البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

نظرة تاريخيّة نقديّة للحملات الصليبيّة الرئيسة

الباحث :  ناديا محمّد زهير الغزولي
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  32
السنة :  خريف 2023م / 1445هـ
تاريخ إضافة البحث :  January / 25 / 2024
عدد زيارات البحث :  1181
تحميل  ( 600.789 KB )
الملخص
تمتدّ الحملات الصليبيّة الرئيسة المتوجّهة إلى بلاد الشام ما بين عامي 1095-1291م. والقاسم المشترك بينها جميعاً عنوان ظلم الآخر والاعتداء عليه وسلبه حقوقه الطبيعية، ولهذا نجد في كلّ حملة أنَّ السبيل الوحيد المتّبع لاستمرار تواجد الصليبيين في البلاد والمدن ارتكاب المجازر الجماعيّة بحقّ أهلها الأصليين، وإضرام النيران في المدن للحصول على الأسلاب، ثمّ القيام بسلسلة مِن الغارات السريعة على الأراضي المجاورة لهذه المدن بهدف الحصول على المؤن ومِن ثَمَّ تخريبها. لذلك أخذ البحث بعين الاعتبار تبدّل طابع الفكرة الصليبيّة واتّساع رقعة حروبها، وممارساتها غير الإنسانيّة التي أعطتها طابع التعصّب والعنف.

ومن الواضح أنّ هذه الحروب والحملات تمثّل روح العالم الغربيّ الوسيط والأفكار السائدة فيه في الدين والحرب؛ الأولى مثّلتها قوّة الكنيسة المسيطرة في تلك القرون، والثانية مثّلها النظام الإقطاعيّ.

وإنَّ النظرة التقّليديّة لأسباب قيام الحرب الصليبيّة جعلت السبب الديني هو الأساس في قيامها، فهو حجّ مسلّح، هدفه تحرير القبر المقدّس في كنيسة القيامة، ومع أنه لا يمكن إنكار العامل الدينيّ، القائم على استغلال الدين والتعصّب المقيت، ولكن هذا لا يخفي الأسباب الأخرى لهذه الحروب، كالمصالح والأطماع الاقتصادية، والسياسية. أمّا سياسيًّا، فقد وجدت البابويّة فيها وسيلة ناجحة لتوجيه الغرب نحو وجهة واحدة، حيث تمكّنت مِن خلالها مِن تحقيق سياسة واحدة مهيمنة على مقدّرات القوى السياسيّة، والواقع أنَّ الحرب هي الغرض الأساسي الذي قامت لأجله الحملات الصليبيّة، فالحرب كانت أساس الحياة في الإمارات التي أقيمت في الشرق العربي. ومِن أجل هذه الحرب ارتكب الصليبيّون العديد مِن الجرائم الدمويّة. إنَّهم همج أتوا لتدمير حضارة الشرق التي احتاجت لقرنين مِن الزمان لتتمكّن مِن التأثير على طباع هؤلاء المحاربين فتهذّبها إنسانيًّا وأخلاقيًّا.

كلمات مفتاحية: الحملات الصليبية، البابوية، الحج المسلّح، بلاد الشام، الشرق.

مقدّمة
رغم اتّفاق الحرب الصليبيّة مع غيرها مِن الحروب إلّا أنَّها تختلف في طبيعتها وخصائصها، فلها مقوّماتها والأسس التي ترتكز عليها، ويمكن تحديد المقصود بالحركة الصليبيّة[2] وفقًا لوجهة النظر التي انطلقت لدراستها.

فعدَّ بعض المؤرّخين هذه المصادمات العسكريّة أنَّها الصراع التقليديّ القديم بين الشرق والغرب رُبط بالعامل الحضاريّ، فهو صراع بين حضارتين مختلفتين وعقليّتين متباينتين، بدأت مِن خلاله أوروبا مزاحمة السيطرة العربيّة المتفوّقة في البحر المتوسّط، أو أنَّها انطلاقة كبرى نتجت عن عمليّة الإحياء الديني، وحركة الإصلاح الكلونيّة التي ترتّب عليها عودة البابويّة إلى سطوتها القديمة السابقة، وتحقيق نوع مِن الإشراف المركزيّ على الكنائس كافّة، فكانت الدعوة للحجّ عام 1095م استمرارًا لحركة الحجّ الجماعيّ إلى بيت المقدس مع تطوّر في الأسلوب؛ إذ أصبح الحجّ حربيًّا بعد أنْ كان سلميًّا، فهي بهذا التصوّر حدّدت طبيعة العلاقة بين الشرق والغرب في تلك العصور وفقًا للسياسة الخارجيّة للبابويّة[3]، على اعتبار الدور البارز الذي قامت به مِن الإعلان عنها والإشراف عليها. إذًا هي جدال العالم[4]، فهي تمثّل حربًا عالميّة في تلك المرحلة، تمهيدًا لتطوّر فكرة الاحتلال الأوروبيّ في العصر الحديث[5].

وجعل فريق مِن المؤرّخين الحركة الصليبيّة وسيلة تحايل بها الغرب للخروج مِن أوضاع العصور الوسطى، وللانطلاق إلى حياة أوسع، فقد حقّقت هذه الحروب أمنيات الناس في الوصول إلى حياة أفضل حتّى كانت تؤيّدها الكنيسة والبابويّة[6]، فقد كانت ترى فيها وسيلة ناجحة مِن أجل توجيه الغرب الأوروبيّ مِن خلال هيمنتها على المقدّرات السياسيّة[7]. ورغم تبدّل الفكرة الصليبيّة على مدار قرنين مِن الزمان، وظهور هذا التبدّل والتطوّر فيها عبر الحملات الصليبيّة الرئيسة، إلّا أنَّ الممارسات واحدة، فكان العنف صفة مميّزة للمرحلة، تحوّل فيها سفك الدماء إلى ما يشبه الجنون العام والصفة الغالبة، وهذا إن دّل على شيء فهو دليل العجز وليس القوّة[8].

أوّلًا: الحملة الأولى
1. الفكرة
ظهرت في الحروب الصليبيّة رؤية كلّ فريق «للآخر» وتبلورت نتيجة التلاحم العسكريّ والاحتكاك الحضاريّ بشتّى جوانبه، وتُعدّ الحملة الصليبيّة الأولى الفصل الأساس في تاريخ هذه الحركة، ففيها تبلورت الفكرة الصليبيّة نفسها، وحقّقت نجاحًا منقطع النظير، وترتّب عليها الكثير مِن الآثار الخطيرة[9]، تتعلّق بالأسس والممارسات التي اتّبعها الصليبيّون في هذه الحملة وجعلتها الحملات اللاحقة قواعد وقوانين سارت عليها ظنًا منها أنَّها الأسلوب الواجب تنفيذه لتحقيق نتائج الحملة الأولى نفسها، سواء لديهم أكانت هذه الممارسات منطقيّة أو لاإنسانيّة.

وإذا عدّ عام 489ه[10]/1095م عامًا لبداية الحروب الصليبيّة، فإنَّه لا يمكن الأخذ بهذا التحديد الزمنيّ الجاف؛ لأنَّ روح هذه الحركة وصفاتها كانت موجودة في الغرب قبل ذلك بعشرات السنوات، ولم يكن ينقصها سوى أنْ تصطبغ بالصبغة الرسميّة، وأنْ يوجد مَنْ يعلن مولدها، وهذا ما فعله البابا أوربان الثاني (481-493هـ/ 1088-1099م) عندما بشَّر بتلك الحركة في مجمع كليرمونت، الذي دعا فيه إلى حمل الصليب للاستيلاء على فلسطين وتأسيس ممالك لاتينيّة فيها[11]، وتلبيةً لنجدة الأباطرة البيزنطيين بعد خسارة معركة ملازكرد عام 1071م[12]، فكان كتاب الإمبراطور البيزنطي ألكسيوس إلى البابا أوربان مفتاح العمل الذي أدّى إلى الحملة الأولى[13].
اللافت للنظر هو ما طرأ مِن تطوّر على الفكرة الصليبيّة نفسها، فإذا كانت انطلقت مِن البابويّة وتحت رعايتها في الحملة الأولى، فإنَّها في الحملة الثالثة أصبحت مِن اختصاص السلطة المدنيّة، حيث بدأت الحكومة تتولّى تنظيمها على أساس نظام الضرائب، وعلى أساس المفاوضات[14]. وهنا بدأت البابويّة تقف موقف المناوئ للحملات الصليبيّة، حيث تحوّلت قيادتها مِن يد الأمراء إلى يد الملوك، باستثناء الحملة السابعة؛ لأنَّ قائدها كان الملك لويس الذي يُعدّ قدّيسًا[15].
ونتيجة هذا التغيير ظهرت بوضوح المطامع الدنيويّة للحملات، إذ تحكّمت البواعث الاقتصاديّة والسياسيّة والشخصيّة بالحملات المنحرفة[16]، حيث آمن غرب أوروبا بأنَّ مصر يجب أنْ تكون الهدف الأوّل للحملات الكبرى التي تخرج إلى الشرق؛ لأنَّها مخزن الإمدادات وحجر الزاوية بالنسبة للمشروعات الصليبيّة[17]، وهذا ما حدث في الحملة الخامسة.
وقد أثّر تغيّب الدافع الدينيّ في تراجع الحركة الصليبيّة، يؤكّد ذلك تشكيك المفكّرين الأوروبيين في جدوى هذه الحرب، فيقول متّى الباريزي أنَّ بابا روما لم يكن يعنيه التبشير بحملة صليبيّة إلّا بالقدر الذي يخدم أطماعه ويحقّق مصالحه العلمانيّة، ويسخر الشاعر رتيف الفرنسي مِن رجال الدين الذين جعلوا مِن الحرب الصليبيّة وسيلةً لابتزاز الأموال وتحقيق أطماعهم في الشرق، وممّا ساهم في نبذ فكرة الحرب المقدّسة تأقلم الفرنجة المقيمين في الشرق مع الحياة الشرقيّة وخلافهم مع القادمين الجدد الراغبين في امتلاك الأراضي والإقطاعات[18].
والتطوّر الآخر والأكثر عمقًا لفكرة الحركة الصليبيّة تمثّل في إضفاء المظهر الدنيويّ والدبلوماسيّ للحملات، وقد ظهر ذلك جليًّا في الحملة السادسة؛ إذ تصرّف الملك فريدريك بروح ملك صقليّة لا بروح ملك بيت المقدس[19]؛ إذ عبّر فريدريك عن موقف الرجال الأحرار، فكان أقلّ خضوعًا للكنيسة التي كانت تبتعد شيئًا فشيئًا عن التعاليم المسيحيّة[20].

لتؤكّد الحملة الثامنة التطوّر الاقتصاديّ والفكري للفكرة الصليبيّة، فكانت أصدق تعبير عن الدوافع الاقتصاديّة والسياسيّة والتنصيريّة، فاختارت أنْ تكون وجهتها تونس.
أثّرت هذه التغييرات على جوهر فكرة الحروب الصليبيّة؛ إذ لم يرَ أنصار البابويّة مِن داع للقيام برحلة شاقّة إلى الشرق بعد الحملة الثامنة[21]، ترافق ذلك بولادة أفكار جديدة لدى الأطراف الأوروبيّة والطرف المملوكي أدّت إلى نوعٍ جديد مِن العلاقات الدوليّة الدبلوماسيّة التجاريّة، فوظّف المماليك سلسلة مِن التحالفات والمعاهدات مع مصدري التحدّي، المغول والقوى المسيحيّة، وفي مواجهتها في الوقت نفسه؛ وذلك مِن أجل إصابة هدفين: تحجيم الأثر السلبي لـمغول فارس، وتصفية بقايا الوجود الصليبي[22]. إلّا أنَّ الصراع السياسي والعقيدي بين الطرفين لم ينته، لكنَّه أفرز أدوات جديدة لإدارته[23]، لكنَّه أدّى في النهاية إلى انتهاء الصورة التقليديّة للحروب الصليبيّة.

2. الدوافع
مهما كان أصل فكرة الحركة الصليبيّة فهناك عوامل متعدّدة ومتشابكة ساهمت في قيامها، ويُعدّ الدافع الشخصيّ مِن أبرز هذه العوامل[24]، فالثابت تاريخيًّا أنَّ المسؤول الأوّل وصاحب الدور الرئيس في تحقيق الفكرة هو البابا أوربان الثاني[25]، حيث كان على علم بالأوضاع السائدة في العالم العربي ودولة الروم، فبذل جهده في سبيل الدعوة لعقد مؤتمر كليرمونت، وتوّج عمله بإعلان هذه الحركة عام 1095م، وحمل الجميع شارة الصليب[26]، وتولّى قيادة الحملة أحد رجال الكنيسة لي بويه، وهو دليل على خضوع الحملة لإشراف الكنيسة مباشرة. مِن هنا، وعلى هذه الأسس، نظر إليها المؤرّخون الغربيّون على أنَّها حروب دينيّة[27]، إضافة إلى أنَّ مخاطبة البابا الفرسان دون الملوك أثناء خطبته تعني صراحة إعلان الحرب على السلطة الزمنيّة في أوروبا[28]، وأنّه هو المسؤول عن هذه الحملات، وليس معنى هذا أنَّ التيّار الدينيّ هو المسؤول الوحيد عن إثارة هذه الحركة؛ لأنَّه بالنظر لتطوّر الفكرة الصليبيّة، نجد أنَّ الباعث الدينيّ كثيرًا ما ذاب وسط التيّارات السياسيّة والاقتصاديّة[29].
تواءمت دعوة أوربان الثاني مع طموحات رجال الدين والعلمانيين، ويرجع ذلك لظاهرة العنف التي شهدتها فرنسا في القرن العاشر الميلاديّ، فقد قامت فرنسا في الحروب الصليبيّة مقام الروح مِن الجسد، وغدا فرسانها نموذجًا لغيرهم مِن الفرسان الأوروبيين[30]، فالمجتمع الفرنسيّ كان ميالًا للعنف الذي أدّى إلى سيطرة مبدأ الرغبة في الحرب، فعندما توقّفت الإمبراطوريّة الكارولنجيّة عن التوسّع، تحوّل محاربوها للدفاع عن فرنسا، لكنَّ الجماعات المسلّحة المحليّة لم تتفكّك بل وجّهت نشاطها نحو مهاجمة المزارعين العاديين في المناطق المجاورة.

ويميل جوناثان ريلى –سميث إلى الاعتقاد بأنَّ رسالة أوربان التاريخيّة كانت تقليديّة، فهي لم تكن تختلف عن كثير مِن الرسائل التي قدّمها مصلحو الكنيسة في ذلك الحين[31]، لكنَّها طرحت أمام المجتمع الأوروبيّ هدفًا عامًا يمكن لكلّ قوّة مِن القوى الفاعلة في هذا المجتمع أنْ تعبّر عن نفسها مِن خلاله[32]، فكانت بيت المقدس الهدف الذي يسعى المؤمنون للوصول إليه، لذلك كانت استجابة العلمانيين إيجابيّة[33]. وقد رأى ملوك وأباطرة الطبقة الحاكمة في المشروع الصليبيّ دعمًا لنفوذهم السياسيّ داخليًا، ودعمًا لبلادهم خارجيًّا، ومجالًا خصبًا للتنافس الدولي وتحقيق المكاسب[34].
بينما كانت حماسة المدن التجاريّة الإيطاليّة لفكرة الحروب الصليبيّة مِن منطلق اقتصاديّ، لذلك لم يعرضوا مساعدتهم لهذه الحملات إلّا بعد نجاح الحملة الأولى وإقامة إمارات في بلاد الشام[35]، إذ رأت في ذلك فرصة ذهبيّة لتدعيم وجودها التجاريّ في عالم البحر المتوسّط، بتحويل مدنه الساحليّة أسواقًا تجاريّة حرّة[36]، والسيطرة على الطرق التجارة للسلع الشرقيّة، فامتلاك طريق مصر وبلاد الشام والشمال الإفريقيّ هو حجر الزاوية في هذه السياسة الاقتصاديّة، ولم يتمثّل دور هؤلاء التجّار في قيام الدويلات اللاتينيّة في الأرض المقدّسة بل امتدّ للحفاظ عليها أطول مدّة ممكنة، لذلك تضمّنت الامتيازات التي حصلوا عليها مِن حكّام مملكة بيت المقدس مزايا إقليميّة وماليّة وقضائيّة مقابل مدّ هذه الدويلات بالإمدادات والمؤن والحجّاج[37].
بينما كانت حماسة النورمان في إيطاليا بدافع مِن كراهيّتهم العميقة للإمبراطوريّة البيزنطيّة، فقد كانوا يرون بالحروب الصليبيّة أنَّها موجّهة ضدّ البيزنطيين أكثر منها حربًا ضدّ المسلمين، وبتشجيع مِن البابويّة[38].

وفسّر ستيفن رنسيمان النجاح الغريب الذي حظيت به الدعوة إلى الحروب الصليبيّة في ضوء الظروف الاجتماعيّة والاقتصاديّة السيّئة نتيجة الغزوات الجرمانيّة وما تلاها مِن مشكلات[39]، التي تمثّلت بازدياد معدّل النمو، حيث ازدادت الحاجة إلى التوسّع خارج أوروبا، فلم تكن مواردها تكفي حاجات السكّان، ما ساعد على تصاعد حدّة العداء ضدّ العرب الذين كانوا يفرضون وجودهم في كلّ الاتجاهات، يدعم ذلك المستوى الثقافيّ، ففي مجتمع يسوده الجهل وتفشّي الأمية تختلط المفاهيم الدينيّة بالخرافات، لا بدّ أنْ تكون الاستجابة لهذه الحرب قويّة بل هستيريّة، وهو ما حدث بالفعل، فيكتسب المشعوذون والمبشّرون مكانة هائلة في نفوس البسطاء، أمثال بطرس الناسك[40]، فقد كان بطرس وأمثاله تجسيدًا لحالة الهلع التي حكمت المجتمع الغربيّ آنذاك، وقد أثمرت جهود هؤلاء المبشِّرين الجوّالين في تكريس العداء ضدّ العرب، فكان أبناء الغرب يتحرّقون شوقًا للقضاء عليهم.
ساهم في دعم هذه الجهود العدائيّة مؤرّخو الحملة الصليبيّة الأولى، فتكشف الأوصاف التي أسبغوها على المسلمين عن مدى التعصّب الذي حكم أوروبا أثناء التحضير للحملة. واللافت للنظر أنَّ الشخصيّة الإسلاميّة التي صوّرتها كتابات هؤلاء المؤرّخين، ونصوص الخطبة التي أوردها أوربان، شخصيّة مثقلة بكلّ الشرور والخطايا والآثام، هذا التصوّر كتبه مؤرّخو الحملة قبل أنْ يروا فعلًا مسلمًا واحدًا، فاستخدموا كلّ صياغاتهم الكريهة لتحريض الكاثوليك[41]، وكان ذلك دافعًا قويًّا للممارسات اللاإنسانيّة التي قام بها منفّذو الحملة الأولى.

يضاف إلى ذلك كلّه أسباب لم تكن واضحة بين الناس في ذلك الوقت؛ لأنَّ مِن الخصائص العامّة في الخلافات التاريخيّة أنَّ أقوى الأسباب لا تكون أكثر ذيوعًا، وتتمثّل في الخلاف المذهبي بين الكنيسة البيزنطيّة والكنيسة الرومانيّة[42]. وقد أضاف المؤرّخون العرب إلى ذلك الباعث التنصيريّ، فقد أرادت البابويّة توحيد الكنيستين مِن جهة، وتحويل مسلمي الشرق إلى أنْ يكونوا مسيحيين تابعين للكنيسة الكاثوليكيّة في روما مِن جهة ثانية[43].

3. اللاإنسانيّة والهمجيّة خطا الحملة الأولى
قدّمت الحملة الأولى نموذجًا لمدى ما يمكن أنْ ينتج مِن استجابات في مجتمع جعل العنف شريعته وألبس الحرب ثوب الدين، فكانت خطّة الصليبيين في سيرهم نحو الشرق تقتضي الاستيلاء على الغنائم وحرق كلّ ما لم يستطع الجيش حمله، ويوحي مشهد الحملة الشعبيّة بتطوّراتها المختلفة بأنَّ روحًا مِن الجنون كانت تحلّق في سماء الغرب الأوروبيّ، ويؤكّد سلوك الصليبيين القادمين إلى الشرق وما قاموا به مِن غارات وحشيّة بربريّة وأعمال إرهابيّة ضدّ حتّى الشعوب المسيحيّة التي مرّوا بها[44]، أنَّ هؤلاء تحرّكوا بوحي بطونهم لا قلوبهم وعقولهم[45]. فيذكر ريمونداجيل تصرّفات القادمين مِن الغرب أثناء عبورهم بلاد اليونان بقوله: «جيش ريموند أثناء تدميره –كعادته- للقرى والمدن المحصّنة ...... وصلنا إلى روسا Roussa وهي مدينة نتج عن الاحتقار السافر الذي أبداه سكّانها تجاهنا، أنْ فقدنا صبرنا الذي عرفنا به، فحملنا السلاح، وهدمنا الأسوار الخارجيّة، وغنمنا غنائم كثيرة ...... وعندما هاجمتنا القوّات التابعة لألكسيوس .... ذبحنا بعضهم ...»[46].
فقد اعتبروا أنفسهم أصفياء الربّ؛ لأنَّهم الفقراء، ولكنَّ هذا لم يكن ليمنعهم مِن انتهاك الفكرة الدينيّة التي تحرّكوا في إطارها، وارتكاب أحطّ ضروب الجرائم، والكشف عن أبشع الشرور الماديّة والدنيويّة. كانت الحركة الصليبيّة متنفسًا لجماهير الفلّاحين وعامّة سكّان المدن ليطلقوا العنان لعواطفهم الهادرة العنيفة، وكانوا يرون في التصرّفات العنيفة وسيلة فعّالة للتنفيس عن القلق[47].
المجد والشهرة والمال هذا ما كانت تردّده القصص التاريخيّة عن الحملة الصليبيّة الأولى عقب صياغة قرار مجمع كليرمونت[48]. وللحصول على المال، فقد سيطرت على الصليبيين فكرة جمع

الغنائم، فالاستيلاء عليها كان منتهى آمالهم وتوقّعاتهم، حيث مارسوا عمليّات السلب والنهب في كلّ منطقة حلّوا بها، وجرّدوا كلّ مَنْ يقع في قبضتهم ما يملك، سواء أكان جيشًا منهزمًا أم مدينة أم قلعة، وشاعت مقولة «اليوم سنصبح كلّنا أغنياء بمشيئة الله»[49]، فيذكر متّى الرهّاوي ذلك بقوله: «كان النصر حليف الصليبيين، حيث أجبروا الأعداء على التقهقر .... حتّى أغرقوا البلاد ببحر مِن الدماء، وسيطروا على نيقية بقوّة السلاح وذبحوا كلّ الكفار..... سحقوهم مِن غير رحمة حتّى امتلأ السهل بالجثث»[50].
هكذا كانت سياسة الصليبيين بعد الاستيلاء على أيّ مدينة واحدة، فعندما دخلوا أنطاكية في 3 حزيران 1098م نهبوا بيوتها مِن المسيحيين والمسلمين على حدّ سواء، وحطموا كلّ ما صادفوه مِن النفائس والأسلحة، فما مِن أحد يستطيع أنْ يرتاد الشوارع دون أنْ تتعثّر قدماه بالجثث التي لم تلبث أنْ تعفّنت بتأثّر حرارة الصيف[51].
رسّخت الحملة الصليبيّة الأولى مجموعة معاملات شكّلت بمجموعها نظمًا أخلاقيّة اتّخذها الصليبيّون في الحملات اللاحقة، قاعدة طبّقوها خلال خطّ سيرهم إلى الشرق، فرسّخت الحملة الأولى فكرة أنَّ للحصول على المؤن لا بدّ مِن الغارات على الأراضي العربيّة، فبعد الاستيلاء على أنطاكية هاجموا عزاز الواقعة على الطريق الرئيس المؤدّي مِن الرها وتلّ باشر إلى أنطاكية[52].

أمّا القاعدة الثانية: الغارات على المناطق الريفيّة للحصول على الأملاك، فبعد استقرار الجيش الصليبي في أنطاكية واحتلالها، انطلق الطمع والجشع المكبوتان، فأخذ القادة والرؤساء يغيرون على المناطق الريفيّة المجاورة لأنطاكية، ولمّا كانت المقاومة المحليّة ضعيفة، فإنَّ القرى والمدن والقلاع لم تلبث أنْ خضعت للصليبيين[53].
بينما يمثّل اللجوء إلى الخدعة وإعطاء الوعود الكاذبة لأهل المدن كي يتمكّنوا مِن دخولها والسيطرة عليها القاعدة الثالثة التي طبّقها الصليبيّون في حملاتهم كافّة، فعندما استسلم سكّان البارة الواقعة إلى الجنوب الشرقي مِن أنطاكية، تعرّض سكّانها للموت قتلًا وجرى بيع الباقي رقيقًا في أنطاكية، وكما فعل بوهمند مع مدينة معرّة النعمان، فأعلن مناد أنَّه إذا استسلمت المدينة فسوف يبقى على حياة كلّ المدافعين عنها، لكنْ عند استأنف القتال في اليوم التالي لم يبقَ منهم أحد على قيد الحياة، فقد اقتحم الصليبيّون الدور ونهبوها وأحرقوها، ولقي الرجال مصرعهم بينما بيع الأطفال والنساء رقيقًا[54].

وما يجعل الحملة الصليبيّة الأولى في مصاف الثأر والانتقام، وهي القاعدة الرابعة لجني نتائجها، ما قامت به الحملة بعد أنْ وصلت للقدس، حيث استمرّ حصار القدس خمسة أسابيع، وأعقب سقوطها مذبحة فظيعة راح ضحيّتها المدافعون عن المدينة وسكّانها، فيذكر ريمونداجيل مذبحة بيت المقدس بقوله: «سفك تانكرد وجودفري كميّة لا تصدّق مِن الدماء، ...... بينما عُذّب آخرون لوقت طويل، وأحرقوا حتّى الموت في اللهب المتأجج، وتكدّست في الطرقات والبيوت الرؤوس، والأيدي، والأقدام، وفعلًا فقد كان الفرسان والرجال يجرون جيئة وذهابًا فوق الجثث»[55]، وأبيحت المدينة لأعمال السلب والنهب على مدى ثلاثة أيام متوالية، وفاض الدم في الشوارع، وظلت أكوام الجثث مصدر إزعاج في الشوارع أيامًا طويلة. وفي هذا الجوّ الموحش الذي تغلّفه الروائح الكريهة الصادرة عن المنازل المحترقة والأجساد العفنة، اجتمع الصليبيّون في كنيسة القيامة، وتردّدت عبارة «Te Deum laudamus» أي «نحمدك يا الله» في الكنيسة القديمة، ويبرّر ريمونداجيل مذبحة القدس بأنَّها عدالة إلهيّة: «فيكفي أنْ أحكي أنَّه في معبد سليمان وفي الرواق خاض الصليبيّون بخيولهم في الدم الذي وصل إلى ركبهم وسروج خيولهم، وفي رأيي هذا عدالة إلهيّة تتمثّل في أنْ يتلقّى معبد سليمان دم المسلمين الذين سبّوا الربّ هناك لسنوات كثيرة، وامتلأت بيت المقدس الآن بالجثث، وتلطّخت بالدماء»[56]. كانت عبارة «Dieu Le Vent» «إنَّها إرادة الربّ» هي صيحة القتال لدى الصليبيين، فكانوا يؤمنون بأنَّ الربّ قد أظهر رغبته في تطهير معقله، وأنَّ القدّيسين ساهموا في المعركة وجلبوا النصر لجيوش المؤمنين الحقيقيين[57]، ولا يمكن وصف ما قام به الفرنجة في القدس وغيرها مِن مدن الشرق سوى بأنَّهم همج جاؤوا للعبث بحضارة الشرق.

ثانيًا: رعاية ملكيّة للحملة الثانية
عكست حروب الحملة الصليبيّة الأولى تنافس الأسر الحاكمة في الغرب الأوروبيّ مِن أجل احتلال شرق البحر المتوسّط. لقد كان الصليبيّون بشرًا وكانوا مقبلين على دنياهم بجشع غير مسبوق، فعلى صخرة المصالح السياسيّة سقطت مسوح الرهبان التي حرص مؤرّخو الحوليّات الصليبيّة أنْ يلبسوها لأبطالهم[58]. وانتهت الحملة الأولى وثبّتت أقدام الصليبيين بقيام ثلاث إمارات صليبيّة كبرى الرها وأنطاكية[59] وطرابلس، وتأسّست المملكة الصليبيّة[60]، ومنعَ المسلمون مِن الإقامة في المدينة المقدّسة؛ إذ إنَّ الغزاة المنتصّرين عدّوا سكنى المسلمين تدنيسًا للمدينة المقدّسة وانتهاكًا لحرمتها[61]، ما يدّل على تعصّبهم وهدفهم مِن هذه الحملات، فيذكر فوشيه الشارتري أنَّها كانت حربًا مقدّسة، وكان يبدي سروره في عبارات بليغة لما يرتكبه الصليبيّون مِن أعمال وحشيّة ضدّ المسلمين، ولم يخطر بباله أبدًا أنْ يكون لهؤلاء الناس الحقّ في أوطانهم، فقد كان يرى فيهم مجموعة مِن الوثنيين القساة الغلاظ الذين يستحقّون القتل والفناء[62].
وفي بطء عنيد تحوّلت حيازة الصليبيين الحذرة على بعض المدن القليلة إلى سيادة على أقاليم متّصلة، أخذت في التوسّع والامتداد دون أيّة مقاومة. لقد تلقّى العالم الإسلامي ضربة مفاجئة أثارت الذعر في جنباته، وتسبّبت في شلل إماراته في حلب وشيزر وحماة وحمص ودمشق، وامتنع العمل المشترك بين إمارات الشمال وإمارات الجنوب، وظلّ الحال على ما هو عليه قرابة جيلين تمكّن الصليبيّون خلالها مِن تدعيم وجودهم في الشرق[63]. وممّا ساعدهم على ذلك هو الواقع السياسيّ لبلاد الشام التي كانت تفتقد إلى التاريخ المركزيّ الموحّد، فلم تستطع أنْ تواجه زحف تلك الظاهرة التاريخيّة[64].
لقد أقام الإمارات الصليبيّة مغامرون حريصون على الربح والكسب، ولم تفقد الغريزة الفطريّة حدّتها كلّما مضى الزمن، فأنزل أمراء الفرنجة أنواع الظلم والاستبداد بأهل المناطق المحيطة بإماراتهم، وقد أدّى ذلك إلى انهيار الزراعة وتدمير اقتصاد بيت المقدس[65].

لكنْ ما يدعو إلى الدهشة أولئك الرهبان المحاربين الذين اشتركوا مع الفرنجة في شتّى مراحل الحركة، فرقة الإسبتاريّة[66] والداويّة[67]، فقد استحالوا إلى جمعيّات نفعيّة، وأصبحوا يتمنّعون داخل قلاعهم وحصونهم في الشام، ولهم جيوشهم ومواردهم الماليّة وسياستهم الخارجيّة التي تتّفق ومصالحهم الخاصّة، فقد أصبحوا يمتلكون المتاجر والحوانيت، فقد انحرفت تلك الجماعات عن مبادئها الأصليّة وأصبح رجالها رجال دين ودنيا رجال يلبسون مسوح الرهبان ويقاتلون مِن فوق ظهور الخيل، يتاجرون ويفرضون الضرائب والأتاوات على القوافل المارّة بمعاقلهم في الشام[68]. انتقل فرسان المشفى مِن تمريض الحجّاج إلى الهجوم على حصون المسلمين[69]، هذا التحوّل في المهام مِن خدمة خيريّة إنسانيّة إلى تقديم خدمات حربيّة مأجورة وممارسة أعمال لا إنسانيّة ضدّ الطرف الآخر، يؤكّد بُعد هذه الجمعيّات عن الدافع الديني لدعم الحملات الصليبيّة.
مع ذلك أصبحت الحملات الصليبيّة عمليّة مستمرّة، فكان تتدفّق على الشرق باستمرار قوّات قادمة مِن الغرب[70]، وذلك بهدف حماية ما حقّقه الصليبيّون مِن مكاسب، وللفوز بنصيب مِن الغنائم، بالإضافة إلى الحاجة الماسّة للصليبيين في الشرق إلى العنصر البشريّ[71]. لكنَّ البلاد العربيّة لم تتمكّن مِن التعايش مع الوجود الصليبي على أرضها بشكلٍ سلمي، خصوصًا أنَّ الإمارات الصليبيّة اتّبعت سياسة عدائيّة توسعيّة تجاه جيرانها، فتواصلت الغارات على المناطق الريفيّة غير المحصّنة للاستيلاء على المواشي ومناطق الرعي وتدمير المحاصيل لهروب السكّان، وهي سياسة اتّبعها الصليبيّون مع المناطق الداخليّة، فكان أهالي المدن، وخاصّة دمشق، يشاهدون التدمير المنظّم لمزارعهم ومراعيهم دون أنْ يتمكّنوا مِن منعه أو حتّى مقاومته على نحو فعّال، إذ كان مِن المستحيل عمليًّا بناء الحصون نظرًا لقرب قواعد الصليبيين[72].

فكانت إمارة الرها[73] تتولّى تهديد خطوط مواصلات ما بين إمارة الموصل وحلب وبين بغداد وسلاجقة الروم في آسيا الصغرى، وذلك بسبب وقوعها في الحوض الأوسط لنهر الفرات[74]، فكانت بمثابة قلعة حمت الممتلكات الصليبيّة مِن هجمات الجبهة العربيّة الشرقيّة، ما جعل منها عقبة في قيام أيّ وحدة عربيّة، وحاجزًا وخطّ دفاع يحمي البناء الصليبي في الجنوب، إضافة لمكانتها الدينيّة[75]. لكنَّ القوات العربيّة تحتاج إلى استثمار الوقت المناسب والقائد المحنك لتتمكّن مِن القيام بعمل نوعي، وهذا ما فعله عماد الدين الزنكي[76] أمير الموصل[77] في خريف عام 539هـ/1144م[78]، ففي هذا العام أصبح النزاع بين إمارة الرها وبين إمارة أنطاكية واضحًا[79]، بينما تمكّنت بيزنطة مِن طرد الصليبيين مِن كيليكيا، فأصبح التعاون بينها وبينهم مستحيلًا مع تزايد مشاكلها الداخليّة[80]. أمّا مملكة بيت المقدس، فهي غير مستعدّة للقيام بمغامرة حربيّة في ظلّ ملك ضعيف بعد وفاة الملك فولك Fulk عام 1143م[81].

دعم تحرير الرها موقف حلب مِن الدفاع إلى الهجوم، وأزال خطورة وجود قاعدة أماميّة للصليبيين، فعدّ تحريرها بداية النهاية لوجودهم في بلاد الشام[82]، إذ غيّر هذا الحدث موازين القوى في الشرق لصالح العرب، وشكّل صدمة عنيفة للصليبيين في الشرق والغرب، وكأنَّ أوروبا كانت بحاجة إلى ما حلَّ بالرها مِن كارثة كي تنهض مِن جديد في دعم الإمارات الصليبيّة الشرقيّة، فتحريرها بعد أقلّ مِن خمسين عامًا على تأسيها كان نذير شؤم عليهم[83]، فدقّ ناقوس الخطر لباقي الإمارات الصليبيّة التي لم تقدّم أيّ مساعدة إيجابيّة للرها، وبدأت أنظار صليبيي الشرق تتّجه نحو الغرب الأوروبيّ لطلب النجدة، فكانت البعثة الأرمنيّة إلى روما يرافقها أسقف جبلة في إمارة أنطاكية هيو[84]. وكانت الحملة الصليبيّة الثانية (543هـ/ 1148م)، وقد حظيت بعناية خاصّة؛ إذ حلّ الملوك مكان الفرسان في قيادتها، فكانت بقيادة ملك فرنسا لويس السابع (532-576هـ/ 1137-1180م)، وإمبراطور ألمانيا كونراد الثالث (533-547هـ/ 1138-1152م)[85].
اتّخذت الحملة مِن ممارسات الحملة الأولى قدوة لها، فعندما وصل ملك ألمانيا كونراد إلى هنغاريا عبرها، بدأ يمارس السلب والنهب والتدمير محاربًا وليس كحاجّ يريد الوصول إلى القبر المقدّس، وهذا يؤكّد صدق مقولة: «جاءت الحروب الصليبيّة لتروي ظمأ وتعطّش الأمراء إلى الحرب والمغامرة»[86].

وعلى الرغم مِن اختلاف ظروف هذه الحملة عن الأولى في أنَّ الصليبيين القادمين سوف يجدون في بلاد الشام قاعدة حربيّة في متناول أيديهم[87]، إلّا أنَّها باءت بالفشل نتيجة فقدان الصليبيين لوحدة الهدف التي كانت تؤلّف بين قوّات الحملة الأولى، وتظهرها بمظهر القوّات المتجانسة، حيث سار كلّ مِن الملكين مستقلًّا عن الآخر[88]. ونتيجة سوء التخطيط والتخبّط الذي عاشه قادة الحملة في الوجهة التي يجب عليهم اتّخاذها لاستعادة الرها، اختاروا محاصرة دمشق، لكنَّه كان تقديرًا خاطئًا اتّسم بالحماقة المطلقة[89]، ممّا دفعهم للانسحاب تفاديًا لمعركة دمويّة لم تكن في حسبانهم[90]. فالحملة نسيت هدفها الذي جاءت مِن أجله إلى الشرق وسط دوّامة المصالح المتضاربة للأمراء الصليبيين.

ومِن أهمّ أسباب توجّه الحملة نحو دمشق الجشع في إخضاعها وهي عاصمة الشام التاريخيّة، ولتأمين حدود المملكة مِن جهة الجليل، وللحصول على المكاسب الاقتصاديّة والسياسيّة والإستراتيجيّة[91]. فهي نقطة تمويل كبيرة وغنيّة، فامتلاكها يقطع صلة بلاد الشام بمصر وأفريقيا، ساعدهم على ذلك الظنّ بسهولة الاستيلاء عليها[92].

جاء فشل الحملة نقطة تحوّل في تاريخ الإمارات الصليبيّة، فتحرير الرها أنهى المرحلة الأولى في الإفاقة العربيّة الإسلاميّة[93]، وأجّج العداء الغربيّ الأوروبيّ تجاه الإمبراطوريّة البيزنطيّة، وسيتراكم هذا العداء على مدار القرن الثاني عشر حتّى يصل إلى ذروته مطلع القرن الثالث عشر، واتّضح للصليبيين في الشرق أنَّ اعتمادهم على الدعم الأوروبيّ الخارجيّ لم يغنهم شيئًا، بل لم يضمن لهم الاستمرار بقوّة[94].

ثالثًا: الحملة الثالثة نقطة تحول في الفكرة الصليبيّة
اتّخذت الحملات الصليبيّة شكل الهجرة وانتقال الشعوب مِن خلال طابع الغزو العنيف الذي يستهدف تشريد أهل البلد وأصحابها الشرعيين وحرمانهم مِن حقوقهم وأراضيهم[95]. وبإلقاء نظرة على سلوك الصليبيين في الشرق، سواء فيما يتعلّق بالمعاملات فيما بينهم وبين بعض أم فيما يتعلّق بتصرفاتهم تجاه أهل البلد الأصليين، توضح أنَّ أولئك لم يكن لهم مِن المسيحيّة إلّا اسمها، وتؤكّد العامل الاقتصاديّ في دفعه أهالي غرب أوروبا إلى المشاركة في الحركة الصليبيّة.

فطباع الفرنجة لم تكن إلّا طباعًا قامت على الجشع المفرط الذي لا يقرّه القانون، إذ كانوا يهبطون مِن قلاعهم لينقضّوا على المسلمين وليقبضوا عليهم، ولا يفرجون عنهم إلّا بعد دفع فدية أو ليهاجموا قافلة مِن قوافل المسلمين. وفي هذه المرحلة جدّدت الغارات الصليبيّة على موانئ البحر الأحمر، فاستولوا على السلع التجاريّة في ميناء عيذاب، وأشعلوا النيران في مينائي الحوراء وينبع، وفي منطقة غابر أغرقوا سفينة حجّاج كانت في طريقها إلى جدّة[96]. فالحرص للحصول على الكسب غير المشروع أفسد دماء الفرنجة، وإذا صبر المسلمون على قيام دولة للصليبيين، فإنَّهم لا يطيقون قيام دولة مِن اللصوص[97]، ميزتها الغدر ونقض العهود، وهذا ما بيّنه صلاح الدين الأيّوبي[98] عام (572هـ/1177م) في رسالته إلى بغداد يخبر بقدوم نجدة إلى فرنج الشام، وكيف أنَّهم نقضوا الهدنة التي كانت معقودة بينه وبينهم، وهي مِن إنشاء القاضي الفاضل: «فاسخين لعقد كان محكمًا غادرين غدرًا صريحًا»[99]. وهي قاعدة رسّختها الحملة الأولى وسار على خطاها باقي الحملات والصليبيين، فما أقدم عليه حاكم الكرك رينو أوف شاتيون في شنّ الغارات المخرّبة في البحر الأحمر عام (577هـ/1182م)، يصحّ تفسير سياسته على أنَّها نوع مِن المغامرة والنهب، ثمّ تحوّل إلى قطع الطريق واللصوصيّة، فتعرّض للقوافل التي تجتاز الطريق مِن دمشق إلى مصر، ونهب ما معهم مِن مال ومتاع[100]. وكانت هذه سببًا جعل صلاح الدين الأيوبي يعدّ العدّة لتحرير بيت المقدس، فكانت معركة حطّين عام (582هـ/1187م).

جاء الرد رسميًّا مِن قبل أوروبا على هذه الانتصارات[101]، فكانت الحملة الصليبيّة الثالثة (1189-1192م) التي تميّزت بأنَّها لم تنبع مِن البابويّة التي كانت وقتذاك تجتاز مرحلة مِن مراحل الانهيار، إنَّما نبعت مِن السلطة الزمنيّة التي تمثّلها الملكيّات الثلاث في ألمانيا وإنكلترا وفرنسا، التي صار لها السيادة والسلطان في أوروبا، وما اتّخذه كلّ مِن ملكي فرنسا وإنكلترا فيليب أغسطس وهنري الثاني مِن وسائل للقيام بالحملة يدّل على أنَّها تحمل مظهرًا علمانيًّا، وهو الأساس الذي جعلها أكبر الحملات الصليبيّة[102]، وإنْ كان ريتشارد، الذي تسلّم حكم إنكلترا بعد والده هنري، يأمل مِن وراء هذا الحجّ الحربي أنْ يجعل الطريق لنفسه ممهدًا فيبلغ القدس ويدخلها غازيًا على جثث أعدائه كما دخلها سلفه جودفري[103].

واللافت للانتباه أنَّ هذه الحملة تُعدّ أقلّ شأنًا مِن الحملة الأولى على الصعيد الروحي؛ إذ نقل كلّ مِن ملكي فرنسا وإنكلترا ما بينهما مِن منازعات سياسيّة إلى الحركة الصليبيّة[104]، إضافة لهدفها الأساسيّ في كسر شوكة العرب وتفتيت وحدتهم بعد معركة حطّين وتحرير القدس، ليتمكّنوا مِن حماية مصالحهم في احتلال الأرض العربيّة. كان سير الحملة، سواء في البرّ أو البحر، يتّجه نحو مركز واحد هو عكا، فهي النقطة الجوهريّة التي إذا أمكن السيطرة عليها، أصبح الطريق مفتوحًا إلى بيت المقدس[105].
استهوت الحياة الجديدة في الشرق الصليبيّين، فقد اختلطوا بالشرقيين وأخذوا مِن طباعهم وعاداتهم، وأعدّوا نفسهم للإقامة الدائمة في الشرق[106]. فقد كانت الحركة الصليبيّة دعوة إلى الاستيطان والعمل على تهجير الغربيين إلى الشرق وتوطينهم فيه بصفة دائمة، دون التفكير في العودة إلى ديارهم، ونجد ذلك في أسلوب قتال الصليبيين أثناء المعارك التي حصلت لتحرير المدن بعد حطّين؛ فحين استولى كونراد دي مونتفرات على مدينة صور 5 جمادى الأولى 583هـ/ 14 تموز 1187م؛ أي بعد عشرة أيام مِن حطّين، حصّن المدينة وألقى بقوّات المسلمين مِن على الأسوار إلى الخنادق، ولم يتورّع عن إطلاق السهام على والده المركيز بونيفيس الذي جاء ليطلب منه تسليم صور لقوّات صلاح الدين[107]، فقد كانت القوات الصليبيّة تستخدم كلّ الأساليب في سبيل التمسّك بالمدن والأملاك وعدم مغادرة الشرق.

رغم اتّحاد أوروبا كلّها في الحملة الثالثة، فإنَّ ما حصلت عليه مِن نتائج كان ضئيلًا، وكلّ ما أسهم به الصليبيّون لإعادة بناء مملكة الفرنجة لم يتعدّ الحفاظ على إمارتي أنطاكية وطرابلس والمدن الساحليّة حتّى يافا والاستيلاء على عكا[108] التي نقل إليها مركز المملكة الصليبيّة السياسي والمالي، ممّا يعني التحوّل مِن المصالح الدينيّة إلى المصالح الاقتصاديّة والتجاريّة، والتي ستصبح ميزة القرن الثالث عشر[109]، وقد أظهر توقيع صلح الرملة عام 588هـ/ 1192م[110] عجز أوروبا عن توحيد المسيحيّة الغربيّة وتوجيهها نحو هدف عام[111].

رابعًا: غلبة المصالح الاقتصاديّة في الحملة الرابعة
استجابت أوروبا في الحملة الأولى لنداء بيزنطة ضدّ الشرق العربيّ، لكنْ لم تتصوّر بيزنطة يومًا أنَّ تدفّق هذه القوّات سيهدّد كيانها ويكون سببًا في انتهاء سلطانها، فمشروع قيام حملة صليبيّة جديدة ومهاجمة القسطنطينيّة، تمّ ربطهما معًا في الحملة الرابعة (599-601هـ/ 1202-1204م)، التي تُعدّ تاريخًا لتسلّط النزعة العلمانيّة، ومحاولة البابويّة التخلّص مِن تلك السيطرة، ومواصلة ما اشتهرت به مِن قبل في توجيه الحروب الصليبيّة[112].

كان الوارث الحقيقي لهنري السادس هو الباب أنوسنت الثالث» 1189-1216م[113] الذي جعل الحروب الصليبيّة هدفه الأساسي، فبعد موت هنري في صقليّة عام 1197م وفشل الحملة التي أعدّ لها، تمكّن البابا أنوسنت مِن الإعداد لحملة جديدة عام 1200م، فقام فولك نيللي بدور بطرس الناسك نفسه في الحملة الأولى[114]. وتُعدّ الحملة الرابعة فرنسيّة في تأليفها لا في توجيهها، وقد تطلّع قادتها إلى مصر هدفًا لهم دون استشارة البابا أنوسنت الثالث[115]، لذلك كانت الحملة الرابعة علمانيّة منذ بدايتها على الرغم مِن تحضيرات البابا أنوسنت لها[116]، فهي مثال حيّ على انعدام الباعث الدينيّ وثبوت الاتّجاه التوسعيّ للحركة الصليبيّة[117]، مع الانتباه للبعد الاقتصاديّ التجاريّ[118]؛ فقد تحوّلت الحملة الرابعة إلى معترك لأغراض سياسيّة متنازعة، فتغيير اتّجاهها عن مصر كان بمثابة فكّ عقدة للصراع القديم بين الغرب الأوروبيّ وبيزنطة[119]، وإثبات أنَّ الصليبيين استقرّوا حيث كانت هناك الوفرة الماديّة والثراء، وتوسّعوا حيث الإغراء بالتوسّع، ورفعوا شارة الصليب كمبرّر ديني في عصر كانت تلك طبيعته[120]. فأيّ وازع ديني كان عند ألوف الصليبيين الذين اتّجهوا نحو القسطنطينيّة – وهو البلد المسيحي الكبير- لينهبوا كنائسها ويسرقوا أديرتها ويعتدوا على أهلها بالقتل والضرب، وهم إخوانهم في الدين؟؟ ممّا فاقم مِن حدّة الانشقاق بين الكنيسة الأرثوذكسيّة الشرقيّة والكنيسة الكاثوليكيّة الرومانيّة[121].

كانت خطا الحملة الأولى اللاإنسانيّة والهمجيّة طبّقت ضدّ المدن العربيّة الشرقيّة بهدف الحصول على المؤن والأملاك والغنائم، والغريب أنَّ الخطا ذاتها استخدمت بعد دخول الصليبيين إلى العاصمة البيزنطيّة، الذين اقتحموها كالجراد المنتشر وأشعلوا النيران في منازلها. وقدّر المؤرّخ فيلهاردوين عدد المنازل التي احترقت بأنَّها تماثل عدد المنازل التي تحتويها ثلاث مدن كبيرة مِن مملكة فرنسا، ثمّ انطلقوا يقتلون كلّ مَنْ صادفهم مِن البيزنطيين حتّى أصبح مِن العسير حصر عدد القتلى، ثمّ جاء دور النهب الذي لم يقف عند أيّ حدّ، حتّى الكنائس والأديرة لم تسلم. ويصوّر المؤرّخون ما فعله الصليبيّون بعد دخولهم كنيسة آيا صوفيا، وكأنَّهم يسردون ما فعلته الحملة الأولى بعد دخولها مسجد بيت المقدس، فعبارة «إنَّها إرادة الربّ» وإنْ لم يردّدها الصليبيّون في القسطنطينيّة، إلّا أنَّهم طبّقوها فعلًا، فقد اقتحموا الكنيسة فمزّقوا الستائر والبسط والمفروشات، وداسوا الكتب المقدّسة بأقدامهم وحطّموا الأيقونات، وبيعت التحف والنفائس في أسواق دمشق والقاهرة وحلب والأسواق الأوروبيّة، حتّى إنَّ الجياد البرونزيّة الأربعة التي كانت تزيّن ميدان السباق في العاصمة البيزنطيّة، قام داندلو بحملها إلى البندقيّة، وحتّى اليوم تزيّن واجهة كاتدرائيّة القدّيس مارك في فينيسيا[122].
وأصدر البابا أمرًا بأنَّه ينبغي ألّا يجري الاعتداء على مسيحيين آخرين[123]، وكأنَّه يقول يمكن الاعتداء على غير المسيحيين، وأرسل إلى الماركيز بونيفيس أوف مونتفرات رسالة يؤنّبهم على فعلتهم في اقتحام القسطنطينيّة، فقال: «لقد أصبحتم أمام العالم كلّه أهلًا للبغاء والفسوق، لقد اتّبعتم غرائزكم الآثمة، ...... استوليتم على ثروة الكنيسة وكلّ ما يخصّها، .... حطّمتم غرف المقدّسات وسرقتم الصلبان، ..... ولأنَّ الكنيسة اليونانيّة أخضعت بالقوّة، فإنَّها رفضت سيادة الكرسي البابوي....» [124].

مع ذلك كان يفترض أنْ تدعم هذه الحملة موقف الإمارات الصليبيّة في بلاد الشام، لكنَّ نتائجها كانت فاجعة في جملتها، فأدّت إلى إضعاف موقف الصليبيين في الشرق بشكلٍ مباشر وغير مباشر، إذ بدأت تجذب إليها الفرسان الصليبيين لينعموا بالراحة بعيدًا عن الحروب. ونتيجة تأسيس العائلات الأرستقراطيّة للممالك في أبيروس ونيقية ودخولهم لصراعات مع المملكة اللاتينيّة في القسطنطينيّة، أنْ أصبح الطريق البريّ إلى ببلاد الشام أشدّ خطورة على الصليبيين[125].

خامسًا: ضياع هيبة البابويّة في الحملة الخامسة
كانت الإمارات الصليبيّة تدرك أهميّة الاستيلاء على دلتا نهر النيل فيما إذا أرادت هذه الإمارات أنْ تنعم بحياة آمنة مستقرّة في الأراضي المقدّسة[126]، وهذا يؤكّد السياسة التوسعيّة للفكرة الصليبيّة، لكنْ لم توضع فكرة السيطرة على مصر موضع التنفيذ، بسبب عدم توفّر الإمكانات العسكريّة للإمارات الصليبيّة، لكنَّها ظلّت هدفًا تستغلّ ظروفه كلّما كانت الفرصة مناسبة والإمكانيّات متوفّرة، مع الاكتفاء ببعض الهجمات على الحدود الشماليّة الشرقيّة لمصر المتاخمة لحدود المملكة الصليبيّة، أو على الموانئ، وقد أتت قناعة الصليبيين بتلك المحاولات طالما بقيت في مصر حكومة ضعيفة[127].

وهنا لا بدّ مِن القول إنَّ أوربان الثاني بدأ المشروع الصليبيّ بتصوّرات معيّنة، أمّا الآن بعد الحملة الرابعة، فإنَّ الفكرة الصليبيّة أصابها التطوّر الذاتيّ مِن خلال قوّتها المتنامية وضعف جيرانها، لذلك سيُمدّ التوسّع الصليبي إلى مناطق جديدة، لذلك كانت حملة عام (512هـ/ 1118م) استكشاف ليتلوها الغزو الفعلي في الحملة الخامسة[128]. هذا مِن جهة، ومِن جهة أخرى الإيديولوجيا التي انطلقت منها الفكرة الصليبيّة أخذت تفسد ويظهر زيفها مع مرور الزمن، وبدأت تظهر الأهداف والدوافع الحقيقيّة التي كانت متوارية خلف الضجّة الإعلاميّة للحرب[129].
وإذ انحرفت الحملة الرابعة عن هدفها الأساسيّ واتّجهت إلى القسطنطينيّة، فإنَّ الحملة الخامسة (615-618هـ/ 1218-1221م) استهدفت مصر بشكلٍ مباشر[130]، إذ تمّ توجيهها في بابويّة أنوسنت الثالث الذي رغب في رفع شأن البابويّة ليكون لها السلطة العليا الدنيويّة مِن خلال القيام بعمل صليبيّ ضخم يجني مِن ورائه نصرًا يعوّض به فشل الحملة الرابعة، وليؤيّد نصر الغرب في معركة العقاب عام 1212م بانتصار آخر في الشرق[131].

وأكثر ما يوضّح التغيير الذي طرأ على الإستراتيجيّة العسكريّة في الفكر الأوروبيّ في ذلك الوقت، أنْ أصبحت مصر هدفًا لتحقيق أطماعهم ليس في الشرق فقط، وإنَّما في كلّ العالم الإسلاميّ، فقد أرادوا في هذه الحملة توجيه ضربة لدولة العادل الأيوبيّ قبل أنْ يتمكّن مِن القضاء على بقيّة الإمارات الصليبيّة المتفكّكة في بلاد الشام، لذلك دعمها البنادقة بهدف السيطرة الكاملة على الموانئ التي لهم فيها امتيازات تجاريّة[132]. كانت الحملة بقيادة جان دي برين، وقد اتّسمت بالعدوانيّة وطابع التعصّب[133]؛ فبعد استيلاء الصليبيين على دمياط أنزلوا بأهلها القتل والأسر والنهب، بينما احتفظ جاك دي فتري بأربعمائة طفل تمّ تعميدهم، ما يؤكّد ارتباط الناحية التبشيريّة عند الصليبيين بالفكرة الصليبيّة نفسها، ووزّعوا أحياء المدينة وأبراجها على الفرق الصليبيّة الموجودة في الحملة[134].
لكنَّ الغريب في الأمر، أنَّ البابوية كان لها دور في فشل الحملة؛ إذ سمحت للصراع بين المندوب البابوي الكاردينال بيلاجيوس والملك جان دي برين أنْ يتحوّل إلى صراع بين السلطة الدينيّة والسلطة والزمنيّة[135]. وفي محاولة مِن البابا هونوريوس الثالث الهيمنة على الحملة حتّى لا تتعرّض لما تعرّضت له الحملة الرابعة، منح مندوبه صلاحيات مطلقة تعلو على صلاحيات القادة الزمنيين. وممّا ساهم في فشل الحملة، أخطاء رجال الدين في إدارتها، فانتاب المندوب البابويّ الغرور والعجرفة وعدم الحيلة[136]، فكانت هذه الحملة آخر محاولات البابويّة في توجيه حملة صليبيّة تحت قيادتها فقط ولحسابها منفردة، لذلك كان فشلها ضربة موجّهة لهيبتها[137].

سادسًا: ضعف الممالك الصليبيّة يؤدّي إلى الحملة السادسة
أحرزت الحملة السادسة (1228-1229م) مِن نجاح بقدر ما أحرزت الحملة الخامسة مِن فشل، لكنَّ ظروف الحملة ووسائل سيرها جعلت نجاحها يفوق في نكبته فشل الحملة الخامسة، فهي حملة فريدة في ذاتها، علمانيّة خاصّة، وجرى توجيهها دون أنْ تقوم بأيّ عمل عدائي ضدّ المسلمين[138]، ولم تباركها البابويّة بل صبّت عليها لعنتها، وحرصت على فشلها حتّى لا يُقال إنَّ الرجل الخارج على طاعة بابا روما قد حقّق نجاحًا لم يسبقه إليه أحد. وقد حاربت هذه الحملة؛ لأنَّها أفقدتها الدور الدبلوماسي الذي كانت تقوم به في سبيل الدعوة والاتصال بين القوى السياسيّة المختلفة للمشاركة في هذا المشروع[139].

لم تتّخذ هذه الحملة صفة الحرب المقدّسة، فقد ساد أوساط الحملة روح التسامح والشعور بالودّ والمجاملة، فبدت وكأنَّها زيارة وديّة لملك شرقي صديق[140] مِن قبل ملك صقليّة فريدريك الثاني (622-648هـ/ 1225-1250م) المشهور بحريّته الفكريّة وميله نحو الشرق، فما حدث هو نوع مِن المساومة بينه وبين سلطان مصر الكامل الأيّوبي، فالإمبراطور فريدريك لم يكن في مركز يسمح له أنْ يصل إلى هدفه باستعادة القدس عن طريق القوّة، فالكثير مِن زعماء الصليبيين في الشرق لم يتعاونوا معه، ولم تتحمّس الداويّة والإسبتاريّة له بسبب حرمانه مِن الكنيسة، ولم تأتِ معه قوّة كبيرة يستطيع بها أنْ يوجّه ضربة حاسمة للقوات العربيّة، ولم يكن السلطان الملك الكامل في موقف يسمح له بتحدّي الإمبراطور[141]، فالتقت وجهتا نظر الزعيمين على ضرورة الوصول إلى حلّ عن طريق المفاوضات[142]، فوقّعت هدنة لمدّة عشر سنوات عادت فيها القدس للصليبيين اتّفاق يافا عام (626هـ/ 1229م)، وغادر فريدريك بلاد الشام بعد زيارته لبيت المقدس لتنتهي بمغادرته الحملة الصليبيّة السادسة.

سابعًا: الحملة السابعة جولة عسكريّة فاشلة
قامت هذه الحملة نتيجة عودة القدس للمسلمين عام (642هـ/ 1244م) على يد القوات الخوارزميّة التي استعان بها الملك الصالح أيّوب، ونتيجة معركة غزّة التي تُعدّ أعظم كارثة حلّت بالصليبيين بعد معركة حطّين؛ إذ كادت أنْ تستأصل شأفة الإسبتاريّة والداويّة[143]. صحب الحملة قيام مجمع ليون عام 1245م، ودعوة البابا أنوسنت الرابع للحملة التي ستؤدّي إلى تدمير الحروب الصليبيّة بمعناها الأصلي الدينيّ، فقد آثر استخدام أغراضه السياسيّة لاستعادة بيت المقدس، بينما كان موقف العلمانيين معاكسًا لموقف البابا؛ إذ نهضوا في هذه الحملة لنصرة المعنى الروحي للحروب الصليبيّة، وإنْ كان هذا الموقف ضدّ البابويّة نفسها[144].
وقد تنبّه البابا أنوسنت الرابع للقوّة الجديدة التي ظهرت على مسرح الأحداث في الشرق متمثّلة بالمغول، فما قاموا به مِن أعمال حربيّة وتدمير وقتل، يشابه ما قام به الصليبيّون في القدس، فكانت لديه الرغبة في استغلال هذه القوّة في محاربة العرب ومحاصرتهم مِن الشرق والغرب بين قوّتين، فأرسل البعثات للقيام بحرب صليبيّة عامّة لانتزاع الأراضي المقدّسة مِن الحكم الإسلامي، وهذا ما فعله الملك لويس التاسع لتحقيق هذه السياسة قبل مغادرته أوروبا، وحتّى بعد وصوله جزيرة قبرص عام 1249م[145].

اتّجه الملك لويس التاسع بهذه الحملة لمهاجمة مصر عام 647هـ/1249م، دون أنْ تسفر اتّصالاته مع التتار إلى أيّ نتائج ولعلّ ما اشتهرت به مصر مِن الثروة والمناعة، مع ضعف الدولة الأيوبيّة، ساهم في اختيارها هدفًا لهذه الحملة[146].
فشلت الحملة الصليبيّة بعد معركة المنصورة[147]، وأُجبر الملك لويس على المغادرة إلى عكّا بقي فيها أربع سنوات (1250-1254م) يحاول أنْ يوطّد مملكة بيت المقدس وتصفية الخلافات بين الأمراء الصليبيين[148]، وجمع جيشًا صليبيًّا تحضيرًا لحملة جديدة، لكنْ عدم وجود الإمكانيّات واستمرار النزاعات بين البابويّة والإمبراطوريّة، أصاب أوروبا بالشلل، فغادر الشرق عام 1254م[149].

ثامنًا: آخر الحملات الرئيسة الحملة الثامنة
بعد مغادرة لويس التاسع عكّا زادت المنازعات بين الأمراء الصليبيين والتجّار الإيطاليين[150] والمنظّمات العسكريّة الداويّة والإسبتاريّة. بالمقابل على الجبهة العربيّة، ثبتت أركان الدولة المملوكيّة بعد انتصار المماليك في عين جالوت عام1260م، فرتّب الظاهر بيبرس الجبهة الداخليّة للدولة، ورتّب علاقاته الخارجيّة، وبدأ بتحرير البلاد مِن الوجود الصليبي بحربٍ شاملة[151]، فقضت انتصاراته على آمال الصليبيين في البقاء طويلًا في بلاد الشام، ونشط دعاة الحركة الصليبيّة في محاولة لإنقاذ الوجود الصليبي. وبعد تدهور قوّة مملكة أرمينيا، توجّه الصليبيّون نحو قبرص، فتمّ توحيد التاجين تحت حكم الملك هيو الثالث، الذي بدأ يعمل في عدّة اتّجاهات لتقوية الجبهة الداخليّة للمملكة، فتارةً يفكّر بقدوم حملة جديدة، وتارةً يشجّع المغول على غزو بلاد الشام[152].

وفعلًا كانت حملة الملك لويس التاسع، وهي ثالث الحملات بالنسبة له، لكنَّ وجهتها هذه المرّة كانت نحو تونس عام 1270م، فالهدف منها استمالة حاكمها المستنصر إلى المسيحيّة على المذهب الكاثوليكي، مع إضافة إقليم جديد يقع في بقعة بالغة الأهميّة الإستراتيجيّة[153]، ومِن ثَمَّ مواصلة الزحف إلى مصر التي أصبحت خطّ الدفاع الأوّل عن العالم العربيّ، ومركز إمداده بالجند والميرة والسلاح، فالقضاء عليها يؤدّي إلى امتلاك الأراضي المقدّسة وتحقيق الأطماع الصليبيّة[154].
لكنَّ موت الملك لويس التاسع بمجرّد وصوله سواحل تونس، أصاب الحملة بالفشل[155]، وكانت النهاية الفعليّة للحملات الصليبيّة، فلم يعد يخرج مِن أوروبا جيش لإنقاذ الإمارات الفرنجيّة في الشرق[156]. ترافق ذلك مع تكثيف سلاطين المماليك[157] جهودهم للقضاء على بقايا الإمارات الصليبيّة في بلاد الشام، إضافة لذلك تغيير سياسة المدن التجاريّة البندقيّة وجنوا باعتماد التعامل المكشوف والمباشر مع المماليك[158]؛ إذ تمكّن قطز ثمّ بيبرس ثمّ قلاوون مِن توظيف سلسلة مِن التحالفات والمعاهدات مع المغول والصليبيين، مع متابعتهم تحرير الأرض العربيّة، فكانت عكّا آخر مدينة يتمّ تحريرها في عام 690هـ/1291م[159]، فذهبت عبثًا صيحات هنري الثاني ملك قبرص الذي أرسل يستنجد بالغرب، موضحًا أنَّ يوم عكّا قريب[160]، ولم يعد يتمكّن البابا جريجوري العاشر مِن الإعداد لحملة صليبيّة جديدة، فرغم لباقة التقارير التي جمعها عن سبب عداء الرأي العام لهذا الموضوع، إلّا أنَّها لم تتعرّض للمشكلة الجوهريّة، وهي أنَّه لم يعد للحرب الصليبيّة التقليديّة ذاتها قيمة بعد هذا التاريخ.


خاتمة
الحركة الصليبيّة مرحلة مِن مراحل الكفاح الطويل بين الشرق والغرب، جاءت نتيجة عمليّات تطوّر بطيئة مستمرّة لفترات متباعدة، وقد تركت آثارها لأحقاب أخرى بعد نهايتها. فهذه الظاهرة التاريخيّة تمثّل روح العالم الغربيّ الوسيط والأفكار السائدة فيه تمثيلًا صادقًا في ناحيتي الدين والحرب، الأولى مثّلتها قوّة الكنيسة المسيطرة في تلك القرون[161]، والثانية مثّلها النظام الإقطاعيّ، فكانت الحرب صناعة الفرسان[162]. كما أنَّ النزاع بين البابويّة والإمبراطوريّة جاء وسيلة لاستنفاد الطاقة التي تزوّد بها المجتمع الغربي خلال نهضة القرن الحادي عشر، وكان مِن المتعذر أنْ تستنفد هذه الطاقة في صراع داخليّ، فلا بدّ مِن البحث عن منفس خارجيّ لتوجيه هذه الطاقة إليه[163]. وممّا شكّل الفكرة الصليبيّة وساهم في تكوينها، ثلاثة روافد أساسيّة، الحرب المقدّسة والحجّ المسيحيّ، الحروب الإقطاعيّة وحركة السلام التي كانت نتيجة مباشرة لها كتيّار جرماني، ثمّ المؤثّرات الإسلاميّة نتيجة غير مباشرة كتيّار خارجيّ[164].

تمتدّ الحملات الصليبيّة الرئيسة المتوجّهة إلى بلاد الشام ما بين عامي (1095-1291م). هذه المرحلة التاريخيّة تمثّل الدور الحاسم التقليديّ لتلك الحركة، لكنَّ هذه الحركة بمعناها الواسع لها جذور ومقدّمات، والتيّار الصليبيّ استمرّ بعد تحرير عكّا عام 1291م طيلة القرن الرابع عشر الميلاديّ[165]. والسبب في اتّخاذ الحروب الصليبيّة أرقامًا معيّنة، ترجع إلى أنَّها حدثت بعد وقوع كارثة مثل عودة الرها عام 1144م، فكانت الحملة الصليبيّة الثانية، أو تحرير القدس عام 1187م، أو قادها ملوك وأباطرة مثل الحملة الصليبيّة الثالثة، أو لما أحرزته مِن نجاح أو فشل مثلما جرى للحملتين الرابعة والخامسة، إذ قلّما مضى عام دون أنْ يقدم أثناءه جماعات جديدة إلى الأرض المقدّسة[166]. فالحملات الصليبيّة مشروع واحد لا يتجزأ، وإنْ كان الهدف مِن التجزئة سهولة الدراسة[167].

إنَّ النظرة التقّليديّة لأسباب قيام الحرب الصليبيّة جعلت السبب الديني هو الأساس في قيامها، فهو حجّ مسلّح، هدفه تحرير القبر المقدّس في كنيسة القيامة[168]. علمًا أنَّ مصطلح الحملة الصليبيّة لم يظهر إلّا في منتصف القرن الثالث عشر، ليحلّ محلّ التعبيرات السابقة مثل الطريق، رحلة القدس، الرحلة الاستكشافيّة، العبور إلى ما وراء البحر.
لا يمكن إنكار العامل الدينيّ، لكنَّه كان نابعًا مِن تديّن عاطفيّ يقوم على التعصّب المقيت، ولم يكن نابعا مِن تديّن عقلانيّ حقيقيّ[169]. ففكرة الحملة الأولى تعبّر عن كيف كان الأوروبي في ذلك الزمان لا يسمح أنْ يعترف بوجود «الآخر»، فهذا «الآخر» لم يكن نتاجًا لمعرفة واقعيّة، إنَّما كانت صورته نتاج دعاية نزقة غذّتها الكنيسة وغلّفتها روح التديّن العاطفي الذي يشوبه التعصّب المقيت[170]، وهناك أدلّة ملموسة تكشف عن استغلال عامل الدين، مثل الخطاب المنسوب إلى ألكسيس كومنين[171].

لو كانت الحروب الصليبيّة مجرّد حركة لاسترداد الأراضي المقدّسة وحماية الحجّاج الغربيين، لاقتصر ميدانها على بلاد الشام، لكنَّها كانت وسيلة للتعبير عن رفض الأوروبيّ لأوضاعه السيّئة، ولعلّ الصفقات التجاريّة المعقودة بين التجّار الإيطاليين ومملكة بيت المقدس فيما بعد، تعطي دليلًا على المصالح الاقتصاديّة للحركة الصليبيّة؛ لأنَّها تفتح طريق التجارة إلى بلاد الشرق، سواءً بلاد الشام والعراق وصولًا إلى الهند والصين. ويؤكّد وضوح هذا الاتّجاه الاستغلالي في الاحتلال والسيطرة، تطوّر العلاقات بين الجاليات التجاريّة والممالك الفرنجيّة إلى قتال وحروب دامية على المكاسب والأموال[172]، لذلك كان شعار التجّار البنادقة «لنكن أوّلًا بنادقة، ثمّ لنكن بعد ذلك مسيحيين» Sismo Venezini, poi Christiani[173]. فالعامل الاقتصاديّ له مِن القوّة والأهميّة ما يجعله سببًا في تحريك الأحداث[174].
أمّا سياسيًّا، فقد وجدت البابويّة فيها وسيلة ناجحة لتوجيه الغرب نحو وجهة واحدة، حيث تمكّنت مِن خلالها مِن تحقيق سياسة واحدة مهيمنة على مقدّرات القوى السياسيّة، فحجم المكاسب كان ضخمًا، وقد تهيّأ لكلّ الدوافع السابقة القائد الفرد الذي امتلك القدرة على تحريك أحداث التاريخ وتحريك الحشود الضخمة مِن البشر مِن أجل المشاركة في تحويل الفكرة القائمة إلى واقع معاش تشترك الجماهير في صنعه، وهو ما حدّث البواعث مع القائد التاريخي والجماهير ككتل شعبيّة صنعت الأحداث، فكانت الحروب الصليبيّة[175].

ولكنْ ما هيّأ الأذهان والعقول لانفجار الأحداث وجعل لكلمات أوربان أثرًا فعليًا معاشًا، هو انتشار ظاهرة العنف في المجتمع الأوروبيّ، فعرض أوربان الفكرة على شكل حرب تحرير وكفّارة قاسية تستحقّ المديح لتحقيق هدفين: الأوّل تخليص الكنائس الشرقيّة، وخاصّة بيت المقدس؛ أي تحرير الشعب، والثاني تخليص بيت المقدس مِن حالة العبوديّة التي يعيشها؛ أي تحرير المكان. وهذا ما جعل الحملة الأولى رحلة للحجّ إلى الأرض المقدّسة[176].
كانت هذه الحملة نتاجًا لخبرات الذين شاركوا فيها، فأصبحت المثال الذي جرت أوروبا على مدى قرنين تقريبًا منذ عام 1096 وحتّى 1291م على الاهتداء به، وعلى درب هذه الحملة المظفّرة توالت على شاطئ المتوسّط الشرقيّ موجات عديدة جاءت بعشرات الألوف مِن الحجّاج المسلّحين[177] الذين سعوا إلى تحقيق المجد والشهرة والمال مِن خلال أعمال السلب والنهب والعنف، فكانت الحملات الصليبيّة هي حركة الاستخراب الأوروبيّ في العصور الوسطى لسلب ثروات المنطقة العربيّة البالغة الحيويّة في حركة الاقتصاد العالمي حينذاك[178].

هيّأت الحروب الصليبيّة للناس أنْ يوقنوا بأنَّهم لم يبلغوا العالم الآخر إلّا بما يقومون به مِن قتال عنيف على ظهر الأرض[179]. هيّأ هذا المبدأ مشاركة أوروبيين في الحملات الصليبيّة كافّة، وقد أتى بنتائج جيّدة ساهمت باستمرار الصليبيين في بلاد الشام على مدار قرنين مِن الزمان، خصوصًا أنَّ الإمارات الصليبيّة التي أقيمت، كانت حريصة على تحقيق الربح والكسب المالي، فكانت الغارات متواصلة على المناطق الريفيّة غير المحصّنة والاستيلاء على المواشي ومناطق الرعي وتدمير المحاصيل لهروب السكّان؛ سياسةً اتّبعها الصليبيّون مع المناطق الداخليّة لطرد السكّان الأصليين، وما يوضح رغبات الصليبيين معاملتهم مع مسيحيي بيت المقدس بعد المذبحة الرهيبة التي حصلت لسكّانها؛ فقد استولوا على أديرتهم وطردوهم مِن الكنائس والبيوت، وغادرها البطريرك إلى القاهرة[180].
والواقع أنَّ الحرب هي الغرض الأساسي الذي قامت لأجله الحملات الصليبيّة، فالحرب كانت أساس الحياة في الإمارات التي أقيمت في الشرق العربي. وما يؤكّد هذه القاعدة عدم تمكنّ قادة الحملات الصليبيّة مِن تنفيذ وعودهم بل وضعفهم على فرض معاهداتهم على الأطراف الذين يقدّمون لهم المساعدة، فإذا استطاع بلدوين الالتزام بوعوده لحاكم طرابلس، فلم يتعرّض للنهب والتخريب ما كان تحت يديه مِن المناطق؛ فإنَّه لم يستطع فرض ذلك على الجنويين، الذين شقّوا طريقهم إلى داخل طرابلس فأخذوا ينهبون ويحرقون الدور ويقتلون كلّ مَنْ صادفهم. وفي غمرة هذه الفوضى أتى الحريق على مكتبة بني عمار التي كانت تُعدّ أروع مكتبات العالم، فحلّ الدمار بكل ما تحتويه[181]. ومِن أجل هذه الحرب ارتكب الصليبيّون العديد مِن الجرائم الدمويّة. إنَّهم همج أتوا لتدمير حضارة الشرق التي احتاجت لقرنين مِن الزمان لتتمكّن مِن التأثير على طباع هؤلاء المحاربين فتهذّبها إنسانيًّا وأخلاقيًّا.


لائحة المصادر والمراجع
ابن الأثير عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرام، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكيّة، تحقيق: عبد القادر طليمات، القاهرة، 1963م.
ابن الأثير عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرام، الكامل في التاريخ، حقّقه: عمر عبد السلام تدمري، ج8، بيروت، دار الكتاب العربي، 2012م.
أرنست باركر، الحروب الصليبيّة، تر: السيّد الباز العريني، بيروت، ط4، 1967م.
أرنول، ذيل تاريخ وليم الصوري 1184-1197م، تر: سهيل زكّار، دمشق، 1993م.
أسامة بن منقذ، الاعتبار، حرره: فيليب حتّي، مكتبة الثقافة الدينيّة، القاهرة، ب.ت.
إسمت غنيم، الحملة الصليبيّة الرابعة ومسؤوليّة انحرافها ضدّ القسطنطينيّة، دار المعارف، 1982م.
أودو أوف دويل، الحملة الصليبيّة الثانية كتاب رحلة لويس السابع إلى الشرق، تر: سهيل زكّار.
أولفر أوف بادربورن، الاستيلاء على دمياط، تحقيق: سهيل زكّار، الجزء 33 مِن الموسوعة الشاميّة في تاريخ الحروب الصليبيّة، دمشق، 1998م.
ابن تغري بردى أبو المحاسن جمال الدين يوسف، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب المصريّة، 16 جزء.
ابن جبير أبو الحسين محمّد بن أحمد، رحلة ابن جبير، دار صادر، ب.ت.
جوزيف نسيم يوسف، العرب والروم واللاتين في الحرب الصليبيّة الأولى، مكتبة الحروب الصليبيّة، بيروت، ط3، 1981م.
جوفري دي فانسوف، الحرب الصليبيّة الثالثة صلاح الدين وريتشارد تر: حسن حبشي، سلسلة تاريخ المصريين، العددين 181-182، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 2000م.
جوناثان ريلى –سميث، الحملة الصليبيّة الأولى وفكرة الحروب الصليبيّة، تر: محمّد فتحي الشاعر، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، ط2، 1999م.
حافظ أحمد حمدي، الشرق الإسلامي قبيل الغزو المغولي، دار الفكر العربي، ط1، 2000م.
حامد غنيم أبو سعيد، الجبهة الإسلاميّة في مواجهة المخطّطات الصليبيّة جبهة الشام وفلسطين ومصر، دار السلام، 2007م.
رأفت عبد الحميد، قضايا مِن تاريخ الحروب الصليبيّة، ط1، 1998م.
روجر أوف ويندوفر، ورود التاريخ، تحقيق: سهيل زكار، ج39 مِن الموسوعة الشاميّة في تاريخ الحروب الصليبيّة، 2000م.
ريمونداجيل، تاريخ الفرنجة غزاة بيت القدس، تر: حسين عطيّة، الإسكندريّة، 1990م.
سالم محمّد الحميدة، الحروب الصليبيّة عهد الجهاد المبكّر، ج2، بغداد، 1990م.
ستيفن رنسيمان، تاريخ الحروب الصليبيّة، تر: السيّد الباز العريني، ج1، لبنان، 1997م.
سعيد عبد الفتّاح عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبيّة، الدار المصريّة للتأليف والترجمة، 1964م.
سعيد عبد الفتّاح عاشور، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، بيروت، 1991م.
سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة صفحة مشرقة في تاريخ الجهاد العربي في العصور الوسطى، ج1، القاهرة، ط2، 1971م.
سهيل زكّار، الحروب الصليبيّة الحملتان الأولى والثانية حسب روايات شهود عيان كُتبت أصلًا بالإغريقيّة والسريانيّة والعربيّة واللاتينيّة، دمشق، ط1، 1984م.
شارل ديل، البندقية إمبراطوريّة أرستقراطيّة، تر: أحمد عزت عبد الكريم، توفيق إسكندر، دار المعارف، 1948م.
شاكر مصطفى، صلاح الدين الفارس المجاهد والملك الزاهد المفترى عليه، دمشق، ط1، 1998م.
عادل حمزة، العلاقات السياسيّة بين الدولة الأيوبيّة والإمبراطوريّة الرومانيّة المقدّسة زمن الحروب الصليبيّة، سلسلة تاريخ المصريين العدد 198، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 2001م.
عزمي عبد محمّد أبو عليان، مسيرة الجهاد الإسلامي ضدّ الصليبيين في عهد المماليك 648-923هـ/1250-1517م، الأردن، ط1، 1995م.
عصام محمّد شبارو، السلاطين في المشرق العربي معالم دورهم السياسي والحضاري السلاجقة- الأيوبيون، بيروت، 1994م.
علي السيّد علي محمود، العلاقات الاقتصاديّة بين المسلمين والصليبيين، القاهرة، ط1، 1996م.
علي محمّد الصلابي، الأيوبيّون بعد صلاح الدين، دار المعرفة، ط1، ب،ت.
علية عبد السميع الجنزوري، إمارة الرها الصليبيّة، سلسلة تاريخ المصريين، العدد 211، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، ط2، 2001م.
عماد الدين خليل، المقاومة الإسلاميّة للغزو الصليبي عصر ولاة السلاجقة في الموصل 489-521هـ/1095-1127م، دمشق، 2005م.
فايد حماد محمّد عاشور، الجهاد الإسلامي ضدّ الصليبيين والمغول في العصر المملوكي، لبنان، ط1، 1995م.
أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي، المختصر في أخبار البشر، دار الطباعة الشهانيّة، 1281هـ.
فوشيه الشارتري، الاستيطان الصليبي في فلسطين تاريخ الحملة إلى بيت المقدس 1095-1127م، تر: قاسم عبده قاسم، طبعة الشروق الأولى، 2001م.
قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى نصوص ووثائق تاريخيّة، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة والاجتماعيّة، 2001م.
ابن القلانسي حمزة بن أسد بن علي بن محمّد التميمي، تاريخ دمشق 360-555هـ، تحقيق: سهيل زكّار، دار حسان، ط1، 1983م.
كلود كاهن، الشرق والغرب زمن الحروب الصليبيّة، تر: أحمد الشيخ، ط1، 1995م.
متّى الرهاوي، تاريخ متّى الرهاوي الإفرنج الصليبيّون، المسلون، الأرمن، تر: محمود الرويض، عبد الرحيم مصطفى، الأردن، 2009م.
محمّد ماهر حمادة، وثائق الحروب الصليبيّة والغزو المغولي للعالم الإسلامي 489-1206هـ/ 1096-1404م «دراسة ونصوص»، سلسلة وثائق الإسلام 5، بيروت، ط2، 1982م.
المرتضى الزبيدي، ترويح القلوب في ذكر الملوك بني أيوب، تحقيق: صلاح الدين المنجد، بيروت، ط1، 1969م.
محمّد سهيل طقوش، تاريخ الأيوبيين في مصر وبلاد الشام وإقليم الجزيرة 569-661هـ/ 1174-1263م، بيروت، ط1، 1999م.
محمّد سهيل طقوش، تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام، 521-630هـ/ 1127-1233م، بيروت، ط1، 1999م.
محمّد سهيل طقوش، تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام، القاهرة، ط1، 1997م.
محمّد مؤنس عوض، الحروب الصليبيّة، العلاقات بين الشرق والغرب في القرنين 12-13م/ 6-7هـ، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة والاجتماعيّة، ط1، 2000م.
محمود عمران، الحملة الصليبيّة الخامسة حملة جان دي برين على مصر 1218-1221م/ 615-618هـ، جامعة الاسكندرية، 1985م.
محمود سعيد عمران، تاريخ الحروب الصليبيّة 1095-1291م، دار المعرفة الجامعيّة، 2000م.
مصطفى وهبة، موجز تاريخ الحروب الصليبيّة، ط1، 1997م.
المقريزي تقي الدين أحمد بن علي، السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: زيادة، القاهرة، 1941م.
المؤرّخ المجهول، أعمال الفرنجة وحجاج بيت المقدس، تر: حسن حبشي، المملكة العربيّة السعوديّة، 1958م.
ناديا محمّد زهير الغزولي، مدينة صور في حقبة الحروب الصليبيّة 498-690هـ/ 1096-1291م، رسالة مقدّمة لنيل درجة الماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، 2003م.
نادية محمود لطفي، العصر المملوكي مِن تصفية الوجود الصليبي إلى بداية الهجمة الأوروبيّة الثانية، الجزء العاشر مِن العلاقات الدوليّة في التاريخ الإسلامي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط1، 1996م.
نعمان الطيب سليمان، منهج صلاح الدين في الحكم والقيادة، ط1، 1991م.
ه.ا.ل. فيشر، تاريخ أوروبا العصور الوسطى، تر: محمّد مصطفى زيادة، السيّد الباز العريني، مصر، ط3، 1957.
وفاء محمّد علي، جهود المماليك الحربيّة ضدّ الصليبيين، الإسكندريّة، ط2، 1991م.
وليم الصوري، تاريخ الحروب الصليبيّة الأعمال المنجزة فيما ما وراء البحار، نقله للعربيّة: سهيل زكّار، دار الفكر، ط1، 1990م، ج1، ص141.
يعقوب الفيتري يطريرك عكّا، تاريخ بيت المقدس، تر: سعيد البيشاوي، الأردن، 1998م.
يوشع براور، عالم الصليبيين، تر: قاسم عبده قاسم، محمّد خليفة حسن، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة، ط1، 1999م.
Gino Lazzatto, An economic History of Italy, London,1961.
HANS EBERHARD MAYER, THE CRUSADES, tr: JOHN GILLINGHAM, OXFORD, ED 2, 1988.
KENNETH M. SETTON, A HISTORY OF THE CRUSADES, LONDON, 1969.
MARGARET RUTH MORGAN, DOCUMENTS SELATIFS A L’HISTOIRE DES CROISADES PUBLES PAR L’ACADEMIE DES INSCRIPTIONS ET BELLES – LETTRES, XIV, LA CONTINUATION DE GUILLAUME DE TYR 1184-1197, PARIS, 1982.
RICHARD VAUGHAN, Europe in the Middle Ages Selected Studies, oxford, 1979.
STANLEY LANE-POOLE, M.A, SLADIN AND THE FALL OF THE KINGDOM OF JERUSALEM, LONDON, 1985.


----------------------------------------
[1]*- دكتوراه في تاريخ العرب والإسلام، مديرة المركز الوطني لتطوير المناهج التربويّة في الجمهوريّة العربيّة السوريّة.
[2]- الحروب الصليبيّة: أتت هذه التسمية مِن معنيين: الأوّل إشارة إلى صليب صغير أحمر مصنوع مِن القماش كان يلصق على الكتف الأيمن للفارس المزمع السفر إلى بلاد الإسلام للحرب. والثاني ترجمة لكلمة مستعملة في اللغة الإنكليزيّة مِن أصلٍ لاتيني Crusades تعني الحروب أو الحملات التي شنّها مسيحيّو أوروبا في سبيل استرداد الأرض المقدّسة. المؤرّخ المجهول، أعمال الفرنجة وحجّاج بيت المقدس، تر: حسن حبشي، المملكة العربيّة السعوديّة، 1958م، ص18. محمّد ماهر حمّادة، وثائق الحروب الصليبيّة والغزو المغولي للعالم الإسلامي 489-1206هـ/1096-1404م «دراسة ونصوص»، سلسلة وثائق الإسلام 5، بيروت، ط2، 1982م، ص19. حامد غنيم أبو سعيد، الجبهة الإسلاميّة في مواجهة المخطّطات الصليبيّة جبهة الشام وفلسطين ومصر، دار السلام، 2007م، ص83. سهيل زكّار، الحروب الصليبيّة الحملتان الأولى والثانية حسب روايات شهود عيان كُتبت أصلًا بالإغريقيّة والسريانيّة والعربيّة واللاتينيّة، دمشق، ط1، 1984م، يوميّات صاحب أعمال الفرنجة، ص192.
[3]- أرنست باركر، الحروب الصليبيّة، تر: السيّد الباز العريني، بيروت، ط4، 1967م، ص3.
[4]- ستيفن رنسيمان، تاريخ الحروب الصليبيّة، تر: السيّد الباز العريني، لبنان، 1997م، ج1.
[5]- يوشع براور، عالم الصليبيين، تر: قاسم عبده قاسم، محمّد خليفة حسن، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة والاجتماعيّة، ط1، 1999م. ص10. محمّد مؤنس عوض، الحروب الصليبيّة، العلاقات بين الشرق والغرب في القرنين 12-13م/6-7هـ، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة والاجتماعيّة، ط1، 2000م، ص12-13.
[6]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة صفحة مشرقة في تاريخ الجهاد العربي في العصور الوسطى، ج1، القاهرة، ط2، 1971م، ص21-24.
[7]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص21.
[8]- وليم الصوري، تاريخ الحروب الصليبيّة الأعمال المنجزة فيما ما وراء البحار، نقله للعربيّة: سهيل زكّار، دار الفكر، ط1، 1990م، ج1، ص282-314-329، ج1، ص436. متّى الرهّاوي، تاريخ متّى الرهّاوي الإفرنج الصليبيّون، المسلمون، الأرمن، تر: محمود الرويض، عبد الرحيم مصطفى، الأردن، 2009م، ص45. ابن الأثير عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرام، الكامل في التاريخ، حقّقه: عمر عبد السلام تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، 2012م، ج8، حوادث سنة 492ه. ابن القلانسي حمزة بن أسد بن علي بن محمّد التميمي، تاريخ دمشق 360-555هـ، تحقيق: سهيل زكّار، دار حسان، ط1، 1983م، ص137. سعيد عبد الفتّاح عاشور، تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، بيروت، 1991م، ص196.
[9]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص1-2.
[10]- جعل ابن القلانس عام 490هـ هو بداية الحملات الصليبيّة فقال: «وفي هذه السنة كان مبدأ تواصل الأخبار بظهور عساكر الأفرنج مِن بحر القسطنطينيّة...». ابن القلانسي، المصدر السابق، ص218.
[11]- وصف أوربان في خطبته بيت المقدس بقوله: «إنَّ أورشليم أرض لا نظير لها في ثمارها، هي فردوس المباهج...». محمّد ماهر حمادة، وثيقة خطاب البابا أوربان الثاني، المرجع السابق، ص99-100.
[12]- ابن الأثير، الكامل، المصدر السابق، حوادث سنة 463هـ. وثيقة رسالة ألكسيس كومنين الأوّل إلى روبرت أمير الأراضي الواطئة عام 1088م. مِن كتاب محمّد ماهر حمادة، المرجع السابق، ص97.
[13]- هـ.ا.ل. فيشر، تاريخ أوروبا العصور الوسطى، تر: محمّد مصطفى زيادة، السيّد الباز العريني، مصر، ط3، 1957م، ص174.
MARGARET RUTH MORGAN, DOCUMENTS SELATIFS A L’HISTOIRE DES CROISADES PUBLES PAR L’ACADEMIE DES INSCRIPTIONS ET BELLES – LETTRES, XIV, LA CONTINUATION DE GUILLAUME DE TYR 1184-1197, PARIS, 1982, P
[14]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص93. نعمان الطيّب سليمان، منهج صلاح الدين في الحكم والقيادة، ط1، 1991م، ص329.
[15]- رأفت عبد الحميد، قضايا مِن تاريخ الحروب الصليبيّة، ط1، 1998م. ص11.
[16]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص9.
[17]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، أضواء جديدة على الحروب الصليبيّة، الدار المصريّة للتأليف والترجمة، 1964م، ص37.
[18]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص84-99.
[19]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص115.
[20]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص100.
[21]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص580.
[22]- نادية محمود لطفي، العصر المملوكي مِن تصفية الوجود الصليبي إلى بداية الهجمة الأوروبيّة الثانية، العلاقات الدوليّة في التاريخ الإسلامي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة، ط1، 1996م، ص23. محمّد سهيل طقوش، تاريخ المماليك في مصر وبلاد الشام، القاهرة، ط1، 1997م، ص180.
[23]- نادية لطفي، المرجع السابق، ص38.
[24]- ظهرت عدّة نظريّات نسبت قيام الحركة الصليبيّة لشخص دون آخر، مِن هذه النظريّات أنشودة رولان وقصيدة حجّ شارلمان، وهما أسطورتان بعيدتان عن الحقيقة، بينما يُعدّ خطاب الإمبراطور البيزنطي ألكسيس كومنين إلى روبرت أمير الأراضي الواطئة أسطورة أو وثيقة مزوّرة، وهناك أساطير قامت حول زعماء الحملة الأولى مثل بطرس الناسك، ذاعت هذه الأساطير في الغرب طيلة الحروب الصليبيّة بقصد التسلية وإثارة الهمم. وليم الصوري، المصدر السابق، ج1، ص167. جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص51-55.
[25]- فوشيه الشارتري، الاستيطان الصليبي في فلسطين تاريخ الحملة إلى بيت المقدس 1095-1127م، تر: قاسم عبده قاسم، طبعة الشروق الأولى، 2001م، ص81.
[26]- المؤرّخ المجهول، خطبة أوربان، مِن كتاب قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى نصوص ووثائق تاريخيّة، عين للدراسات والبحوث الإنسانيّة والاجتماعيّة، 2001م، ص77.
[27]- فوشيه دي شارتر، المصدر السابق، ص80. ريمونداجيل، تاريخ الفرنجة غزاة بيت القدس، تر: حسين عطيّة، الإسكندريّة، 1990م، ص54. وليم الصوري، المصدر السابق، ج1، ص168-173. أرنست باركر، المرجع السابق، ص9-22. ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص164.
[28]- رأفت عبد الحميد، المرجع السابق، ص16.
[29]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة، ص28.
[30]- فشر، المرجع السابق، ص179.
[31]- جوناثان ريلى – سميث، المرجع السابق، ص11.
[32]- قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى، ص11.
[33]- جوناثان ريلى – سميث، المرجع السابق، ص12.
[34]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص22.
[35]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص599. ناديا محمّد زهير الغزولي، مدينة صور في حقبة الحروب الصليبيّة 498-690هـ/1096-1291م، رسالة مقدّمة لنيل درجة الماجستير غير منشورة، جامعة دمشق، 2003م، ص58.
Gino Lazzatto, An economic History of Italy, London,1961, p73.
[36]- شارل ديل، البندقيّة إمبراطوريّة أرستقراطيّة، تر: أحمد عزت عبد الكريم، توفيق إسكندر، دار المعارف، 1948م، ص2-30. حافظ أحمد حمدي، الشرق الإسلامي قبيل الغزو المغولي، دار الفكر العربي، ط1، 2000م. ص113.
[37]- وليم الصوري، المصدر السابق، ج1، ص602. يعقوب الفيتري بطريرك عكا، تاريخ بيت المقدس، تر: سعيد البيشاوي، الأردن، 1998م، ص108. شارل ديل، المرجع السابق، ص31. فشر، المرجع السابق، ص182-183. ناديا الغزولي، المرجع السابق، ص59-
60. Gino Lazzatto, p72.
[38]- فشر، المرجع السابق، 176.
[39]- ستفين رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص171- ج3، القسم الثاني/ ص600.
[40]- بطرس الناسك: كان يُعدّ بمثابة التجسيد الحيّ للروحانيّة الشعبيّة، وقد كشفت دراسة هنريخ فون سايبل عام 1841م زيف هذه الأسطورة التي أحاطت ببطرس الناسك. رواية جيوبرت النوجنتي عن بطرس الناسك، وردت في كتاب قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى، ص98-99. يوشع براور، المرجع السابق، ص20. كلود كاهن، الشرق والغرب زمن الحروب الصليبيّة، تر: أحمد الشيخ، ط1، 1995م، ص55.
[41]- فوشيه الشارتري، المصدر السابق، ص6.
[42]- فشر، المرجع السابق، ص174.
[43]- أسامة بن منقذ، الاعتبار، حرره: فيليب حتّي، مكتبة الثقافة الدينيّة، القاهرة، ب.ت، ص134-135. ابن جبير أبو الحسين محمّد بن أحمد، رحلة ابن جبير، دار صادر، ب.ت، ص281. محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص28.
[44]- قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص28.
[45]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، أضواء جديدة، ص11.
[46]- ريمونداجيل، المصدر السابق، ص71.
[47]- قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص97.
[48]- جوناثان ريلي – سميث، المرجع السابق، ص80.
[49]- المرجع نفسه، ص118.
[50]- متّى الرهّاوي، المصدر السابق، ص67-68-69-71. رواية آنا كومنينا عن الحملة الصليبيّة الأولى مِن كتابها الأليكسياد Alexiad، وردت في كتاب قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص124. ووردت في كتاب سهيل زكّار، الحروب الصليبيّة الحملتان الأولى والثانية، المصدر السابق، ص121-136.
[51]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص334.
[52]- المرجع نفسه، ج1، ص365.
[53]- يوشع براور، المرجع السابق، ص56.
[54]- ستفين رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص366-369.
[55]- ريمونداجيل، المصدر السابق، ص247.
[56]- المصدر نفسه، ص248.
[57]- يوشع براور، المرجع السابق، ص61.
[58]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص22.
[59]- ابن الأثير، المصدر السابق، حوادث سنة 491هـ/ ص416- 417-418. ابن تغري بردى أبو المحاسن جمال الدين يوسف، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، دار الكتب المصريّة، ج5، ص191. وليم الصوري، المصدر السابق، ج1، ص282-314-329. سهيل زكّار، يوميّات صاحب أعمال الفرنجة، المصدر السابق، ص233. المؤرّخ المجهول، المصدر السابق، ص65.
[60]- متّى الرهاوي، المصدر السابق، ص99. سعيد عبد الفتّاح عاشور، أضواء جديدة، ص25.
[61]- يوشع براور، المرجع السابق، ص95-60.
[62]- قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص30.
[63]- يوشع براور، المرجع السابق، ص61.
[64]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص48. كلود كاهن، المرجع السابق، ص28.
[65]- ابن جبير، المصدر السابق، ص301- 302. أرنست باركر، المرجع السابق، ص71.
[66]- حصل تجّار أمالفي مِن المسلمين على أذن ببناء مشفى في بيت المقدس عام 1048م لإيواء الفقراء والمرضى مِن الحجّاج، ثمّ نظّم ريموند أوف لبوي رجال هذه الجماعة فجعلهم هيئة دينيّة تكرّس حياتها للعفّة والفقر والطاعة وحماية المسيحيين في فلسطين والدفاع عنهم دفاعًا عسكريًّا، ومِن ثَمَّ أصبح الفرسان فرسان القدّيس يوحنّا أو الإسبتاريّة Hospitallers مِن أقوى الهيئات في بلاد الشام. محمود عمران، تاريخ الحروب الصليبيّة 1095-1291م، دار المعرفة الجامعيّة، 2000م، ص56.
[67]- وفي عام 1119م نذر هيو أف باينز وثمانية آخرون مِن فرسان الصليبيين أنفسهم للرهبنة وخدمة القوّات الصليبيّة، وحصلوا مِن بلدوين الثاني على مبنى لهم بالقرب مِن الموضوع الذي كان فيه هيكل النبيّ سليمان، وقد أطلق عليهم فرسان المعبد. محمود عمران، تاريخ الحروب، ص57.
[68]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص91.
[69]- محمود عمران، تاريخ الحروب، ص68.
[70]- كان قادة هذه الحملات أمراء أمثال سيجورد ملك النرويج، إضافة لأقوام مثل الإنكليز والدانيين، والفرسان الذين جاؤوا للالتحاق بالإسبتاريّة أو الداويّة. ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الأوّل، ص400-401.
[71]- سالم محمّد الحميدة، الحروب الصليبيّة عهد الجهاد المبكّر، بغداد، 1990م، ج2، ص20.
[72]- يوشع براور، المرجع السابق، ص64.
[73]- الرها: منطقة طبيعة معقّدة مِن ناحية التركيب البشري أرمن وسريان وأتراك وتركمان وعرب فضلًا عن الوافدين الجدد الصليبيين، تقع على الطريق الرئيس بين الموصل وحلب، كانت إحدى كراسي المطرانيّة، لكنَّ إمارة الرها كانت بالدرجة الأولى إمارة حرب، حرب بينها وبين المسلمين مِن أجل البقاء، وبينها وبين الممتلكات الأرمنيّة خارجها مِن أجل التوسّع، وبينها وبين إمارة أنطاكية مِن أجل الأطماع الشخصيّة، وحرب شنّتها إلى جانب مملكة بيت المقدس بحكم تبعيّتها الإقطاعيّة لها. ابن الأثير علي بن أبي الكرام، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكيّة، تحقيق: عبد القادر طليمات، القاهرة، 1963م، ص66- 67. وليم الصوري، المصدر السابق، ج2، ص739. يعقوب الفيتري، المصدر السابق، ص36-37-38. علية عبد السميع الجنزوري، إمارة الرها الصليبيّة، سلسلة تاريخ المصريين، العدد 211، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، ط2، 2001م، ص7-29- 348. ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص300.
[74]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج1، ص293. علي السيّد علي محمود، العلاقات الاقتصاديّة بين المسلمين والصليبيين، القاهرة، ط1، 1996م، ص14-15.
[75]- عادل حمزة، العلاقات السياسيّة بين الدولة الأيوبيّة والإمبراطوريّة الرومانيّة المقدّسة زمن الحروب الصليبيّة، سلسلة تاريخ المصريين العدد 198، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 2001م، ص54. حامد أبو سعيد، المرجع السابق، ص89. عصام محمّد شبارو، السلاطين في المشرق العربي معالم دورهم السياسي والحضاري السلاجقة- الأيوبيّون، بيروت، 1994م، ص122.
[76]- عماد الدين زنكي 477-541هـ: والده قسيم الدولة آقسنقر، تمكّن عماد الدين مِن تكوين جبهة موحّدة لمقاومة الصليبيين واضعًا أوّل حجر في هذا البناء، تمكّن كسياسي بارز وعسكري بارع مِن توحيد جبهة الموصل وحلب. ابن الأثير، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكيّة، ص74-84. محمّد سهيل طقوش، تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام، 521-630هـ/1127-1233م، بيروت، ط1، 1999م، ص161-163.
[77]- عندما دبّ الضعف في مركز الدولة العباسيّة أخذت المدن تنفصل وتحصل على استقلالها في سياستها وإدارتها، وكانت الموصل إحدى هذه المدن. عماد الدين خليل، المقاومة الإسلاميّة للغزو الصليبي عصر ولاة السلاجقة في الموصل 489-521هـ/1095-1127م، دمشق، 2005م، ص12-15.
[78]- ابن القلانسي، المصدر السابق، ص436. محمّد سهيل طقوش، تاريخ الزنكيين، ص150.
[79]- علية الجنزوري، المرجع السابق، ص298.
[80]- سالم محمّد الحميدة، المرجع السابق، ج2، ص202-203-204.
[81]- ستفين رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الأوّل، ص375- 379.
[82]- ابن الأثير، التاريخ الباهر، ص69-70. سالم محمّد الحميدة، المرجع السابق، ج2، ص209.
[83]- علية الجنزوري، المرجع السابق، ص314. قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص138. محمّد سهيل طقّوش، تاريخ الزنكيين، ص156.
[84]- ستفين رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الأوّل، ص397. HANS, OP, Cit, p93 .
[85]- ابن الأثير، التاريخ الباهر، ص88. وليم الصوري، المصدر السابق، ج2، ص758-759. أودو أوف دويل، الحملة الصليبيّة الثانية كتاب رحلة لويس السابع إلى الشرق، تر: سهيل زكّار، ج1، ص295-314. فشر، المرجع السابق، ص184. أرنست باركر، المرجع السابق، ص74.HANS, OP, Cit, p93
[86]- أودو أوف دويل، المصدر السابق، ج1، ص315 هامش 2.
[87]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص74. مصطفى وهبة، المرجع السابق، ص32.
[88]- وليم الصوري، المصدر السابق، ج2، ص759. حامد أبو سعيد، المرجع السابق، ص183. عصام شبارو، المرجع السابق، ص124.
[89]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الأوّل، ص452.
[90]- ابن القلانسي، المصدر السابق، ص465-466. وليم الصوري، المصدر السابق، ج2، ص787. ابن الأثير، التاريخ الباهر في الدولة الأتابكيّة، المصدر السابق، ص89.
[91]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص183.
[92]- عادل حمزة، المرجع السابق، ص59.
[93]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الثاني، ص467.
[94]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص184.
[95]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، أضواء جديدة، ص7.
[96]- محمود سعيد عمران، تاريخ الحروب، ص125.
[97]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص71.
[98]- أنهى صلاح الدين مِن تأمين حدود دولته المترامية الأطراف، وأتمّ تدريب جيشه فنظّمه وسلّحه، فبدأ بالدخول في المرحلة الثانية هي الجهاد ضدّ الصليبيين. جوفري دي فانسوف، الحرب الصليبيّة الثالثة صلاح الدين وريتشارد، تر: حسن حبشي، الهيئة المصريّة العامّة للكتاب، 2000م، ج1، ص28. محمّد سهيل طقوش، تاريخ الأيّوبيين في مصر وبلاد الشام وإقليم الجزيرة 569-661هـ/ 1174-1263م، بيروت، ط1، 1999م، ص153-164. شاكر مصطفى، صلاح الدين الفارس المجاهد والملك الزاهد المفترى عليه، دمشق، ط1، 1998م، ص167. المرتضى الزبيدي، ترويح القلوب في ذكر الملوك بني أيّوب، تحقيق: صلاح الدين المنجد، بيروت، ط1، 1969م، ص68.
STANLEY LANE-POOLE, M.A, SLADIN AND THE FALL OF THE KINGDOM OF JERUSALEM, LONDON, 1985, P197.
[99]- قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص120. كتاب الروضتين لأبي شامة، ج1، ص706.
[100]- جوفري دي فانسوف، المصدر السابق، ج1، ص32. أرنست باركر، المرجع السابق، ص82.
[101]- شاكر مصطفى، المرجع السابق، ص295. جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص77. حامد أبو سعيد، المرجع السابق، ص303.
[102]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص86. ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص7.
[103]- جوفري دي فانسوف، المصدر السابق، ج1، ص14.
[104]- المصدر نفسه، ج1، ص206- ج2، ص41. ستيفن رنسمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص99. نعمان الطيب سليمان، المرجع السابق، ص328.
KENNETH M. SETTON, A HISTORY OF THE CRUSADES, LONDON, 1969, P45.
[105]- جوفري دي فانسوف، المصدر السابق، ج1، ص84-86. نعمان الطيّب سليمان، المرجع السابق، ص293.
[106]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص84.
[107]- ابن الأثير، المصدر السابق، ج10، ص32. أرنول، ذيل تاريخ وليم الصوري 1184-1197م، تر: سهيل زكّار، دمشق، 1993م، ص311، ناديا الغزولي، المرجع السابق، ص82.
[108]- يعقوب الفيتري، المصدر السابق، ص168-169. روجر أوف ويندوفر، ورود التاريخ، تحقيق: سهيل زكّار، الموسوعة الشاميّة في تاريخ الحروب الصليبيّة،2000م، ج39، ص372. KENNETH M. SETTON, P46 ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص145..
[109]- KENNETH M. SETTON, P522.
[110]- نعمان الطيّب سليمان، المرجع السابق، ص321. محمّد سهيل طقّوش، تاريخ الأيّوبيين، ص201. STANLEY LANE-POOLE, P281-343.
[111]- فشر، المرجع السابق، ص188.
[112]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص94-95.
[113]- إسمت غنيم، الحملة الصليبيّة الرابعة ومسؤوليّة انحرافها ضدّ القسطنطينيّة، دار المعارف، 1982م، ص56.
[114]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص199-200.
[115]- محمود عمران، الحملة الصليبيّة الخامسة حملة جان دي برين على مصر 1218-1221م/ 615-618هـ، جامعة الإسكندريّة، 1985م، ص81.
[116]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص97 هامش 1.
[117]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص77.
[118]- شارل ديل، المرجع السابق، ص42. محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص25.
[119]- إسمت غنيم، المرجع السابق، ص18.
[120]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص26.
[121]- عبَّر البابا يوحنّا بولس الثاني عام 2001م عن حزنه لأحداث الحملة الصليبيّة الرابعة، وقال: «إنَّه لأمر مأساوي أنَّ المهاجمين انقلبوا ضدّ إخوانهم في الإيمان»، وأعرب عن اعتذاره عام 2004م عن مذابح هذه الحملة أثناء زيارة بطريرك القسطنطينيّة «بارثولوميو الأوّل» الفاتيكان. سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة، ص33.
[122]- إسمت غنيم، المرجع السابق، ص97- 268.
[123]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأوّل، ص212.
[124]- إسمت غنيم، المرجع السابق، ص114.
[125]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الأول، ص234. إسمت غنيم، المرجع السابق، ص111.
[126]- محمود عمران، المرجع السابق، ص52. محمّد سهيل طقوش، تاريخ الزنكيين، ص321.
[127]- ريمونداجيل، المصدر السابق، ص225-226. Fulcher of chartres, p221 ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج2، القسم الأوّل، ص21.
[128]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص106-107.
[129]- قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى، ص14.
[130]- أولفر أوف بادربورن، الاستيلاء على دمياط، تحقيق: سهيل زكّار، الموسوعة الشاميّة في تاريخ الحروب الصليبيّة، دمشق، 1998م، ج33، ص38.
[131]- محمّد سهيل طقّوش، المرجع السابق، ص28-141-142. KENNETH M. SETTON, p381.
[132]- أولفر أوف بادربورن، المصدر السابق، ج33، ص57. أرنست باركر، الحروب الصليبيّة، ص109-110.
[133]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص80.
[134]- محمود عمران، المرجع السابق، ص283.
[135]- أولفر أوف بادربورن، المصدر السابق، ج33، ص79-83. محمود عمران، المرجع السابق، ص325.
[136]- محمّد سهيل طقّوش، تاريخ الأيّوبيين، ص321-322
[137]- أولفر أوف بادربورن، المصدر السابق، ج33، ص109. مصطفى وهبة، المرجع السابق، ص45.
[138]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص111.
[139]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص21.
[140]- محمّد سهيل طقّوش، تاريخ الأيّوبيين، ص344.
[141]- حامد أبو سعيد، المرجع السابق، ص362.
[142]- المقريزي تقيّ الدين أحمد بن علي، السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: زيادة، القاهرة، 1941م، ج1، ص228. عادل حمزة، المرجع السابق، ص299.
RICHARD VAUGHAN, Europe in the Middle Ages Selected Studies, oxford, 1979, v11B, p321.
[143]- حامد أبو سعيد، المرجع السابق، ص385. عصام شبارو، المرجع السابق، ص190. KENNETH M. SETTON, p489 .
[144]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص441. أرنست باركر، المرجع السابق، ص120.
[145]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ص255-272. فايد حماد محمّد عاشور، الجهاد الإسلامي ضدّ الصليبيين والمغول في العصر المملوكي، لبنان، ط1، 1995م، ص82-89.
[146]- ابن تغري بردى، المصدر السابق، ج6، ص330. فايد حماد محمّد عاشور، المرجع السابق، ص61-62. المقريزي، السلوك، ج1، ص336. ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص445.
[147]- المقريزي، السلوك، ج1، ص356. ابن تغري بردى، المصدر السابق، ج6، ص366. محمّد سهيل طقّوش، تاريخ المماليك، ص37.
[148]- ابن تغري بردى، المصدر السابق، ج6، ص369. فايد حماد محمّد عاشور، المرجع السابق، ص129-130.
[149]- مصطفى وهبة، المرجع السابق، ص53.
[150]- شارل ديل، المرجع السابق، ص51. RICHARD, Op, Cit, V11B, p361.
[151]- فتمّ تحرير قيسارية وأرسوف عام 663هـ/ 1265م، وتحرير صفد وهونين وتبنين ومدينة الرملة وبلاد سيس عام 664هـ/ 1266م، وتحرير يافا وأنطاكية عام 666هـ/ 1268م. المقريزي السلوك، المصدر السابق، ج1، 526-534-552-565-568-570. ابن تغري بردى، المصدر السابق، ج7، ص140-143. فايد حماد محمّد عاشور، المرجع السابق، ص145-146-149-150-155. وفاء محمّد علي، جهود المماليك الحربيّة ضدّ الصليبيين، الإسكندريّة، ط2، 1991م. ص11-24. عزمي عبد محمّد أبو عليان، مسيرة الجهاد الإسلامي ضدّ الصليبيين في عهد المماليك 648-923هـ/1250-1517م، الأردن، ط1، 1995م، ص33-43-50.
[152]- فايد حماد محمّد عاشور، المرجع السابق، ص158-160. عزمي أبو عليان، المرجع السابق، ص63.
[153]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص501.
[154]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص80-81.
[155]- المقريزي، المصدر السابق، ج1، ص590. محمّد سهيل طقّوش، تاريخ المماليك، ص127.
[156]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص503.
[157]- وفقًا لمعايير عناصر القوّة ومعايير ممارسة النفوذ، كانت دولة المماليك ولمدّة ثلاثة قرون الفاعل المركزي في العلاقات الإسلاميّة الدوليّة. نادية لطفي، المرجع السابق، ج10/ص7.
[158]- ستيفن رنسيمان، المرجع السابق، ج3، القسم الثاني، ص575.
[159]- المقريزي، المصدر السابق، ج1، ص764. وفاء محمّد علي، المرجع السابق، ص34.
[160]- أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن علي، المختصر في أخبار البشر، دار الطباعة الشهانيّة، 1281هـ، ج4، ص25-26. عزمي أبو عليان، المرجع السابق، ص82-84.
[161]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص20.
[162]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، ص41-42.
[163]- سعيد عبد الفتاح عاشور، الحركة الصليبيّة، ص21.
[164]- قاسم عبده قاسم، المرجع السابق، ص13.
[165]- محمّد ماهر حمادة، المرجع السابق، ص19.
[166]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص73.
[167]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، 86-87.
[168]- وليم الصوري، المصدر السابق، ج1، ص168-173. أرنست باركر، المرجع السابق، ص22.
[169]- يوشع براور، عالم الصليبيين، ص18.
[170]- فوشيه الشارتري، المصدر السابق، ص4. محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص32.
[171]- جوزيف يوسف، المرجع السابق، ج1، الملحق الأوّل، ص307.
[172]- المرجع السابق، ج1، ص89. سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة، ص37.
[173]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص24.
[174]- سعيد عبد الفتّاح عاشور، الحركة الصليبيّة، ص34. شاكر مصطفى، المرجع السابق، ص10.
[175]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص21-30.
[176]- جوناثان ريلى –سميث، المرجع السابق، ص26-39-40-48-57-58.
[177]- قاسم عبده قاسم، الحملة الصليبيّة الأولى، ص12. يوشع براور، المرجع السابق، ص21.
[178]- محمّد مؤنس عوض، المرجع السابق، ص13.
[179]- أرنست باركر، المرجع السابق، ص13.
[180]- مصطفى وهبة، المرجع السابق، ص27.
[181]- رنسيمان، ج2، القسم الأول ص113-114.