البحث في...
إسم البحث
الباحث
اسم المجلة
السنة
نص البحث
 أسلوب البحث
البحث عن اي من هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على كل هذه الكلمات
النتيجة يجب أن تحتوي على هذه الجملة

آثار الاستعمار على الأديان ، تجربة جنوب غربي نيجيريا

الباحث :  أحمد فاوسي أوغونبادو
اسم المجلة :  الاستغراب
العدد :  12
السنة : 
تاريخ إضافة البحث :  July / 22 / 2018
عدد زيارات البحث :  1578
تحميل  ( 318.466 KB )
تعاين هذه المقالة للباحث والأكاديمي أحمد فاوسي أوغونبادو أحد القضايا شديدة الحساسية في السلوك التاريخي للحركة الاستعمارية، عنينا بها أثر الوجود الاستعماري البريطاني على الحالة الدينية في جنوب غربي نيجيريا، وعليه يتناول الباحث الكيفية التي تعامل فيها البريطانيون مع الديانتين الإسلامية والمحلية الدينية في خلال الفترة الواقعة بين القرنين التاسع عشر والعشرين (1861 ـ 1960).

المحرر

-------------------------

يعرّف الاستعمار بأنّه استغلال دولة قويّة لأخرى ضعيفة، أو استخدام موارد البلد الأضعف لتقوية البلد الأقوى وإثرائه .. وقد خبرت مناطق كثيرة في العالم عامة وفي أفريقيا خاصة هذه الظاهرة. ما بين العام 1861 إلى العام 1960 تعرضت نيجيريا للاستغلال من جانب بريطانيا العظمى، ما ترك آثاره على الكثير من الصعد في هذا البلد الأفريقي المهم، إنْ في السياسة أو في الاقتصاد أو الدين أو التعليم أو الهيكلية الاجتماعية. المراد من هذا البحث تقصي آثار هذه الظاهرة على الأديان في جنوب غرب نيجيريا، وتاليًا يتناول هذا البحث الديانتين اللتين كانتا معروفتين في تلك المنطقة قبل مرحلة الاستعمار بكثير وهما الدين التقليدي والإسلام، كما يدقق في إيجابيات هذه الظاهرة وسلبياتها ويُظهر حركات مقاومة شعبية لها وكيفية تغلب الحكومة البريطانية عليها. هذا البحث هو دراسة أكاديمية ما يعني أن كل المعلومات والمستندات والوثائق أُخذت من كتب أو مقالات أو مجلات أو مواقع إلكترونية ذات صلة ضمن إطار منهجية البحث النوعي. هذا البحث يكشف وجود ديانتين قبل وصول الاستعمار الذي أضاف ديانة جديدة إليهما وهي الديانة المعروفة بالمسيحيّة، كما يظهر أن آثاره السلبيّة تفوق تلك الإيجابيّة.

الكلمات المفتاحية: آثار، استعمار، إسلام، مسيحيّة، دين، دين موروث، يوروبا

يجري تعريف الاستعمار على أنّه استغلال دولة قويّة لأخرى ضعيفة أو استخدام موارد البلد الأضعف لتقوية البلد الأقوى وإثرائه (Worldweb Online Dictionary)، وهو ظاهرة خبرتها قارات آسيا وأفريقيا بشكل خاص على أيدي القوة الأوروبية العظمى. كما يمكن تعريفه أنّه حالة تحكّم للدولة القادرة بالأخرى الضعيفة وتأسيسها لتجارتها ومجتمعها الخاص بها في تلك الدولة (Longman Dictionary, 2000).

لهذه الظاهرة أسباب عدة: (1) إلغاء تجارة العبيد التي تنامت في القرنين السابع عشر والثامن عشر أدى إلى البحث عن تجارة قانونية بديلة. (2)  الثورة الصناعيّة وارتفاع الطلب على المواد الخام التي لم تكن الزراعة المحلية قادرة على تأمينها. (3) البحث عن أسواق لمنتوجات المصانع الأوروبيّة. (5) التمدّن: حيث إن النزوح إلى المدن وما رافقه من انخفاض الإنتاج الزراعي والريفي أدى إلى ارتفاع الطلب على الإنتاج الغذائي لتلبية التضخم السكاني في المدن الأوروبية. هنا تجدر الإشارة إلى:

اجتماع القوى الأوروبية في مؤتمر برلين 1884-1885 وتقريرها مصير أفريقيا. وقد كانت بريطانيا العظمى وفرنسا وألمانيا والبرتغال المشاركين الرئيسيين في هذا المؤتمر الذي استغرق ثلاثة أشهر وانتهى بتقسيم أفريقيا بين الأسياد الأوروبيين المستعمِرين وفرض حدود اصطناعية على رعاياهم الجدد.

أدى هذا المؤتمر إلى تفكيك أفريقيا بأكثر من طريقة، وتمكنت القوى الاستعماريّة من فرض سيطرتها على القارة الأفريقية بأشكال مباشرة وغير مباشرة. مع عودة الاستقلال في الخمسينيات كان هذا الحيز من السيطرة قد ترك إرثًا من التشظي السياسي لا يمكن إلغاؤه أو حتى توظيفه بشكل مرضٍ. نيجريا «عملاق أفريقيا» و«أكبر أمّة سوداء في العالم» ومن الدول المهمة التي عانت من هذه الظاهرة. في الواقع فإن اسم نيجيريا نفسه أطلقه عليها السيد المستعمر بعد تشويه الحدود المثبتة والطبيعية مستبدلًا بها الحدود المصطنعة تماشيًا مع مصالحه. إنّ الجنوب الغربيّ من هذا البلد مستوطن بالدرجة الأولى من قوم اليوروبا الذين يشكلون في نيجيريا، بل في دول غرب أفريقيا قاطبة، أكبر تجمع ثقافي له تاريخه في الوحدة السياسية والإرث التاريخي المشترك. (Coleman, 1971). ولذا فإن هذا البحث يهدف إلى النظر في آثار الاستعمار في أديان المنطقة التي أهلها اليوروبا، و«يوروبا» اسم يطلق على الشعب ولغته على حدّ سواء، ويستعرض بشكل إجمالي الدين التقليدي والإسلام قبل قدوم الدخلاء، ويقسم آثار هذا التدخل إلى قسمين: الإيجابي والسلبي ويبحث في كل منهما، كما يبين مقاومة عدة جماعات لهذا الاستعمار وكيفية تغلب البريطاني عليهم.

الديانات في المنطقة قبل الحقبة الاستعمارية

ما هو الدين؟

لا يوجد تعريف موحد للأديان بسبب تباينها. الكثيرون يرون أن الدين هو «منظومة متّسقة من الاعتقادات والشعائر والتعبد تتمركز حول الرب الواحد المهيمن أو تجلّياته الإلهيّة،“ بينما يرى غيرهم أن: «الدين يمكن أن يشمل آلهة أو تجلّيات إلهية متعددة»، (The world book encyclopedia, 1990, 16:196-197) ويرى البعض بعدم ضرورة اشتمال الأديان على أي إله أو آلهة. كما يوجد من يعرّف الدين على أنه «مجموعة نظم ثقافية وعقائدية ورؤى للعالم تصل الإنسانية بالروحانيات وفي بعض الأحيان بقيم أخلاقية.» على الرّغم من تباين التعريفات نجد أنّ معظم أتباع الأديان يرون أنّ العالم خلقته قوة علويّة لها أثرها في حيواتهم. بمعنى آخر تتشارك معظم الأديان بشكل كلي أو جزئي عدّة خصائص: (1) الاعتقاد بالله أو بالتجلّيات الإلهية، (2) رسم صراط للخلاص، (3) اتّباع ناموس سلوكي وخلقي، (4) استخدام القَصص المقدس، (5) ممارسة شعائر وطقوس ومناسك دينية محددة. (Ibid). لا تختلف الأديان في جنوب غربيّ نيجيريا عن غيرها في ما خصّ هذا، وهي كانت قبل قدوم السيد المستعمر دينين اثنين سنقوم بشرحهما لاحقًا وهما الدين التقليدي والإسلام.

من المهم أن نشير هنا إلى استحالة فصل كلمة الدين عن كلمة الثقافة، وهو ما رأيناه في التعريف الأخير للدين بوصفه «مجموعة نظم ثقافية...» وهذا ما نجده في اقتباس أمبونساه عن قاموس علم الاجتماع الأمريكي والتي عّرفت الثقافة كما يلي:

اسم يشمل كلّ النماذج السلوكية المكتسبة اجتماعيًّا ويتم تداولها اجتماعيًّا باستخدام الرموز. إنّه إذًا اسم لإنجازات مميّزة لجماعات بشريّة، ولا يتضمن فقط منتخبات كاللغة وصنع الأدوات والصناعة والفن والقانون والدولة والأخلاق والدين، بل يشمل أيضًا أدوات ماديّة أو مصنوعات يدويّة تجسّد الإنجازات الثقافية [ك‍]، والتي من خلالها يتم إضافة انطباع عملاني للميزات المعرفية والثقافية. نذكر منها على سبيل المثال الأبنية والأدوات والماكينات ووسائل التواصل والأعمال الفنية إلخ... (Amponsah, 2010:597).

دين اليوروبا التقليدي

الدين متأصّل وله التأثير الكبير في حياة شعوب جنوب غرب نيجيريا حيث إن كل مساعيهم على علاقة به، ومن الصواب القول باستحالة فصل دين اليوروبا عن ثقافتهم. هذا ما رصده دوي في إحدى أعماله حيث يقول:

ليس هناك حدث في حياة أي شخص من اليوروبا لا يحمل بعدًا دينيًّا، فهو لا يبرأ متدينًّا من مهده إلى لحده، ولا يمكن لأيّ غريب أن يفهم دين اليوروبا إلا من خلال ارتباطه الوثيق بهذا الشعب وفهمه لطرق حياتهم ومبادئهم الدينية. (Doi, 1992:121).

هذا ما خلص إليه كاتب آخر في مقالة عن الدين الأفريقي التقليدي حيث يقول:

الدين متأصّل وله التأثير الأكثر أهمية في حياة معظم الأفارقة ربما. على الرّغم من ذلك تبقى مبادئه الأساسية مجهولة للغرباء المسؤولين بالدرجة الأولى عن سوء فهم معتقدات الأفارقة ورؤيتهم إلى العالم. الدين يغشى حياة الأفارقة من كل جانب، ولا يمكن دراسته بذاته بمعزل عن دراسة حياة الشعب الذي يطبقه. (Awolalu, 1996:1).

في دين اليوروبا التقليدي يعتقد الناس بوجود الإله المهيمن الذي يدعونه أُلرون (رب الفردوس) أو أُلودوماره (الإله الأسمى أهل الإجلال)، وفي بعض الأحيان يجمعون الاسمين معًا فيلفظ أُلورونلودوماره ويستعملونه كاسم مركّب ليعبّروا عن الكائن العلوي المستقر في الفردوس. رغم ذلك نجدهم يقدّسون تجلّيات إلهية كوسطاء يصلونهم برب الفردوس لاعتقادهم بعدم إمكانية التواصل معه بشكل مباشر. هذه الفكرة تطورت من الاحترام الذي كانوا يكنّونه لملوكهم، ففرضيتهم أنه إن كان من غير الممكن لهم رؤية ملوكهم بشكل مباشر دون وسيط فكيف الحال بملك الملوك (أوبا أون أوبا)، والوسطاء الذين يصلونهم بالعزيز يعرفون بالأُريساس. (Johnson, 1921, reprinted ed. 2001) و(Ogunbado, 2010).

الأُريساس أو التجلّيات الإلهية وفيرة ونذكر منها أُڠون وسانڠو وأُباتالا وإسو وأُيا وأُسون ويِموجا، وكلّ مدينة أو قرية أو جماعة في جنوب غرب نيجيريا يقدّسون الأُريساس الخاصّ بهم. في بعض الأحيان تُطلق أسماء عدة على التجلّي الإلهي نفسه بتعدد الأمكنة، فعلى سبيل المثال تُسمى أُريسالا أُلوفين في منطقة إيوفين وأُريساكو في أُكو وأُريساڠِيان في إجيڠبو  وأُريساكير في إيكيره وأُريساوفو في أُوو وأُريساجايه في إجايه.

الإسلام

الإسلام دين تأصّل بشكل كبير هو الآخر في جنوب غرب نيجيريا قبل قدوم الاستعمار، وهو دين توحيدي مبني على وحدانيّة الإله. كلمة الإسلام مصدر مشتق من فعل أسلمَ الذي يعني تسليم النفس للإقرار، الإسلام، (Hastings, Selbie & Gray, 1908) كما أنها مشتقة من كلمة سِلم التي تعني السلام والصفاء والتسليم والطاعة. ببساطة يمكن فهم كلمة الإسلام على أنّها الخضوع لمشيئة الإله أو «الاستسلام لمشيئته،» كما يمكن تعريفها على أنها «القبول التام بتعاليم الله وإرشاداته كما بيّنها لنبيّه محمد.» (World Assembly of Muslim Youth, n.d).

من الصعب تحديد الوقت الدقيق لدخول الإسلام إلى جنوب غرب نيجيريا، لأن هذا الدخول لم يكن «مخططًا أو معلنًا،» كما أنّ المسلمين الأوائل في منطقة البحث كانوا يتعبّدون بشكل سرّي، (Gbadamosi, 1978) وعلى الرّغم من ذلك فمن المعلوم أن التعبّد بالإسلام قد مورس في أُيوإيلي حيث شُيّد مسجد يعود إلى سنة 1550 ميلاديّة. (Al-Aluri, 1990). وقد دُوّن أن أثر الإسلام غدا محسوسًا في حقبة الملك ألافين أجيبويده، وهنا نذكر أنّ رجل دين يدعى بابا كِوو أرسل لهذا الملك مبعوثًا «ليحتج على ظلمه وأعماله العدوانية بداعي الانتقام لولده الذي مات في الحقيقة ميتة طبيعية.» (Johnson,1921,reprinted. 2001:164).  كما نجد أنّ الألوري (Al-Aluri, 1965) أشار إلى معرفة اليوروبا بالإسلام في حقبة منسا موسى إمبراطور مالي (توفي عام 1337م) عبر تجّار وسفراء مالي الذين سكنوا أُيوإيلي عاصمة امبراطورية أُيو الغابرة، وربما يكون هذا وراء تسمية البعض «الإسلام» «إسين إيماله» بما معناه «دين الماليين» أو «الدين الذي أتى من مالي».

تمكّن الإسلام من اكتساب أرضيّة في بلد اليوروبا وقد تعايش الدينان معًا لعدة قرون قبل تدخل الرجل الأبيض، ويمكننا تقصّي ذلك في بعض التعاليم الإسلامية التي تتقاطع ودين اليوروبا التقليدي وثقافتهم. على سبيل المثال: (1) الدين التقليدي يعتقد بوجود كائن أسمى ويتفق بذلك مع الإسلام على الرّغم من وجود اختلاف في التطبيق، حيث إن أتباع الدين التقليدي يقدّسون الأُريساس كوسيط بينما نجد أنّ الإسلام يرفض ذلك جملة وتفصيلا[ك‍]. (2) ونجد أنّ الدينين يقدّسان الزواج ويسمحان بتعدد الزوجات مع فارق أنّ عدد الزوجات المباح في الإسلام أربعة وغير محدود في الدين التقليدي. (3) كما نجد أن الأخلاق والقيم كالتواضع والاحترام جزءٌ لا يتجزّأ من كلا الدينين.

ربما وبسبب التوافق والسكينة والتعايش بين الدينين لحقبةٍ زمنية طويلة افترض قوم اليوروبا أنّ الدينين من موروث أسلافهم، وهذا ما ينعكس في إحدى أغانيهم الشعبية:

أيه لابا إيفا، أيه لابا إيمول

أوسان ڠانڠان نيڠبابو وُلِه دِه

التقينا بالعرّافة في هذا العالم

التقينا بالإسلام في هذا العالم

أما المسيحيّة فقد أتت آخر النهار

مقدم الأسياد المستعمرين والمسيحية والتعليم الغربي

يمكن تقسيم غزو الرجل الأبيض إلى مرحلتين. المرحلة الأولى كانت في القرن الخامس عشر مع الاستكشافات الجغرافية التي قام بها الأوروبيّون في بحثهم عن طريق إلى الهند، ووصل البرتغاليون إلى بنين سنة 1477 (Eriwo, 2012) بينما يرى فافونوا (Fafunwa, 2002) أنّ التجّار البرتغاليين وصلوا إلى لاڠوس وبنين سنة 1472. في سنة 1485 كان هؤلاء التجّار قد تمكنوا من جعل أهل بنين ينخرطون في تجارة البهار، وعليه أرسل أوبا ملك بنين مبعوثًا إلى البلاط الملكي في البرتغال.

على الرّغم من أنّ اهتمام البرتغاليين بدءًا كان محصورًا في التجارة، ولكنهم رأوا لاحقًا أنّ عليهم تحضير الأفارقة ليصبحوا مستهلكين جيّدين، والتحضير بحسبهم هو تنصيرهم وجعلهم يتبعون مبادئ التعليم الغربي. بدأ النشاط التبشيري في بنين سنة 1515 عبر مبشرين كاثوليكيين أسّسوا مدرسة للأمراء المتنصرين ولأولاد الوجهاء في بلاط أوبا. (Ibid). في السنة نفسها بعث ڠاسبر أسقف أبرشية ساو تومه رهبان أغسطينيين لزيارة واري وقد نجحوا في تعميد أحد أبناء ملك واري وسمّوه سباستيان. في ما بعد خَلف سباستين والده وأعطى المبشرين البرتغاليين دعمًا واسعًا، أما ابنه دومينڠوس فقد أُرسل إلى البرتغال لتعليمه الكهنوت. على الرّغم من ذلك وجد البرتغاليون من العوائق ما فاق الخدمات المقدّمة لهم ما جعلهم يتخلّون عن مشروعهم. أما المرحلة الثانية والتي ما زالت آثارها قائمة فقد بدأت في أيلول من العام 1842 مع وصول أول المبشّرين الإنكليز إلى باداڠْري. في تلك المرحلة كان العبيد المحررون في سيراليون منخرطين في التجارة في مناطق اليوروبا ويعملون على نشر الدين المسيحي ويسيطرون على أول كنيسة أُنشِئت في تلك المنطقة. أما المبشّرون فكانوا مؤتمنين على التعليم الذي استعمل كأداة للتنصير، لأنّ التعليم حينها كان يهدف إلى إنتاج مسيحيين يمكنهم قراءة الإنجيل وإقامة الشعائر. هنا تقتبس من ويليام بويد قوله:

«... يجب التذكير بأنّ الكنيسة أخذت على عاتقها مسألة التعليم لا لأنها ترى التعليم أمرًا جيدًا بذاته، ولكنّها وجدت أنّه لا يمكنها أداء دورها من دون توفير القدر اللازم من التعليم لأتباعها، وبشكلٍ خاص لكهنتها ليتمكنوا من دراسة النصوص المقدسة وتأدية مهامهم الدينية.» (Fafunwa, 2002:70).

في هذا المقطع نستنتج أنّ قدوم الأسياد المستعمرين أدّى إلى إدخال المسيحيّة كدين جديد إلى جانب الدين التقليدي والإسلام، كما أنّ نمط التعليم الغربي تسلّل عبر المسيحيّة الوافدة، تاركًا آثاره الإيجابيّة والسلبيّة على الأديان المتواجدة على تلك الأرض. وقد بيّنا سابقًا في هذا البحث أنّ مفهوم الدين لا يقتصر على الشعائر فقط، ولكنّه يتخطاها إلى الثقافة والاقتصاد والسياسة وجوانب أخرى من سعي الإنسان وهو ما طالب به الإسلام. على الرّغم من ذلك سنحقق في الجوانب الاقتصادية والسياسية من منظور الدين فقط وليس من منظور علمي الاقتصاد والسياسة.

الأثر الإيجابي للاستعمار في جنوب غرب نيجيريا

قدوم الأسياد المستعمرين استتبعه دخول دين جديد إلى المنطقة وهو المسيحيّة التي كان يُنظر إليها على أنّها دين البيض (إسين أوون أُينبو). الاستعمار والمسيحيّة الملازمة له ساعدا على إلغاء الشعائر التي كانت تدور حول البشر أو تتضمّن أضاحيَ بشريّةً. بمعنى آخر ساهمت هذه الظاهرة في إلغاء بعض شعائر الدين التقليدي التي تتضمن التضحية بالبشر لإرضاء الآلهة.

حلول الاستعمار مصحوبًا بظهور المسيحية جلب معه التعليم الغربي الذي يعدُّ قاطرة للازدهار الحضاري، وأدخل معه الزيّ المدرسي حيث إنّ التلاميذ والتلميذات كان عليهم أن يلبسوا ويتصرّفوا ويتكلّموا كالأوروبيّين.

كما أنّ مجيء البيض، لا سيّما في المرحلة التي سبقت إلغاء تجارة العبيد، عزز الحالة الاقتصادية للملوك وبعض الوجهاء الذين تعاملوا معهم بهذه التجارة، وقد ساهمت هذه التجارة في نقل الدين الأفريقي التقليدي إلى بلدان أميركا اللاتينيّة كالبرازيل وكوبا. أما بعد إلغاء تجارة العبيد فقد أدى التفتيش عن تجارة بديلة إلى اغتناء التجّار الذين أدّوا دور الوسيط بين التجار البريطانيين المتواجدين على الساحل والمزارعين في داخل البلاد.

نضيف أنّ رغبة الأسياد المستعمرين بالتوغّل في البلاد استوجبت إنشاء شبكات النقل كسكّة الحديد التي ظهرت أولًا في جنوب غربي نيجيريا، حيث بدأ إنشاؤها في لاڠوس سنة 1896 لتصل أبِيوكوتا سنة 1900 وأبيدان بعدها بسنة والحدود الشمالية لنيجيريا سنة 1909. (Olubomehin,2001). أما أوّل طريق فقد أُنشئ سنة 1906 بين أبيدان وأُيو لربطها بسكّة الحديد، وفي سنة 1907 استكمل 30 ميلًا لربط أُيو بأُڠبوموسو و27 ميلًا لربط أُيو بإيسِيين، وفي عام 1910 وما بعده تم إنشاء طريق بين إكيرون وإيلا وبين أُسوڠبو وإلِسا وهكذا دواليك. (Ibid). وقد أدّى هذا التوغّل إلى ظهور المرافق الاجتماعية كالمستشفيات والكهرباء وما شابه. على الرّغم من ذلك يُمكننا بعد التدقيق إثبات أن الآثار الإيجابية هي في حقيقة الأمر سلبيّة، كما سنُظهر في المقطع التالي.

الآثار السلبية للاستعمار

ترك الاستعمار آثاره السلبيّة على الأديان الكائنة عبر إدخاله دينًا جديدًا أي المسيحيّة ما جعل أتباع الدين التقليدي والإسلام يشعرون بالتهديد، حيث إن المبشّرين كانوا يجهدون في تنصير الكثير من أتباع الدين التقليدي والإسلام زارعين الاضطراب في ما بينهم. لم يقف حكّام اليوروبا حماة الدين التقليدي ورجال الدين المسلمون مكتوفي الأيدي ليسمحوا للمبشّرين بإخصاء دينهم، ولكنهم وظّفوا جلّ مجهودهم لمقاومة التنصير.

عمل المستعمِرون والمبشّرون يدًا بيد لتحجيم الأديان الموجودة وهذا ما نلمسه في شهادة فافونوا (Fafunwa, 2002:71): «لقد اعتمد المبشّرون على الأوروبيّين لتكبيل الزعماء الأفارقة المتمردين حيث إن السلطات الأوروبيّة أملت أن تستولي عبر الإقناع الديني على ما لم تقدر عليه بالسلاح.» ما نستنتجه من هذه الشهادة أنّ هدف السيد المستعمِر من إقحام المسيحيّة لم يكن دينيًّا خالصًا مرتبطًا بحبّه للأب والابن والروح القدس إنما كان هدفه بالدرجة الأولى تثبيت هيمنته.

كما رأى البعض أنّ إقحام المسيحيّة يجب أن يهدف إلى اقتلاع القواعد السلوكية الموجودة من باب أن «الأديان البدائية مصيرها الزوال والتلاشي.» (Kraemer, 1938:230)، وهذا ما يعبر عنه الاقتباس التالي بشكل جليّ:

المبشّر ثائرٌ وعليه أن يكون ذلك لأنّ الوعظ وغرس المسيحيّة يعني الهجوم الصدامي على العقائد والعادات ومفاهيم الحياة والعالم وضمنًا – لأنّ الأديان القبليّة قبل كل شيء حقائق اجتماعية –  على البنى والأسس الاجتماعية للمجتمع البدائي، وعلى المؤسسة التبشيرية أن لا تخجل من ذلك لأنّ الإدارة الاستعمارية ومزارعيها وتجّارها والاختراق الغربي إلخ... يقومون بهجومٍ أكثر ضراوةً وتدميرا. (Ibid).

سبق وذكرنا أنّ الاستعمار والمسيحيّة جلبا معهما التعليم الغربي والحضارة، لكن المثبت حاليًّا أنّ الجوانب السلبية لذلك فاقت الإيجابية (1) فالمدرسة استخدمت كأداة للتنصير لتحويل المنتفعين إلى المسيحيّة. (2) كما يبدو أنّ التعليم الغربي والدين الملازم له ركّزا على الجوانب الروحية وبعض من الاجتماعية للحياة، بينما لم يبذلا أي جهد، وبأحسن الأحوال القليل منه، ما تعلق بالجوانب الإنسانية الأخرى كالأخلاقيّات والسلوكيّات الاجتماعيّة البيْنيّة، ونضيف أنّ الدين الغربي ركّز على العقيدة أكثر منه على التطبيق. (3) كان التعليم الغربي أو الاستعماري أدبيًّا في معظمه، يرتكز على القراءة والكتابة والحساب والإلمام بالإنجيل والأدب المسيحيّ وما شابه، ويهدف لإنتاج مسيحيين بمقدورهم قراءة الإنجيل وخدمة أسيادهم المستعمرين كتّابًا أو وكلاء أو مترجمين لتسهيل تجارتهم. (4) نُضيف أنّ التعليم الغربي الاستعماري دفع التعليم الكائن إلى الإندثار، فعلى سبيل المثال كان التعليم العربي الإسلامي مزدهرًا قبل قدوم التعليم الغربي حيث إن لغة اليوروبا كانت تكتب بالأبجديّة العربية المعروفة بالعجميّة حتى تم اقتلاعها واستبدلوا بها الأبجديّة الرومانية التي ما زالت تُستخدم حتى يومنا هذا. كما أن نظام التعليم التقليدي كان يسمح بتعليم الأخلاقيّات وما شاكل خارج نطاق المدرسة، بينما نجد أن نظام المدرسة الداخليّة في التعليم الغربي حَرَم التلاميذ من هذه الفرصة الذهبيّة. (Omotosho, 1998) و (Ogunbado, 2011). 

زعم البعض أنّ تجارة العبيد ساهمت في نشر دين اليوروبا التقليدي خارج النطاق المحلي وساهمت بتعزيز الاقتصاد، وهذا يحتاج للتدقيق حيث إنّ العبيد الذين أُخذوا إلى البلدان الأجنبية تم نقلهم بالإكراه للخدمة في مزارع أسيادهم، ولم يُسمح لهم بممارسة دينهم وأُجبروا على اعتناق المسيحيّة، إلا قلّة بقيت على دينها وتمكّنت من ممارسته بعد تحررها. نذكر أيضًا أنّ الأغلبيّة منهم ماتت خلال الرحلة وتم رميهم في المحيط، ناهيك عن الآثار الكارثية لترحيلهم عن عائلاتهم ومجتمعاتهم لأنهم كانوا الأعمدة والأجسام القادرة (القوى العاملة) في مجتمعاتهم. الأقلية فقط من المتعاملين مع الاستعمار تمكّنوا من تعزيز وضعهم الاقتصادي بينما عانت الأغلبية من نتائجه.

على الرّغم من إنشاء الإدارة الاستعمارية للمرافق الاجتماعية إلّا أنّ التمحيص في هذا الزعم يُظهر أنّ جلّ ذلك كان منطلقًا من دوافعٍ أنانية، فشبكة النقل التي ربطت المدن الكبرى والأسواق والسواحل بعضها ببعض أُنشئت لتسهيل نقل المواد الخام من المصدر إلى الساحل ليتم شحنها بالسفن لاحقًا إلى أوروبا. كذلك لم يهدف بناء الطرق إلى رفع منسوب الرفاهية عند الناس ولكن إلى تمكين الضبّاط البريطانيّين من الوصول إلى داخل البلاد لجمع الأتاوات والضرائب، وإلى تسهيل إيصال المواد الخام إلى السكّة الحديدية التي لم تكن تغطّي كلّ الداخل. الظاهر أنّ معظم الطرق الأولى ارتكزت على طرق المشاة القديمة التي كانت تصل القرى بالمزارع والأسواق، وجلّ ما فعله الأسياد المستعمرون هو توسيعها وتقويمها حتى أنّ بعضها تُرك بلا تزفيت. (Omotosho, 1998). نذكر هنا أنّ الحكومة الاستعمارية عارضت بدايةً إنشاء السكّة الحديدية بسبب تكلفتها التي تم تغطيتها لاحقًا بواسطة الضرائب. يحضر عامل الاستعمار الديني في هذا المشروع أيضًا كما نجد في كلام أحد دعاته المقتبس عن كولِمان (Coleman, 1977:55): « فكّروا بالمنافع التي ستحصل عليها إنجلترا عبر تزايد الأسواق لمنتوجاتها الصناعيّة وحصولها على إنتاج إضافي في المقابل، ... هذا سيحضّر الهمجي ويهيّئه لتلقّي رسالة المبشّرين».

بذريعة الحضارة أفسد البريطانيون المؤسّسات التقليدية والثقافة الدينية، وجردوا الأوبا (الملوك) من حقوقهم وأبعدوهم وجعلوهم أتباعًا للهيمنة البيضاء، كما انهم استبدلوا بالحدود الطبيعية والثقافية أخرى مصطنعة ما أدى إلى تقسيم بلاد اليوروبا بين الهيمنة البريطانية في نيجيريا والإمبريالية الفرنسية في بنين.

المقاومة وردّ المستعمِر وأعماله الوحشيّة التنكيليّة

في الحقيقة لا يوجد أيّ مجتمع يمكن أن يقف مكتوف الأيدي ويسمح بهيمنة الأجنبي على أرض آبائه، وهذه حال اليوروبا في جنوب غرب نيجيريا الذين لم يُذعنوا للإمبريالية، ولم يسمحوا بحلول الآثار السلبية دفعة واحدة، ولم يقبلوا الإخلال بمؤسساتهم التقليدية وثقافتهم الدينية، وأظهروا بعض المقاومة. كان قرار البريطانيين وغيرهم من الأسياد المستعمرين هو استخدام القوة المفرطة ليتغلّبوا على الزعماء التقليديين وأتباعهم الذين كانوا يقاومون الهيمنة الأوروبية في مناطقهم، وقد وُظّف هذه التكتيك لإخضاع اليوروبا في جنوب غرب نيجيريا.

بدأ استعمار نيجيريا برمتها وجنوبها الغربي تحديدًا من لاڠوس المدينة الساحلية في جنوب غرب نيجيريا. قامت الإمبريالية ابتداءً بابتداع معاهدة تمنع الاتجار بالعبيد ليُوقّعها الزعماء الأفارقة مع التهديد بأخذ إجراءات بحق رافضي ذلك، وقد كان أوبا لاڠوس كوسوكو أول من طولِب بالتوقيع.

نظر الأوبا كوسوكو إلى المعاهدة على أنّها تدخّل في شؤون بلاده ورفض توقيعها ما جعل البريطانيّين يكيدون له ولمؤيّديه. في سنة 1851 حاول جون بيكروفت إقناع كوسوكو بالتوقيع من دون نجاح، ما جعله يأمر السفن الحربية الأربع المرافقة له بقصف لاڠوس إلّا أنّ كوسوكو ورجاله أظهروا شجاعةً بالتصدي وقاموا بالرد على النيران ما أدّى إلى قتل ضابطين وجرح ستة عشر آخرين. (Ikime, 1977). كانت هذه المقاومة وهذا الردّ عارًا على البريطانيين الذين انسحبوا ليعودوا مع قوة مكتملة لقصف لاڠوس في السادس والعشرين من كانون الأول من العام 1851. في النتيجة تم نفي كوسوكو من لاڠوس وتُوّج خصمه في العرش أكينتويه الذي قام بتوقيع المعاهدة لتصبح لاڠوس بعد بضعة أشهر مستعمرةً بريطانيّة، لكنّ كوسوكو، الذي صادف أنه مسلم، وأتباعه تمكّنوا من إعادة بناء كيانهم وإحياء دينهم في إبه.

بعد نجاحهم في إخضاع لاڠوس رغب التجار البريطانيّون والسلطة في لاڠوس (المستعمرة البريطانية) الحيازة على منفذٍ لبناء علاقات مباشرة بداخل البلاد، وقرّروا الاصطفاف إلى جانب الإيجِبو كوسطاء، إلا انهم أرادوا نشر المسيحيّة في داخل بلاد اليوروبا أيضًا وهو ما لم يستسغه الإيجِبو الذين رأوا ذلك عائقًا لتجارتهم وانتهاكًا لسيادتهم. نظّم الإيجِبو تظاهرة عدائية خلال زيارة الحاكم الاستعماري سنة 1889، وهو ما عدّته السلطة الاستعمارية إهانة لها وطالبت الإيجِبو بالاعتذار. وعندما أرسل الأووجالا وفدًا إلى لاڠوس للترحيب بالحاكم الجديد أُكره هذا الوفد على التوقيع على معاهدة ما رفضوه بشدة. استثمرت السلطة الاستعمارية هذا الرفض لاجتياح الإيجِبو وفي التاسع عشر من أيار سنة 1892 حدثت معركة طاحنة، وعلى الرّغم من دفاع الإيجِبو المستميت إلّا أنّ الأسلحة البريطانية القاهرة تمكّنت من سحقهم.

في كانون الأول من العام 1893 استلم النقيب روبرت ميستر باور مهامّه كأوّل مندوب سام مقيم في أبيدان ومتنقّل في أرض اليوروبا الداخليّة جنوب غرب نيجيريا، وكان ضمن مهامّه فرض المعاهدات لتوطيد سلطة الإدارة البريطانية في تلك المنطقة. بدأ باور تعاطيه مع زعماء الأبيدان بإخافتهم وترهيبهم ليذعنوا للإمبريالية البريطانية. اُعتقل بالوڠون أبيدان زعيم أكينتولا سنة 1894 خلال مهرجان شعبي تقليدي، كما اعتُقِل أوسي بالِه زعيم فاجيمي، وقد كان الزعيم سانوسي قد اعتُقِل بدوره قبل ذلك، وحُمّل هؤلاء الزعماء مسؤولية مواجهات أتباعهم مع الضباط البريطانيين. (Ajayi, 2008). كذلك تم اعتقال قائد للإكيتيبارابو – مجموعة مقاومة – وهو الزعيم أُڠِدِنڠْبه وأولاده وتم نفيهم لاحقًا إلى زعيم الإوو.

لم يكن النقيب باور سعيدًا برفض ألافين أُيو وشعبه للإمبرياليّة البريطانيّة، وكان الألافين يمارس دوره كما لو أنّه الحاكم الأعلى في بلاد اليوروبا ويرى أن الاستسلام للأُينبو (البيض) تحقيرًا لنظامه وحضارته. استغلّ المندوب السامي الفرصة عندما أصدر الألافين حكمًا بإخصاء رجل جامع زوجة أسِيين من أسِيين، ووصف باور هذا الحكم بالبربري وأمر الألافين وزعماءه بالسجود أمامه في سوق المدينة. رفض الألافين هذا الامر بشدة وتم تكبيل أسِيين وضربه في العلن ما استتبعه قصف البريطانيين لأُيو سنة 1895. (Ibid.) و (Lasisi, 1997). ثار الناس في أُيو وإبادان ومدنٍ رئيسيّة أخرى في جنوب غرب نيجيريا ضدّ الإمبريالية بطريقةٍ أو بأخرى ورفضوا التعليم الأجنبي الذي كان أداة للتنصير. كتب قس أُيو ج. بورتون في الخامس من كانون الأول من العام 1910:

الإسلام يكتسب أرضية بشكلٍ تصاعديّ في المنطقة الغربيّة لإرسالية يوروبا التبشيريّة. المسيحيّة تحقق تقدمًا بسيطًا في أُيو وأُڠبومسو وإسيين ولكنّ المساجد الإسلاميّة موجودة في كل مكان. هذا الدين الإسلامي ذو طبيعة فظّة، وجهل أتباعه يجعل العمل بينهم صعبًا ومحبطًا بشكلٍ استثنائي. هناك الكثير من المدارس الإسلاميّة في أُيو حاليًّا، وليس من الغريب رؤية الأطفال يحملون «ألواحًا» من النصوص العربية التي يتعلّمونها بشكلٍ ببغائي. (The Muslim world, 1911:351).

على نحوٍ مماثل كتبت المعلمة التبشيرية آنّا في مذكّراتها بتاريخ الأول من تشرين الأول من العام 1853 عن تجاوب أهل أبيدان مع التعليم الغربي ونقتبس النص من فافونوا (Fafunwa, 2002:61 and 85): «لا نشهد تزايدًا لعدد التلاميذ في مدرستنا حاضرًا، السكّان يخافون من إرسال أولادهم إلينا ويظنّون أنّ «الكتاب» سيجعلهم جبناء، ولكنّ التلاميذ الموجودين عندنا يتجاوبون بشكل رائع».

خلاصة

الاستعمار مسألة لن تُنسى أبدًا في نيجيريا عامةً وفي جنوب غربها خاصةً بسبب آثاره المستديمة. الاستعمار اصطلاحًا هو استغلال دولة قويّة لأخرى ضعيفة، أو استخدام موارد البلد الأضعف لتقوية البلد الأقوى وإثرائه، وقد ظهر بسبب إلغاء تجارة العبيد وبزوغ الثورة الصناعية والبحث عن أسواقٍ جديدة للمنتوجات الصناعيّة إلخ... آثار هذه الظاهرة راسخة في الكثير من جوانب حياة المستعمَرين. هذا المقالة بحثت حصرًا في آثار الاستعمار في الدين الذي هو بحسب تصورنا غير محصورٍ بالشعائر ولكنّه يتسع ليشمل الثقافة أيضًا.

هناك آثار إيجابيّة وأخرى سلبيّة لهذه الظاهرة، أما الإيجابيّة فتتضمن ظهور دينٍ جديد وقدوم التعليم والحضارة الغربيّة وإبطال الأضحية البشرية وشبكة النقل والكهرباء والمرافق الاجتماعية الأخرى. أما السلبيّة فتتضمن إضعاف الأديان الكائنة وتشويه الثقافات التقليدية القبلية والقيم والقواعد السلوكية، وتشمل أيضًا استحداث حدود مصطنعة والخضوع لسلطة أجنبية واستعمال أكثر الأسلحة تطورًا في ذلك الزمن لإرهاب الشعب. كما أنّ الاستعمار حارب المؤسسات التقليدية وفرض ديكتاتوريته لإجبار الزعماء التقليديين على الخضوع للمعاهدة الإمبرياليّة لإرضاء المصالح الاستعماريّة.

مقاومة الجماعات والمدن المتعددة تُظهر أنّ اليوروبا لم يقفوا مكتوفي الأيدي ولم يضحّوا بسلطتهم للحكم الأجنبي. لقد خبرنا العديد من الوطنيين الشجعان الذين بذلوا حياتهم للدفاع عن أرضهم وسلطتهم، ونشدّد هنا على أنّ إحياء ذكراهم أمرٌ ضروريّ جدًا. لقد تمّ سحقهم بجبروت الأُينبو (البيض).. برأي كاتب هذه المقالة أنّ على البريطانيين وغيرهم من الأسياد المستعمرين التعويض على مستعمراتهم جرّاء الخراب الذي سبّبوه لها.

المصادر والمراجع

[1]   Wordweb online dictionary.

[2]   Longman dictionary of contemporary english.

[3]     De Blij H.J. and Muller P. O, (1997). Geography: Realms, region, and concept. N.p :John Wiley & Sons, Inc.

[4]     Coleman, J. S. (1971). Nigeria: Background to Nationalism. Berkeley: University of California Press.

[5]     http://www.thefreedictionary.com/Yorubas (accessed 3-March-2012).

[6]     The World book encyclopedia, vol 16:197.

[7]     http://en.wikipedia.org/wiki/Religion (accessed 5-March-2012).

[8]     Amponsah, S. (2010). “Beyond the boundaries: Toyin Falola on African cultures” in Niyi Afolabi, (Ed). Toyin Falola: The Man, the mask, the muse. North Carolina: Carolina Academic Press.

[9]     Doi, A. R. I. (1984). Islam in multi-religious society. Nigeria: A case study. Kuala Lumpur: A.S. Noordeen.

[10]   Awolalu, J. O. (1996). “What is African Traditional Religion?” Studies in Comparative Religion, Vol. 10, No. 2:1. © World Wisdom, Inc. www.studiesincomparativereligion.com.

[11]   Johnson, S. (1921, reprinted ed. 2001). The History of the Yorubas. Lagos: CSS Press.

[12]   Ogunbado, A. F. (2010). Islam and its impact in Yoruba land (South-west Nigeria). Paper presented at The Fourth International Malaysia-Thailand conference on Southeast Asian Studies. Co-Organized by UKM-MAHIDOL. On 25-26 March 2010. At Bangi, Malaysia.

[13]   Hastings J., Selbie J.A. and Gray L., (1908) Encyclopedia of religious and ethics. Edinburgh: T&T Clark.

[14]   World Assembly of Muslim Youth, (n.d). Islam in concert, Riyadh: The Cooperative office for call and guidance .

[15]   Gbadamosi, T. G. O. (1978). The Growth of Islam among Yoruba, 1841-1908. London: Longman Group Limited.

[16]   Al-Aluri, A. A. (1990). Nasimu al-soba fi Akhbar al-Islam wa ‘Ulamah bilad Yoruba. Cairo: Maktaba Wahaba.

[17]   http://www.alaafin–oyo.org/main/alaafin/genealogy. (accessed 6-June-2011).

[18]   Al-Aluri, A. A. (1965). Mujiz tarikh Nigeria. Beirut: n.p.

[19]   Erivwo, S. U. (2012). History of Christianity in Nigeria, the Urhobo, the Isoko and the Itsekiri.

http://www.waado.org/UrhoboCulture/Religion/Erivwo/HistoryOfChristianity/ChapterOne.html. access 5-march- 2012

[20]   Omenka, N. I. (1989). The School in the Service of Evangelization: The Catholic educational impact in eastern Nigeria 1886-1950. Leiden, E.J. Brill.

[21]   Fafunwa, Babs. (2002). History of education in Nigeria, Ibadan: NPS Educational Publishers Ltd.

[22]   Olubomehin, O. O. (2001). The development of road and road transport in South-Western Nigeria, 1906-1920. NJEN No 4: 14-24.

www.ajol.info/index.php/njeh/article/viewFile/36492/25497 (accessed 5-March-2012).

[23]   Kraemer, H. (1938). The Christian message in a non-Christian world, London: Harpers.

[24]   Omotosho, A. O. (1998). The impact of colonial education and culture on the Muslim of Nigeria. Journal of Arabic and Islamic Studies, April/May 1998. Pp52-61.

[25]   Ogunbado, A. F. (2011). Muslim Education in Oyo Alaafin: Challenges and developments. Paper presented at International Conference on Islam in Africa: Intellectual Trends, Historical sources and Research Methods. Co-organized by The Federation of the Universities of the Islamic World (FUIW), International Islamic University Malaysia (IIUM), and Islamic Educational, Scientific and Cultural Organization (ISESCO).19th -21st July, 2011.

[26]   Ikime O., (1977). The fall of Nigeria: The British Conquest, London: Heineman.

[27]   Ajayi, S. A. (2008). Bower tower: A historical monument in Ibadan, Southwestern Nigeria. The Social Science 3 (1) 2008: 45-50.

[28]   Lasisi, R. O. (1997). “Muslim Traditional Rulers in Nigeria: The Alaafin of Oyo during the Last Phase of Br itish Colonialism, 1945-1960.” Journal of Muslim Minority Affairs, Vol 17, No. 1, 1997: 31-41.

[29]         The Muslim World, Vol. 1, No.3 July 1911. 

------------------------------

أحمد فاوسي أوغونبادو : بروفسور في الفلسفة قسم الإنسانيات والعلوم الاجتماعية، جامعة البخاري الدولية، ألور ستار، قدح، ماليزيا.

- تعريب: محمد الصباح – مراجعة: د. جاد مقدسي.

Impacts of Colonialism on Religions: An Experience of Southwestern Nigeria.

Ahamad Faosiy Ogunbado, Ph.D.

(School of Humanities & Social Sciences, Albukhary International University, Alor Setar, Kedah, Malaysia).

IOSR Journal Of Humanities And Social Science (JHSS)

ISSN: 2279-0837, ISBN: 2279-0845. Volume 5, Issue 6 (Nov. - Dec. 2012), PP 51-57

www.Iosrjournals.Org