاجتماعي. وهنا بدأت مأساة الإنسان الحديث وبدأ إحساسه بالاغتراب والضياع واليأس والإحساس بالعجز والتقصير، كما نشأ لديه عالٌم جديدٌ من القيم الماديّة المستحدثة القائمة على إفرازاتٍ وحاجاتٍ وضروراتٍ فرضتها التقنية على الإنسان الحديث. وقد تركت هذه المرحلة أثرها في الشخصية والسلوك والثقافة في كلّ مجالاتها من شعرٍ وفنٍّ وأدبٍ وفلسفةٍ.. إلخ، كما أنّها أفرزت نماذجَ جديدةً للتفكير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فضلاً عن أنّها أوجدت رؤيةً جديدةً للنظر إلى الذات والآخرين وسائر الشعوب المغايرة[27].

وإذا كانت المرحلة الثانية في علاقة الإنسان بالآلة قد خلقت حالةً خاصةً من العبودية -عبودية الإنسان للآلة- فإنّها شهدت أيضاً مولد نظرياتٍ جديدةٍ خاصة في علوم الفيزياء والأحياء، كما أنها شهدت تزايداً في التخصّص. ولا شك في أن اتساع العلوم، وكثرة الاختصاصات، وابتكار المزيد من الآلات، جعلت الإنسان يرى أن الكون المحيط به كبيرٌ ولا نهائيٌّ بل ومخيفٌ، وأنّ الإنسان صغيرٌ وضئيلٌ وتافهٌ وعابرٌ إلى جانب هذا الكون العملاق. فعلم الذرة وعلم الفلك واستعمال المراصد وآلات الغوص والكمبيوتر والرادار جعلت الإنسان يرى أن الطبيعة الخارجية ليست بهذه البساطة والسذاجة والسهولة كما ظنّها في السابق! فالأبحاث الحديثة في الطب والفيزياء والكيمياء وعلوم النبات والحيوان، جعلت المرء يعيد النظر في كلّ ما عرفه وتعلّمه في الماضي، وقدّمت له صورةً مخيفةً عن الكون وأبعاده وقوته وإتساعه، كما أظهرت بالمقابل ضعف الإنسان وهشاشته في الكون.

ومن هذه النقطة نفسها انطلقت بعض الفلسفات الدينيّة الحديثة تدعو الناس للعودة إلى الإيمان بالله، كما انطلقت مجموعةٌ أخرى من الفلسفات الملحدة التي انتهت باليأس والغربة والعدمية. خاصةً وأنّ هناك أخطاراً عديدةً تهدد حياة الإنسان وتهدد مصيره وبقاءه نتيجة احتمالات تفجير الطاقة الذرية، فربما يكون الخطأ أو القصور أو العبث أو الجنون أو الرغبة في السيطرة سبباً لاندلاع حربٍ ذريةٍ غير محدودةٍ، يكون الجنس البشري ضحيتها. ولقد نبه علماءٌ ومفكرون عديدون إلى خطورة التفجير الذري وعلى رأسهم آينشتين. وهذا لم يمنع من استعمال القنبلة الذرية في الحرب وتدمير وحرق هيروشيما ونغازاكي[28].

إن الدمار الذي حاق بالبشريّة بعد الحربين الأولى والثانية، إنما يعبر بصورٍة بالغةٍ عن الكارثة التي لحقت بالإنسان الحديث، ويبين كيف أنّ ذلك الإنسان يمكن أن يصبح أبشع الكائنات على الإطلاق. فإذا كانت الحيوانات تستطيع أن تفتك بأفراد جنسها بطريقةٍ فرديةٍ، فإن الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يستطيع أن يقتل بوحشيّةٍ ويقتل أيضاً بطريقةٍ جماعيةٍ[29].

إن الخطر الذي يتهدّد الإنسان المعاصر -من وجهة نظر “إريك فروم”- هو تزايد النزعة الآليّة التي ستؤدي بالإنسان حتماً إلى أن يصبح “روبوت” Robot أو آلة. والحق أن الإنسان الآلة لا يستطيع أن يحبّ أو يثور أو يتمرد، بل يستطيع فقط أن يقتل ويدمر بدمٍ باردٍ! أو كما يقول فروم «لقد كان الخطر الذي يداهمنا في الماضي هو أن نكون عبيداً، أما الخطر الذي سيواجهنا في المستقبل هو أن نصبح آلاتٍ، والحق أن الآلات لا تثور.. ولا يمكن أن تحيا، وأن تظل سويّةً، فالإنسان الآلة يصبح مُشوّهاً، وسوف يدمر عالمه بنفسه، لأنه لا يستطيع تحمل أي قدرٍ من الملل الذي ينشأ عن حياةٍ عديمة المعنى”[30].

----------------------------------
[1]*ـ  باحثٌ في الفلسفة، وأستاذٌ مشرفٌ على الدكتوراه في جامعة الزقازيق - جمهورية مصر العربية.
[2]- فيكتورس. فيركيس: الإنسان التكنولوجي، الأسطورة والحقيقة، ترجمة زكريا إبراهيم ويوسف ميخائيل أسعد، مكتبة الأنجلو المصرية، ١٩٧٥، ص ص 89-90.
[3]- صلاح قنصوة: فلسفة العلم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2002، ص 220.
[4]- المرجع السابق: ص ١٢١.
[5]- جاك ألول: خدعة التكنولوجيا، ترجمة فاطمة نصر، مكتبة الأسرة، ٢٠٠٤، ص ص ٢٤٩-٢٥٠.
[6]- فيكتورس: المرجع المذكور: ص ٨٨.
[7]- صلاح قنصوة: المرجع المذكور: ص ٢٢٦.
[8]- Oskar Schatz and E. F. Winter: Alienation, Marxism and Humanism (in) Fromm (ed): Socialism Humanism, Doubleday & Company, Inc., New York, 1965. P. 320.
[9]- Regin. (Dric): Sources of Cultural Estrangement, Mouton, The Hague, Paris, 1969, PP. 89 -90.
[10]- أورتيجا إي جاسيت: تمرد الجماهير، ترجمة إبراهيم علي أشقر، منشورات وزارة الثقافة، دمشق ٢٠٠٧، ص ١٣٠.
[11]- المرجع السابق: ص ١٢٧.
[12]- مارتن هايدغر: الفلسفة في مواجهة العلم والتقنية، ترجمة فاطمة الجيوشي، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، ١٩٩٨، ص ٨٤.
(❊)- وميثيوس هو البطل الأسطوري اليوناني الذي سرق النار من كبير الآلهة عند اليونان (زيوس) وأهداها إلى الإنسان. ولذلك أصبح اسم بروميثيوس معشوقاً لدى الأدباء والمفكرين المعاصرين، وعادة ما توصف أي ثورةٍ علميةٍ أو سياسيةٍ أو فكريةٍ تستهدف تحرير الإنسان بأنها بروميثية. ولذلك يقترن اسم بروميثيوس دائماً بالعلم، التنوير، الحرية، الثورة، التمرد، الإبداع، الاكتشاف، التقدم، العقل، النزعة الإنسانية.. إلخ.
[13]- جرمين بري: ألبير كامو، ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الثانية، 1981، ص635-636.
[14]- فيكتورس. فيركيس: المرجع المذكور، ص 87.
[15]- المرجع السابق: ص108-110.
[16]- Marcuse (Herbert): Soviet Marxism, Columbia University Press, New York, 1958, P.84.
[17]- Ibid: P. 85.
[18]- Marcuse: One Dimensional Man, Beacon Press, Boston, 1960, P. x.
[19]- Marcuse: An Essay on Liberation, Beacon Press, Boston, 1969, P. 15.
[20]- Ibid: PP. 16-17.
[21]- Marcuse: One Dimensional Man, P. 9.
[22]- Marcuse: Negations, Benguin Books, 1967, P. xiii.
[23]- فؤاد زكريا: هربرت ماركيوز، دار الفكر المعاصر، القاهرة، 1978، ص 44.
[24]- Macinture: Marcuse, Modern Masters, Fontana, Collins, 1970, P.63.
[25]- محمود جمول: الإنسان والعلم، دراسة منشورة بمجلة الفكر العربي، معهد الإنماء العربي، بيروت، العدد الثالث والستون، مارس 1991، ص 96.
[26]- المرجع السابق: ص ص 96-97.
[27]- المرجع السابق: ص 97.
[28]- المرجع السابق: ص 97.
[29]- حسن حماد: الاغتراب عند إريك فروم، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ١٩٩٥، ص ١٩.
[30]- Fromm (Erich): The Sane Society, Holt, Rinehart and Winston, New York, 1962, P. 360.