البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

الإلحاد الإبستمولوجي ، ديفيد هيوم تمثيلاً

الباحث :  غيضان السيد علي
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  7
السنة :  السنة الثالثة - ربيع 2017 م / 1438 هـ
تاريخ إضافة البحث :  May / 9 / 2017
عدد زيارات البحث :  5754
تحميل  ( 329.253 KB )
تختص هذه المقالة بمقاربة الفضاء المعرفي "الأبستمولوجي" للإلحاد، حيث ذهب الكاتب إلى تظهير المباني الفلسفية والنظرية لما يسميه بـ الإلحاد الأبستمولوجي الذي ظهرت معالمه الأولى في القرن السابع عشر.

ولتأصيل هذا المسعى وبيان معالمه اتخذ الكاتب من الفيلسوف الإنكليزي ديفيد هيوم مادة يؤسس عليها مسعاه كما يسجل مجموعة من الملاحظات النقدية على منظومته الفلسفية..

المحرر


يتميز الإلحاد الإبستمولوجي المعرفي عن الإلحاد بمعناه العام، ويتجلّى في أوضح صوره عند الفيلسوف الانجليزي ديفيد هيوم  David Hume  1611- 1676.  فإذا كان الإلحاد Atheism في المعنى العام يعني لغوياً الميل عن القصد، والعدول عن الشيء، يُقال أَلحد في الدين ولَحَدَ أي حَادَ عنه وطعن فيه[2]. والإلحاد في الاصطلاح يُقال على عدة  حالات، منها: إنكار وجود الله، والنبوات والكهنوت (سدنة الكنيسة ـ رجال الإكليروس) وكذلك إنكار البعث، وإنكار العالم الغيبي. بل قد يُطلق بمعنى آخر غير المعاني السابقة، وهو أن ينكر المرء أصلاً من أصول الدين أو اعتقاداً من الاعتقادات المألوفة، أو رأياً من الآراء الشائعة؛ فسقراط اتّهم بالإلحاد، وحُكِم عليه بالموت بالرغم من قوله بوجود إلهٍ واحد، وكذلك أفلاطون، وأرسطو، وديكارت، واسبينوزا، وكانط. فلم يَسلَم هؤلاء جميعاً على اختلاف مذاهبهم من تهمة الإلحاد لمخالفتهم آراء أهل زمانهم. وهذا يَدُلّ على أن مفهوم الإلحاد يختلف باختلاف تصورات الناس واعتقاداتهم، فإذا كان المذهب مُخالفاً لاعتقاداتهم عدُّوه إلحاداً، وإذا كان موافقاً لها عدُّوه دِيناً وإيماناً. وفي التاريخ أمثلة كثيرة  تدل على أن العلماء الذين يأتون بالغريب وغير المألوف من الآراء، يُمتحنون في حياتهم، ويُمتهنون، ويُتهمون بالكفر والإلحاد والزندقة، ويكاد تطور معنى الإلحاد يكون موازياً لتطور فكرة التعصب، فكلما زاد التعصب كثر عدد الملحدين في نظر الناس، والعكس بالعكس[3]. ونظراً لتعدد المعاني واختلافها من عصرٍ إلى آخر ومن مجتمع  إلى آخر يذهب البعض إلى أنّ أفضل تحديد لمصطلح الإلحاد هو: الكفر بالله، والمُلحد Atheist هو الذي يحكم على عبارة « الله موجود» بأنها قضية كاذبة، والمُلحِد مُنكر لله، قاطع في إنكاره، ومُتعصب لهذا الإنكار. ولهذا اقتصرت بعض الموسوعات والمعاجم الفلسفيّة على تعريف الإلحاد بأنه إنكار وجود الله وحسب، مثل موسوعة لالاند الفلسفية التي عرفت الإلحاد في جملة واحدة وهي «عقيدة قوامها انكار وجود الله»[4].وكذلك معجم مراد وهبة الفلسفي الذي اقتصر على هذا المعنى[5].

الإلحاد الابستمولوجي أو كما يسميه عبد المنعم الحفني «الإلحاد الفلسفي» هو الاسم الذي أطلقه هيوم على مذهبه في الإلحاد، فهو ليس إنكاراً لوجود الله بشكل مطلق، وإنما هو شك معرفي في وجوده، فاليقين عنده مطلب البرهان التجريبي، والتجربة لم تكشف له إلا عن وجود انطباعات وأفكار تتصل بعضها ببعض، حتى ليقول أنا لست سوى حزمة من الإدراكات الحسية؛ وقال: ولو أني آمنت بوجود إله فهل أخرج بشيء أزيد مما تقدمه معارفنا عن العالم؟ إذن لا لزوم لمثل هذا الاعتقاد أو الإيمان! وأنكر هيوم المعجزات كمبرر لبناء ديني ينهض عليها. وقول «هيوم» بالإلحاد الفلسفي أو الابستمولوجي يقصد به ابتداءً أن وجود الله محتمل، والاحتمال يعني أنه لا وجود للإله إلى أن يثبت علمياً أنه موجود، وقبل ذلك هو فرض يحتمل التكذيب ويحتمل التصديق[6]. لكنه انتهى إلى القول إنّ احتمال وجود الله ليس من نوع الاحتمال العلمي؛ ومع ذلك لم ينكر وجود الله بعبارات قاطعة، ولم يتعصب لهذا الإنكار، لتبقى قضية وجود الله عنده قضية إيمان لا قضية عقل وبرهان ومعرفة، فكل طريقة لإثبات وجود الله معرفياً عند هيوم هي طريقة غير ممكنة على الإطلاق ومصيرها الفشل، وهذا عين ما نقصده بالإلحاد الابستمولوجي لدى هيوم.

وقد انطلق هيوم في بناء موقفه من الإلحاد الابستمولوجي من منطلقات معرفيّة خالصة؛ حيث كان يشعر شعوراً عميقاً باندفاع العقل فيما يقوم به من استدلالات في مجال التجربة، ولم يكن له أمل ما في الوصول إلى معرفة ثابتة عن أي شيء ما لم يتبع منهج التفكير العلمي الدقيق، ذلك المنهج الذي اتبعه من قبل في دراساته في الأخلاق والسياسة والتاريخ والاقتصاد فتوسم به خيراً في مجال اللاهوت والدين[7]. فكان الموضوع الرئيسي الذي يشغل هيوم هو التساؤل الذي ما زال إلى اليوم يمثل رافداً أساسياً في فلسفة الدين بصيغه المتعددة وهو: هل يدعم العقل الاعتقاد الديني؟ وإذا كانت الإجابة بالإيجاب فكيف يكون ذلك؟ أم هناك أدلة مكافئة ضد ذلك؟ وإلى أي مدى يمكننا حسم هذا الجدل؟ أم أمر الاعتقاد الديني برمته يقع خارج نطاق العقل تماماً؟[8].  لينتهي إلى التسليم للسؤال الأخير الذي يرد عليه بالإيجاب ليصدح قائلاً:» إن ديانتنا المقدسة تُؤسَّس على الإيمان لا على العقل»[9]، ليضع اللاهوت الفلسفي في مأزق حقيقي ما زال يؤرقه حتى اليوم. فقد تبلورت استراتيجية هيوم الفعلية لتسخير عوامل الشك لإثبات افتقار الإيمان الديني إلى أي دعائم عقلية.

ومن هذا الموقف المُجمَل يمكننا الانطلاق لبيان كيف عَمِلَ هيوم على البرهنة لإثبات وجهة نظره في الاعتقاد الديني، وكيف نقد الأدلة على وجود الله كافة، وكيف دحض القول بالمعجزات، وأنكر الوحي والنبوات، ورفض الشعائر والطقوس الدينية، وأنكر البعث والحياة الأخروية. مع تعقيب نقدي حرصنا على تقديمه لرؤى هيوم النقدية حول هذه المسائل الشائكة.

 أولاً: في البدء كانت الوثنية 

يرى هيوم أنَّ الوثنيّة أو الشرك كانت الدين الأول والأقدم في تاريخ النوع الإنساني، وأن شهادة التاريخ على ذلك واضحة، حيث يقول :» إننا كلما عُدنا إلى أعماق التاريخ في العصور القديمة وجدنا الإنسان غارقاً في الشرك، وأنَّه ليس هناك من دليل يدل على أن البشريّة عرفت ديناً آخر يبدو أكثر كمالاً من الشرك، ومعظم الوثائق القديمة عن تاريخ البشرية لا تزال تؤكد هذه المنظومة»[10].  ومن ثم يعتقد هيوم أنَّ هذه المعلومة كافية لدحض أي دليل آخر يمكن أن يعارض وجهة النظر هذه؛ فالشمال، والجنوب، والشرق، والغرب يقيمون أدلتهم الاجتماعية عليها. فحتى اليوم تشهد الخبرة الحياتية ـ من وجهة نظر هيوم ـ على صحة هذا الدليل؛ فالقبائل الهمجية في أمريكا وأفريقيا وآسيا كلها وثنية بلا استثناء[11].

وقد نشأ الدين عند هيوم نتيجة القلق والخوف الذي ينتاب الكائن البشري إزاء أحداث الحياة، ومن الأفكار التي يضمرها الإنسان عن القوى المجهولة وغير المرئية؛ فَتَقَلُب أحداث الحياة بين صحةٍ ومرض وبين نجاحٍ وفشلٍ، وبين انتصارٍ وهزيمةٍ، وبين سعادةٍ وتعاسةٍ، وبين حظٍ مؤاتٍ وحظٍ معاكسٍ؛ وتعدد أحوال الظواهر الطبيعية بين أحوال مفيدةٍ وأحوالٍ ضارةٍ، والحوادث الكونيّة المفاجئة مثل الزلازل والبراكين والفيضانات والصواعق والعواصف، كل ذلك وما شابهه جعل الإنسان في حالة من القلق الدائم والخوف والأمل المستمرِين، ونتج من هذه الحالة أن عزا الإنسان كل ظاهرة طبيعية وكل شأن من شؤون الحياة إلى قوى خفيّة عاقلة، وتعددت  هذه القوى بتعدد الظواهر الطبيعية وشؤون الحياة، ونسب الإنسان لتلك القوى الخفية أو الآلهة اختصاصات محددة وقسَّم مناطق نفوذها؛ فجونو يُتَوسل إليها في الزواج، ولوسينا في الولادة  ونبتون يستقبل صلوات البحارة ومارس يستقبل صلوات المحاربين ... أي إنّ الإنسان الأول قد قاس طبيعة الآلهة على طبيعته وإرادته التي تتغير من خير إلى شرّ، ومن شرّ إلى خير فظنَّ أنَّ كل ظاهرة وراءها إله [12].

ويستطرد هيوم في عرض فكرته فيرى أنَّه إذا كان «الدين الأَولىّ ليس ألوهياً وإنما هو شركي ووثني، يُناسب حيواناً بربرياً ومعوزاً كما يناسب الفضولية الضعيفة»[13]. فإن التوحيد قد انبثق من الشرك؛ فالشرك في الدين بما ينطوي عليه من الإيمان بوجود آلهة متعددة بتعدد الظواهر الطبيعية يلائم سياسياً تعدد القبائل والجماعات الإنسانية. ولكن ما إنْ تتوحد هذه القبائل وتلك الجماعات تحت راية قبيلة واحدة قوية منتصرة تستطيع توحيد هذه القبائل المتعددة في وحدة واحدة، فإنها تتحول من التعددية إلى التوحيد، حيث تسود عبادة الإله الذي تعبده القبيلة الغالبة. لكن هذه الوحدانيّة في البداية لا تكون وحدانية صافية تؤمن بإله واحد وترفض سائر الآلهة، وإنما تكون معبرة عن وحدة الاعتقاد الهرمي التراتبي في الآلهة؛ فآلهة القبائل الخاضعة أصبحت في رتبة أقل من إله القبيلة المنتصرة...لكن بمرور الزمن وتلاشي الفروق القبلية تتحول بالتدرّج إلى عقيدة التوحيد، وهكذا يقرر هيوم أن التوحيد ينبثق عن الشرك ويعتبر أنّ الشرك هو أصل التوحيد!

 كما يرفض هيوم ذلك الفرض القائل إنّ «الإنسان متدين بطبعه»؛ حيث قرر أنّه لا توجد في الإنسان غريزة للتدين أو الإيمان بدين ما، والدليل على ذلك أن ثَمَّ أجناساً لا تؤمن بوجود إله. فلو كان الإيمان بالله فطرياً في الإنسان لكان موجوداً في كل الشعوب [14]. وما وجد من ذلك استثناء وهو الأمر الذي يُخالف ما يثبته الاستقراء العلمي لحال الشعوب والجماعات.

وهنا يمكن توجيه سهام النقد للقضايا الثلاث التي أثارها هيوم في هذه المسألة، وهي: إنّ الوثنية هي الأساس»، وإنّ «الدين نشأ نتيجة الخوف الإنساني»، وإنّ مقولة  «الإنسان متدين بطبعه» هي مقولة زائفة.

 أما بالنسبة للقضية الأولى فيمكن الرد عليها بتأكيد أن «التوحيد كان المعتقد الأول» وهذا ما برهنته العديد من الدراسات التي قام بها علماء الأجناس والأنثربولوجيا وأكدها الفلاسفة ببراهين قوية؛ فقد أيّد كثير من علماء الأجناس القول بأن التوحيد هو دين البشرية الأول، مثل الألماني اينرايخ Enreich في مقاله «الآلهة والمنقذون Gods and Savers» والذي نشره عام 1906، وهو بحث عن قبائل الهنود الحمر. كما أكدَّ عالم الأجناس والأنثروبولوجيا الألماني الأب شيمت Schmidt في العديد من أبحاثة أن التوحيد كان الدين الغالب على القبائل البدائية الموغلة في التاريخ، وأوضح أن القبائل الاسترالية الوسطى التي زعم الباحثوندور كايم وغيره أنها تعبر عن المرحلة البدائية الأولى للبشرية ما هي إلا قبائل حديثة تمثل الطور السادس من تطور قبائل أستراليا، وتوجد قبائل أقدم منها عرفت الإله الواحد الأسمى[15].

كما أكد العديد من الفلاسفة أن البشرية أول ما بدأت، بدأت بالتوحيد، الذي تَكشَّفَ لها إما بوحي إلهي وإمّا بتأمل نظري، والذي لم يكن الشرك إلا مظهراً من مظاهر فساده، حيث حاد الإنسان عن التوحيد وسقط في الشرك والتعددية والوثنية، ومن هؤلاء «شلنج» الذي ذهب في كتابه « فلسفة الميثولوجيا» إلى أن التوحيد كان هو اتجاه المعتقد الديني عند البشرية في البداية. الأمر الذي أكده «أندرو لانج» في كتابه « Making of Humanity» إذ قال فيه إنّ الدين الأول هو دين السماء، واستند  إلى الدراسات الأنثربولوجية واكتشافات هويت Howitt  وبحوث مان T.H.Man عن الموجود الأسمى في قبائل وسط أفريقيا، مثل الزولو والبوشمان والهوتنتوت وبعض قبائل الأمريكيين وأستراليا الجنوبية والشرقية. ويرى «لانج» أن المعتقدات الصحيحة تسبق المعتقدات الخاطئة، وأن العقل يسبق المخيلة في العمل، فالديانات بدأت توحيدية أنقى ثم تلتها معتقدات أسطورية غير صحيحة نتيجة عمل المخيلة. وكذلك أكدت الأديان السماوية جميعها أن التوحيد كان هو الأصل والبداية. وهكذا يمكننا القول إنّ هيوم قد افتقد لمنهجيات علم النقد التاريخي ولم يبذل أي مجهود في تقصي المعارف الاجتماعية والأنثربولوجية المتاحة في عصره، هذا فضلا عن عدم ميله إلى تحليل النصوص المقدسة وما ورد بها في هذا الشأن والذي كان سيفيده بلا شكّ.

أما عن القول إنّ «الخوف والقلق هما منبع التدين عند الإنسان» فهذا زعمٌ زائفٌ إلى حدٍّ بعيد؛ حيث كان تفكر الإنسان في خلق السماوات والأرض ورغبته الجارفة في التعرف إلى سرّ الكون هو ما دفعه إلى فكرة الخالق، كما أنّ وجود فكرة العليّة في التفكير الإنساني هي التي تدفع الإنسان دائماً إلى الاعتقاد بأن لكل صنعة صانعاً، وأن هذا الكون لا بد له من صانع له قدرات أكبر من القدرات الإنسانية. ولكن رفض هيوم للسببية هو ما  أدى إلى زعمه هذا.

أما أنَّ «الإنسان كائن غير متدين بذاته» فهي فكرة تحمل تناقضاً ذاتياً كما عبَّر عنها هيوم؛ حيث زعم أنّ خوف الإنسان وقلقه هو الذي دفعه للتدين، ولم يسأل «هيوم» نفسه لماذا دفعه هذا الخوف للتدين بالذات ولم يدفعه لسلوك آخر؟ ولماذا دفع كل المجتمعات البشرية إلى التدين دون غيره؟! ألا يعكس ذلك تهافت قول «هيوم» وتناقضه الذاتي؟! فالإنسان دائم طوال حياته يبحث عن الإله، حتى الملحد يظل باحثاً حتى إذا ما فشل في الوصول إليه ابستمولوجياً لجأ إلى الإلحاد، وهو ما ينطبق تماماً على حالة هيوم.

ثانياً: نقد الأدلة العقليّة على وجود الله

دعا هيوم من خلال نسقه الفلسفي التجريبي إلى نبذ كل الحقائق التي لا تعضدها التجربة وتدعمها، فالأفكار التي تأتي عن طريق غير طريق التجربة هي أفكار زائفة « فأفكارنا لا تصل أبعد من تجربتنا»[16].  أي التملص من كل الحقائق التي تجيء عن طريق الغيبيات ونبذ كل ما يجري في عالم اللاهوت الفلسفي نبذاً تاماً، فقد أخفق اللاهوت العقلي تماماً في إثبات وجود الإله. ولذلك خصّص هيوم الجانب الأكبر من  كتابه « محاورات في الدين الطبيعي» لفحص جميع الأدلة التجريبيّة الممكنة على وجود الله، أي تلك الأدلة المستمدة من التجربة أو المشاهدة وذلك بعدما رفض مقدماً  الأدلة المستمدة من التأملات الميتافيزيقية كافّة.

 نقد الدليل الغائي

 يقوم الدليل الغائي Proof Teleological كأحد أشهر الأدلة الطبيعيّة على وجود الله على أنّ كل موجود فهو يفعل لغاية، وأن الأشياء جميعاً منظمة فيما بينها لأنها مرتبة لغاية، مما يُحتّم وجود موجود عاقل يوجه الأشياء الطبيعية كلاً إلى غايته. لكن هيوم يقوم بنقد الدليل الغائي فيقول: إن دليل الغائية المشهور قائم على تمثيل الكون بآلة صناعية وتمثيل الله بالصانع الإنساني، ولكن الصانع الإنساني علة محدودة تعمل في جزء محدود، فبأي حق نمدّ التشبيه إلى هذا الكل العظيم الذي هو الكون، ونحن لا ندري إن كان متجانساً في جميع أنحائه، أم لا ؟ ولو سلمنا بهذه المماثلة لما انتهينا حتماً إلى الإله الذي يقصده أصحاب الدليل، إذ يمكن أن نستدل بما في الكون من نقص على أن الإله متناه كالصانع الإنساني، وأنه ناقص يصادف مقاومة، أو أنه جسمي وأنه يعمل بيديه: أو يمكن أن نفترض أن الكون نتيجة تعاون مجموعة من الآلهة. وإذا شبهنا الكون بالجسم، أمكن تصور الله نفساً كلية، أو قوة نامية كالقوة التي تحدث النظام في النبات دون قصد ولا شعور[17].  إذن يقوم الدليل الغائي في نظر هيوم على المماثلة بين الكون وبين آلة من صنع الإنسان، فيرى أن هذه المماثلة غير مشروعة لما فيها من تفاوت فلا يمكن أن يكون ثمة تشابه بين جزء محدود للغاية وناجم عن علة محدودة وبين ذلك الكل العظيم الذي لا نعرف هل هو كل متجانس أم أجزاؤه مختلفة. كما بدا واضحاً أن هيوم يطعن في فكرة القصديّة أو الغائية الموجودة في الكون، ويقدم ما يهدمها من الأساس، فقصور ملائمة الوسائل للغايات، وآلاف الآلام في دنيا الإنسان والحيوان تكشف – على أحسن الفروض- عن إله محدود القدرات والذكاء، أو إله غير مكترث للبشر بتاتاً، فحياة الإنسان في النهاية ليست أعظم أهمية من حياة المحارة[18]. فيتساءل هيوم كثيراً كيف نبرر تلك المصائب والكوارث والشرور التي تملأ العالم في ظل وجود هذا الإله الذي يعتني بالكون! فهي توحي بسلسلة من التناقضات النظرية بين صفات الألوهية؛ فإذا كانت قدرة الإله «لا متناهية» أي إنّه قادر على أن يمنع الشرور والكوارث ومع ذلك لا يفعل فهو إله شرير، وإما هو إله عطوف لكنه لا يقدر على منع الشرور والكوارث فهو عاجز!

ويمكن الردّ على هيوم ها هنا بالقول إن الإله الخالق العادل قد أعطى الحرية الكاملة للإنسان ومن حريته نشأ الشر. ذلك الشر الذي عجز هيوم بإنكاره للبعث عن تبرير مصير أصحابه إذا لم يكن هناك معاد أخروي. وكيف يتساوى الخيّر والشرير في المآل الأخير؟ ولماذا يستبعد هيوم أن تكون الكوارث الطبيعية فيها ما ينفع الناس ويحافظ على الطبيعة بشكل ما، ولذلك ينبغي تقييم حُسن الحوادث وقبحها ضمن أفق أوسع. وعندها سيرى المرء كل علاقات القوانين الكلية، وسيراقب في حالة من الحمد، رحمة الله وصحة أعماله من بين منعطفات ودقائق العناية الإلهية [19]. كما يرى كثير من الباحثين أن وجود الشر في العالم ليس دليلاً على عدم وجود الله حتى لو استطاع التشكيك في كفاءة برهان النظام[20].

  نقد الدليل الوجودي

ويقصد بالدليل الوجوديProof Ontological   إثبات وجود الله من ذات فكرة الله، أي من مجرد تعريفه [21]. وهنا يرفض هيوم هذا الدليل بقوله : «هب أن إنساناً تجرد من كل شيء يعرفه أو يراه لبدا عاجزاً تماماً عن أن يحدد ـ بالرجوع إلى أفكاره الخاصة فحسب ـ تلك الصورة التي يمكن أن يكون عليها الكون، أو أن يعطي أفضلية لبعض الأشياء على الأخرى أو لحالة على حالة أخرى. كما أنّه لا يمكنه أن يتصور أي شيء بوضوح، وإن وجد شيء واضح فهو مستحيل أو متضمّن لتناقض. وكل الصور الموجودة في مخيلته هي على درجة واحدة من المساواة في الوهم. كذلك لا يمكنه تحديد أي سبب واضح لكونه التزم بفكرة واحدة أو بمذهب معيّن ورفض فكرة أخرى أو مذهباً آخر بالرغم من أنهما ممكنان بالقدر نفسه» [22].

إذن يقرّ هيوم بأن الأشياء التي من الممكن أن نتصورها موجودة بإمكاننا أيضاً أن نتصورها غير موجودة بالقدر نفسه من الإمكان. ومن ثم فلا وجود لكائن يشتمل عدم وجوده على تناقض. كما إنّ التجربة لا تقدم لنا أي انطباع ضروري عن موجود  واجب الوجود. 

ولكن ما الذي يدعم فكرة وجود واجب الوجود فينا؟ يرى هيوم أنّ ما يدعم فكرة الموجود الضروري هو الخيال الذي يمد معرفتنا التجريبية ببعض الصفات مثل القدرة والحكمة والعلم واللاتناهي في كل شيء. فالخيال هو الذي يصنع كل ذلك، ومن ثم فبإمكان هذا الخيال أن يسلب تلك الصفات ويضع نقيضها. فالخيال ليس محكوماً بقواعد تجريبية مادية تحدده وإنما هو جامح لا حدود له. وبناء على ذلك إنّه لما كان الموجود الضروري لا يستند إلى أصل تجريبي من حيث إنّ التجربة لا تعرض علينا انفعالاً ضرورياً، وإنّ مصدره يعتمد على المخيلة فقط، والمخيلة تستطيع دائماً أن تسلب الوجود من عن أيّ موجود كان؛ ومن ثم ينهار هذا الدليل الوجودي.

ويبدو هنا أيضاً تعسف هيوم في رفض هذا الدليل؛ حيث حصر العلم في التجربة وحدها، والتجربة ما هي إلا وسيلة محدودة لمعرفة الحقائق؛ بدليل أن العلم الحديث لا يحصر دائرة المعرفة في تلك الوقائع التي يمكن تجربتها مباشرة، وإنما يعتبر أن أيّ قرينة منطقية تستند إلى تجارب ومشاهدات غير مباشرة يمكنها أن تصبح حقيقة يقينية.

 نقد الدليل الكوني

 الدليل الكوني  Proof cosmological هو الدليل الذي يذهب من حدوث العالم أو أيّ شيء فيه وينتهي إلى موجود ضروري هو الله. ومن ذلك دليل الحركة، فلكل حركة محرِّك، ولا يمكننا التسلسل إلى ما لا نهاية في سلسلة المحركات، و لا بدّ لنا من أن نتوقف عند محرك أول يحرك ولا تحركه علة أعلى منه وهو الله. ولكن هيوم يرفض هذا الدليل أيضاً زاعماً أنّ الحركة يمكن أن تبدأ بدون عامل إرادي بالثقل أو بالكهرباء مثلاً ؛ حيث يصحّ أن تكون نوعاً من فعل التوليد داخل الطبيعة ذاتها. كما يرفض هيوم فكرة مفارقة الإله وتعاليه مستنكراً ذلك بقوله: لماذا نبحث عن السبب الكافي للكون  خارجاً عنه، إلا إذا كنا نفترض اعتسافاً أنه كل محدود[23]. إذن يرفض هيوم دليل المحرِّك الأول انطلاقاً بأنه ليس هناك ما يُحتِّم علينا التسليم به ونبذ المذهب المادي. ليستمر التعسف الهيومي في رفض الأدلة على وجود الله انطلاقاً من اختزاله للحقيقة في وجه واحد وهو الحقيقة المادية التي تخضع للمشاهدة والتجربة العلمية وهذا مجاف لروح العلم، فالعلم نفسه يقوم على مفاهيم غير مادية مثل مفهوم اللامتناهي في الرياضيات. كما أنَّ رفض الاستنباط والانتقال من مقدمات مادية إلى نتائج ماورائية يترتّب عليها من قبل هيوم هو تعسّف آخر؛ فالاستنباط هو جوهر الاستدلال الرياضي، بل هو كذلك جوهر الاستدلال الفيزيائي؛ لأنّ معرفة الحقائق الحسية ليست هي كلّ شيء بل تكمن وراءها حقائق أخرى لا تتمكن حواسّنا من إدراكها، وسبيلنا إلى تلك الحقائق هو الاستنباط الذي يقوم على أساس الوقائع المحسوسة المتاحة. هذا فضلاً عن الخلط  الهيومي في نقد البرهان الكوني بالبرهان الوجودي والذي لاحظه أحد الباحثين[24] ليبقى نقد هيوم لهذا البرهان مليئا بالتناقضات المنطقية.

وهكذا ينتهي هيوم إلى رفض الأدلة الابستمولوجية كافّة على وجود الله. إنطلاقا من  نسقه المعرفي الذي يقدم المعرفة بالمفهوم التجريبي ويجعل من المادة الحقيقة القصوى فلا يفسح أي مساحة للغيبيات، إذ يقول: «إذا أخذنا أي كتاب حول مفهوم الله وعالم الماوراء، فسيكون علينا أن نطرح على أنفسنا السؤال التالي: هل يحتوي على أي تفكير تجريدي يتعلق بالعظمة أو العدد؟ لا، هل يحتوي أي تفكير مبني على التجربة المتعلقة بوقائع الوجود؟ لا .. إذن فلنرمه في النار، لأنه لا يمكن أن يحتوي إلا على ترهات السفسطائيين، وأحلام مجهضة»[25].

وبرغم ذلك يبقى هناك تناقضاً ذاتياً في موقف هيوم التجريبي من قضايا الدين كلها وليس أدلة وجود الله فحسب، ولن يتسق موقفه هذا إلا إذا أثبت بالمشاهدة والتجربة أن الدين في قضاياه الأساسية: باطل[26]، أو كما يقول أحد الباحثين: «سيظل الإلحاد حالة فارغة ومفردة ومعطلة عن أيّ دلالة ما لم يكن هناك ما يمكن الإلحاد به»[27]. كما أن هناك اعتراضاً يدحض كل مزاعم هيوم التي تتخذ من التجربة سندها الكامل وتجعل من الخبرة القوام الأمثل، وهو: هل أحاط هيوم علماً بكل ما  له وجود ماديّ تجريبيّ في الكون ولم يبرهن له وجود الله!

ثالثاً: الرفض الهيومي للمعجزات

شاع في زمن هيوم الاستدلال بالمعجزات على وجود الله، بصورة استدلالية على النحو التالي:

 بما أن الله وحده هو من يمكنه منح القدرة على الاتيان بالمعجزة لشخص ما.

وبما أن الله لا يمنح هذه القدرة لشخص يتسبب في انحراف الناس وضلالهم.

إذن كل من أتى بمعجزة أو أكثر يكون في الواقع قد عرض دليلاً على كونه جديراً بالارتباط بالله وتبليغ الوحي الحق عنه. وعلى ذلك تكون المعجزات ذات أبعادٍ ثلاثية؛ فهي تثبت وجود الله واهب المعجزة، وصدق النبى الذي أتى بالمعجزة، وصحة الرسالة التي أتت مع صاحب المعجزة. يعرّف هيوم المعجزةMiracle  بـ «إنها اختراق لقوانين الطبيعة»[28]، بمشيئة خاصة من الله أو بتوسط فاعل خفي[29]. فإذا كانت التجربة هي دليل هيوم الوحيد للاستدلال على حقيقة الوقائع[30]. فإنّ أيّ شيء يخالف التجربة هو أمر مشكوك في صحته. وإن كان هيوم لا يجعل من التجربة أمراً معصوماً من الوقوع في الخطأ. ومن هذا المنطلق تناول هيوم المعجزات، فلا يمكن أبداً أن نترك الدليل الأقوى لنتبع الدليل الأضعف.

منذ البداية يسلم هيوم المتشبع بمبادئ فيزياء نيوتن القائلة إنّ أيّ انخراق في قوانين الطبيعة أمر عسير. فهو يتابع في ذلك اسبينوزا في القول إنّ للطبيعة نظاماً ثابتاً لا يتغير، وأيّ خرق لقوانين الطبيعة أمر مستحيل الوقوع. ولا يمكن التصديق بالمعجزات اعتماداً على أقوال بعض الرواة  الذين تعرضت رواياتهم لكل ما تتعرض له الرواية التاريخيّة من تحريف عبر عصور كانت تجهل أدنى معرفة بالتوثيق والنقد التاريخيين، فضلاً عن عدم توافر شروط النقل الصحيح في هؤلاء الرواة، تلك الشروط التي تتضمن صحة التواتر واليقين. فلم يكن عددهم كافياً، كما لم يكن من المؤكد اتصافهم بالصلاح والضبط ، والقدرة على التمييز بين الحقيقة والخيال. وتؤكد المعرفة الأنثروبولوجية أن الإيمان بخوارق العادات والكرامات والمعجزات لا يَشِيعُ غالباً إلا بين ذوي العقول ذات الطابع الأسطوري، وهي التي كانت سائدة في البيئات والعصور التي ظهر فيها القول بالمعجزات[31].

ولكن ماذا يفعل «هيوم» إزاء العديد من الروايات التاريخية المتواترة حول القول بالمعجزات؟ وهنا يجد «هيوم» نفسه بين أمرين: إما أن يشك في أقوال الرواة الذين لم يَقُمْ دليل على صِدقهم وضبط أقوالهم ولا يوجد مانع من أن يكونوا  قد انخدعوا وهيّئ لهم أو شُبِّه لهم، وإمّا أن يؤمن بأن قوانين الطبيعة قد انخرقت. ويرى «هيوم» أن الأمر الجدير بالرفض هو أكثر هذين الأمرين إعجازاً، أمّا أقلهم إعجازاً فهو الأقرب إلى الاعتقاد السليم، ولا شكّ في أن من الصعب- إن لم يكن من المستحيل- على فيلسوف مثل « هيوم» يؤمن بفيزياء «نيوتن» أن يرى في انخراق قوانين الطبيعة أمراً أقل إعجازاً من انخداع الرواة، ومن ثمَّ فإن من الصعب عليه أن يقبل القول بالمعجزات. فإن انخراق قوانين الطبيعة أبعد، وأكثر امتناعاً عند هيوم من الاعتقاد في انخداع الرواة وتحريف الرواية؛ لأن العقل والخبرة قد دلَّ دلالة قاطعة على ثبات العمليات الطبيعية واطرادها، كما أن القرائن التاريخية وقواعد النقد  التاريخي ليست في مصلحة الروايات التي تؤكد حدوث المعجزات[32]. ومن ثم يرفض هيوم وينقد كل قول يفترض وجودها بناء على ثلاثة أمور:

أولاً: لا يمكننا أن نعثر على مدار التاريخ على معجزة  تواتر على حدوثها عدد كافٍ من الناس مما لا مأخذ على عقولهم أو تعليمهم أو معرفتهم، بحيث نؤمِّن أنفسنا من كل شُبهة منهم، ومن أي تصميم لخداع الآخرين. وممن لهم في أعين الناس من السمعة الطيبة، بحيث يكون لديهم الكثير مما يخسرونه لو كُشف عنهم الخوض في الباطل، وهم يخبرون على نحو علني مكشوف، وفي جزء معروف من العالم، بحيث لا يكون هناك مفرّ من اثبات هذا الكذب. وهذه كلها من الظروف اللازمة لتعطينا تأكيداً كاملاً في شهادة الناس[33].

ثانياً:  يمكننا أن نلاحظ في الطبيعة البشرية مبدأً إذا ما دُرس بدقة، وُجِد أنه يحد للغاية من ثقتنا في أي نوع من أنواع الخوارق بناء على شهادات الناس. فالقاعدة التي نهتدي بها عادة في استدلالاتنا العقلية هو أن الأشياء التي لا خبرة لنا عنها تشبه تلك التي خبرناها، وأن ما عهدناه أكثر اعتياداً هو دوماً أكثر احتمالاً، وأنّه عندما يكون هناك تعارض بين الحجج علينا أن نرجح ما قام منها على عدد أكبر من الملاحظات السابقة.  وبناء على ذلك يمكننا رفض أيّ واقعة غير معتادة..ولكن هذا لا يحدث دوماً؛ فالإعجاب المتولد عن الوله بالغرائب والخوارق وما ينتج منه من انفعالات مبهجة يعطي التذاذاً وميلاً واضحاً إلى تصديقاً مثل هذه الخوارق، حتى إن من لا يميلون إلى تصديق تلك الخوارق يجدون لذة في مشاركة غيرهم لذة السماع أو تناقل الخبر وإثارة الآخرين. ولكن يبقى الأمر الأخطر عند «هيوم» أن يجتمع تأثير العاطفة الدينية مع الافتتان بالغريب والعجيب فيكون نهاية العقل السليم الذي تفتقد معه إلى جميع إدعاءات الشهادات الإنسانية قوتها نحو المصداقية. حسب هيوم فإننا كلما اقتربنا من العصور المستنيرة أدركنا أنه ليس ثمة لغز في الأمر ولا خوارق، وإنما هو الميل الفطري إلى العجيب. فإذا ما استطاع العقل الإنساني أن يقيد ذلك الميل إلى العجيب ويخضعه لمنطقه كلما تضاءلت حدة المشكلة كثيراً، وإن كان هذا لا يستأصلها نهائياً من الطبيعة البشرية. ومن ثم يتساءل هيوم مستنكراً: أليس من الغريب ألا تحدث تلك الخوارق والمعجزات في أيامنا هذه؟!  وإن كان لا غرابة في أن يكذب الناس في كل زمان.

وبناء على ذلك يرى «هيوم» أن حظوظ انتشار الأراجيف في أقاصي الأقاليم أكبر بكثير منها لو كانت بداية ظهورها في مدينة أشتهرت بفنونها ومعارفها.  ومن ثم يرى أن كل من يحاول تأكيد الديانات بالمعجزات والخوارق هو من الخطيرين على الدين أو من الأعداء المتنكرين..بل إن من يُعَرِّض الأمور الدينية كافّة للنقد العقلي فإنه يُعَرّضها  لمحنة ليست مُهيأة لتحملها بأيّ حال من الأحوال. وبِناءً عليه نظر «هيوم» إلى معجزات الكتاب المقدّس نظرة رفض واستنكار صارخة؛ حيث عدّه كتاباً  كُتب في أكثر العصور جهلاً وهمجيّة وقدَّمه لنا شعبٌ همجي جاهل! فمن المحتمل جداً ـ حسب هيوم ـ أن أراجيف الكتاب المقدّس قد دوّنت بعد وقوعها بوقت طويل، ولذلك تنهار كلّ شهادة مؤيدة لها، ومن ثم تصبح أكثر شبهاً بتلك الروايات الخرافية التي تتداولها كل أمة عن أصلها. وبِناءً عليه يصف هيوم السرديات الدينية كافّة الكبرى بتعبير ما بعد حداثي حول السقوط والخطيئة، وأعمار الإنسان الأول التي تجاوزت ألف عام، وعن هلاك العالم جراء الطوفان، وعن تفضيل الله للشعب المختار، مجرد أساطير وخرافات لا دليل عليها. وفي الحقيقة لم يسلم الدين الإسلامي من سهام نقد هيوم؛ حيث عَدّ معجزات محمد صلى الله عليه وسلم بأنها متهافتة، فيقول: «ووفقاً لهذا المنهج في الاستدلال، فإنّنا عندما نصدّق معجزة لمحمد أو خلفائه، فلن يضمن صدقها سوى شهادة قلة من العرب الهمجيين a few barbarous Arabians.» [34][35]*.

ومن الواضح وجود تناقضات جمّة في هذا التناول الهيومي لرفض المعجزات، يمكنها أن تسقط النسق الهيومي كاملاً:  يكمن أولها في تعريف هيوم للمعجزة بأنها انخراق في قوانين الطبيعة، وأن تصديق وقوعها لهو من الميل الطبيعي نحو تقبُّل الخوارق والغرائب والعجائب. فمن قال إنّ للطبيعة قوانين لا يمكن خرقها؟! وما المانع من القول بالمثل بأن «وجود قوانين ثابتة للطبيعة» من قبيل الميل نحو تصور العجائب والغرائب؟! فيصبح القول بقوانين ثابتة للطبيعة لا يمكن خرقها مثل القول بوجود معجزات؟ إذن كيف يوافق هيوم الأول ويرفض الثاني؟ ويبرز ثانيها في التساؤل: كيف يرفض هيوم القول بمبدأ السببية ويسلم بأن قوانين الطبيعة التي ترفض المعجزات تقوم على قوانين عليّة؟!  بينما يتمثل ثالثها في الفرض الجدليّ الذي يرى أننا إذا سلّمنا مع هيوم أنّ مشاهداتنا وتجاربنا وخبراتنا المباشرة للظواهر الطبيعية تثبت عدم انخراق تلك القوانين فهل أحصى هيوم كل العصور مشاهدةً وخبرة؟! وهكذا يبدو واضحاً للعيان تعسُّف هيوم في رفض القول بالمعجزات.

ثالثا: نقد الطقوس والشعائر

إذا كان المقصود من الأديان عند «هيوم» هو السموّ السلوكي، وأن مهمة الدين الخاصة أن يُهذب تصرفات الناس ويسمو بتصرفاتهم وسلوكيّاتهم ويشيع بينهم روح الاعتدال والتقبل والطاعة، فإن هذا ما لم يحدث في التاريخ ولن يحدث في المستقبل، حسب زعمه. يقول في هذا الصدد: «الفتن والحروب الأهلية والاضطهاد هي العواقب الوخيمة التي تصاحب دائماً غلبة هذه الخرافة الشعبية على عقول الناس. وإذا ذُكرت الروح الدينية في أي رواية تاريخية في الماضي لأيقنّا أنه من المؤكد أننا سنلقى فيما بعد تفاصيل عن الشقاء الذي يصحبها، وليس هناك حقبة في الزمان يمكن أن تكون أسعد أو أكثر رفاهية من تلك الحقب التي خلت هذه الروح الدينية منها أو التي  لم نسمع فيها عن وجود لتلك الروح» [36]. بل إن هناك من يتخذ من الدين حرفة رابحة، ومن ثم يستنكر هيوم كيف يكون له أثر في نفوس العقلاء؟! وكيف لا يأخذون حذرهم منه؟!.

ويحاول «هيوم» أن يقدم برهاناً عقلياً لصدق كلامه يدحض به جميع الأصوات التي ستناهضه مدافعةً عن جوهرية العبادة وأهميتها في الدين، فيذهب إلى أنه لا مانع إذا سلمنا بصحة القول في تلك العبادات كما يراها المتدينون، تلك العبادات التي تقوم على المدح والتملق والثناء والحمد وتقديم النذور والهدايا والقرابين لتحقيق رضا الله الذي بنيل رضاه تتحقق المطالب كافّة التي سيكون من ضمنها- بلا أدنى شكّ ـ التخلّص من الأعداء والمناوئين، ومن ثمّ يصبح الشرّ قريناً لنذور معظم العبادات والخرافات الشعبية .

وهنا ينبه محمد عثمان الخشت أنه قد يستنبط القارئ أن هيوم  يؤمن بالله إيماناً يعلو على إيمان دين التوحيد الشعبي؛ حيث إنّ هيوم ينتقد عبادات هذا الدين لأنها تنزل بتصوّر الإله إلى حالة بشرية، بينما هيوم يريد أن ينزّه الإله تنزيهاً مطلقاً عن أيّ سمة بشرية. وفي الحقيقة أن هيوم  لا يريد ذلك لأنه لا يؤمن من الأساس بوجود برهان للإله، والسياق الذي ينتقد فيه هيوم العبادات القائمة على الطقوس والشعائر والنذور لا يخرج عن كونه سياقاً جدلياً، بمعنى أنه لا ينقد تلك العبادات  بغرض تنزيه الإله [37]. بقدر ما يريد أن ينقض تلك العبادات والشعائر من أساسها، ولكن من منطلق معرفي يعضد فيه إلحاده الابستمولوجي.

وهكذا لا يرى هيوم أيّ مبرر للعبادات والشعائر حسب منهجه الانتقائي حيث انتقي أهداف تلك الشعائر وحصرها في أغراض دنيئة تكرّس للفتنة والطمع والبطش بالآخر وسيادة روح التعصب، بل التكسّب بالدين والتربح من ورائه. وتجاهل تماماً أن الدين وحده هو الذي يمكن أن يمنح الإنسان أهدافاً عليا للحياة، وغايات كبرى للوجود، ويجعل له فيه مهمة ورسالة، ولحياته قيمة واعتباراً، كما يمنحه القيم الخلقية والمثل العليا التي تمنعه من الشرّ، وتُحفّزه على الخير، لغير منفعة مادية عاجلة، وتحقق بداخله طمأنينة وسكينة، بل إنّ الدين وحده هو من يمنح الحياة معنى وغاية يجعلها جديرة بالحياة، ولا يتحقّق ذلك كلّه إلا من خلال التزام المرء بالعبادات والشعائر التي فرضها الله عليه فالتزمها وعامل الناس بمكارم الأخلاق.

رابعاً: نقد القول بخلود النفس

ينطلق هيوم في دحض مسألة خلود النفس بالتركيز في نقد جوهريتها أكثر من التركيز في نقد فكرتي البساطة والخلود؛ وهذا يُعد مسلكاً منطقيّاً لأن فكرة الجوهرية هي أساس الحكم ببساطة النفس، وبساطة النفس أساس الحكم بخلودها. فإذا ثبت عدم جوهريتها تصدع على الفور الإيمان ببساطتها، وبالتالي يتلاشى الأمل في خلودها. فلكي أقول عن شيء ما إنّه جوهر بسيط يلزم أولاً أن يكون جوهراً، ولكي نحكم بخلود النفس يتحتم قبلياً أن تكون بسيطة غير مركبة لأن المركب يفنى بتحليل أجزائه، أما البسيط فهو ما ليس له أجزاء وبالتالي لا يتحلل، أي لا يفنى[38].

ويرى هيوم أن وجود الجوهر يستلزم وجود حدس حسي ثابت دائم، وهذا ما لا يمكن العثور عليه لأن كل حدوسنا متغيرة متعاقبة لا تثبت على حال واحدة. لأنني أتغيّر باستمرار. فأنا لست اليوم ما كنت عليه بالأمس على سبيل المثال. فمفهومي عن نفسي هو كمزاجي وحالاتي النفسية التي يمكنها أن تتغير من لحظة لأخرى يمكنني فيها أن أرى نفسي كائناً جديداً بشكل راديكالي. إذن فالإحساس بامتلاك نواة شخصية ثابتة ودائمة هو وهمي، وتصورنا للأنا هو سلسلة طويلة من الأحاسيس المنفصلة المتغيرة، التي لم نعشها إلا بشكل متعاقب. فهي ليست سوى مجموعة محتويات مختلفة من الوعي تتلاحق وتتغيّر وتتحرك باستمرار. إذن فليس هناك  حدس حسي ثابت دائم أو شخصية أساسية تندرج فيها وتتشابك متسلسلة كل الانفعالات والمفاهيم، بل توجد لحظات منفصلة تتكون منها الشخصية البشرية ومن ثم لا يمكننا العثور على ذلك الحدس الحسي الثابت الدائم الواحد الذي يفترض أن تقوم عليها حقيقة النفس الجوهرية التي لا تتبدل؛ فكل فكرة حقيقية عند «هيوم» «لا بدّ أن تنشأ عن انطباع حسي واحد محدد»[39]. ومن ثم يصبح القول بجوهرية النفس أمراً بلا معنى. وما دامت النفس غير جوهرية فهي ليست بسيطة أو خالدة؛ لأن الخلود مقترن بالبساطة اقتراناً لا ينفصم.

ومن ثم يرى هيوم أن النفس حادثة مع الجسد، وهي فانية بفنائه؛ فموت الإنسان هو نهاية كل تجربة بالنسبة إلى النفس ونهاية بجميع الانطباعات والأفكار. ومن ثم لا أمل في خلودها إلا إذا افترضنا وجودها قبل البدن، ولذا فالاحتمال الوحيد الممكن ـ عند هيوم ـ هو نظرية التناسخ، ولكن هذا الاحتمال لا ينجو من تفنيده، فلا يوجد دليل على الوجود السابق للنفس؛ لأنه تجربة لم يسبق لأحد أن مر بها، ولا يمكن للعقل أن يقيم عليها البرهان المحكم [40]. ولكن الأمر الذي يقتنع به هيوم هو الرجوع إلى التجربة التي تؤكد أن النفس والبدن مرتبطان من البداية حتى النهاية بشكل لا ينفصل، ولهذا الأمر ما يبرره عند «هيوم» وهو الفزع من الموت التي يشعر فيها الإنسان بالنهاية المحتومة، وأنّه لو كان هناك حياة أخرى ما فزع المرء من الموت كل هذا الفزع.

4 ـ العدالة تقتضي العدالة التناسب بين الجريمة والعقاب،  فكيف تقضي العدالة الإلهية في الحياة الأخروية بعقاب أبدي لشخص ارتكب معصية عابرة محدودة بزمن محدد؟!

وبالطبع إذا كانت ملازمة النفس للبدن وجوداً وعدماً ولا يمكن نقدها على المستوى المعرفي التجريبي الذي يؤمن به هيوم، إلا أنّه يمكن ببساطة دحض هذه المزاعم الأربعة التي يقدمها، ببساطة شديدة فإذا ذهب هيوم في الزعم الأول إلى أنّ قدرات الإنسان تكفي لإشباع احتياجاته في هذا العالم وحسب، حتّى هي أقلّ من هذا. فإنّ هذا الإدعاء يبدو متهافتاً تماماً؛ فكيف تجاهل هيوم اهتمام البشر على مدار التاريخ بالحياة الأخروية، وإن جموع المنقطعين للعبادة على مر التاريخ لا يمكن حصر عددهم. بل كيف غفل عن أن كل الأعمال الدنيوية إذا أداها المرء على أساس الأخلاق والإنصاف فإنها تحقق لفاعلها آخرة عامرة سعيدة؟![41]. أما الزعم الثاني فالله العادل لن يجبر المرء على أفعال ثم يحاسبه عليها سواء بالثواب أو العقاب، فإنّ ما تقول به  الأديان هو أن الله لن يحاسب المرء إلا على ما فعله بإرادته الحرة. في حين يبدو الزعم الثالث أكثر تهافتاً حيث إنّ عقاب المخطئ في الآخرة ليس عقابا تقويميا لأنه يكون نتيجة تكوينية لأعمال العباد، وفي العلاقات التكوينية ليس من المقبول التحدث عن دوافع تربوية. بل لو ألقى هيوم نظرة على النصوص الدينية وتفاسيرها لوجد أن فهم الكثير من المتدينين قائم على أن العذاب الأخروي ليس بعذاب خالد، وإنما هو عذاب لتطهير المؤمنين وإعدادهم للتمتع بالجنة [42]. حتى لو كان البعض يؤمنون بالعذاب الخالد فإن هذا هو إنذار شديد اللهجة بجميع البشر لتجنب ارتكاب الجرائم في الدنيا ، وهذا فيه من الخير الكثير لأجيال البشر المتتالية. أما الزعم الرابع الذي لا يرى أن هناك أيّ تناسب بين معصية دنيوية عابرة وعذاب أخروي أبدي فيمكن الرد عليه بأن العقاب الأخروي يكون على مجمل الأعمال لا على معصية واحدة. فالثواب والعقاب هما نتيجة تكوينية لأعمال العباد جميعها وفي العلاقات التكوينية ليس من المقبول الحديث عن تناسب بين المعاصي والعقوبات[43].

وهكذا يحاول هيوم بكل ما أوتي من مقدرة على الجدل أن يقوض كل دليل يمكن أن يقول بخلود النفس بعد الموت أو أن يزعم بوجود حياة أخروية بها ثواب وعقاب. ومن ثم تصبح الأخرويات كلّها عند هيوم مجرد أساطير وخرافات. ولذلك رأى البعض أن احتفاظ هيوم بنوع من الإيمان القلبي بوجود الله ليس هو سوى إجراء لتفادي المتاعب التي من الممكن أن يلقاها في عصره. فيقول ريتشارد شاخت:» يحتفظ هيوم بمصطلحي «الله» و»الدين» في هذا المقام، تماشياً وتجاوباً مع روح عصره ليس إلا»[44].

خاتمة

هكذا يتبين لنا كيف منعتنا الأمانة العلميّة عن وصف «هيوم» بالملحد بالمعنى العام للكلمة، لأنه وإن رفض كلّ البراهين القبليّة والبعديّة على وجود الله أو النبوات أو القول بالبعث والحياة الأخروية وقال بعبثية العبادات والطقوس والشعائر الدينية، إلا أنه لم يستبعد احتمال وجود الله  ليس كما يزعم اللاأدريون الذين يتركون السؤال عن وجود الله مفتوحاً فلا ينكرونه ولا يثبتونه. فهيوم في رؤيته الاحتمالية قرر أن الاحتمال الذي يفترض وجود الله ليس من نوع الاحتمال العلمي، كما أن هذا الإله المحتمل لا يشبه إله الأديان إلا من بعيدٍ جداً. وبِناءً على هذا وبالنظر إلى مذهبه الحسي التجريبي الذي يرفض كل وجود ليس له انطباع حسي واحد معين، فإن الله عند «هيوم» غير موجود على الأقل معرفياً؛ ولذلك أسمينا إلحاده بالإلحاد الإبستمولوجي الذي يقوم على النفي القائم على الدراسة النقدية بجميع الأدلة المعرفيّة على وجود الله. ولذا امتنعنا عن وصفه بالملحد بالمعنى العام؛ لأن تصريحاته التي تتناثر هنا وهناك في بعض مؤلفاته التي يقرر فيها أن الإيمان بوجود الله هو قضية إيمان لا معرفة أو عقل وبرهان.

ومن منظور آخر ينمّ مذهبه العام ـ الذي لا يعترف بصفة الحقيقي إلا لما أدركه بحواسه أو أثبتته التجربة، إلى جانب رفضه للنبوات والمعجزات والشعائر والطقوس والحياة الأخروية ـ عن إلحاد بالمعنى العام، وأنَّ عباراته المتناثرة هنا أو هناك عن الإيمان بوجود إله عن طريق الإيمان القلبي تبقى فقط ذراً للرماد في الأعين، وتدبيراً من تدابير الحيطة والحذر والهرب من مقصلة سلطة الكنيسة ومحاكم التفتيش في القرن الثامن عشر أو تفادياً لكل ما يترتب على إعلان هرطقته وإلحاده من مآسٍ أراد «هيوم» أن يتفادها بتلك الجمل المتناثرة التي توحي بإيمان قلبي مزعوم. فأي إيمان هذا الذي من الممكن أن يستقيم معه رفض كل الغيبيات من وحي ومعجزات  وطقوس وشعائر وبعث وخلود ؟! وما فائدته؟!

إذن كان الإلحاد الابستمولوجي عند هيوم بمثابة نتيجة حتمية لنظريته في المعرفة، والتي قصرت مجال المعرفة على المادة، واعتقدت أن المادة هي الحقيقة القصوى. فكانت محاولاته الابستمولوجية بخصوص الإلهيات هي محاولات عقيمة تماما؛ حيث إن أدواته التجريبية المحايثة لعالم الظواهر بدت عاجزة تماما وغير مناسبة لمعرفة كائن أسمى مفارق غير مادي. كما عجزت فلسفة هيوم عن تقديم بديل للدين واكتفت بالتشكيك في جميع أركانه ودعائمه وحسب. ليبقى إلحاده الابستمولوجي كسائر أنواع الإلحاد الأخرى التي ستظل حالة فارغة ومعطلة وبلا أيّ دلالة  ما لم يكن هناك ما يمكن الإلحاد به. فإلحاد هيوم المعرفي بدا متهافتا في ذاته وعاجزا ـ في الوقت نفسه ـ عن تبيُّن  الحاجات الروحية في الإنسان، وعن تقديم أيّ حلّ للمسائل الكبرى التي تشغل الإنسان وتؤرق مضجعه. 

--------------------------------------

[1]*ـ مدرس الفلسفة الحديثة بكلية الآداب ـ جامعة بني سويف، جمهورية مصر العربية

[2]ـ جميل صليبا، المعجم الفلسفي، الجزء الأول ، بيروت، دار الكتاب اللبناني، 1982، ص 119. مادة الإلحاد.

[3]ـ المرجع السابق، ص119-120.

[4]ـ أندرية لالاند، موسوعة لالاند الفلسفية، المجلد الأول A-G بيروت /باريس، منشورات عويدات، تعريب: خليل أحمد خليل، إشراف : أحمد عويدات، الطبعة الثانية، 2001، ص 107.

[5]ـ مراد وهبة، المعجم الفلسفي، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، 1998، ص 89. مادة إلحاد

[6]ـ عبدالمنعم الحفني، المعجم الشامل لمصطلحات الفلسفة، القاهرة، مكتبة مدبولي، الطبعة الثالثة، 2000، ص 90.

[7]ـ محمد فتحي الشنيطي، مقدمة لكتاب محاورات في الدين الطبيعي لهيوم، القاهرة، مكتبة القاهرة الحديثة، الطبعة الأولى، 1956، ص 4

[8]-David  Oconnor, Hume in Religion, Routledge  philosophy guide book, first published ,London and New York ,2001,p.8.

[9]-Hume, An Essay Concerning Human Understanding, in The English Philosophers from  Bacon to Mill, edited . with an introduction by Edwin A. Burtt, The Modern philosophy, New York, 1939,p. 656.                                             

[10]- Hume, The Nature History of  Religion, in : Hume on Religion, selected  and          Introduced   by R. Wollheim ,London, The Fontana Library, 1971,p.33.

[11]- Idem.

[12]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، القاهرة، دار قباء للنشر والتوزيع، 1997، ص 17.

[13]ـ جاكلين لاغريه، الدين الطبيعي، ترجمة منصور القاضي، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1993، ص 83.

[14]ـ عبدالرحمن بدوي، موسوعة الفلسفة، المجلد الثاني، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى، 1984،  ص 618.

[15]ـ أنظر، محمد عثمان الخشت، تطور الأديان- قصة البحث عن الإله، القاهرة، دار الشروق الدولية،الطبعة الأولى، 2010، ص 153.

[16]- Hume, Dialogues Concerning Natural Religion , in The English Philosophers from  Bacon to Mill, edited . with an introduction by Edwin A. Burtt,The Modern philosophy, New York, 1939,p. 701.

[17]ـ يوسف كرم، تاريخ الفلسفة الحديثة، بيروت، دار القلم ، د.ت، ص 178-179. وأنظر أيضا:

Hume, Dialogues Concerning Natural Religion ,p.703.

[18]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، ص27.

[19]ـ محمد فتح على خاني، فلسفة الدين عند هيوم، ترجمة حيدر نجف، المركز الإسلامي للدراسات الاسترتيجية، العتبة العباسية المقدسة، 2016، ص 345.

[20]ـ المرجع السابق، ص 354.

[21]ـ مراد وهبة، المعجم الفلسفي، ص 327. مادة دليل أنطولوجي وجودي.

[22]- Hume, Dialogues Concerning Natural Religion , ,p. 703

[23]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، ص26.

[24]ـ محمد فتح على خاني، فلسفة الدين عند هيوم، ص 239

[25]ـ  نقلاً عن:جوستاين غاردر، عالم صوفي، ترجمة حياة الحويك عطية، ستوكهلم، دار المنى، 2015، ص 281.

[26]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، ص 41

[27]ـ  عبدالله بن سعيد الشهري، ثلاث رسائل في الإلحاد والعلم والدين، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، الطبعة الأولى،2014،ص 193.

[28]-Hume, An Essay Concerning Human Understanding, in The English Philosophers from  Bacon to Mill, edited . with an introduction by Edwin A. Burtt, The Modern philosophy, New York, 1939,p. 656.

[29]- Ibid,p.657

[30]- Ibid,p.653

[31]ـ محمد عثمان الخشت، معجم الأديان العالمية، المجلد الثاني، القاهرة، مركز جامعة القاهرة للغات والترجمة، الطبعة الثانية، 2016، ص 875.

[32]ـ محمد عثمان الخشت، معجم الأديان العالمية، المجلد الثاني، ص 876.

[33]- Hume, An Essay Concerning Human Understanding , p.653

[34]- Ibid,p.661

[35]ـ ويرى الباحث أن هذا الزعم الهيومي إنما ينم عن جهل واضح لصاحبه بالمعجزة في الإسلام، فأكبر معجزات الإسلام وأهمها على الإطلاق هي القرآن الكريم، وتحديه لكل العصور بعدم وجود التناقض بين ثناياه، بل إنّ ما جاء به من حقائق كونية وعلمية لم تستطع أحدث الحقائق العلمية - بعد مرور ما يقرب من أربعة عشر قرنا ونصف من الزمان- أن تحكم بكذبها بصورة قاطعة أو حتى جزئية، وإنما تعلن الاكتشافات العلمية كل يوم عن تأكيداتها العلمية المختلفة لما ورد به من حقائق كونية كانت مستورة عن الإنسان حتى وقت قريب.

[36]- Ibid,p.758

[37]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، ص22.

[38]ـ المرجع السابق، ص 95.

[39] - Hume, A Treatise of  Human  Nature, edition by Seliby Bigge,London, 1975, p.251. 

[40]ـ محمد عثمان الخشت، الدين والميتافيزيقا في فلسفة هيوم، ص103.

[41]ـ  المرجع السابق، ص366

[42]ـ  المرجع السابق، ص366

[43]ـ  المرجع السابق، ص367

[44]ـ ريتشارد شاخت، رواد الفلسفة الحديثة، ترجمة أحمد حمدي محمود، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993، ص 240.