أخلاق الواجب عند كانط وأصول النظام القيمي في الفكر الإسلامي (دراسة تحليليّة مقارنة)
الشيخ علي كريّم
لقد نادى كانط بالواجب بوصفه مناطًا مطلقًا لامتثال الفعل الأخلاقي محدِّدًا له بعدّة محدِّدات، فهو عبارة عن أفكار أوّليّة في عقل الإنسان، منزّهٌ عن كل غايةٍ دنيوية عاطفية أو نفعيّةٍ، قابلٌ للتعميم في مختلف ظروف الزمان والمكان، صادرٌ عن إرادة خيّرة في ذاتها منبعثًا من حريّة أخلاقيّة يعيشها الفاعل الأخلاقي.
لقد وُجِّهت عدّة نقوض لنظريّة كانط الأخلاقيّة فهي مثاليّة صارمة، وليست مرنة لا تراعي الظروف والأحوال والمقتضيات، تعطي العقل استقلاليّة تامّة في مجال التشريع الأخلاقي وتقطع صلة الأخلاق بالدين، تتّفق النظريّة الأخلاقيّة الإسلاميّة مع كانط في مسألة الحريّة والنيّة، أو ما يسمّيه بالإرادة الخيّرة مع اختلاف في حصر مرجعيّتها بالعقل العملي، بالإضافة إلى ذلك تتميّز بكونها تنسجم مع هندسة الإنسان الوجوديّة وأهدافه الواقعيّة أكثر من غيرها عبر عدّة ميّزات كالشموليّة والانسجام الداخلي والواقعيّة وقابليتها للإثبات والاستدلال العقلي والمنطقي ومعياريّة كمال النفس وتحقيق القرب من الله تعالى في الأفعال الأخلاقيّة.
الكلمات المفتاحية: الواجب، الأمر المطلق، الإرادة الخيّرة، الهندسة الوجوديّة، النظريّة الأخلاقيّة الإسلاميّة، الكمال، القرب الإلهي.
نقد نظرية الأخلاق التطورية لريتشارد دوكينز في ضوء رؤية المتكلمين المسلمين
السيد عبد الرؤوف أفضلي
لقد كانت الأخلاق حاضرة وظاهرة في حياة الإنسان على الدوام، وقد تركت تأثيرها في سلوكه بشكل وآخر. ولتفسير الأخلاق يتم العمل نوعًا ما على توظيف الدين، بيد أن الملحدين الجدُد ـ ومن بينهم ريتشارد دوكينز ـ يسعون إلى إحداث شرخ بين الدين والأخلاق، ويعملون على بيان الأخلاق استنادًا إلى معطيات العلوم التجريبية. لقد سعينا في هذه المقالة ـ التي تمّ تدوينها في ضوء الأسلوب التوصيفي/ التحليلي ـ إلى العمل أولًا على بيان نظرية الأخلاق التطورية لريتشارد دوكينز من خلال الاستناد إلى أعماله وإيضاح تفسيراته، ثم سعينا بعد ذلك إلى نقد نظريته في ضوء أفكار الفلاسفة، ولا سيما المتكلمين المسلمين منهم. وحيث إن هذه النظرية تمثّل نوعًا من أنواع الواقعية الأخلاقية، فإنها تعدّ جديرة بالملاحظة، ولكنها تواجه الكثير من التحدّيات المتنوّعة. ومن بين الانتقادات المهمّة الواردة على هذه النظرية: عدم إثبات فرضية تشارلز دارون، وعدم التضاد بين الدين والأخلاق، والسقوط في فخ النسبية، ونقاط الضعف المنطقية للاستدلال، وعدم الجامعية وما إلى ذلك.
الكلمات المفتاحية: الأخلاق التطورية، العلم والدين، نظرية التكامل، تشارلز دارون، ريتشارد دوكينز.
المذهب النفعي في الأخلاق (بنتام ومل أنموذجًا) مقاربة نقدية
د.غيضان السيد علي
يعدّ المذهب النفعي، كما بدا عند جيرمي بنتام وتلميذه جون ستيوارت مل، أبرز ثمار الاهتمام بالعلم التجريبي ومحاولة تطبيقه على دراسة الإنسان في القرن التاسع عشر؛ حيث ذهب أنصار هذا المذهب إلى اعتبار «اللذة» أو «المنفعة» الخير الأقصى أخلاقيًا، فاللذة هي الخير الوحيد، والألم هو الشر الوحيد، مما جعل هذا المذهب صورة منقّحة أو تطويرًا طبيعيًا لفلسفة اللذة؛ لذلك لم يكن غريبًا أن تكون الأنانية عندهم هي مبدأ الحياة الإنسانية؛ مادام الإنسان بطبيعته يبحث عن سعادته الخاصة ولذته الشخصية، ويتفادى تلقائيًا ما يسبب له الضرر دون حاجة من توجيه الآخرين. ومن ثم تحددت القيمة الأخلاقية للفعل في نتائجه وما يترتب عليه من آثار. وقد انتهت هذه المقاربة النقدية لهذا المذهب إلى اعتبار أن اللذة لا تصلح معيارًا للفعل الخلقي، وأن المنفعة اتجاه أناني رغم محاولة أنصاره تطويره ودفع هذه السمة المقيتة عنه. كما أغفل هذا المذهب -باتجاهه إلى اللذة والمنفعة والأنانية- كافة القيم الإنسانية السامية والأخلاق الرفيعة. الأمر الذي أفقده أنصاره، فلم يجد له وارثًا بعد(مل)، وإن بقيت النزعة الحسية حتى اليوم.
الكلمات المفتاحية: اللذة، المنفعة، الأنانية، المذهب النفعي، جيرمي بنتام، جون ستيوارت مل.
دراسة نقدية للنزعة التناغمية عند موريتس شليك حول المسؤولية الأخلاقية
د. كرامت ورزدار
إن المسألة الأصلية في هذه المقالة عبارة عن بحث ومناقشة النزعة التناغمية عند موريتس شليك في حقل المسؤولية الأخلاقية، وإن الغاية منها هي إثبات عدم جدوائية نظريته وتهافتها في هذا الشأن. يقف موريتس شليك من خلال نفيه لضرورة «إمكان البدائل» في القبول بـ «المسؤولية الأخلاقية» وجهًا لوجه أمام ثلاثة تحدّيات، وهي: تقديم تعريف تناغمي عن المسؤولية الأخلاقية، وتعريف وشرح النزعة التناغمية وشعور العامل بالمسؤولية، وتطابق مصاديق هذين الأمرين مع بعضهما. وقد عرّف المسؤولية الأخلاقية بـ «ظرفية خلق الدوافع من طريق الثواب أو العقاب». وعلى هذا الأساس فإن العامل (أ) مسؤول عن الفعل (ب) لو ـ ومجرّد لو ـ أوجد لديه إعمال الثواب أو العقاب دافعًا بحيث يؤدّي به في الموارد المشابهة في المستقبل إلى القيام أو عدم القيام بالأفعال المشابهة لـ (ب). وقد عمد موريتس شليك ـ بعد بيان هذا التعريف الاستشرافي عن «الشعور بمسؤولية»ـ إلى تعريف العامل بتحقّق «الرغبات الطبيعية»، وسعى في الختام إلى بيان تطابق مصاديق هذين المفهومين مع بعضهما. وسوف نسعى في هذه المقالة ـ من خلال بيان ثلاثة أمثلة نقضية ـ إلى إثبات أن نظرية موريتس شليك، أولًا: تعاني ـ خلافًا لمدّعاه ـ من عدم التناغم، وإن مصاديق تعريفه للمسؤولية الأخلاقية والشعور بالمسؤولية لا تتطابق مع بعضها. وثانيًا: إن تعريف «تحقق الرغبات الطبيعية» تعريف ناقص ولا يكون مانعًا للأغيار. وثالثًا: إن تعريف موريتس شليك للمسؤولية الأخلاقية ليس جامعًا للأفراد؛ وذلك إذ يمكن لنا أن نتصوّر عاملًا لا يسمح لنا بأيّ تأثير من طريق الثواب أو العقاب، إلا أن العُرف المشترك يرصد لنا أعلى درجات المسؤولية في هذا الشأن. ومن خلال بيان هذه الموارد الثلاثة من النقض، يتّضح لنا أن نظرية موريتس شليك في هذه المسألة لا يمكن تأييدها أو الدفاع عنها بحال.
الكلمات المفتاحية: المسؤولية الأخلاقية، النزعة التناغمية، الثواب والعقاب، الاتجاه الاستشرافي، الدافع، موريتس شليك.
البراجماتيَّة الأخلاقيَّة عند وليم جيمس (دراسة تحليلية نقدية)
علا عبد الله خطيب
بُنيت البراجماتيَّة الأخلاقيَّة على نظرية المعرفة البراجماتيَّة التي ذهبت إلى أن معنى الفكرة يتوقّف على آثارها العمليَّة في حياة الإنسان، فكل فكرة لا تتحوّل عند صاحبها إلى سلوك ناجح في دنيا الواقع فهي باطلة، ومثل هذا يُقال في كافّة القيم والمعتقدات الدينية، فالصواب والحق والخير تقاس بمقياس العمل المنتج وليس بمنطق العقل المجرّد. ومن ثم، أنتجت البراجماتيَّة أخلاقًا شاذّة برّرت احتلال الآخر ونهب ثرواته وخيراته، وأسّست لسيادة الإباحية والعنف والجريمة، واستهانت بالمقدّس وجعلته مرهونًا بالمنفعة والمصلحة؛ إذ كان الاعتقاد بإله أو بدين ما أولى من عدم الاعتقاد؛ لأنه احتمال قد يقود إلى نفع، في حين أنه لا نفع يُرجى من وراء عدم الاعتقاد. فترك جيمس -بذلك- القيمة الذاتية للأشياء ونظر إلى النتائج المترتبة عليها، مما عرَّض مذهبه لكثير من أوجه النقد التي كادت أن تهدم المذهب من أساسه.
الكلمات المفتاحية: البراجماتيَّة – الأخلاق- المعرفة – الدين – وليم جيمس.
عقوبة الإعدام في ضوء فلسفتي الحقوق والأخلاق
د. حسين سليمان
يتناول هذا البحث إشكالية عقوبة الإعدام من منظور فلسفي مزدوج، يربط بين فلسفة الحقوق وفلسفة الأخلاق، عبر دراسة مقارنة بين المنظومتين الوضعية والإسلامية.
وينطلق من تحليل نقدي لأطروحات «بكّاريا» والاتجاه الوضعي، الذي يؤسّس الحق على تعاقد نسبي، ويرى في العقوبة أداةً نفعيةً للردع، في مقابل الرؤية الإسلامية التي تؤسّس للحق والعقوبة على مرجعية إلهية مطلقة، وتوازن بين الردع، والعدالة، والعفو.
وقد اعتمد البحث المنهج التحليلي- المقارن، مع توظيف مدخل الحكمة المتعالية لفهم العلاقة بين الشرّ، والعقوبة، والنظام الكوني الأكمل.
وخلُص إلى أنّ عقوبة الإعدام في الشريعة الإسلامية لا تُعدّ نقضًا للكرامة أو اعتداءً على الحق بالحياة، بل هي تجلٍّ من تجلّيات العدالة الوجودية، حين تُمارَس ضمن شروطها الشرعية، بما يبرز تفوّق الرؤية الإسلامية في الجمع بين القانون والأخلاق، وبين الحق والرحمة.
الكلمات المفتاحية: عقوبة الإعدام، فلسفة العقوبة، الشريعة الإسلامية، بكّاريا، الحق في الحياة، الكرامة، الحكمة المتعالية.
عنصرية كانط مشكلة فلسفية
Laurenz Ramsauer
ربما كان إيمانويل كانط الفيلسوف الأخلاقي والعنصري الأكثر تأثيرًا في الفكر الغربي الحديث. حتى الآن، فَسَّرَ الكُتّاب كانط على أنه «يدعو للمساواة بشكل غير متّسق» أو «يدعو للمساواة بشكل متّسق». من وجهة النظر الأولى، فشل كانط في استخلاص الاستنتاجات الضرورية حول الأشخاص من فلسفته الأخلاقية؛ ومن وجهة النظر الأخيرة، لم يعتبر كانط الأشخاص غير البيض كبشر على الإطلاق. ومع ذلك، يواجه كلٌّ من التفسيرين صعوبات نصية كبيرة؛ بدلًا من ذلك، أزعم أن المساواة الأخلاقية لدى كانط ضعيفة للغاية لدرجة أنها تظل عديمة الفائدة تمامًا تقريبًا كعلاج للعنصرية.
الكلمات المفتاحية: العنصرية، ايمانويل كانط، المساواة الأخلاقية، الكرامة الإنسانية.