ملخصات أبحاث ومقالات العدد 34

دراسة نقدية في فلسفة القانون عند أوستن: أزمة العلاقة بين القانون والأخلاق

أ.د/ رابح بن غريب / كلية الحقوق والعلوم السياسية- جامعة جيجل

مسألة العلاقة بين الأخلاق والقانون، بما هي علاقة شغلت الفكر الإنساني ككل، والفكر القانوني بشكل أكبر، حيث نكاد نقول إنه لا يمكن أن نجد نظرية في الفقه القانوني تخلو من جدل فكري حول القانون والأخلاق، فهي إشكالية تفرض نفسها بالقوة على رجال القانون.

عرف الفكر المعاصر وجود مذاهب متناقصة بأفكارها وآثارها، فالطبيعيون ينادون بسمو القانون الطبيعي والقانون الوضعي، وعلى العكس نجد الوضعيون يؤكدون على الفصل بين القانون والقيم استنادا إلى مبدأ نسبية القيم.

إلا أن الواقع يؤكد وجود ارتباط وثيق بين القانون والأخلاق وأن القانون الوضعي لا يعد قيمة في حد ذاته، ولا يعد مقبولا إلا مدى توافقه مع مجموعة القيم الأساسية، وخصوصا قيمة العدالة. فنجد النظام القانوني الوضعي الحديث يحتوي على العديد من النظم القانونية التي لا تفسر على أساس مبادئ العدالة والأخلاق، والأمن والاستقرار، من هذه النظم: الالتزام بمبدأ رد الإثراء بلا سبب، دفع غير المستحق، نظرية الوضع الظاهر، التقادم، نظرية الغبن وغيرها كما أن النظام القانوني بقدر ما يكون مؤكدا للقيم الأساسية التي يحملها، فإنه يكون فعالا بل نتجاوز في القول إذا قررنا أن القيم بالنسبة للقانون وخصوصا قيمة العدل بمثابة الروح بالنسبة للجسد.

ترتبط فكرة الوضعية القانونية في بريطانيا بأسماء جيرمي بنتام (1748-1832) وجون أوستن (1790- 1859م)، وقد جرت العادة على تسمية الأخير حتى وقت قريب بـ "مؤسس فلسفة القانون الإنجليزي"، وقد نادى بفصل القانون عن أي قيمة خلقية، وعادى الكنيسة والقانون الطبيعي.

هذا البحث نتحدث فيه عن النظرية التحليلية القانونية لأوستن، ونقدها بل ونقضها.

الكلمات المفتاحية: أوستن، قانون، أخلاق، وضعية

 

أخذ الحقوق على محمل الجد

دوركن بين النفعية ورؤى الحقوق الطبيعية

 د.  خنجر حمية / أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية

يهتم  دوركن في "أخذ الحقوق على محمل الجد"[1] قبل كل شيء بالإجراءات القانونية الواجبة، سواء في القانون أم السياسة. وفي هذا الصدد، فإن نظريته في القانون ونقده للوضعية القانونية تحدد الإطار العام لنظريته في السياسة. إنه يتصور القانون والسياسة من خلال مصطلح "الحق في المساواة"، والهدف هو إظهار الاهتمام والاحترام المتساوي للأفراد. ومع ذلك، فبينما يعتبر الإجراءات القانونية مسألة مبدأ، موجهة نحو النظر إلى علاقاتنا مع الآخرين من منظور العدالة، فإنه يتعامل مع العملية السياسية باعتبارها تنشغل فقط بالسياسة وتركز على تعزيز الصالح العام. والنتيجة التي ينتهي إليها هي وصف للقانون والسياسة أصيل ولكنه مميز. وعلى الرغم من أن دوركن يرى أن المراجعة القضائية القائمة على الحقوق تتفوق بشكل مشروع على القرارات الديمقراطية النفعية، فإن تفسيره للمداولات القانونية هو في حد ذاته ديمقراطي، كما يتضح من رؤيته للعصيان المدني، ويمكن أن ينطبق على الهيئات التشريعية بقدر ما ينطبق على المحاكم - إن لم يكن أكثر.[2]

وبالتالي فإن أحد أهداف كتاب دوركين كذلك هو تقديم نظرية للحقوق الطبيعية. ونظريته في الواقع جديدة ومثيرة للاهتمام من ناحيتين. فمن ناحية أولى ، هو يجادل بأن الاعتقاد الشائع بأن الحرية والمساواة يتعارضان بشكل أساسي مع بعضهما البعض هو اعتقاد خاطئ. لأن حقوق الحريات المختلفة مستمدة في حد ذاتها من شكل من أشكال الحق في المساواة - وهو ما يسميه دوركين الحق في الاهتمام والاحترام المتساويين. ومن ناحية أخرى، هو يعتقد أن فكرة الحق العام في الحرية، والتي يمكن أن تتعارض مع دعاوى المساواة، هي فكرة غير متماسكة.[3]

الكلمات المفتاحية: الحقوق، النفعية، المساواة، الوضعية القانونية، الديمقراطية، المراجعة القضائية، العصيان المدني، حق الاحترام، الرعاية، الحرية. نموذج القواعد، نموذج القوانين.

 

فلسفة الحق عند هيغل

د. عفيف عثمان / أستاذ فلسفة في الجامعة اللبنانية

يُنظر الى مؤلف هيغل  (1831 - 1771)[4]  (G. F. Hegel)أصول فلسفة الحق Grundlinien der Philosophie des Rechts) ) (1820) على أنه العمل الأكثر إثارة للجدل، لتضمنه على تاريخ الفلسفة الأخلاقية والحقوقية والسياسية، وعلى تحليل جريء للحداثة الثورية (بعد الثورة الفرنسية). وقد ألهم عدداً من التيارات والحركات السياسية يميناً ويساراً[5]، وفي كل مرة تعاد قراءته بعيون عصرية.

يشتغل البحث على مفهوم هيغل لفلسفة الحق، في مفاصلها الرئيسة. لكن من الضروري قبل التطرق الى موقفه من الحق ومبادئه، استعراض نظرية كانط، اذ  أسس هيغل فلسفته على نقده ،  فلا وجود لهيغل من دون كانط [6].

الكلمات المفتاحية: فلسفة، حق، قانون، فلسفة القانون، العقل،  أخلاق، دولة، دستور، سلطة، فلسفة التاريخ.

 

نقد فلسفة نظرية القانون الوضعي لجون أوستين

الاستاذ. هشام الإسماعيلي / كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-المغرب

تتأثر النظريات القانونية بالتوجهات والمفاهيم الفلسفية، والتي كان لها تأثير عميق في القرن التاسع عشر على ما يسمى حاليا "بالعلوم القانونية". حيث يتناول هذا البحث موضوعا فقهيا تحليليا بشأن نقد فلسفة نظرية القانون الوضعي لجون أوستن وتأثيرها على نظرية القانون المعاصرة، وفهم ما تنطوي عليه هذه النظرية، وتطبيقها في فهم القانون كظاهرة اجتماعية. ولا يقتصر هذا البحث على تحليل ظاهرة القانون الوضعي، بل يعرض أيضًا تعليقات على ظواهر مماثلة في نظرية أوستن، مثل نظرية الأوامر والقانون الدولي والسيادة والأخلاق الوضعية. فقد كانت نظريته في القانون واحدة من أهم المقاربات النظرية في إنجلترا في القرن التاسع عشر، وشكلت أيضًا الأساس للمفاهيم الجديدة وللتحليلات النقدية لنظريات القانون الوضعي اللاحقة، وتوفر أرضية صلبة لتفسير بعض فروع القانون، وخاصة القانون الجنائي. ويقدم البحث أيضا تحليلا نقديا لنظريته، مما يفتح المجال لآفاق أوسع لتطوير نظرية القانون الوضعي.

الكلمات المفتاحية: نظرية الأوامر، الحاكم صاحب السيادة، القانون الوضعي، الأخلاق الوضعية، العلوم القانونية التجريبية.

 

------------------

[1] Dworkin, Ronald. Taking Rights Seriously. Cambridge: Harvard University Press. 1978.

[2] Bellamy, R. Ronald Dworkin, Taking Rights Seriously The Oxford Handbook of Classics in Contemporary Political Theory Edited by Jacob T. Levy DOI: 10.1093/oxfordhb/9780198717133.013.18 : 8 Aug 2019, P 1-2

[3] Danny Shapiro, Does Ronald Dworkin Take Rights Seriously?. Canadian Journal of Philosophy, Sep., 1982, Vol. 12, No. 3 (Sep., 1982), pp. 417-434, Cambridge University Press. P 417.

[4]  لن أستغرق  في شرح حياة ومسار هيغل، لأن ما يهمنا هو فلسفته  ولا سيّما فلسفة الحق.  ويمكن للتوسع مراجعة كتاب د. عبد الرحمن بدوي، حياة هيجل (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر،  1980). وكذلك: رينه سرو، هيغل والهيغلية  (بيروت، دار الطليعة، 1993). ترجمة الدكتور أدونيس العكره.  وحول عصره يمكن العودة الى : R. Haym, Hegel et son temps, ( Paris, Gallimard, 2008).

[5]  اذ أدى الحاح هيغل على النسق (أو المنظومة)  جعل فلسفته موضع التباس، " وجدت امتدادها  في اتجاهين متباينيّن: فلسفة في التاريخ تؤدي الى نزعة انسانية  بالمعنى الذي سيعطيه كل من فيورباخ وماركس  (على الأقل في مؤلفاته الأولى) وهي تتجلى أساساً في كتاب فلسفة الحق، حيث تكون الفكرة هي الإرادة الكلية للدولة والدولة هي محقق التاريخ"، كما يقول د. عبد السلام بنعبد العالي،  هايدغر ضد هيغل، التراث والإختلاف (بيروت، دار التنوير،  1985). ص 36.

[6]  برتراند رسل، تاريخ الفلسفة الغربية (القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1977)، الكتاب الثالث، الفلسفة الحديثة. ترجمة محمد  فتحي الشنيطي. ص 351.