صدر العدد الجديد من فصليّة الاستغراب (شتاء 2024) بعنوان "الأخلاق والحقوق.. تكامليّة المنشأ والغاية"، وفيه مجموعة من البحوث والدراسات عالجت الموضوع من جوانب مختلفة. وقد توزّعت بحسب التبويب المعتمد كالآتي:
في المبتدأ، كتب الشيخ حسن أحمد الهادي افتتاحيّة العدد بعنوان "الأخلاق شرعة الاجتماع البشري"، وفيه يُسلّط الضوء على مركزيّة الأخلاق في المنظومة المعرفيّة والأنطولوجيّة للدين الإسلامي، وسريانها على الأنظمة القانونيّة، واحتلالها قمة هرم الأهداف المرسومة في الدين الإسلامي وهو بناء شخصيّة الإنسان بطريقة توصله إلى مرحلة التكامل المعنوي والروحي.
في الملف، مجموعة من البحوث جاءت كالآتي:
- تحت عنوان "الأخلاق الدينيّة والواقعيّة الأخلاقيّة"، كتب الأستاذ محمد لغنهاوزن مقاله، وفيه يقدّم عرضًا تاريخيًا موجَزًا لتصاعد الواقعيّة الأخلاقيّة في القرن العشرين، ويُميِّزُ بين الأنواع الرئيسة من الواقعيّة الأخلاقيّة، ويُشير إلى وجهات النظر الدينيّة التي تتطابقُ مع تبنّي الواقعيّة أو رفضها. ويحتجّ الباحث على أنّ الموقف الذي تبنّاه أبرزُ الفلاسفة المسلمين - والذي يرجع إلى ابن سينا مرورًا بالملّا صدرا - يلتقي في نقاطٍ مهمّة مع الموقف غير الواقعي.
- كتب الباحثان الإيرانيان محمد سعيد عبد اللهي ومحمد علي عبد اللهي بحثهما تحت عنوان "إمكان المعرفة الأخلاقية؟"، وفيه يعرضان لآراء أنصار نظريّة التخطئة، الذين يقولون بعدم وجود معرفة أخلاقيّة وأنّ الأخلاق لا تتعدّى كونها إحدى الأساطير الموروثة من السلف. وقام الباحثان بالبحث في أقوى الأدلة المقدّمة ضدّ العينيّة الأخلاقية من وجهة نظر الفيلسوف المعاصر شيفر لاندو، وإظهار عدم جدوائيّتها في إثبات المدّعى، وبالتالي فهي أدلة عقيمة.
- بعنوان "فلسفة حقوق الإنسان في رؤية آية الله جوادي الآملي، كتب الباحث الإيراني حميد پارسانيا بحثه، وفيه يبحث عن الحدّ الأدنى من الأسس الاعتقادية الضروريّة واللازمة للتدوين العالمي لحقوق الإنسان، ثم ينتقل إلى بحث المبادئ الأنطولوجيّة والإنثروبولوجيّة والإبستمولوجيّة لحقوق الإنسان الإسلاميّة. وفي الختام يُظهر امتياز حقوق الإنسان الإسلاميّة بالقياس إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال المقارنة بينهما.
- كتبت الباحثة الجزائريّة نورة بوحناش بحثها تحت عنوان "ما بعد الأخلاق وما بعد الفضيلة"، وفيه تعرض لمصطلح "ما بعد الأخلاق"، الذي تشكّل نتيجة تسارع خطوات الإنسان نحو التفلّت من كلّ الضوابط والمعايير. وتعالج الباحثة مصطلح ما بعد الأخلاق من خلال تفصيل الكلام في حقيقة الما بعد، والإشارة إلى تقاطع الدلالات بين الميتاأخلاق وما بعد الأخلاق، وتُسلّط الضوء على الذات ما بعد الحديثة في خضم الانفكاك من الأخلاق، وتُشير إلى العلاقة بين ما بعد الأخلاق وفلسفة الجسد.
- "منشأ الحقّ وأصوله الموضوعة" هو البحث المقتطف من كتابات الفيلسوف المعاصر الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، وفيه عرضٌ لنقطتين أساسيّتين: الأولى تبحث في منشأ الحقّ، وفيها يعرض للحقوق الطبيعيّة والوضعيّة ويختمها بالحقوق في النظرة الإسلاميّة. والثانية تعرض للأصول الموضوعة لحقوق الإنسان، من قبيل: أصل التوحيد، وأصل حكمة الله البالغة، وأصل خلود الروح، وأصل ارتباط الدنيا بالآخرة...
- تحت عنوان "نمط الحياة الطيّبة بين الإسلام والغرب"، كتب الباحث اللبناني حسن خليل رضا بحثه، وفيه يقدّم مقارنة بين ما شيّده الإسلام من أسس متينة للحياة الطيبة مبنيّة على الوحي الإلهي وبين ما راكمه الغرب من تجارب، مجيبًا على مجموعة من التساؤلات تنصبّ حول الحياة الطيبة بين الإسلام والغرب وما يتبع ذلك من مفارقات ميتافيزيقيّة بين الجانبين، وتبعات تأثيراتهما على الفرد والأسرة والمجتمع.
في باب منتدى الاستغراب، وردت دراستان كالآتي:
- صانعُ الساعات الأعمى: التطوُّر وإلغاء الله؟ وهو بحث من تأليف أليستر ماكغراث (Alister McGrath)، وفيه يتعرّض إلى آراء دوكينز خاصة في تبنّيه النظرة الكونيّة الداروينيّة وأنّها النظرية الوحيدة المعروفة التي يُمكن أن تَحلّ لُغزَ الوجود. وأوضح الباحث أنّ دوكينز يُقدِّمُ الداروينيّة كطريقٍ فكريٍ سريعٍ نحو الإلحاد، ما جعله يحاول سدّ الفجوة بين الداروينيّة والإلحاد من خلال فنّ الخطابة لا البرهان، ولذلك كانت استنتاجاته خاطئة.
- قراءة بعنوان "العلموية الغربية" تُعالج مصطلح العلموية من جوانب مختلفة وتُقدّم الاتجاهات المختلفة فيه، وتُجيب عن سؤال أساسيّ: هل مارس علماؤنا ونخبنا شكلًا من أشكال العلمويّة في نتاجهم العلمي؟ والإجابة كانت بالإيجاب من خلال إظهار عمليات تغليب علم على علم آخر، من قبيل: تغليب النحو في الفقه وتحويل الفقه إلى علم لغويّ، وتغليب الفلسفة والكلام في الفقه والأصول. ويرى الباحث أنّ من آثار العلموية عند علماء المسلمين ظهور التفسير العلمي للقرآن.
في باب بحوث ودراسات، وردت المقالات الآتية:
- تحت عنوان "أزمة المركزيّة الغربيّة وتبدّد وعودها" كتب الباحث اللبناني عبد الحليم فضل الله بحثه، وفيه يُسلّط الضّوء على أزمة المركزيّة الغربيّة فكريًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا، وما نتج عن انحسار حقبة العولمة الاقتصادية وتراخي السياسات الداعمة لها، من أثر بالغ على قدرة الغرب على جعل العالم متمحورًا حوله، ما أدى إلى انقلاب هيمته إلى محاولة لمقاومة قدر انحلال مركزيّته من خلال تجنيد التكنولوجيا وشبكات الاتصال والتحكّم بسلاسل الإنتاج وممرات التبادل لمصلحته واستتباع الثقافة والعلم للاقتصاد والسوق.
- "الأدوات الاقتصاديّة وغير الاقتصاديّة في السيطرة والإخضاع" هو عنوان البحث الذي كتبه الباحث اللبناني محمد نعمة فقيه، وفيه يعرض لطرائق عمل الأدوات الاقتصاديّة منذ سيادة النظام العالمي القائم على أحاديّة القطب في العلاقات الدوليّة، محاولًا رصد وتحليل تشابك أدوات السيطرة والإخضاع، وكيف شكّل الاختراق الاقتصادي للمجتمعات المستهدفة بالإخضاع مدخلًا للاختراق الثقافي والحضاري وتعميق التبعيّة الاقتصاديّة.
- هل فرضيّة الله مستبعدة.. ردّ على دوكينز" بحث للكاتب لوغان پول غايج (Logan Paul Gage)، وفيه تحليلٌ ونقدٌ لحجّة ريتشارد دوكينز المعروفة بـ"مُناورة بوينغ 747 القصوى"، التي وصفها بأنّها "الحجّة المحورية في كتابه، والتي دعمها الملحدون الجدد، فاكتسبتْ شكلًا من المكانة المعتمَدة.