تحليل مفهومية لغة الدين من زاوية ما بعد الوضعية
د. السيد مرتضى حسيني شاهرودي / والدكتورة: وحيدة فخار / تعريب: حسن علي مطر
إن التحليل المفهومي للغة الدين يُعدّ واحداً من المسائل المهمّة في حقل لغة الدين. وعلى الرغم من تعدد وتنوّع الآراء الشائعة في هذا الشأن، إلا أن الوجه المشترك الغالب في هذه الآراء هو القبول الضمني بمعايير الوضعية لتعيين معنى اللغة. إن وجود الإشكالات الأساسية في هذا المعنى، وانهيار المذهب الوضعي المنطقي، قد وفّر الأرضية لطرح هذا السؤال الأساسي القائل: كيف يمكن تحليل مفهومية لغة الدين وعلى أساس أيّ أسئلة في هذا الشأن؟ سوف نعمل في هذه المقالة ـ من خلال جولة إجمالية حول نظريات مفهومية لغة الدين ـ في الخطوة الأولى على تقديم تعريف لمفهومية اللغة المطروحة، وبعد ذلك وفي ضوء التعريف المذكور سوف نبحث مفهومية لغة الدين في ثلاثة محاور، وهي إمكان مفهومية لغة الدين، وإمكان صبّ المفاهيم الوحيانية في قالب الألفاظ والقضايا البشرية، وإمكان إدراك وفهم المعاني الوحيانية من قبل المخاطب.
الكلمات المفتاحية: لغة الدين، المفهومية، الوضعية المنطقية، المفهومية على مستوى المتكلم، المفهومية على مستوى المخاطب.
اللسانيَّات التشومِسكيَّة: عرض ونقد
د. حسن جبريل عبدالنعيم
يُعدُّ "نعوم تشومسكي N. Chomsky" (1928- ) أحد أبرز اللسانيين في القرن العشرين، إذ أحدث ثورة مُذهلة في الدراسات اللسانيَّة عبر نظريته المعروفة باسم (القواعد التوليديَّة التحويليَّة) Transformational Generative Grammar (TGG). تقوم هذه النظريَّة على فكرة أنَّ الدماغ البشري مُبرمجٌ بيولوجيًا لاكتساب اللُّغة، ممَّا يجعل القدرة اللُّغويَّة فطريَّة. وبالتالي، يدعم "تشومسكي" مفهوم القواعد العالميَّة (UG)، التي تُمثِّل المعرفة اللاواعيَّة التي يمتلكها الإنسان عن اللُّغة. وهكذا، كانت (النظريَّة التشومسكيَّة) بمثابة تحدٍّ مُباشر للسلوكيَّة، التي كانت تُسيطر على الحقل اللسانيّ آنذاك، حيث رفض "تشومسكي" فكرة أنَّ تعلُّم اللُّغة يعتمد فقط على التحفيز والاستجابة، ممَّا أدى إلى ظهور الحقل المعروف باسم علم النفس الإدراكي. لذا، أُطلق على هذا التحوُّل في الحقل اللسانيّ اسم (الثورة التشومِسكيَّة)، لا سيَّما بعد نشر كتابه الشهير "التراكيب النحوية Syntactic Structures" عام 1957، عندما وضع أُسس التحليل اللسانيّ الحديث.
لم يقتصر تأثير "تشومسكي" على الحقل اللسانيّ فقط، بل امتدت أيضًا إلى حقول أخرى، مثل الفلسفة، علم النفس، الذكاء الاصطناعي AI، الأنثروبولوجيا، وعلم الأعصاب. إذ ساهمت أفكاره في تشكيل ما يُعرف بـ )الثورة الإدراكيَّةCognitive Revolution (، التي غيَّرت طريقة دراسة العقل واللُّغة. ومن ثمَّ، يُركِّز هذا البحث على تحليل (القواعد التوليديَّة التحويليَّة) (TGG) من منظور فلسفيّ، من خلال مُناقشة مبادئها وفرضياتها، إلى جانب نقدها وتقييمها من منظور إسلامي، ممَّا يعكس مدى عمق وتأثير النظريَّة التشومِسكيَّة في الفكر اللسانيّ والفلسفيّ الحديث.
الكلمات المفتاحيَّة: اللسانيَّات، القواعد التوليديَّة التحويليَّة (TGG)، الكفاية والأداء، اللُّغة الفطريَّة، القواعد العالميَّة.
معرفة لغة القضايا الإلهية
حميد رضا شاكرين / تعريب: حسن علي مطر الهاشمي
لقد اكتسبت الأبحاث المنهجية في المرحلة المعاصرة موقعاً بارزاً بين المفكرين في مختلف العلوم، ومن بينهم المحققون في العلوم الدينية، ومن بين هذه الأمور المرتبطة على هذا النحو بشكل جاد عبارة عن لغة العلم. هناك نظريات لغوية متعددة في مورد القضايا الإلهية، حيث يمكن تقسيمها إلى اتجاهين، وهما: "المفهومية المعرفية"، و"المفهومية غير المعرفية". وإن أصحاب الاتجاه الثاني ينقسمون في مورد القضايا التي تتحدّث عن الله إلى مجموعتين، وهما: "القائلون بعدم الحقيقة" و"المؤمنون بالحقيقة". نسعى في هذه المقالة من خلال الاتجاه الأول إلى بحث نظرية "الألعاب اللغوية" لفيتغنشتاين المتأخر، ومن خلال الاتجاه الثاني إلى بحث نظرية "اللغة الأساطيرية" لجون هيك من القائلين بعدم الحقيقة، و"اللغة المجرّدة" لألستون، و"الاشتراك المعنوي والتشكيك الوجودي" لصدر المتألهين من المؤمنين بوجود الحقيقة. وضمن إظهار معطيات المنهج المعرفي من وجهة نظر صدر المتألهين، نصل إلى هذه النتيجة وهي أن النظرية الوحيدة الناجعة في حقل لغة الإلهيات إنما هي نظرية صدر المتألهين.
الكلمات المفتاحية: معرفة اللغة، والمعتقدات الدينية، ومعرفة الأساليب، النسق الاجتماعي، واللغة الأساطيرية، واللغة المجرّدة، والاشتراك المعنوي.
اللسانيات الغربية ويقينية المعرفة
علي عبد الكاظم حميد
تعد دراستنا محاولة نقد الفكر اللساني الغربي في إطاره النظري المعرفي واقتصرتْ في ذلك على المفاهيم التي تشكلُّ اللّبنة الأولى ، مبتعداً عن الخوض في تفاصيله التي كَثُر الحديث عنها في الكتب اللسانية، وتتجلى أهمية هذا الموضوع في الكشف عن المفاهيم الرئيسة التي تشكل الفكر اللساني لديهم من جهة، ومعرفة طبيعة معرفتهم بالعقل، أمعرفة مادية أم مجردة؟ أو إنّها ذات طبيعةٍ ( إبستيولوجية)، ومن جهة ثالثة معرفة مدى العمق اللغوي الذي يمارسه علماء اللسانيات في بناء النظريات اللسانية وعدم الإكتفاء بنظرية واحدة مقدسة وذات خطوطٍ حمراء، كما تتجلى تلك الأهمية أيضاً في معرفة هؤلاء العلماء وتجذرهم الفلسفي والمنطقي الذي يعد الأسَّ لبدأ دراستهم اللسانية أو الخطوط العامة لدراسة اللّغة .
ويتناول البحث أهم الاشكالات في اللّسانيات الغربية من وجهة نظرهم إلى اللّغة والعقل لاسيما فيما يتعلق بفكرة ( النسق ) ، و( السلوك الآلي) و( الرمزي الرياضي ) في اللسانيات البنيوية أو فكرة تطابق (الدماغ مع العقل ) وبيولوجية اللّغة وعدها عضواً دماغياً في اللسانيات التوليدية ، أو مثلاً فكرة ( جسدنة العقل )، فهذه الأفكار تعد أفكاراً رئيسة في بناء الفكر اللساني الغربي.
الكلمات المفتاحية: ثنائية العقل / الدماغ ، جسدنة العقل ، مادية العقل ، الوجود الذهني، القواعدية.
الفلسفة التأويليّة عند هانس جورج غادامر
غسان الأسعد
تركّز هذه المقالة على تقديم صورة واضحة عن نظرية غادامر في فهم النص، والتي تعدّ من أهم النظريات المعاصرة في هذا الإطار، وذلك تمهيدًا لتقديم تحليل نقدي للنظرية. ولا بدّ من التنبيه على أن المقالة تهدف إلى بيان فلسفته التأويلية لا من جهة كلّيانيّتها على الرغم من مركزيّتها في فلسفته، بل من جهة ارتباطها بفهم النصّ وتأويله، فهذه هي الجهة التي هي محطّ اهتمامنا في هذه المقالة، حيث قدم غادامر عناصر خاصة ومهمة في هذا الإطار كان لها تأثيرها على كثير من المفكرين المعاصرين، وخاصة على المهتمين بالدراسات الهرمنوطيقية المعاصرة.
وترتكز هذه نظرية غادامر في فهم النص على ما يسميه بالدائرة التأويلية، والتي ترتكز بدورها على جملة من العناصر التي تشكّل محور نظرية غادامر في هذا المجال، ومن هذه العناصر الأحكام المسبقة، وصهر الآفاق، وأسبقية السؤال التأويلية، وغيرها من العناصر التي جرى توضيحها وبيانها في هذا المجال.
وقد جرى في خاتمة المقالة تقويم النظرية المطروحة، كما عملت على إجراء مقارنة سريعة بين هذه النظرية وبين النتائج المعمّقة المطروحة في علم أصول الفقه حول فهم النص وتفسيره، وأشرنا إلى ضرورة التفريق بين غاية علم الأصول في ما يرتبط بفهم النص وبين ما يهدف إليه غادامر في نظريته.
كلمات مفتاحية: غادامر- فهم النص – التأويل - الموضوعية ـ الدائرة التأويلية -الأحكام المسبقة ـ
فلسفة اللسانيات البنيوية واندحار المعنى
د. نذير بوصبع
مع بداية القرن العشرين اندفع العقل نحو نهايات أشبه بالغايات المحددة سلفا، مذعنا "لسلطان العلم"، باحثا عن التغيير في كل الجهات. ولم يتعرّض مجال للتغيير كما تعرضت اللغة، بعد أن استحكمت الآصرة بين الفلسفة والخطاب وصارت كل فلسفة خارج اللغة لغوا. ولئن أُرِّخ لهذا التحوّل بالمنعطف اللغويlinguistic turn فإن أسسه الأولى تعود إلى واضعها دي سوسير، الذي رسمت محاضراته نهاية القوانين اللغوية والإحالة على القوانين الكلامية الخاضعة للتبدّل المستمرّ، عبر سلسلة من المفاهيم كالعلامة والنظام والصورة الصوتية والتزامنية-السانكرونية-، وهي مفاهيم نقلت اللغة من المكتوب إلى المنطوق والمسموع-الكلام-. وبرزت إلى التداول التزامنية-السانکرونیة-، بدل التتابعية -الداياكرونية- التي ارتبطت باللغة المكتوبة؛ وترتب على ذلك تحوّلٌ من الكلمة إلى العلامة والإشارة ثم الرمز، الذي استحدثه دي سوسير سدًّا للقصور الذي تواجهه العلامة عند التواصل. لقد تضافرت الأعمال الفلسفية الخاصة باللغة على إقصاء القبليات عبر سلسلة من الاجتهادات كمناهضة الفكرة الرامية إلى اعتبار اللغة انعكاسا مباشرا للواقع والأشياء، وبناء على ذلك رفض أن يكون للذهن دور في المعرفة تلافيا للوقوع في المثالية، وردم عالم القبليات الذي ناهضته التجريبية والحسية التي نهضت عليها اللسانيات البنيوية وسائر التيارات التي تأثرت به في بحر القرن العشرين. وفي هذا المقال رصد للأسس التي قدمتها للسانيات وفلسفتها لتبرير فرضياتها الجديدة وخلق واقع عقليٍّ جديد تجاوز حدود اللغة ليغطّي كل النشاطات العقلية في القرن العشرين.
الكلمات المفتاحية: اللسانيات البنيوية-فلسفة اللغة-العلامة-النظام-المعنى-
القصدية في التأويلية الغربية ونقدُها -إريك هيرش والشهيد الصدر نموذجاً-
حسين جهجاه
تناولت هذه المقالة مسألةً من المسائل الأساسية المطروحة لدى الغرب في مجال التأويلية واللسانيات، وهي مسألة "القصدية". فتعرَضَت لشرح مبنى النظرية لدى شخصيتين من الشخصيات البارزة في اتجاه العينية في التفسير، وهما: إيريك دونالد هيرش الناقد الأدبي الأمريكي؛ والشهيد السيد محمد باقر الصدر أحد أعلام الفكر الأصولي لدى الإمامية. وقد بيّنتُ نظرية هيرش ضمن خمس نقاط أساسية، ونظرية الشهيد الصدر ضمن أربع نقاط؛ محاولاً الإضاءة على نقاط الاشتراك والاختلاف بينهما، والخروج بالإشكالات التي يمكن تسجيلها على نظرية هيرش من وجهة نظر الشهيد الصدر مستفيداً من مباني الأخير وأبحاثه.
كلمات مفتاحية: الشهيد الصدر، هيرش، القصدية، العينية، المعنى اللفظي، التفسير، الحدس، الدلالة.
الأسس المفهومية لتحديد معنى النص من وجهة نظر جون سيرل والشهيد الصدر
علي رضا قائمي نيا / مجتبى رستمي كيا / محمد علي عبد اللهي / تعريب: حسن علي مطر
إن تحديد مفهوم النص يُعدّ واحداً من المسائل المهمّة في فلسفة اللغة المعاصرة. ذهبت الهرمنيوطيقا الفلسفية بعدم تعيّن مفهوم النص، وتسعى هذه المقالة إلى بحث هذه المسألة في ضوء تراث الفلسفة التحليلية للغة المتعارفة (العادية) الذي يمثله جون سيرل، وعلم أصول الفقه الذي يمثله آية الله السيد الشهيد الصدر.
يذهب جون سيرل استناداً إلى بعض المباني من قبيل: الأفعال الحوارية، والحيثية الالتفاتية الفردية، والحيثية الالتفاتية الجماعية، والقائمة على أساس القواعد المقوّمة للبُعد الاجتماعي إلى القول بتعيّن مفهوم النص.
ومن ناحية أخرى يذهب آية الله السيد الشهيد الصدر بدوره إلى القول بتعيّن معنى النص استناداً إلى مبان، من قبيل: القرن الأكيد، والتعيّن الداخلي للمعنى، والتعيّن الاستعمالي للمعنى، والتعيّن القائم على ظهور المعنى، والتعيّن التنظيمي والاجتماعي للمعنى. ومن هنا يتمّ العمل في هذه المقالة من خلال المقارنة بين هذين الفيلسوفين المعاصرين على فتح الطريق أمام تدوين العلوم البينيّة بين الفلسفة التحليلية وعلم أصول الفقه.
الكلمات المفتاحية: جون سيرل، السيد الشهيد الصدر، تعيّن المعنى، معرفة المعنى، الأفعال الحوارية، النظرية الاجتماعية للمعنى.