البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الإلحاد غرباً ، فلسفة وجود أم أمل طوباوي

الباحث :  شريف الدين بن دوبة
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  7
السنة :  السنة الثالثة - ربيع 2017 م / 1438 هـ
تاريخ إضافة البحث :  May / 9 / 2017
عدد زيارات البحث :  1472
تحميل  ( 311.316 KB )
يكشف تاريخ الوجود في كتاب الفلسفة البشرية عن تلاقح أصلي بين فلسفة الوجود، وفعل الكينونة. فالتموضع الكلاسيكي للوجود في مباحث الفلسفة، والتواضع عليه بالأنطولوجيا لدى ممتهني الفلسفة عند الإغريق، يُظهر مثل هذا التداخل الواسع بين الدلالتين. فالوجود (Ontology) في الفلسفة هو العلم بالوجود، وليس الوجود، أما التعريف الأرسطي للأنطولوجيا بأنها دراسة للوجود من حيث هو موجود فحسب، فإنه يضع الوجود في دائرة الميتافيزيقا، ويخرجه من البعد الإنساني. وكانت النتيجة أن تلقّفها التجريد المنطقي بصدره الواسع، فكانت المثالية، والصورية، والمطلقية عنواناً لفلسفة الوجود، ومحاولة في المطابقة بين الفعل، والنظر في الوجود.

تبحث هذه المقالة في جذور الظاهرة الإلحادية التي نشأت في الغرب، وتبيِّن بواعثها الفكرية والثقافية، وما إذا كانت تشكل رؤية فلسفية للوجود أم هي مجرد أملٍ طوباوي.

المحرر


كان الدين في التأصيل الفلسفي، أول معرفة تعرضت للهجوم، على قاعدة التطابق الموجود بينها، وبين الموروث الثقافي. وما ذاك إلاّ لأنّ الثقافة كمعطى روحيّ في العرف الألماني، هي معرفة يتقاطع فيها كلّ معتقد، وتوجه روحيّ، ودينيّ. وما التطابق في المعنى بين الروحي، المعنوي، والدين سوى دليل على هذا الوجود المتداخل؛ ولذا فالاهتمام بالروح أصل، ومطلب في المعتقد الديني.

ولقد تواضع العرب على نعت النقد، والمروق من المعتقد الديني إلحاداً، فهو حكم قيميّ يسقط على كل من كان له موقفاً مختلفاً عن الغير الذي يملك سلطة الأكثرية، ولذا فهو حكم قيمة، يحتمل الصواب، وإمكانية الخطأ. فالاعتقاد بكفر المجتمعات السابقة على قاعدة الاعتقادات الأسطورية، والخرافية، مسألة فيها نظر، لأن الحكم ناتج من تصوّر، وفهم شخصي للواقع. فهو تجاوز، وتقزيم للدين، أو للتدين بتعبير أدق؛ وقد عرف المجتمع الغربي بتوجهاته نحو رفض، ونقد الدين، والتديُّن، وهي ظاهرة تستدعي التوقُّف لأجل التعرُّف إلى علل الظاهرة الثقافية، والفكرية، والدينية نفسها، فموجة التمرد في الغرب هي نتاج محددات شرطية، ساهمت في ميلادها، وسنحاول في هذه الدراسة الوقوف عند أهمّ الدوافع التي نراها رئيسة في إنتاج هذا اللون من الظواهر عند بني البشر، وتبقى مفتوحة على الدراسة على قاعدة التنوع، والغموض الذي يكتنف الظاهرة الإنسانية.

المحدّد السياسي

يمكن قراءة العلاقة بين الإنسان، والسياسة، من خلال فلسفة السلطة، ونظريات الفكر السياسي، التي تختزل الكم الهائل من هذه العلاقات: فالسلطة كمفهوم مجموع من العلاقات الضاغطة، حاول الفلاسفة تنظيرها من خلال تجريد، و"صَوْرَنة" لبعض الوقائع التي عرفها البشر، فالسلطة كمنظومة مركزية بيد سلطة حاكمة، تبسط بها نفوذها على المحكومين، وهذا من خلال نظرياتها التربوية، ورؤاها الاقتصادية، وفلسفتها السياسية، وهو ما نجده حاضراً في النظرية الماركسية، فالنظام هو علاقة بين حاكمين، ومحكومين، وبين من يملك وسائل الإنتاج، ومن لا يملك غير جهده العضلي، والاستلاب Aliénation بأشكاله المتعددة، وراء الشعور بالرفض للسلطة، إذ السلطة عند المغترب عن ذاته، والعاجز عن توفير قوته اليومي، مؤسسة قاهرة، ومستبدة، تسعى إلى تسخيره، وسلبه كل ما يملكه، حتى جهده أصبح سلعة تباع، وتشترى، وفائض القيمة في الاقتصاد السياسي، تعبير عن هذا السلب.

يقدم لنا الفكر السياسي حول السلطة الكثير من المبررات، والتوضيحات التي تؤكد لنا ارتباط ظاهرة الإلحاد بالمحددات السياسية، فأصالة التدين في الطبيعة البشرية مسألة لا نقاش فيها، فالحاكم كمصدر للسلطة، ينتمي إلى مؤسسة دينية معينة، مهما كانت نوعية هذا التدين، وانتماؤه هذا يمنح المشروعية، والشرعية لهاته المؤسسة الدينية. والنظريات الفلسفية التي بررت هذه الرابطة بين السلطة، والدين كثيرة، «نظرية التفويض الالهي»، «نظرية العناية الالهية».. وغيرها من النظريات التي حاولت اعتماد العقل التجريدي في تبرير مشروعية السلطة السياسية، وفي سيرة الفرعون «رمسيس الثاني[2]» عبرٌ، وأفكار تغنينا عن كثير من التفصيلات. جاء في سورة القصص:(وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ)[3]، وفي سيرة نمرود العراق أيضا، وغيره، وقليل من لا يندرج ضمن زمرتهم عبر التاريخ، فكل إنسان يضمر ما أظهر فرعون، فالمركزية الذاتية، والتقوقع داخل الذات يجعل من الآخر عدواً، ومعارضاً لحرية الذات، فالكل يتعلق بذاته، ويسعى إلى أن يكون هو الأفضل، والسبل التي يسير فيها تحرفُه عن الطريق المستقيم، وهو التقوى، والاتجاه نحو الله. الآيات التي تتضمن السير، والرجعة إلى اللَّه مثل: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[4]، تقرّر أن الطريق المستقيم يتمثل في التوجُّه نحو الله، ولكن ليس بالطرق الشكلية التي تتقوقع داخل الكلمات، مثل ما نشهده حاليا في التنظيمات الدينية المستثمرة صهيونياً. فالتوجُّه إلى الذات فقط هو طرق أبواب مسدودة، ويحاكي البحث عن قبعة سوداء في غرفة مظلمة، وقد عملت الأنظمة المستبدة على ترسيخ، وتوطيد هذا التوجه الرافض الذي أنعكس على الدين، وأشكال التدين.

على هذا الأساس تكوّنت داخل الفرد البشري، حالة نفسية شعورية رافضة لأي شكل من أشكال السلطة. فالسلطة مؤسسة ضاغطة، ونافية للحرية، والدليل على ذلك ما نجده في المنظومة الأسرية، بين الوالدين والأبناء، فكلما بدأت الشخصية الفردية في النمو، ظهر التنافر بين الطرفين، كمنحى نفسي لإثبات التميّز، واستقلالية الشخصية، ويبدأ الصراع داخل الأسرة، وذاك ما نجده في الدراسات النفسية بشكل صريح، حيث يظهر التعارض بين السلطة والإنسان في الممارسة المهنية أيضاً، إذ نلاحظ أيضاً صراعاً، وتنافراً بين المسؤول والموظف، في المؤسسة، والدليل على ذلك قيام العلاقة بينهما على مبدأ الشك، وفقدان الثقة، فالموظف ينظر اليه كقوة مفروضة عليه، والقدر مسؤول عن تبعيته لهذا المسؤول، ولهذا تنغرس في ذهنية العامل رفضاً لكل ما يرتبط بالمسؤول.

الصراع الدفين في النفس الإنسانية بين إرادة الفرد، وتعسفية السلطة، وتعاليها وراء كل موجة تمرُّد، وإلحاد، فهو ظاهرة اجتماعية، وسياسية في المنطلق، والمبدأ، والتلازم الموجود بين العنف والسلطة، مبرِّر منطقي للتمرُّد عن كل معتقد ديني، وهذا ما نشاهده يومياً في أساليب الجماعات الدينية المعاصرة، التي تتخذ من الدين غطاءً لها لضرب المعتقد الديني الإسلامي، الذي هو في الحقيقة مجرد استثمار من طرف سلطة خفية، نتفق عليها تقليدياً باسم الصهيونية العالمية، كمبرر، وتفسير لا غير، وان كنا نجد أن هذه السلطة تنحل إلى مجموعة سلطات، قد تكون إسلامية في صورتها، لا دينية في جوهرها.

فالعنف الذي تمارسه هذه الجماعات الدينية، ينتج الإلحاد، والكفر بالدين الذي تنتمي اليه هذه الجماعات بشكل حتمي، فماذا تنتظر من ردّ فعل على التدين الذي يحز رؤوس الأطفال أمام أعين العالم، ويحرق السجناء غير الردة والارتداد!!! فتوظيف السلطة الزمنية يحتاج إلى تأسيس روحي، وديني، هذا ما اعتدنا على قراءته في الفكر السياسي التقليدي، ولكن الروحي بدأ في التراجع دلاليا، فأصبح القتل بأشكاله المتعددة، شكلاً جديداً من الا بدّاع البشري الذي تجاوز الوحشية، حيث عجزت اللغة عن استيعاب هذا المستوى من الحقارة والتدني الذي ارتبط بالأساليب التي تنتهجها تلك الجماعات باسم التدين.

 المحددات الثقافية

يصطلح الفكر الغربي على كون الأسطورة هي المنتج الثقافي الاول للإنسان، فمنها، وبها نبتت العقائد، وتصطدم عملية البحث في الرابطة بين الدين، أو التدين، والأسطورة بكثير من العوائق، ومنها البعد الماضوي في الأساطير أو المعتقدات التي كان تدين بها الشعوب، إذ تطرح أمام الباحث المعاصر إشكالية استنطاق الوثائق، ومحاولة فهمها أو تفسيرها، فاللغة أو البنية الرمزية التي كتبت بها الوثيقة يكتنفها الكثير من الغموض، لأن معرفة لغة الآخر هي المدخل الأول لفهم فكره، وموروثه الثقافي، وهي من الصعوبات التي تقف أمام الباحث في اكتناه وفهم ثقافات الغير، إذ تتحول هذه الحواجز عند قراءة وتفسير رموز وثقافات الشعوب القديمة إلى فضاء استحالات، فهي حقول تأويلية بامتياز، يكون فيها موقع التفسير شاغراً، وتأويل النصوص قد يجانب الحقيقة المقصودة في النص، وانطلاقاً من هذه المسلمة كانت مضامين الأسطورة عند بعضهم تصدق على كل ما يتعارض مع الواقع، وعند بعضهم الآخر وثيقة تمكن من قراءة تاريخ وثقافات هذه الشعوب، فالأسطورة مأخوذة من سطر، أي ألَّف الأساطير أو الأحاديث التي لا أصل لها أي الأحاديث العجيبة الخارقة للطبيعي وللمعتاد عند البشر، فيقال: سطر ويجمع إلى عشرة أسطار ثم أساطير جمع الجمع سطرها ألفها، سطر علينا أتانا بالأساطير.. يقال: سطر فلان علينا يسطر إذا جاء بأحاديث تشبه الباطل، يقال: هو يسطر ما لا أصل له أي يؤلف..”[5].

ونلاحظ على اصطلاح الأسطورة الجذور الإيتيقية في الدلالة، إذ كانت موضوع تقييم وتأويل من طرف الآخر، وليس من قبل الذوات المشكِّلة لها، فالحكم بالصفة الأسطورية على المعتقدات لا يوجد عند الشخص المعتقد بل يكون خارج دائرة الاعتقاد، إذ ليست الأسطورة بالنسبة إلى إنسان العصر الأسطوري أسطورة بل هي تعبير عن الحقيقة، والحكم التقييمي يجانب الموضوعية في أغلب الأحوال.

ويعتقد بعضهم أن الأسطورة تعريب لكلمة historia الإغريقية التي تعني رواية أحداث ماضية بغرض التسلية من غير تدقيق وتمحيص، وتعريفاً هي حكاية عن كائنات تتجاوز تصوّرات العقل الموضوعي، وما يميِّزها عن الخرافة هو الاعتقاد فيها، فالأسطورة موضوع اعتقاد[6].

وتقابل الأسطورة عند كثير من الباحثين الواقع، فهي خيالية لا تمتّ إلى الحقيقة الواقعية بصلة، ولا تعبِّر عن أيّ حقيقة، وهي عند الباحث المنصف، تكون ظاهرة رمزية تستبطن الكثير من المدلولات، كما أنها بنية بالغة الصرامة والتحديد، وهي منطقياً، وقبل ذلك جدليّاً مقولة ضرورية للإدراك وللوجود عموماً[7]، ويعتبر ميرسيا الياد الأسطورة وثيقة اجتماعية: تروي تاريخاً مقدّساً، تروي حدثاً جرى في الزمان البدئي، الزمن الخيالي، هو زمن البدايات، تحكي لنا الأسطورة كيف جاءت حقيقة ما إلى الوجود، بفضل مآثر اجترحتها الكائنات العليا، لا فرق بين أن تكون هذه الحقيقة كلية كالكون مثلاً، أو جزئية كأن تكون جزيرة أو نوعاً من نبات أو مسلكاً يسلكه الإنسان أو مؤسسة[8].

فهي إذاً، بنية معرفية، ومنظومة اجتماعية تحتاج إلى بحث جدّي، موضوعي يتعالى فيه عن كل نظرة فوقية، لأنّ التشابك الذي نجده في التصوير الأسطوري لعناصر الحدث يجد ما يبرِّره، إذ إنّ الفكر البشري بملكاته المتعددة، يستطيع إضافة وتغيير معطيات الحدث. والحوادث التاريخية التي تصوِّرها الأسطورة هي حوادث حقيقية، فهي: ".. وقائع تاريخية أبطالها ملوك عظماء، كان لهم تأثير كبير في عقول الناس، الذين تناقلوا سيرهم، أجيالاً، وأضافوا إليها من خيالهم، ما بلغوا بأولئك الملوك مبلغ الآلهة، فبعدهم الأحفاد، ناسين حقيقتهم الأولى"[9].

تحمل إذن القصص والمصطلح عليها بالأساطير في الثقافة الاجتماعية لتلك الجماعات الكثير من الدلالات وأهمها الدلالة الأيديولوجية. فهي تعبير عن موقف الجماعة أو السلطة من الكون ومن الإنسان، فالعلاقات البشرية تتحدد تبعاً لهذه الرؤية الكونية، كما يلاحظ أيضاً المنحى التربوي في مضامين هذه القصص، إذ نجد المغزى الأخلاقي الذي يساهم في بناء الآداب العامة للمجتمع، فتوظيف القصة والمثال في التربية يجد جذوره الأولى في ما يسمى بالأساطير.

وعند الرجوع إلى تاريخ الأرشفة يؤكِّد ذلك أيضاً، فعدم تمييز النص الأسطوري عن غيره في الثقافات الإنسانية، ينبئ بواقعية وأهمية تلك المعارف التي نصطلح عليها حالياً بالأساطير، إذ كانت تخضع جميع الوثائق لنظام واحد دون تصنيف وبقي هذا “النظام في الأرشفة...حتى عصر المملكة الأشورية الجديدة، حيث نجد...النصوص وقد حفظت بعضها إلى جانب بعض دونما عناية بفرزها إلى مجموعات وفق موضوعاتها، وحيث النصوص والحكم والوصايا إلى جانب الصلوات والتراتيل، إلى جانب الأساطير”[10]. فالأسطورة هي ثقافة ومرآة عاكسة للمستوى الفكري والعلمي للشعوب وليست حالة مرضية اعترت عقول القدماء كما يتوهّم بعض علماء العصر، وموقع الأسطورة في المحدد الثقافي ضروري، ومهم، حيث تفرض الأسطورة معتقد كلياني، متعال على الأفراد، يمارس سلطة التوجيه الأيديولوجي، والسلوكي، ومن المعروف أن الثقافة الأسطورية متضمنة لكثير من التعددية، أو ما نصطلح عليه في المجتمعات الدينية، بالوثنية، إذ  تؤمن بمتناقضات، وبموجودات خرافية، يحكم العقل باستحالتها، ولكنه ينافق في القبول بها، أو بلغة أوضح يظهر ما لا يبطن، ففي التاريخ الإسلامي نجد في الزندقة كتوجه فكري تعبيراً عن هذه الازدواجية العقدية، والفكرية عند المجتمعات، فالغالب مهما كانت عقيدته، وثقافته من الناحية القيمية، فإن ثقافة المغلوب تبقى تتحرك في شكل خفي، وفي التراث الإغريقي أيضاً توجد هذه المحددات الثقافية، والتي لعبت دوراً في بروز التوجه العقلاني الذي كان يرمي إلى التحرر من كل سلطة لا تمت بصلة إلى العقل المتعارف عليه عند بعض النخب الفكرية، وللعلم أن التأثير اليوناني في الفكر الغربي جلي، وبارز، فالفلسفة، والحداثة، وما بعدها نتاج للتحويرات التي أحدثها المفكر الغربي في الموروث اليوناني، فالاعتقاد بالتعددية، وبالمطلقية لبعض الظواهر، وبعض البشر أسس للرفض، وللتوجه نحو اللاتدين، بحجة أن الدين أفيون الشعب، وتراث شفهي كتبه البعض ينبغي تجاوزه، والعمل على تأسيس فكر منفتح لا يتقيد بقيم تتوارثها الأجيال عن الدين.

 المحدّدات الفلسفية

الفلسفة. الدين.. مفاهيم إشكالية في الساحة الفكرية، حيث بلغت هذه الاختلافات والتباينات بين بني البشر درجة المفارقات، فكانت الفلسفة عند بعضهم من الشرائح الاجتماعية والفلاسفة الأوّل أداة للتقرب والتشبّه بالإله، وعايشت مع بعض التجارب الإنسانية أزمات أصبحت فيها الفلسفة أو امتهان التفلسف تهمة مهينة، تمنح السلطة مشروعية إعدام كل من يمارس هذه الحيثية التي هي جزء من طبيعته وحقه. وقد وجدت الديانة في وضع مماثل، إذ كانت العقيدة معرفة صاحبة سلطة أو حقيقة في مجتمعاتها، وعند الغير أصبحت تعكس الانحراف الفكري عند تلك المجتمعات، ومظهر من مظاهر الاستلاب الفكري.

واستقراء الفلسفة عبر تاريخها يكشف عن علاقتها الجدلية مع الدين، فكانت المعتقدات الدينية عند بعض الفلاسفة مظهراً للطفولة الفكرية، من حيث إن المعتقد الديني متعلّق بالخيال، واللاَّمعقول، فكان اللوغوس: العقل كمنظومة من القوانين الناظمة للتفكير مؤسّسة مقابلة للميتوس، فكانت الأطاريح الفلسفية تأسيساً لهذا التعارض الموجود بين المعتقد الديني، والفلسفة، والذي ساهم في ميلاد موجة من التحرر من المعتقدات الدينية، وكثير من ممتهني التفلسف انخرط في عالم الفلسفة للبحث عن موقع لذاته أمام التعدّد، والصراع الوجودي في إثبات الذات [الأنا وحدية]، فكانت بعض الفلسفات شريكا في ميلاد ظاهرة الإلحاد في الغرب، وسنحاول التعرض في هذه المحطة إلى بعض من المسلّمات الفلسفية المساهمة في نشأة الظاهرة.

مشكلة الشر

تعتبر مسألة الشر من المسائل الأساس في الفلسفة عموماً، وفي اللاَّهوت خصوصاً، فهي في الوجود الإنساني واقع معاينة، وليس مجرد افتراض، فالتردّد الذي يرافق الإرادة البشرية في الفعل، في لحظة الانتخاب بين ممكنين على الأقل، متضادين في الصفة العرضية، أو الجوهرية، يملك أحدهما صفة الخير، ويفتقدها الآخر، والطريف في الأمر أن قيمة الفعل الخلقية تتحدد بمقدار المعيقات، التي تصنف ضمن دائرة الشر، فأصبح الشر شرطا وجوديا للقيمة الخلقية، ومن المفارقات الفكرية التي نجدها في فلسفة الأخلاق غياب الدراسة المباشرة لمسألة الشر، فالخير يشكّل المحور الرئيس في جل الدراسات الأخلاقية، ونادرة تلك الكتابات التي أفردت لقضية الشر باباً أو فصلاً أو مبحثاً، في حين أنّ الشرّ كمصطلح أو كتمثُّل انطولوجي هو المحكّ الذي تعرض عليه هذه التصورات أو المعايير التي أفرزتها الدراسات الأخلاقية القديمة والحديثة. فالمصداقية تكمن في قدرة التصورات والنظريات الأخلاقية في تجاوز سلطة الشر، فهو كمفهوم يملك بعداً انطولوجياً على مستوى التصور وليس على مستوى الفعل، إذ إنّ الشريّة والخيرية معطيات قيمية ترتبط بالتجربة الأخلاقية للفرد وللجماعة. فالفكر هو المرجع الرئيس لأنطولوجية الشر وليس العقل على قاعدة الكونية التي يتصف بها العقل في مقابل نسبية الفكر، فزئبقية الدلالة التي أخذها الشر في تجليّاته المفاهيمية عبر التاريخ تثبت إشكالية المرجعية داخل الشخصية المفهومية لمصطلح الشر، وإبليس وأهريمان، والشيطان ومفستوفليس وحزازيل والنفس الأمارة بالسوء وغيرها من الاصطلاحات تثبت الأصل الإيتيقي لدلالة الشر، كما عملت ظاهرة الشر على بلبلة الاعتقاد في الأديان، على قاعدة الخير المطلق الذي تقوم عليه الديانات التوحيدية، أو الديانات الأخلاقية، فوجود الشر في الحياة البشرية يتعارض مع الإرادة المطلقة التي تتحايث مع الوجود الإلهي، فالتسليم بمصادرة أن اللَّه كقادر، ومريد، وخير مطلق، تفترض غياب الأشكال القائمة من الشر، فالزلازل على سبيل المثال، وما يترتب عليها من كوارث، تدفع بعض البشر إلى الاعتقاد في عبثية الحياة، وغياب الحكمة في المنظومة الكونية، والتي تتجلى في بعض مظاهر الإلحاد عند الغرب، ويمكن القول إلى حد ما بأن محاولات الفلاسفة في تبرير الشر الفيزيقي، أو الميتافيزيقي ليست إلا صيغاً، وصوراً برهانية، موهمة، وفارغة وضعياً من كل محتوى يمنحها قابلية التجسيد، فالانتقادات التي وجهها الفيلسوف الفرنسي فولتير لكتاب التيوديسيا للفيلسوف [ليبنتزLeibnitz] والتي أقامه على مصادرة رئيسة تنص على أن: "الله[ Theos] عادل [Dike ] في سماحه بالشر الذي نجده في العالم"[11].

ومنه أصبحت التيوديسيا، معلماً بارزاً للأطاريح الخاصة بتبرير مسألة الشر في الفكر الفلسفي، وخصوصاً في فلسفة الدين، فكانت هناك تيوديسيات، وليس تيوديسيا واحدة، كل يحاول بطريقته الخاصة فك بعض ألغاز هذا السر، وهو وجود الشر في العالم الطبيعي، والبشري، وهل هو ضرورة طبيعية، أم مقتضى أخلاقي؟...فالحوادث الطبيعية وراء مراجعة كثير من المعتقدات، والمصادرات، فالاعتقاد التقليدي عند العامة هو أن الظاهرة الطبيعية كالزلزال مثلا ذات مرجعية ميتافيزيقية تكشف عن عقاب يسلطه اللَّه على العباد الظالمين، والفاجرين، وهو معتقد مشترك بين المنتسبين إلى جل الديانات، وهو مؤسس نقلياً، فما ورد في الكتاب الكريم من قصص الأمم التي شملها السخط والغضب الالهي: قوم لوط (ع)... ففي الفكر الغربي مثلاً استثمر فلاسفتهم هذه الحوادث في ضرب الحجاج المعتمد في الاكليروس، ومن بينهم المفكر الفرنسي فولتير[12] الذي استغل زلزال لشبونه في ضرب الأدلة التي اعتمدها ليبنتز في بيان كمال وتمام العالم الممكن، حيث كانت طبيعة الكارثة متناسبة مع القصد الحجاجي، فمن دواعي السخرية، أنه ضرب مدينة مسيحية كاثوليكية عميقة الإيمان، في يوم عيد جميع القديسين، ولم يلحق أضراراً كبيرة بالحي الفاجر، في المدينة بينما دمر معظم كنائسهاـ [وهو ما أدى إلى حرمان المدافعين عن الحجة التي ذهبت إلى ان الزلزال هو نتيجة لحكم اللَّه على خطيئة المدينة من أن تكون لحجتهم أي قوة حقيقية..[13] فالمسائل التي ترتبط بنظرية الشر في الفلسفة، واللاهوت تفضي إلى كثير من الاستتباعات أهمها اهتزاز سلطة المقدس، التي منها الدين، فالثورة على المؤسسة الدينية بعيداً عن مبدأ المعيارية  مدخل للإلحاد في الثقافة الغربية.

 العقلانية كمدخل للإلحاد

كانت العاقلية في تعريف الإنسان موقع الفصل النوعي لبني الإنسان، فهي الخاصيّة التي يسمو بها الإنسان عن باقي الموجودات، والعقل جوهر، تكتمل به الإنسانية، وتاريخ مفهوم العقل تاريخٌ للفلسفة ذاتها، فزئبقية الدلالة التي حملتها اللغات البشرية جعلت الاختلاف في تصوُّره مسألة بديهية، وعليه من الضرورة بمكان مراجعة المفهوم والدلالة التي نحملها حول العقل، فمن خلالها يتحدّد الموقع والرؤية، فالمعاني التي تطلق على العقل متعددة، إذ لا يمكننا كما يقول التريكي[14]: أن نربط استعمال العقل بحقل معرفي معين، ومع ذلك فلا بد أن ننتبه إلى أن المفاهيم المتعدّدة لكلمة عقل تجد جذورها في الاتجاهات المختلفة التي تتخذّها العلوم داخل الحقول القولية.

وعليه فإن الأطاريح الفلسفية المعاصرة تكشف لنا عن أزمة الفلسفة في النظر إلى العقل، فبعدما كانت الفلسفة الفضاء الذي يستقطبه الباحث عن الحقيقة أصبحت دائرة مقفلة تارة، ومغلقة (الدور الفلسفي) فكانت النتيجة الحيرة المستقرة للفكر بعد أن كانت الحيرة مدخلاً لاكتشاف الحقيقة، فموقع مفهوم العقل في الفلسفة عموما، وفي المشروع الفكري يكون حجر الأساس في بناء المسلمّات والفرضيات، فالنتائج المنطقية والمعقولة تقتضي الارتباط والاتساق الداخلي داخل مكوّنات النسق الفلسفي، وقابلية التطابق أو الانطباق على معايير خارجة عن ذاتية النسق، وتاريخ الفلسفة يكشف عن ارتباط الحداثة والتقدّم الفكري بلحظة المراجعة النقدية للعقل، رينيه ديكارت، وايمانويل كانت في مشروعه النقدي، ولم يقف مسار النقد في الفكر الغربي عند تلك اللحظات، بل عمل فلاسفة الغرب على تثوير فنّ النقد، حيث أخذ في الغرب كما يصفه التريكي: «.. صيغاً عديدة تتحدد في ثلاث أطروحات: العقلانية النقدية ويمثلها كارل بوبر والنظرية النقدية ويمثِّلها هابرماس وأركيولوجية المعرفة، ويمثّلها ميشال فوكو وفاتيمو من خلال نظريته في «فكر الضعفاء». ولعل القاسم المشترك لهذه الأطروحات يتمثل في كيفية تأقلم الفكر العلمي والفلسفي مع ما أنتجته التقنية بصفة عامة وما تركته من بصمات في المجتمعات السياسية «الكليانية» والمؤسسات الاجتماعية «الاستبعادية» والثقافة[15].

وقد ظهرت نجاعة النقد الفلسفي الغربي في مستويات عدّة، علمية، وسياسية، واجتماعية، إذ ساهمت في بلورة المفاهيم الأساس في الحياة السياسية مثل الديمقراطية، وفكرة الحريّات، والمواطنة: السياسية والاجتماعية، والدستورية.. وفي تقدم البحث التقني أيضاً، فكان النقد وراء تسامي الحضارة الغربية، حتى الحياة الأخلاقية لم تسلم من البحث النقدي، والأخلاق الجديدة تعكس المنحى الحديث في المسار النقدي عند الغرب، ويمكن استشراف مستقبل حضاري نموذجي، وفاضل للغرب في مقابل مستقبل أدنى ووضيع للمجتمع العربي على أساس التوجه النقدي الذي يهدف الغرب من خلاله إلى مراجعة قيمه الأخلاقية، والذي نلمس غيابا كليا له في الساحة العربية، وقد أخذ النقد في المجتمع العربي ثلاث اتجاهات: «اتجاها ثقافيا فكريا عاما، واتجاها دينيا صوفيا، واتجاها علميا فلسفيا..[16]».

ويشمل الاتجاه الأول كثيراً من المثقفين العرب مثل محمد عابد الجابري، وبرهان غليون، والغريب عندهم القول بخصوصية العقل: عقل عربي، إسلامي... فهو تقسيم ذاتي، عرقي أو إثني أو لغوي أو ديني، فليس هناك عقل عربي في مقابل العقل الأوروبي والأميركي، أو عقل شرقي في مقابل العقل الغربي، أو عقل إسلامي في مقابل العقل المسيحي أو اليهودي، فالعقل واحد ولكن المعقوليات متعدّدة، وعلة المشكلة عند الأستاذ التريكي تكمن في الالتباس الذي وقع فيه المفكر العربي، حيث لم يميّز كثير من الباحثين بدقة بين المفاهيم المتداخلة: العقل، والعقلانية، والمعقولية، والتعقُّل.

كما أن القول بكونية العقل أسس لمركزية إثنية، سلبت الآخر كل إمكاناته، مما أنتج عنه رفضاً لكل قول أو خطاب صادر منه، حيث ساهمت هذه الأطروحة في ظهور فلسفات نمطية ستيروتيبية قيّدت العقل نفسه، وسيّجته بآلياتها، ممّا كانت النتيجة الحاصلة في عكس المتوقع الذي أقام عليه العقل بنيانه المعرفي والمنهجي، ومرجعية ذلك عند التريكي ظاهرة في تاريخ الفلسفة، والنموذج الذي أعاد قراءته والتنقيب في تراثه هو نموذج السفسطائية، فهي مدرسة مارست التفلسف خارج الخطاب الفلسفي، أي كانت ممارسة فلسفية في حقل معرفي خارج الفلسفة، ومن بين النقاط التي ينبهنا لها الأستاذ التريكي ضرورة إعادة النظر في الأحكام التي تكوّنت عبر التاريخ حول السفسطائية، والتي ساهمت الفلسفة، والأنساق الفلسفية في تنشئتها، فالسفسطائي هو: «أصلا الحكيم الذي يتقن فنّاً ما كالمغنّي، أو الموسيقار، أو الشاعر أو الفيلسوف أو العرّاف والكاهن»..[17]. فالتاريخ يكتبه دوما المنتصر، وعلى هذا الأساس يلجأ التريكي إلى البحث في مبادئ المدرسة من أجل بيان أحقيّة الدعوى السفسطائية في التفلسف، وفي أحادية العقل، أو العقل الموحّد، الذي هو نتاج أيديولوجي بحت، فالبعد الكوني الذي أضفاه الإنسان على العقل لا يطرح في الأصل عند التريكي إشكالا، بل المسألة تظهر في سعي السلطة إلى استثمار الدلالة في إقصاء النماذج الثقافية المغايرة لها، بحجّة الكونية والعالمية، فالحق في التنوع لا في الاختلاف.

 وتتبع تاريخ العقل في الدراسات الفلسفية يعرج بنا إلى كثير من الدلالات، فهو تلك الملكة، التي نميز بها بين الصحيح والخاطئ، وتلك القدرة التي تؤهلنا لمعرفة الخير من الشر أيضاً، ويمكن الاستئناس بتصوّر المفكر المغربي طه عبد الرحمن للعقل المتكوثر والذي يقيمه على حجّة الاختلاف الحاصل في أنماط المعرفة، والذي يكون «على الحقيقة أي العقل عقول شتى، لا بالإضافة إلى الأفراد المختلفين أو الطوائف الكثيرة، وإنما بالإضافة إلى الفرد الواحد.. فالعقل يتكثّر من أجل جلب المنفعة لصاحبه، أماّ العقل الذي يجلب المضرّة لصاحبه فهو عقل متقلّل، وليس عقلاً متكثِّرا.[18] وإذا كان العقل متكثراً، أي انه مُتغيّر تبعاً لنوع الموضوع، ولطبيعة الغاية، فإن أوجه العلم تكون أيضا متكثِّرة.

والعقلانية لا تعكس الإنسانية، لأن الفعل هو البديل لمصطلح العقل حسب طه عبد الرحمن فالفعل لم يرتبط بشيء قدر ارتباطه بالأخلاق، فيتحدد تبعاً لهذا أن التخلق مقابل للتعقل، كما أن الأصل في الأخلاق هو حفظ الأفعال الكمالية، ويستفاد ذلك من المعنى التالي: «..أن الأخلاق أفعال يتوصل بها إلى ترقية الإنسان إلى مراتب لا تدخل فيها هويته ولا بالأولى وجوده، أي أفعال تتعلق بما زاد على هذه الهوية وعلى هذا الوجود، وعلامة ذلك الاسم الذي اشتهر بالدلالة على الأخلاق الحسنة، ألا وهو الفضائل فالفضيلة من الفضل، والفضل هو ما زاد على الحاجة أو ما بقي من الشيء بعد الوفاء بالحاجة»..[19].

وإذا قرأنا الدلالة من خلال الغائيّة التي تملكها الأخلاق، أو من خلال الاصطلاح الذي تواضع عليها علماء اللغة، وفلاسفة الأخلاق، لوجدنا أنّ الأخلاق مجرّد خصوصيات عرضية لا تتعلّق إلا بالشكل، وبمرحلة في سُلّم الترقّي للشخصية الإنسانية، ويُصبح الإنسان كائناً مجرّداً من الأخلاقية في البدء، وفي التكوين، كما يضع الأخلاق في مستوى التخليق، أو بلُغة فلاسفة الغرب: الأخلاق المكتسبة.

والأصل في الإنسان هو الأخلاقية، فهي ليست حالة عرضية، بل جوهرية، فـ.. «الأخلاقية هي وحدها التي تجعل أفق الإنسان مستقلاً عن أفق البهيمية، فلا مراء أن البهيمية لا تسعى إلى الصلاح في السلوك كما تسعى إلى رزقها مستعملة في ذلك عقلها، فالأخلاقية هي الأصل الذي تتفرّع عليه كل صفات الإنسان من حيث هو كذلك، والعقلانية التي تستحقّ أن تتفرع عليه كل صفات الإنسان من حيث هو كذلك، والعقلانية التي تستحقّ أن تنسب إليه ينبغي أن تكون تابعة لهذا الأصل الأخلاقي»[20]. فالهوية الإنسانية إذن لا تُؤسَّس على العقل بل على الأخلاق، وفذلكة القول إنّ العقلانية استثمرت في حدين متعاكسين، التأسيس للنهضة العلمية، والتكنولوجية، وللثورة على المقدسات الدينية أيضاً.

ومن المسائل المتعلقة أيضا بالعقلانية، وأثرها في ميلاد الإلحاد مبدأ التمييز بين الشرع والعقل، حيث ورث علماء الإسلام هذه التفرقة، ومن الأدلة في ذلك استخدامهم للعبارات التي تقيم هذا الفرق بين العقل، والشرع، مثل قولهم: «يجوز عقلاً وشرعاً»، أو «لا يجوز في العقل ولا في الشرع» أو«يوجبه العقل والشرع» ولهذا وجد العرب أنفسهم أمام إشكال مفتعل لا أصل له، وهو البحث في العلاقات القائمة بين الشرع، والعقل، ومن رواد هذا المنحى:ابن رشد، والغزالي..، ويعتقد المفكر طه عبد الرحمن أن جذور التفرقة بين الشرع والعقل، مصدرها الوافد اليوناني: «الراجح أن هذا الفصل لم يتقرر في الثقافة الإسلامية إلا بعد استئناس المسلمين ببعض الأفكار اليونانية التي بكّرت بنشرها بين ظهرانيهم المدارس اللاهوتية التي كانت موجودة في الشام والعراق وفارس»[21]. كما يذكر طه عبد الرحمن الأصل الثاني في علة التفرقة، حيث يقول: «والسبب الآخر أنهم تعرفوا، بطريق ما إلى الفصل الذي أقامه أفلاطون بين اللوغوس أي القول العقلي الاستدلالي الذي يضعه الفيلسوف والذي يكون موجها للخاصة، وبين الميتوس أي القول القصصي الخيالي الذي يضعه الشاعر والذي يكون موجها للعامة»..[22].

نجد أن هذه التفرقة تملك بعضاً من النسبة في دواعي ظهور ظاهرة الإلحاد، حيث يمنح الفرق السلطة المعرفية، وسلطة حيازة الحقيقة لأحدهما عن الآخر، فكان العقل المقدس الرئيس عند جميع الفئات التي عايشت استلابا عبر تاريخها الثقافي، والسياسي، وتقديس العقل في الفلسفة اليونانية منح الانسان الغربي الحق في رفض، وتجاوز المعتقدات الدينية مهما كانت، فالإلحاد وليد الفكر العقلاني، وتبدو العبارة غريبة ومتناقضة، لأن مفهوم العقل، والتعقل عند الغرب لم يأخذ المعنى السليم، بل تطبع برؤية مؤدلجة، ورؤية متعالية، أصبح فيها الشرقي، وكل ما لا يمتُّ بصلة إلى الغرب نموذج اللاعقلانية، ومعلم لا حضاري، وامتدّ هذا لكلّ ما هو روحي، فانحدر الغرب بثقافته إلى كل ما هو مادي، والتمييز الذي نجده بين الثقافة والحضارة يؤكّد ذلك أيضاً، فالرؤية الألمانية تقيم فرقاً بين الحضارة والثقافة، فتحدّ الأخيرة بأنها المنظومة المعرفية التي تعبر عن كل ما هو روحي، في مقابل الحضارة التي تشير إلى كلّ منتج  ماديّ أبدعه الإنسان، في حين أن تايلور[1832/1917][23]حاول المطابقة بين الثقافة والحضارة على قاعدة الإجحاف الذي قام عليه الفصل الدلالي والاصطلاحي بين الثقافة والحضارة، فهو تعريف وصفي موضوعي، حاول فيه الابتعاد عن النظرة المعيارية، وعليه فإن زئبقية المفاهيم عند المدارس الغربية لم ينتج استقرارا معرفيا، وشعوريا لدى المواطن الغربي، فكان التمرد عن كل مؤسسة سلطوية، وأهمها الدين الملاذ الوحيد للإنسان الغربي.

الثورة التقنية

كما عملت التقنية العلمية على ترسيخ التوجه نحو الإلحاد، حيث تقرر لدى المواطن الغربي نجاعة العلم، والتقنية، في مقابل الاعتقادات الدينية التي عجزت على توحيد الاعتقادات لدى مريديها أنفسهم، خصوصاً المعتقد المسيحي، فالصراعات المذهبية بين الكاثوليكية والبروتستانت، والارثوذكس، نظرياً، وسياسياً، وميدانياً النتيجة الحتمية للفكر الديني، أما العلم فهو المسؤول الأول عن الارتقاء المعيشي عند الإنسان، وبالفعل فإن هذا التصور صحيح بنسبة عالية، فالرقي الحضاري نتاج العلم، لا الدين، وهذا يثبت أيضاً أن الاعتقاد هو الأصل في المشكلة، وليست العقيدة الدينية، لأن الدين والتدين، والفكر الديني مفاهيم مختلفة.

و مع لابلاس[24] Pierre Simon de Laplace بدأت الهزّة الابستيمولوجية الثانية التي جرى الإعلان فيها عن الدقة اللامتناهية التي تحكم الكون، والذي يقصي كل تصور لاهوتي للكون، فالكون يتحرك وفقا لقوانين ثابتة، وصارمة، حيث يمكن من خلال المعرفة الدقيقة بالقوانين، والشروط الطبيعية قراءة المستقبل، فالنظام الطبيعي لا يعرف الوثبات، كما يقول ليبنتز، فالكون مجرد آلة ميكانيكية.

كما عملت أيضاً النظرية النسبية Relativité مع انشتين Einstein على تحطيم ذلك التقديس واللانهائية التي كان يملكها الكون، وقوانين الطبيعة عند الإنسان، فبدأت ملكية المطلق في المخيال الفكري للبشر في تناقص، فالتعميم المطلق الذي منحه لابلاس للطبيعة بدأ هو أيضاً في التراجع إذ كشفت البحوث الجديدة في عالم الجزئيات، واللامتناهيات في الصغر عن عالم الاحتمال، واللاتعيين، عالم الحرية المتعالية عن قواعد الضبط، والتي استثمرها العلماء في تفسير السلوك الإنساني، فأصبحت المعتقدات الدينية مجالاً لهذه الأحكام، وعليه نلمس الحضور المحتشم للنظرية العلمية، والتقنية في بروز موجات الإلحاد في الثقافة الغربية.

نظرية التطور

عرفت نظرية التطور بريادة شارل داروين، والفرد راسل والاس، هجوماً، وانتقادات واسعة بحجة أنها نظرية إلحادية، تقصّي كلّ عناية إلهية، وإرادة في الخلق، وقد استثمرها الكثير في تقعيد النظرية الإلحادية، فالبحث عن علة طبيعية مادية تتناسب مع طبيعة الموجودات هو الهدف الرئيس في البحث الدارويني، واستثمرت في تحطيم المعتقدات والمقدسات عند البعض، وهي في اعتقادنا المتواضع محاولة علمية لفهم وتفسير الظواهر الحية، والتمسك عند البعض بالموروث الميثولوجي، والميتافيزيقي في تعليل الظواهر الحية، من عوامل التراجع، والتقهقر للبحث العلمي، فكلّ مخالفة للموروث تستدعي التصنيف، والحكم برجعية، انتخائه لاتجاه فكري مرفوض عند الجماعة الضاغطة في الواقع.

والاعتقاد المطلق في الإرادة الالهية من وراء الالتباس في الفهم، والحكم، حيث يعتقد الكثير أن كل شيء خاضع له، وناتج عنه، وهي كلمة حق أُريد بها باطل، فإطلاقيه الإرادة الإلهية لا تنفي، أو تقصي الأسباب، والمسببات بل تقتضيها، فإذا كان كل شيء بيده، وإرادته، فالجزئيات أيضاً لا تخرج عن إرادته، بل هي في المنظومة السببية للكون جزءاً، وتجسيداً للإرادة، وعليه نستأنس ببعض النصوص التي أوردها الاستاذ عباس محمود العقاد في إنصاف العالم شارل داروين، يقول داروين: "إن آرائي الخاصة مسألة لا خطر لها ولا تعني أحداً غيري، ولكنك سألتني، فأسمح لنفسي أن أقول إنني متردّد، ولكنني في أقصى خطرات هذا التردد لم أكن قطّ ملحداً بالمعنى الذي يفهم فيه الإلحاد على أنه إنكار لوجود الله، وأحسب أن وصف اللاَّ أدري يصدق علي في أكثر الأوقات كلما تقدمت بي الأيام"[25].. ولكن برغم هذا الإقرار يعتقد الكثير أن نظرية التطور من وراء الإلحاد في الغرب.

نظرية سيغموند فرويد

ومع مدرسة التحليل النفسي، وأستاذ الشكّ حسب توصيف بول ريكور[26] سيغموند فرويدSigmund Freud [27] بدأ الجرح الهوياتي، والذي كشف عن لا عقلانية العقل ذاته، فالوعي الذي يتمظهر في الأنا Ego كشعور إدراكي مراقب للنشاطات الإرادية، جزء من الهوID تشكّل عبر التاريخ النفسي والثقافي، من خلال حركة جدلية، فالمحرك الأساس عند فرويد لجميع سلوكات الإنسان هو اللاّشعور، أو ما يصطلح عليه بالعقل الباطن أو اللاّوعي، كما ساهمت الفرويدية في تطوير مناهج التحليل والبحث العلمي عموماً، والفلسفي خصوصاً، فكانت الدوافع، والخلفيات اللاَّواعية مثل الليبيدو [libido]، والارتباط بالايروس، أو حب الحياة، في مقابل غريزة التحطيم [تاتانوس] فأنزل الإنسان من سماء المجرّد، والمقدس إلى درك الطبيعة والدنس.

وخطورة النظرية الفلسفية والعلمية تكمن في الاستتباع اللاَّحق بالاعتقاد بصحتها، فامتدادات النظر، والأفكار على الفضاء الاجتماعي، والسياسي ساهم في مراجعة كثيرا من المفاهيم، والقيم، وقد أصطلح بول ريكور على أثر هذه النظريات في الفكر البشري بالجروح النرجسية، أي الثورات التي زلزلت المخيال الإنساني حول مركزية الأرض، ومركزية الإنسان في الكون، وقد كانت هذه النظريات مقدمات للثورة على المعاني المتعارف عليها في التراث البشري، سواء كانت وصفية وتقريرية، أو قيمية.

 الثورة على الأخلاق

ساهمت النتائج العلمية في إحداث رجّة داخل البيت الفلسفي، فدقة النتائج المستخلصة، وقابليتها للتجسيد على أرض الواقع في الحقول العلمية دفعت بالكثير من العلماء إلى مراجعة الفلسفة التقليدية، فعلى مستوى الفلسفة الخلقية لوحظ اكتساح المسحة التجريدية على الدراسات الخلقية، فالإنسان المقصود في هذه البحوث لا وجود له في الواقع الإنساني، فهو مجرد تمثل، وتصوُّر لنموذج إنسان، وما يهمُّنا من هذه الوضعية التي عرفتها الفلسفة الخلقية التقليدية هو الطابع الإشكالي الذي رافق المسائل الخلقية عبر تاريخها، فالأخلاق تطرح، وتُمشكل عندما تكون أمام أزمة، وعليه فإن البحث عن أخلاق جديدة لواقع جديد مرافق للبحث النظري في الأخلاق، ويمكننا إحصاء المآخذ التي أخذها أنصار الاتجاه العلمي في دراسة الأخلاق على دعاة الأخلاق النظرية في النقاط التالية:

أولا إن عقلنة القيم الأخلاقية لا يوجب صورنتها بالضرورة، فالقول بمحاكاة المبادئ الأخلاقية لمفاهيم الرياضيات يحمل نوعاً من المغالاة، فالفرق بين المفاهيم الخلقية والرياضية راجع إلى مبدأ، ومصدر المفاهيم، فالمفاهيم في الرياضيات إنشاء عقلي خالص أما المفاهيم الخلقية فليست منتج العقل المجرّد، وهذا ما نستشفُّه من محاولة الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا في ترييض الأخلاق في كتابه الإيتيقا.

ولكن التنظير الأخلاقي يبقى محلّ خلاف بين المدارس الكبرى في الفلسفة، والذي يتقاطع مع خصوصيات الدور الفلسفي، فالاعتقاد بأن الحياة الأخلاقية مادة النظرية الأخلاقية، طرحٌ يضع النظريات الأخلاقية في إحراجٍ منطقي تفقد فيه كل محاولةٍ تأسيسية للأخلاق الجدوى والاعتبار، فتتحقق قولة باسكال: «الأخلاق الحقيقية تهزأ من الأخلاق».

ومع ليفي بريل ([28]Lucien Lévy-Bruhl 1857 /1939) في كتابه الأخلاق وعلم العادات الأخلاقية يبدأ التأسيس العلمي للأخلاق، يقول: "إن الأخلاق لا تستند مطلقاً في وجودها إلى تلك المبادئ النظرية التي تقام عليها، كما أنها لا تتوقف أبداً على العلم الذي قد يوجد لدينا عن ذلك المجموع.. ونحن لا نكون أخلاق شعب ما أو حضارة ما، فإنّ هذه الأخلاق مكوّنة من ذي قبل، وهي لم تنتظر لكي تظهر إلى عالم الوجود فلاسفة يجيئون فيعملون على بنائها أو هدمها"[29]. يسلم ليفي بريل في هذا النص بموضوعية القيم الأخلاقية، فهي تشارك الواقعة الطبيعية في انطولوجية الوجود، فهي على حدّ قوله قائمة، وجاهزة، ولا تحتاج في وجودها إلى إيجادهم، فهي ليست مشروطة بهؤلاء المنتمين إليها.

والاعتراض الثاني يذهب فيه دعاة المدرسة العلمية في الدراسات الأخلاقية إلى أنّ اصطلاح علم اصطلاحاً معيارياً هو فكرة مردودة، لأن لفظ علم لا يصدق على الدراسة التي تتجاوز حدود الوصف أو الملاحظة أو التقرير.. وعليه فإن العلم يتعلق حصراً بالظواهر التي تقبل التفسير، والوضعنة، وما يرتبط بالفهم، لا يمكن اعتباره مبحثاً علميّاً، لأن الأخلاق الفلسفيّة نظر عقلي، فهي إلى الميتافيزيقا أقرب منها إلى العلم، فالاعتقاد بوجود دراسة علمية ومعيارية في وقت واحد مستحيل عقلاً.

أما الاعتراض الثالث فيتحدد في أن تأسيس المبادئ الأخلاقية على قاعدة الكلية والشمولية عمل أثبت نهايته، فالقول عموماً يقتضي التسليم بإمكانية استنباطها بشكل تلقائي، وهذا متعذر إذ إن المفاهيم الخلقية من الصعوبة بمكان حيث يثبت الاختلاف القائم في تصور القيم الخلقية، وممارستها على محدودية القول لأن القول بكليتها يعني وحدتها، وشموليتها، وعموميتها، ولكن الاختلاف الموجود بين القيم بين المجتمعات دليل آخر على نسبيتها..

ودليلهم في ذلك مرده إلى التحليل الذي أجراه العلماء للضمير الخلقي الأوروبي الذي تكوَّن عبر مراحل، وبتأثيرات متعدِّدة، ومتباينة. فالضمير الفردي في حد ذاته نتاج، ومجال لصراع الأضداد، يقول بيلو: "الضمير الفردي لا يتكوّن فقط من تلك الرواسب التي تراكمت بعضها فوق بعض عبر التاريخ، وإنّما يتكون أيضاً من مجموعة من الضمائر الجزئية التي يوجد بعضها في جوار بعض كالضمير العائلي، والضمير المهني، والضمير المدني، والضمير الإنساني..وهذه الضمائر ليست دائماً على وفاق.. بل كثيراً ما ينشب بينها الصراع أو التعارض، فالشعور الأخلاقي ليس وحدة متماسكة، بل هو مركب من عناصر مختلفة متباينة"[30].

وفي الرابع يعترض الوضعيون على المسلمات التي يقيم عليها دعاة الفلسفة الخلقية النظرية أحكامهم، ومبادئهم الكلية، حيث لم يعمل هؤلاء على البحث في صدقية مسلماتهم، فهي تحاكي القضايا البديهية التي تؤسّس عليها الرياضيات الإقليدية، فالقول بوحدة الطبيعة البشرية، وثباتها عبر الزمان، والمكان، ومعطيات الضمير الخلقي فطرية، ومشتركة مسألة تقتضي البرهنة، والحجة، وليست حقائق بديهية حدسية كما يقولون. وبعودة رواد المدرسة الاجتماعية إلى فروع العلوم الاجتماعية تبين أن فكرة وجود إنسان في ذاته خرافة ميتافيزيقية، فلكل فرد، ولكل شعب طرائقه في التفكير، والشعور، والتعقل، يقول دوركايم: "إن كل عنصر وكل مجتمع إنما يضعان تحت مفهوم الإنسان، إنسان هذا العصر أو ذلك المجتمع. وإذا كان من الحق أن اليوناني قديماً لم يكن يحسب للبربري أي حساب فإن من الحق أيضا أن الرجل الأوروبي ـ اليوم ـ إنّما يعتقد أن الإنسان هو تحديداً إنسان هذا المجتمع الغربي المسيحي"...[31].

وفذلكة القول تتحدد في نسبية الإحاطة بجذور التمرد، والإلحاد الديني في الغرب، فهو ثقافة ناتجة، ولازمة عن مقتضيات تاريخية، تضرب في أعماق الزمن الغربي، فبدءاً من الاغريق، وبالضبط من أثينا [المدينة police] بدأت المقدمات الجينية، والموّرثات التي ستلد الإلحاد بصوره المتعددة.

ومن المسلمات التي نخلص إليها أن اتهام سقراط بالإلحاد، وشتمه للآلهة مغالطة لغوية، وتوهيم للرأي استثمرته السلطة في تثبيت سيادتها، وقدرتها، فهو كحكم، وتصنيف مسألة قيمية تفتقر إلى الموضوعية في تقريرها، وتقنينها، وبعد ذلك تفسيرها، كما أن التقدم العلمي، والتقني يتحمل مسؤولية الأبوة لهذه الظاهرة السلوكية بشكل جليّ.



[1]*- باحث وأستاذ الفلسفة، جامعة سعيدة، الجمهورية الجزائرية.

[2]- د رمسيس الثاني ملك من ملوك مصر ولد في 1303 ق.م وحكم مصر لمدة 67 سنة من 1279 ق.م. حتى 1212 ق.م. صعد إلى الحكم وهو في أوائل العشرينات من العمر، من بين الملوك الذين ادعوا الربوبية[الألوهية]

[3]- سورة القصص، الآية:38

[4]- سورة البقرة، الآية:28

[5]- ابن منظور، لسان العرب، الجزء السابع، دار صادر، بيروت 2003 ص:182.

[6]- خليل احمد خليل، مضمون الأسطورة في الفكر العربي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت ط:3 1986 ص:8.

[7]- أليكسي لوسيف، فلسفة الأسطورة، ترجمة منذر حلوم، دار الحوار للنشر والتوزيع، سوريه، ط:1 2000 ص: 43.

[8]- ميرسيا الياد، مظاهر الأسطورة، ترجمة نهاد خياطة، دار كنعان للدراسات والنشر، دمشق، ط:1- 1991 ص: 10.

[9]- احمد زياد محبك، دراسات نقدية، منشورات دار علاء الدين، سوريه، ط:1 -2001 ص: 13.

[10]- فراس السواح، الأسطورة والمعنى، دار علاء الدين للنشر والتوزيع، سوريا، ط/ 2-2001  ص 09.

[11]- دانيال سبيك، مشكلة الشر، ترجمة: سارة السباعي، المركز القومي للترجمة، القاهرة الطبعة الأولى 2016 ص:141.

[12]-∗ فرانسوا ماري اروي، من فلاسفة الثورة الفرنسية، ومن اهم كتبه: كانديد..

[13]- دانيال سبيك، مشكلة الشر، مرجع سابق، ص:141.

[14]-∗ فتحي التريكي: مفكر تونسي معاصر.

[15]- فتحي التريكي، العقل والحرية، تبر الزمان، تونس.1998، ص: 12.

[16]- المرجع نفسه، ص: 14.

[17]- فلسفة التنوع، ص: 32.

[18]- طه عبد الرحمن، اللسان والميزان، المركز الثقافي العربي، المغرب الطبعة الاولى 1998 ص: 405.

[19]- طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص: 53.

[20]- طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص: 14.

[21]- طه عبد الرحمن، سؤال العمل، المركز الثقافي العربي، المغرب الطبعة الاولى 2012 ص:88.

[22]- المصدر نفسه، ص:89.

[23]- أنتروبولوجي بريطاني.

[24]- لابلاس: 1827.1749 رياضي وفلكي فرنسي.

[25]- عباس محمود العقاد، عقائد المفكرين في القرن العشرين، مؤسسة هنداوي، مصر 2012 ص:48 (د.ط.ت).

[26]- فيلسوف فرنسي[1913/2005] واحد من ممثلي التيار التأويلي، اشتغل في حقل الاهتمام التأويلي ومن ثم بالاهتمام بالبنيوية، وهو امتداد لديسوسير، ويعتبر ريكور رائد سؤال السرد. أشهر كتبه (نظرية التأويل -التاريخ والحقيقة-الزمن والحكي- الخطاب وفائض المعنى

[27]- عالم نفس نمساوي[1856/1939] مؤسس مدرسة التحليل النفسي، له مؤلفات رئيسة: معالم التحليل النفسي، الانا والهو، موسى والتوحيد...

[28]- عالم اجتماع وانتروبولوجي فرنسي، له: فلسفة أوجست كونت، الأخلاق وعلم العادات الأخلاقية، العقلية البدائية...

[29]- L. Lévy-Bruhl، La Morale et la science Des Mœurs، Félix Alcan، édition، paris 4:éd، 1910، p:90.

[30]- Gustaphe.Belot، études de morale positive 1907 pp 68- 70.

[31]- زكريا إبراهيم مشكلة الإنسان، ص: 14.