البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

إيديولوجيا الجندر

الباحث :  إعداد: فريق حركة "المظاهرة لأجل الجميع" ـ فرنسا
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  16
السنة :  السنة الرابعة - صيف 2019 م / 1440 هـ
تاريخ إضافة البحث :  July / 30 / 2019
عدد زيارات البحث :  2566
تحميل  ( 365.863 KB )
قد يكون العنصر الجوهري في هذه المقالة هو التركيز على غموض المفهوم ورماديّته وتعدّد استعمالاته في الأوساط الفكرية والأكاديمية. واللاّفت في هذا المضمار أن الوسط الثقافي الغربي حيث وُلِدت الحركة الجندرية وتحوّلت إلى تيّارٍ عارمٍ، ظلّ الالتباس والاضطراب في التفسير والتأويل والتوظيف هو الحالة السائدة.
هذه المقالة تضيء على "الجندرية" كمفهومٍ إيديولوجيٍّ تحوّل في فترةٍ قياسيةٍ إلى موضوع تجاذبٍ بين المدارس الفكرية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

المحرر

---------------------------------
منذ خريف سنة 2012، كان معارضو قانون «الزواج للجميع» يعلمون أنّ هذا الكفاح لا يقتصر على رفض قانونٍ جائرٍ. كانت الرهانات في كلّ التظاهرات تذهب إلى ما هو أبعدُ، بما أنّ الأمر كان يتعلّق بالطعن أيضًا في تعميم المساعدة الطبية على الإنجاب (PMA)، وفي تشريع المعدّل التراكمي (GPA) والإلغاء الإرادي للتساوي بين الجنسين. والأمر الأخير شكّلَ -على نحو تحذيريٍّ وطريفٍ- هدفًا للشعار القائل «نُريد الجنس، لا الجندر».
بعد استئناف التدريس سنة 2013، أكّدت الوقائع اهتمامات المتظاهرين في السنة المنصرمة: تفكيك (أو تدمير) مُقولَبات الجندر دخل إلى المدارس الابتدائية، وبَرَزَ بين الأنشطة ما قبل المدرسية في مدارس فرنسا كافةً. وظهر هذا التفكيك في دور البلديات التابعة لمدنٍ عدّةٍ، من بينها باريس. وبالتالي ليس استئنافُ التدريس سنة 2013 يُشبه ما قبله، فهو يُمثّل عودة «الجندر» إلى الصفوف الصغيرة، ومشروعًا جديدًا وطموحًا لتكييف (أو إعادة تربية) الأولاد البالغين.
وعليه نحن كثيرو الحديث عن «الجندر»، ويعود ذلك إمّا من أجل الابتهاج به، أو أنه حديثٌ نابعٌ من اللامُبالاة، أو لأجل دقّ ناقوس الخطر. لكن عمَّ نتكلّم تحديدًا؟ المُلاحظة الحالية تسمح بِأن نفهم على نحوٍ أفضلَ دلالاتِ وتاريخَ مفهوم «الجندر»، وألاّ نخلط بين «دراسات الجندر» و«إيديولوجيا الجندر»، وأن نُقدّر بدقّةٍ الأخطار المُرتبطة بتلك الإيديولوجيا.

أصل إيديولوجيا الجندر وتطوّرها
سنعود إلى التحليل المُفصّل في ما يتعلّق بِأصل كلمة «جندر»، والمعاني التي يمكن أن تشتمل عليها.
وحتى ألخّص، تُستخدَم كلمة «جندر» بصورةٍ رئيسةٍ في الآتي:
-هي بمثابة توريةٍ، بالانكليزية، عوضًا عن كلمة (Sex) التي تعني على نحو التخصيص النشاط الجنسي: هكذا في الطبعات الانكليزية للوثائق الدولية الهادِفة إلى تعزيز المساواة بين الجنسين (بالانكليزية: gender equality).
-تعني الأنحاء المتفاوتة التي بها يُدرِك المجتمع ويُعزّز الاختلاف بين الجنسين، بذلك يكون «الجندر» نظام «شيفراتٍ» يقود الانتظارات والصور والأدوار، إلخ... لكلا الجنسين.
-تنظير الاختلاف بين الجنس البيولوجي من جهةٍ، والجنس النفساني والاجتماعي، في حالات الازدواجية التناسلية («الخُنثية») أو اضطراب الهُويّة الجنسية (التحوّل الجنسي transsexualisme): الإمكانية المُتعلّقة ﺑ «جندرٍ» نفسانيٍّ يتناقض مع «الجنس البيولوجي»، أو يكون ثمّةَ تباعدٌ كبيرٌ بينهما.
الدلالة الثانية هي التي تُستَخدَم اليوم لِمحاربة «مقولَبات الجندر» (stéréotypes de genre) -في المدرسة مثلًا- في حين أنّ الدلالة الثالثة تُشكّل الخلفيّة للنضال من أجل الاعتراف ﺑ «هويّات الجندر» (مثلًا في LGBT). إنّ تفكيك الجندر، الذي تأثّر بخاصّة ﺑِ «جوديث باتلر» (Judith Butler)، يكفل في الحالتين الفكرة القائلة بِأنّ الجنس ذاته يتعلّق ﺑ «بناءٍ اجتماعيٍّ»
بذلك تكون النقطة المشتركة بين مختلف أشكال إيديولوجيا الجندر، هي رفض تجذّر الوضع الأنثوي أو الذكوري في الجسم . ثمّة حدٌّ مُطلقٌ يجب أن يفصل ما يُقال أنّه «مُعطًى» بيولوجيٌّ محضٌ، بلا قيمةٍ جوهريةٍ، عمّا يتعلّق بالحرية الفردية (اختيار الهويّات الذاتية، «أدوارٌ» يتمّ تبنّيها في الحياة الاجتماعية، إلخ...)

سنُبقي لأجل هذه الملاحظة فقط على الهدف الأخير الذي سنُشير إليه تحت تسمية «إيديولوجيا الجندر»، من حيث إنّ هذه الإيديولوجيا:
- لا تتداخل مع بعض النضالات المشروعة للحركات النسوية التي تُحارب المقولَبات الاختزالية.
- هي بمثابة ذريعةٍ لِتدخّلات الدولة، باسم تحرير الأفراد، في النطاق التربوي، وعلى حساب حرية الأهل ومسؤوليتهم.
- تتوفّر على تعريفٍ واضحٍ: إيديولوجيا الجندر رأيٌ فلسفيٌّ وسوسيولوجيٌّ يؤكّد أنّ الهويّة الجنسية ليست إلا بناءً اجتماعيًّا مُستقلًّا عن كلّ واقعٍ بيولوجيٍّ كما الجسم.
مَن يدعم تطوّر إيديولوجيا الجندر؟
يمكن باختصار الاهتداء إلى المجالات والقطاعات النضالية التي «تحمل» اليوم إيديولوجيا الجندر:

العلوم الاجتماعية
ليس كل العلوم الاجتماعية ولكن أقسام دراسات الجندر (gender studies) أو بعض الفرق البحثية التي لا تُخفي تأييدها لفكرة الجندر. تُمثّل دراسات الجندر مجالًا بذاته في العالم الأكاديمي الأميركي وبصورةٍ أشملَ في الجامعات التي يُشكّل هذا النموذج خاصّيةً لها (البلدان الأنكلوفونية، أوروبا الشمالية، إلخ...) وحلّت أقسام دراسات الجندر محلّ دراسات المرأة أو الدراسات النسوية، وهي فروعٌ هامّةٌ لِما ندعوه عمومًا الدراسات الثقافية. فهي أقسامٌ تابِعةٌ لِكلّيات الأدب التي تعتني خاصةً بالبنيوية والاتجاهات الفكرية الصادرة عنها. ويعمل فيها علماء التاريخ والسوسيولوجيا والأنتروبولوجيا وعلماء النفس، إلخ.
ما زال التقليدُ الفرنسي يظهر اليوم مُتردّدًا تجاه تأسيس أقسامٍ مُتخصّصةٍ من هذا الجندر، لكن هناك عدد من الباحثين والفرق البحثية المُتخصّصة في هذا المجال (لِبعض الفِرَق البحثية صِلةٌ بالنضال تأخذ شكل جمعيةٍ تتدخّل في الوسط المدرسي). إنّ وجهات النظر النسوية، مثلًا، يتمّ إدراجها غالبًا ضمن أقسام التاريخ أو العلوم الاجتماعية. بيد أنّ هذا التقليد الفرنسي يمرّ بحالة تآكلٍ.

المؤسّسات الدولية
ليس ثمّة عملٌ موثوقٌ به فعلًا في ما يتعلّق بِهذه المسألة، لكن يمكن على نحوٍ شرعيٍّ افتراض أنّ وجهة النظر القائلة بالجندر تُؤثّر في بعض المُشتغلين في هذا المجال. إنّ الاستعانة بكلمة «جندر» هي أحيانًا انتهازيةٌ ألسنيةٌ، لكن يمكن في بعض الأحيان أن تنطويَ أيضًا على تأييدٍ حقيقيٍّ لإيديولوجيا الجندر. تحوي البرامج الموجّهة نحو المساواة الجندرية، غالبًا، عناصرَ كلاسيكيةً تتمحور حول تمدرس الفتيات، مثلًا، وأخرى تتركّز على «الصحة الإنجابية» (مَنْع الإنجاب والإجهاض) –خاصّةً ما يتّصل بمشكلة السيدا (الإيدز)- ومكافحة التمييز أو تجريم الممارسات المثلية.

اختصاصيّو التربية
هم ليسوا المُدرّبين أو المُعلّمين، بل الخبراء العاملين في وزارة التربية الوطنية أو المُنتدَبين من قبلها، من أجل أن يأخذوا على عاتقهم «النضال ضدّ مُقولبات الجندر». ويُعدّ ذلك من الاهتمامات القديمة ضمن أوساط وزارة التربية الوطنية، يُغذّيه خاصّةً إصرار وربما تفاقم الاختلال بين الجنسين في قطاعات التعليم العالي (تفوّق الذكور في الهندسة، والإناث في الطبّ، إلخ...) إلى هذا الاهتمام تُضاف، منذ ما يقارب عشرين عامًا، ظاهرة «العنف الجنسي» أو «رهاب المثليين» في الوسط المدرسي.

الشبكات الفكرية النضالية
تكون أحيانًا، لا دائمًا، مُرتبطةً بمجموعات بحثٍ جامعية، وتُعبّر عن نفسها غالبًا من خلال مجلة رمزية (دفاتر GRIF Groupe de recherche IF ؛ بينيلوب (Pénélope)؛ القضايا النسوية الجديدة؛ (CLIO)؛ دفاتر الجندر (Cahiers du genre)؛ العمل Travail؛ الجندر والمجتمع، إلخ) وتضمّ جامعيين وباحثين مُستقلّين، وتُنظّم ندواتٍ، وتُحيي ترجمات بعض المؤلّفات الهامّة، وتتدخّل في الوسط المدرسي أو في شركاتٍ من خلال محاضراتٍ ومعارضَ، إلخ...

الأقلّيات النشيطة
حسب نموذج جمعيات المثليين والسحاقيات التي ظهرت خاصّة في فترة ظهور مرض السيدا، تأسّست أيضًا جمعيات المُتحوّلين جنسيًا، مثلًا، التي لا تُخفي انحيازها لِنظرية الجندر. تبتغي (Inter LGBT) توحيد هذه الحركات، ومنحها ظهورًا إعلاميًا وسياسيًا.
لِمَ تَلقَى هذه الإيديولوجيا صدىً؟

إنها مفهومٌ غامضٌ
إنّ الغموض الذي يكتنف مفهوم الجندر يؤهّله لخدمة كل أنواع المطالبات. فالجندر هو كيسٌ يضمّ مُناضلين ليس هناك ما يضمن أنّ لهم أهدافًا مُتطابقة: نِسويّون مُهتمّون بالمساواة بين الرجل والمرأة، مُناضلون من أقلّيات جنسية، همُّهم إقرار حقوق «كل الاتجاهات الجنسية»، ناشِطون يؤيّدون التحوّل الجنسي ونظرية كوير (queer) ويناضلون ضدّ «ازدواجية الشكل الجنسي» (الفكرة القائلة بأنّ هناك جنسين فقط) إلى ذلك يُضاف الأمر الأكيد الذي تُقدّمه هذه الكلمة التقنية في النقاشات: والأمر الأكيد يكون أحيانًا حقيقيًا، كما في حالة بعض الأعمال التاريخية أو السوسيولوجية حول الجندر، وأحيانًا يكون ظاهرًا فقط كما في حالة معظم تأمّلات جوديث باتلر.[2]

إلهامٌ ثانٍ من أجل النسوية الراديكالية
الحديث عن «الجندر» يسمح بتجديد الخطاب النسوي المبهور، وذلك بِفتْح آفاقٍ جديدةٍ للطابع الجذري. فهذا هو، ربما، أحد الرهانات الأساسية: لو أنّه، من نواحٍ عدّةٍ، نجحت النسوية في مجتمعاتنا ـ إنّنا ننعم جميعًا بالتحوّل الذي طرأ على العلاقات بين الرجل والمرأة والذي ساهمت النسوية بشكلٍ ملحوظٍ في تحقيقه ـ ، ولكنّها أخفقت من نواحٍ أخرى. هي أخفقت من حيث إنّ «الفتوحات» النسوية (دخول عالم العمل، الحق في مَنْع الإنجاب والإجهاض وتنظيم أمور الطلاق، إلخ) لم تُنتِج من خلال الافتتان مجتمعًا مساواتيًا حقيقيًا. والأسوأ من ذلك، تؤدّي عدّةُ مؤشّراتٍ إلى افتراض أنّ الوضع النسوي أصابه الوهن، وأنّ أشكالًا جديدةً من عدم الثبات والاستغلال نَمَت في ظلّ «تحرير المرأة»
يسمح الخطاب المُرتكِز على الجندر للنسوية الراديكالية بإدامة مبدأٍ تقدّميٍّ، مُشيرًا إلى أنّ، إذا لم يكن التطوّر المأمول مُحقّقًا، وإذا استمرّت اللامساواة والفصل بين الرجل والمرأة، وأحيانًا على نحو سلبي، إلخ...، فهذا لأنّنا لسْنا بعيدين كثيرًا.
يصلح «الجندر» لِتشريع خطابٍ حول «المُقولبات الاجتماعية» (في موضوع الاختلاف بين الجنسين) «الذي استُبطِنَ منذ الطفولة الأولى» – وبذلك زُحزِحَ عن موقعه وجرى إصلاحه من خلال إظهار أنّ «الجندر» يفعل فعله بوجهٍ ما منذ الولادة، أي حين -إن شئنا أن نستعير مثالًا مُفيدًا مُفضّلًا لدى الذين يُحامون عن نظرية الجندر- نُلبس الصبي الصغير لباسًا أزرق، والفتاة الصغيرة لباسًا زهريًا (وهو أمر يحصل كثيرًا). بمعنى آخر، يبدأ «التكييف» منذ بداية الحياة؛ لذلك يجب منذ بداية الحياة أن نُناضل – والوجهة المُفضّلة لهذا النضال هي الجندر.

الحكومات ليس بيدها شيءٌ
تُواجه الأوليغارشيات (oligarchie حكم الطغمة الصغيرة) في أوروبا تحديدَين: أولًا إكراهات العولمة (التي تصبح النسخة الحالية للمصير الإغريقي وذريعة الجبرية الجديدة)، وثانياً مطالب «بروكسل». يصبح من الصعب التوصّل إلى سياسةٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ، وحتى سياسةٍ قصيرةٍ.
في سنة 1983، قاد تخلّي اليسار الصريح عن الصراع الطبقي أولًا، ثم تخلّيه عن الناخبين العمال، وبعدها عن إرادة محاربة الرأسمالية، إلى «نزعةٍ مُهاجِرةٍ» (préférence immigrée). على نحو تخلّقي (mimétique)، تؤدّي «نزعة التحوّل الجنسي» إلى ظهور الأقليات الجنسية على أنّها صورةٌ جديدةٌ للاستبعاد التامّ الذي سيصبح المُستفيد والعامل الرئيس في التحولات الاجتماعية القادمة. لقد رأى اليسار في الأقليات المثلية ضحايا للتاريخ فأخذ بثأرها منه. باختصار، لقد كانت البديل عن الطبقة الكادحة (البروليتاريا) وعن المسيحية البروليتارية[3]، من أجل معركةٍ جديدةٍ في سبيل حقوق الإنسان[4].
وفي الوقت عينه، يتمثّل الذوق في الحركة والتجديد والتطوّر. وللاشتراكي الإصلاحي الألماني إدوارد برنستاين (Edward Bernstein 1850- 1932) تعبيرٌ مُفيدٌ في هذا الصدد حيث يقول: «الهدف النهائي، أيًا يكن، لا يعني شيئًا بالنسبة إلي، الحركة هي كل شيء». بذلك، عندما لا يكون بإمكاننا التوصّل إلى سياسة ونُضطرّ إلى «التحرّك»، فإنّنا نُعوّض عن الخسارة بإجراء إصلاحاتٍ مجتمعيةٍ «الستارة المُدخّنة للإصلاحات المجتمعية» حسب تعبير جان-كلود ميشيا (Jean-Claude Michéa).
اللوحةُ مُبسِّطةٌ جدًّا إذا كنّا ندّعي تشييد فصْلٍ بين اليمين واليسار في ما يتعلّق بالجندر. ليس ثمّة عنصرٌ، لا في الوقائع ولا في برامج أحزاب اليمين، يعني أنّ تعديل اتّجاه هذه النزعة هو موضوع نظرٍ في هذه اللحظة.

التاريخ هو تطوّرٌ مُستمرٌّ، يجب أن يكون حديثًا
إنّه البرهان الرئيسي للأشخاص الذين لا يُعارضون هذه التغيّرات. هم يخافون من الأحكام التي تُطلَق في وسائل الإعلام، ومن حكم التاريخ أو ببساطةٍ مِمَّن يُجاورهم. مُقاومة التطوّر تعني أن يكون «أميش» (Amish) وأن يُدافع عن عودة الملكية المطلقة، إلخ...
ليس لهؤلاء الأشخاص، التقدّميين على صعيد السياسة، القدرة الإدراكية الضرورية للتمييز، على غرار جملة كليمنصو بخصوص الثورة الفرنسية، يعتقدون أنّ المُكتسبات الاجتماعية ينبغي تقييمها بلا تمييزٍ. ومحاربة أحد هذه المكتسبات يعني تشكيكًا في الخيارات السابقة (طلاق، إجهاض، إلخ...)
يجب تدمير النظام القديم من أجل بناء نظامٍ جديدٍ
في هذه الفئة نجد الإيديولوجيين.
التفريق هو تمييزٌ: يقول جوان سكوت (Joan Scott) إنّ الجندر «يعني بصورةٍ رئيسةٍ علاقاتِ السلطة». بعبارةٍ أخرى، إنّ ما يتقرّر في «مُقولَبات الجندر»، هو دائمًا شكلٌ من الهيمنة: هيمنة الرجل على المرأة، هيمنة مُغاير الجنس على المثليّ، هيمنة الفرد «المُستقيم» على أصحاب نظرية كوير (Queer)، إلخ...
يجب أن نُحارب المعايير: لا يتعلّق الأمر باستخدام الجندر لتغيير العلاقات بين الجنسين، وإنما بجعله أداة نقدٍ جذريّ لازدواجية الشكل الجنسي ذاتها، ولعاقبتها الوخيمة، وهي تطبيع المغايرة الجنسية، أي «المَزيّة» الممنوحة اجتماعيًا للمغايرة الجنسية (hétérosexualité). من هنا فإنّ الاتجاهين الرئيسيّين في رؤية كوير (طريقة جوديث باتلر): إبراز المثلية الجنسية بوصفها جنسانية شرعية كغيرها[5] (لا شيء يُهيّئ سلفًا بصورةٍ فطريةٍ الرجل لكي يحبّ المرأة، وبالعكس)، ومن جهة أخرى إبراز «الهويّات الجنسية» المُضطربة أو اللانموذجية –في مقابل الفكرة القائلة بأنّ ليس هناك، بصورة رئيسة، إلّا جنسان.
المجتمع هو لا شيءٌ، والفرد هو كل شيءٍ: إنّ فرضيّة الكلّية المُتعلّقة بالهيمنة يحملها المطمح الطوباوي (في قطاعاتٍ كبيرةٍ من الحضارة الحديثة) لبناء مجتمع حيث لا تمييزَ فيه يكون شرعيًا، أو على الأقل، يمكن أن تَحوز الاختلافات التي تُختار بحرية الصدارة. بالتالي يمكن، من وجهة نظرٍ معيّنةٍ، نظريةٍ وفكريةٍ، التأكيد على أنّ هذه الفرضية تُثبِت أنّ الفرد أسمى من المجتمع، أي أنّ المجتمع غيرُ موجودٍ: إذ –وهذا هو الدرس الرئيسي للعلوم الاجتماعية- ليس هناك مجتمعٌ بشريٌّ إلا حيث توجد قواعدُ، واختلافاتٌ ومواقفُ مُكمّلةٌ. إنّ الخطاب عن الجندر، من حيث هو يهدِف إلى «حرمان الجنس من حقوقه» يؤدّي اليوم وظيفةً يراها الكثيرون مُلحّةً: فهو يُفسح المجال من خلال قوة غير مسبوقة لِتشجيع الاعتراف بالهويّات الذاتية –هويّات اختيرَت واضطلع بها- على حساب انتظارات المجتمع بشأن أعضائه.
بذلك يمكن أن يزول المجتمع: إنّ الولع الراهن بالجندر هو إشارةٌ بليغةٌ إلى أنّه، للمرّة الأولى ربما في التاريخ، ثمّة مجتمعٌ لا يُبالي أساسًا ببقائه –الذي يتقرّر تحديدًا في اللقاء الجنسي بين الرجل والمرأة.

تدمير المجتمع لا يُلحق ضررًا بالأعمال، بل بالعكس
خلال الأشهر الأخيرة، كانت «قضية المثلية الجنسية» تلقى دعْم 278 شركةً خاصّةً في المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأميركية. ومن هذه الشركات، الشركات العملاقة في المجال الرقمي: آبل (Appel) غوغل (Google) أمازون (Amazon) ميكروسوفت (Microsoft) آدوب (Adobe) إيبي (eBay) إنتل (Intel) أوراكل (Oracle) تويتر (Twitter)... نُضيف إليها شركات كبرى تختصّ بمجالات أخرى: غولدمان ساكس (Goldman Sachs) جونسون أند جونسون، نايك (Nike) سي بي أس (CBS) ستاربكس (Starbucks)[6] وديزني (Disney) علمًا أنّ هذه الشركات تعتني جيدًا بصورتها. تُوضِح جان شاكتر، وهي أستاذة الحقوق في جامعة ستانفورد أنّه، بالنسبة إلى هذه الشركات، دعم زواج المثليين هو طريقة للقول: «نحن المستقبل».
بصورةٍ أعمقَ، يظهر المُتحمّسون للمركنتيلية وكأنّهم يهتمّون بالانفجار الذي تشهده البُنى الأسرية، المؤسَّسة على الغيرية الجنسية. إنّ المثلية الجنسية ووجوهها هي الحركة، والتأكيد الأقصى للفرد، صانِعِ ذاتِه والزبون النّهِم. ثمّة مَن ينظر إلى الأسرة كحصنٍ بارزٍ حيث تستمرّ المُقولَبات، والقيم التقليدية، وتماسك المجموعة، وهيبة السلطة. ولهذا السبب يجب أن تخضعَ لِعمل المصلحين الاجتماعيين المُنقادين وراء «الخبراء» في التحرير الفردي[7]. بالنسبة إلى الذين يريدون أن يبيعوا، من دون توقفٍ، الجديد والزائل فإنّ الفردانية وانعزال الفرد والحركة الدائمة ونسْف المعالم هي شروطٌ مُلائمةٌ أكثرَ. وصراع آدم سميث (Smith) وفنسنت بِيْيون (Peillon) واحدٌ.
بيد أنّه يمكن أن يُشكّل التحالف بين الرأسمالية الجديدة و«قضية المثلية الجنسية» ظرفًا وإيديولوجيا، مُرتبطين بالنضالية الشخصية لِعددٍ من الأسياد الذين أعلنوا مثليّتهم أو سلوكهم المثلي المسالم. إنّ مقولة «الزواج المثلي جيّدٌ للأعمال» لا يوافق عليه كل خبراء الاقتصاد ولا كلّ المقاولين.
لِمَ هذه الإيديولوجيا خطيرةٌ؟
إنّ إيديولوجيا الجندر هي إيديولوجيا مُدمّرةٌ، وظلاميةٌ ولا اجتماعيةٌ ولا شعبيةٌ وأيضًا لا فطريةٌ.
إيديولوجيا الجندر ثوريةٌ في جوهرها.
ابتداءً من سنة 1990، خرجت إيديولوجيا الجندر من الأوساط الأكاديمية وأصبحت آلة حربٍ للفكر التفكيكي المُؤسَّس على الشبهة. حسب منظور هذه الإيديولوجيا، تصنع الاختلافات علاقاتٍ بين طرفين: المُهيْمِن والمُهيمَن عليه، تكون نتيجتها بالضرورة صراعًا عنيفًا لا يُغتفَر يُفضي إلى تحوّلٍ ثوريٍّ في العلاقات الاجتماعية. بذلك تملك إيديولوجيا الجندر القدرة على زعزعة العلاقات الاجتماعية العقلانية. ولهذا السبب تغاضت عنها الدراسات الاجتماعية والأدبية في الجامعات الأميركية التي تأثّرت هي أيضًا بالمفكّرين الفرنسيين الذين اشتغلوا على موضوع التفكيك في الستينات. ارتكز الجندر على التطوّر التكنولوجي وأصبح شعارًا متآلفًا من أجل الثورة الانتروبولوجية.

إيديولوجيا الجندر شموليّةٌ في جوهرها
إنّ إيديولوجيا الجندر أداةٌ فعّالةٌ في خدمة ما سمّاه المؤرّخ والناقد الاجتماعي الأميركي كريستوفر لاش (Christopher Lasch 1932 -1994) الدولة العلاجية. بعبارة أخرى، هي نزعةٌ، مُعاصِرةٌ على نحوٍ خاصٍّ، لفهْم الدولة بوصفها عاملًا مُكلّفًا بتسكين «الألم».
إنّ هذه المهمّة العظيمة، التي يمثّل الجانبُ الأوضح منها «مقاومة كل أشكال التمييز»، تفترض الاستعانة بالخبراء: إنّهم هنا المُشتغِلون في «الدراسات حول الجندر»، وقد ذاع صيتهم في المؤسّسات الاجتماعية لناحية فهْم هذه الإيديولوجيا وخاصّةً تحسينها. إلى هؤلاء الخبراء المُنتَمين إلى حقل العلوم الاجتماعية –أو بالأحرى إلى بعض القطاعات التابعة لهذه العلوم- يُضاف اليوم، بشكلٍ مُتزايدٍ، الخبراء الآخرون وهم الباحثون في التكنولوجيا الأحيائية، أي كل الذين يعملون كي يجعلوا الإنجابَ أمرًا مُمكنًا من الناحية التقنية، حيث تحوّل الأطفال إلى أمورٍ مادّيةٍ تتعلّق بالرغبة (وبذلك، في نهاية المطاف، جعل الإنجاب مَرغوبًا به من ناحيةٍ جوهريةٍ).
إنّ انعتاق المرأة والمثليين وكل مَن ينتمي إلى «الأقلّيات الخلقية» بحثًا عن الاعتراف، يمرّ بالتحكّم بالمسار التربوي أولًا، ثم بالمؤسّسات والمُنظّمات كافّةً حيث يكون التقاءٌ بين أفراد مُختلفين. في كلّ مكانٍ، وبهيئة أنظمةٍ جديدةٍ، وبرامجَ جديدةٍ، وقوانينَ جديدةٍ، يجب الاستعاضة عن المعايير الاجتماعية القديمة بمعاييرَ تُناسب مدافع الحكمة الجديدة.
أخيرًا، إنّ القدرة على صياغة كلماتٍ جديدةٍ تحوي مفاهيمَ لا تقبل التوفيق في ما بينها، هي إشارةٌ أورويليةٌ (orwellien) إلى التوتاليتارية. بذلك، يبدو لنا استعمال كلمة «جندر»، ليس فقط من أجل التذكير بالاختلافات الحقيقية بين الرجل والمرأة ولكن أيضًا من أجل الوصول إلى إيديولوجيا تفكيكيةٍ خاصّةٍ بالأنتروبولوجيا الكلاسيكية، يبدو لنا هذا الاستعمال كذبةً فكريةً. لِمَ يُرفض المزيد من الوضوح؟

إيديولوجيا الجندر تزيد من اضطرابات الولد
كما أنّ إضعاف المؤسّسة الأسرية وتزايد العائلات المُكوّنة «خارج النظام» يُسبّب اضطراباتٍ لدى الطفل والمراهق الأمر الذي يستدعي اختصاصيين اجتماعيين وتربويين واختصاصيين نفسانيين لمواجهتها، كذلك يمكننا تأكيد أنّ «سَحْب فكرة الجندر» من المؤسّسة المدرسية والممارسات الاجتماعية سوف يُحدِث كل أنواع الاضطرابات والعُصاب عند الشباب الفرنسي. إنّ المشكلات المؤسفة التي يُواجهها الكثير من الأطفال الذين يتمّ تبنّيهم، على الرغم من إعادة تشكيل بيئةٍ قريبةٍ من الأسرة البيولوجية، وعلى الرغم من الحب الحقيقي الذي يضمره الوالدان لطفلهما الذي تبنّياه، لا تفتأ تُثبت لنا أنّ للأولاد الحقّ في الاستفادة قدر الإمكان من بيئةٍ مستقرّةٍ حاميةٍ لنموّهم.
تُظهر الإيديولوجيات والنظريات باستمرارٍ حدودها. بذلك، أوقِفَت الاختبارات التي تسْتند إلى إيديولوجيا الجندر. إنّ تعلّق الأهل بأولادهن، وسعيهم من أجل ضمان تطوّرٍ موزونٍ لهم، وكونهم لا يريدون أن يواصل الخبراء اختباراتهم الاعتباطية على الأجيال القادمة، كلّ ذلك لَهو دليلٌ يُخالَف تطوّر هذه الإيديولوجيا.

إيديولوجيا الجندر تُساهم في الإفقار الاجتماعي
إنّ مجتمعًا يهدف بصورةٍ رئيسةٍ إلى الاعتراف بالهويّات الذاتية هو مجتمعٌ تُرهقه السلوكات النرجسية، ما يُقلّل من أهمّية الصلات الاجتماعية. إنّ المجتمع العادل، أو المجتمع اللائق، يعترف بِأنّ الاحترام الحقيقي للأشخاص ليس من اختصاص القانون أو سلطة الدولة وحسب، لكنّه يكمن ويتطلّب دومًا الجهد الشخصي، والإصلاح الداخلي، والتوسيع، من خلال الحبّ، لظاهرة قصر النظر والقلب.
إنّ المجتمع الذي يمتدح الفردانية المُتطرّفة يَهدِف إلى الاستنقاص من المُستضعَفين والمُعدَمين، والبؤساء والمرضى والعجزة، وبصورةٍ أعمّ، ضحايا مختلف أشكال الفقر الاجتماعي. إنّ المجتمع الذي يمتدح الحركة المستمرّة وخرق القانون بوصفهما غاياتٍ بذاتها يكسر صلات الذرّيّة والتضامن الفعلي الذي ينبع منها (سواءً تعلّق الأمر بالجدّ والجدّة اللذين يُغيثان أحفادهما، أو تعلّق بالأولاد الذين يهتمّون كما ينبغي بذويهم). في عالمٍ يملؤه العنف نتيجة الفردانية المُتطرّفة والمركنتيلية، يُنذِر تحطيم التضامن التقليدي الأسري والاجتماعي (يعطي ويتلقّى ويردّ) بإسقاط جزءٍ كبيرٍ من المجتمع في الدناءة الاجتماعية. ولهذا فالذين يعتقدون، غالبًا بالارتكاز على تجربتهم الشخصية، أنّ الأسرة المؤسّسة على الزوجين تبقى أحد الأمكنة الفضلى التي يتمّ فيها إيلاء الشخص، أيًا تكن ميزاته الفردية، الاهتمام والحب والحماية التي تتطلّبها عزّة النفس غير القابلة للتصرّف فيها، إنّ هؤلاء لا يمكنهم إلا أن ينتقدوا بشدّة إيديولوجيا الجندر ومشروع المجتمع الذي يُنشدونه.

إيديولوجيا الجندر إيديولوجيا ظلاميةٌ
بإعادة النظر في البيولوجيا (التي تؤثّر على الخصوص في عمل آن فوستو-سترلينغ Fausto-Sterling)، يمكن اعتبار إيديولوجيا الجندر شكلًا من الظلامية، ما يُبرّر الملاحظة المتأخّرة للفيلسوفة سيلفيان أغاسينسكي (Sylviane Agacinski): «نشعر بالسخط اليوم عندما نجد في الولايات المتّحدة الأميركية مُناضلين دينيين يدعمون العقيدة الخلقية في مقابل علوم الحياة، لكنّنا لا نضطرب إذا فعلت نظرية الجنسانية، المقتصرة على مسألة اللذّة والتوجّهات الجنسية، الشيء نفسه من خلال الاشتباه في علوم الحياة[8].
بالطريقة ذاتها، في مقالة ظهرت في لوموند (Le Monde) بتاريخ 4 أيلول 2011، اعترضت عالمة الإحاثة باسكال بيك (Pascal Picq)، باسم احترام المعطيات البيولوجية، على إدخال «الجندر» في مُقرَّر علوم الحياة والأرض في الثانويات.

الملاحق
الملحق الأول: نبذةٌ تاريخيةٌ قصيرةٌ عن الجندر
بغية التوجّه نحو الخطاب الحالي عن الجندر، ينبغي أن نعرض تاريخ المفهوم بعجالة. نُميّز ثلاثَ مراحلَ، لا سيّما أنّ كلّ مرحلةٍ لاحقةٍ لا تُلغي السابقة، بل تنضمّ إليها.

تكوّن المفهوم: التمييز بين الجنس والجندر
لو وضعنا في الحسبان بعض الفضول الأثري (التمييز بين الجنس والجندر بالانتقال إلى طبيب وقف منذ عام 1915على الخُنثية)، يقع تكوّن المفهوم في الحقل المختصّ بالطب وطبّ الأمراض العقلية، عند مُفترق دراسة وعلاج عَرَضين: الخنثية المُسمّاة اليوم البَيْجنسوية (intersexualité) حالة الأفراد الذين يتّصفون بدرجات مُختلفة من الازدواجية الجنسية، والرغبة بالانضمام إلى الجنس الآخر، وهو ما يُسمّى التحوّل الجنسي منذ السبعينات.
لقد سعى طبيب الأمراض العقلية الأميركي روبرت ستولر (Stoller)، الذي يعالج مرضى «مُتحوّلين جنسيًا»، ومعه الطبيب المُختصّ بالغدد الصمّاء جون موني (John money)، الذي يدرس البَيْجنسوية، سعيا إلى بلورة التمييز جنس / جندر من أجل الإحاطة بالفرق بين الجوهر البيولوجي (الجنس) الذي يجعل من الإنسان رجلًا أو امرأة، والجندر الذي يُمثّل، حسب عبارات ستولر، «درجة الذكورة والأنوثة» الموجودة في الفرد.
يشرح جون موني على الأقل مرّة، متأخرًا، أنّه اضطرّ إلى اعتماد مصطلح «الجندر» بالإشارة إلى القواعد grammaire: لقد رأى مُماثلة خصبة بين الجنس على مستوى الكلمات، المذكّر والمؤنّث وغيرهما، وبين جنس الأفراد، حسب ما هم عليه –حسب المعايير الثقافية المعمول بها في بيئتهم – الذكورية والأنثوية أو كذلك المزيج من الاثنين.
يُبيّن ستولر أنّه بإمكان الإنسان أن يكون رجلًا رجوليًا أو امرأة أنثويةً فالجندر ليس الجنس. إذا كان الجنس تُحدّده البيولوجيا (التي تلتقي أحيانًا بازدواجيات حقيقيةٍ) فالجندر يكون بحسب الثقافة التي ينتمي المرءُ إليها، بما أنّ عبارات رجولة وأنوثة تتجندر من ثقافةٍ إلى أخرى.
في هذا السياق، يُعرّف الجندر بوصفه «الجنس الاجتماعي». يمكن أن يتماهى الأفراد، من زاويةٍ ذاتيةٍ، مع قواعد الذكورة والأنوثة السائدة في المجتمع الذي ينتمون إليه. بذلك نشأ مفهوم الهويّة الجندرية (gender identity)، التي تعني الانتماء الذاتي الذي يعيشه أحد الجنسين، أو أيضًا رفض الارتباط بالجنس البيولوجي وبالتالي الذهاب إلى حدّ تغيير الجنس (التحوّل الجنسي).
في الأصل، كان اضطراب الهويّة الجندرية (gender identity disorder) يُعدّ ظاهرةً مرضيةً. هذه هي وجهة نظر العلماء والأطبّاء وأطبّاء الأمراض العقلية في الستينات.
لكن، منذ السبعينات، وعلى الأقوى منذ التسعينات، استعاد عددٌ من المناضلين، على الخصوص المُتحوّلين جنسيًا، مفهوم الجندر وقد أرادوا إظهار التجربة التي عاشوها بوصفها مؤسِّسةً لهويّتهم الخاصّة، التي تحتاج إلى الاعتراف بها. إنّ المتحوّل الجنسي «الكلاسيكي» هو شخصٌ سكنته شهوة الانتماء إلى الجنس المقابل. إنّ تطوّر الطبّ (علم الغدد الصمّاء والجراحة) جعل مُمكنًا الإشباع (الظاهر) لهذه الشهوة، بما أنّه يمكننا تغيير المظهر الخارجي التناسلي (وليس حمْل الشخص على تغيير جنسه الحقيقي). يَميل المُناضلون إلى رفْض العمليات الجراحية ويحبّذون هوية المُتحوّل جنسيًا.

استيراد الجندر في العلوم الاجتماعية
في بداية السبعينات، انتقل التمييز جنس/جندر من المجال الطبّي إلى مجال العلوم الاجتماعية والتاريخية. إنّ الاقتباس من روبير ستولر (Robert Stoller) صريحٌ في كتاب آن أوكلي (Ann Oakley) «الجنس والجندر والمجتمع» الصادر سنة 1972 الذي يُشير إلى استعادة الجندر من قبل النسوية الجامعية.
إنّ النسوية العالمية تتناسب مع العصر الذي بحثت النسوية خلاله (التي تتعلّق ﺑ «الموجة الثانية») عن شرعيةٍ أكاديميةٍ وعلميةٍ: ظهور أقسامٍ تُعنى بِدراسات المرأة أو الدراسات النسوية في الجامعات الأميركية –التي صار اسمها اليوم دراسات الجندر- وجرى تبرير هذا التغيير بضرورة دراسة المرأة لذاتها، ليس هذا فحسب، بل دراسة الرجل والمرأة في علاقاتهما واختلافاتهما.
إنّ التمييز بين الجنس والجندر، الذي استقيناه من ستولر (Stoller)، يظهر حينئذ وكأنّه مُطابقٌ للتعبير عن الفكرة الشهيرة للكاتبة الفرنسية سيمون دو بوفوار «لا أولد امرأة، بل أصبح كذلك»، حين أعاد أنصار النسوية في الولايات المتحدة اكتشاف كتاب (الجنس الثاني) الصادر سنة 1949. فالجنس هو الطبيعة، البيولوجيا، ما يجعل الفرد ذكرًا أو أنثى؛ الجندر هو المجتمع، بمعنى الفكرة القائلة بأن المجتمع يصنع نفسه من خلال ما يجب على الرجل أو المرأة أن يكونا عليه.
بذلك سوف تنصرف العلومُ الاجتماعية ذات الإيحاء النسويّ إلى وضع دراسةٍ منهجيةٍ للطريقة التي تؤسّس بها مجتمعاتٍ عدّةٍ و«تبني» الاختلاف بين الجنسين: ما هي التوقّعات الخاصة بالمجتمع تجاه النساء؟ ما هي المهمّات التي توكَل إلى المرأة؟ ما هي الملامح التي تدلّ بصورة خاصّة على الطبع الأنثوي؟
كل هذه الأعمال ـ في التاريخ والسوسيولوجيا والأنتروبولوجيا ـ تشترك في الإشارة إلى المسافة بين «المعطى» البيولوجي (الجنس) و«البناء» الاجتماعي (الجندر). من هنا كان الأثر الكبير للتنسيب: إنّ تلك الأعمال قادت إلى عدم الأخذ بِالطريقة التي بها نتصوّر الأدوار والطباع لكلٍّ من الرجل والمرأة، عدم الأخذ بها بوصفها بديهيّة، «طبيعية». ولهذا التنسيب أثر نضالي: بما أنّ الجندر عرضيٌّ، فمن الممكن، والمُستحسَن عامّةً، تطويره –في معنى المساواة بين الرجل والمرأة.
إنّ عمل المؤرّخة النسوية الأميركية جوان و. سكوت يُشير إلى مُنعطفٍ في تاريخ المفهوم. في (الجندر) الذي هو فئة مُجدِية للتحليل التاريخي (1986)، تُدلي سكوت بأنّ الجندر هو «عنصرٌ مُقوّمٌ للعلاقات الاجتماعية، مُؤسَّسٌ على الاختلافات بين الجنسين. بعبارةٍ أخرى، الجندر هو، ليس فقط الجانب الاجتماعي للجنس؛ بل هو المبدأ الذي ينصّ على أنّ التنظيم الاجتماعي مؤسَّسٌ على الاختلاف بين الجنسين. إنّ التنظيم الاجتماعي يرتبط بجندر من حيث إنّه يرتكز، على نحو غير منطوق به أو على نحو صريح، على تصور ما للاختلاف بين الرجل والمرأة7
تُضيف جوان سكوت أنّ الجندر طريقة «للإشارة إلى علاقات السلطة». بعبارة أخرى، في المنطق النسوي، تؤكّد سكوت أنّ كل تنظيمٍ اجتماعيٍّ «يعتنق نظرية الجندر» يرتكز على خضوع المرأة للرجل (مكانٌ مُشتركٌ للخطاب النسوي الذي لا يعير اهتمامًا لِأي خطاب عن «التكامل» لأنّه يرى فيه طريقة لِطمْس «الهيمنة الذكورية»).
من المحتمل أنّ استعمال الجندر، الغالِب في العلوم الاجتماعية، هو الاستعمال الأكثر شيوعًا في يومنا هذا. فهو، على الخصوص، يُشرّع إدخال «الحسّ بالجندر» في التربية، بوصفه أداة لمحاربة اللامساواة بين الرجل والمرأة. إنّ الآلية الفكريّة المُستعمَلة تضمّ ثلاث مراحل:
أ – الاختلاف بين الرجل والمرأة هو على الجملة بناءٌ اجتماعيٌّ محضٌ، وعرضيٌّ محضٌ، بمعنى بلا أساسٍ في معطًى طبيعيٍّ معيّنٍ.
ب –إنّ الاختلاف الذي شُيّدَ توًّا بين الجنسين خطيرٌ ويفتقر إلى المساواة وظالِمٌ ومصدرٌ للقمع.
ج – بذلك نشعر بأننا أفضلُ حالًا عندما نتخلّص من هذا الاختلاف، أو على الأقلّ عندما نُغيّر جذريًا طريقة إدراك هذا الاختلاف.
الجندر في مقابل الجنس: المرحلة «ما بعد البنيوية»
إنّ عمل جوان سكوت (الذي ينبغي إكماله بالكثير من المراجع الأخرى: دينيز ريلي Denise RILEY، غايل روبين Gayle RUBIN، ...إلخ) هو الوصلة بين عالمين: عالَم العلوم الاجتماعية الكلاسيكية، وعالَم الدراسات الأدبية التي كانت مكان انتخاب النظرية الفرنسية في الولايات المتحدة الأميركية، بمعنى استيراد النظريات والتصورات من كتّاب فرنسيين أمثال ميشيل فوكو، وجاك لاكان وجاك درّيدا ولويس ألتوسير، إلخ... وهؤلاء يجتمعون أحيانًا تحت شعار «ما بعد البنيوية».
هنا نجد أمامنا جوديث باتلر كمرجع. وإنّنا نذكر غالبًا اسمَها بوصفها خير مُمثّل لإيديولوجيا الجندر: ينبغي بالأحرى القول إنّ جوديث باتلر خصّصت طاقتها الفكرية لا من أجل التنظير للجندر، بل على العكس من ذلك من أجل الحؤول دون تحقّق هذه النظرية. إنّ عملها، وبقدر ما تكون هذه الكلمة مُلائمةً لعمل يكون الطموح فيه هو لإشاعة البلبلة في الجندر، هو سلبي بصورةٍ رئيسةٍ. فهو يهدف إلى زعزعة كل الفئات القائمة، وإلى إسقاط المفاهيم الثابتة في الظاهر كمفهوم الجنس والهوية الأنثوية. وتُمثّل باتلر فكر تيار «كوير» Queer إذ إنّ أنموذجها في الموضوع الجنسي والجنسانية هو الفرد الذي يتّبع في مسلكه منهج «كوير»، بمعنى المثلي، وعلى نحوٍ أكثرَ طواعيةً «المُتحوّل جنسيًا»، الذي يُفتَرَض أن تزيحَ فنونُ الظهور والسلوك لديه النقابَ عن حقيقة كل «هويةٍ» جنسيةٍ. إنّ «الهويّة الجنسية» لها على الدوام طابع المهارة دور يتمّ تأديته من مسافةٍ تهكّميةٍ.
في المرحلة السابقة من الخطاب حول الجندر، بقِيَ المرجع هو ازدواجية الشكل الجنسية: يتعلّق الأمر أساسًا بالتشكيك في التنظيم الاجتماعي للصِّلات بين الجنسين. في المرحلة «مابعد البنيوية»، واضحٌ أنّ الرهان انتقل. لا يتعلّق الأمر باستخدام الجندر لتغيير الصلات بين الجنسين، وإنما بجعله أداةَ نقدٍ جذريٍّ لازدواجية الشكل الجنسية ولعاقبتها الوخيمة: «تطبيع المغايرة الجنسية»، بمعنى «التميّز» الممنوح اجتماعيًا للمغايرة الجنسية. لذلك فالاتجاهان الرئيسيان في نظرة كوير: إبراز المثلية الجنسية بوصفها جنسانيةً شرعيةً كغيرها (ليس هناك ما يُهيّئ الرجل سلفًا، وعلى نحو فطريّ، كي يحبّ المرأة، والعكس)؛ ومن جهة أخرى إبراز «الهويّات الجنسية» المُضطربة أو اللانمطية ـ في مقابل الفكرة القاضية بأنّ هناك حصرًا، وحتى بصورةٍ رئيسةٍ، جنسين فقط لا غير.
وبقدر ما يستطيع المرء استخراج أطروحةٍ من كتب باتلر (التي لا تفتأ تَعرض فكرًا جرت المُطالبة به بوصفه يتطوّر بصورة دائمة)، فالأطروحة تقول إنّ «الجندر يسبق الجنس». إنّه يسبقه و«يُشيّده»، والخطاب (الذي جرى الاشتغالُ عليه اجتماعيًا) هو الذي يوجِد الجندر أو الذي يُعطي مظهرًا للجنس. في النهاية فالواقع البيولوجي للجنس يجب هو أيضًا أن يتمّ «تفكيكه»، بمعنى أن ينكشف بوصفه مجرّد بناءٍ. وهو اسمانيةٌ جذريةٌ: إنّنا نتوهّم أنّ مقولة الجنسين تتّصف بالتماسك لأنّنا اخترنا حصْر الملامح الفيزيائية في الوحدة الاعتباطية للنظام البيولوجي؛ واخترنا فعل ذلك لكي نجعل مُمكنًا استعباد جزءٍ من السكان على يد جزءٍ آخرَ.
ينبغي أن نقول إنّ «تفكيك» الجنس من قبل باتلر هو بلاغيٌّ بصورةٍ أساسيةٍ، بمعنى أنّه شفاهيٌّ، وأنّ باتلر نفسها ترى أنّ اللغة، من حيث هي تعكس «مصالحَ» خاصّةً، وتُوقعنا في الشّرَك وذلك بأن تمنحنا كلمات نعتقد أنّها تعني وقائع خارجة عن اللغة، وأنّ البراعة النسبية البلاغية لِباتلر يمكنها وحدها أن تفسّر السحر الذي تُمارسه باتلر على جمهورٍ مُهيّأٍ سلفًا للقبول بهذه الأطروحات الجذرية. ثمّة إبهام فاضح في كتابات باتلر، وقد واجهت معارضةً عنيفةً أحيانًا من قبل نسويين يتمسّكون بالرصانة في التحقيق والتفكير، ومن قبل كل اللواتي يفهمن أنّ النسوية، من حيث هي دفاع عن المرأة (بخاصّة حيث يتمّ فعلًا استغلالها وتعنيفها) تُصبح لاغيةً بفعل نظريةٍ تؤكّد أنّ فئة «النساء» لا تتناسب مع أيِّ وحدةٍ حقيقيّةٍ.
من المؤكّد أنّ نظرية كوير حسب جوديث باتلر لا تُمثّل كل الفكر المُتعلّق ﺑ «الجندر»: لكن من الواضح أنّ نجاحها المُتمثّل في الإقرار بالجميل الذي يُحيط ﺑ باتلر ومُنافسيها، يُساهم بشكل ملحوظ في الاشتباه في أي استعمال لـ «الجندر». من خلال تشكيك باتلر في البيولوجيا (التي تؤثّر على الخصوص في عمل آن فوستو ـ سترلينغ Fausto-Sterling)، يمكن القول أنّ شكلًا من الظلامية مُحكَم الصياغة أسبِغَ على أفكارها، ما يُبرّر ملاحظة الفيلسوفة سيلفيان أغاسينسكي:
 نشعر بالسخط اليوم عندما نرى في الولايات المتحدة مناضلين دينيين يدعمون العقيدة الخلقية في مقابل علوم الحياة، لكنّنا لا نضطرب إذا فعلت نظرية الجنسانية، المقتصرة على مسألة اللذّة والتوجّهات الجنسية، الشيء نفسه من خلال الاشتباه بلا تمييز في علوم الحياة.

الملحق الثاني: الجندر مفهومٌ مُتعدّدُ الأشكال
إنّ الذين ابتكروا مصطلح «الجندر» يقولون غالبًا: «لا وجود لنظرية الجندر، هناك «دراسات الجندر» (بالانكليزية: gender studies). وهذا التصريح لا يمكن المساس به، من حيث إنّ دراسات الجندر اجتاحت في بضعِ سنواتٍ معظمَ الجامعات، أولًا في العالم الأنكَلوفوني، ثم في أوروبا الشمالية، وشيئًا فشيئًا في فرنسا.
لكن التصريح يطمس تمامًا الواقعة التالية: الحديث عن «دراسات الجندر» يفترض أنّ «الجندر» هو موضوعٌ للدراسة كما الثدييات البحرية والحروب الدينية والبطالة الضخمة. لكن المشكلة الحقيقية تكمن في أنّه لا يوجد أيُّ تعريفٍ توافقيٍّ ل«الجندر». ظهرت كلمة «الجندر» في الستينات في الخطاب العلمي، وشهِدَ معناها تغيّرًا مُتواصلًا، وذلك من غير أن تحلّ الدلالات الجديدة محلّ الدلالات القديمة.
نأخذ مثالًا على ذلك أحد الاستعمالات الشائعة لكلمة «جندر»، في مقابل «جنس»، الذي يُشير إلى البعد الثقافي، أو الاجتماعي للاختلاف بين الجنسين: يوجد جنسان (بيولوجيان) وجندران (اجتماعيان). عندئذ نستلهم من سيمون دوبوفوار ونقول: لا يولد المرء رجلًا أو امرأة، بل يصبح كذلك. بعبارة أخرى، البيولوجيا تصنع الذكور والإناث، بينما يصنع المجتمع الرجل والمرأة، بمعنى الكائنات الحيّة التي تظهر ذكورتها وأنوثتها حسب «شيفراتٍ» خاصّةٍ بكلّ مجتمعٍ. في دلالة «الجندر» هذه، يوجد جندران، ويوجد جنسان.
لكن البعض يتحدّث اليوم عن تعدّد (لا فقط عن ثنائية) في الجندر، للإشارة إلى «الهُويّات الجنسية» الممكنة التي تتشكّل من خلال تنسيق عدّة ملامحَ مُرتبطةٍ بالجنس (مذكّر، مؤنّث، «بَيْجنسي» [= خُنثى]، مُتحوّل جنسيًا، إلخ) مع ملامحَ مُرتبطةٍ بالجنسانية (مُغاير جنسي، مثليّ، ثُنائي الجنس، إلخ). نحصل عندئذ على كل ضروب «الجندر» وقد اتخذت بعض البلدان عددًا من الإجراءات لحماية التجندر الجندري وللاعتراف به.
البعض الآخر يتحدّث فقط عن الجندر (بالمفرد) وهو ما تَميل إليه العلومُ الاجتماعية، إذ يُفترض أن يُشير الجندر إلى «النظام» الذي يوزّع المهامّ والمزايا والكفاءات بحسب الجنس. يوجد الجندر في كلّ مكانٍ يجري فيه التمييز بالاعتماد على الاختلاف بين الرجل والمرأة. إنّ «الجندر» يعمل عندما يكون هناك توقعاتٌ مُختلفةٌ بحسب الصلة التي تربطنا بالرجل أو المرأة، وعندما نُوكِل هذا العمل للرجل، وهذه الوظيفة للمرأة، إلخ... ونتحدّث عن طيبِ خاطرٍ عن ممارسةٍ وعن خطابٍ يتبنّى الجندر (بالانكليزية gendered) وذلك عندما تُبنى الممارسة أو الخطاب، بوعيٍ أو بلا وعيٍ، من خلال التصوّر الذي نُقيمه عن الاختلاف بين الرجل والمرأة.
جندرٌ واحدٌ؟ جندران اثنان؟ ثلاثةٌ، خمسةٌ أو عشرون جندرًا؟ لسنا أمام قضيةٍ تجريبيةٍ، إنّنا نُدرك جيدًا أنّ إمكانية الحديث عن جندرٍ، وعن جندرين، وعن تعدّدٍ لا مُتناهٍ في الجندر، يُحدّدها المفهوم المُتبنَّى. ويوجد بين هذه المفاهيم اختلافاتٌ منطقيةٌ (لا تحوي الخصائص ذاتها). في النقاش الحالي يشوب لفظة الجندر غموضٌ لا يمكن تجاوزه ويزداد ضررُه كونه لا يعرفه أو لا يكترث به مَن يستخدمها.

--------------------------------
[1]* ـ إعداد حركة "المظاهرة لأجل الجميع" La Manif Pour Tous، حركة اجتماعية تأسست سنة 2012م في فرنسا، للدفاع عن الغيرية الجنسية.
ـ العنوان الأصلي: L’idéologie du genre.
ـ المصدر: http://www.lamanifpourtous.fr/wp-content/uploads/2016/07/LMPT-L-ideologie-du-genre.pdf
ـ ترجمة: عماد أيوب .
[2]- يجب أن نأخذ بالحسبان التقلّب في الرأي عند جوديث باتلر، علمًا أنّه جرى نقل بعض كتبها القديمة إلى الفرنسية.
[3]- Jean-Claude Michéa, Les mystères de la gauche, Climats, 2013.
[4]- Frédéric Martel, Global Gay. Comment la révolution gay change le monde, Flammarion, 2013.
[5]- بذلك أصبح العقم الفطري لدى الأزواج المثليين عقمًا «اجتماعيًا» مما فتح المجال أمام مساعدات من الدولة (المساعدة الطبية على الإنجاب).
[6]- التي ترعى الآن مبيعات الكتب المُتعلّقة بِمقولبات الجندر للأطفال في المدارس الفرنسية
[7]- Christopher Lasch, Un refuge dans ce monde impitoyable. La famille assiégée, François Bourin, 2012
[8]- Sylviane Agacinski, Femmes entre sexe et genre, Seuil, Paris, p. 63- 64.