البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

معاثر الأنثروبولوجيا الأحيائيّة

الباحث :  حميد إمامي فر ـ علي مصباح
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  26
السنة :  شتاء 2022م / 1443هـ
تاريخ إضافة البحث :  June / 4 / 2022
عدد زيارات البحث :  741
تحميل  ( 568.458 KB )
 عمد تشارلز دارون إلى بيان نظريّة التطوّر بوصفها نظريّة في علم الأحياء، بيد أنّ هذه النظريّة لم تخلُ من النتائج الميتافيزيقيّة والتأثير الملحوظ على العلوم الإنسانيّة، بل لعلّ تأثيرها على العلوم الإنسانيّة إذا لم يكن أكبر من تأثيرها على العلوم الأحيائيّة، فإنّه لم يكن بأقلّ منها. سوف نعمل في هذه المقالة ـ من خلال تقديم تقرير عن نظريّة التطوّر ـ على بيان تأثير هذه النظريّة على المباني الأنثروبولوجيّة للعلوم الإنسانيّة، في الحقول الخمسة الآتية، وهي: حقيقة الإنسان، وموقع الإنسان في نظام الوجود، وإرادة الإنسان واختياره، والكمال النهائيّ للإنسان، وخلق الإنسان، ونعمل على بحثها ومناقشتها، وسوف نثبت أنّ المباني الأنثروبولوجيّة للعلوم الإنسانيّة ـ المنبثقة عن النظرة التكامليّة إلى العالم ـ لا تنسجم مع المباني الأنثروبولوجيّة للعلوم الإنسانيّة الإسلاميّة التي تحظى بتأييدنا.

وبالخلاصة لقد عمدنا في هذه المقالة إلى استخراج المباني الأنثروبولوجيّة لنظريّة التطوّر في علوم الإنسان، وعمدنا في بعض الموارد إلى نقدها ومناقشتها أيضًا. وقد توصّلنا في بحث خلق الإنسان إلى أنّه بناء على المباني التطوّريّة المتمثّلة بالانتقاء الطبيعيّ وتوالد الأنواع من طريق الصدفة، لا يمكن القول بانسجام وتناغم هذه الرؤية مع النظرة القرآنيّة والدينيّة؛ وذلك لأنّ الهداية الغائيّة وعمليّة الخلق الهادفة إنّما هي من أركان الإيمان بالله. وعليه فإنّ الخطوة الأساسيّة ـ في أسلمة العلوم الإنسانيّة ـ تكمن في نفي وإزالة هذه الرؤية والنظرة إلى الإنسان، واستبدالها بالمباني الأنثروبولوجيّة الإسلاميّة.

كلمات مفتاحيّة: نظريّة التطوّر، تشارلز دارون، العلوم الإنسانيّة، المباني الأنثروبولوجيّة، الداروينيّة.

سجّل تشارلز روبرت دارون[2] في كتابه (أصل الأنواع)[3] تحدّيًا أمام أجزاء مهمّة من الرؤية التقليديّة والدينيّة حول الحياة والكائنات الحيّة. وقد بدأ تأثير نظريّته بشكل جادّ على حقيقة وجود الإنسان عندما صدر كتابه تحت عنوان «أصل الإنسان»[4]، فقد ذكر في هذا الكتاب ذات ذلك البحث الذي سبق له أنّ ذكره حتى الآن بشأن سائر الكائنات، ولكنّه تناوله هذه المرّة من زاوية الإنسان فقط. وقد أثّر بهذه الرؤية على الفهم التقليديّ والدينيّ إلى الإنسان بشدّة.

إنّ تأثير نظريّة التطوّر لم يقف عند هذا الحدّ، وفي نهاية المطاف انتقلت أمواجه العاتية من حقل الأنثروبولوجيا الأحيائيّة ليصل إلى حقل العلوم الإنسانيّة. لقد كان نوع الفهم الذي كان سائدًا عن الإنسان وحقيقته حتى الآن يختلف عمّا تمّ عرضه في نظريّة التطوّر إلى حدّ كبير. وبطبيعة الحال فإنّه بالنظر إلى التعريف الجديد، ونوع الرؤية المختلفة إلى الإنسان،  فقد أصبح أسلوب التفكير وأدوات بحث هذا الكائن مختلفة. وقد ذهبت هذه المسألة إلى أبعد من ذلك حتى شملت أكثر مباني العلوم الإنسانيّة، بل وحتى العلوم الإنسانيّة، وأحدثت تغييرًا كبيرًا فيها.

1 ـ التطوّر في اللغة والمصطلح
إنّ كلمة التطوّر هي المعادل لكلمة (Evolution) في اللغة الإنجليزيّة، والتي تعني نوعًا من التغيّر من البساطة إلى التعقيد والنموّ[5]. كما هي كذلك تحمل ذات معنى التطوّر والتكامل والنموّ في اللغة الفارسيّة أيضًا[6].

ولم يؤخذ في المعنى الاصطلاحيّ لكلمة التطوّر ـ كما سيأتي ـ معنى التكامل نحو الأفضل، قال إرنست ماير[7] في هذا الشأن: «لقد سبق لدارون أنّ صرّح بأن الانتخاب الطبيعيّ لا يؤدّي إلى الكمال، وإنما يعمل على مجرّد إعداد الظروف لكي يتناغم الشيء مع بيئته الراهنة[8].

وقد قام عالم الأحياء التكامليّ المعروف مارك ريدلي[9]، بتعريف التطوّر على النحو الآتي: إن التطوّر يعني تغيير الكائنات الحيّة من طريق انشقاق الأنواع بواسطة التحوّلات البطيئة التي تنتقل إلى الأجيال اللاحقة»[10].

2 ـ تقرير مختصر لنظريّة التطوّر لدارون
لقد تمّ بيان هذه النظريّة بشكل جديد وقراءة معاصرة في ضوء الخريطة الجينيّة للموجودات، على النحو الآتي:
في البدء لم يكن هناك في العالم أيّ كائن حيّ. وإنّ الوحدة الحيّة الأولى قد ظهرت بفعل التركيبات والتفاعلات الكيميائيّة في الطين والحمأ في قاع المحيط صدفة، وتمثّل هذه الوحدة الحيّة الأصل المشترك لجميع الموجودات الحيّة في العصر الراهن. وقد بدأت هذه الوحدة الحيّة ـ القادرة على التكاثر ـ بالانقسام والانشطار والتوالد، ثمّ ظهرت الكثير من الكائنات على شكل عنقوديّ متشعّبة من بعضها. وفي ضوء الانتقاء الطبيعيّ تمكّنت الكائنات الأفضل والأكمل من مواصلة حياتها، وتمّ حذف وإزالة الكائنات الأضعف، وبعض المواليد التي تمّ تمييزها بواسطة الانتقاء الطبيعيّ أخذت تنقل صفة تفوّقها وأفضليّتها إلى أجيالها اللاحقة، وقد أدّت الظروف المناسبة للتطابق مع البيئة ـ والذي كانت نتيجته مزيدًا من الإنجاب والتناسل والمواليد المتكاملة ـ إلى أنّ تبدأ أعداد أفرادها بالتزايد، وعلى المدى البعيد ظهرت مختلف أنواع النباتات والحيوانات. والإنسان هو النموذج النهائيّ والمتكامل لتلك الحقيقة الحيّة ذات الخليّة الواحدة التي ظهرت بادئ الأمر في قاع البحر. ونتيجة البحث هي أنّ التكامل صار هو العلّة لوجود الأنواع.

قال إرنست ماير: «لا شك في أنّ الفكرة الأصليّة للتطوّر هي أنّ هذا التطوّر كان سببًا في وجود الأنواع»[11].

1 / 2 ـ توضيح النظريّة ضمن مثال
يذهب القائلون بنظريّة التطوّر إلى الاعتقاد بأنّ الاختلافات الموجودة في حجم وشكل الطيور ـ على سبيل المثال ـ هي نتيجة مباشرة للانتقاء الطبيعيّ، والنموذج الذي يذكر يكون في الغالب شاملًا للنماذج من الطيور التي تقتات على الحبوب. تكثر الحبوب الصغيرة والغضّة إثر الفصول المثمرة في محيط الأماكن التي تستوطنها الطيور ذات المناقير القصيرة، حيث يمكنها الحصول على طعامها دون عناء. ومع ذلك لا يكون هناك ـ على مدى مراحل الجفاف ـ سوى الحبوب الكامنة في قشورها الصلبة والقاسية. لقد بقيت هذه الحبوب ملقاة على الأرض على مدى السنوات الماضية، وفي مثل هذه الظروف لا يمكن لغير الطيور ذوات المناقير الطويلة والأكثر قوّة أن تكسر هذه القشور وتشطرها لكي تصل إلى طعامها؛ ونتيجة لذلك تكون الطيور ذات المناقير الطويلة قادرة على تحصيل طعامها، في حين أنّ سائر الطيور لا تمتلك مثل هذه القدرة؛ ولذلك فإنّ المنقار الطويل يمنح الطيور ميزة، يطلق عليها علماء الأحياء في العصر الراهن عنوان «الميزة العمليّة». وللأسف الشديد فإنّ الطيور ذوات المناقير القصيرة تموت من الجوع؛ لأنّها لا تستطيع الوصول إلى هذا المصدر الغذائيّ، فإذا استمرّت ظروف الجفاف طويلًا، فإنّ البيئة سوف تحدث تغييرًا في خصائص مجمل أعداد الطيور وأنواعها. وعلى مدى السنين تنتقل ذوات المناقير الطويلة إلى الأجيال المتعاقبة لاحقًا، وتصبح الطيور ذوات المناقير الطويلة هي الطيور الوحيدة التي تحتلّ تلك المنطقة؛ وذلك لأنّ هذه المناقير تجعل الطيور قادرة على مواصلة الحياة[12].

في النظرة التطوّريّة ليست هناك ضرورة لكي يكون أصل الانتقاء الطبيعيّ مؤثّرًا في جميع الكائنات، بل إذا توفّرت ظروف الحياة على ذلك الشكل البسيط لكائن ما، فإنّه سوف يواصل حياته على ذات الوتيرة؛ أي: من دون تطوّر. يقول تشارلز دارون:

«عندما تحدث تحوّلات نافعة في طبيعة كائن حيّ، فإنّ الأفراد الواجدة لهذه التحوّلات سوف يكون لها الحظّ الأوفر لمواصلة الحياة في خضمّ النزاع من أجل البقاء، وفي ضوء قوانين الوراثة سوف يولد أفراد يحملون تلك الخصائص ذاتها. وقد أسميت هذه الأصول الحارسة للمتغيّرات النافعة وبقاء الأصلح بـ «الانتقاء الطبيعيّ». أنّ الانتقاء الطبيعيّ فيما يتعلق بالظروف البيئيّة الطبيعيّة وغير الطبيعيّة يلعب بالنسبة إلى الطبيعة دور الهادي والموجّه؛ ونتيجة لذلك فإنّه يأخذ به نحو الكمال والارتقاء. ومع ذلك فإنّ الأشكال المتدنّية والبسيطة إذا تناغمت وتماهت بشكل كامل مع ظروفها البيئيّة الأقلّ تعقيدًا، يمكنها أيضًا مواصلة حياتها على ذات الشاكلة المتدنيّة لفترات طويلة ومتمادّيّة»[13].

2 / 2 ـ العنصران الرئيسان في الرؤية التطوّريّة الداروينيّة
يوجد عنصران رئيسان في الرؤية الداروينيّة يُعدّان بمثابة الخصائص في هذه النظريّة، ويعملان على تمييز هذه النظريّة من سائر النظريّات التكامليّة السابقة الأخرى، وهذان العنصران هما:

1 ـ التغيّر الاتفاقيّ (الصدفة)[14].
2 ـ الانتقاء الطبيعيّ[15].

1 / 2 / 2 ـ المتغيّرات الاتفاقيّة
إن المراد من التغيّر الاتفاقيّ هو أنّه لا يوجد أيّ تخطيط سابق يقف وراء تغيّر أو تحوّل نوع إلى نوع آخر. وإنّ هذا التغيّر والتحوّل إنّما يقع على سبيل الصدفة وعلى أساس القفزة الاتفاقيّة التي تحدث في أفراد النوع الواحد؛ حيث يحصل عدد من هؤلاء الأفراد على كفاءة ولياقة أكبر من أجل البقاء دون الأفراد الآخرين. وبعد تحقق هذه الكفاءة، تقوم الطبيعة بدورها؛ فتعمل على انتقاء الأفضل من بين هؤلاء الأفراد في ضوء التناغم[16].

2 / 2 / 2 ـ الانتقاء الطبيعيّ
إنّ مفهوم الانتقاء الطبيعيّ من بين المفاهيم التي أبدعها تشارلز دارون نفسه من أجل بيان وتوضيح آليّة نظريّة التطوّر. تقع في التركيبة والبنية الطبيعيّة ـ في ضوء الشرائط والظروف الخاصّة ـ في بعض الكائنات الحيّة أحيانًا. أنّ التحوّلات النافعة التي تحدث لدى هذه الكائنات، تمنحها فرصة أكبر للبقاء بالقياس إلى الآخرين الذين يحرمون من نعمة هذا التحوّل. ويقول دارون أنّ الطبيعة هي التي تنتقي هذه الكائنات التي تحظى بالتحوّل الأفضل[17].

ويقول تشارلز دارون في إيضاح هذه المسألة: «في المجتمع الذي تقطنه الكائنات الحيّة تحدث المتغيّرات والتحوّلات بشكل متعاقب ومتتابع، وإنّ هذا التحوّل إما أنّ يكون مضرًّا بحال الأفراد، أو مفيدًا لها، أو يلزم جانب الحياد؛ والذين يحظون بتحوّلات ومتغيّرات نافعة ومفيدة، سوف يحصلون على فرصة أكبر للبقاء والتكاثر، في حين أنّ الأفراد الذين يطالهم شؤم المتغيّرات والتحوّلات المضرّة سوف تفنى وتزول. وفي هذا المنحنى حيث الانتقاء الطبيعيّ، يخرج مجتمع آخر من صلب أيّ مجتمع في ضوء آليّات مختلفة»[18].

إنّ الانتقاء الطبيعيّ في الرؤية التكامليّة والتطوّريّة هو نوع من مسار البقاء الذي تفرضه الطبيعة بشكل لا يعرف الرأفة فيما يُسمّى بالنزاع من أجل البقاء؛ فيبقى من هو أفضل، ولا يجد الضعفاء سوى الخروج من مضمار السباق؛ حيث لا يجدون فرصة للتناسل. وبعبارة أخرى: في المجموعة المتشكّلة من الأفراد لا يمكن البقاء إلّا لأولئك الذين يحظون بتلك المتغيّرات والتحوّلات الخاصّة التي تحفظهم وتحصّنهم في مواجهة البلايا والكوارث الطبيعيّة وغير الطبيعيّة، حيث يمكن لهؤلاء أنّ يتناسلوا بعد ذلك وينقلوا الصفات الطبيعيّة التي حصلوا عليها إلى الأجيال اللاحقة، ولا يكون مصير الضعاف الذين حرموا من هذه المتغيّرات سوى الخروج من المعترك بشكل طبيعيّ. والنقطة الأخرى في الانتقاء الطبيعيّ هي أنّ التحوّلات المتحقّقة في أفراد النوع تنتقل إلى الأجيال اللاحقة بالوراثة، وهذا الجيل سوف يحتلّ بعد مدّة مكان الآخرين في الطبيعة. وقد أطلق هربرت سبنسر[19] ـ عالم الاجتماع المعاصر لتشاراز دارون ـ على هذا المسار، مصطلح عنوان «بقاء الأصلح»[20]، وقد ذهب دارون نفسه إلى القول باعتبار هذا المصطلح أنسب من مصطلح «الانتقاء الطبيعيّ».

وفي توضيح الانتقاء الطبيعيّ، قال دارون في بيان سبب اختياره لهذا المصطلح: «إنّ كلّ تغيير أو تحوّل مهما كان صغيرًا وغير ذي بال في أيّ موضع من مواضع الطبيعة، وكلّ ما يوجب تحفيزه وبعثه، حتى وإن حدث ذلك في العلاقات المعقّدة بين الكائنات الحيّة وفي الظروف الفيزيقيّة الموجودة فيها بشكل طفيف، فإنّ هذا التحوّل سيكون نافعًا للكائن الأفضل في مضمار النزاع من أجل البقاء؛ حيث تتدخّل هذه التحوّلات لصالحه، وتمنحه ميزة توريث هذا التحوّل الطارئ عليه إلى أخلافه وأجياله اللاحقة. إنّ أعقاب هذا النوع من الكائنات الحيّة سوف تحظى بفرصة أكبر للنجاح في البقاء؛ إذ لا يكون من بين أفراد وآحاد النوع المفروض الذي يولد بشكل أدواريّ حظّ في البقاء إلّا لبعض الأفراد المعدودين فقط. ولتجنّب الخطأ وخلط ذلك بالعلاقات الناشئة من الانتقاء من قبل البشر، أطلقت على هذا الأصل ـ الذي يتمّ في ظلّه رعاية وصيانة جميع المتغيّرات والتحوّلات المفيدة والنافعة ـ مصطلح «الانتقاء الطبيعيّ». ومع ذلك ربما كان مصطلح «بقاء الأصلح» الذي دأب هربرت سبنسر على استعماله هو الأصح والأنسبـ«[21].

ويرى علماء الأحياء من التطوّريّين أنّ الإنسان بدوره ليس بمعزل عن دائرة التكامل، وأنه متطوّر ـ بحسب مصطلحهم ـ عن الرئيسات[22] من نوعه[23]. إنّ مصطلح الرئيسات يعني «الكائنات الأفضل»، وهي من الثديّيات الشاملة لأشباه القردة (الليمورات[24] واللوريسات[25])، والترسير[26]، وقردة العالم الجديد (القارّة الأميركيّة)، والعالم القديم (قارّة أفريقيا وآسيا)[27]. وقد تمّ طرح هذه الفكرة والرؤية في بادئ الأمر من قبل تشارلز دارون بشكل جادّ، وعلى الرغم من أنّ دارون كان يطرحها في بداية الأمر مع شيء من الحذر، ولا يذكرها بشكل صريح، ولكنّها حظيت لاحقًا بتأكيد من بعض أصدقائه من أمثال: توماس هاكسلي (Thomas Henry Huxley)[28]، وإرنست هاينريتش هيكل (Ernst Heinrich Haeckel)[29]، وتمّ التشجيع عليها بشدّة، حتى أقدم في نهاية المطاف على نشرها في نهاية عام 1871 م ضمن كتاب يحمل عنوان «أصل الإنسان»[30]. لقد أدّى القول باعتبار الإنسان بوصفه نوعًا من الرئيسات في دائرة الحيوانات إلى إحداث ثورة في نظريّة التطوّر[31].
إن النظرة التكامليّة والتطوّريّة إلى الكائنات الحيّة، لا تترك تأثيرها على عالم الأحياء فقط، بل إنّ أمواجها المرتفعة تطال حتى العلوم الأخرى أيضًا، ومن بينها العلوم الإنسانيّة. أنّ نمط الرؤية التطوّريّة إلى الإنسان تختلف بشكل جذري عن الرؤية السائدة بين المفكرين الدينيّين وغيرهم. وبشكل طبيعيّ فإنّ نمط وأسلوب تفكير الإنسان وأدوات بحثه كانت تتغيّر في ضوء هذه الرؤية، ويختلف تفسير معطياته ونشاطاته، ولا يزال هذا التأثير مستمرًّا بشكل متواصل.

يقول إيان باربور[32]: «لقد مثّل صدور كتاب (أصل الأنواع) لتشارلز دارون سنة 1859 م بداية لثورة فكريّة؛ إذ لا يزال تأثيره مستمرًّا على الكثير من الحقول الفكريّة»[33].

إنّ رؤية تشارلز دارون إلى الإنسان، قد أنزلت الموقع المحوريّ له في المشروع الكونيّ، وفرضت تحدّيًا على رؤية الكتاب المقدّس إلى أهمّيّة الإنسان وحياته في عالم الوجود[34]. وقد كان تأثير نظريّة التطوّر على حقل العلوم الإنسانيّة ملحوظًا بشكل عميق، وكان أهم تلك التأثيرات يعود إلى تغيير المعتقدات في نوع النظرة إلى المباني الأنثروبولوجيّة التي تعدّ أساسًا للعلوم الإنسانيّة.

إنّ السؤال الذي يفرض نفسه هنا بشكل عام، هو: لماذا تفرض نظريّة التطوّر ـ مع أنّها نظريّة في علم الأحياء ـ تحدّيًا جدّيًّا بالنسبة إلى سائر حقول العلوم والمعارف الأخرى، من قبيل: الفلسفة والعلوم الإنسانيّة، بل وحتّى الأديان السماويّة، وصارت جميعها بصدد الإعلان عن موقفها من هذه النظريّة الأحيائيّة إلى الإنسان والكائنات الحيّة؟
يجب علينا القول في الجواب: على الرغم ممّا تبدو عليه نظريّة التطوّر في النظرة السطحيّة أنّها مجرّد نظريّة أحيائيّة بالكامل، ولكننا لو دقّقنا قليلًا ولا سيّما في بحث تطوّر الإنسان، سنجد بوضوح وبشكل لا تخطئه العين المجرّدة أنّ هذه النظريّة تتخطّى كونها مجرّد نظريّة أحيائيّة. وبعبارة أخرى: إنّ كل نظريّة تتحدّث عن منشأ وجود الكائنات الحيّة والإنسان والحياة وعالم الوجود، لا يمكن أنّ لا تنطوي على آثار أنطولوجيّة وإنثروبولوجيّة وثيولوجيّة. وبالمناسبة فإنّ نظريّة التطوّر قد تدخّلت بشكل وآخر في جميع هذه الموارد، وتخطّت مرحلة التوقّف عند حدود النظريّة الأحيائيّة، وقد تحوّلت ـ على حدّ تعبير بعض التطوّريّن ـ إلى عقيدة ورؤية كونيّة، وهي رؤية كونيّة تقف إلى الضدّ تمامًا من العقائد والآراء الكونيّة الأخرى؛ وليست هذه الضدّيّة مجرّد ضدّيّة سطحيّة تمثّل ثمرة لسوء التفاهم، وإنّما هي ضدّيّة متجذّرة وجوهريّة.

يذهب ريتشارد ليوونتين[35] ـ وهو من علماء التطوّر في القرن العشرين للميلاد ـ إلى القول: «لا مفرّ من التضادّ بين نظريّة التطوّر وعقيدة الخلق؛ فإنّهما عقيدتان لا تنسجمان مع بعضهما»[36].

وقال دوبجانسكي[37] ـ وهو واحد من الروّاد والمؤثّرين في بسط نظريّة التطوّر ـ في بيان نفوذ التطوّر في جميع المجالات تقريبًا: «إنّ التطوّر يشمل جميع مراحل نموّ وازدهار العالم وتطوّره: فهو يشمل تطوّر الكون، وتطور البيولوجيا، وتطوّر الإنسان، والتطوّر الثقافيّ. وإنّ جميع الجهود في حصر مفهوم التكامل بالبيولوجيا خاطئة، فالحياة حصيلة تطوّر المواد غير الطبيعيّة (غير الآليّة)، والإنسان [بدوره] نتاج تطوّر الحياة»[38].

3 ـ تأثيرات نظريّة التكامل على العلوم الإنسانيّة
إنّ الذي يحظى بالأهّميّة بالنسبة لنا، هو تأثير نظريّة التطوّر على المباني الأنثروبولوجيّة للعلوم الإنسانيّة. وعلى الرغم من إمكانيّة تأثر مبان أنثروبولوجية أخرى بنظريّة التطوّر أيضًا، بيد أنّ عُمدة التأثر والتأثير الذي ننشده في العلوم الإنسانيّة، يكمن هذه المباني الخمسة، وهي:

1 ـ حقيقة الإنسان.
2 ـ موقع الإنسان في النظام الكونيّ.
3 ـ اختيار الإنسان وإرادته.
4 ـ الكمال النهائي للإنسان.
5 ـ خلق الإنسان.

كما أننا لا ندّعي في الوقت نفسه استحالة العثور على موارد أخرى من غير هذه الموارد، أو أنّ هذه الموارد قد تمّ إثباتها بشكل مبرهن وأنّ الأمر ينحصر في هذه الموارد الخمسة المدّعاة فقط، وإنّما نقتصر هنا على مجرّد بحث ما بدا أنّه يحظى بالأهمّيّة في هذا الشأن من وجهة نظرنا لا أكثر.

1 / 3 ـ حقيقة الإنسان
يذهب القائلون بنظريّة التطوّر ـ بشكل عام ـ إلى نفي البُعد ما فوق الجسمانيّ عن ساحة الإنسان، وينكرون وجود تلك الحقيقة في القوام والنظام الإنسانيّ للإنسان. وقد عمد دانيال دينيّت[39] في كتابه (الرؤية الخطيرة لدارون) إلى تشبيه النفس الإنسانيّة بالبايتات في أجهزة الكمبيوتر. وقال في ذلك: إنّه لا يوجد أيّ شيء معجز في حقيقة الإنسان، فكما أنّ أجزاء الكمبيوتر تعمل إلى جوار بعضها بشكل جزئيّ، وتعمل على تنظيم الحسابات والأنشطة في الكمبيوتر، فإنّ مخّ الإنسان يعمل على هذه الشاكلة أيضًا، وليس هناك شيء آخر في البين. أنّ حقيقة النفس الإنسانيّة لا تعدو أنّ تكون مزيجًا من تركيب الأدوات والمكائن الصغيرة التي ظهرت وتبلورت عبر التاريخ، ويؤدّي كلّ واحد منها دوره في حقيقة الوجود الإنسانيّ؛ فهو شيء يُشبه الذكاء الاصطناعيّ[40].

وقال في هذا الشأن: «إنّ أنفسنا بطبيعة الحال هي ذات أذهاننا، وهي على شكل آلات ومكائن دقيقة ومعقّدة بشكل مذهل وفذّ. وإن الاختلاف بيننا وبين سائر الحيوانات الأخرى يكمن في درجات هذا الذهن والذكاء، وليس اختلافًا ميتافيزيقيًّا»[41].
ويرى أنّه يجب علينا أنّ نذكّر ـ بالأدلّة والبراهين الفسيولوجيّة والمادّيّة ـ بوشائج وأواصر الأخوّة التي تربط بيننا وبين سائر الحيوانات الأخرى، لا أنّ نقع في الأفخاخ القديمة التي قيّدتنا بأغلال، وهم الشبه الكبير بين نفوسنا ونفوس الملائكة[42].
يرى دينيّت ـ كما ذكرنا آنفًا ـ أنّ جسمنا مثل المجتمع المؤلّف من خلايا تشبه الروبوتات التي لا تملك أدنى فكرة عن حقيقتنا، وتقوم بمهامّها بشكل منتظم. وقال إنّ التطوّر قد أثبت عدم وجود شيء غير مادّيّ في حقيقة الإنسان:
«لا شيء من الأجزاء المؤلّفة لكيانك تعلم من تكون، ولا تُبالي بمعرفة ذلك أبدًا ... إنّ هذه المسألة القائلة بأنّنا نمتلك بُعدًا ما ورائيًّا (روح) في وجودنا، وإنّ هذا البُعد يقيم في مركز قيادة الجسم، قد أغرتنا على مدى الأعوام. وأمّا الآن فقد أخذنا ندرك أنّ هذه الرؤية رغم جاذبيّتها لم يعد لها من يدافع عنها بسلاح علم الأحياء عمومًا وعلم المخّ خصوصًا»[43].

إنّه يُفسّر جميع الاختلافات الشخصيّة للأفراد بالاختلاف الموجود لدى الأفراد في المجموعة الروبوتيّة لأعضاء الجسم، لا أكثر، من ذلك ـ على سبيل المثال ـ حتى الاختلافات في التكلّم بلغتين مختلفتين، من قبيل: الإنجليزية والفارسية، هي بدورها حصيلة هذه الاختلافات الطبيعيّة في الجسم. وباختصار فإنّ جميع الخصائص المعرفيّة والشخصيّة للأفراد، تابع للمجموعة الروبوتيّة لخلاياهم»[44].

1 / 1 / 3 ـ الأدلّة الخاصّة للتطوّريّين في نفي البُعد ما فوق المادّيّ للإنسان
يمكن بشكل خاصّ، وفي ضوء الاستقراء في آثار التطوّريّين، تقديم دليلين رئيسين على فيزيقيّة الإنسان واحتوائه على بُعد واحد.

أ ـ ارتباط الإنسان بالحيوان
إنّ الرؤية التطوّريّة لا تتحمّل أيّ انفكاك وشرخ في التعريف بنفسها بالنسبة إلى الكائنات الحيّة في عالم الوجود. إنّ كلّ ما ظهر إلى الوجود قد تكامل في البدأ وتطوّر من بكتيريا إلى أن وصل إلى الإنسان. لا وجود للتطوّرات الدفعيّة والفجائيّة من أحد الأنواع إلى نوع آخر في هذه المنظومة، وكلّ ما وقع إنّما كان ضمن حاضنة زمنيّة طويلة ومتلاحقة. والإنسان في هذا المسار التكامليّ والتطوّريّ ليس سوى حيوان طليعيّ يصنع الأدوات، ويمتلك ثقافة أكثر ثراء من تلك التي يمتلكها أشقاؤه في الحيوانيّة، وهو يرى أنّ هذا الارتباط بين الإنسان والحيوان يمثّل واحدًا من الأدلّة المحكمة والقويّة على مادّيّة حقيقة الإنسان، ونفي بُعده المجرّد وما فوق المادّيّ؛ بمعنى أنّه كما لا توجد مثل هذه الحقيقة في الحيوانات، كذلك يجب أن لا نعتبر الإنسان موجودًا منفصلًا عن تلك الحيوانات. إذن كما تختلف ذات الحيوانات عن بعضها في مراتب العقل والذكاء وامتلاك نوع من الثقافة؛ حيث نجد اختلافًا بين الغوريلات والفيَلة على سبيل المثال، فإنّ الإنسان بدوره ليس منفصلًا عن ركب هذه القافلة، غاية ما هنالك أنّه متقدّم عليها قليلًا؛ ولذلك فإنّه يرى في الاعتقاد بالبُعد ما فوق المادّيّ للإنسان، فكرة تحتوي على الكثير من التحكّم[45].

مناقشة
أوّلًا: أنّ الادّعاء القائل بأنّ الحيوانات لا تمتلك نفسًا مجرّدة، يمثّل بدوره فرضيّة يجب إثباتها؛ إذ يمكن للحيوانات ـ أو بعضها في الحدّ الأدنى ـ أن تمتلك نفسًا؛ وهو الاعتقاد الذي ذهب إليه صدر المتألّهين في الحكمة المتعالية أيضًا. فهو يرى أنّ كلّ كائن تصدر عنه أفعال غير رتيبة، فهو يمتلك نفسًا. وكذلك الأمر إذا كان يستعمل الأداة في الوصول إلى مآربه[46].

وثانيًا: إنّ مجرّد الارتباط بين الكائنات الحيّة، لا يصلح دليلًا على عدم وجود حقيقة متعالية لدى الكائن الأكمل؛ إذ يمكن أنّ تتحقق بالنسبة إلى الموجود الأكمل أو الأكثر تعقيدًا شرائط تجعله موضعًا لتقبل وجود أسمى باسم النفس المجرّدة، في حين أنه لا يوجد مثل هذا الاستعداد بالنسبة إلى الكائنات السابقة. كما يصدق هذا البحث في الفلسفة الإسلاميّة بالنسبة إلى الإنسان أيضًا. وبعبارة أخرى: تمّ في الحكمة المتعالية بيان أنّ حدوث الجسم مقدّمة ومرجّح لحدوث النفس[47]، وفي الوقت نفسه فإنّ النفس لا تزول بزوال الجسد؛ بمعنى أنّها مستغنية عن الجسم في البقاء[48]. وهو يرى بطبيعة الحال أنّ الأمر ليس بحيث أنّ كلّ جسم يمتلك في جميع الشرائط استعداد الحصول على النفس الإنسانيّة، بل إنّ استعداد وجود النفس في الجسم ـ أو بحسب التعبير الشائع: حدوث الجسم ـ مشروط بحدوث المزاج المناسب للنفس فيه[49].

لا نهدف هنا إلى بيان وإيضاح أبحاث معرفة النفس في الفلسفة الإسلاميّة، وطريقة تجرّد النفس وأنواع التجرّد. وإنّما الغاية من البحث هنا بيان مجرّد هذه النقطة وهي أنّ اتصال كائنين فيما بينها لا يعني أنّهما متّحدان من حيث الرتبة حتمًا، بل إنّ النفس ـ كما ورد في مورد الإنسان في الحكمة المتعالية ـ هي في المصطلح «جسمانيّة الحدوث، وروحانيّة البقاء»؛ بمعنى أنّ الحقيقة التي نطلق عليها عنوان النفس تكون في المراحلة الابتدائيّة من وجودها مباشرة للمادّة وقائمة بالبدن، ولم تكن تتوفّر لها إمكانيّة البقاء من دونها، ثمّ تمضي قُدُمًا نحو التجرّد، حتى تبلغ مرحلة التجرّد في نهاية المطاف؛ بمعنى أنّها لا تعود قائمة بالجسم، ويمكن لها أنّ تبقى بعد فناء البدن. وبعبارة أخرى: إنّ للنفس المجرّدة ـ من وجهة نظر صدر المتألّهين ـ سابقة جسمانيّة، وفي الحقيقة فإنّ النفس المجرّدة متحوّرة عن ذات الأمر الجسمانيّ[50].

ب ـ عدم الاحتياج إلى افتراض البُعد المجرّد في الإنسان
في القراءات الجديدة للرؤية التطوّريّة، يذهبون إلى الاعتقاد بعدم الحاجة أصلًا إلى فرض وجود نفس مجرّدة؛ كي نعمل على تحقيق آمالنا وتطلّعاتنا. ولكي تكون لدينا حياة أخلاقيّة لا حاجة أبدًا إلى افتراض روح تتبع قوانين أخرى غير القوانين التي تتبعها سائر الكائنات الطبيعيّة. وبعبارة أخرى: ثمّة إمكانيّة لتفسير جميع خصائص الإنسان، من قبيل: الإدراك والدين والأخلاق من طريق النشاط الجينيّ وخصائص الجسم؛ بمعنى أنّه لا يمكن العثور على أيّ أداء وخصوصيّة فرديّة واجتماعيّة لا ترتبط بنوع ما مع البُعد المادّيّ والذهنيّ والخليويّ للإنسان، ولو تمّ العثور على مورد لم يجد العلم تفسيرًا له حتى الآن، فإنّه سيجد تفسيره في المستقبل، وإنّ القدرة الاستيعابيّة للعلم تحتوي على متّسع كبير لهذا السنخ من الموارد. وعلى هذا الأساس لا يوجد دليل على وجود هذا البُعد المجرّد في الإنسان؛ إذ يمكن تفسير جميع أفعال الإنسان في ضوء هذه الأبعاد المادّيّة[51].

مناقشة
إنّ استدلال التطوّريّين هنا يُشبة استدلال الفيزيقيّين في نفي البُعد المجرّد، وخفض جميع الشؤون الإنسانيّة إلى الأمور الجسمانيّة، وباختصار يجب القول: إنّ الفيزيقيّة نظريّة تذهب إمّا إلى اعتبار النفس والحالات النفسيّة أمورًا غير واقعيّة أو محض توهّم (الفيزيقية الحذفية)، أو تذهب إلى خفضها وتقليلها إلى أمور مادّيّة بحتة (الفيزيقيّة التقليليّة)[52].

وفي الحقيقة فإنّ ادعاءهم الأصليّ يعود إلى ذات التماهي بين الحالات الذهنيّة والنفسانيّة مع الذهن؛ بمعنى أنّه على الرغم من اختلاف حالات المخّ والحالات الذهنيّة من الناحية المفهوميّة، إلّا أنّ مصداقهما شيء واحد. وبعبارة أخرى وأدقّ: إنّ حالات المخّ ليست شرطًا لازمًا للحالات الذهنيّة فحسب، بل هي شرط كاف لها، وإنّ هذين الأمرين هما شيء واحد في عالم الخارج[53].
إنّ هذه المسألة تشمل جميع الحالات النفسانيّة، ومن بينها: الوعي، والوجع، والرغبة، والعشق، وكلّما تطوّر العلم اتضح هذا الأمر بشكل أكبر. إنّ كل حالة ذهنيّة تقترن ـ من وجهة نظر هؤلاء ـ بحالة ذهنيّة وفيزيقيّة، ومن المستحيل أنّ تتحقق الحالة الذهنيّة من دون تلك الحالة الفيزيقيّة[54].

وفي نقد هذا الرأي يجب القول: صحيح أنّ بعض التجارب قد أثبتت أنّه بالإمكان من خلال تحريك المخّ كهربائيًّا حثّ الإنسان على تذكّر بعض الأمور أو نسيان بعض الأمور الأخرى، ولكن من ناحية أثبتت بعض التجارب أنه يمكن استئصال جزء كبير من المخّ دون أنّ تتعرّض الذاكرة إلى العطب والتلف، وقد ذهب بعض العلماء إلى الاعتقاد بأنّ الذكريات لا تتركّز في موضع محدّد من المخّ[55].
وثمّة أقوال أخرى في تحليل التعلّم في هذا الشأن[56]. إنّ هذا الاختلاف في أوجه النظر بين العلماء المختصّين في علم أعصاب المخّ، يؤدّي بنا إلى هذه النتيجة، وهي أنّ علم الأعصاب رغم التقدّم الكبير الذي أحرزه، ولكنّه مع ذلك لم يستطع أنّ يقدّم تحليلًا صحيحًا وجامعًا وفيزيائيًّا / كيميائيًّا عن الصفات الذهنيّة[57].

إنّ الذي شهدناه في نظريّة التطوّر هو أنّه على افتراض ما لو اكتشفنا العلّة القريبة والمادّيّة لظاهرة ما، عندها لن يبقى موضع لوجود الله، أو لن يكون ثمّة تدخّل للأمور الماورائيّة في تلك الظاهرة، وإنّ العلّة المادّيّة سوف تحلّ محلّ العلّة الماورائيّة. وبعبارة أخرى: أنّ العلّة تقع في مستوى المادّة وعلى نحو مباشر في عرض العلّة الماورائيّة؛ بمعنى أنّه في الرؤية التكامليّة في مورد ظاهرة ما، إنّما نستطيع اختيار واحدة من هاتين العلّتين فقط، ولا يمكن افتراض العلّة الأخرى.

إنّ وجود العلل المادّيّة لا ينهض دليلًا على عدم وجود العلل الماورائيّة، من ذلك ـ على سبيل المثال ـ لو أنّنا اكتشفنا علّة حدوث ظاهرة المطر من الناحية المادّيّة، من قبيل: تعرّض الماء في البحار لحرارة الشمس وتحوّله إلى بخار يتصاعد إلى السماء، وفي المرحلة التالية يتكاثف هذا البخار المتصاعد ليتراكم بفعل البرودة في أعالي السماء ويتحوّل بفعل ذلك إلى قطرات مطر ثقيلة تسقط بفعل الجاذبيّة، لن يكون هذا الاكتشاف متنافيًا أبدًا مع الآيات القرآنيّة التي تنسب نزول الماء من السماء إلى الله سبحانه وتعالى، كما في قوله:

ـ (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ)[58].

ـ(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)[59].

توضيح ذلك أنّ سلسلة العلل المادّيّة وغير المادّيّة تقع في طول بعضها، وإنّ إثبات بعضها لا يعني إلغاء ونفي العلل الأخرى؛ بمعنى أنّنا لو قلنا إنّ الله قام بأمر، فهذا لا يعني حتمًا أنّ الله قام به على نحو المباشرة بنفسه، وإنّما يكون ذلك على سبيل قولنا: «بنى الأمير المدينة»؛ فإنّ هذا الكلام يعني أنّ الله سبحانه وتعالى يجري الأمور بأسبابها المادّيّة الخاصّة.

وهكذا العكس أيضًا، فلو أنّنا اكتشفنا الأسباب المادّيّة لظاهرة ما، فلا يمكننا القول بعدم وجود سبب غير مادّيّ وراء هذه الظاهرة، من ذلك ـ على سبيل المثال ـ لو أننا توصّلنا من خلال التحقيقات إلى أنّ سبب ارتفاع حالات موت الفجأة في المجتمع يعود إلى أمور، من قبيل: تناول الوجبات السريعة، أو الأحداث المروريّة داخل المدينة وخارجها، أو عدم الالتزام بشروط السلامة وقيادة الحافلات بسرعة كبيرة، فإنّ هذا لا يتنافى مع الرواية التي تقول: «إذا كثر الزنا من بعدي، كثر موت الفجأة»[60]. فقد تمّ في هذه الرواية نسبة موت الفجأة إلى سبب لا يمتّ إلى المعطيات المادّيّة بصلة (وهو ارتكاب معصية بعينها). وعلى هذا الأساس فإنّ وجود العلّة المادّيّة لا يُشكّل دليلًا على نفي سنخ آخر من العلّيّة في الأحداث والوقائع؛ بمعنى أنّ هذا الإمكان يبقى موجودًا، وهو أن يكون ثمّة تدخّل لكلّ من العلل المادّيّة والغيبيّة في تفشّي موت الفجأة؛ وإن لم نكن نملك أداة لقياس ذلك، ولكنّنا مع ذلك لا نستطيع نفيها والقول بعدم وجودها بضرس قاطع[61].

2 / 3 ـ موقع الإنسان في النظام الكونيّ وعدم الطبيعة المشتركة
إنّ السؤال عن شأن وموقع الإنسان هو في الحقيقة مطلب لم يبق أحد إلّا وخاض في بحثه، ولكن يوجد من يدّعي أن لا أحد قد تمكّن من إيضاح هذا المطلب أو نجح في توصيفه[62].

كما لا مندوحة لدى أنصار الداروينيّة سوى مواكبة هذه القافلة وعدم التخلّف عنها؛ وذلك لأنّ نظرتهم إلى الكائنات الحيّة سوف تطال الإنسان وموقعه في خارطة الكائنات في نهاية المطاف لا محالة. ويجب الالتفات ـ بطبيعة الحال ـ إلى أنّ رؤية أنصار النظريّة التطوّريّة بشكل عامّ لا ترمي إلى رفع شأن الإنسان، بل على العكس من ذلك فإنّها تؤدّي إلى التقليل من مكانة الإنسان وشخصيّته بين قافلة الحيوانات.

إنّ الأدلّة التي تذكر عادة لغرض فصل الإنسان وتمييزه من سائر الحيوانات الأخرى، ترتبط في الدرجة الأولى بتركيبته وبنيته الجسمانيّة، وتعود في الدرجة الثانية إلى الخصائص والامتيازات التي تميّز الإنسان من سائر الكائنات الحيّة الأخرى على المستوى الذهنيّ والنفسيّ. من وجهة نظر تشارلز دارون وأتباعه لإثبات حيوانيّة أصل الإنسان وعدم وجود ما يميّز الناس ـ بشكل جادّ ـ من سائر الحيوانات، يجب إقامة الدليل أوّلًا على أنّ الإنسان لا يتمتّع بصفة خاصّة به على مستوى الخصائص الجسديّة التي تميّزه من الحيوانات. وثانيًا أنّ نفسانيّة الإنسان على الرغم من وجود التكامل الخارق، لا تعدّ من الخصائص الإنسانيّة القطعيّة، بل إنّ سائر الحيوانات تشترك معه فيها، والحاصل أنّ علينا أنّ نثبت أنّه ليس هناك تفاوت جوهريّ بين الإنسان والحيوانات لا من الناحية النفسانيّة فحسب، بل وحتى في الكمّيّة وليس في كيفيّة القوى النفسانيّة التي يختلفان فيها.

لقد كان تشارلز دارون يذهب إلى الاعتقاد بأنّ الإنسان لا يعدو أنّ يكون مجرّد قرد، سوى أنّه قادر على صنع الأدوات، وكان دارون يذهب إلى الاعتقاد بأنّ الكثير من الحيوانات تعيش الآن في العالم على نحو همجيّ، والحال أنّ الإنسان ليس منفصلًا عنها، وأنّه كان في يوم وزمن خاصّ يعيش حالة من الوحشيّة والهمجيّة مثلها. لقد وضع دارون يده على هاتين النقطتين تمامًا، وقال إن الفرق بين الإنسان والحيوان ينشأ في الغالب من هذين الأمرين، وهما: التركيبة الجسمانيّة، والحالات النفسانيّة، ويرى أن لا شيء من هذين الأمرين ينهض دليلًا على انفصال الإنسان عن سائر الكائنات الحيّة، فهو يرى أنّ لا شيء من هذين الأمرين يُشكّل دليلًا على تميّز الإنسان عن الحيوانات. فالإنسان لا من حيث الجسم يمتلك صفة محدّدة لا يمكن العثور على مثلها أو أفضل منها في الحيوانات الأخرى، ولا يمتلك صفة نفسانيّة ـ على الرغم من التطوّر الآنف ـ تعدّ من الصفات التي ترفعه فوق سائر الحيوانات. فهذه الصفات موجودة لدى الحيوانات أيضًا؛ إلّا على مستوى الاختلاف في درجة أقلّ وأرقّ، حيث إنّها لا ترقى في نهاية المطاف إلى غير التفاوت الكمّيّ الطفيف[63].
ومن هنا فإنّ كلّ ما قيل حتى الآن بشأن قداسة الإنسان وخلقه الخاصّ، والقول إنّه هو الغاية من وراء الخلق، يذهب بنظريّة التطوّر هباء، ولا يكون مصيره سوى الاضمحلال. يقول إيان باربور: «لقد أكّد دارون على أنّ الاختلاف في القابليّات الأخلاقيّة والذهنيّة لدى الإنسان بالمقارنة إلى القابليّات لدى الحيوانات ـ التي يوجد بينها وبينه بعض الأشكال الابتدائيّة من الإحساس والارتباط ـ لا يكمن بلحاظ النوع، وإنّما هو مجرّد اختلاف في الدرجة. وعلى هذا فإنّ وجود الإنسان الذي كان ينظر إليه بوصفه شيئًا مقدّسًا حتى الآن، قد انتقل إلى مرحلة العبوديّة والرقّيّة بمقتضى القانون الطبيعيّ، وأخذ يخضع لذات المقولات مورد التحليل التي يتمّ إعمالها بحقّ صوَر الحياة الأخرى»[64].

وربما كان أحد الأسباب الأساسيّة في ذهاب علم النفس المعاصر إلى العمل أوّلًا على اختبار العلاجات النفسيّة على الحيوانات قريبة الشبه من الإنسان، والانتقال منها بعد ذلك إلى تجربتها واختبارها على الإنسان، يعود إلى هذه النظرة التطوّريّة إلى الإنسان. وعلى سبيل المثال يمكن لنا الإشارة إلى النظريّات التعليميّة لعلماء النفس السلوكيّين، من أمثال: إيفان بافلوف[65]، وجيمس واتسون[66]، وبورهوس سكينر[67][68].

في مواصلة النظرة التطوّريّة إلى الإنسان والتي هي ثمرة التفكير الجماعيّ إلى الإنسان، يتمّ التوصّل إلى نتيجة أخرى، وهي عدم وجود الطبيعة المشتركة في الناس؛ بمعنى أنّ الأمر ليس كما لو أنّه يمكن العثور على صفة عامّة لدى الأشخاص بحيث يكونون مشتركين فيها بأجمعهم. وبعبارة أخرى: لا وجود لطبيعة وجبلّة مشتركة بين أفراد الإنسان.
إنّه يذهب إلى الاعتقاد بأنّ ما يُرى بين أفراد الإنسان عيانًا، هو أنّه لا يمكن العثور على أيّ صفة إنسانيّة عامّة تعود إلى طبيعة مشتركة، وإنّ ما هو موجود من الصفات المشتركة قليل جدًّا وفي غاية الندرة (من قبيل هذه الحقيقة وهي أنّ جميع الثقافات تفضّل الصحّة على المرض).
يذهب عالم الأخلاق التكامليّ ديفيد هال[69] إلى الاعتقاد قائلًا: «إنّ الكثير من النماذج التي يقال عنها إنّها جزء من السلوكات العامّة للإنسان، وإنّها من خصائصنا الحصريّة، هي ليست كذلك في الواقع. وهذه المسألة تشمل اللغة أيضًا؛ فاللغة لا تحظى بالتعميم بين الأشخاص. يوجد نوع من الحديث أو الإدراك لدى بعض الأشخاص بحيث لا يمكن لنا أن نسمّيه لغة. ربما أمكن من بعض النواحي اعتبار هؤلاء الأفراد من صنف البشر تمامًا، ولكنّهم مع ذلك مثلنا جميعًا ينتمون إلى هذا النوع من الحياة»[70].

يرى أنصار نظريّة التطوّر أنّ الحيوانات لو حظيت بشرائط جينيّة وبيئيّة مناسبة، لكان بمقدورها أنّ تتعلّم اللغة مثلنا، وهذه المسألة تصدق في مورد القردة أيضًا. يذهب ديفيد هال إلى الاعتقاد بأنّ القرود يمكنها أنّ تتعلّم اللغة. كما أشار إلى موضوع الاختلاف في فصائل الدم بين الناس؛ وأنّه لا يمكن توصيفها بعبارات من قبيل الوسط الأوحد والانحراف المعياريّ. وذات هذه المسألة تصدق في مورد لون البشرة أيضًا[71].

1 / 2 / 3 ـ مناقشة
صحيح أنّه لا يمكن اعتبار فصيلة الدم المشتركة أو لون البشرة المشترك بالنسبة إلى الإنسان بوصفه معيارًا للاندراج ضمن النوع؛ وذلك لأنّ فصائل الدم تندرج ضمن فئات غير منظّمة. بيد أنّ الكثير من الخصائص الأخرى، ومن بينها الطول، والقوى الجسديّة المقرونة بالدلالات النفسيّة، من قبيل: الذكاء والغضب والثقة بالنفس، تحظى بنوع من الارتباط، وهي تنتشر بين كافة الجماعات بشكل متعادل حول وسيط بعينه. ويُسمّى هذا التنوّع في علم الإحصاء في جماعة ما بـ «الانحراف المعياريّ»، وهو نوع من أنواع المعيار لقياس مدى وحجم نوعيّة الوسيط[72].

كما لا بدّ من الالتفات إلى هذه الخصوصيّة في مورد الصفات المشتركة والعامّة بين الأشخاص أيضًا. ليس من اللازم لكي تُعدّ الخصّيصة عامّة أنّ تحظى من الانحراف بمعياريّة صفريّة؛ إذ إنّ مثل هذا الادّعاء هو غير ممكن أساسًا من وجهة نظر بعض الخبراء والمختصّين[73]. من ذلك أنّه ـ على سبيل المثال ـ وإن صحّ أنّ بعض الكناغر قد ولدت من دون جراب، وبعض الثيران بثلاثة قرون، بيد أنّ هذا الأمر لا ينفي القول بأنّ امتلاك الجراب من لوازم الكنغريّة، وإنّ امتلاك القرنين بالنسبة إلى الثيران يعدّ من اللوازم النوعيّة لها[74].

3 / 3 ـ إرادة الإنسان واختياره
إنّ من بين الأبحاث الجدليّة في نظريّة التطوّر، والذي ظهر إلى الوجود في سياق التطوّر الأحيائيّ للإنسان، هو بحث الإرادة. أنّ الإرادة والوعي حقيقتان كان لأنصار التطوّر سعي حيث ـ ولا يزالون ـ في تفسيرهما من الزاوية التطوّريّة. وكان دانيال دينيّت في كتابه الجديد (من البكتيريا إلى باخ)، بصدد شرح وبيان هاتين الحقيقتين بشكل كامل من الناحية المادّيّة والتكامليّة، وعندما طرح السؤال القائل: «هل هناك وجود للوعي والإرادة الحرّة؟» في الفصل الحادي عشر تحت عنوان «ما هي مشكلة الميمات؟ اعتراضات وإجابات»، عمد إلى الإجابة بالقول أوّلًا: «نعم، إنّها موجودة؛ كما هو الحال بالنسبة إلى الألوان؛ فإنّك لو سألت أيّ شخص: هل الألوان موجودة في خارج ذهني؟ سوف يقول لك: أجل، إنّها موجودة؛ وذلك لأنّه يراها». وإنّ أفضل دليل وتفسير على وجود الإرادة الحرّة، هو أنّنا نشعر بأنّنا نمتلك مثل هذه الإرادة الحرّة، كما أنّ الدينار موجود، لأنّنا نحسّ بالدينار ونشعر به.

ولكنّه يعرّج بعد ذلك ويقول إنّ هذا الكلام إنّما هو تحليل يستهوي العامّة؛ فهو من الفهم العامّيّ، ويتندّر منه ويقول: «أجل، أنّ الوعي والإرادة الحرّة موجودة، ولكن لا بالمعنى الذي يتصوّره عامّة الناس»[75].

بيد أنّ الكارثة لا تقف عند هذا الحدّ؛ إذ يصير دينيّت بعد ذلك إلى التصريح والاعتراف بكلّ ما يريد قوله في نهاية المطاف، وهو إنّه ـ طبقًا لنظريّة التكامل ـ لا يمكن القول حقيقة بوجود الإرادة الحرّة والوعي أبدًا؛ إذ لا وجود لهما في حقيقة الأمر والواقع[76].

إنّ بحث الإرادة الحرّة والاختيار يُعدّ ـ في ضوء الرؤية المادّيّة التي تحكم تفكير أكثر علماء العلوم الطبيعيّة ـ أمرًا وهمّيًا، وإنّ الذي يحدث في واقع الأمر هو أنّ مجموعة من خلايا ذهني تنشط في قبال مجموعة من الخلايا الأخرى وتضطرّني إلى اتخاذ قرار بعينه، وليس شيئًا آخر. ولو كانت الشرائط المادّيّة والذهنيّة لي بشكل آخر، لأخذت قرارًا مغايرًا لهذا القرار الذي اتخذته الآن في ضوء الشرائط والظروف المتوفّرة. إنّ هذا النوع من القرارات شبيه بما عند الحيوانات، ولا يوجد هناك حدّ فاصل في هذا الشأن يميّزنا من سائر أنواع الحيوانات الأخرى، سوى ما كان من بعض التعقيدات الطفيفة التي تحكمنا[77].

يذهب دانيال دينيّت إلى الاعتقاد بأنّ الحقّ مع أولئك الفلاسفة والعلماء، الذين يعتبرون الإرادة الحرّة نوعًا من الخيال أو الوهم، ويقول في ذلك: «إنّ الحقّ مع الفلاسفة والعلماء الذين يصرّحون بأنّ الإرادة الحرّة وهم وخيال»[78]. ويأتي إنكاره للإرادة والوعي في الوقت الذي يعمد بنفسه إلى التعريف بهاتين المسألتين ـ من وجهة نظره ـ بوصفهما من المسائل المُلغّزة، حتى أنّ أشخاصًا من أمثال نعوم تشومسكي[79] قد وضعهما على رأس قائمته للمسائل المُلغّزة[80].

1 / 3 / 3 ـ مناقشة
في هذه المناقشة سوف نكتفي بذكر نقطة وبرهان واحد فقط.
النقطة: لا بدّ من الالتفات إلى أنّ الإرادة بدورها واحدة من الحالات النفسانيّة التي يعمد أنصار الداروينيّة ـ بسبب اتجاههم الفيزيقيّ ـ إلى خفضها مع جميع هذه الحالات إلى الحالة الجسمانيّة. وعلى هذا الأساس فإنّ الانتقادات التي ذكرناها على هذه الرؤية في بحث تجرّد النفس والاتجاه الفيزيقيّ، ترد هنا أيضًا؛ بيد أنّنا نذكر بشكل خاصّ برهانًا في خصوص تجرّد الإرادة ومنشئها الجوهريّ، حيث يُعدّ متمّمًا للأبحاث التي ذكرناها في بحث تجرّد النفس.

برهان تجرّد الإرادة وتجرّد منشئها الجوهريّ: يمكن القول بشأن ذات الإرادة أنّ تماهي هذه الحالة الذهنيّة مع الحالات الجسمانيّة والذهنيّة أمر خاطئ؛ إذ يمكن لنا ـ من الاختلاف في خصائص شيئين ـ أنّ نكشف عن الاختلاف الجوهريّ بينهما. عندما تحصل لدينا إرادة إلى فعل شيء، ندرك في أنفسنا حدوث حالة فاقدة للامتداد والبُعد، وهذه الحالة هي غير خلايا وأعصاب الذهن، والتي هي بأجمعها مادّيّة وذات امتداد. وكذلك الإرادة لدى الإنسان حالة داخليّة وشخصيّة، حيث لا يمكن إدراكها ـ في مصطلح الفلسفة الإسلاميّة ـ إلّا في ضوء العلم الحضوريّ، وأمّا تحفيز وتحريك أعصاب المخّ، فهو أمر يحتوي على قابليّة العرض على الآخرين. وبعبارة أخرى: أنّ حالة الإرادة غير قابلة للعرض على شخص آخر، فهي شخصيّة بالكامل؛ بيد أنّ حث وتحريك الأعصاب يحتوي على مثل هذه الخصوصيّة. وحيث إنّهما خصّيصتان متناقضتان، بمعنى أنّ إحداهما تنفي الأخرى، فلا يمكن لهما أن تكونا صادرتين من منشأ واحد؛ إذ سيكون لازم ذلك اجتماع النقيضين في شيء واحد؛ وعلى هذا الأساس يجب أن يكون هناك منشآن لهذين الأمرين المتناقضين بشكل متزامن.

يمكن بيان الاستدلال أعلاه على شكل قضيّة منطقيّة مؤلّفة من مقدّمات ونتائج، على النحو الآتي:

المقدّمة الأولى: بناء على البحث الذي تقدّم بيانه توجد خصّيصتان، وهما: (الافتقار إلى البُعد والامتداد) (A)، و(امتلاك الامتداد والبُعد) (B)، موجودتان في الإنسان.

المقدّمة الثانية: أنّ هاتين الحالتين هما عرَض أو خصوصيّة، وإنّهما يحتاجان في تحقّقهما إلى موضوع أو إلى جوهر[81].

النتيجة الأولى: بناء على المقدّمتين أعلاه (الأولى والثانية)، تكون الخصّيصتان (A) و(B)، بحاجة إلى جوهر قطعًا (بغض النظر عن الحاجة إلى جوهر واحد أو جوهرين اثنين).

المقدمة الثالثة: بناء على الفرض، تكون الخصّيصتان (A) و(B)، متناقضتين[82].

المقدمة الرابعة: إذا كانت الخصّيصتان متناقضتين، فسوف تكون كلّ واحدة منهما طاردة للأخرى[83].

النتيجة الثانية: بناء على المقدّمتين الثالثة والرابعة، حيث تكون الخصّيصتان (A) و(B)، طاردتين لبعضهما؛ لا يمكن الجمع بينهما في موضوع أو جوهر واحد[84].

النتيجة الثالثة: بناء على النتيجة الأولى والثانية؛ أي بناء على أنّ الخصّيصتين (A) و(B)، بحاجة إلى الجوهر قطعًا، وكذلك بناء على أنّ الخصّيصتين (A) و(B)، طاردتان لبعضهما، ولا يمكن الجمع بينهما في جوهر واحد، إذن سوف يكون لكلّ واحد من (A) و(B) ـ وهما خصّيصتان متناقضتان ـ جوهر مستقلّ ومنفصل عن جوهر الآخر.

النتيجة الأخيرة: لو كان (A) و(B) خصّيصتان متناقضتين على نحو محقّق (ثنائيّة خصوصيّة)، كان لازم ذلك أنّ يكون لدينا جوهران مستقلان (ثنائية جوهرية)؛ إذ وإن كان هناك إمكانية ليكون للجوهر خصائص متعدّدة، ولكن من المحال أنّ يكون للجوهر الواحد خصوصيّتان متناقضتان في وقت واحد؛ إذ يلزم من ذلك اجتماع النقيضين، والنتيجة هي أنّ الجوهر المفروض إنّما سوف يكون قابلًا لواحد من الخصوصيّتين المتناقضتين؛ وذلك أنّه ليس ثمّة أيّ خصوصيّة أو عرَض يمكن تصوّره من دون جوهر يحمل تلك الخصوصيّة، وإنّ الخصوصيّة التي لم يرتض هذا الجوهر حملها، تحتاج إلى جوهر آخر، وبالتالي سوف نصل إلى جوهرين مستقلّين. ومن الناحية العمليّة تؤدي الثنائيّة الخصوصيّة إلى الثنائيّة الجوهريّة؛ بمعنى أنّنا نصل من خصّيصة الامتداد وقابليّة البُعد وعدمها إلى جوهرين مستقلّين هما منشأ لهما، وبحسب القاعدة يجب أنّ يكون هذان المنشآن متباينين من الناحية السنخيّة والجوهريّة؛ وذلك لاشتمالهما على تأثيرين متباينين بالكامل؛ ونتيجة لذلك يجب أنّ نؤمن بوجود حقيقة مجرّدة في الإنسان.

4 / 3 ـ الكمال النهائيّ للإنسان
الحقيقة هي أنّه ضمن المسار التكامليّ الذي يرسمه المؤمنون به، ليس هناك للإنسان أيّ كمال نهائيّ. أنّ معنى هذا الكلام أنّنا لو عدلنا عن الرؤية المتمحورة حول الخلق أو الرؤية الغائيّة والذكيّة إلى عالم الوجود، لا يبقى هناك موضع لهدف الإنسان وغايته في الحصول على الكمال كما في المعنى المذكور لدينا في الإلهيّات الإسلاميّة. ومجرّد النموّ في الأبعاد المادّيّة والمزيد من التلذّذ في الأبعاد الجسمانيّة للإنسان هو وحده الذي يُحدّد الكمال الإنسانيّ. إنّ هذه الرؤية سوف تؤدّي في نهاية المطاف إلى عدم مسؤوليّته تجاه أيّ أمر ما ورائيّ. وفيما يلي ننقل في هذا الشأن عبارتين عن شخصين معاصرين من أنصار نظريّة التطوّر.

قال جاكوس مونداد: «في نهاية المطاف، سوف يعلم الإنسان أنّه وحيد في هذا العالم الذي وُجد وظهر [وتكامل وتطوّر) صدفة، ولن تكون له غاية، ولا تكليف عليه»[85].

كما ذهب بروفاين إلى الاعتقاد، قائلًا: «إنّ مفاهيم العلوم الحديثة تتناقض بشكل ملحوظ مع أغلب المفاهيم الدينيّة. لا وجود للأخلاق الفطريّة (الثابتة)، والأصول المطلقة (المتغيّرة) لهداية المجتمع. إنّ العالم لا يهتمّ بنا، ولا يكمن في حياة الإنسان مفهوم وهدف نهائيّ»[86].

يُفهم من العبارة أعلاه أنّ أتباع نظريّة التطوّر المادّيّة ـ حيث ينكرون وجود الخالق، ويرون أنّ العالم ثمرة المسارات المادّيّة ـ لا يرون أيّ هدف أو مفهوم غائيّ لحياة الإنسان.

وفي الحقيقة يمكن اعتبار نتائج نظريّة التطوّر بشكل منطقيّ في الأخلاق بشكل ما تفسيرًا للظلم وتدميرًا لأيّ نوع من أنواع السلوك الدينيّ والإلهيّ في الحياة الإنسانيّة، وبطبيعة الحال فإنّ هذه النظرة إلى الإنسان، قد بدأت من تشارلز دارون نفسه، ويمكن القول إنّ دارون كان بنفسه مساهمًا في هذه المسألة بشكل جادّ؛ إذ يقول في كتابه (أصل الإنسان):
«في الحيوانات الوحشيّة يقوم الأمر على أنّ الضعاف بدنيًّا أو ذهنيًّا سرعان ما تزول من الوجود، والتي تبقى على قيد الحياة هي التي تتمتّع بالسلامة والعافية. ومن ناحية أخرى فإنّنا قد عملنا على تثقيف الناس، وقمنا بالحد الأقصى من السيطرة على مسار الزوال، وقد بنينا مصحّات للمعاقين ذهنيًّا والذين يعانون من الإعاقات الجسديّة والأمراض المزمنة، وبالتالي فقد تمكّن هؤلاء الضعاف من التكاثر والتناسل في المجتمع، ليس هناك من الأشخاص الذين يهتمّون بتناسل حيواناتهم الداجنة من يشكّ في ضرر ذلك على العرق الإنسانيّ، ومن الصعب العثور على شخص يبلغ إلى هذا الحدّ من الغباء بحيث يجيز التناسل والتكاثر للأسوأ من حيواناته الداجنة»[87].

إنّ من بين الأبحاث الناتجة عن نظريّة التطوّر في الأبحاث الاجتماعيّة، تعيين الكمال النهائيّ والغاية النهائيّة في القيَم والفعل الأخلاقيّ، كما أنّ المدرسة الأخلاقيّة لفيلسوف ألمانيا في القرن التاسع عشر (فريدريك نيتشه)[88] ـ وهي مدرسة أخلاقيّة تستند في مبانيها إلى عنصر القوّة فقط ـ متأثّرة بالمباني الفكريّة التطوّريّة لتشارلز دارون، ويمكن اعتباره متأثرًا بنظريّة التطوّر من عدّة جهات[89]؛ بمعنى أنّ العناصر الأصليّة لنزعته إلى القوّة والسلطة ليست سوى المباني الداروينيّة. لو كان لدى شخص أدنى معرفة بنظريّة التطوّر، وألقى نظرة منصفة على نظريّة القوّة لدى فريدريك نيتشه، فلن يتردّد أو يشكّ في أنّ هذه المباني قد ترسّخت عند نيتشه من رؤية دارون. وبعبارة أخرى: إنّ النظرة التطوّريّة على أساس الانتقاء الطبيعيّ طبقًا لمبنى بقاء الأصلح إلى خلق الإنسان، تصل من الناحية المنطقيّة إلى هذه النوع من المدرسة الأخلاقيّة. وفيما يلي نذكر نموذجين من المباني الأصليّة لنيتشه في الأخلاق واللذين تأثّر فيهما بالرؤية التطوّريّة لدارون:

أ ـ الاستناد على عدم التساوي بين الناس، وأنّ الطبيعة تنفر من المساواة، وأنّ التساوي في الحقوق يخالف الطبيعة والأخلاق، وأنّ الخرافة في الأساس مدمّرة ومحض هراء[90].
ب ـ الاستناد إلى النزاع من أجل البقاء، وفناء الآخرين من أجل أن أواصل حياتي.
وقال في ذلك: «ليس هناك عابد ذات، يبقى في داخل نفسه ولا يتجاوز حدوده، فالإنسان يمضي بنفسه قُدُمًا إلى الأمام على حساب الآخرين: إنّ الحياة تعيش أبدًا على حساب حياة الآخر؛ وإنّ الذي لا يدرك ذلك لا يكون قد خطى حتى خطوة واحدة في مسار الصدق مع نفسه»[91].

وقد تحدّث دانيال دينيت ـ وهو من أهمّ المنظّرين في حقّ أصل التطوّر في العصر الحالي قطعًا ـ في كتابه (الرؤية الخطيرة لدارون)، عن تأثر فريدريك نيتشه بأفكار تشارلز دارون. بل ذهب حتى إلى القول بأنّ فكرة موت الإله قد أخذها نيتشه من دارون. وكان يعتقد بأنّ نيتشه إذا كان أبو الوجوديّة، فإنّ تشارلز دارون هو جدّها قطعًا[92]. وكان دانيال دينيّت يرى أنّ نيتشه كان مولعًا ومتشبّعًا بأفكار دارون، ولكنّه لم يكن يعترف بذلك[93]. وفي الصفحات من 181 إلى 183 عمد دينيت إلى نقل عبارة الفلاسفة وعلماء الأحياء الذين كانوا يرون أنّ نيتشه وأتباع مدرسته قد تأثروا بدارون، ولم يكن عدد هؤلاء العلماء بالقليل.
وقال دانيال دينيت في بيان طريقة تأثّر نيتشه بدارون: «على الرغم من أنّ نيتشه لم يكن داروينيًّا، ولكن كما أفاق كانط من نومه على يد ديفد هيوم، فإنّ دارون قد عمل بدوره على إيقاظ نيتشه أيضًا»[94].

إنّ النتيجة الطبيعيّة لهذه الرؤية تتمثّل بظهور مجرمين ومتعطّشين للسلطة من أمثال: أدولف هتلر، حيث قال فريدريك نيتشه نفسه في البحث الثاني من كتابه (أصل معرفة الأخلاق): «لا يمكن لأيّ إضرار واستغلال أو تدمير أنّ يكون في حدّ ذاته من غير وجه حقّ؛ إذ إنّ أمر الحياة في الأساس ـ أي في معطياته الجوهريّة ـ يقترن ببعض الإضرار والعدوان والاستغلال والتحطيم»[95].

5 / 3 ـ خلق الإنسان
تعرّضت مسألة الخلق في الأديان إلى تحدّ كبير بعد ظهور نظريّة التطوّر؛ بمعنى أنّ أصل عمليّة الخلق والوجود الذي كان في يوم ما يُعدّ من الأسرار بالنسبة إلى البشر؛ بحيث لم يكن أمام الإنسان سوى نسبة هذا اللغز إلى الأمور الغيبيّة والميتافيزيقيّة، ولكن بعد بيان نظريّة التطوّر، تمّ حلّ هذا اللغز بزعم أنصار هذه النظريّة.
يقول ريتشارد دوكينز[96]: «كان وجودنا في يوم ما، يُعدّ من أكبر الأسرار؛ ولكنّه الآن لم يعد كذلك؛ إذ تمّ حلّ هذا السرّ؛ بعد أنّ كشف الغطاء عنه من قبل كلّ من دارون وفالاس»[97].

بل وقد ذهب دوكينز إلى أبعد من ذلك، إذ رأى أنّ نظريّة التطوّر تقدّم تفسيرًا لكلّ عالم الوجود؛ حيث قال: «لا أبتغي حثّ القارئ على هذه المسألة وهي أنّ الرؤية الكونيّة لدارون تعبّر عن الحقيقة فحسب، بل وأريد أنّ أثبت له أنّ هذه النظريّة في الأساس هي النظريّة الوحيدة المعروفة لدينا والتي يمكن لها أنّ تحلّ لنا سرّ وجودنا. وهذا الأمر يزيد من تقبّلنا لهذه النظريّة ويُضاعف من اغتباطنا بها. يمكن للمورد الحسن أن يثبت لنا أنّ الداروينيّة لا تمثل الحقيقة بالنسبة إلى هذا الكوكب فحسب، بل وهي كذلك تمثّل الحقيقة في مورد جميع الكائنات أيضًا»[98].

يقول جورد جيلورد سيمبسون[99] ـ وهو من المساهمين في بلورة الاصطناع التطوّريّ الحديث والداروينيّة المحدثة ـ في هذا الخصوص: «إنّ الإنسان نتاج مسار طبيعيّ طائش وغير هادف، لم يأخذ الإنسان بنظر الاعتبار أبدًا»[100]. وأشار في موضع آخر إلى وجود الإنسان وظهوره من مسار طبيعيّ لا ينطوي على غاية أو هدف؛ الأمر الذي يعكس النظرة التكامليّة والتطوّريّة في عالم الخلق.

إنّ الإنسان قد نبت من الأرض، ولم ينزل من السماء. وله الخيار في أن يرفع من مستواه ليرقى على سائر الحيوانات، بل ويذهب إلى ما ما هو أعلى، أو أن يختار العكس. لا يوجد أيّ دافع أو غاية وراء التطوّر، بل على الإنسان أنّ يخلق ذلك لنفسه بنفسه»[101].

1 / 5 / 3 ـ التكامل وخلق الله
إنّ الذي قد يحظى بالأهمّيّة هنا ويمكن أنّ يترك تأثيره على العلوم الإنسانيّة ويضع حدًا للجدل والاختلاف القائم بين الدين ونظريّة التطوّر، يكمن في السؤال القائل: هل يمكن الجمع بين الإيمان الدينيّ بالله وبين نظريّة التطوّر؛ بحيث لا يكون هناك أيّ تنافٍ بين الأمرين؟ وبعبارة ثانية: هل يمكن اعتبار ما ورد بيانه في نظريّة التطوّر بشأن تكامل الموجود والكائن الأحاديّ الخليّة ليصبح إنسانًا كاملًا، هو ذات مسار خلق الله، والجمع بين هذين الأمرين بهذه الطريقة؟ وبعبارة أخرى: هل يمكن تفسير الخلق التطوّريّ والتكامليّ أم لا؟

ذهب الكثير من المتديّنين إلى الاعتقاد بأنّ التكامل على مراحل طويلة يمكن أنّ يكون هو المنهج المتّبع من قبل الله في عمليّة الخلق. وهذا الأمر هو الذي أدّى بعدد من المسيحيّين وبعض المسلمين، بل وحتى بعض علمائهم إلى تبنّي نظريّة التطوّر والاعتقاد بها رغم إيمانهم الدينيّ. لقد عمد مايكل روس[102] ـ في فصل التكامل والدين من كتابه (السنوات الملايين الأربعة الأولى) ـ إلى ذكر مقالة مستقلّة عن شخص اسمه ديفد ليفينغستون[103]. إنّه بعد نقل كلام العلّامة إقبال اللاهوري[104] القائل إنّ نظريّة التطوّر في الإسلام، قد نشأت عن الإسلام في العصور الوسطى، تحدّث عن شخص اسمه أحمد أفضل؛ إذ يذهب إلى الاعتقاد بأنّ تشارلز دارون قد أخذ نظريّته في التطوّر من القرآن الكريم، وقال إنّ نظريّة التطوّر تنسجم تمام الانسجام مع نظريّة الخلق من وجهة النظر القرآنيّة. وفيما يلي ننقل ترجمة نصّ عبارة الكتاب:

«لقد نشأت نظريّة التطوّر من ذات القرآن، فقد تمّ وصف نظريّة التطوّر بشكل كامل في الرؤية العامّة والكلّيّة لخلق الله على ما ورد تفصيلها في القرآن الكريم. لقد نسب أحمد أفضل ـ في رؤيته ـ تحقّق المسار المادّيّ إلى المعطيات الطبيعيّة، وظهور الوعي والإدراك الذاتيّ إلى الخلق الإلهيّ. وفي هذه الرؤية يكون نظائر الإنسان ـ من الـ (هومو هابيلس)[105] والـ (هومو إريكتوس)[106] ـ قد بلغوا نقطة من التكامل، ثمّ اختار الله سبحانه وتعالى بعد ذلك زوجًا منهم (ذكر وأنثى) ونفخ فيهما من روحه»[107].

لقد كانت مثل هذه الرؤية إلى القرآن الكريم ونظريّة التطوّر موجودة حتى بين المفكّرين عندنا، ولكنّنا لا نريد الدخول في هذا البحث، إنّما الشيء الذي يتعيّن علينا عدم الغفلة عنه، وقد غفل عنه أو تجاهله أكثر الذين بحثوا في هذا الشأن ـ سواء في الإسلام أو المسيحيّة ـ بحسب علمنا، هو أنّ أساس بيان المسارات التكامليّة وذات نظريّة التطوّر، يقوم على الولادة الاتفاقيّة للأنواع[108]، والانتقاءات العشوائيّة[109]. وبعبارة أخرى: كما قال دانيال دينيت أنّ الجهل المطلق في نظريّة التطوّر قد حلّ محلّ الخالق الحكيم. وقال في هذا الشأن:
«في الرؤية التقليديّة، كان هناك خالق متعال وعاقل ـ يتمتّع بعلم لا ينضب ـ لجميع مخلوقات عالم المادّة، ابتداء من أشرف المخلوقات (الإنسان) إلى أخسّ وأرذل الموجودات (الديدان وحبّات الرمل وقطرات المطر)، وهو خالق كان أشبه ما يكون إلى أشرف مخلوقاته وأقربهم منه. وأمّا في نظريّة التطوّر لتشارلز دارون، فيمكن للجهل المطلق أنّ يحلّ محلّ البصيرة المطلقة في إيضاح جميع معطيات المهارات الخلّاقة والمبدعة»[110].
إنّ الله قد انفصل في نظريّة التطوّر تمامًا عن الخلق في جميع الأبعاد أو الأهداف العمليّة؛ وذلك لأنّ نظريّة التطوّر قد حلّت محلّه، وهذا يعني ظهور وتبلور مفهوم جديد للدين.

يقول إرنست ماير: «إنّ الأسباب الطبيعيّة المبيّنة من قبل أنصار نظريّة التطوّر تفصل الله بالكامل عن الخلق في جميع المجالات أو الأهداف والغايات العمليّة. إنّ هذا النموذج الذي يمثّل توصيفًا جديدًا (نموذجًا تكامليّا) بـ (آليّة) الانتقاء الطبيعيّ، قد حلّ محلّ الخلق المستند إلى الحكمة. إنّ هذا المنتقى يجعل من المفهوم الجديد لله، والمبنى الجديد للدين أمرًا ضروريًّا»[111].

وقد أقرّ فرانسيس فوكوياما[112] عدم وجود الهدفيّة في نظريّة التطوّر، وعدم وجود أيّ علّة موجّهة في هذه النظريّة، وقد أكّد على أنّ القول بوجود ظاهرة غيبيّة وميتافيزيقيّة تعمل على هداية العالم، لا ينسجم مع الداروينيّة، وأنّ العالم من وجهة نظر أنصار نظريّة التطوّر هو نتاج أمر قد حدث على سبيل الصدفة: «حيث تذهب الداروينيّة إلى الاعتقاد بعدم وجود أيّ قوّة ميتافيزيقيّة تعمل على هداية عالم الوجود نحو مسار التكامل، فإنّ الذي يبدو جوهر نوع ما، إنّما هو مجرّد ثمرة فرعيّة لتيّار تكامليّ وتطوّري حدث على سبيل الاتفاق والصدفة»[113].

إنّ عدم تناغم النظرة التطوّريّة مع خلق الله أمر حقيقيّ وواقعيّ؛ وذلك أنّ ما يقوله أنصار نظريّة التطوّر مضحك وغير مجدٍ، ولا يمكن نسبة مثل هذا المسار اللامجدي إلى الإله الحكيم الذي نادت به الأديان السماوية.

يقول الدكتور هنري موريس[114]: «إنّ التطوّر بالنسبة إلى خلق الإنسان أكثر تبذيرًا وإسرافًا، وأقلّ نجاعة، وأظلم مسار يمكن أنّ يخطر على الذهن. إنّ نسبة مثل هذه الأسلوب والمنهج إلى الله العليم الحكيم أمر مضحك وغير معقول (تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا)»[115].

مناقشة
لقد تقدّم أنّ ذكرنا عبارات أنصار نظريّة التطوّر في بحث الخلق بشكل مختصر. تأتي اللاغائيّة واللاهدفيّة وعدم الخالقيّة في رؤية أصحاب القول بنظريّة التطوّر في الوقت الذي يتمّ فيه بيان مسألة الخلق الحكيم والغائيّ الهادف في النظام الفكريّ للدين. عندما ننظر إلى الأدبيّات الدينيّة، ندرك أنّ نظام العالم قد خُلق وتمّ التخطيط له من قبل شخص حكيم لغاية معدّة على نحو سابق. لم تتبلور هذه المنظومة أبدًا بفعل المتغيّرات والقفزات والصدَف غير الهادفة، حتى وصلت في نهاية المطاف إلى شكلها الراهن، بمعنى أنّ عالم الوجود والكائنات الحيّة ـ خلافًا لرؤية القائلين بنظريّة التطوّر ـ كان من المقرّر منذ البداية أنّ تصبح على هذه الشاكلة، ولو تكرّر هذا المسار مجدّدًا فإنّه سوف يؤدّي ثانية إلى هذا النظام الراهن أيضًا.

إنّ الهدفيّة والتخطيط المرسوم للكائنات ومن بينها الإنسان، يمكن فهمه ومشاهدته بوضوح في آيات القرآن الكريم؛ بمعنى أنّ الرؤية الدينيّة ـ خلافًا لرؤية القائلين بنظريّة التطوّر القائلة بقيام مسار ظهور الكائنات على أساس من الحظ والصدفة ـ رؤية مخطّط لها وهادفة لغرض خلق الكائنات على أفضل ما يمكن. وفيما يلي نذكر بعض الآيات في هذا الشأن على سبيل المثال دون الحصر:

ـ (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)[116].

ـ أو الآيات التي تدلّ على أنّ خلق كلّ شيء يقوم على أساس التقدير والتخطيط، دون الحظ والصدفة: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)[117].

ـ وكذلك الآيات الدالة على أنّ السماوات والأرض وكلّ ما فيهما لم يخلق بداعي العبث، وإنّما خلق لغاية وهدف: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)[118].

ـ (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)[119].

إنّ هذه الآيات ونظائرها تثبت أنّ جميع العالم من البداية قد خلق على يد خالق عالم وحكيم لهدف وغاية، ولم يكن خلقه له عن لعب وعبث. هذا في حين يذهب أنصار نظريّة التطوّر إلى القول إنّ عالم الوجود إنّما هو نتيجة للصدفة والقفزات غير الموجّهة، وهذه الرؤية لا تقبل الجمع مع رؤية الخلق الهادف أبدًا. وبعبارة أخرى: إنّ الجمع المنطقيّ بين الاعتقاد القائل بوجود إله حكيم وعليم وقادر مطلق بوصفه خالقًا للوجود، وبين الاعتقاد بأنّ الوجود قد حدث صدفة وبشكل غير خاضع للإدارة والتوجيه وعلى أساس مجرّد الحظّ والانتقاء الطبيعيّ والأعمى بشكل عشوائيّ، لا يبدو ممكنًا.

كان السعي في هذه المقالة يقوم على أساس بيان التناقض بين الرؤية الدينيّة ونظريّة التكامل من الزاوية الغائيّة، وصرفنا النظر عن بحث الآيات القرآنيّة الخاصّة بخلق الإنسان الأوّل مباشرة من التراب؛ إذ يحتاج ذلك إلى مقالة مستقلّة. وبشكل عام فإنّنا نذهب إلى الاعتقاد بأنّ آيات القرآن الكريم ظاهرة في خلق الإنسانيّن الأولين ـ اللذين هما الأبوين للبشريّة الراهنة [آدم × وحوّاء] ـ مباشرة من التراب، ومن هذه الناحية نجد اختلافًا بين الرؤية التطوّريّة والرؤية الدينيّة أيضًا[120].

قد يرد هذا السؤال على ذهن القارئ الكريم، وهو أنّ الأشخاص الذين تمّ الاستناد إليهم هم الملحدون من أنصار نظريّة التطوّر، وربما كان بعض المؤمنين بهذه النظريّة لا يذهبون إلى مذهب الإلحاد. من المناسب بشكل عام ذكر هذه النقطة فيما نحن فيه، وهي أنّ الورثة الحقيقيّين لعلم الأحياء التطوّريّ لدارون ـ من الناحية المنطقيّة ـ هم أمثال دانيال دينيت وريتشارد  دوكينز. وبعبارة أخرى: إنّ الذي يعتقد به أمثال دينيت ودوكينز هو ذات الشيء الذي صدع به تشارلز دارون بشكل تامّ وكامل، بالإضافة إلى المساعدات التي قدّمها علم الوراثة والعلم الجديد إلى هذه النظريّة. لو أخذنا التطوّر في إطار مغلق، تتألّف أجزاؤه من الصفر إلى المئة، فإنّ الانتقاء الطبيعيّ يتمّ بشكل عشوائيّ ومن دون هدف أو غاية، وتمثّل المنهجيّة المادّيّة أجزاءه الأساسيّة على نحو حصريّ. وعلى هذا الأساس لن يكون ثمّة أيّ موضع للكائنات المجرّدة بوصفها خالقة في عالم المادّة، أو المؤثّرة في سلوك الإنسان والسيطرة عليه؛ حيث تكون في الأساس خارجة عن متناول المادّة والمادّيّات والمختبرات المادّيّة. وقد يقال: ربما لم يكن دارون ذاته يذهب إلى مثل هذا الاعتقاد، وليس هو فحسب بل حتى النظريّة التي صاغها قد تكون في حدّ ذاتها حياديّة تجاه المؤمنين والملحدين على السواء. ليس من المهمّ ـ بطبيعة الحال ـ ما الذي كان يعتقد به دارون في نهاية المطاف؛ وذلك لأنّ نظريّة التكامل مع ما تشتمل عليه من الانتقاء الطبيعيّ وعلى نحو منطقيّ تستوجب التضادّ مع المباني الدينيّة والإيمانيّة؛ بمعنى أنّنا لو أخذنا عنصر الانتقاء الطبيعيّ على نحو ما أقرّه دارون في كتابه ودافع عنه، بل وكان عنوان كتابه هو التطوّر على أساس الانتقاء الطبيعيّ، على نحو جادّ، فلن يمكن لهذه النظريّة أنّ لا تنطوي على هذه اللوازم.

نقطة: قد تقترن النظرة التطوّريّة برؤية خاصّة في باب التوحيد والإيمان الإلهيّ، من قبيل الإيمان بتأليه الجميع أو الله الذي لا شأن له بأمور عالم المادّة، وكلّ إبداعه يكمن في خلق المادّة الأولى وتحريكها. وأمّا من زاوية النظرة الإسلاميّة والخالق الذي يتمّ الاعتقاد به في ضوء التعاليم الإسلاميّة، ويتمّ بحثه في الفلسفة والكلام الإسلاميّ، فإنّ ذلك لا ينسجم قطعًا مع نظريّة التطوّر، وسوف نشير فيما يلي إلى بعض النقاط في هذا الشأن.

ويعدّ نقل كلام عن دارون نفسه مفيدًا فيما نحن فيه؛ إذ يثبت أنّ نظريّة التطوّر ـ التي صاغها ـ تنطوي على مثل هذا اللازم، وهو أنّه قد خدش في برهان النظم الذي هو من وجهة نظره من أفضل البراهين على إثبات وجود الله؛ إذ قال في هذا الشأن:

«إنّ الدليل والبرهان الأصليّ ـ من وجهة نظري ـ على استحالة تصوّر أنّ يكون هذا الكون الشاسع والمذهل بما فيه من كائنات شاعرة قد ولد صدفة، يمثّل البرهان الأصليّ على وجود الله [برهان النظم]، ولكن هل لهذا البرهان قيمة واقعية؟! هذا ما لم أستطع أنّ أحكم عليه بضرس قاطع أبدًا»[121].

وعلى الرغم من أنّه ينسب نفسه إلى اللاأدريّة، إلّا أنّ اللاأدريّة تعود في الحقيقة إلى عدم الإيمان والشكّ النسبيّ في الله سبحانه وتعالى. يقول دارون:

«إنّي في أشدّ حالات منعطفاتي في هذه الحياة، لم أكن ملحدًا بمعنى المنكر لوجود الله. وأرى أنّ الصفة الأنسب بي بشكل عامّ ـ لا في جميع مراحل الحياة ـ هي «اللاأدريّة»، وقد تفاقمت عندي هذه الصفة مع تقدّمي في العمر»[122].

إنّ نقلنا لهذه العبارة لا يأتي بداعي الانتقاص من دارون من خلال نسبته إلى الكفر؛ إذ لا يهمّنا في الأساس ما إذا كان كافرًا أم لا، وإنّما كل الذي يهمّنا هو تأثير نظريّته، ولوازم هذه الرؤية في تبلور مثل هذا الاعتقاد في حقل الإيمان بالله، والتي تركت تأثيرها عليه في المرحلة الأولى، حتى تبلورت مثل هذه الرؤية لديه، وتحوّلت في المراحل اللاحقة إلى أداة  بيد اللادينيّة في العصر الحديث. أنّ نظريّة التطوّر نظريّة يجب بحثها ومناقشتها مثل سائر النظريّات، بيد أنّ البحث يكمن في أنّ هذه النظريّة قد ترسّخت في الأبعاد الميتافيزيقيّة أيضًا، والنموذج على ذلك يظهر في سلب الدين عن دارون نفسه؛ بمعنى أنّ دارون نفسه كان في بداية أمره مسيحيًّا مؤمنًا، ثمّ أخذ مستوى إيمانه يضعف لاحقًا باعترافه وبتأثير نظريّته، حتى أخذ يضمحل شيئًا فشيئًا. وثانيًا: أنّ الغاية من نقل هذه العبارة هي إظهار هذه النقطة، وهي أنّ الرأي الأفضل والأقرب إلى نظريّة دارون، هي القراءة الإلحاديّة لهذه النظريّة. وبعبارة أخرى: لا يمكن تفريغ نظريّة التطوّر من محتوياتها الأصليّة، والقبول بكلّ أجزائها، والعمل في الوقت نفسه على تجاهل ركنها الأصليّ المتمثّل بالانتقاء الطبيعيّ، والقول إنّ هذه النظريّة لا تتعارض مع الإيمان والأبعاد المجرّدة في السماء والأرض؛ وذلك لأنّ مفهوم الانتقاء الطبيعيّ يعني عدم الغاية واللاهدفيّة في مسار تطوّر الكائنات الحيّة، وفي الأساس فإنّ هذه الرؤية تنكر القول بكلّ تخطيط أو توجيه هادف، وهذا بطبيعة الحال لا ينسجم مع الرؤية الفلسفيّة والكلاميّة في الإسلام. إنّ إبداع تشارلز دارون يكمن ـ من وجهة نظر علماء الأحياء ـ في أنّه قد استطاع تنظيم التطوّر بواسطة الانتقاء الطبيعيّ، وبذلك يكون الانتقاء الطبيعيّ ركنًا جوهريًّا وأساسيًّا في هذه النظريّة.

قد يُقال هنا: إنّ هذا الادعاء مخالف لما نشاهده على أرض الواقع؛ بمعنى أنّه يوجد الكثير من الأشخاص ـ على الرغم من اعتقادهم بنظريّة التطوّر في مجال علم الأحياء ـ هم من المؤمنين والمتدينيّن، وأنّ المسلمين منهم من العبّاد الذين يُلزمون أنفسهم بأداء الشعائر والمناسك، ولو ألقينا نظرة على ما حولنا، سنجد أنّنا نعرف البعض منهم يؤمن بالله سبحانه وتعالى، ويؤدّي مناسكه وفرائضه أيضًا.

يجب العلم بأنّ نظريّة التطوّر بشكلها الجامع هي ما تقدّم ذكره؛ حيث تنفي وجود أيّ مصمم ومهندس أو خالق ذكيّ، وتنكر وجود أيّ عالم هادف في البين. وهؤلاء العلماء من الأحيائيّين المؤمنين بالله، إمّا أنّهم لا يلتفتون إلى الأبعاد الميتافيزيقيّة لهذه النظريّة، ويغرقون في مسائلها العلميّة، أو ربما لا يجدون الفرصة الكافية للتفكير بشأن هذه اللوازم الميتافيزيقيّة، أو أنّهم على الرغم من إدراكهم لهذا التناقض الواضح في الأبعاد الميتافيزيقيّة لهذه النظريّة مع إيمانهم، إلّا أنّهم لا يأخذون هذا الأمر بجدّية، ويعملون على تجاوزها أسوة بسائر المسائل العلميّة التي لم يتمكّنوا من حلّها، على أمل أنّ يأتي يوم يتمّ العثور فيه على حلّ لهذا التناقض الاعتقاديّ وهذه الرؤية العلميّة.

النتيجة
لقد عمدنا في هذه المقالة باختصار إلى استخراج المباني الأنثروبولوجيّة لنظريّة التطوّر في علوم الإنسان، وعمدنا في بعض الموارد إلى نقدها ومناقشتها أيضًا.
وقد ذكرنا بشأن حقيقة الإنسان أنّ الرؤية التطوّريّة تقول بعدم وجود أيّ بُعد مجرّد في الإنسان، وأنّ الإنسان بمنزلة الروبوت، حيث أثبتنا أنّ هذا الادعاء لا يثبت بأدلّتهم. وقد ذكرنا أيضًا أنّ منزلة الإنسان من وجهة نظر القائلين بنظريّة التطوّر لا تعدو حدود الحيوان الصانع للأدوات، وأنّه لا وجود لأيّ طبيعة مشتركة بين الأشخاص، وأنّ الاختلاف بين الإنسان والحيوان سواء في الأبعاد الجسمانيّة أو النفسانيّة قليلة جدًّا. ومن ناحية أخرى فقد تمّ إنكار إرادة الإنسان واختياره في نظريّة التطوّر، وقد ناقشنا هذه المسألة وقلنا إنّ الإرادة بالإضافة إلى وجودها وعدم كونها وهمًا، هي من الحالات غير المادّيّة للإنسان، وبالتالي فإنّ الجوهر المجرّد المنشأ لها إنّما يثبت بوجود الإرادة. وفي نهاية المطاف في بحث خلق الإنسان توصّلنا إلى هذه النتيجة وهي أنّه بناء على المباني التطوّريّة المتمثّلة بالانتقاء الطبيعيّ وتوالد الأنواع من طريق الصدفة، لا يمكن القول بانسجام وتناغم هذه الرؤية مع النظرة القرآنيّة والدينيّة؛ وذلك لأنّ الهداية الغائّية وعمليّة الخلق الهادفة إنّما هي من أركان الإيمان بالله. وعليه فإنّ الخطوة الأساسيّة ـ في أسلمة العلوم الإنسانيّة ـ تكمن في نفي وإزالة هذه الرؤية والنظرة إلى الإنسان، واستبدالها بالمباني الأنثروبولوجيّة الإسلاميّة.



لائحة المصادر والمراجع
المصادر العربية
ابن سينا، حسين بن عبد الله، الشفاء (المنطق)، مكتبة آية الله المرعشي النجفيّ، قم، 1404 هـ.
الحرّ العاملي، محمّد بن حسن، وسائل الشيعة، مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، 1409 هـ.
الشيخ الكلينيّ، محمّد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر غفاري و محمد آخوندي، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1407 هـ.
العلّامة الحلّيّ، حسن بن يوسف، القواعد الجليّة في شرح الرسالة الشمسيّة، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، قم، 1412 هـ.
العلّامة الطباطبائيّ، السيّد محمّد حسين، نهاية الحكمة، جامعة المدرّسين، قم، 1402 هـ.
باربور، إيان، دين وعلم (الدين والعلم)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: پيروز فطورچي، 1392 هـ ش.
جوديث، هوبر؛ وترسي، ديك، جهان شگفت انگيز مغز (عالم المخ ّالعجيب)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: إبراهيم يزدي، دار نشر قلم، طهران، 1372 هـ ش.
جوكار، رضا، و إيزدي، منيرة، «تبيين نظريّه شرطي شدن در تبليغات فرهنگي وتجاري» («بيان نظريّة المنعكس الشرطيّ في الدعايات الثقافيّة والتجاريّة»)، مجلّة: جيدمان، العدد: 8، ص 89 ـ 108، السنة الثالثة، 1393 هـ ش.
چرچلند، پاول، ماده وآگاهي، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: أمير غلامي، دار نشر مركز، طهران، 1386 هـ ش.
خاتمي، محمود، آشنائي مقدماتي با فلسفه ذهن (مقدمة تمهيديّة للتعرّف على فلسفة الذهن)، دار نشر جهاد دانشگاهي، طهران، 1381 هـ ش.
داروين، تشارلز، منشأ أنواع (أصل الأنواع)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: نور الدين فرهيخته، دار نشر: أهل قلم، طهران، 1380 هـ ش.
دهقان پور، علي رضا، «قرآن خلقت انسان و فرگشت» («القرآن الخلق الإنسان ونظريّة التطوّر»)، مجلّة: كلام اسلامي، العدد: 94، ص 9 ـ 34، 1394 هـ ش.
ديويس، مريل وين، داروين و بنيادگرائي مسيحي (دارون والأصوليّة المسيحيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: شعلة آذر، دار نشر چشمه، طهران، 1385 هـ ش.
صدر المتألّهين الشيرازيّ، محمّد بن إبراهيم، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، 1981 م.
صدر المتألّهين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم، الشواهد الربوبيّة، بنياد حكمت صدرا، طهران، 1382 هـ ش.
فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيّتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، وزارت امور خارجه، طهران، 1390 هـ ش.
كابلستون، فردريك، تاريخ فلسفه غرب (تاريخ فلسفة الغرب)، ترجمه إلى الفارسيّة: السيد جلال الدين مجتبوي، دار نشر علمي و فرهنگي، طهران، 1362 هـ ش.
كشفي، عبد الرسول، «بررسي نظريّه اين همان ذهن و مغز («بحث نظريّة التماهي بين الذهن والمخ»)، مجلة: فلسفه دين، العدد: 5، ص 19 ـ 40، 1389 هـ ش.
گي، آر، لفرانسوا، نظريّه هاي يادگيري انسان (نظريّات تعلم الإنسان)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: يحيى سيد محمدي، دار نشر روان، طهران، 1389 هـ ش.
ماير، إرنست، تكامل چيست (ما هو التطوّر)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: سلامت رنجبر، 1391 هـ ش.
مصباح اليزدي، محمد تقي، آموزش فلسفه (دروس في الفلسفة)، مؤسسه آموزشي وپژوهشي إمام خميني (قدّس سرّه)، قم.
مصباح اليزدي، محمد تقي، انسان شناسي در قرآن (الإنسان في القرآن)، مؤسسه آموزشي امام خميني، قم، 1390 هـ ش.
معظمي، داوود، مقدمات نور و سايكولوژي (مقدمات الضوء والسايكولوجيا)، دار نشر سمت، طهران، 1385 هـ ش.
معين، محمد، فرهنگ معين، مادّة (تكامل)، دار نشر أمير كبير، طهران، 1392 هـ ش.
مورفي، نانسي، چيستي سرشت انسان (ماهية طبيعة الإنسان)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: علي شهبازي، دانشگاه اديان و مذاهب، قم، 1391 هـ ش.
نبويان، سيد أبا ذر؛ و كرد فيروزجائي، يار علي، «بررسي انتقادي نظريّه اين هماني ذهن و بدن در فلسفه ذهن» («قراءة نقدية في نظريّة التماهي بين الذهن والجسم في فلسفة الذهن»)، مجلة: معرفت فلسفي، العدد: 40، ص 95 ـ 111، 1392 هـ ش.
نيتشه، فريدريك، اراده قدرت (إرادة السلطة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: مهدي قوام صفري، دار نشر جامي، طهران، 1377 هـ ش.
نيتشه، فريدريك، تبار شناسي اخلاق (معرفة أصل الأخلاق)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: داريوش عاشوري، دار نشر آگاه، طهران، 1377 هـ ش.

المصادر الأجنبية:
----- , 1987, “Biological Species, Natural Kinds, Individuals, or What?”, The British Journal for the Philosophy of Science, V. 38, P. 225 - 242.
----- , 2003, Freedom Evolves, New York, Penguin Putnam Inc.
Barbour قIan G., 1997, Religion and Science, Historical and Contemporary Issues, New York, Harper Collins Publishers.
Darwin, Charles, 1889, The Descent of Man and Selection in Relation to Sex, New York, Appleton and Company.
Darwin, Francis, 2010, Life and letters of Charles Darwin, London, Cambridge University Press.
Dawkins, Richard, 2006, The Blind Watchmaker, New York, Norton & Company.
Dennett, D. C., 1996, Darwin’s dangerous idea, London, Penguin Books.
Dennett, Daniel C, 2017, From Bacteria to Bach and Back The Evolution of Minds, Norton & Company, New York.
Dobzhansky, J., 1967, “Science”, Changing Man, V. 155, N. 3761, p. 409.
Hornby, 1974, Oxford advanced learner’s dictionary of current English, Oxford, Oxford University Press.
Hornby, Albert Sydney, Anthony Paul Cowie, Alfred Charles Gimson, and Albert Sydney
Lewontin, R. C., 1983, Introductionw, Scientists Confront Creationism Ed. Godfrey, New York, Norton & Company.
Lutz, John, 1994, An Introduction to Learning and Memory, California, Cole Publishing Company.
Mayer, Enrst, 1972, “The Nature of the Darwinian Revolution”, Science, N. 176, p. 981-989.
Mondad, Jacques, 1971, Chance and Necessity an Essay on the Natural Philosophy of Modern Biology, New York, Knopfer.
Morris, M, 1989, the long war against God, Baker Bo, Michigan, Baker Book House.
Myre, Ernst, 2002, What Evolution Is, London, Phoenix.
Provine, B., 1988, “Scientists face it! Science and Religion are Incompatible”, the scientist, N. 2.
Ridley, Mark, 2004, Evolution, Blackwell Scientific Publishing, Malden MA.
Rosenberg, Alexander, 2000, Darwinism in philosophy, Social science and policy, Cambridge UK, Cambridge University Press.
Ruse, Michael & Joseph Travis, 2009, Еvоlution, The First Four Billion Yeаrs, London, Еnglan,
Simpson, George Gaylord, 1967, The Meaning of Evolution, A Study of the History of Life and of Its Significance for Man, Yale University Press.
Smart, J. J., 1959, “Sensations and brain processes”, Philosophical Review, V. 68, N. 2, p. 141 - 156
The Belknap Press of Harvard University Press.

----------------------------------
[1]*- دكتوراه في حقل فلسفة العلوم الاجتماعيّة من مؤسّسة الإمام الخمينيّ التعليميّة والتحقيقيّة.
**- أستاذ مساعد في مجموعة الفلسفة من مؤسّسة الإمام الخمينيّ التعليميّة والتحقيقيّة.
ـ تعريب: حسن علي مطر.
[2]- Charles Robert Darwin.
[3]- On of origin of the spacies.
[4]- The descent on man.
[5]- See: Hornby, Albert Sydney, Anthony Paul Cowie, Alfred Charles Gimson, and Albert Sydney Hornby, 1974, Oxford advanced learner’s dictionary of current English, Oxford, Oxford University Press.
[6]- انظر: معين، محمّد، فرهنگ معين، مادّة (تكامل)، دار نشر أمير كبير، طهران، 1392 هـ ش. (مصدر فارسي).
[7]- إرنست فالتر ماير (1904 ـ 2005 م): عالم بيولوجيّ ألمانيّ / أمريكيّ. يُعتبر أحد أشهر علماء البيولوجيا في القرن العشرين. اختصّ في علم التصنيف وعلم الطيور وتاريخ العلوم. ساهم في الثورة التطوّريّة التي ربطت بين الاصطناع التطوّريّ الحديث مع نظام علم الوراثة الذي اكتشفه غريغور مندل مع نظريّة التطوّر الداروينيّة وطوّر مفهوم النوع. (المعرّب).
[8]- انظر: ماير، إرنست، تكامل چيست (ما هو التطوّر)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: سلامت رنجبر، ص 439، نشر فروغ ألمان و خاوران فرانسه، طهران، 1391 هـ ش.
[9]- مارك ريدلي (1956 ـ ؟ م): عالم أحياء (مختصّ بعلم الحيوانات)، وأستاذ جامعيّ بريطانيّ، تعلم على يد ريتشارد دوكينز. (المعرّب).
[10]- See: Ridley, Mark, 2004, Evolution, Blackwell Scientific Publishing, Malden MA. P. 4.
[11]- انظر: ماير، إرنست، تكامل چيست (ما هو التطوّر)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: سلامت رنجبر، ص 12، 1391 هـ ش.
[12]- انظر: داروين، تشارلز، منشأ أنواع (أصل الأنواع)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: نور الدين فرهيخته، ص 177، دار نشر: أهل قلم، طهران، 1380 هـ ش.
[13]- انظر: المصدر أعلاه.
[14]- random variation.
[15]- natural selection.
[16]- See: Myre, Ernst, 2002, What Evolution Is, London, Phoenix. P. 92 – 93.
[17]- انظر: داروين، تشارلز، منشأ أنواع (أصل الأنواع)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: نور الدين فرهيخته، ص 30، 1380 هـ ش.
[18]- المصدر أعلاه.
[19]- هربرت سبنسر (1820 ـ 1903 م): فيلسوف بريطانيّ. قدّم في كتابه (الرجل ضدّ الدولة) رؤية فلسفيّة متطرّفة في ليبراليّتها. وكان هو من أوجد مصطلح (البقاء للأصلح) رغم أنّه يُنسب عادة إلى (دارون). وقد ساهم سبنسر في ترسيخ مفهوم الارتقاء، وأعطى له أبعادًا اجتماعيّة فيما عُرف لاحقًا بالداروينيّة الاجتماعيّة. وهكذا يُعدّ سبنسر واحدًا من مؤسّسي علم الاجتماع الحديث، واعتبر الأب الثاني لعلم الاجتماع بعد أوجست كونت الفرنسيّ. (المعرّب).
[20]- Survival of the fittest.
[21] داروين، تشارلز، منشأ أنواع (أصل الأنواع)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: نور الدين فرهيخته، ص 201، 1380 هـ ش.
[22]- Primate.
[23]- See: Myre, Ernst, 2002, What Evolution Is, London, Phoenix. P. 6 & 238.
[24]- الليمور أو الهبّار أو الهوبر (lemur): حيوان ذو خطم مستدق وذيل طويل هو فرع من الهباريّات المنتمية إلى رتبة الرئيسات، يستوطن جزيرة مدغشقر. (المعرّب).
[25]- اللورس (loris): حيوان من الرئيسات الدنيا. يتكاثر في جنوب شرق آسيا. (المعرّب).
[26]- التّرسير (tarsier): قرد صغير بحجم الفأر يقطن الأشجار ويكثر في أندنوسيا وماليزيا. (المعرّب).
[27]- See: Myre, Ernst, 2002, What Evolution Is, London, Phoenix. P. 258.
[28]- توماس هنري هكسلي (1825 ـ 1895 م): عالم بيولوجي إنجليزيّ، من أشدّ المتحمّسين لنظريّة التطوّر لتشارلز دارون. (المعرّب).
[29]- إرنست هاينريتش هيكل (1834 ـ 1919 م): عالم بيولوجي ألمانيّ، كان من أكبر أنصار الداروينيّة في عصره. (المعرّب)
[30]- See: Myre, Ernst, 2002, What Evolution Is, London, Phoenix. P. 95.
[31]- See: Ibid, P. 95.
[32]- إيان باربور (1923 ـ 2013 م): فيزيائيّ وأستاذ جامعي ّأمريكيّ. أمضى دراسته في حقل الفيزياء في بريطانيا، ثم واصلها في الولايات المتحدة الأميركيّة، حتى نال شهادة الدكتوراه في الفيزياء سنة 1950م. ثم قاده شغفه بعلم اللاهوت إلى جامعة ييل ليحصل هناك على شهادة في علم اللاهوت سنة 1956 م، ليشتغل بعدها بالتدريس والتحقيق في جامعة كارلتون. توفي سنة 2013 م بالجلطة الدماغيّة عن عمر ناهز التسعين عامًا، تاركًا وراءه تراثًا كبيرًا للمجتمع العلميّ والدينيّ. (المعرّب).
[33]- باربور، إيان، دين و علم (الدين والعلم)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: پيروز فطورچي، ص 495، پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي، طهران، 1392 هـ ش.
[34]- انظر: المصدر أعلاه، ص 480.
[35]- ريتشارد ليوونتين (1929 ـ 2021 م): عالم أحياء تطوّريّ أمريكيّ، وعالم رياضيات وعالم وراثة. كان رائدًا في تطبيق التقنيات من البيولوجيا الجزيئيّة إلى مسائل التباين الوراثيّ والتطوّر. (المعرّب).
[36]- See: Lewontin, R. C., 1983, Introduction, Scientists Confront Creationism Ed. Godfrey, New York, Norton & Company. P. XXVI.
[37]- ثيوديوسيوس دوبجانسكي (1900 ـ 1975 م): عالم وراثة وعالم أحياء تطوّريّ روسيّ، وشخصيّة رئيسة في مجال علم الأحياء التطوّريّ لمساهماته في تشكيل الاصطناع التطوّريّ الحديث. (المعرّب).
[38]- See: Dobzhansky, J., 1967, “Science”, Changing Man, V. 155, N. 3761, p. 409.
[39]- دانيال دينيّت (1942 ـ ؟ م): فيلسوف وكاتب وعالم إدراكيّ أمريكيّ. اهتمّ بالبحث في فلسفة العقل وفلسفة العلوم وفلسفة علم الأحياء، ولا سيّما كيفيّة ارتباط هذه التخصّصات بعلم الأحياء التطوّريّ والعلوم الإدراكية. يُشار إليه كواحد من (فرسان الإلحاد الجديد الأربعة)، والثلاثة الآخرون هم: (ريتشارد دوكينز)، و(سام هاريس)، و(كريستوفر هيتشنز). من أعماله: (غرفة الكوع)، و(العقل وأنا)، و(أنواع العقول). (المعرّب).
[40]- See: Dennett, D. C., 1996, Darwin’s dangerous idea, London, Penguin Books. P. 206 – 208.
[41]- See: Ibid, P. 370.
[42]- See: Ibid, P. 383.
[43]- See: Dennett, D. C., 2003, Freedom Evolves, New York, Penguin Putnam Inc. P. 2.
[44]- See: Ibid, P. 3.
[45]- انظر: مورفي، نانسي، چيستي سرشت انسان (ماهيّة طبيعة الإنسان)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: علي شهبازي، ص 70، دانشگاه اديان و مذاهب، قم، 1391 هـ ش.
[46]- انظر: صدر المتألّهين الشيرازي، محمد بن إبراهيم، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، ج 8، ص 6، وص 16 ـ 17، دار إحياء التراث، بيروت، 1981 م.
[47]- انظر: المصدر أعلاه، ج 8، ص 326، 1981 م.
[48]- انظر: صدر المتألّهين الشيرازي، محمد بن إبراهيم، الشواهد الربوبيّة، ص 64 ـ 66، بنياد حكمت صدرا، طهران، 1382 هـ ش؛ صدر المتألّهين الشيرازيّ، محمّد بن إبراهيم، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، ج 8، ص 385 ـ 390، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، 1981 م.
[49]- انظر: صدر المتألّهين الشيرازي، محمّد بن إبراهيم، الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة، ج 5، ص 334 ـ 335، 1981 م.
[50]- انظر: المصدر أعلاه، ج 8، ص 38، وص 148، وص 326 ـ 329، 1981 م.
[51]- See: Dennett, D. C., 2003, Freedom Evolves, New York, Penguin Putnam Inc. P. 1 – 2;
فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيّتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، ص 240، وزارت امور خارجه، طهران، 1390 هـ ش؛ ديويس، مريل وين، داروين و بنيادگرائي مسيحي (دارون والأصوليّة المسيحيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: شعلة آذر، ص 50، دار نشر چشمه، طهران، 1385 هـ ش.
[52]- انظر: كشفي، عبد الرسول، «بررسي نظريه اين همان ذهن و مغز («بحث نظريّة التماهي بين الذهن والمخّ»)، مجلة: فلسفه دين، العدد: 5، ص 19 ـ 40، 1389 هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[53]- انظر: خاتمي، محمود، آشنائي مقدماتي با فلسفه ذهن (مقدمة تمهيديّة للتعرّف على فلسفة الذهن)، ص 16، دار نشر جهاد دانشگاهي، طهران، 1381 هـ ش؛ نبويان، سيد أبا ذر؛ و كرد فيروزجائي، يار علي، «بررسي انتقادي نظريه اين هماني ذهن و بدن در فلسفه ذهن» («قراءة نقديّة في نظريّة التماهي بين الذهن والجسم في فلسفة الذهن»)، مجلة: معرفت فلسفي، العدد: 40، ص 95 ـ 111، 1392 هـ ش. (مصدران فارسيان).
[54]- انظر: چرچلند، پاول، ماده و آگاهي، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: أمير غلامي، ص 52، نشر مركز، طهران، 1386 هـ ش.
[55]- انظر: جوديث، هوبر؛ و ترسي، ديك، جهان شگفت انگيز مغز (عالم المخّ العجيب)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: إبراهيم يزدي، ص 8، دار نشر قلم، طهران، 1372 هـ ش.
[56]- انظر على سبيل المثال: معظمي، داوود، مقدمات نور و سايكولوژي (مقدّمات الضوء والسايكولوجيا)، ص 341 ـ 343، دار نشر سمت، طهران، 1385 هـ ش. (مصدر فارسي).
[57]- انظر: نبويان، سيد أبا ذر؛ و كرد فيروزجائي، يار علي، «بررسي انتقادي نظريه اين هماني ذهن و بدن در فلسفه ذهن» («قراءة نقدية في نظريّة التماهي بين الذهن والجسم في فلسفة الذهن»)، مجلّة: معرفت فلسفيّ، العدد: 40، ص 95 ـ 111، 1392 هـ ش. (مصدر فارسي).
[58]- المؤمنون (23): 18.
[59]- الفرقان (25): 48. وانظر أيضًا: الأعراف (7): 57.
[60]- الشيخ الكلينيّ، محمّد بن يعقوب، الكافي، تصحيح: علي أكبر غفاري ومحمّد آخوندي، ص 542، دار الكتب الإسلاميّة، طهران، 1407 هـ؛ الحرّ العامليّ، محمّد بن حسن، وسائل الشيعة، ص 308، مؤسّسة آل البيت (عليهم السلام)، قم، 1409 هـ.
[61]- انظر: مصباح اليزدي، محمّد تقي، آموزش فلسفه (دروس في الفلسفة)، ج 2، الدروس: 40، و64، و68، مؤسسه آموزشي وپژوهشي إمام خميني (قدّس سرّه)، قم. (مصدر فارسيّ).
[62]- انظر: فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، ص 222، 1390 هـ ش.
[63]- See: Darwin, Charles, 1889, The Descent of Man and Selection in Relation to Sex, New York, Appleton and Company. P. 6 & 121.
[64]- انظر: باربور، إيان، دين و علم (الدين والعلم)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: پيروز فطورچي، ص 146، 1392 هـ ش.
[65]- إيفان بتروفيتش بافلوف (1849 ـ 1936 م): عالم وظائف أعضاء روسيّ. حاز على جائزة نوبل في الطب لأبحاثه المتعلّقة بالجهاز الهضميّ. من أشهر أعماله نظريّة الاستجابة الشرطيّة أو المنعكس الشرطيّ. من مؤلّفاته: (عشرون عامًّا من الدراسة الموضوعيّة للنشاط العصبيّ الأعلى عند الحيوان). (المعرّب).
[66]- جيمس واتسون (1928 ـ ؟ م): عالم أحياء جزئيّة وعالم وراثة وعالم حيوان أمريكيّ. حائز على جائزة نوبل في الفسيولوجيا والطبّ؛ لاكتشافاته فيما يخصّ البنية الجزيئيّة للأحماض النوويّة وأهمّيّتها في نقل المعلومات في المادّة الحيّة. (المعرّب).
[67]- بورهوس فريدريك سكينر (1904 ـ 1990 م): أخصائيّ في علم النفس وسلوكيّ ومؤلّف ومخترع وفيلسوف اجتماعيّ أمريكيّ. كان الأخصائيّ الأكثر تأثيرًا في علم النفس في القرن العشرين. ابتكر غرفة الإشراط الاستثنائيّ، وابتكر فلسفته الخاصّة في العلم التي تسمّى السلوك المتطرّف، وأسّس مدرسته في البحث التجريبيّ في علم النفس وهي مدرسة التحليل التجريبيّ للسلوك. وكان غزير الإنتاج؛ إذ صدر له ما يزيد على العشرين كتابًا، ومئة وثمانون مقالة. (المعرّب).
[68]- انظر: جوكار، رضا، و إيزدي، منيرة، «تبيين نظريه شرطي شدن در تبليغات فرهنگي و تجاري» («بيان نظريّة المنعكس الشرطيّ في الدعايات الثقافيّة والتجاريّة»)، مجلّة: جيدمان، العدد: 8، ص 89 ـ 108، السنة الثالثة، 1393 هـ ش؛ گي، آر، لفرانسوا، نظريه هاي يادگيري انسان (نظريات تعلم الإنسان)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: يحيى سيد محمدي، ص 39، دار نشر روان، طهران، 1389 هـ ش.
Lutz, John, 1994, An Introduction to Learning and Memory, California, Cole Publishing Company. P. 31 – 35.
[69]- David Hull.
[70]- نقلًا عن: فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيّتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، ص 200، 1390 هـ ش.
[71]- انظر: المصدر أعلاه، ص 200 ـ 201، 1390 هـ ش.
[72]- انظر: المصدر أعلاه، ص 201، 1390 هـ ش.
[73]- See: Rosenberg, Alexander, 2000, Darwinism in philosophy, Social science and policy, Cambridge UK, Cambridge University Press. P. 121.
[74]- See: Ruse, Michael & Joseph Travis, 1987, “Biological Species, Natural Kinds, Individuals, or What?”, The British Journal for the Philosophy of Science, V. 38, P. 225- 242.
[75]- See: Dennett, Daniel C, 2017, From Bacteria to Bach and Back The Evolution of Minds, Norton & Company, New York. P. 197 – 198.
[76]- See: Ibid, P. 198.
[77]- انظر: فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيّتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، ص 225، 1390 هـ ش.
[78]- See: Dennett, Daniel C, 2017, From Bacteria to Bach and Back The Evolution of Minds, Norton & Company, New York. P. 316.
[79]- أفرام نعوم تشومسكي (1928 ـ ؟ م): فيلسوف وعالم لسانيّات أمريكيّ معاصر، بالإضافة إلى كونه عالمًا إدراكيًّا، وهو عالم بالمنطق ومؤرّخ وناقد وناشط ومنظّر سياسيّ. كتب عن الحروب والسياسة ووسائل الإعلام، وألّف أكثر من 100 كتاب. وتمّ التصويت له بوصفه واحدًا من أبرز مثقّفي العالم في استطلاع الرأي عام 2005 م. (المعرّب).
[80]- See: Dennett, Daniel C, 2017, From Bacteria to Bach and Back the Evolution of Minds, Norton & Company, New York. P. 320.
[81]- انظر: العلّامة الطباطبائيّ، السيد محّمد حسين، نهاية الحكمة، ص 91، جامعة المدرّسين، قم، 1402 هـ.
[82]- انظر: ابن سينا، حسين بن عبد الله، الشفاء (المنطق)، ص 258 ـ 259، مكتبة آية الله المرعشي النجفيّ، قم، 1404 هـ.
[83]- انظر: المصدر أعلاه.
[84]- انظر: العلّامة الحلّيّ، حسن بن يوسف، القواعد الجليّة في شرح الرسالة الشمسيّة، ص 289 ـ 291، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، قم، 1412 هـ
[85]- See: Mondad, Jacques, 1971, Chance and Necessity an Essay on the Natural Philosophy of Modern Biology, New York, Knopfer. P. 180.
[86]- See: Provine, B., 1988, “Scientists face it! Science and Religion are Incompatible”, the scientist, N. 2. P. 10.
[87]- See: Darwin, Charles, 1889, The Descent of Man and Selection in Relation to Sex, New York, Appleton and Company. P. 133 – 134.
[88]- فريدريك فيلهيلم نيتشه (1844 ـ 1900 م): فيلسوف ألمانيّ وناقد ثقافيّ وشاعر وملحّن ولغويّ وباحث في اللاتينيّة واليونانيّة. كان لأعماله تأثير عميق على الفلسفة الغربيّة وتاريخ الفكر الحديث. بعمر الرابعة والعشرين أصبح أستاذ كرسيّ اللغة في جامعة بازل حتى استقال في عام 1869 م بسبب المشاكل الصحّيّة التي ابتلي بها معظم حياته، وأكمل العقد التالي من عمره في تأليف أهمّ كتبه. وفي السن الرابع والأربعين عانى من انهيار وفقدان لكامل قواه العقليّة. من أعماله: (الإرادة الحرّة والقدر)، و(هل يستطيع الحسود أن يكون سعيدًا حقًّا)، و(مولد التراجيديا)، و(ما وراء الخير والشر)، و(أفول الأصنام)، و(إنسان مفرط في إنسانيّته) (المعرّب).
[89]- See: Dennett, D. C., 1996, Darwin’s dangerous idea, London, Penguin Books. P. 181 – 183.
[90]- انظر: نيتشه، فريدريك، اراده قدرت (إرادة السلطة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: مهدي قوام صفري، ص 734، و864، و871 ـ 874، دار نشر جامي، طهران، 1377 هـ ش.
[91]- انظر: نيتشه، فريدريك، تبار شناسي اخلاق (معرفة أصل الأخلاق)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: داريوش عاشوري، ص 369، دار نشر آگاه، طهران، 1377 هـ ش.
[92]- See: Dennett, D. C., 1996, Darwin’s dangerous idea, London, Penguin Books. P. 62.
[93]- See: Ibid, P. 138.
[94]- See: Ibid, P. 182.
[95]- انظر: نيتشه، فريدريك، تبار شناسي اخلاق (أصل معرفة الأخلاق)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: داريوش عاشوري، البحث الثاني، المقطع الحادي عشر، طهران، 1377 هـ ش.
[96]- ريتشارد دوكينز (1941 ـ ؟ م): عالم سلوك حيوان وعالم أحياء تطوّريّ بريطانيّ وكاتب ملحد. ظهرت شهرته بعد صدور كتابه (الجين الأنانيّ). أسّس عام 2006 للميلاد مؤسّسة ريتشارد دوكينز للعلوم والمنطق. عُرف بكونه ملحدًا ومنتقدًا للخلقيّة والتصميم الذكيّ. في كتابه (صانع الساعات الأعمى) يصف العمليّات التطوّريّة بأنها صانع ساعات أعمى في التكاثر والتحوّر والاختيار باعتبارها عمليّات غير موجّهة من أيّ مصمّم. ويدعي في كتابه (وهم الإله) أنّ فكرة الخالق الخارق لا وجود لها وأنّ الإيمان الدينيّ وهم. (المعرّب).
[97]- See: Dawkins, Richard, 2006, The Blind Watchmaker, New York, Norton & Company. P. i.
[98]- See: Ibid. P. xiv.
[99]- جورج جايلورد سيمبسون (1902 ـ 1984 م): عالم حفريّات أمريكيّ. يُعدّ من أكثر علماء الحفريّات تأثيرًا في القرن العشرين، وأحد المشاركين الرئيسيّين في الاصطناع التطوّريّ الحديث، وكان خبيرًا في الثديّيات المنقرضة وهجرتها للقارّات. (المعرّب).
[100]- See: Simpson, George Gaylord, 1967, The Meaning of Evolution, A Study of the History of Life and of Its Significance for Man, Yale University Press. P. 345.
[101]- See: Ibid.
[102]- مايكل روس (1940 ـ ؟ م): فيلسوف علميّ كنديّ. متخصّص في فلسفة البيولوجيا، وهو معروف بأعمالة التخصّصيّة في العلاقة بين العلم والدين والجدل الخلقيّ التطوّريّ ومشكلة ترسيم الحدود في مجال العلوم. (المعرّب).
[103]- ديفد ليفينغستون (1813 ـ 1873 م): مستكشف اسكتلندي لوسط أفريقيا، ومن أشهر المبشّرين المسيحيّين في أفريقيا. دعم عمله التبشيريّ عن طريق تأليف الكتب حول سفراته. كان متديّنًا جدًا، ولم تعجبه طريقة معاملة المستعمرين الأوروبيّين للشعوب الأفريقيّة. توفي في أفريقيا، وقد تمّ إرجاع معظم جسده إلى إنجلترا، ولكن أصدقاءه دفنوا قلبه في أفريقيا. (المعرّب).
[104]- محمّد إقبال اللاهوري (1877 ـ 1938 م): فيلسوف إنسانيّ وشاعر باكستانيّ مسلم. ينتمي إلى أسرة من أصول برهميّة اعتنقت الإسلام قبل ولادته. أتقن اللغة العربيّة والفارسيّة بالإضافة إلى لغته الأرديّة. حائز على درجة الدكتوراه من جامعه ميونخ في ألمانيا. أسّس بعد عودته إلى وطنه حزب العصبة الإسلاميّة في الهند. نادى بضرورة انفصال المسلمين عن الهندوس وتأسيس دولة إسلاميّة اقترح لها اسم باكستان. (المعرّب).
[105]- الإنسان الحاذق أو الإنسان الماهر أو هومو هابيلس (Homo habilis): من أنواع البشر (كجنس) منقرض، عاش في مناطق شرق القارّة الأفريقية ما قبل مليون إلى أربعة ملايين سنة خلت (خلال الفترة ما بين العصر الجيلاسيّ والعصر البليستوسينيّ)، وقد اكتشفت أولى أحافيره في شمال تنزانيا عام 1962 م. (المعرّب).
[106]- الإنسان المنتصب أو هومو إريكتوس (Homo erectus): يذهب العلماء إلى أنّه نوع من الإنسان الأوّل وأنه قد تطوّر من الإنسان العامل (Homo ergaster) قبل ما يزيد على المليون سنة. وكان يُعتقد أنّ هذا الإنسان قد بدأ بالانقراض عندما بدأت الأجناس الأخرى بالظهور، بيد أنّ بعض الدراسات والأحافير ـ وخصوصًا تلك التي تمّت على جزيرة جاوة الأندونيسيّة ـ أثبتت بأنّ هذا الإنسان عاش إلى ما يقارب الخمسين ألف سنة مضت، مما يعني أنّه عاصر الإنسان الحاليّ أو ما يُعرف باسم الإنسان العاقل. (المعرّب).
[107]- See: Ruse, Michael & Joseph Travis, 2009, Еvоlution, The First Four Billion Yeаrs, London, Еnglan, The Belknap Press of Harvard University Press.  P. 361.
[108]- Random Variation.
[109]- Natural selection.
[110]- See: Dennett, Daniel C, 2017, From Bacteria to Bach and Back the Evolution of Minds, Norton & Company, New York. P. 57.
[111]- See: Mayer, Enrst, 1972, “The Nature of the Darwinian Revolution”, Science, N. 176, P. 988.
[112]- يوشيهيرو فرانسيس فوكوياما (1952 ـ ؟ م): عالم وفيلسوف واقتصاديّ وسياسيّ أمريكيّ من أصل يابانيّ. اشتهر بكتابه (نهاية التاريخ والإنسان الأخير)، والذي جادل فيه بأنّ انتشار الديمقراطيّات الليبراليّة والرأسماليّة والسوق الحرّة في أنحاء العالم قد يشير إلى نقطة النهاية للتطوّر الاجتماعيّ والثقافيّ والسياسيّ للإنسان. (المعرّب).
[113]- انظر: فوكوياما، فرانسيس، آينده فرا إنساني ما: پيامدهاي انقلاب بيوتكنولوژي» (مستقبل ما بعد إنسانيتنا: تداعيات الثورة البيوتكنولوجيّة)، ترجمته إلى اللغة الفارسيّة: ترانه قطب، ص 226، وزارت امور خارجه، طهران، 1390 هـ ش.
[114]- هنري موريس (1918 ـ 2006 م): مدافع لاهوتيّ أمريكيّ من أنصار خلقيّة الأرض الفتيّة. وكان واحدًا من مؤسّسي جمعيّة أبحاث الخلق. يعتبره العديد من المراقبين أبًا لعلم الخلق الحديث. (المعرّب).
[115]- See: Morris, M, 1989, the long war against God, Baker Bo, Michigan, Baker Book House. P. 100.
[116]- السجدة (32): 7.
[117]- طه (20): 50.
[118]- الأنبياء (21): 16.
[119]- يس (36): 38.
[120]- انظر: دهقان پور، علي رضا، «قرآن خلقت انسان و فرگشت» («القرآن الخلق الإنسان ونظريّة التطوّر»)، مجلة: كلام اسلامي، العدد: 94، ص 9 ـ 34، 1394 هـ ش. وللاطلاع على بحث خلق الإنسان، انظر: مصباح اليزدي، محمد تقي، انسان شناسي در قرآن (الإنسان في القرآن)، مؤسسه آموزشي امام خميني، قم، 1390 هـ ش. (مصدران فارسيّان).
[121]- نقلًا عن:
Darwin, Francis, 2010, Life and letters of Charles Darwin, London, Cambridge University Press. P. 306,
ملاحظة: لم أجد في هذه العبارة المنقولة عن دارون ما يخدش في برهان النظم، وإنّما هو ينفي أنّ يكون قد توصّل إلى نتيجة قطعيّة بشأنها، ومن الواضح أنّ مجرّد عدم التوصّل إلى حكم قطعيّ بشأن دليل أو برهان ما، لا يعني الخدش فيه كما هو واضح. (المعرّب).
[122]- See: Barbour Jan G., 1997, Religion and Science, Historical and Contemporary Issues, New York, Harper Collins Publishers.. P. 59.
كابلستون، فردريك، تاريخ فلسفه غرب (تاريخ فلسفة الغرب)، ترجمه إلى الفارسية: السيد جلال الدين مجتبوي، ص 121، دار نشر علمي و فرهنگي، طهران، 1362 هـ ش.