البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

ظاهراتيّة الدين

الباحث :  أحمد عبادي
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  27
السنة :  ربيع - صيف 2022م / 1444هـ
تاريخ إضافة البحث :  November / 12 / 2022
عدد زيارات البحث :  679
تحميل  ( 450.070 KB )

تحظى ظاهراتيّة الدين في الوقت الراهن بالمقبوليّة عند الكثير من المحقّقين في حقل الدين. وقد تسلّل هذا الاتجاه إلى حقل البحث الدينيّ تحت تأثير من ظاهراتيّة هوسيرل. إن العناصر الجوهريّة في ظاهراتيّة الدين عبارة عن: توصيف الظاهريّات الدينيّة بشكل بحت ومجرّد عن البيان، والتركيز على الحيثيّة الالتفاتيّة الكامنة في الظاهريّات الدينيّة، ومواجهة الرؤية التحليليّة، وتعليق جميع الفرضيّات والمعلومات السابقة، والسعي إلى شهود ذات الدين. إن ظاهراتيّة الدين تفتقر إلى جميع أبعاد النظام المعرفيّ الكامل؛ ولذلك لا يمكن اعتباره علمًا مستقلًّا يحتوي على التعيّن المعرفيّ التامّ. إنّ ظاهراتيّة الدين في أجدى صورة هي مجرّد اتّجاه متعلّق بمقام الجمع، وليست علمًا مستقلًّا، ولا منهجًا وأسلوبًا لمقام الحكم. وبناءً عليه فإنّ التوقّف عند التوصيف البحت، والغفلة عن البيان والتفسير، وعدم الجدوائيّة في الوقاية من النزعة التحويليّة وعلاجها، والاستناد إلى المفاهيم الكلّيّة والغامضة والمبهمة، والافتقار إلى النموذج الدراسيّ المحدّد والمنهج البحثيّ المدوّن، لتقويم النظريّات في مقام الحكم والإمعان في مقام الجمع، كلّ ذلك أدّى إلى عدم جدوائيّة ظاهراتيّة الدين بوصفها منطقًا لفهم الدين.

*     *     *

الكلمات المفتاحيّة: ظاهراتيّة الدين- المنهج- الالتفات- النزعة التحويليّة- البحث الدينيّ.

بيان المسألة
شاعت ظاهراتيّة الدين[2] في القرن العشرين الماضي على نطاق واسع، وقد أكّد الكثير من الباحثين على تقدّم الالتفات الظاهراتيّ في الدراسات الدينيّة. كان المتخصّصون في ظاهراتيّة الدين يسعون إلى تقديم منطق جامع لفهم الدين، ليتمكّنوا ـ عبر توظيف ذلك، وضمن الوقاية وعلاج الرؤية التحويليّة في الدراسات الدينيّة ـ من الوصول إلى توصيف منسجم وكامل عن جميع الظاهريّات الدينيّة. ولا بدّ من الالتفات إلى أنّ الدين هو حقيقة كثيرة الأضلاع ومعقّدة للغاية، والرؤية التحويليّة تضرّ بها للغاية، ومن هنا فإنّ الحصول على منطق جامع لمعرفة الدين وظاهراتيّته بالنسبة إلى الباحثين في الشأن الدينيّ ضروريّ جدًّا. لقد كان هؤلاء المتخصّصون في ظاهريّات الدين بصدد تدوين هذا النوع من المنطق والتعريف به. وهذه المقالة تسعى إلى بحث التعيُّن المعرفيّ لظاهراتيّة الدين؛ فهل لظاهراتيّة الدين تعيّن معرفيّ؟ وهل يمكن اعتبارها سلسلة واسعة معيّنة في البحث الدينيّ، مثل علم الاجتماع الدينيّ، وعلم النفس الدينيّ؟ إنّ هذه التساؤلات هي التي تمثّل محور هذه المقالة. ولهذه الغاية يجب العمل أوّلًا على التعريف الإجماليّ بالظاهراتيّة، وسوف نذكر لها خمسة عناصر أساسيّة. وبعد ذلك، نعمل ـ بالنظر إلى العناصر المعرفيّة للرؤية الظاهراتيّة ـ على بيان أبعاد ظاهراتيّة الدين. ثمّ سنبحث في باب التعيّن المعرفيّ لظاهراتيّة الدين، حيث يتمّ التأكيد في هذا القسم ـ ضمن تعريف مفاهيم «العلم»، و«الالتفات»، و«الأسلوب» ـ على بيان مصاديق هذه المفاهيم في خصوص ظاهراتيّة الدين. وفي الختام وفي إطار النقاط الخمس، سوف نعمل على تقويم جدوائيّة وكفاية الأبعاد المعرفيّة لظاهراتيّة الدين وجامعيّته، بوصفها منطقًا لفهم الدين.

جذور البحث
لقد حظيت ظاهراتيّة الدين[3] على مدى القرن المنصرم، بالإقبال من جانب الكثير من الباحثين في الشأن الدينيّ. وقد كان كلمن ك. ب. تيليه[4] (1830 ـ 1902م)، وب. د. كون بي دولا ساوساييه[5] (1848 ـ 1920م) ـ الذي يعتبر مؤسِّسًا لظاهراتيّة الدين بوصفها حقلًا مستقلًّا في البحث الدينيّ[6] ـ وردولف أوتو[7] (1869 ـ 1937م)، ويواخيم واخ[8] (1898 ـ 1955م)، وك. جوكوبليكر[9] (1898 ـ 1983م)، وفريدريك هيللر[10] (1892 ـ 1967م)، وميرتشا إلياده[11] (1907 ـ 1986م)، من الباحثين في الشأن الدينيّ، وكان لهم دور ملحوظ في تأسيس وتوسيع رقعة ظاهراتيّة الدين. كما استفاد بعض المتألّهين، من أمثال: فريدريك شلايرماخر[12] (1767 ـ 1834م)، وبول تيليش[13] (1886 ـ 1965م)، وإدوارد فارلي[14] (1919 ـ 1994م) ـ بشكل وآخر ـ من ظاهراتيّة الدين في دراساتهم اللَّاهوتيّة.
لم تلق ظاهراتيّة الدين رواجًا كبيرًا بين الناطقين باللغة الفارسيّة من الباحثين في الشأن الدينيّ. ومن بين علماء الغرب سعى هنري كوربان[15] (1903 ـ 1978م)، إلى تحليل ظاهراتيّ لمفاهيم التشيّع، ورأى أنّ مصطلح «كشف المحجوب» في الأدبيّات العرفانيّة، والمصطلح القرآنيّ «التأويل»، يتطابق مع مفهوم الظاهراتيّة[16]. كما قامت آنا ماري شيميل[17] (1922 ـ 2003م) بدورها في دراسة الإسلام من بوابة الظاهراتيّة[18]. وهكذا عمد محمّد علي أمير معزّي (1958 ـ ؟م) إلى دراسة عقائد الإماميّة بهذه الرؤية[19].

1 ـ الظاهراتيّة
اشتُقّت كلمة «phenomenon» وكلمة «phenomenology» من الكلمة اليونانيّة[20] «phainomenon»، (بمعنى الشيء الذي يظهر من تلقائه)[21]. وأوّل من استعمل مصطلح «الظاهراتيّة» (الفينومينولوجيا) هو الفيلسوف الألمانيّ يوهان هاينريش لامبرت[22] (1728 ـ 1777م) في كتابه (الأورغانون الجديد)[23]. وحيث كان مراده من «الظاهر» هو الخصائص الوهميّة للإدراك الإنسانيّ، فقد عرّف الظاهراتيّة بـ «نظريّة التوهّم»[24] أيضًا[25]. وقد ذهب إيمانوئيل كانط[26] (1724 ـ 1804م) خطوة أبعد؛ حيث فرّق بين الأشياء كما تظهر في الإدراك، والأشياء كما هي في نفسها وبشكل مستقل عن قوانا المعرفيّة. وقد عبّر عن القسم الأول من الأشياء بـ «الظاهر»[27]، والقسم الثاني من الأشياء بـ «الذات»[28] (غير المعلومة) أو «الأشياء في نفسها»[29]. يرى إيمانوئيل كانط أنّ الـ «نومان» غير قابل للتعريف أبدًا، وأنّ الظاهر (الفينومينون» وحده هو القابل للتعريف؛ ولذلك فإنّ المعرفة تعني العلم بالظاهريّات. وبعبارة أخرى: إنّ المعرفة تساوي «الظاهراتيّة»[30].

وقد عمد هيجل[31] (1770 ـ 1831م) ـ من خلال تقديم مفهوم جديد عن الظاهراتيّة ـ إلى الاعتراض على التقسيم الثنائيّ الكانطيّ المعروف بـ (نومان) و(فينومينون)، وقد بيّن في كتابه (ظاهراتيّة الروح)[32] (1807م) كيف تصل الروح في مراحلها التكامليّة المتنوّعة من معرفة النفس الظاهراتيّة إلى معرفة الذات في نفسها (كما هي موجودة)[33]. الاختلاف الجوهريّ بين ظاهراتيّة هيجل وكانط يكمن في تصوّر العلاقة بين الظاهر والوجود[34]. وفي منتصف القرن التاسع عشر للميلاد، اكتسب مفهوم الظاهر تعريفًا أعمّ، وتمّ استعماله مرادفًا لمفهوم «الواقعيّة» أو مفهوم «الحقيقة الخارجيّة»، ومن هنا فقد ذهب بعضهم ـ من أمثال وليم هيملتون[35] (1805 ـ 1865م)، وإدوارد فون هارتمن[36] (1842 ـ 1906م) ـ إلى تعريف مصطلح «الظاهراتيّة» ـ في ضوء هذا المبنى لـ «الظاهر» ـ على النحو الآتي: «تحقيق توصيفيّ[37] بحت في حقل موضوع معيّن»[38]. وقد قام تشارلز ساندرز بيرس[39] (1839 ـ 1914م) سنة 1902م بتقديم مفهوم أوسع للظاهراتيّة، حيث يشمل الدراسة التوصيفيّة لكل ما يرد على الذهن، سواء أكان ذلك الوارد على الذهن حقيقيًّا أم موهومًا[40]، وقد عمد إدموند هوسيرل[41] (1859 ـ 1938م) إلى استعمال مفردة «الظاهراتيّة» في إطار أسلوب مستقلّ في الفلسفة[42]، حيث شكّل بدايةً لنهضة في الفلسفة تحت عنوان: «النهضة الظاهراتيّة»[43][44]، ومنذ ذلك الحين شاع استعمال مصطلح الـ «الظاهراتيّة الفلسفيّة»[45]. أمّا أبرز مشاهير نهضة الظاهراتيّة، فهم على التوالي: أدولف رايناخ[46] (1883 ـ 1917م)، وماكس شيللر[47] (1874 ـ 1928م)، وموريتس غايجر[48] (1880 ـ 1937م)، وألكساندر بيفيندر[49] (1870 ـ 1941م)، وأوسكار بيكر[50] (1889 ـ 1964م)، ومارتن هايدغر[51] (1889 ـ 1976م).

إنّ الغاية الأصليّة للظاهراتيّة الفلسفيّة، هي التعرّف المباشر على الظاهرات، وذلك عن طريق التجربة ومن دون وساطة منهم، ومن هذه الناحية يحصل الظاهراتيّ على هذه الإمكانيّة؛ ليصل إلى التوصيف الصحيح والكامل للبنية الماهويّة لهذه الظواهر؛ ومن هنا فإنّ الظاهراتيّ يسعى إلى التخلّص من جميع الفرضيّات والتصوّرات السابقة، وأن يتحرّر من التفسيرات والشروح العليّة[52].

2 ـ العناصر الأساسيّة للظاهراتيّة
وهكذا فإنّ للظاهراتيّة الفلسفيّة خمسة عناصر أساسية، وسوف نعمل فيما يلي على إيضاحها.
أ ـ التوصيف[53]: يرى هوسيرل أنّ مهمّة الفلسفة الأساسيّة هي البحث في حقل ذوات الموجودات وحقائقها كما تظهر لنا، ولكي نعرف الأشياء يتعيّن علينا التخلّي عن المفاهيم والنظريّات الفلسفيّة، والخوض في الشهود والتوصيف المباشر للظاهريّات كما تبدو في التجربة والشعور المباشر ومن دون واسطة[54]. تسعى الظاهراتيّة إلى توصيف ماهيّة الظاهرات[55]، والتركيبات الماهويّة[56]، وطريقة ظهور التجلّيات[57] في عمق التجربة الإنسانيّة[58]. تبدأ الظاهراتيّة بهذا الفهم: وهو أنّ كلّ ما هو موجود، يجب بحثه على شكل «ظاهراتيّ»؛ بمعنى أنّنا في معرفة الأشياء يجب علينا أوّلًا أن نلتفت إلى أنّ معرفة كلّ شيء تبدأ لحظة تجلّيه وطريقة ظهوره بالنسبة إلينا؛ ولذلك ففي التعرّف على الأشياء بشكل صحيح وكامل، ينبغي أن نتّجه «إلى ذات الأشياء»[59] ونقصدها[60]؛ من ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنّنا إذا أردنا أن نعرف «الأخضر» يجب علينا أن نصل إلى ذات الأخضر، وعليه يجب التخلّي عن خضرة أوراق الأشجار أو خضرة الجدران، والخضرات الأخرى بأجمعها، والاقتراب مباشرة من ذات الأخضر. وعلى هذا الأساس فإنّ المسألة الجوهريّة في الظاهراتيّة، تكمن في كيفيّة ظهور الأشياء للإنسان[61].

ب ـ الالتفات[62]: لقد أخذ هوسيرل هذا المصطلح من أستاذه فرانتز برنتانو[63] (1837 ـ 1917م). إنّ الالتفات في أدبيّات برنتانو يعمل على بيان النسبة بين الظاهرة الذهنيّة والظاهراتيّة الفيزيقيّة[64]، ولهذا المفهوم مكانة مهمّة في آثار هوسيرل[65]، فهو يرى أنّ الوعي والإدراك يلتفت على الدوام إلى موضوع أو متعلَّقٍ، وحقيقة الذات إضافة. إذ للوعي والإدراك «حيثية»[66]؛ بمعنى أنه يدور على الدوام حول شيء، ويتّجه نحو شيء ما. والإدراك هو على الدوام «إدراك لـ ...»[67]؛ ولذلك فإنّ مدركاتنا ليست مجرّد ظواهر ذهنيّة فقط، بل هي تتّجه نحو الغير والآخر أيضًا[68].

ج ـ المخالفة أو التحويليّة[69]: لقد أعلن الظاهراتيّون من خلال نظريّة «نحو الأشياء»[70] عن مخالفتهم لجميع أنواع التحويليّة، أو على حدّ تعبير رايناخ: «فلسفات هذا وليس سواه»؛ وقالوا[71]: إنّ المراد من الرؤية التحويليّة هو إحالة ظاهريّة ما إلى أمر أدنى منها، وأخذ جانب من الشيء بدلًا من حقيقته[72][73]. لقد أدرك الظاهراتيّون ـ من خلال التأمّل في أسباب وخلفيّات النظرة التحويليّة ـ أنّ النزعة التحويليّة بشكل عام تنشأ من أنّ المحقِّق بدلًا من معرفة الماهيّة وحقيقة الموضوع مورد البحث والتحقيق، يعمد إلى توظيف الفرضيّات المسبقة التي تحول دون شهود الذات وإدراك الحقيقة. إنّ هذه الفرضيّات ترسخ في الذهن بحيث لا يرى المحقِّق معها حاجة إلى الشهود المباشر، وإدراك حقيقة الشيء لتوصيف الظاهرات؛ بل يذهب به الظنّ إلى أنّ الظاهرة مورد البحث يجب أن يُنظر إليها بحسب الأصول على هذه الحالة. لا يرى المحقِّق ما هو موجود حقيقة، وإنّما يرى ما يريده فقط. إنّ الفرضيّات تؤدّي إلى ظهور معلّبات فكريّة؛ حيث ينظر المحقّق في مقام التوصيف إلى الظاهر من زاوية قوالبه ومعلّباته الفكريّة؛ ولذلك فإنّه يراه دون ما هو في الواقع والوجود. إنّ الرؤية التحويليّة تعدّ من الآفات المدمّرة في العلوم الإنسانيّة؛ إذ تؤدّي بالمحقّق والباحث ـ بدلًا من رؤية الأشياء كما هي (الظهور في نفسه) ـ إلى رؤية الأشياء كما يريد لها أن تكون. وبعبارة أخرى: إنّ القضيّة التحويليّة بدلًا من توصيف «ما هو موجود»، تتضمّن تمنّي «ما يجب»[74].

د ـ التعليق: إنّ «الوضع بين قوسين»[75] أو «التعليق»[76] هو من المصطلحات الجوهريّة والمفتاحية في تفكير هوسيرل[77]، فهو يذهب إلى الاعتقاد بوجوب التخلّي عن جميع الفلسفات السابقة وغضّ النظر عنها، والذهاب ـ من أجل الوصول إلى العلم الكامل ـ إلى الأشياء نفسها دون أن يكون ثمّة في البين أيّ أحكام مسبقة[78]. إنّ الظاهراتيّ يعمل ـ من خلال تعليق جميع الفرضيّات المسبقة ـ على مجرّد التأمّل الخالص في الوعي والإدراك، وبذلك فإنّه يركن جانبًا كلّ ما يذهب إلى أبعد من التجربة المباشرة، ويُحجم عن إصدار الأحكام بشأنها، ويكتفي بمجرّد ما يظهر له فقط. إنّ الظاهراتيّ ـ من خلال وضع العالم العينيّ بين قوسين ـ يتحوّل إلى ناظر حياديّ، ويتحوّل ما اختبره إلى مجرّد ظاهريّة صرفة.

إنّ الاكتشاف الأهمّ في هذه المرحلة هو «الأنا الاستعلائيّة»[79]، وهو أنّي في مسار الحصول على المعرفة، أدرك أنّ كلّ ما له اعتبار ومفهوم، إنّما يكون قد اكتسب معناه واعتباره بالنسبة لي «أنا». وإنّ الـ «أنا» تحوّل العالم إلى «ظاهريّة بحتة»، وفي هذا المسار ترى نفسها تحويليّة. إنّ هذا التحويل هو النواة الأصليّة للتأويل الاستعلائيّ/ الظاهراتيّ. إنّ الظاهراتيّ بعد تعليقه جميع المعتقدات المرتبطة بالعالم الطبيعيّ، يعمل على تحويل الشيء إلى مجرّد ظاهراتيّة بحتة؛ ولذلك فإنّ التأويل الاستعلائيّ/ الظاهراتيّ، عبارة عن توصيف العبور من الرؤية غير المتأمّلة إلى المعرفة التأمّليّة[80].

هـ ـ شهود الذات[81]: إنّ التعليق وإدراج العالم الطبيعيّ ضمن قوسين، يساعد المحقّق في الوصول إلى مرتبة الذات؛ ومن هنا فإنّ الظاهراتيّة هي نوع من العلم بالذات، وعلى أساسها لا بدّ من أجل شهود الذات من التوجّه إلى ما تمّ العلم به وإدراكه مباشرة. إنّ شهود الذات عبارة عن الوصول إلى المعنى والمفهوم الذي يمهّد الطريق إلى معرفة الأمر الواقع كما هو موجود[82]. ويتمّ إدراك الذات في شهود وجدانيّ[83]؛ ومن هنا فإنّ شهود الذات لا يشتمل على أيّ خصلة ميتافيزيقيّة (بمفهومها الأفلاطونيّ)، وإنّما هو ظهور «ذات الشيء» على «الأنا»[84]. إنّ شهود الذات إدراك يحكي عن التوافق والقرابة بين الذات والظاهريّات[85]. إنّ المراد من الذات هنا هي «الذات الكلّيّة» التي تعكس «ماهيّة» الأشياء؛ بمعنى الخواص الذاتيّة والثابتة للظاهريّات التي تجيز لنا التعرّف على الظاهريّات الجزئيّة ضمن «نوع كلّيّ». إنّ الشخص الظاهراتيّ يسعى من خلال «شهود الذات» إلى تخليص التركيبات الذاتيّة ـ التي تجسّدت في الظاهريّات الخاصّة ـ من القيود. إنّ مسار الظاهريّات يبدأ بواسطة المعطيات الخاصّة والجزئيّة، وتختتم في نهاية المطاف بكشف «الماهيّة» أو «التركيبة الماهويّة» المتجسّدة في المعطيات الخاصّة[86][87]. وعندما يتمّ إدراك «الماهيّة الكلّيّة»، يصل الشخص الظاهراتيّ إلى شهود الذات.

3 ـ الظاهراتيّة الدينيّة
تركت الرؤية الظاهراتيّة تأثيرها حتّى على حقل الدراسات الدينيّة، وفتحت مدخلًا جديدًا في هذه المساحة. وجميع العناصر الخمسة للظاهراتيّة الفلسفيّة تشكِّل موردًا لاهتمام الظاهراتيّين المختصّين في الشأن الدينيّ أيضًا، وأمّا تفصيل ذلك فعلى النحو التالي:

أوّلًا: يسعى الظاهراتيّ في الشأن الدينيّ بشكل مباشر إلى إقامة مواجهة حضوريّة مع الدين، وذلك بدلًا من التفسير[88] الظاهراتيّ للدين، ويدرس الدين بعيدًا عن الأبحاث المفهوميّة كما يظهر لإدراكنا. للحصول على المعرفة الصحيحة والكاملة عن الدين، يجب اجتناب المفاهيم والنظريّات الفلسفيّة، والذهاب مباشرة إلى الشهود والتوصيف المباشر للظاهراتيّة الدينيّة، على نحو ما تتجلّى في التجربة والإحساس المباشر، والتوجّه «نحو ذات الدين»[89]. يذهب كريستنسن إلى الاعتقاد بأنّ كانون ظاهراتيّة الدين، يكمن في توصيف هذا الأمر، وهو «كيف يفهم المتديّنون إيمانهم؟». يجب التخلّي في هذا التوصيف البحت عن جميع أنواع التفسير والحكم والتقويم[90]؛ ومن هنا فإن الظاهراتيّين المختصّين في الشأن الدينيّ يفرّقون بين توصيف الظاهراتيّات الدينيّة وبين تفسيراتها، ويعتبرون الظاهراتيّة الدينيّة متكفّلة في توصيف المعطيات الدينيّة فقط.

ثانيًا: إنّ الظاهراتيّين المختصّين في الشأن الدينيّ، يذهبون إلى الاعتقاد بأنّ تحقّق الإدراك والفهم الصحيح والكامل للدين رهن بالتركيز على الحيثيّة الالتفاتيّة الكامنة في الظاهراتيّات الدينيّة؛ ومن هنا فإنّ المعرفة الدينيّة على الدوام «إدراك لشيء»؛ من ذلك أنّ المعرفة الدينيّة من وجهة نظر أوتو ـ على سبيل المثال ـ هي «المتعلّق المقدّس»[91]. إنّ ديالكتيك الأمر المقدّس يُعدّ بدوره ـ من وجهة نظر ميرتشا إلياده ـ أسلوبًا لإيضاح الخصائص الالتفاتيّة للظاهراتيّات الدينيّة[92].

وثالثًا: لقد كان الباحثون في الشأن الدينيّ ـ من خلال الانخراط في الظاهراتيّة ـ يسعون إلى معالجة آفة الرؤية التحويليّة في حقل الدراسات الدينيّة. إنّ الدين ظاهرة معقّدة وذات أضلاع معرفيّة متعدّدة ومتنوّعة، والرؤية التحويليّة تسبِّب لها أضرارًا كثيرة. والمعارف الدينيّة التاريخية البحتة، والنفسيّة أو الاجتماعيّة، تقدّم تصوّرات ناقصة ـ بل وحتّى خاطئة ـ عن الدين. إنّ التهرّب من النزعة السطحيّة والوصول إلى باطن الدين يشكّل هاجسًا أصليًّا للظاهراتيّة. يجب التعرّف في الظاهراتيّات الدينيّة على ذات الصورة التي تظهر نفسها في التجربة الإنسانيّة لـ «الأمر القدسيّ»[93][94].

يذهب الظاهراتيّون من المختصّين في الشأن الدينيّ إلى الادّعاء بأنّهم في مدخلهم يدرسون الظاهراتيّات الدينيّة بشكل خالص وعلى نحو لا يقبل التحويل. وقد سعى كلٌّ من علماء الاجتماع، وعلماء النفس، وعلماء الاقتصاد وغيرهم، إلى تفسير الظاهراتيّات الدينيّة من زاوية الآراء غير الدينيّة. وتسعى الظاهراتيّة الدينيّة ـ ضمن معارضتها لتحويل الظاهراتيّات الدينيّة إلى معطيات اجتماعيّة ونفسيّة واقتصاديّة وسياسيّة وما إلى ذلك ـ من أجل التمهيد لشهود ذات الدين. لقد كان الظاهراتيّون من أوائل العلماء الذين أدركوا أبعاد آفات الرؤية التحويليّة على تفكير عصرهم، وسعوا إلى تقديم منهج وأسلوب للوقاية من هذه الآفات أو معالجتها. وقد كان لهم من حيث الاهتمام بآفات النظرة التحويليّة في معرفة الظاهراتيّات الإنسانيّة ـ ولا سيّما منها الظاهراتيّات الدينيّة ـ دور طبيّ معالج، حيث إنّهم يرون أنّ الاتجاه نحو أمور من قبيل علم الاجتماع الدينيّ، وعلم النفس الدينيّ، وتاريخ الأديان، يؤدّي إلى ظهور النظرة التحويليّة في دائرة البحث الدينيّ، والطريقة الوحيدة للعلاج والوقاية من ذلك تكمن في أخذ الظاهراتيّة في معرفة حقيقة الدين والظاهرات الدينيّة.

لقد كان للظاهراتيّة الدينيّة ـ من حيث الاهتمام بالآفات الشائعة في التفكير المعاصر ـ الكثير من النجاحات؛ إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ كلّ من يقف على الآفات والأضرار، سوف يكون ناجحًا بالضرورة في الوقاية والاحتراز منها أيضًا، فلا شكّ في أنّ اكتشاف وتحديد أخطاء النظرة التحويليّة رهن بالتأمّلات المنهجيّة للظاهراتيّين؛ ولكن هل قدّموا ـ فيما يتعلّق بالوقاية من أضرار النظرة التحويليّة ـ أسلوبًا وأداة ناجعة في هذا الشأن أم لا؟ سوف نتحدّث لاحقًا في هذا الشأن بتفصيل أكبر.

ورابعًا: إنّ الشخص الظاهراتيّ في الدين يسعى ـ من خلال تعليق جميع الفرضيّات والمعلومات السابقة ـ إلى مجرّد التأمّل في الظاهراتيّات الدينيّة، وأن يتخلّى عن كلّ ما يتجاوز التجارب غير المباشرة، ويحجم عن إصدار الأحكام بشأنها، وأن يكتفي بمجرّد ما يظهر له فقط. إنّ الظاهراتيّ يتحوّل ـ من خلال وضعه للمفاهيم الدينيّة بين قوسين ـ إلى مجرّد ناظر محايد؛ بمعنى أنّه يحوّل ما جرّبه من الدين إلى ظاهرياتيّة بحتة، ويذهب الظاهراتيّون من المختصّين في الشأن الدينيّ إلى التوصية بأن يتمّ تجنّب ـ تجنّب مقصود ومنظم ـ جميع أنواع الأحكام المرتبطة بالدين، الأعمّ من الأحكام المباشرة وغير المباشرة. يجب في معرض الكشف عن الحقيقة، تعليق كلّ فرضيّة مسبقة لا تخرج عن اختبار الشكّ والترديد من قِبل المحقّق[95].

وخامسًا: إنّ الشخص الظاهراتيّ المتخصّص في الشأن الدينيّ يسعى ـ من خلال تعليق المعتقدات الدينيّة ووضعها بين قوسين ـ من أجل الوصول إلى ذات الدين، ولشهود ذات الدين يجب الاهتمام بما تمّ إدراكه وفهمه بشكل مباشر. إنّ غاية الظاهراتيّة الدينيّة هو شهود وتفسير وتوصيف ذات الظاهراتيّة الدينيّة وماهيتها؛ ولكن يوجد اختلاف في وجهات النظر حول ما هو الشيء الذي يبلور التركيبة الماهويّة للظاهراتيّة الدينيّة، فيوجد بين الظاهراتيّين مَن يرى أنّ «التركيبة الماهويّة للدين» هي نتيجة للتعميم الاستقرائيّ/التجريبيّ الذي يعبّر عن خصوصيّة مشتركة في الظاهرات الدينيّة المختلفة. إنّ ذات أو ماهية الدين عبارة عن الأبنيّة العميقة والكامنة التي لا تظهر على سطح التجربة بالواسطة، ويجب العمل على تفسيرها والكشف عنها وفكّ رموزها عن طريق الأسلوب الظاهراتيّ. إنّ هذه الأبنية تعبّر عن الخصائص الضروريّة والثابتة التي تعمل على توفير إمكانيّة لفهمها وإدراكها بشكل متمايز ومشخّص[96].

4 ـ نقد منهجيّ لظاهراتيّة الدين
لقد كانت غاية الظاهراتيّة أن تظهر على الدوام بوصفها علمًا مستقلًّا وحقلًا علميًّا[97] متميّزًا[98]. والسؤال الذي نبحث عن الإجابة عنه في هذه المقالة، هو: هل يمكن اعتبار الظاهراتيّة في الدين «علمًا» مستقلًّا؟ وهل يّصح إطلاق عنوان «الأسلوب» أو المنهج على ظاهراتيّة الدين كما ذهب بعضهم إلى ذلك[99]؟ نسعى في هذه المقالة إلى إثبات أنّ ظاهراتيّة الدين ـ بسبب عدم اشتمالها على الشرائط والخصائص اللازمة للتعيّن المعرفيّ ـ لا هي «علم» ولا هي «منهج»، وإنّما هي في أرقى حالاتها مجرّد «اتجاه» لا أكثر؛ ولذلك لا بدّ في معرض الإجابة عن الأسئلة أعلاه، من العمل قبل كلّ شيء على بيان تعريف «التعيّن المعرفيّ».

5 ـ التعيّن المعرفيّ
إنّ المراد من التعيّن المعرفيّ في مساحة ما، هو أن تكون تلك المساحة مشتملة على جميع الأركان المعرفيّة لعلم ما. ويجب عدم الخلط بين مفهوم «العلم» وبين مفهوم «المنهج» أو «الاتجاه»، وفيما يلي سوف نقدّم تعريفًا دقيقًا لهذه المفاهيم الثلاثة: «الاتجاه» و«المنهج» و«العلم».

المنهج والاتجاه: يعود الاختلاف بين «المنهج» وبين «الاتجاه» إلى الاختلاف بين «مقام الجمع»[100] وبين «مقام الحكم»[101]، توضيح ذلك أنّ مسار البحث العلميّ يشتمل على ثلاث مراحل، وهي كالآتي:

1 ـ بيان المسألة: إنّ مسار التحقيق يبدأ بالتسلل المعرفيّ والسؤال[102] الذي يواجهه المحقّق والباحث.
2 ـ بيان الفرضيّة: بعد طرح السؤال، يعمد المحقق والباحث إلى تقديم الجواب الظنّيّ والحدسيّ عنها، ويُسمّى هذا الجواب بـ «الفرضيّة»[103].
3 ـ اختبار الفرضيّة: ينصبّ الجهد المنهجيّ للباحث والمحقّق على نقد ودراسة وإثبات الفرضيّة، وهو ما يُسمّى بـ «الاختبار»[104].

ويُعدّ ركن اختبار الفرضيّة ومنهجها من أهمّ أركان التحقيق العلميّ، وعلى هذا الأساس يمكن تقسيم مسار البحث العلميّ إلى قسمين ومقامين رئيسين، وهما: مقام الجمع، ومقام الحكم، ويشتمل مقام الجمع على مرحلتين؛ الأولى (بيان المسألة)، والثانية (بيان الفرضيّة). وأمام العلماء والمفكّرين في هذا المقام طرق متنوّعة، ومن بينها: التأمّلات الفلسفيّة، والتجارب الشخصيّة، والنبوغ الفكريّ، والدراسة المقارنة، وما إلى ذلك، وكلّها طرق يمكن من خلالها اكتشاف مسألة أو فرضيّة ما، ويُسمّى هذا المقام بمقام الجمع؛ حيث تتضح فيه المسائل والفرضيّات. إنّ مقام الجمع هو مقام اكتشاف وتجميع المواد الخام، والمراد من الاكتشاف هنا ليس هو اكتشاف الفرضيّات الصحيحة؛ بل من المحتمل أن يتمّ جمع واكتشاف الآراء الصحيحة والآراء الخاطئة أيضًا[105]. إنّ مفهوم «الاتجاه» بمنزلة الطريق للاقتراب من المسألة، والمدخل لاصطياد النظريّة أو الفرضيّة.

إنّ المرحلة الثالثة في البحث والتحقيق، هي مرحلة (اختبار الفرضيّة)، تمثّل مقام الحكم في خصوص الآراء الخام التي تمّ العمل على جمعها واكتشافها في مقام الجمع. ويُسمّى هذا المقام بـ «مقام الحكم»[106]. والمراد من الاختبار هنا هو الأعمّ من الاختبار التجريبيّ والاختبار غير التجريبيّ، فإذا كانت فرضيّة التحقيق عبارة عن تلاحم بين متغيّرين، سوف يكون التحقيق بحاجة إلى الاختبار التجريبيّ، وإن كانت فرضيّة التحقيق عبارة عن تحليل رواية، وجب اختبارها بأسلوب الدراية. وتسمّى طريقة اختبار الفرضيّة بـ «المنهج» وتتعلّق بمقام الحكم[107]. وأمّا الاتجاه فهو طريقة لاصطياد المسألة واقتناص الفرضيّة؛ وأمّا المنهج والأسلوب فهو أداة تستعمل في نقد وتقويم الفرضيّة التي يتمّ الحصول عليها. ومن هنا فإنّ «الاتجاه» يتعلّق بمقام الجمع، و«المنهج» يتعلّق بمقام الحكم.

العلم: إنّ العلم هو المساحة المعرفيّة التي تشتمل على الخصائص الآتية:
1 ـ الالتفات إلى مرحلتي التوصيف والبيان وعدم التوقّف في مرحلة التوصيف؛ يعدّ التوصيف من أهمّ الهواجس في كلّ علم، وتعمل جميع العلوم على توصيف الظاهريّات بشكل أو بآخر، وقد كان المتقدّمون يبحثون التوصيف في تبويب مسائل العلوم ضمن مسألة الهليّة المركّبة، والمراد من الهليّة المركّبة هو بيان الكيفيّة؛ وعلى هذا الأساس فإنّ التوصيف لا يتعرّض إلى بيان (ما الحقيقيّة) أو وجود (الهليّة البسيطة)، وإنّما يعمل على بيان الكيفيّة. لقد كان المتقدّمون ـ من خلال حصر العلم بالعلوم البرهانيّة ـ يحصرون المسائل التحقيقيّة الناظرة إلى التوصيف بالسؤال عن العوارض الذاتيّة للموضوع، وقد أدّى هذا الحصر إلى حدوث الكثير من المشاكل في العلوم البرهانيّة وسائر العلوم الأخرى[108]، ويعمل الحصر المذكور على إخراج الكثير من التحقيقات في العلوم عن دائرة الأبحاث والتحقيقات العلميّة؛ ومن هنا فقد ذهب بعض علماء المنطق في سياق رفع هذا الإشكال إلى القول بالتوسعة في تعريف العوارض الذاتيّة[109]. ويختلف رأي العلماء المتقدّمين في باب التوصيف عن رأي العلماء المتأخرين إلى حدّ كبير، وما يُسمّى اليوم بـ «التوصيف» يحظى بمفهوم أوسع، فالتوصيف ليس مجرّد بيان الأوصاف، بما في ذلك الأوصاف الذاتيّة؛ بل هو الأعمّ من بيان الأوصاف أو النسبة بين أمرين متغيّرين. إنّ السؤال عن الآثار والعلامات ونسبة ظاهريّة إلى الظاهراتيّات الأخرى ـ سواء أكانت النسبة مباشرة أو معكوسة ـ يُعدّ بحثًا عن التوصيف.

المراد من البيان هو الجواب عن السؤال بـ «لماذا»[110]، وأمّا السؤال بـ «لماذا»، فهو يتضمّن سنخين من المسائل، السنخ الأوّل:  المطالبة بالدليل[111] أو مسألة الاستدلال أو (التوجيه)[112]؛ والسنخ الثاني: المطالبة بالعلّة[113] أو البيان[114]. والبيان هو ذات بيان علّة الظاهرة؛ بيد أنّ بيان العلّة يتمّ بطريقين، وهما: الطريق العلميّ، والطريق غير العلميّ (العامّيّ)؛ أمّا البيان العلميّ[115] فهو عبارة عن بيان علّة ظاهرة ما في ضوء قانون علميّ[116]، بمعنى أنّنا في حقل البيان نواجه أمرين، وهما: الواقعيّة المعيّنة[117]، والقانون العمليّ[118] المعيّن الذي يعمل على بيان تلك الحقيقة[119][120].

وتعدّ مسألة البيان من العناصر الجوهريّة في التعيّن المعرفيّ لعلم ما، وعلى الرغم من أنّ البيان مسبوق من الناحية المنطقيّة بالتوصيف، وعلى الرغم من أنّ الإخفاق في التوصيف يؤدّي بدوره إلى عدم النجاح في البيان[121]، إلّا أنّ عدم الالتفات إليه يؤدّي إلى زوال التعيّن المعرفيّ لعلم ما، فالبيان يمنح العلم تعيّنًا معرفيًّا، وبعبارة أخرى: لا يمكن تسمية الأبحاث الفاقدة للبيان  «علمًا»؛ وذلك لخلوّه من الاستقلال العلميّ.

2 ـ الجدوائيّة في مقام الوصول إلى الأهداف؛ إنّ عدم النجاح في الأهداف ـ التي تشكّل الحافز الرئيس في ظهور علم ما ـ يُشير إلى الضعف المعرفيّ والنقص المنهجيّ؛ حيث إنّ التعيّن المعرفيّ والعينيّة المنهجيّة يفرض تحدّيًا في تلك المساحة التي هي بمنزلة علم يشتمل على جميع الأبعاد والأضلاع المعرفيّة.

3 ـ عدم الغموض في المفاهيم الأساسيّة؛ إنّ فقدان النموذج المفهوميّ والمحدّد والمتناغم، يؤدّي إلى التشويش والاضطراب في تلك الدائرة التي يسلب عنها التعيّن المعرفيّ.

4 ـ الاستفادة من الأسلوب المعيّن والناجع في مقام الحكم؛ إنّ المنهج هو أداة قياس عامّة[122]، تجعل من إمكان النقد وتقويم النظريّات أمرًا ممكنًا ومتاحًا لجميع الأشخاص. إنّ كمال مساحة معرفيّة ما يكمن في اشتمالها على أدوات القياس والتقييم العام للحكم بشأن النظريّات، وفقدان هذه الأدوات يعدّ نقصًا يقضي على التعيّن المعرفيّ للعلم، والعلم الذي يفتقر إلى النقد ويعجز عن تقويم الفرضيّات والنظريّات، سوف يكون مفتقرًا إلى بعض الأضلاع المعرفيّة في حقل معرفيّ كامل وجامع.

5 ـ الاستفادة من نظريّة كاملة في التفسير؛ إنّ أحد الاختلافات بين الأبحاث المنظّمة والعلميّة وبين الدراسات غير المنهجيّة والمضطربة، يكمن في أنّ مطلوب التحقيق العلميّ هو المعرفة[123]، وليس كلّ اعتقاد[124]. عبارة عن «الاعتقاد الصادق والموجّه»[125][126]. إنّ الوجاهة والاشتمال على الدليل[127]، شرط في تحقّق المعرفة. والتوجيه بدوره هو مثل البيان، يُعدّ جوابًا عن السؤال بـ «لماذا»؛ مع فارق أنّ البيان هو طلب العلّة[128]، وأمّا التوجيه فهو طلب الدليل[129]، والذي يتمّ التعبير عنه بمسألة الاستدلال.

6 ـ التعيّن المعرفيّ لظاهراتيّة الدين
تفتقر ظاهراتيّة الدين إلى جميع أبعاد النظام المعرفيّ الكامل؛ ولذلك لا يمكن اعتبار ظاهراتيّة الدين علمًا مستقلّاّ مشتملًا على تعيّن معرفيّ كامل. إنّ ظاهراتيّة الدين ليست مساحة مستقلّة وليس حقلًا متعيّنًا، من قبيل علم النفس الدينيّ أو علم الاجتماع الدينيّ؛ بل هي مجرّد اتجاه يسعى إلى التعريف بالأبعاد الكامنة لظاهراتيّات الدين من خلال التوصيف البحت والخالص. لقد سعى الظاهراتيّون إلى إظهار ظاهراتيّة الدين في إطار علم مستقلّ[130]. ولكن على الرغم من هذه الجهود فإنّهم لم يحققوا نجاحًا كبيرًا في تعيينها؛ ومن هنا فإنّ ظاهراتيّة الدين على مستوى الاتجاه البحت قد بقيت متعلّقة بمقام الجمع، ولكنّها لم تتمكّن من فرض وجودها بوصفها علمًا مستقلًّا على مستوى المساحات الأخرى في البحث الدينيّ، من قبيل علم الاجتماع الدينيّ وعلم النفس الدينيّ. ولإثبات هذا الادّعاء، وبالنظر إلى الشرائط الخمسة التي ذكرناها للتعيّن المعرفيّ لمساحة ما، ننتقل إلى بيان بعض النقاط على النحو الآتي:

أوّلًا: يذهب بعض المختصّين في ظاهراتيّات الدين ـ من أمثال: ف. ماكس مولر[131] (1823 ـ 1900م) ـ إلى الاعتقاد بأنّ ظاهراتيّات الدين علم توصيفيّ مستقلّ[132]، وتحظى بذات الاستقلال[133] (الذاتيّ) والعينيّة التي تحظى بها العلوم التجريبيّة[134]. إنّ ظاهراتيّة الدين بحث توصيفيّ بحت[135] متعلّق بموضوع معيّن، حيث يعمل بواسطة الشعور المباشر[136] بتوصيف الظاهراتيّات الدينيّة[137]. إنّ ظاهراتيّة الدين لا تعمل على بيان الظاهراتيّات الدينيّة، بل تعمل على مجرّد توصيفها، ويذهب المختصون في ظاهراتيّات الدين إلى الاعتقاد بأنّ التوصيفات غير الظاهراتيّة عن الدين تقوم على خطأ «أخذ جانب من الشيء بدلًا من كنهه»، ولا يخفى أنّ هذا الأمر يجعل منها تقارير ناقصة وتعمل على بيان بعد واحد من الظاهراتيّات الدينيّة. وللاحتراز عن هذه الأوصاف الناقصة والخاطئة، أخذوا يؤكّدون على التوصيف البحت، وأخذوا يصرّون بشدّة على تجنّب التفسيرات العلّيّة[138].

إنّ الظاهراتيّة الدينيّة المتوقّفة على مسألة التوصيف تتنصّل من تقديم التفسير، فلا يمكن اعتبارها علمًا مستقلًّا في مضمار البحث الدينيّ على غرار علم الاجتماع الدينيّ وعلم النفس الدينيّ. إنّ غاية البحث والتحقيق العلميّ ليست هي مجرّد اكتشاف وتوصيف الظاهراتيّات فقط؛ بل الغرض هو العمل على بيان وتفسير أسباب حدوث هذه الظاهراتيّات على هذا المنوال أيضًا؛ ولماذا يجب أن يكون النبيّ معصومًا؟ ولماذا ظهر الخوارج؟ ولماذا تنوّعت التفاسير عن الدين؟ وما هي علّة تحوّل الإيمان؟ وما هو سبب ظهور الأنواع المختلفة للتجربة الدينيّة؟ وما هو عنصر اقتران الحياء المقدّس والتجربة الدينيّة؟ وما إلى ذلك من الأسئلة التي هي بأجمعها من نوع الأسئلة التي تطالب بالشرح والبيان والتفسير[139]، والأجوبة عن هذا النوع من الأسئلة ـ كما هو الحال بالنسبة إلى أيّ مضمار علميّ آخر ـ تؤسّس لظهور العلم على الساحة المعرفيّة. ومجرّد توصيف عصمة النبيّ أو تقرير ظهور الخوارج أو ماهيّة التجربة الدينيّة، وما إلى ذلك من الأمور الأخرى من قِبل الباحث والمحقّق في الشأن الدينيّ لإطلاق عنوان «العلم» على اتجاهه وإن كان لازمًا وضروريًّا ولكنّه ليس كافيًا. إنّ التفسير والبيان شرط ضروريّ في التعيّن المعرفيّ للعلم، وهذا ما تفتقر إليه ظاهراتيّة الدين، ويعمد الظاهراتيّون في الدين إلى الابتعاد عنه فيما يتعلّق بالبحث الدينيّ. إنّ كمال علم ما يكمن في مبادرته إلى تفسير الظاهرات بالإضافة إلى توصيفها؛ في حين أنّ ظاهراتيّة الدين لم تصل إلى هذا النوع من الكمال.

ثانيًا: إنّ التجربة الممتدّة لقرن من الزمن لا تؤيّد جدوائيّة الظاهراتيّة في الوقاية والعلاج من النظرة التحويليّة، وعلى الرغم من أنّ الظاهراتيّين قد واجهوا أنواعًا مختلفة من النظرة التحويليّة، من قبيل: تحويل المنطق إلى علم النفس[140]، وتحويل الأشياء إلى أوصافها المحسوسة (النزعة الظاهريّة أو أصالة الظاهر)[141]، وتحويل الشعور والإحساس إلى مجموعة من المضامين من الحسّيّات والعواطف والانفعالات (الذرّيّة النفسانيّة أو علم النفس)، ومذهب أصالة العلم[142][143]، إلّا أنّهم على الصعيد العمليّ لم يتمكّنوا من تقديم طريقة عمليّة للوقاية والعلاج من النظريّة التحويليّة. إنّ ظاهراتيّة الدين بدورها تقوم على نوع من الحصر المنهجيّ[144]، ويرى الظاهراتيّون المختصّون في الشأن الدينيّ أنّ الظاهراتيّة الدينيّة إنّما يمكن فهمها بواسطة المدخل المعرفيّ الظاهراتيّ، وأنّ الاتجاهات الأخرى (من قبيل: الاتجاه التاريخيّ، والاتجاه التطبيقيّ والمقارن، والاتجاه المنطقيّ، والاتجاه التجريبي ّوما إلى ذلك) عاجزة عن تعريفها. وهذه النزعة الحصريّة عنصر أصليٌّ في النظرة التحويليّة، فالنظرة التحويليّة وليدة هذا النوع من الحصريّات المنهجيّة والأسلوبيّة، والتي لا تزال تعدّ أكبر مانع في تحليل المسائل اللاهوتيّة. إنّ تحويل الدين إلى الأخلاق، وتحويل التجربة الدينيّة إلى الأمور الأحيائيّة والنفسيّة، وتحويل الدين إلى أيديولوجيا، وتحويل الدين إلى المعرفة الدينيّة، أمثلة ونماذج تحول دون كشف هويّة الظاهراتيّات الدينيّة المتعدّدة الأضلاع، ومن هنا نجد اليوم الكثير من الظاهراتيّين المختصّين في الدين يعدلون عن الأساليب الظاهراتيّة، ويذهبون إلى النماذج البديلة، من قبيل: الدراسات البينيّة، وعلى هذا الأساس فإنّ ظاهراتيّة الدين التي تدّعي علاج النظرة التحويليّة هي بنفسها تعاني من هذا الداء؛ حيث عملت أوّلًا على تحويل الدين إلى ظاهراتيّة دينيّة، ثمّ سعت بعد تعليق جميع أنواع الفرضيّات إلى توصيفه من طريق شهود الذات؛ في حين أنّ الدين وظاهريّاته إنّما يمكن بحثه ودراسته في الحواضن الاجتماعيّة والتاريخيّة والثقافيّة وحتى السياسيّة. إنّ ظاهراتيّة الدين ليست عاجزة عن الوقاية من النظرة التحويليّة وعلاجها فحسب، بل وهي من الناحية العمليّة قد أدّت إلى المزيد من التخبّط في التحويليّة، وهذا هو ذات الأمر الذي أوجب عدم كفاية منهج ظاهراتيّة الدين. إنّ عدم نجاح ظاهراتيّة الدين في الوقاية من النظرة التحويليّة وعلاجها الذي كان يمثّل الدافع والحافز الرئيس في تبلور الظاهراتيّة، يشير إلى الضعف المعرفيّ والنقص الأسلوبيّ والمنهجيّ الذي يفرض تحدّيًا على التعيّن المعرفيّ وعينيّة الأسلوب المعرفيّ الظاهراتيّ للدين بوصفه علمًا مشتملًا على جميع الأبعاد والأركان المعرفيّة.

ثالثًا: إنّ الكثير من المفاهيم والعناصر المعرفيّة التي تقوم عليها ظاهراتيّة الدين، قد تُركت على حالها من الغموض والإبهام؛ بحيث تمّ الاكتفاء بمجرّد التعاريف الكلّيّة، ولم يتمّ تقديم مسار عمليّ محدّد وواضح لكيفيّة تطبيقها على أرض الواقع. إنّ «الشعور المباشر ومن دون واسطة»، و«الإدراك المتجانس»[145]، و«التعليق والوضع بين قوسين»، و«شهود الذات والبصيرة بالأبنية الماهويّة»[146]، و«التأويل الاستعلائيّ» هي من بين المفاهيم الأساسيّة في ظاهراتيّة الدين الفاقدة للآليّات والأدوات الدراسيّة العمليّة المحدّدة والمنظّمة. وقد بلغ هذا الخلأ حدًّا ذهب معه بعض الظاهراتيّين المختصّين في الدين من أمثال بليكر إلى الإقرار والاعتراف بأنّ الكثير من المفاهيم الجوهريّة في ظاهراتيّة الدين إنّما تستعمل في المعاني المجازيّة[147] فقط[148]. كما أنّ مسار اكتشاف «البنية الماهويّة» بدوره مبهم للغاية، ولا يزال موردًا للنقاش والجدل ومضمارًا لاختلاف الآراء، فهل البنية الماهويّة هي نتيجة لتعميم استقرائيّ تجريبيّ؟ وهل معرفة البنية الماهويّة بحث وتحقيق تاريخيّ[149] أم هي تحقيق مخالف للتاريخ[150][151]؟، وهل اكتشاف البنية الماهويّة مسار مقارن وتطبيقيّ يتحقّق بفعل المقارنة بين الآحاد والتعدّديّات في الظاهراتيّات الدينيّة؟ إنّ الكثير من المفاهيم الجوهريّة في ظاهراتيّة الدين تنطوي على هذه الحالة، وفقدان النموذج العمليّ المحدّد والمنظّم حوّل ظاهراتيّة الدين إلى مسلك مزاجيّ وذهنيّ وغير عمليّ.

رابعًا: تفتقر ظاهراتيّة الدين إلى منهج وأسلوب[152] معيّن وناجع لتقويم النظريّات الدينيّة في مقام الحكم، حيث إنّ ظاهراتيّة الدين قد توقّفت في مقام الجمع، ولم تنتقل إلى مقام الحكم؛ ولهذا السبب فإنّ ظاهراتيّة الدين لم تحقّق نجاحًا ملحوظًا في التعريف بمناهج النظريّات الدينيّة وأساليب نقدها وتقويمها، وإنّما تتجلّى هذه النقيصة عندما نقارن ظاهراتيّة الدين بسائر أبعاد البحث الدينيّ؛ من ذلك أنّ علم الاجتماع الدينيّ وعلم النفس الدينيّ ـ على سبيل المثال ـ قد تمكّنا من تقديم مناهج وأساليب معيّنة في مقام الحكم (وهي في الغالب أساليب تجريبيّة)؛ في حين أنّ ظاهراتيّة الدين لم تحصل على مثل هذا الكمال في تعيّنها المعرفيّ.

إنّ ظاهراتيّة الدين في أجدى صورة هي مجرّد اتّجاه متعلّق بمقام الجمع، وليست علمًا مستقلًّا، ولا منهجًا وأسلوبًا لمقام الحكم، وإذا تمّت الغفلة عن أساليب  الحكم في علم ما أو كانت هذه الأساليب بطيئة أو ضعيفة، وتمّ الاستناد إليها غالبًا في مقام الجمع، في حين لا يُعلم كيف يجب تقويم ما تحقّق في هذا المقام، وما هو الطريق للتمييز بين الصحيح وغير الصحيح منها، فإنّ هذا النوع من المعرفة سوف يكون ضعيفًا وناقصًا[153]؛ ولذلك يجب  العمل على نقد وتقويم معطيات الظاهراتيّين في حقل الدين بالأساليب ذات الصلة بمقام الحكم[154]. وعلى هذا الأساس فإنّ ظاهراتيّة الدين ـ بسبب تأكيدها وتركيزها على التوصيف البحت للظاهرات الدينيّة ـ قد توقّفت أوّلًا في مقام الجمع ولم تذهب إلى أبعد من ذلك؛ ولذلك فهي مجرّد اتجاه بالنسبة إلى هذا المقام؛ ثانيًا: بسبب غياب الأساليب الخاصّة بمقام الحكم لنقد وتقويم النظريّات، وكذلك الغفلة عن أدوات من قبيل التفسير والتوجيه، أدّى ذلك في حدّ ذاته إلى فقدان التعيّن المعرفيّ لها بوصفها علمًا مستقلًّا يحتوي على إضلاع كاملة.

خامسًا: إنّ ظاهراتيّة الدين تعاني من النقص والخلأ حتى من حيث إبداء نظريّة متكاملة في التبرير والتسويغ[155] أيضًا، إنّ المتوقّع في الدراسات الدينيّة هو الحصول على اعتقاد دينيّ مبرّر ومستدلّ، فالمتديّن من جهة ـ بوصفه مخاطبًا بالوحي ـ يسأل بشكل طبيعيّ عن أحقّيّة التعاليم الدينيّة ويبحث عن أدلّتها، ومن ناحية أخرى فإنّه ملزم بأن يأتي بدليله في مواجهة المنكرين والمتشكّكين والناقدين من غير المتديّنين؛ ولكن كيف يصبح الاعتقاد مبرّرًا؟ لقد خاطب الوحي الناس وطالبهم بالإيجاب (الإيمان)، والإيمان في التعريف الشائع هو تصديق يقينيّ بالتعاليم الدينيّة، واليقين بدوره اعتقاد مستدلّ وإيمان قائم على الدليل، فيف يمكن الوصول إلى معتقد دينيّ مستدَلٍّ؟ لقد أثار هذا السؤال الكثير من الأبحاث في المعرفة الدينيّة؛ فما هو أسلوب إقامة الاستدلال في الأبحاث الدينيّة؟ وهل تبرير وتسويغ المفهوم الدينيّ وإثباته محدود بالأسلوب البرهانيّ البحت أم أنّ ثمّة أساليب متنوّعة لذلك؟ وما هي الطرق المؤدّية إلى ذلك؟ وما هي الطرق غير المؤدّية في هذا الشأن؟  وأيّ نظريّة من هذه النظريّات المرتبطة بالتبرير والتسويغ الدينيّ هي المعتبرة؟ هل هي النظريّة البنيويّة[156]، أم النظريّة الانسجاميّة[157]، أم النظريّة البراغماتيّة والعملانيّة[158]، أو النظريّة النصّيّة[159][160]؟

على ظاهراتيّة الدين أن تحدّد موقفها تجاه كلّ واحد من هذه الأسئلة؛ إذ إنّ الإجابة عن هذه الأسئلة يمثّل شرطًا لازمًا لإثبات تعيّن المساحة المعرفيّة، في حين أنّ ظاهراتيّة الدين من خلال تأكيدها على تقديم توصيف بحت عن الظاهراتيّات الدينيّة، قد أدّت إلى الإهمال في مسألة التبرير والتسويغ، وهذه الغفلة عن مسألة التبرير والتسويغ المصيريّة في دراسة الظاهراتيّات الدينيّة، قد أضرّ بالتعيّن المعرفيّ لظاهراتيّة الدين؛ من هنا فقد ذهب بعض الناقدين لظاهراتيّة الدين إلى التصريح بأنّ على هذا الحقل أن يتمكّن من تدوين أسلوب أدقّ، كيما يمكن بواسطته ـ في البحث عن الظاهراتيّات الدينيّة ـ من اتخاذ خطوات أبعد من مجرّد التوصيف البحت[161].

سادسًا: لا يمكن اعتبار ظاهراتيّة الدين منطقًا كاملًا وجامعًا لمعرفة الدين، فالتوقف في التوصيف البحت، والغفلة عن البيان والتفسير، وعدم الجدوائيّة في العلاج والوقاية من النظرة التحويليّة، والقيام على المفاهيم الكلّيّة والمبهمة، وغياب النموذج العمليّ المحدّد والمنظّم في الدراسات الدينيّة، وانعدام الأساليب المعيّنة والمجدية في تقويم النظريّات الدينيّة في مقام الحكم، والإمعان في مقام الجمع، قد أدّى بظاهراتيّة الدين إلى فقدان جدوائيّتها وكفاءتها بوصفها منطقًا لفهم الدين. إنّ الشموليّة والجامعيّة بالنسبة إلى اتجاهات مقام الجمع، وأساليب مقام الحكم، والالتفات إلى العناصر المعرفيّة والأسلوبيّة المهمّة من قبيل التبرير والتسويغ والبيان، وكذلك التعريف بنماذج الدراسات المنظّمة والعمليّة، تُعدّ من الشروط اللازمة في جدوائيّة وكفاءة منطق فهم الدين، وهو ما تفتقر إليه ظاهراتيّة الدين.

النتيجة
إنّ أهداف ظاهراتيّة الدين عبارة عن: توصيف الظاهرات الدينيّة بشكل بحت ومجرّد عن البيان والتفسير، والتركيز على الحيثيّة الالتفاتيّة الكامنة في الظاهرات الدينيّة، والمواجهة مع النظرة التحويليّة، وتعليق جميع الفرضيّات والمعلومات السابقة والسعي إلى شهود ذات الدين. إنّ الظاهراتيّين المختصّين في الدين بصدد التأسيس لعلم مستقلّ باسم ظاهراتيّة الدين، ولكنهم أخفقوا في هذا المسعى، فظاهراتيّة الدين لم تتمكّن أبدًا من الظهور بمظهر العلم الذي يحظى بالتعيّن المعرفيّ على غرار علم الاجتماع الدينيّ أو علم النفس الدينيّ. ولا يمكن عدّ ظاهراتيّة الدين بوصفها علمًا مستقلًّا؛ وذلك لأنّ العلم المستقلّ يجب أن يحتوي على الشرائط اللازمة للتعيّن المعرفيّ؛ في حين أنّ ظاهراتيّة الدين تفتقر إلى هذه الشرائط؛ فإنّ ظاهراتيّة الدين تعاني من جملة من التعقيدات، ومنها:

أوّلًا: توقّفت في التوصيف البحت.
ثانيًا: قد غفلت عن بيان وتفسير الظاهرات.
ثالثًا: تفتقر إلى نظريّة كاملة وراسخة في التبرير والتسويغ.
رابعًا: النظريّة غير مجدية في علاج النظرة التحويليّة والوقاية منها، مما يعدّ هو الغاية الرئيسة للظاهراتيّين (والدليل على ذلك عدم نجاحهم في تحقيق هذه الأهداف والغايات).
خامسًا: لقد بقيت مفاهيمها الجوهريّة والأساسيّة عامّة وغامضة، ولم يتمّ تقديم بيان وشرح واضح ودقيق ومفهوم عنها.
سادسًا: تفتقر النظريّة إلى النموذج العمليّ المحدّد والمنظّم في الدراسات الدينيّة.
سابعًا: تفتقر النظريّة إلى الأساليب المعيّنة والمجدية لتقويم النظريّات الدينيّة في مقام الحكم، بالإضافة إلى بقائها رازحة في مقام الجمع أيضًا.

لائحة المصادر والمراجع
اشميت، ريتشارد، «تأويل استعلائيّ/ پديدارشناختي هوسرل» (التأويل الاستعلائيّ/ الظاهراتيّ لهوسيرل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: ضياء موحّد، مجلّة: فرهنگ، العدد: 18، صيف عام:  1375هـ ش.
أفلاطون، «رساله تئوتتوس» (رسالة تيوتوس) المطبوعة ضمن: چهار رساله (أربع رسائل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: محمود صناعي، نشر هرمس، طهران، 1382هـ ش.
بل، ديفد، انديشه هاي هوسرل (أفكار هوسيرل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: فريدون فاطمي، نشر مركز، طهران، 1376هـ ش.
بويمن، لزيس بي، معرفت شناسي: مقدمه اي بر نظريّه شناخت (الأبستمولوجيا: مقدّمة على نظريّة المعرفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: رضا محمد زاده، انتشارات جامعة
الإمام الصادق(عليه السلام)، طهران، 1387هـ ش.
خاتمي، محمود، پديدارشناسي دين (ظاهراتيّة الدين)، انتشارات پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي، طهران، 1388 هـ ش.
دارتيغ، آندريه، پديدارشناسي چيست؟ (ما معنى الظاهراتيّة؟)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: محمود نوالي، سازمان مطالعه وتدوين كتب علوم انساني دانشگاه ها (سمت)، طهران، 1373هـ ش.
ريخته گران، محمد رضا، پديدار شناسي: هنر و مدرنيته (الظاهراتيّة: الفنّ والحداثة)، نشر ساقي، طهران، 1382هـ ش.
سروش، عبد الكريم، بسط تجربه نبوي (بسط التجربة النبويّة)، مؤسسه فرهنگي صراط، طهران، 1379هـ ش.
سروش، عبد الكريم، تفرّج صنع: كفتارهائي در اخلاق وصنعت وعلم إنساني (مشهد الصنع: مقالات في الأخلاق والصناعة والعلم الإنسانيّ)، مؤسسه فرهنگي صراط، طهران، 1385هـ ش.
سروش، عبد الكريم، قبض و بسط تئوريك شريعت: نظريّه تكامل معرفت ديني
(القبض والبسط النظريّ للشريعة: نظريّة تكامل المعرفة الدينيّة)، مؤسسه فرهنگي صراط، طهران، 1388هـ.ش.
شمس، منصور، آشنائي با معرفت شناسي (التعرّف على علم المعرفة)، طرح نو، طهران، 1387هـ ش.
شيميل، آنا ماري، تبيين آيات خداوند: نگاهي پديدارشناسانه به اسلام (تفسير آيات الله: رؤية ظاهراتيّة إلى الإسلام)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الرحيم گواهي، دفتر نشر فرهنگي اسلامي، طهران، 1376هـ ش.
الطوسيّ، نصير الدين، شرح الإشارات (حل معضلات الإشارات)، نشر البلاغة، قم، 1383هـ ش.
فرامرز قراملكي، أحد، اصول و فنون پژوهش در گستره دين پژوهي (أصول وفنون التحقيق في دائرة البحث الدينيّ)، انتشارات مركز مديريت حوزه علميه قم، قم، 1385هـ ش.
فرامرز قراملكي، أحد، روش شناسي مطالعات ديني (منهج الدراسات الدينيّة)، انتشارات دانشگاه علوم اسلامي رضوي، مشهد، 1388هـ ش.
فرامرز قراملكي، أحد، جستار در ميراث منطق دانان مسلمان (جولة في تراث المناطقة المسلمين)، پژوهشگاه علوم انساني و مطالعات فرهنگي، طهران، 1391هـ ش.
كانط، إيمانوئيل، تمهيدات (التمهيدات)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: غلام علي حداد عادل، مركز نشر دانشگاهي، طهران، 1367هـ ش.
كوربان، هنري، فلسفه إيراني و فلسفه تطبيقي (الفلسفة الإيرانيّة والفلسفة المقارنة)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: السيد جواد الطباطبائي، نشر توس، طهران، 1369هـ ش.
كورويج، آرون، «دورنماي تاريخي نظرييا أّه التفاتي بودن آگاهي» (الأبعاد التاريخيّة لنظريّة التفاتيّة الإدراك)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: أمير حسين رنجبر، مجلة فرهنگ، العدد: 18، صيف عام: 1375هـ ش.
ليوتار، جان فرانسوا، بديده شناسي (علم الظاهرة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الكريم رشيديان، نشر ني، طهران، 1375هـ ش.
مجتهدي، كريم، پديدارشناسي روح بر حسب نظر هگل (ظاهراتيّة الروح من وجهة نظر هيجل)، انتشارات علمي و فرهنگي، طهران، 1371هـ ش.
مرلوبونتي، موريس، در ستايش فلسفه (في الثناء على الفلسفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: ستاره هومن، نشر مركز، طهران، 1375هـ ش.
مصلح، علي أصغر، تقريري از فلسفه هاي اگزيستانس (تقرير عن الفلسفات الوجوديّة)، انتشارات پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي، 1384هـ ش.
موحديان عطار، علي، «معرفيّ كتاب رهنماي ألوهي در تشيّع نخستين، ثمره كاربست روش پديدارشناسي در پژوهشي در باب اماميه نخستين» (التعريف بكتاب الهداية الإلهيّة في التشيّع الأوّل: نتيجة تطبيق الأسلوب الظاهراتيّ في البحث والتحقيق في حقل الإماميّة الأوائل)، مجلة: هفت آسمان، العدد: 9 ـ 10، 1380هـ ش.
هوسرل، إدموند، «تز ديدگاه طبيعي وتعلق آن (جهان طبيعي: من و جهان بيرامون من)» (أطروحة الرؤية الطبيعيّة وتعليقها «العالم الطبيعيّ: أنا والعالم الذي حولي»)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: ضياء موحّد، مجلة: فرهنگ، العدد: 18، ص 38 ـ 50، صيف عام: 1375هـ ش.
هوسرل، إدموند، تأملات دكارتي مقدمه اي بر پديده شناسي (تأمّلات ديكارتيّة: مقدّمة على الظاهراتيّة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الكريم رشيديان، نشر ني، طهران، 1381هـ ش.
هوسرل، إدموند، بحران علوم اروپايي و پديدارشناسي استعلائي (أزمة العلوم الأوروبيّة والظاهراتيّة الاستعلائيّة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: غلام عباس جمالي، نشر گام نو، طهران، 1388هـ ش.
ورنو، روجيه وال وآخرون، نگاهي به پديدارشناسي و فلسفه هاي هست بودن (إطلالة على الظاهراتيّة والفلسفات الوجوديّة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: يحيى مهدوي، انشارات خوارزمي، طهران، 1372هـ ش.

 Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York.
 Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London.
Hospers, John, 1970, An Introduction to Philosophical Analysis, London.
 Kim, Jaegwon, 1967, “Explanation in Science”, The Encyclopedia of philosophy, edited by Paul Edwards, Collier-Macmillan Publishers, Landon.
 Pojman, Louis, 2000, What Can We Know?, Wadsworth.

----------------------------------------
[1]*- أستاذ مساعد في جامعة إصفهان، إيران.
ـ المصدر: فصلية (الفكر الديني الجديد) شتاء ١٣٩٤ عدد ٤٣.
ـ تعريب: حسن علي مطر.
[2]- phenomenology of religion.
[3]- phenomenology of religion.
[4]- C. P. Tiele.
[5]- P. D. Chantepie de la Saussaye.
[6]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 276.
[7]- Rudolf Otto.
[8]- Joachim Wach.
[9]- C. Jouco Bleeker.
[10]- Friedrich Heiler.
[11]- Mircea Eliade.
[12]- F. Schleiermacher.
[13]- Paul Tillich
[14]- Edward Farrley.
[15]- Henry Corbin.
[16]- انظر: كوربان، هنري، فلسفه إيرانيّ و فلسفه تطبيقي (الفلسفة الإيرانيّة والفلسفة المقارنة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: السيد جواد الطباطبائي، ص21 ـ 22، نشر توس، طهران، 1369هـ ش.
[17]- Annemarie Schimmel.
[18]- انظر: شيميل، آنا ماري، تبيين آيات خداوند: نگاهي پديدارشناسانه به اسلام (تفسير آيات الله: رؤية ظاهراتيّة إلى الإسلام)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الرحيم گواهي، دفتر نشر فرهنگي اسلامي، طهران، 1376هـ ش.
[19]- انظر: موحديان عطار، علي، «معرفي كتاب رهنماي ألوهي در تشيّع نخستين، ثمره كاربست روش پديدارشناسي در پژوهشي در باب اماميه نخستين» (التعريف بكتاب الهداية الإلهية في التشيّع الأول: نتيجة تطبيق الأسلوب الظاهراتيّ في البحث والتحقيق في حقل الإماميّة الأوائل)، مجلة: هفت آسمان، العدد: 9 ـ 10، ص329 ـ 345، 1380هـ ش.
[20]- إن بعض المفكّرين يرى أن هذه المفردة مأخوذة من الجذر اليونانيّ «phainesthai» بمعنى الظهور، حيث ترتبط بألفاظ مثل «phOs» »phaos» في اللغة اليونانيّة (بمعنى النور)، و«photo» في اللغة الإنجليزيّة، وكلمة «فانوس» في اللغة الفارسيّة. (انظر: ريخته گران، محمد رضا، پديدار شناسي: هنر و مدرنيته (الظاهراتية: الفن والحداثة)، ص98، نشر ساقي، طهران، 1382هـ ش).
[21]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 273.
[22]- Johann Heinrich Lambert.
[23]- Neues Organon, New Organon.
[24]- theory of illusion.
[25]- See: Echmitt, Richard, 1967, «Phenomenology», The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 135.
[26]- Immanuel Kant.
[27]- Phenomena.
[28]- Noumena.
[29]- things-in-themselves.
[30]- انظر: كانط، إيمانوئيل، تمهيدات (التمهيدات)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: غلام علي حداد عادل، ص155 ـ 166، مركز نشر دانشگاهي، طهران، 1367هـ ش.
[31]- G. W. F. Hegal.
[32]- Phenomenology Of Spirit.
[33]- انظر: مجتهدي، كريم، پديدارشناسي روح بر حسب نظر هگل (ظاهراتيّة الروح من وجهة نظر هيجل)، ص228، انتشارات علمي و فرهنگي، طهران، 1371هـ ش. (مصدر فارسي).
[34]- انظر: دارتيغ، آندريه، پديدارشناسي چيست؟ (ما معنى الظاهراتيّة؟)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: محمود نوالي، ص4، سازمان مطالعه و تدوين كتب علوم انساني دانشگاه ها (سمت)، طهران، 1373هـ ش.
[35]- William Hamilton.
[36]- Eduard Von Hartman.
[37]- descriptive study.
[38]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London.p. 135.
[39]- Charles Sanders Pierce.
[40]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[41]- Edmund Husserl.
[42]- انظر: هوسرل، إدموند، «تز ديدگاه طبيعي وتعلق آن (جهان طبيعيّ: من و جهان بيرامون من)» (أطروحة الرؤية الطبيعيّة وتعليقها «العالم الطبيعيّ: أنا والعالم الذي حولي»)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: ضياء موحّد، مجلة: فرهنگ، العدد: 18، ص38 ـ 50، صيف عام: 1388هـ ش.
[43]- the phenomenological movement.
[44]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 135.
[45]- philosophical phenomenology.
[46]- Adolf Reinach.
[47]- Max Scheler.
[48]- Moritz Geiger.
[49]- Alexander Pfander.
[50]- Oscar becker.
[51]- Martin Heidegger.
[52]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[53]- description.
[54]- direct awareness.
[55]- nature of phenomena.
[56]- essential structures.
[57]- Appearances.
[58]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[59]- to the things.
[60]- zu den sachen selbst.
[61]- انظر: مصلح، علي أصغر، تقريري از فلسفه هاي اگزيستانس (تقرير عن الفلسفات الوجوديّة)، ص101، انتشارات پژوهشگاه فرهنگ و انديشه اسلامي، 1384هـ ش. (مصدر فارسي).
[62]- Intentionality.
[63]- Franz Brentano.
[64]- انظر: بل، ديفد، انديشه هاي هوسرل (أفكار هوسيرل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: فريدون فاطمي، ص22 ـ 23، نشر مركز، طهران، 1376هـ ش.
[65]- لتفصيل الكلام في حقل ماهيّة الالتفات ونقد ودراسة صياغة مفاهيمه المختلفة، انظر: كورويج، آرون، «دورنماي تاريخي نظريّه التفاتي بودن آگاهي» (الأبعاد التاريخيّة لنظريّة التفاتيّة الإدراك)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: أمير حسين رنجبر، مجلّة فرهنگ، العدد: 18، ص51 ـ 89، صيف عام: 1375هـ ش.
[66]- Aboutness.
[67]- consciousness is always consciousness of … .
[68]- انظر: ريخته گران، محمد رضا، پديدار شناسي: هنر و مدرنيته (الظاهراتيّة: الفنّ والحداثة)، ص100 ـ 101، 1382هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[69]- opposition to reductionism.
[70]- to the things.
[71]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 137 - 138.
[72]- إن العبارات الآتية تتضمّن رؤية تحويليّة: «إنّ القوانين المنطقيّة، ليست سوى القوانين النفسانيّة»، «إنّ الدين ليس سوى الأخلاق»، «إنّ المجتمع ليس سوى الاقتصاد المتجسّد»، «إنّ أحكام الجمال، ليست سوى تجلّي الأذواق الشخصيّة»، وما إلى ذلك.
[73]- انظر: فرامرز قراملكي، أحد، روش شناسي مطالعات ديني (منهج الدراسات الدينيّة)، ص383 ـ 384، انتشارات دانشگاه علوم اسلامي رضوي، مشهد، 1388 هـ ش. (مصدر فارسي).
[74]- انظر: المصدر أعلاه، ص332، 1388هـ ش.
[75]- Bracketing.
[76]- Epoche.
[77]- يمكن العثور على رؤية هوسيرل بشأن التعليق (Epoche) في المصدر الآتي: هوسرل، إدموند، «تز ديدگاه طبيعي وتعلق آن (جهان طبيعي: من و جهان بيرامون من)» (أطروحة الرؤية الطبيعيّة وتعليقها «العالم الطبيعيّ: أنا والعالم الذي حولي»)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: ضياء موحّد، مجلة: فرهنگ، العدد: 18، ص38 ـ 50، صيف عام: 1388هـ ش.
[78]- انظر: ورنو، روجيه وال وآخرون، نگاهي به پديدارشناسي و فلسفه هاي هست بودن (إطلالة على الظاهراتيّة والفلسفات الوجوديّة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: يحيى مهدوي، انشارات خوارزمي، طهران، ص27، 1372هـ ش.
[79]- Trenscendental ego.
[80]- يمكن العثور على تفصيل الكلام بشأن التأويل الاستعلائيّ: الظاهراتيّ، في المصدر الآتي: اشميت، ريتشارد، «تأويل استعلائيّ/ پديدارشناختي هوسرل» (التأويل الاستعلائيّ/ الظاهراتيّ لهوسيرل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: ضياء موحّد، مجلة: فرهنگ، العدد: 18، ص27 ـ 37، صيف عام:  1375هـ ش.
[81]- eidetic vision.
[82]- انظر: دارتيغ، آندريه، پديدارشناسي چيست؟ (ما معنى الظاهراتيّة؟)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: محمود نوالي، ص 18، 1373هـ ش.
[83]- التجربة المعاشة.
[84]- انظر: ليوتار، جان فرانسوا، بديده شناسي (علم الظاهرة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الكريم رشيديان، ص17 ـ 18، نشر ني، طهران، 1375هـ ش.
[85]- انظر: مرلوبونتي، موريس، در ستايش فلسفه (في الثناء على الفلسفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة:  ستاره هومن، ص93، نشر مركز، طهران، 1375هـ ش.
[86]- يمكن تتبع جذور هذا البحث في المصدر الآتي: هوسرل، إدموند، تأمّلات دكارتي مقدمه اي بر پديده شناسي (تأمّلات ديكارتيّة: مقدّمة على الظاهراتيّة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: عبد الكريم رشيديان، ص118 ـ 126، نشر ني، طهران، 1381هـ ش.
[87]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 275.
[88]- Explanation.
[89]- to the religion.
[90]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 276 - 277
[91]- Numinous.
[92]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 281.
[93]- the experience of the Sacred.
[94]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 279.
[95]- See: Ibid, p. 281.
[96]- See: Ibid, p. 282.
[97]- Discipline.
[98]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[99]- See: Ibid, p. 275; Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 139.
[100]- context of discovery.
[101]- context of justification.
[102]- Problem.
[103]- Hypothesis.
[104]- Test.
[105]- انظر: سروش، عبد الكريم، قبض و بسط تئوريك شريعت: نظريّه تكامل معرفت ديني (القبض والبسط النظريّ للشريعة: نظريّة تكامل المعرفة الدينيّة)، ص227، مؤسسه فرهنگي صراط، طهران، 1388هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[106]- انظر: المصدر أعلاه، ص94.
[107]- انظر: فرامرز قراملكي، أحد، روش شناسي مطالعات ديني (منهج الدراسات الدينيّة)، ص227، 1388هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[108]- لتفصيل البحث والكلام في هذا الشأن، انظر: فرامرز قراملكي، أحد، جستار در ميراث منطق دانان مسلمان (جولة في تراث المناطقة المسلمين)، ص27 ـ 74، پژوهشگاه علوم انساني و مطالعات فرهنگي، طهران، 1391 هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[109]- انظر: الطوسي، نصير الدين، شرح الإشارات (حلّ معضلات الإشارات)، ج 1، ص60، نشر البلاغة، قم، 1383هـ ش.
[110]- why - question.
[111]- the request for a reason.
[112]- Justification.
[113]- the request for a cause.
[114]- Explanation.
[115]- scientific explanation.
[116]- انظر: فرامرز قراملكي، أحد، روش شناسي مطالعات ديني (منهج الدراسات الدينيّة)، ص186، 1388هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[117]- certain particular fact.
[118]- scientific law.
[119]- See: Hospers, John, 1970, An Introduction to Philosophical Analysis, London.  p. 241.
[120]- يمكن العثور على تفصيل الكلام في باب ماهيّة البيان العلميّ وتقرير وتحليل النماذج المتنوّعة، في المصدر أدناه:
Kim, Jaegwon, 1967, “Explanation in Science”, The Encyclopedia of philosophy, edited by Paul Edwards, Collier-Macmillan Publishers, Landon. P. 163 - 159.
[121]- انظر: فرامرز قراملكي، أحد، اصول و فنون پژوهش در گستره دين پژوهي (أصول وفنون التحقيق في دائرة البحث الدينيّ)، ص129، انتشارات مركز مديريت حوزه علميه قم، قم، 1385هـ ش. (مصدر فارسيّ).
[122]- Public.
[123]- Knowledge.
[124]- Belief.
[125]- true justified belief.
[126]- انظر: شمس، منصور، آشنائي با معرفت شناسي (التعرّف على علم المعرفة)، ص53، طرح نو، طهران، 1387هـ ش؛ بويمن، لزيس بي، معرفت شناسي: مقدمه اي بر نظريّه شناخت (الأبستمولوجيا: مقدمة على نظريّة المعرفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: رضا محمد زاده، ص95 ـ 96، انتشارات جامعة الإمام الصادق (عليه السلام)، طهران، 1387 هـ ش. إنّ هذا التعريف للمعرفة إنّما هو من إبداع أفلاطون (انظر: أفلاطون، «رساله تئوتتوس» (رسالة تيوتوس) المطبوعة ضمن: چهار رساله (أربع رسائل)، ترجمه إلى اللغة الفارسيّة: محمود صناعي، ص255، نشر هرمس، طهران، 1382هـ ش).
[127]- Reason.
[128]- the request for a cause.
[129]- the request for a reason.
[130]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[131]- F. Max Muller.
[132]- descriptive science or discipline.
[133]- autonomy.
[134]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 281.
[135]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 139.
[136]- direct awareness.
[137]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 137.
[138]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 274.
[139]- explanation seeking.
[140]- psychologism.
[141]- Phenomenalism.
[142]- scientism.
[143]- See: Echmitt, Richard, 1967, “Phenomenology”, The Encyclopedia of Philosophy, edited by Paul Edwards, collier Macmillan publishers, London. p. 136 - 137.
[144]- methodological exclusivism.
[145]- sympathetic understanding.
[146]- insight into essential structures.
[147]- pigurative sense.
[148]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 282.
[149]- Historical.
[150]- Antihistorical.
[151]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 280.
[152]- Method.
[153]- انظر: سروش، عبد الكريم، قبض و بسط تئوريك شريعت: نظريّه تكامل معرفت ديني (القبض والبسط النظريّ للشريعة: نظريّة تكامل المعرفة الدينية)، ص 96، 1388 هـ ش. (مصدر فارسي).
[154]- هناك من يذهب إلى الاعتقاد بأن الفرضيات الناتجة عن أبحاث الظاهراتية «يجب التأكيد عليها أو العمل على إضعافها من خلال إخضاعها للتجربة» (انظر: سروش، عبد الكريم، بسط تجربه نبوي (بسط التجربة النبوية)، ص 35، مؤسسه فرهنگي صراط، طهران، 1379 هـ ش).
[155]- Justification.
[156]- Foundationalism.
[157]- Coherentism.
[158]- Pragmatism.
[159]- Contextualism.
[160]- يمكن العثور على تفصيل الكلام في حقل كل واحد من هذه النظريّات في المصادر الآتية: (Pojman, Louis, 2000, What Can We Know?, Wadsworth. p. 82 - 85؛ وانظر أيضًا الترجمة الفارسية لهذا الكتاب في المصدرين الآتيين: بويمن، لزيس بي، معرفت شناسي: مقدمه اي بر نظريّه شناخت (الأبستمولوجيا: مقدمة على نظريّة المعرفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: رضا محمد زاده، ص 341 ـ 345، 1387 هـ ش؛ شمس، منصور، آشنائي با معرفت شناسي (التعرّف على علم المعرفة)، ص 121 ـ 140، 1387 هـ ش).
[161]- See: Allen, Douglas, 1987, “Phenomenology of Religion”, The Encyclopedia of Religion, edited by Mircea Eliade, Macmillan Publishing company, New York. p. 284.